العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
المجلس الأول
الْكَلَامُ عَلَيْهِ يعني حديث :لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه (وتقدم تخريج مختصر له في السلسلة السابقة) مِنْ وُجُوهٍ : الْأَوَّلُ : " الْمَاءُ الدَّائِمُ " هُوَ الرَّاكِدُ أي القارّ في مكانه كما في قوله تعالى "إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره" . وَقَوْلُهُ " الَّذِي لَا يَجْرِي " تَأْكِيدٌ لِمَعْنَى الدَّائِمِ وهذا أحد الأقوال ,وقيل بل المراد أنه قيد للاحتراز أي لإخراج الماء الدائم الذي يجري . وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا يَسْتَدِلُّ بِهِ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى تَنْجِيسِ الْمَاءِ الرَّاكِدِ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قُلَّتَيْنِ ؛ فَإِنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ عُمُومٍ يعني أن رسول الله لم يقل "لايبولن أحدكم في الماء الذي دون قلتين ثم يغتسل فيه" فالكثير عند أبي حنيفة ليس محدودا بما فوق القلتين بل حتى يكون كثيرا جداً بحيث إذا تحرك طرفه لم يتحرك طرفه الآخر الأقصى فهذا ما يسمى "اعتبار الاختلاط" جعلوه ضابطا في معرفة سريان النجاسة من عدمها وفي فقه الحنفية ضوابط أخرى لتقدير الكثير لاختلاف الرواية عن الإمام والضابط العام أنه من الكثرة بحيث لا يتصور ان النجاسة إذا وقعت فيه فإنها تسري في جميعه ! وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ : يَخُصُّونَ هَذَا الْعُمُومَ ، وَيَحْمِلُونَ النَّهْيَ عَلَى مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ . وَيَقُولُونَ بِعَدَمِ تَنْجِيسِ الْقُلَّتَيْنِ - فَمَا زَادَ - إلَّا بِالتَّغَيُّرِ : مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ . فَيُحْمَلُ هَذَا الْحَدِيثُ الْعَامُّ فِي النَّهْيِ عَلَى مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ ، جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ . فَإِنَّ حَدِيثَ الْقُلَّتَيْنِ يَقْتَضِي عَدَمَ تَنْجِيسِ الْقُلَّتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا . وَذَلِكَ أَخَصُّ مِنْ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ الْعَامِّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ . وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ فعلى هذا التخصيص يكون التقدير لحديث أبي هريرة :"لايبولن أحدكم في الماء الدائم الذي دون القلتين " فإن قيل فما بال الحنفية لم يخصصوا العموم؟ قيل:خرج عندهم الماء المستبحر جداً ,فبقي ما دونه على الأصل بأن الماء الدائم ينجس بملاقاة النجاسة التي يمكن أن تسري فيه ولو كانت فوق القلتين كما يفيد حديث أبي هريرة الذي معنا لعمومه,
ولو أردنا استقصاء أصول هذا الباب فيمكن إرجاعها لخمسة أحاديث ,فلتوضع بعين الاعتبار جميعا أثناء الدروس لمعرفة أسباب اختلاف مآخذ العلماء :
-
عن أبي سعيد الخدري ,قال :قيل يارسل الله أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقي فيها الحيض ولحوم الكلام والنتن ,فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الماء طهور لا ينجسه شيء )
-عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه)
-عن ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض وما ينوبه من السباع والدواب ,فقال رسول الله : (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث)
-عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده)
-وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أعرابيا بال في المسجد ، فقام إليه بعض القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوه ولا تُزْرِمُوه . قال : فلما فرغ دعا بدلو من ماء ، فصبه عليه
 

انبثاق

:: مخضرم ::
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,228
التخصص
الدراسات الإسلامية..
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

واضحٌ..
جزاكم الله خيرا..
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

وَلِأَحْمَدَ طَرِيقَةٌ أُخْرَى : وَهِيَ الْفَرْقُ بَيْنَ بَوْلِ الْآدَمِيِّ ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ ، مِنْ عَذِرَتِهِ الْمَائِعَةِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النَّجَاسَاتِ . فَأَمَّا بَوْلُ الْآدَمِيِّ ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ : فَيُنَجِّسُ الْمَاءَ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قُلَّتَيْنِ . وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ : فَتُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُلَّتَانِ ، وَكَأَنَّهُ رَأَى الْخَبَثَ الْمَذْكُورَ فِي حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ عَامًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَنْجَاسِ . وَهَذَا الْحَدِيثُ خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَوْلِ الْآدَمِيِّ . فَيُقَدَّمُ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ ، بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّجَاسَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ . وَيَخْرُجُ بَوْلُ الْآدَمِيِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ جُمْلَةِ النَّجَاسَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي الْقُلَّتَيْنِ بِخُصُوصِهِ . فَيُنَجِّسُ الْمَاءَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ . وَيَلْحَقُ بِالْبَوْلِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ : مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ
-------
هذا الدرس يتطلب دقة نظر:
حاصل قول الإمام أحمد رحمه الله:أنه جعل النجاسات نوعين ,فما كان منها سوى البول والعذرة وما في معناهما ,قال إنه ينجّس ما كان دون القلتين بمجرد الملاقاة,وما كان فوق القلتين فلا ينجسها إلا بالتغير ,وما كان منها بولاً وشبهه فإنه ينجّس مازاد عن القلتين , فماذا فعل الإمام أحمد أصولياً وفق هذه الرواية التي علق عليها ابن دقيق العيد؟
-جاء إلى حديث ابن عمر(إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث) العام في النجاسات كلها ومدلوله عندهم:إذا زاد عن القلتين أو كان كثيرا فلا يتنجس (إلا بالتغير),ثم خصصه بحديث أبي هريرة(لا يبولن أحدكم..)الذي رآه خاصاً في البول وشبهه فخصوصيته في البول وشبهه تجعل حكمه عاماً لكثيره (والقليل من باب أولى) لأن الحديث عام بالنسبة لقدر الماء
فاقتضى ذلك أن يقول:النجاسات إن كانت من النوع الأول(غير البول وشبهه)تنجس ما كان دون القلتين ولا تنجس ما كان فوق القلتين إلا بالتغير,هذا الذي فوق القلتين الأصل أنه طاهر بحديث ابن عمر لكن خصصه بحديث أبي هريرة (لايبولن ) فكانت ملامسته البول سببا للتنجس ولو لم يتغير..هذا وجه
-وجه آخر أن يقال:عمد إلى حديث أبي هريرة (لا يبولن ..) العام في الماء قليله وكثيره ,خصصه بحديث ابن عمر (إذا كان الماء قلتين) فصار الماء قسمين قليلا وكثيرا بالنسبة لكل أنواع النجاسات ,ثم خصص حديث ابن عمر هذا بحيث أبي هريرة الآخر (إذا استيقظ أحدكم من نومه)فصار التفريق بين القليل والكثير مختصاً بنجاسات النوع الخفيف ,وبقيت نجاسة البول ومافي معناها على عمومها ,فهذا تخصيص للمخصِص
والمالكية والظاهرية وابن تيمية وابن القيم ومن وافقهم مرتاحون من كل ذلك!..والآن اقرأ النص من جديد:
وَلِأَحْمَدَ طَرِيقَةٌ أُخْرَى : وَهِيَ الْفَرْقُ بَيْنَ بَوْلِ الْآدَمِيِّ ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ بالقياس، مِنْ عَذِرَتِهِ الْمَائِعَةِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النَّجَاسَاتِ . فَأَمَّا بَوْلُ الْآدَمِيِّ ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ : فَيُنَجِّسُ الْمَاءَ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قُلَّتَيْنِ لعموم حديث أبي هريرة عنده في مقدار الماء خلافا للمستبحر فإنه خارج بالإجماع. وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ : فَتُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُلَّتَانِ ، وَكَأَنَّهُ رَأَى الْخَبَثَ الْمَذْكُورَ فِي حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ عَامًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَنْجَاسِ . وَهَذَا الْحَدِيثُ خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَوْلِ الْآدَمِيِّ . فَيُقَدَّمُ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ ، بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّجَاسَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ . وَيَخْرُجُ بَوْلُ الْآدَمِيِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ جُمْلَةِ النَّجَاسَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي الْقُلَّتَيْنِ بِخُصُوصِهِ خروجا يقضي أنه ينجس القلتين فما فوق ولو دون تغير ما لم يكن مستبحرا جدا . فَيُنَجِّسُ البولُ ونحوه الْمَاءَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ كالدم . وَيَلْحَقُ بِالْبَوْلِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ : مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ بالقياس
 

انبثاق

:: مخضرم ::
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,228
التخصص
الدراسات الإسلامية..
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

واضحٌ..
جزاكم الله خيرا،ورفع قدركم..
*قال في الزاد موضحا مذهب الحنابلة رحمهم الله تعالى في التفريق بين نجاسة بول الآدمي وعذرته وغيرها من النجاسات،عند مخالطتها للماء:
(1/وإن بلغ قلتين -وهو الكثير- ...فخالطته نجاسةٌ -غير بول الآدمي وعذرته المائعة- فلم تغيره،
أو:2/ خالطه البول أو العذرة ويشق نزحه -كمصانع طريق مكة-،
فطهور)
 
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

أليسَ تخصيص الحكم بالبول - كما فعل الامام احمد رحمه الله - هو من باب التخصيص باللقب ؟
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِالتَّخْصِيصِ أَوْ التَّقْيِيدِ . ؛ لِأَنَّ الِاتِّفَاقَ وَاقِعٌ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَبْحِرَ الْكَثِيرَ جِدًّا : لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ النَّجَاسَةُ . وَالِاتِّفَاقُ وَاقِعٌ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إذَا غَيَّرَتْهُ النَّجَاسَةُ : امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ . فَمَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا حَمَلَ النَّهْيَ عَلَى الْكَرَاهَةِ - لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجَسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ - لَا بُدَّ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ صُورَةُ التَّغَيُّرِ بِالنَّجَاسَةِ ، أَعْنِي عَنْ الْحُكْمِ بِالْكَرَاهِيَةِ ، فَإِنَّ الْحُكْمَ ثَمَّ : التَّحْرِيمُ ، فَإِذًا لَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ الظَّاهِرِ عِنْدَ الْكُلِّ
---------
# مهم عند تحرير النزاع ومحاولة الترجيح التقدمة ببيان المتفق عليه ,فهذه طريقة شرعية وعقلية صحيحة حتى في الجدال مع الخصوم كما في قوله تعالى "تعالوا إلى كلمة سواء"
ثم البناء على هذه المقدمات الصحيحة والأصول محل الاتفاق بالتراتيب الدلالية المعتبرة
#وفي مسألتنا قيد البحث هناك أمران عريضان متفق عليهما بين سائر الفقهاء:-
الأول-أن الماء المستبحر جداً لا ينجس بوقوع النجاسة فيه..
والثاني-أن الماء إذا تغير بالنجاسة :تنجس ,وحرم استعماله
#قال "لابد من إخراجه عن ظاهره بالتخصيص أو التقييد"
يشكل على بعض الدارسين التفريق بين التخصيص والتقييد ,وإن كانت تستعمل أحيانا -لاسيما عند المتقدمين-بمعنى واحد ,أما من جهة الاصطلاح الأصولي فبينهما فرق يدرك بمعرفة الفرق بين العام الذي يقابله: الخاص, وبين المطلق الذي يقابله: المقيد
أما العام=اللفظ الدال على جميع ما أجزاء ما يصلح له أو يصدق عليه بحيث يكون عمومه شمولياً أي تندرج تحته أفراد ,كلها تدخل مجتمعة كما في قول الله تعالى "إنما المؤمنون إخوة" فلفظ المؤمنون يدخل فيه كل من كان مؤمناً ,صغيرا كان أو كبيرا أسود أو أحمر أو أبيض..إلخ ,ويقابله الخاص بإفراد بعض أجزاء هذا العام بحكم خاص
وأما المطلق=اللفظ الدال على كنه الشيء أو ماهيته دون وصف زائد ,فعمومه بدليٌّ لا شمولي
بمعنى أنه لايندرج تحته أفراد من حيث مدلوله ولكن يصدق على كل ما يصلح له على حدة لا دفعة واحدة ,كما لو قلت "اشتر عبداً", فكل ما ينطبق عليه وصف الرق ,جاز أن تشتريه لأنه مطلق..بخلاف مالو قيدته فقلت"اشتر عبدًا قوياً" فهذا تقييد بالوصف
#قول المؤلف بالتخصيص أو التقييد ,يعني سواء سميته تقييدا او تخصيصا ,المهم أنه استثناء
وقد ينظر للكلمة الواحدة على أنها عامة بمعنى صلاحيتها للانطباق على أفراد متعددة ولكن بعموم بدلي لا استغراقي ,وينظر لها من زواية أخرى أنها مطلقة باعتبار صلاحيتها للانطباق على صفات متعددة..فاعتبار التعدد يفيد الشمول والعموم,واعتبار خلو الأوصاف يفيد الإطلاق كما لو قلت "امرأة" ,عمومها البدلي من جهة أنها تقال في حق ليلى وسعدى ولبنى كل على حدة,وإطلاقها من جهة أنها تصدق على المرأة التقية والمراة الفاسقة
ولهذا التداخل قد يعبر بعض العلماء عن الشيء الواحد بالعام والمطلق
#يقول رحمه الله تعالى إن هذا الحديث ,لابد من إخراج بعض صوره عن ظاهره العام
فحتى مالك ومن يقول بقوله ..فإنه وإن كان يرى الكراهة أعني كراهة البول في الماء الدائم
لكونه يرى الماء لا ينجس إلا بالتغير فإنه سيخرج المياه الدائمة التي لو بيل فيها تغيرت
------
جوابا على استدراك الأصولي الفاضل العراقي أبي عبدالله:
أليسَ تخصيص الحكم بالبول - كما فعل الامام احمد رحمه الله - هو من باب التخصيص باللقب ؟
حتى يفهم المتابع ,فالتخصيص باللقب هو ربط الحكم بأسماء الذوات أو الأجناس
كما لو قلت :أبو عبد الله أصولي العراق ,فعلى القول بالتخصيص اللقبي ,ينتفي وجود أصوليين في العراق سواه! فكما ترى دلالة هذا التخصيص وهو فرع عن مفهوم المخالفة بمعناه الشامل,ضعيفة جداً..إلا في سياقات معينة قد يتقوى مدلوله
فمراد أخينا حفظه الله تعالى إن الإمام أحمد لما قال الرسول"لا يبولن أحدكم .."خصص الحكم باسم البول وما في معناه ..
قلت:القول بأنه جمع بين النصوص لا يتعارض مع هذا فسواء عددته من باب التخصيص باللقب أو لا,فالحاصل من اجتهاد الإمام أحمد أنه راعى النظر في جميع أحاديث الباب وهو من اكثر الأئمة مراعاة لذلك وله في ذلك تأصيل كقوله "''الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضا'' وهذا يشمل المتن والإسناد


حتى خرج بهذه لتوليفة التي نوه بذكرها ابن دقيق العيد
والله أعلم
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

أختي الفاضلة الأستاذة انبثاق بارك الله فيك..فهل أردت السؤال أم ذكر فائدة؟
 

انبثاق

:: مخضرم ::
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,228
التخصص
الدراسات الإسلامية..
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

أستاذي الفاضل،إنما أردت ذكر فائدة.. ولو قصدت السؤال لوضعت علامته (؟)..
جزيتم خيرا لاهتمامكم..
 

انبثاق

:: مخضرم ::
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,228
التخصص
الدراسات الإسلامية..
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

الدرس الثاني مفهوم بحمد الله تعالى..
رفع الله قدركم في الدارين.
 
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

باركَ اللهُ فيكم.
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

فَلِأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَقُولُوا : خَرَجَ عَنْهُ الْمُسْتَبْحِرُ الْكَثِيرُ جِدًّا بِالْإِجْمَاعِ ، فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى حُكْمِ النَّصِّ ، فَيَدْخُلُ تَحْتَهُ مَا زَادَ عَلَى الْقُلَّتَيْنِ . وَيَقُولُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ : خَرَجَ الْكَثِيرُ الْمُسْتَبْحِرُ بِالْإِجْمَاعِ الَّذِي ذَكَرْتُمُوهُ . وَخَرَجَ الْقُلَّتَانِ فَمَا زَادَ ، بِمُقْتَضَى حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ ، فَيَبْقَى مَا نَقَصَ عَنْ الْقُلَّتَيْنِ دَاخِلًا تَحْتَ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ . وَيَقُولُ مَنْ نَصَرَ قَوْلَ أَحْمَدَ الْمَذْكُورِ : خَرَجَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ ، وَبَقِيَ مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ دَاخِلًا تَحْتَ النَّصِّ ، إلَّا أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْقُلَّتَيْنِ ، مُقْتَضَى حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ فِيهِ عَامٌّ فِي الْأَنْجَاسِ ، فَيُخَصُّ بِبَوْلِ الْآدَمِيِّ
--
تقدم كلام أبي الفتح القشيري رحمه الله تعالى في المجلس السابق أن الحديث لابد من إخراجه عن ظاهره عند الجميع, وهذا أوان بيان رأي الحنفية بعدما ذكر أقوال الأئمة الثلاثة
#قال فلأصحاب أبي حنيفة أن يقولوا -وقد قالوا-إنه خرج من عموم هذا الحديث الماء المستبحر (وتقدم الكلام عن حده عندهم ) فيبقى ما دون هذا المستبحر مشمولاً بحكم النص "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم" وإخراجهم لهذا الماء المستبحر مستنده :الإجماع(وما من إجماع إلا وله مستند من النقل)..وهذا موطن من الإجماعات الصحيحة التي لا خارم لها ولا معارض...وعليه يكون التفريق بين القليل والكثير عندهم ليس محدوداً بالقلتين..بل مازاد عنها وكان أقل من المستبحر في عرفهم شمله حكم التنجيس لعلة أن النجاسة تسري فيه وجعلوا لهذه العلة علامة فيزيائية! فقالوا مثلا ماكان عشرة أذرع في عشرة أذرع أو ما إذا حركت طرفه انتقلت الحركى للطرف الأقصى.. وهذا موضع يبين طريقة التفكير الحنفي المستكثر من إعمال الرأي
#الشافعية قالوا ما مفاده هذا فيه إهمال لحديث القلتين ,والإعمال لجميع النصوص أولى من الإهمال..نعم المستبحر خرج بالإجماع وكذلك خرج القلتين فما فوق بالنص, فبقي مادون القلتين ..
وكأن الإمام أحمد لم يرتض هذا الجمع فكأنه فيه إهمال لدلالة حديث أبي هريرة"لا يبولن أحدكم.. "أي إذا كان مازاد عن القلتين عاما في كل شيء ..فما وجه التنصيص على المنع من التبول في الماء الدائم دون قيد القلتين؟..فلهذا جمع على ما سبق وصفه
والحاصل أنه كالرد على الشافعية والتقدير:لو لم يرد حديث النهي عن التبول مطلقا..لما تغير الحكم عندكم..
والظاهر والله أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ليس لمجرد معنى تنجيس الشيء وما يندرج تحته من أحكام بل كذلك لأن هذه منافع عامة من جنس النهي عن التبول أو التغوط في طريق الناس كما في حديث ابي هريرة "اتقوا اللاعنين قالوا: وما اللاعنان؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم" وكذلك الرواية الأخرى "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب" والراجح أن الماء المستعمل لا ينجس ,فنهى عن اغتسال الجنب منعا من الاستقذار والله أعلم
وسيأتي مناقشة المصنف للحنابلة إن شاء الله تعالى
 

انبثاق

:: مخضرم ::
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,228
التخصص
الدراسات الإسلامية..
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

جزاكم الله خيرا
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

وَلِمُخَالِفِهِمْ يعني الحنابلة أَنْ يَقُولَ : قَدْ عَلِمْنَا جَزْمًا أَنَّ هَذَا النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ لِمَعْنًى فِي النَّجَاسَةِ لدلالة مجموع النصوص والنظر ، وَعَدَمِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ بوضوء أو غسل شرعي بِمَا خَالَطَهَا . وَهَذَا الْمَعْنَى يَسْتَوِي فِيهِ سَائِرُ الْأَنْجَاسِ إذ لا دليل على التفريق، وَلَا يَتَّجِهُ تَخْصِيصُ بَوْلِ الْآدَمِيِّ مِنْهَا لمجرد النهي عن التبول في الماء الدائم فا يتأتى مثلا أن يقول لا يجعل أحدكم دمه يثعب في الماء الدائم بل ذكر البول من باب ذكر الغالب، بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذَا الْمَعْنَى ، فَإِنَّ الْمُنَاسِبَ لِهَذَا الْمَعْنَى - أَعْنِي التَّنَزُّهَ عَنْ الْأَقْذَارِ - أَنْ يَكُونَ مَا هُوَ أَشَدُّ اسْتِقْذَارًا أَوْقَعَ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَأَنْسَبَ لَهُ ، وَلَيْسَ بَوْلُ الْآدَمِيِّ بِأَقْذَرَ مِنْ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ ، بَلْ قَدْ يُسَاوِيهِ غَيْرُهُ ، أَوْ يَرْجَحُ عَلَيْهِ كالعذرة فَلَا يَبْقَى لِتَخْصِيصِهِ دُونَ غَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَنْعِ مَعْنًى . فَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْبَوْلِ وَرَدَ تَنْبِيهًا عَلَى غَيْرِهِ ، مِمَّا يُشَارِكُهُ فِي مَعْنَاهُ مِنْ الِاسْتِقْذَارِ . وَالْوُقُوفُ عَلَى مُجَرَّدِ الظَّاهِرِ هَهُنَا - مَعَ وُضُوحِ الْمَعْنَى ، وَشُمُولِهِ لِسَائِرِ الْأَنْجَاسِ - ظَاهِرِيَّةٌ مَحْضَةٌ والحال أن الظاهرية المحضة ليس سبيلا مسدداً للتعامل مع نصوص الشرع لما دلت عليه نصوص الشرع وعمل الرسول وتلامذته من مراعاة المعاني والعلل ,ومع وصفه لرأي الإمام أحمد ها هنا بالظاهرية إلا أن مذهب ابن حزم يخالفه فهو من حيث الأصل لايرى انقسام الماء إلى ثلاثة أقسام أصلاً كما الجمهور..بل هو إما طاهر أو نجس, ولا ينجس إلا بتغير أحد أوصافه..لكن برزت ظاهريته التي فاقت ظاهرية في فقه هذا الحديث ظاهرية أحمد بن حنبل حتى ضرب الناس بها المثل على الجمود ,قال في المحلى : (

(إلا أن البائل في الماء الراكد الذي لا يجري حرام عليه الوضوء بذلك الماء والاغتسال به لفرض أو لغيره ، وحكمه التيمم إن لم يجد غيره . وذلك الماء طاهر حلال شربه له ولغيره ، إن لم يغير البول شيئا من أوصافه . وحلال الوضوء به والغسل به لغيره . فلو أحدث في الماء أو بال خارجا منه ثم جرى البول فيه فهو طاهر ، يجوز الوضوء منه والغسل له ولغيره ، إلا أن يغير ذلك البول أو الحدث شيئا من أوصاف الماء ، فلا يجزئ حينئذ استعماله أصلا له ولا لغيره ..إلى أن يقول بعدما أخرج حديث أبي هريرة بسنده :
فلو أراد عليه السلام أن ينهى عن ذلك غير البائل لما سكت عن ذلك عجزا ولا نسيانا ولا تعنيتا لنا بأن يكلفنا علم ما لم يبده لنا من الغيب ، فأما أمر الكلب فقد مضى الكلام فيه .)
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

وجزاكما خير الجزاء وأوفاه أخويّ الأستاذين المصلحي وانبثاق
 

انبثاق

:: مخضرم ::
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,228
التخصص
الدراسات الإسلامية..
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

أستاذي الكريم / من فضلكم :
ما دام الإمام أحمد قد أدخل العذرة -لكونها في معنى البول - فما وجه كون هذا الفعل ظاهرية محضة ؟ اعني أني لو حاولت أن أفهم فهم أهل الظاهر لقلت : إن الحكم مقتصر على البول فحسب دون غيره من النجاسات سواء أكانت عذرة أم غيرها..فالإمام أحمد في إدخال العذرة في الحكم سلك مسلكا مخالفا للظاهرية أليس كذلك أستاذي الكريم ؟

(سؤالي هذا أريد به فهم : -طريقة ابن دقيق رحمه الله في فهمه لمسلك الإمام أحمد رحمه الله- فحسب ، ولا أقصد به أن الوصف بمذهب الظاهر شيء غير مرضي ، كما لا تهمني بتاتا الخلافات الناشبة بين الظاهرية وغيرهم ).
جزاكم الباري خيرا.
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

أحسنت..
الظاهرية المحضة هو في جعل حديث أبي هريرة خاصاً بالبول وما في معناه ..بحيث إنه لو وقعت نجاسات دون نجاسة البول في الماء الدائم فإن الحكم لا يشملها ..فهذا ما عده ابن دقيق العيد ظاهرية لأنه يعد ذكر البول من باب التمثيل فحسب وليس التعيين ..ولكن ظاهرية الظاهرية نافت على ذلك كما تقدم بيانه
 

سالم سعيد سعد

:: متفاعل ::
إنضم
5 مايو 2011
المشاركات
368
الكنية
أبو أنس
التخصص
شريعه
المدينة
الشقيق
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: السلسلة الخامسة : (5) مجالس في تعليقات مقتضبة على إحكام الأحكام

الشيخ منيب غفر الله لك في قول (وَيَقُولُ مَنْ نَصَرَ قَوْلَ أَحْمَدَ الْمَذْكُورِ : خَرَجَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ ، وَبَقِيَ مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ دَاخِلًا تَحْتَ النَّصِّ ، إلَّا أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْقُلَّتَيْنِ ، مُقْتَضَى حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ فِيهِ عَامٌّ فِي الْأَنْجَاسِ ، فَيُخَصُّ بِبَوْلِ الْآدَمِيِّ ) اليس بين حديث ابي هريره وحديث ابن عمر عموم وخصوص وجهي فيحتاج الى مرجع للجمع جزاكم الله خيرا
 
أعلى