العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
البصمة الوراثية
ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية


تأليف

عمر بن محمد السبيل

إمام وخطيب المسجد الحرام
وعضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة أم القرى


المصدر
 

المرفقات

  • البصمة الوراثي&#15.doc
    322 KB · المشاهدات: 4
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

المحذوف كثير ، وكان الكلام ابن ساعته من رأسي الملتقى مباشرة
ولو كتبته الآن لكتبت غير ما كنت كتبته بالأمس.
هذا مؤلم جداً
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

هذا مؤلم جداً
هذا صحيح
ولكن قدر الله وما شاء فعل
(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم)
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

لم أستطع تعديل المشاركة بعد جهد
فأنزلها هنا مرة أخرى مع تكلمتها والله المستعان

بارك الله لنا ولكم في الجهد والوقت[FONT=&quot]
[/FONT قال:
د. أيمن علي صالح;87668]بادي الرأي عندي هو أن البصمة ينبغي أن تعتمد دليلا على نفي النسب، إذا طُلب استخدامها من قبل الزوج أو الزوجة لا من طرف ثالث كالزاني أو الدولة.

ما سبب قصر اعتمادها على الزوج أو الزوجة ؟
ثم إن جاز لأحد الزوجين فقط ، فهل يجوز له ذلك مطلقاً ، أم يجوز بشروط كرضى الطرف الآخر بإجراء الاختبار ؟
وعلى فرض جواز الاعتماد مطلقاً أو بشرط أن يستند على شك في سلوك الزوجة أو انتفاء الشبه ، فهل هو مطلق في كل سلوك وكل اختلاف في الشبه أم لذلك حد لا يجوز تعديه ؟
هذه الأسألة لبيان المقصد الجزئي المساوي للمسألة باعتبارها جزئية لها مصلحة تناسبها .
فمثلاً ، هذه المسألة ـ وهي طلب فحص الصبغة الوراثية ـ قد اكتنفتها مصالح ومفاسد لا محالة ، فمراعاة أحد طرفيها أو أطرافها وإهمال الباقي إنما يصح متى عرفنا أن الشرع متى اجتمعت عنده تلك المصالح والمفاسد راعى ذلك الطرف وأهمل غيره ، أو راعاه وأعطى الباقي ما يناسبه من الأحكام.
وإذا أراد الرجل مثلاً إثبات الزنا على زوجته ، فإما أن يقيم عليها البينة أو يلاعن أو تقر المرأة ، ثم لما كان من الجائز أن يكون الزوج كاذباً جعل الله لها مخرجاً وهو أن تلاعن هي أيضاً فيندرء عنها الحد ، وهو أحد المقاصد ، وتدفع عن نفسها يقين التهمة ، فإنه إن قامت عليها البينة أو أقرت ، جزمنا بوقوع التهمة ، وإن لم تقم البينة كان في سكوتها شبهة قوية تقرب من الجزم بوقوع التهمة ، وإن أنكرت زال اليقين رأساً ، ودفعها مطلوب شرعاً ، لذلك شرعه الله لها.
فإن عممنا جواز الملاعنة لمجرد عدم الشبه أو لاشتباه الزوج بأخلاقها أي خلق أو أي سلوك كان ، فقد عظم الضرر على المرأة ، فإنها لو لاعنت لبقت سمعتها مشتبه بها عند الناس ، لأن الناس يقولون ، ما لاعنها زوجها إلا وقد رأى منها ما دفعه لذلك ، مع أن مستنده أن ابنه لم يشبهه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم (لعل عرقاً نزعه) فيكون الزوج لوث شرف امرأته بمجرد أنه رأى الولد لا يشبهه.
فلما جاءت الصبغة الوراثة كانت النتيجة الجزم في مسائل راعى الشارع مقاصدها ، مثلاً ، كان من المقاصد دفع الحد ، ولا يمكنها دفعه مع الصبغة الوراثية ، ومن المقاصد دفع التهمة اليقينية والقريبة منها عن المرأة ، مما يفيدها بعد الملاعنة ، ومع الصبغة لم يعد ذلك ممكناً ، ومن المقاصد بقاء إحسان الولد ظنه بأبويه ، فإن العادة في الأولاد أن لا يقبلوا في أبويهم مقولة سوء ، فربما حمله ذلك على تجويز أن يكون أبوه قد أخطأ وأن أمه بريئة ، ولا يمكن ذلك في الصبغة الوراثية ، ومنها تجريء أهل السوء على مراودتها ، فجرأتهم على الزانية فوق جرأتهم على غيرها ، ....
[FONT=&quot]
[/FONT قال:
د. أيمن علي صالح;87668]المعنى والحكمة المقصودة من حفظ النسب الصلبي تكمن في أمرين:
أحدهما: توفير الروح الحانية والعاطفة بين الأب والابن، فالرجل بفطرته يحنو ويعطف على ولده ما لا يعطف على غيره. وإذا قام عند الأب شك في ولده نقصت هذه الروح العاطفة بقدر هذا الشك. والأسر السوية هي التي توجد فيها هذه العاطفة الفطرية والرحمة التي خلقها الله تعالى في جنس الحيوان عموما، لحفظ النسل والبقاء. .


أقول : رددتم بهذا مقصد من المقاصد الكلية الخمسة أو الستة إلى أن يكون وسيلة لغيره ، وشخصياً لا مانع من ذلك عندي ، إذ لا أؤيد حصر المقاصد في خمس كلية أو ست .
لكن تحصيل هذا المقصد ، وهو الحنو والعاطفة على الولد يمكن تحصيلها بغير ذلك ، كما ترى الزوج يعطف على امرأته والعكس من غير علاقة نسب ، وهكذا ترى الكثير من الأسر تحنو وتعطف على أولادها بالتنبي عطفاً عظيماً.
[FONT=&quot]
[/FONT قال:
د. أيمن علي صالح;87668]ولو بحثت عن الأسباب وراء حالات الإجرام والاعتداء الجنسي وغيره من قبل الآباء على أبنائهم وبناتهم (بالعقد) والعكس فستجد أن كثيرا منها يعود في الأساس إلى علاقة قائمة على الشك في البعضية بين الأب وابنه، مما يجعل الأب يسيء معاملة الولد انتقاما أو لا مبالاة، ثم تكون ردة فعل الولد بالمثل حين يكبر.


منذ أن قرأت هذا وحتى كتابة هذه المشاركة بالأمس كنت أبحث في الشبكة عن أسباب جريمة زنا المحارم ، فلم أجد ما ذكرتم ، ولكني وجدت أن من أسبابها عدم التفريق بين الأبناء في المضاجع ، وهو موافق لما جاءت به الشريعة ، وخاصة في البيوت الصغيرة والضيقة بعضها يكون غرفة واحدة أو غرفة وصالة يعيش فيها نحو السبعة ويزيد أو ينقص ، ومن الأسباب كثرة الخلو بالمحارم من غير حشمة ، ومنها عدم القدرة على تفريغ الشهوة فيما أحله الله ، فإن انضم إلى الجميع ضعف الدين وإدامة النظر إلى ما حرم الله قوي السبب.
بل لو قدرنا أن الإبن كان خبيث النفس بحيث يجوز وقوعه في هذه الجريمة ، وقد ثبت له منخلال اختبار الصبغة الوراثية أن أمه زانية ، فعلى من تتصور يقع اختياره لفعل جريمته ؟
ثم لو قلنا بجواز فعل الصبغة الوراثية بطلب أحد الطرفين من غير رضى الآخر فثبت أن الولد من صلبه ، كيف يكون حال هذه الأسرة ، بعد هذا الإختبار ، لنفرض أن الأب طلبه ورفضته الأم ثم ثبت أنه ابنه لصلبه ، سيبقى الأب حياته كلها يتساءل : لم رفضت ؟ ولا أدري كيف أصف حال المرأة بعد هذا الإختبار وموقفها من زوجها ؟ وكيف ستكون نظرة المجتمع لها ولابنها بعد الاختبار ، فإن عامة المسلمين لا يعرفون عن الصبغة الوراثية شيئاً سوى اسمها في أحسن تقدير ، فعامتهم سيشتبه بشرف المرأة وسيتكلمون في أنه لولا أن زوجها رأى منها شيئاً ما جرها إلى فعل الاختبار ، على الأقل فإن أخلاقها لم تكن بحيث تمنع الزوج من طلب ذلك ، ومن يعرف الصبغة الوراثية فإنهم لا يطلعون على النتيجة ، لأن الأم أو الزوج أو الإبن لا يمشي وهو معلق النتيجة على صدره ، ولو فعل فسيكون هناك من يشكك في صحتها إما بوجه من الوجوه السابقة أو يشكك في كونها مزورة أو غير ذلك.
هل هذه هي الأسرة التي ينشدها الشارع ؟ الأسرة التي يكتنفها الحنان والعطف وغير ذلك مما ذكرتم ؟
وهل هذه هي الأسرة التي يستحيل أن تحصل فيها جريمة زنا المحارم ؟

والذي أميل إليه جواز اعتماد الصبغة الوراثية باتفاق الزوجين ، لأنه مع الإتفاق لا يحتاج الزوج إلى الذهاب إلى المحاكم وغيره مما يؤدي إلى اشتهار القضية أو عدم استتارها ، بل ما داما متفقين ، فبإكانهما عمله سراً ، فيزول بذلك عامة ما ذكرناه من مفاسد إلا القليل ، الذي لعله يجوز لنا أن نسقط اعتباره اعتماداً على رضى الطرفين بحصوله.
والله سبحانه وتعالى أعلم
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

ما سبب قصر اعتمادها على الزوج أو الزوجة ؟
لأن النسب في الأساس حق شخصي متعلق بهما، ولأن الأصل في الأزواج العفة.
ثم إن جاز لأحد الزوجين فقط ، فهل يجوز له ذلك مطلقاً ، أم يجوز بشروط كرضى الطرف الآخر بإجراء الاختبار ؟
لا حاجة في نظري إلى الرضا بل هو حق للزوج له أن يقوم به حتى بدون علم الزوجة، أما الزوجة فلها أن تقوم به دون رضا الزوج إذا شكت في نسب الولد منها (اختلاط المواليد). وما عدا ذلك فالأصل إذن الزوج إلا في حالة الملاعنة فلها ذلك بإذن القاضي إثباتا لبراءتها.
وعلى فرض جواز الاعتماد مطلقاً أو بشرط أن يستند على شك في سلوك الزوجة أو انتفاء الشبه ، فهل هو مطلق في كل سلوك وكل اختلاف في الشبه أم لذلك حد لا يجوز تعديه ؟
هنا لعله ينسحب خلاف الفقهاء في متى يجوز للزوج أن يلاعن زوجته. وظاهر الحديث (إذا وجد مع امرأته رجلا) لا يشترط رؤية الزنا كما هو الحال في شهود الزنا، بل متى وجد رجلا مع امرأته في خلوة. وأحسب أن الشافعية توسعوا في إجازة اللعان عند توفر قرائن الزنا (والقرائن لا تنضبط عادة).
وربما نفتح المجال في البصمة أكثر من اللعان لأن اللعان يقصد به إقامة الحد على المرأة في الأساس ونفي النسب تابع، أما البصمة فيقصد فيها نفي النسب أساسا وإقامة الحد تبعا عند من يثبتون الزنا بالقرائن القطعية كالمالكية. ومن شأن الشارع التحوط في الحدود ملا يتحوط به في غيرها.

هذه الأسألة لبيان المقصد الجزئي المساوي للمسألة باعتبارها جزئية لها مصلحة تناسبها .
فمثلاً ، هذه المسألة ـ وهي طلب فحص الصبغة الوراثية ـ قد اكتنفتها مصالح ومفاسد لا محالة ، فمراعاة أحد طرفيها أو أطرافها وإهمال الباقي إنما يصح متى عرفنا أن الشرع متى اجتمعت عنده تلك المصالح والمفاسد راعى ذلك الطرف وأهمل غيره ، أو راعاه وأعطى الباقي ما يناسبه من الأحكام.
وإذا أراد الرجل مثلاً إثبات الزنا على زوجته ، فإما أن يقيم عليها البينة أو يلاعن أو تقر المرأة ، ثم لما كان من الجائز أن يكون الزوج كاذباً جعل الله لها مخرجاً وهو أن تلاعن هي أيضاً فيندرء عنها الحد ، وهو أحد المقاصد ، وتدفع عن نفسها يقين التهمة ، فإنه إن قامت عليها البينة أو أقرت ، جزمنا بوقوع التهمة ، وإن لم تقم البينة كان في سكوتها شبهة قوية تقرب من الجزم بوقوع التهمة ، وإن أنكرت زال اليقين رأساً ، ودفعها مطلوب شرعاً ، لذلك شرعه الله لها.
فإن عممنا جواز الملاعنة لمجرد عدم الشبه أو لاشتباه الزوج بأخلاقها أي خلق أو أي سلوك كان ، فقد عظم الضرر على المرأة ، فإنها لو لاعنت لبقت سمعتها مشتبه بها عند الناس ، لأن الناس يقولون ، ما لاعنها زوجها إلا وقد رأى منها ما دفعه لذلك ، مع أن مستنده أن ابنه لم يشبهه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم (لعل عرقاً نزعه) فيكون الزوج لوث شرف امرأته بمجرد أنه رأى الولد لا يشبهه.
فلما جاءت الصبغة الوراثة كانت النتيجة الجزم في مسائل راعى الشارع مقاصدها ، مثلاً ، كان من المقاصد دفع الحد ، ولا يمكنها دفعه مع الصبغة الوراثية ، ومن المقاصد دفع التهمة اليقينية والقريبة منها عن المرأة ، مما يفيدها بعد الملاعنة ، ومع الصبغة لم يعد ذلك ممكناً ، ومن المقاصد بقاء إحسان الولد ظنه بأبويه ، فإن العادة في الأولاد أن لا يقبلوا في أبويهم مقولة سوء ، فربما حمله ذلك على تجويز أن يكون أبوه قد أخطأ وأن أمه بريئة ، ولا يمكن ذلك في الصبغة الوراثية ، ومنها تجريء أهل السوء على مراودتها ، فجرأتهم على الزانية فوق جرأتهم على غيرها ، ....
هذا كله يدور حول تقديم مصلحة المرأة الزانية على الزوج من باب الستر. وقد أجبت عنه سابقا.
ومن الخطأ البين، في نظري، ما قاله غير المجيزين للزوج الملاعن أن يلجأ إلى البصمة بحجة ستر المرأة حيث تظل في دائرة الشك والاتهام بالزنا دون ثبوت التهمة.
وذلك لأن المرأة لا يحل لها أن تلاعن إذا كانت زانية بالفعل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخوف المرأة قبل حلف أيمان اللعان، أي أنه كان يقصد إلى إيقاع العقوبة بها. والذي يلزم من قول من قال بأن الستر على الملاعنة مقصود هو أنه يجوز لها أن تلعن نفسها كذبا، لأنه لا يحصل لها الستر إلا بذلك. وهذا لازم باطل فكذلك ما كان يؤدي إليه.
والحاصل هنا أن مصلحة الرجل في حفظ نسبه أولى من حق الزانية في الستر عليها. والشاهد الجزئي على ذلك، كما قلنا من قبل، إجازة الشارع للزوج أن يلاعن وينفي النسب بأن يجد مع زوجته رجلا آخر، وفي هذا إهدار كبير في مصلحة المرأة في الستر. والغاية في الستر عموما هي الندب كما قلنا وحفظ النسب من الضروريات فأنى توزن هذه المصلحة بتلك.

لكن تحصيل هذا المقصد ، وهو الحنو والعاطفة على الولد يمكن تحصيلها بغير ذلك ، كما ترى الزوج يعطف على امرأته والعكس من غير علاقة نسب ، وهكذا ترى الكثير من الأسر تحنو وتعطف على أولادها بالتنبي عطفاً عظيماً.
لم ننفِ أصل العطف عموما لكنه يتفاوت لا شك بين الابن الحقيقي والمتبنى في مطرد العادات، ولا عبرة بما خرج عن الغالب لسبب أو لآخر.

منذ أن قرأت هذا وحتى كتابة هذه المشاركة بالأمس كنت أبحث في الشبكة عن أسباب جريمة زنا المحارم ، فلم أجد ما ذكرتم ، ولكني وجدت أن من أسبابها عدم التفريق بين الأبناء في المضاجع ، وهو موافق لما جاءت به الشريعة ، وخاصة في البيوت الصغيرة والضيقة بعضها يكون غرفة واحدة أو غرفة وصالة يعيش فيها نحو السبعة ويزيد أو ينقص ، ومن الأسباب كثرة الخلو بالمحارم من غير حشمة ، ومنها عدم القدرة على تفريغ الشهوة فيما أحله الله ، فإن انضم إلى الجميع ضعف الدين وإدامة النظر إلى ما حرم الله قوي السبب.
هذه أسباب استنتاجية لا إحصائية، وهي لعلها قاصرة على المجتمع الإسلامي، حيث حالات الخيانة الزوجية والشك في نسب الأولاد أقل منها بكثير في المجتمعات الإنسانية بعمومها.
والذي أميل إليه جواز اعتماد الصبغة الوراثية باتفاق الزوجين ، لأنه مع الإتفاق لا يحتاج الزوج إلى الذهاب إلى المحاكم وغيره مما يؤدي إلى اشتهار القضية أو عدم استتارها ، بل ما داما متفقين ، فبإكانهما عمله سراً ، فيزول بذلك عامة ما ذكرناه من مفاسد إلا القليل ، الذي لعله يجوز لنا أن نسقط اعتباره اعتماداً على رضى الطرفين بحصوله.
والله سبحانه وتعالى أعلم
أخي وضاح، سواء برضا الزوجة أو بعدم رضاها بعلمها أو بعدم علمها لا يلزم الذهاب إلى المحاكم، ولا اللعان. ولعله يكفي أن يطلقها الزوج مبينا لها سبب ذلك ويتخذ من الإجراءات ما يحول دون ضياع ماله أو عرضه على طريقة ((احتجبي منه يا سودة))، لكن تبقى هنا معضلة الميراث، وهذه لا بد لها من نفي النسب قضاء.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

لأن النسب في الأساس حق شخصي متعلق بهما، ولأن الأصل في الأزواج العفة.
إذاً ليس مقصداً شرعياً ، وإلا كان تحصيله مطلوباً من الجميع على حدٍّ سواء.
ثم أصل العفة منقوض بتجويز فعل البصمة لأنه مبني على سقوط هذا الأصل على الأقل عند الزوج.

هذا كله يدور حول تقديم مصلحة المرأة الزانية على الزوج من باب الستر. وقد أجبت عنه سابقا.
لم استبقت النتائج وحكمت عليها بأنها زانية ؟
ثم إن ظهرت بريئة ، فكيف تفعل بما ذكرناه من المصالح المهدرة والمفاسدة الظاهرة.
فإن كثيراً من الأزواج يشكون في كثير من السلوكيات العادية أو التي لا تبلغ أن يجوز معها أن الزوجة زانية ، فكيف تجعل له أن يلطخ سمعتها لكل سلوك يراه ، وهكذا قضية الشبه ، كيف يجوز أن نبيح له تلطيخ سمعتها لكل اختلاف يراه ؟
وأنا سألت عن هذه الكلية التي يرد عليها كل السلوكيات والاختلافات الخَلْقِيَّة ، ولم تقيدوه بشيء.

وذلك لأن المرأة لا يحل لها أن تلاعن إذا كانت زانية بالفعل
وهكذا لا يحل للزوج بكل عذر.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخوف المرأة قبل حلف أيمان اللعان، أي أنه كان يقصد إلى إيقاع العقوبة بها.
كلا ، بل إنما قصد دفع عذاب الآخرة عنها إن كانت كاذبة ، وهو لا يحصل إلا بعذاب في الدنيا غير مقصود بذاته ، بل لازم للمقصود ، لهذا إن أمكن تجنيب من استوجب الحد عذاب الآخرة بغير الحد فإنه صلى الله عليه وسلم كان يلجأ إليه كما في حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه قال : (جاء رجل إِلَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَقَالَ : يَا رَسُول الله، أَصَبْتُ حَدّاً ، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ، وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ ، فَصَلَّى مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ ، قَالَ : يَا رَسُول الله ، إنِّي أصَبْتُ حَدّاً فَأقِمْ فيَّ كِتَابَ الله . قَالَ : (( هَلْ حَضَرْتَ مَعَنَا الصَّلاةَ )) ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : (( قَدْ غُفِرَ لَكَ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . فلم يكن إقامة الحد مقصوداً له صلى الله عليه وسلم لكنه لازم لمقصوده من درأ العذاب.
والذي يلزم من قول من قال بأن الستر على الملاعنة مقصود هو أنه يجوز لها أن تلعن نفسها كذبا، لأنه لا يحصل لها الستر إلا بذلك
لا نسلم أن لازم جعل الستر مقصداً لزوم إباحة لعنها ، لأن المراد أنه متى أمكن دفع الملاعنة رأساً بسبب صحيح فإنه خير من إلجائهم لها ، يدل عليه حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي فَزَارَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟) قَالَ : نَعَمْ. قَالَ : (فَمَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ) قَالَ : (فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ) قَالَ : إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا. قَالَ : (فَأَنَّى تَرَى أَتَى ذَلِكَ) قَالَ : عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَهَذَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ).
ولو كان النسب مقصودا شرعيا شرعت الملاعنة من أجله كما قلتم ، لأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إليه .
وبعكسه الستر كما جاء في حديث يزيد بن نعيم في قصة رجم ماعز وفيه : (لو سترته بثوبك كان خيرا لك مما صنعت به) هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى أن الستر على الزاني مقصدٌ شرعي ، بل سياق القصة دال على تألمه صلى الله عليه وسلم ولومه لهلال لعدم ستره.
ومن الوسائل التي تدرأ بها التهمة عن المرأة المتهمة [ وليست الزانية يا دكتور ، فإن الكلام بعضه كلي في المتهمة قبل ثبوت التهمة وبعضه مخصوص بثبوت التهمة وبعضه مخصوص بعدم الثبوت ، وأنتم جزمتم بكونها زانية وشرعتم اختبار البصمة الوراثية الذي يشملها ويشمل من لم يثبت زناها ومن ثبت عدم زناها ] من هذه الوسائل أن نسأل الزوج : لم تريد القيام بالاختبار ؟
فإن قال : رأيتها تتكلم مع زيد من الناس في الشارع.
قلنا له : فكان ماذا ؟
ولو قال : ابنها لا يشبهني ؛ أنا كث الحواجب وهو دقيق الحواجب جداً .
قلنا له : فكان ماذا.
وهكذا ما دام عذره ضعيفاً لا يباح معه اللعان .
ومن وسائله منع العمل بالبصمة الوراثية رأساً ، لأن النسب الذي تتكلمون عنه هنا الفقهاء مجمعون على إثباته لصاحب الفراش اعتماداً على حديث (الولد للفراش) وقد فهمه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كما في حديث رَبَاحٍ، قَالَ: ( زَوَّجَنِي أَهْلِي أَمَةً لَهُمْ رُومِيَّةً، وَلَدَتْ لِي غُلامًا أَسْوَدَ، فَعَلِقَهَا عَبْدٌ رُومِيٌّ، يُقَالُ لَهُ: يُوحَنَّسُ، فَجَعَلَ يُرَاطِنُهَا بِالرُّومِيَّةِ فَحَمَلَتْ، وَقَدْ كَانَتْ وَلَدَتْ لِي غُلامًا أَسْوَدَ مِثْلِي، فَجَاءَتْ بِغُلامٍ كَأَنَّهُ وَزَغَةٌ مِنَ الْوُزْغَانِ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا هَذَا؟ فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ يُوحَنَّسَ، فَسَأَلْتُ يُوحَنَّسَ فَاعْتَرَفَ، فَأَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فَسَأَلَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: سَأَقْضِي بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» ، فَأَلْحَقَهُ بِي ...)
فيكون من الوسائل إعلام الزوج أن الولد منسوب له لأنه ولد على فراشه ، فلا حاجة إلى إقامة اختبار يفسد عليه بيته من أجل شك غير مبني على أساس متين ، وهكذا تخويفه من الله عز وجل من الإساءة إلى زوجته من أجل الشكوك والتخمينات ، ونحو ذلك.

والحاصل هنا أن مصلحة الرجل في حفظ نسبه أولى من حق الزانية في الستر عليها.
هذا تحقيق لحكم الزنا عليها قبل فعل اختبار الصبغة الوراثية وقد قدمنا الكلام فيه ، ثم نسبه ثابت بحصوله بكونه ولد في فراشه.
فإن قلتم : بل بفحص الصبغة .
قلنا : هل لو شك الزوج ولم يرد أن يقوم باختبار الصبغة الوراثية ، وغلب على ظنه أن الولد ولده، هل يثبت الولد له أم لا ؟
إن قلتم : يثبت نسبه إذا لم يرد لزوج القيام باختبار الصبغة اعتماداً على غلبة ظنه.
قلنا : فهل حصل بذلك حفظ النسب أم لا ؟
إن قلتم : لا.
قلنا : فلم أجزتم الاستعاضة به عن اختبار الصبغة.
وإن قلتم : نعم.
قلنا : فعلى ما اعتمدتم في قولكم بحصول حفظ النسب؟
إن قلتم : بالولادة على فراشه.
قلنا : فيمكن الحفاظ على النسب ودرأ الحد من غير اللجوء إلى الصبغة الوراثية ، فإن أمكن ذلك بعدم لجوء الزوج إلى الفحص لأنه لم يرد ذلك ، فهلا قلتم بعدم جواز اختبار الصبغة وحافظتم على النسب ودرأتم الحد معه باعتماد ما اعتمده الشرع (الولد للفراش)
أما إن قلتم : إنه لا يجوز اعتماد الولادة على الفراش حتى لو أراد الزوج ذلك ما دام احتمال كونه ليس ولده وارداً.
قلنا : يكفي تصور الفساد الذي يحصل بإجبار جميع الناس على القيام بالفحص ما دام هناك احتمال ، وأنه إن لم يفعلوا فلا نسب!

هذه أسباب استنتاجية لا إحصائية، وهي لعلها قاصرة على المجتمع الإسلامي
قد وافق عمل الشرع بعضها ، فلو أني تخيلته في منامي لكانت موافقة الشرع له كافية ، على أنكم لم تذكروا لنا شيئاً عن الإحصائيات المثبتة لحصول جريمة الزنا بسبب عدم البعضية.
ثم كون هذه الأسباب قاصرة على المجتمعات الإسلامية ، فذلك لأن المراد حكم اعتماد الصبغة الوراثية شرعاً ، وهي مسألة متعلقة بالمجتمع الإسلامي ، فكأنكم أثنيتم علينا بتنبهنا لكون المسألة تتعلق بالمجتمعات الإسلامية خاصة.
أما المجتمعات غير المسلمة فعلاجها ليس هو الصبغة ، بل هو الدخول في الإسلام أو النزول تحت حكمه.

سواء برضا الزوجة أو بعدم رضاها بعلمها أو بعدم علمها لا يلزم الذهاب إلى المحاكم، ولا اللعان. ولعله يكفي أن يطلقها الزوج مبينا لها سبب ذلك ويتخذ من الإجراءات ما يحول دون ضياع ماله أو عرضه على طريقة ((احتجبي منه يا سودة))، لكن تبقى هنا معضلة الميراث، وهذه لا بد لها من نفي النسب قضاء.
ثم ظهر أنها بريئة ، فماذا نفعل ؟
ماذا عن كل ما قدمناه عن المفاسد اللاحقة بها ؟
أنقول لها : عفواً كنا نظن أنك زانية ، وعليه فكنا نظن أن حقك مهدر في مقابلة إثبات النسب ، والآن عرفنا أنك لست بزانية وأن حقك ليس بمهدر ؟
ثم إنه بحسب معلومي أن القانون في الدول العلمانية لا يجبر أحد على القيام بالصبغة الوراثية ، فكيف تكونون أنتم أقل مراعاة لحقوقها من هؤلاء العلمانيين ؟

هذا ما جاد به الخاطر الساعة
والله سبحانه وتعالى أعلم
 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

بارك الله فيك شيخي الفاضل . لقد قلت كل ما اردت وزدت عليه . وأُضيف كم من امرأة أتهمت كذبا وقتلت وبعد الفحص تبين أنها عذراء . كم من إمرأة اختطفت وبعد العثور عليها طبق عليها الحد أي القتل كأنها هي الجانية . وما حصل للمعتقلات في سجون الإحتلال لا يخفى على حضراتكم . فور خروجهن من ظلم الأعداء الكافرين لعنهم الله يقتلن . فكيف اذا اعطية للأطباء الحق في إفشاء اسرار ظنية

لأن النسب الذي تتكلمون عنه هنا الفقهاء مجمعون على إثباته لصاحب الفراش اعتماداً على حديث (الولد للفراش) وقد فهمه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كما في حديث رَبَاحٍ، قَالَ: ( زَوَّجَنِي أَهْلِي أَمَةً لَهُمْ رُومِيَّةً، وَلَدَتْ لِي غُلامًا أَسْوَدَ، فَعَلِقَهَا عَبْدٌ رُومِيٌّ، يُقَالُ لَهُ: يُوحَنَّسُ، فَجَعَلَ يُرَاطِنُهَا بِالرُّومِيَّةِ فَحَمَلَتْ، وَقَدْ كَانَتْ وَلَدَتْ لِي غُلامًا أَسْوَدَ مِثْلِي، فَجَاءَتْ بِغُلامٍ كَأَنَّهُ وَزَغَةٌ مِنَ الْوُزْغَانِ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا هَذَا؟ فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ يُوحَنَّسَ، فَسَأَلْتُ يُوحَنَّسَ فَاعْتَرَفَ، فَأَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فَسَأَلَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: سَأَقْضِي بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» ، فَأَلْحَقَهُ بِي ...)
فيكون من الوسائل إعلام الزوج أن الولد منسوب له لأنه ولد على فراشه ، فلا حاجة إلى إقامة اختبار يفسد عليه بيته من أجل شك غير مبني على أساس متين ، وهكذا تخويفه من الله عز وجل من الإساءة إلى زوجته من أجل الشكوك والتخمينات ، ونحو ذلك.
ولا ادل على ذلك من قول الله تعالى: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا "
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

إذاً ليس مقصداً شرعياً ، وإلا كان تحصيله مطلوباً من الجميع على حدٍّ سواء.
هذا ليس بلازم، فكثير من الحقوق لا يتحرك لها القضاء إلا بطلب من صاحب الحق ـ خذ نفقة الزوجة مثلا ـ وهذا لا يسقط كونها مقصدا شرعيا.
ثم أصل العفة منقوض بتجويز فعل البصمة لأنه مبني على سقوط هذا الأصل على الأقل عند الزوج.
لم أفهم ما تعني تماما فليتك توضح
لم استبقت النتائج وحكمت عليها بأنها زانية ؟
ثم إن ظهرت بريئة ، فكيف تفعل بما ذكرناه من المصالح المهدرة والمفاسدة الظاهرة.
فإن كثيراً من الأزواج يشكون في كثير من السلوكيات العادية أو التي لا تبلغ أن يجوز معها أن الزوجة زانية ، فكيف تجعل له أن يلطخ سمعتها لكل سلوك يراه ، وهكذا قضية الشبه ، كيف يجوز أن نبيح له تلطيخ سمعتها لكل اختلاف يراه ؟
وأنا سألت عن هذه الكلية التي يرد عليها كل السلوكيات والاختلافات الخَلْقِيَّة ، ولم تقيدوه بشيء.
المتهمة بالزنا من زوجها لا تعدو حالين: أحدهما أن تكون زانية، وهنا تظهر المصلحة في حفظ النسب كما قلنا وتقديم ذلك على مصلحة الزانية بالستر. والحال الأخرى أن لا تكون زانية وهنا تثبت البصمة براءتها من التهمة، أو على الأقل بأن الولد من أبيه لا من غيره. وفي هذا مصلحة كبيرة للمرأة والزوج والولد. ألا ترى أن النبي فرح بقول القائف في أسامة بن زيد وأبيه لما تضمنه ذلك من نفي عدم الشرعية عنه. وألا ترى أن أكثر المعاصرين أجاز البصمة إذا كان بطلب من الزوجة، لأن في ذلك تبرئة لها مما يتهمها به الزوج.
وأنا أستغرب دعواكم بأن إجراء فحص البصمة من الزوج فيه تلطيخ لسمعة الزوجة وفضح لها، كأن الرجل إذ يذهب لإجراء الفحص سوف يعقد مؤتمرا صحفيا يخبر فيه عما سيفعل. الأمر عادة يتم بسرية ولا يعلم به إلا الزوج والطبيب. فإن ظهر الولد له، حققنا مصالح كثيرة وأزلنا كثيرا من الألم النفسي عند الزوج الناجم عن الشك، وووفرنا أسباب السكن النفسي والمودة بين أفراد الأسرة، وهو مقصد أساس في الزواج. ولا توجد هنا أي فضائح. أما إذا ظهر أن الولد ليس له، فمن حقه نفيه كما بينا سواء لاعن أو لم يلاعن. أما الزوجة فهي في هذه الحالة زانية يقدم حق الزوج في حفظ نسبه على الستر عليها الذي هو مندوب في الجملة لا أكثر.
وبالنسبة للشكوك فهذه تختلف من شخص لآخر، وقرائن الزنا لا تنضبط وما يبدو لأحدهم سلوكا مريبا قد يكون غير مريب عند آخر، فالضابط هنا شخصي لا موضوعي وهو استحكام الشك في قلب الزوج بعدم انتساب الولد إليه، وبقدر الشك قلة وكثرة يتأكد عليه إجراء الفحص. ولولا إضاعة المال لرأينا جواز إجراء الفحص لكل من أراد شك في ولده أو لم يشك. فالأصل في الأشياء الإباحة، ولا نرى دليلا مقبولا قدمه المانعون يفيد التحريم.
كلا ، بل إنما قصد دفع عذاب الآخرة عنها إن كانت كاذبة ، وهو لا يحصل إلا بعذاب في الدنيا غير مقصود بذاته ، بل لازم للمقصود ، لهذا إن أمكن تجنيب من استوجب الحد عذاب الآخرة بغير الحد فإنه صلى الله عليه وسلم كان يلجأ إليه كما في حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه قال : (جاء رجل إِلَى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَقَالَ : يَا رَسُول الله، أَصَبْتُ حَدّاً ، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ ، وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ ، فَصَلَّى مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ ، قَالَ : يَا رَسُول الله ، إنِّي أصَبْتُ حَدّاً فَأقِمْ فيَّ كِتَابَ الله . قَالَ : (( هَلْ حَضَرْتَ مَعَنَا الصَّلاةَ )) ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : (( قَدْ غُفِرَ لَكَ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . فلم يكن إقامة الحد مقصوداً له صلى الله عليه وسلم لكنه لازم لمقصوده من درأ العذاب.
أنى لكم أن عذاب الدنيا (الحد) غير مقصود الإيقاع؟! فإني لا أعلم خلافا بين أهل العلم بأن الحدود ـ والعقوبات عموما ـ زواجر، ولو أن إيقاعها غير مقصود لما تحقق الزجر. فالمقصد الأساس من الحد هو ردع المجرم وغيره من ضعاف النفوس عن مقارفة الجريمة. وما أفضى إلى المقصود فهو مقصود. وأصرح شي في الدلالة على المقاصد الشرعية هو صريح الأمر والنهي. وقد قال تعالى: "فاجلدوهما" "فاقطعوا أيديهما" "ارجموهما" ...الخ فكيف تقول مع هذا بأن إيقاع الحد غير مقصود؟! وأي فقيه يقول هذا؟!
ولذا لم يكن صلى الله عليه وسلم يتهاون في الحدود. وقال أيما حد بلغني فقد وجب، وقال لأسامة: أتشفع في حد من حدود الله؟...الحديث.
وفي خصوص زنا الزوجات فقد ورد في حديث أبي هريرة أن سعد بن عبادة قال لرسول الله عليه السلام: ((أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلا أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء قال: نعم)). (رواه مسلم وغيره). وفيه دلالة على قصد النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد لأنه أذن في الإمهال لجلب الشهداء ولم يأمر بالستر في هذه الحالة. قال الطحاوي: "فتأملنا هذا الحديث لنستخرج ما فيه من الفقه ووجدنا الواجب على المسلمين تغيير المنكرات وزجر أهلها عنها وكان في ترك سعد الرجل الذي وجده مع امرأته على ما وجدهما عليه ترك لهما على التمادي فيما هما فيه من المعصية وقد أطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم له ذلك فكان ذلك عندنا والله أعلم لتقوم الحجة عليهما بما هما فيه حتى تقام عليهما عقوبته، وفي ذلك ما قد دل على أن مثل هذا حتى تقام عقوبته مطلق وفيه الحجة لمن يقول في أربعة شهدوا على رجل وامرأة بالزنا فقالوا تعمدنا النظر أنهم في ذلك محمودون وأن شهادتهم عليه مقبولة إذ كانوا إنما فعلوا ذلك ليقام حد الله فيه على من يستحقه. وهكذا كان أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد يقولونه في هذا".
ومن الدلائل أيضا على قصد الشارع إيقاع الحد على المرأة الزانية في اللعان قوله صلى الله عليه وسلم في شأن من لاعنت ثم أتت بالولد على الشَّبه المكروه: "لولا ما مضى من كتاب الله عز وجل لكان لنا ولها شأن". وفي رواية: "لولا الأيْمان لكان لي ولها أمر". والمعنى أنه رأى أنها تستحق العقوبة لولا ما جعل الله لها من مخرج بسبب عدم وجود البينة.
أما ما أوردتموه من الحديث فالمقصود بالحد في ذلك الصغائر وقد ورد في بعض طرقه أن ذلك الرجل كان قد قبَّل امرأة، ولفظ الحد في الشرع أعم مما ورد بحقه عقوبة مقدرة. ومن الخطأ ما وقع به البعض من تنزيل ما ورد في الأحاديث من لفظ الحد على اصطلاح الفقهاء في تعريف الحد.
لا نسلم أن لازم جعل الستر مقصداً لزوم إباحة لعنها ، لأن المراد أنه متى أمكن دفع الملاعنة رأساً بسبب صحيح فإنه خير من إلجائهم لها ، يدل عليه حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي فَزَارَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟) قَالَ : نَعَمْ. قَالَ : (فَمَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ) قَالَ : (فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ) قَالَ : إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا. قَالَ : (فَأَنَّى تَرَى أَتَى ذَلِكَ) قَالَ : عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَهَذَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ).
ولو كان النسب مقصودا شرعيا شرعت الملاعنة من أجله كما قلتم ، لأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إليه .
ما قلناه هو أن
اللعان يقصد به إقامة الحد على المرأة في الأساس ونفي النسب تابع
. وقد اختلف الفقهاء فيما يبيح للزوج أن يطلب الملاعنة، وقد أشرنا إلى ذلك من قبل. أما حديث رجل بني فزارة وإن كان يمكن أن يحتج به على عدم مشروعية اللعان لمجرد اختلاف الشبه بين الولد والوالد، فلا يصلح الاحتجاج به على عدم مشروعية إجراء البصمة واعتماد نتائجها، لأن الحديث معلل بـ "لعله نزعه عرق" وهذا التعليل ينتفي في حالة البصمة باعتبارها قطعية أو شبه قطعية فلا احتمال لنزع العرق معها. والأصل أن تزول الأحكام بزوال عللها.
وبعكسه الستر كما جاء في حديث يزيد بن نعيم في قصة رجم ماعز وفيه : (لو سترته بثوبك كان خيرا لك مما صنعت به) هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى أن الستر على الزاني مقصدٌ شرعي ، بل سياق القصة دال على تألمه صلى الله عليه وسلم ولومه لهلال لعدم ستره.
الستر مقصد نعم لكنه حيث يتعارض مع حفظ النسب يقدم حفظ النسب عليه لأنه ضروري. وقد أفضنا في تكرار هذا الجواب مع بيان وجهه. ومع ذلك ما زلتم تعودون لنفس هذه الحجة وإن بأساليب مختلفة.
ومن الوسائل التي تدرأ بها التهمة عن المرأة المتهمة [ وليست الزانية يا دكتور ، فإن الكلام بعضه كلي في المتهمة قبل ثبوت التهمة وبعضه مخصوص بثبوت التهمة وبعضه مخصوص بعدم الثبوت ، وأنتم جزمتم بكونها زانية وشرعتم اختبار البصمة الوراثية الذي يشملها ويشمل من لم يثبت زناها ومن ثبت عدم زناها ]
أجبنا عن هذا وقلنا بأنها سواء كانت زانية أو لا فعلا كلا الحالين يحقق اختبار البصمة مصلحة شرعية: إن كانت زانية فبحفظ نسب الزوج وإن لم تكن زانية فبنفي التهمة عنها واستقرار الأسرة وسكنها.
ومن وسائله منع العمل بالبصمة الوراثية رأساً ، لأن النسب الذي تتكلمون عنه هنا الفقهاء مجمعون على إثباته لصاحب الفراش اعتماداً على حديث (الولد للفراش) وقد فهمه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كما في حديث رَبَاحٍ، قَالَ: ( زَوَّجَنِي أَهْلِي أَمَةً لَهُمْ رُومِيَّةً، وَلَدَتْ لِي غُلامًا أَسْوَدَ، فَعَلِقَهَا عَبْدٌ رُومِيٌّ، يُقَالُ لَهُ: يُوحَنَّسُ، فَجَعَلَ يُرَاطِنُهَا بِالرُّومِيَّةِ فَحَمَلَتْ، وَقَدْ كَانَتْ وَلَدَتْ لِي غُلامًا أَسْوَدَ مِثْلِي، فَجَاءَتْ بِغُلامٍ كَأَنَّهُ وَزَغَةٌ مِنَ الْوُزْغَانِ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا هَذَا؟ فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ يُوحَنَّسَ، فَسَأَلْتُ يُوحَنَّسَ فَاعْتَرَفَ، فَأَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فَسَأَلَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: سَأَقْضِي بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» ، فَأَلْحَقَهُ بِي ...)
فيكون من الوسائل إعلام الزوج أن الولد منسوب له لأنه ولد على فراشه ، فلا حاجة إلى إقامة اختبار يفسد عليه بيته من أجل شك غير مبني على أساس متين ، وهكذا تخويفه من الله عز وجل من الإساءة إلى زوجته من أجل الشكوك والتخمينات ، ونحو ذلك.
أولا الأثر ضعيف ولا أظن ذلك خافيا عليكم. ثانيا. زوجته رومية شقراء وهو أسود فمن الطبيعي أن يأتي بعض الأولاد سود وبعضهم بيض. ثالثا: ولذلك كان حكم عثمان رضي الله عنه دائرا مع الظاهر حيث إن الفراش ـ في زمنهم ـ أوثق شيء في الدلالة على النسب (البعضية). وعليه لا علاقة لهذا الأثر بموضوعنا المتعلق بالبصمة حيث كانت أوثق حتى من الزواج في الدلالة على البعضية ومن ثم النسب.
أما قولكم إن الفقهاء مجمعون على إثباته لصاحب الفراش فغير دقيق إذ الإجماع قائم على النسبة إلى الفراش إذا لم يثبت بالقطع أن هذا الولد ليس من هذا الزوج، ولذلك لم ينسبوه للفراش إذا جاءت به دون ستة أشهر وإذا استحال الجماع بين الزوجين كمشرقي أو مغربية أو كان في الزوج عيب يمنعه من الوطء كأن يكون مجبوبا أو ممسوح الذكر. وحتى في حالات الظن الغالب بأن الولد ليس من صاحب الفراش فليس ثمة إجماع على أن الولد للفراش فقد ثبت عن جمع من الصحابة نفيهم أولاد إمائهم، وثبت عن معاوية استلحاقه ولد الزنا. (والقصد هنا نفي الإجماع المزعوم لا تصحيح فعل معاوية ولا فعل من نفى من الصحابة من جاءت به إماؤهم من أولاد).

هذا تحقيق لحكم الزنا عليها قبل فعل اختبار الصبغة الوراثية وقد قدمنا الكلام فيه ، ثم نسبه ثابت بحصوله بكونه ولد في فراشه.
فإن قلتم : بل بفحص الصبغة .
قلنا : هل لو شك الزوج ولم يرد أن يقوم باختبار الصبغة الوراثية ، وغلب على ظنه أن الولد ولده، هل يثبت الولد له أم لا ؟
إن قلتم : يثبت نسبه إذا لم يرد لزوج القيام باختبار الصبغة اعتماداً على غلبة ظنه.
قلنا : فهل حصل بذلك حفظ النسب أم لا ؟
إن قلتم : لا.
قلنا : فلم أجزتم الاستعاضة به عن اختبار الصبغة.
وإن قلتم : نعم.
قلنا : فعلى ما اعتمدتم في قولكم بحصول حفظ النسب؟
إن قلتم : بالولادة على فراشه.
قلنا : فيمكن الحفاظ على النسب ودرأ الحد من غير اللجوء إلى الصبغة الوراثية ، فإن أمكن ذلك بعدم لجوء الزوج إلى الفحص لأنه لم يرد ذلك ، فهلا قلتم بعدم جواز اختبار الصبغة وحافظتم على النسب ودرأتم الحد معه باعتماد ما اعتمده الشرع (الولد للفراش)
أما إن قلتم : إنه لا يجوز اعتماد الولادة على الفراش حتى لو أراد الزوج ذلك ما دام احتمال كونه ليس ولده وارداً.
قلنا : يكفي تصور الفساد الذي يحصل بإجبار جميع الناس على القيام بالفحص ما دام هناك احتمال ، وأنه إن لم يفعلوا فلا نسب!
لم أفهم الغرض من هذه المجادلة. لكنها تصب في النهاية بـ "الولد للفراش" وقد ذكرنا توجيه الحديث والاعتراض على الاستدلال به، وأن البصمة أقوى منه في إثبات النسب. قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا) فأضاف النسب إلى الماء لا إلى الفراش والعقد. و"قال جريج لولد الزنا: من أبوك؟ فقال أبي فلان الراعي" فدل هذا على أن المقرر للنسب هو الماء وأن اعتبار الفراش إنما كان لأنه مظنة الماء ليس إلا، وهذا لا أعلم فيه خلافا بين الفقهاء. والقاعدة الأصولية تقول: إذا حصل يقين المئنة فلا اعتبار بالمظنة. وهذا هو مذهب الجمهور من الأصوليين ومثلوا له بالمشرقي ينكح مغربية، وعليه لا يثبت النسب رغم وجود الفراش، فانظره في كتب الأصول تزدد يقينا.

قد وافق عمل الشرع بعضها ، فلو أني تخيلته في منامي لكانت موافقة الشرع له كافية ، على أنكم لم تذكروا لنا شيئاً عن الإحصائيات المثبتة لحصول جريمة الزنا بسبب عدم البعضية.
ثم كون هذه الأسباب قاصرة على المجتمعات الإسلامية ، فذلك لأن المراد حكم اعتماد الصبغة الوراثية شرعاً ، وهي مسألة متعلقة بالمجتمع الإسلامي ، فكأنكم أثنيتم علينا بتنبهنا لكون المسألة تتعلق بالمجتمعات الإسلامية خاصة.
أما المجتمعات غير المسلمة فعلاجها ليس هو الصبغة ، بل هو الدخول في الإسلام أو النزول تحت حكمه.
دعواي كانت هو أن كثيرا من حالات اعتداء الآباء على أبنائهم تعود في أسبابها إلى علاقة الشك في البعضية. وهذه فرضية تحتاج إلى البرهنة عليها لذلك فأنا لم أبن عليها شيئا وإنما قلتها استطرادا، فلا يسعني إلا سحبها وكذا أنتم تسحبون ما يقابلها ما لم تشفعوه ببرهان استقرائي إحصائي دقيق.
ثم ظهر أنها بريئة ، فماذا نفعل ؟
ماذا عن كل ما قدمناه عن المفاسد اللاحقة بها ؟
أنقول لها : عفواً كنا نظن أنك زانية ، وعليه فكنا نظن أن حقك مهدر في مقابلة إثبات النسب ، والآن عرفنا أنك لست بزانية وأن حقك ليس بمهدر ؟
ثم إنه بحسب معلومي أن القانون في الدول العلمانية لا يجبر أحد على القيام بالصبغة الوراثية ، فكيف تكونون أنتم أقل مراعاة لحقوقها من هؤلاء العلمانيين ؟
يا شيخ وضاح لا توجد مفاسد ولا ما يحزنون، وأنت بنيت قصورا في الهواء. المسألة بسيطة جدا يأخذ الزوج عينة من ولده (شعرة أو مخاط أو قلامة ظفر أو أي شيء) ويذهب إلى المختبر ويطلب منه إجراء مقارنة بين هذه العينة وعينة منه. فإن ثبت له التطابق "كان الله بالسر عليم"، ولا توجد فضيحة ولا أذى، والزوجة لا تعرف بذلك أصلا، ويطمئن بال الزوج وتحسن علاقته بأهله. وإن ظهر عدم التطابق حينئذ تكون المرأة زانية (وربما لا تزال) فعليه أن يصارحها بالأمر: فإن اعترفت طلقها وذهبا إلى القاضي لنفي النسب عن الولد باتفاقهما معا ودليلهما فحص البصمة، وللقاضي أن يجري تحقيقاته في هذا الخصوص ويعيد الفحص في أكثر من مكان. وإن لم تعترف بالزنا وأنكرت فلا أراه إلا واجبا على الزوج أن يلاعنها وينتفي من ولدها. والله أعلم.
ومن الغريب أنك تريدني أن أساير العلمانيين في قضايا حقوق المرأة؟ وأنت تعرف ما يريدون.
ثم إني لا أرى الإجبار في هذا بل الأمر لا يعدو مجرد فتوى بجواز إجراء الفحص من قبل الزوج أو الزوجة إذا قامت لدى أحدهما شكوك في انتساب الولد إلى أبيه. والأصل في الأفعال الإباحة وعلى من يدعي التحريم الدليل وهو ما لم يأت به محرمو إجراء فحص البصمة لا من النص ولا من النظر. وكل ما جاؤوا به أوجه نظرية واهية تكاد تنحصر في "التستر" على الزانية، والمحافظة على الأسر المبنية على فساد وخداع وخيانة وشك.
والله أعلم.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

بارك الله فيك شيخي الفاضل . لقد قلت كل ما اردت وزدت عليه . وأُضيف كم من امرأة أتهمت كذبا وقتلت وبعد الفحص تبين أنها عذراء . كم من إمرأة اختطفت وبعد العثور عليها طبق عليها الحد أي القتل كأنها هي الجانية . وما حصل للمعتقلات في سجون الإحتلال لا يخفى على حضراتكم . فور خروجهن من ظلم الأعداء الكافرين لعنهم الله يقتلن . فكيف اذا اعطية للأطباء الحق في إفشاء اسرار ظنية
يبدو أخي الكريم أنه ليس لديك تصور واضح عن فحص البصمة وقد بنيت ما قلتَه على أنه ظنية. وهذا ما لا يكاد يقوله أحد الآن، وقد أفتت المجامع الفقهية بأنها قطعية. والخلاف إنما هو في شيء وراء ذلك. وشخصيا لا أميل إلى ثبوت حد الزنا بالبصمة حتى الساعة، أما النسب ثبوتا وانتفاء فشأن آخر
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

يا شيخ وضاح لا توجد مفاسد ولا ما يحزنون، وأنت بنيت قصورا في الهواء. المسألة بسيطة جدا يأخذ الزوج عينة من ولده (شعرة أو مخاط أو قلامة ظفر أو أي شيء) ويذهب إلى المختبر ويطلب منه إجراء مقارنة بين هذه العينة وعينة منه. فإن ثبت له التطابق "كان الله بالسر عليم"، ولا توجد فضيحة ولا أذى، والزوجة لا تعرف بذلك أصلا، ويطمئن بال الزوج وتحسن علاقته بأهله. وإن ظهر عدم التطابق حينئذ تكون المرأة زانية (وربما لا تزال) فعليه أن يصارحها بالأمر: فإن اعترفت طلقها وذهبا إلى القاضي لنفي النسب عن الولد باتفاقهما معا ودليلهما فحص البصمة، وللقاضي أن يجري تحقيقاته في هذا الخصوص ويعيد الفحص في أكثر من مكان. وإن لم تعترف بالزنا وأنكرت فلا أراه إلا واجبا على الزوج أن يلاعنها وينتفي من ولدها. والله أعلم.
ء
ما أحسن هذا التصوير لحل المشكلة بهدوء وعقلانية تحفظ البيت من الهدم، وتحفظ النسب من الضياع، وتريح الزوج وتطمئنه على طهارة بيته
ويبقى الحل لمشكلة الطبيب الذي اطلع على الأمر دون الزوج، إن أخبر به هدم الأسرة وإن تستر ضيع الأنساب
وهذه المسألة بينه وبين ربه حيث لا يجبره عليها أحد، فلو تكتم لم يخالف قانونا (فالقانون لا يجبره على البوح بأسرار المرضى ولو كانت فيها مخالفات شرعية)
ولكن
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
قول فضيلتكم :
[هذا ليس بلازم، فكثير من الحقوق لا يتحرك لها القضاء إلا بطلب من صاحب الحق ـ خذ نفقة الزوجة مثلا ـ وهذا لا يسقط كونها مقصدا شرعيا]
هذا لا يلغي أن تحصيله مطلوب من الجميع ، وتمثيلكم بالنفقة يدل عليه ، فإنه لو قضى عليه القضاء بالأداء فلم يفعل مستعيناً بالمماطلة أو بشهود زور على أنه أدى أو غير ذلك ، فمن عرف ذلك وقدر على إلزامه بالأداء فعلاً ثم سكت ولم يفعل شيئاً ، فقد أثم ، لأنه ترك مقصداً طلبه الشرع هو قادر على تحصيله.
والنسب ـ بحسب ما يذكره المقاصديون قديماً وحديثاً ـ مقصدٌ كلي ، فكان الواجب أن نقول : متى تركه الزوج مع قدرته عليه وجب إلزامه به .
[لم أفهم ما تعني تماما فليتك توضح]
معناه أن الزوج لا يلجاً إلى فعل البصمة إلا وقد جوز عدم العفة ، فلا ينفع حينئذٍ جعلها أصلاً.
[المتهمة بالزنا من زوجها لا تعدو حالين: أحدهما أن تكون زانية، وهنا تظهر المصلحة في حفظ النسب كما قلنا وتقديم ذلك على مصلحة الزانية بالستر. والحال الأخرى أن لا تكون زانية وهنا تثبت البصمة براءتها من التهمة]
المطلوب معرفة حكم فعل اختبار البصمة الوراثية ، وفعلها كائن قبل ثبوت التهمة أو انتفائها جزماً ، وعليه فالمطلوب معرفة حكم فعل هذا الاختبار وهي متهمة فقط ، فالاستباق بإثبات التهمة قبل وضع الحكم يؤثر عليه ، والواجب على الفقيه أن يقدر إمكان الجميع قبل وضع الحكم ، حتى يقدر فيه كل احتمال فتجتمع عنده مصالح ومفاسد المحكوم عليه كلها على كل تقدير ، ثم يعطِ الحكم.
[وفي هذا مصلحة كبيرة للمرأة والزوج والولد]
المصلحة الكبيرة هي ثبوت النسب الذي هو موضع الخلاف بيننا فلا ينفع دليلاً ، وقد قابلناه بمفاسد أجبتم عنه إجابة إجمالية خارجة عن موضوعها ، وسيأتي.
[ ألا ترى أن النبي فرح بقول القائف في أسامة بن زيد وأبيه لما تضمنه ذلك من نفي عدم الشرعية عنه ]
ألا تراه لم يطلب منه فعل ذلك ؟ ألا تراه لم يطلبه من غيره ممن ذكرناهم في حوارنا معكم في (نكاح البنت من الزنا) .
ثم نقول : فرح صلى الله عليه وسلم بذلك ، فكان ماذا ؟
[وألا ترى أن أكثر المعاصرين أجاز البصمة إذا كان بطلب من الزوجة، لأن في ذلك تبرئة لها مما يتهمها به الزوج.]
ألا ترى أن إجماع المتقدمين لم يؤثر عندكم شيئاً ، فإن لم يكن إجماع منهم فهو قول جمهورهم ، فلماذا يؤثر اتفاق أكثر المعاصرين دون أكثر المتقدمين ؟
[وأنا أستغرب دعواكم بأن إجراء فحص البصمة من الزوج فيه تلطيخ لسمعة الزوجة وفضح لها، كأن الرجل إذ يذهب لإجراء الفحص سوف يعقد مؤتمرا صحفيا يخبر فيه عما سيفعل]
لا تحتاج الفضيحة إلى مؤتمر صحفي ، ومجرد إمكان الستر لا يمنع إمكان الافتضاح ، وأنت إن قلت بجواز فعل الصبغة الوراثية فقد أجزتها للناس جميعاً صالحهم وفاسقهم ، ولا يمكنك أن تقول : يجوز فعل هذا الاختبار للصالحين فقط ، بل لو فعلت ذلك ، لادعى عامة الفسقة الصلاح. وهؤلاء لا يوثق بكتمانهم إن ادعوه أصلاً.
وقد امتلأ التلفاز بهذه الإتهامات السخيفة بحيث أني أستغرب استغرابكم ، آخرها اليوم قبل النظر في موضوعكم في برنامج (صبايا الخير) وفي الحقيقة القضية المتعلقة بموضوعنا حصلت في الأسبوع السابق وما جاء اليوم تكلمة لتلك الحلقة.
وعموماً سنذكر قريباً الصورة الواقعية المؤدية إلى فعل البصمة الوراثية.
[ الأمر عادة يتم بسرية ولا يعلم به إلا الزوج والطبيب]
في الحقيقة أنا لا أعرف هذه العادة ، بل العادة عدم القيام بهذا الإختبار ، وفعله خارج عن العادة.
[فإن ظهر الولد له، حققنا مصالح كثيرة وأزلنا كثيرا من الألم النفسي عند الزوج الناجم عن الشك، وووفرنا أسباب السكن النفسي والمودة بين أفراد الأسرة، وهو مقصد أساس في الزواج]
كأنكم لم تقرؤوا مشاركتنا السابقة ، وعلى الأقل لو بينتم لنا أن ما ذكرناه من المفاسد ليست بمفاسد لعلنا رجعنا إلى قولكم.
لا شك أنكم لا تتصورون أن يأتيَ الرجل لامرأته ويقول لها : تعالي نفعل اختبار الصبغة الوراثية لأتأكد إن كان هذا الولد مني ، وتقول هي : حاضر. ثم تظهر النتيجة إيجابية ويعيشون في تبات ونبات.
أنا أسأل نفسي ماذا سيكون رد الفعل الأول عند إخبار الزوج زوجته أنه يشك في كون فلان ابنه ؟
هل ستأخذ الموضوع ببساطة ؟
ثم بعد تأكيدها له ، بالأيمان وغيرها ـ كما هو متصور في قضية واقعية لا قصة خيالية ـ إن أصر الزوج على القيام بفحص البصمة الوراثية ، تصور كيف تكون حالتها النفسية.
ثم النساء هنا يختلفن ، فمنهن من قد لا تقبل هذه التهمة أصلاً وتطالبه بأنه إن لم يثق بها فليتركها في بيت أهلها.
وضاع المقصد الأساس!
ومنهن من قد لا يبلغ بها الأمر ذلك ، لكنها مع ذلك لا تقبل التهمة أصلاً وستطالبه بالاعتذار وستدخل أهلها في الموضوع. وطبعاً هذا لن يذهب الألم النفسي المذكور ولا سيترتب عليه السكن النفسي والمودة بين أفراد الأسرة.
ومنهن ـ وبخاصة المنكسرات منهن ـ قد تصدم ولا تدري ما تفعل وستنكفء على نفسها تبكي ، حتى إذا هدأت نفسها قليلاً ـ وقد كتمت في صدرها من القهر ما كتمت ـ سيأتي زوجها ليصدمها الصدمة الثانية : تعالي نعمل اختبار الصبغة ، لتعود هي إلى البكاء مرة أخرى ، لكن هذا الطلب قد يجرئهن على الشكوى إلى الأهل ، ومن كانت أكثر انكساراً وبخاصة زوجات من لا يخاف الله في زوجاتهن القساة الغلاظ ، فستأخذ دوراً ثانياً في البكاء حتى إذا تعبت ولم تقدر على البكاء أكثر إما أن تعمل بنفسها شيء أو تذهب مع زوجها وهو ترتجف ـ وبخاصة إن كانت أمية لا تعرف عن الصبغة الوراثية شيئاً ـ فستبقى تقدر في بالها ما سيعمل زوجها إن أخطأت النتيجة ، ومن عرفتها لن تكون سعيدة وهي ذاهبة مع زوجها لعمل الاختبار ، منتظرة أن تحقق مقصداً أساساً في الزواج.
ثم إن ظهرت النتيجة إيجابية وأن الإبن لزوجها فلا تتصور أن السكينة والمودة ستأتي في ظرف مع نتيجة الفحص ، بل ستبقى هذه التهمة من زوجها ملازمة لها حياتها .
(أنا وأنا أكتب هذه الكلمات أتفكر في بعض المشاكل العادية التي حصلت بيني وبين امرأتي في أول زواجنا ، والتي تذكرها حتى يومنا هذا كلما جد بيننا خصام ، أتعرف يا دكتور أن امرأتي تذكرني بأني علقت بسوء على طبختها الـ(صانونة) وهي إدام تصنعه النساء على الأرز عندنا ربما صاحبه اللحم أو السمك وربما اقتصر على الخضار ، أتعلم أنها تذكرني بذلك والقهر بادي بعينيها لأنها كانت عروس تريد من يثني عليها في كل ما تفعل ، مما يدفعي ، حتى يومنا هذا ، أن أعتذر بشكل مستمر وأن أراضيها ما استطعت بما استطعت ؟!)
[ولا توجد هنا أي فضائح]
تصور هذه المرأة ونحن نخبرها أنها حققت النتيجة المرجوة ، ونقول لها : أرأيتي ولا فضائح ولا حاجة.
ما قيمة هذا التطمين لها.
[ أما إذا ظهر أن الولد ليس له، فمن حقه نفيه كما بينا سواء لاعن أو لم يلاعن. أما الزوجة فهي في هذه الحالة زانية يقدم حق الزوج في حفظ نسبه على الستر عليها الذي هو مندوب في الجملة لا أكثر]
ليست هذه هي الحالة التي نجيز فيها الصبغة ، بل هذه الحالة الكائنة بعد القيام باختبار الصبغة ، حيث لم يعد من المفيد أن نعطي هذا الاختبار حكماً.
[وبالنسبة للشكوك فهذه تختلف من شخص لآخر، وقرائن الزنا لا تنضبط وما يبدو لأحدهم سلوكا مريبا قد يكون غير مريب عند آخر، فالضابط هنا شخصي لا موضوعي]
بل هذا التفاوت هو الموجب لوضع ضابط لا نتجاوزه ، وإلا فقد أبحت حتى لأصحاب الوسواس اتهام الزوجات بوساوس أذهانهم ، وقبل الكلام عن هذه الحالة باعتبارها مستثناة ، لا بد من التنبيه على أننا نعيش في واقع لا في قصة خيالية ، هذا الواقع يكثر فيه أصحاب الوسواس ذوي السلوك الطبيعي الذين لا يعترفون بهذا المرض ، والذين لا يعلمون به ظناً منهم أنهم طبيعون ، بل نحن لا نحتاج إلى تقدير هؤلاء ، فإن الفسق داعٍ كافٍ لوضع حد لا يتجاوزه الرجال في رمي التهم جزافاً على الناس ولو نساءهم.
[ ولا نرى دليلا مقبولا قدمه المانعون يفيد التحريم]
يكفيهم قوله سبحانه : {والذين يُؤْذُونَ المؤمنين والمؤمنات بِغَيْرِ مَا اكتسبوا} ثم نقول : لو ظهرت بريئة فهل يجوز لها المطالبة بإقامة حد القذف عليه أم لا ؟
إن قلتم : لا.
فلا شك حينئذٍ أنكم أبحتم له أن يؤذي زوجته من غير خوف عقاب أصلاً.
[أنى لكم أن عذاب الدنيا (الحد) غير مقصود الإيقاع؟!]
أما الحد من حيث هو حد ، فلا نقول بأنه غير مقصود ، كيف وقد شرعه الله ، ولكن تنزيله في كل قضية مع إمكان نفيه فنقول ليس بمقصود لما قدمناه ولما روي عن السلف من طلب رده بالشبهات وأن الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة ، ولما قدمناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ماعز وغيره ، ومورد كلامي غير مورد كلامكم.
[وفي خصوص زنا الزوجات فقد ورد في حديث أبي هريرة أن سعد بن عبادة قال لرسول الله عليه السلام: ((أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلا أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء قال: نعم)). (رواه مسلم وغيره). وفيه دلالة على قصد النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد لأنه أذن في الإمهال لجلب الشهداء ولم يأمر بالستر في هذه الحالة. قال الطحاوي: "فتأملنا هذا الحديث لنستخرج ما فيه من الفقه ووجدنا الواجب على المسلمين تغيير المنكرات وزجر أهلها عنها وكان في ترك سعد الرجل الذي وجده مع امرأته على ما وجدهما عليه ترك لهما على التمادي فيما هما فيه من المعصية وقد أطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم له ذلك فكان ذلك عندنا والله أعلم لتقوم الحجة عليهما بما هما فيه حتى تقام عليهما عقوبته، وفي ذلك ما قد دل على أن مثل هذا حتى تقام عقوبته مطلق وفيه الحجة لمن يقول في أربعة شهدوا على رجل وامرأة بالزنا فقالوا تعمدنا النظر أنهم في ذلك محمودون وأن شهادتهم عليه مقبولة إذ كانوا إنما فعلوا ذلك ليقام حد الله فيه على من يستحقه. وهكذا كان أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد يقولونه في هذا".]
أقول : بل الحديث أدل على عكس ما ذكرتم ، فإنه كالتخويف له من اتهامها ابتداءً واشترط عليه شرطاً لو سعى لتحصيله لانتهت الجريمة ، وهذا من تشديده صلى الله عليه وسلم على من أراد الاتهام.
على أن المسألة مبنية على رؤية الزوج ، وفي هذه الحالة فالتهمة ثابتة بعلم الزوج والزوجة ، فإن اختار العيش معها ، وأراد التحقق من كون الولد ولده ، فينبغي أنها لا تعارض ذلك أصلاً ، لكن قضاءً فالأمر بخلاف ذلك ، لأن القاضي لا يعلم بصدق الزوج في الرؤيا ، فلها أن ترفض طلبه وأن يلجأ هو إلى الملاعنة ، وقد زعمتم أنها مشروعة لإثبات النسب وإقامة الحد ، فليفعله ، ثم لو تكلمنا عن الصبغة الوراثية حينئذٍ خاصة ، كان للكلام مجال.
[ومن الدلائل أيضا على قصد الشارع إيقاع الحد على المرأة الزانية في اللعان قوله صلى الله عليه وسلم في شأن من لاعنت ثم أتت بالولد على الشَّبه المكروه: "لولا ما مضى من كتاب الله عز وجل لكان لنا ولها شأن". وفي رواية: "لولا الأيْمان لكان لي ولها أمر]
وهذا أيضاً خارج عن كلامنا ، فإنه في صورة قد انتشرت وأعلنت ، فما الذي يخافه صلى الله الله عليه وسلم من إقامة الحد فيما يتعلق بالفضيحة خاصة ، ثم إن حكم الكتاب الذي جاء على خلاف ما هم به رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بد له من حكمة ، وأزعم أنه تسكين ثائرة الناس عن الخوض في شأن الزانية ، حداً لإشاعة الفاحشة ، فإن لم يكن المقصد الأساس ، فلم لا يجوز أن يكون مطلوباً مع غيره.
[ والمعنى أنه رأى أنها تستحق العقوبة لولا ما جعل الله لها من مخرج بسبب عدم وجود البينة]
استحقاق العقوبة غير قصد إيقاعها.
[أما ما أوردتموه من الحديث فالمقصود بالحد في ذلك الصغائر]
ظاهر الحديث خلافه ، فقد صرح الصحابي بأنه حد في كتابه الله وطلب إقامته ، وهذا كتاب الله بين أيدينا فأرشدونا إلى الصغيرة التي ورد فيها حد !
[ وقد ورد في بعض طرقه أن ذلك الرجل كان قد قبَّل امرأة، ولفظ الحد في الشرع أعم مما ورد بحقه عقوبة مقدرة. ومن الخطأ ما وقع به البعض من تنزيل ما ورد في الأحاديث من لفظ الحد على اصطلاح الفقهاء في تعريف الحد]
لم يسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك الحد ، فدل على عموم قصده صلى الله عليه وسلم.
[اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وضاح أحمد الحمادي :
لا نسلم أن لازم جعل الستر مقصداً لزوم إباحة لعنها ، لأن المراد أنه متى أمكن دفع الملاعنة رأساً بسبب صحيح فإنه خير من إلجائهم لها ، يدل عليه حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي فَزَارَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟) قَالَ : نَعَمْ. قَالَ : (فَمَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ) قَالَ : (فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ) قَالَ : إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا. قَالَ : (فَأَنَّى تَرَى أَتَى ذَلِكَ) قَالَ : عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَهَذَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ). ولو كان النسب مقصودا شرعيا شرعت الملاعنة من أجله كما قلتم ، لأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إليه .]​
ما قلناه هو أن
اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. أيمن علي صالح: اللعان يقصد به إقامة الحد على المرأة في الأساس ونفي النسب تابع]​
الذي علقت عليه هو قولكم :
[والذي يلزم من قول من قال بأن الستر على الملاعنة مقصود هو أنه يجوز لها أن تلعن نفسها كذبا، لأنه لا يحصل لها الستر إلا بذلك]
فلا علاقة لما ذكرتموه هنا بجوابنا. [أما حديث رجل بني فزارة وإن كان يمكن أن يحتج به على عدم مشروعية اللعان لمجرد اختلاف الشبه بين الولد والوالد، فلا يصلح الاحتجاج به على عدم مشروعية إجراء البصمة واعتماد نتائجها، لأن الحديث معلل بـ "لعله نزعه عرق" وهذا التعليل ينتفي في حالة البصمة باعتبارها قطعية أو شبه قطعية فلا احتمال لنزع العرق معها. والأصل أن تزول الأحكام بزوال عللها]
المطلوب معرفة حكم إجراء الصبغة ، والقطعية هنا حاصلة بعد الاختبار لا قبله ، أما قبله فلا قطع ، فلا تفيد القطعية في الحكم شيئاً.
[الستر مقصد نعم لكنه حيث يتعارض مع حفظ النسب يقدم حفظ النسب عليه لأنه ضروري. وقد أفضنا في تكرار هذا الجواب مع بيان وجهه. ومع ذلك ما زلتم تعودون لنفس هذه الحجة وإن بأساليب مختلفة]
لو كنتم أجبتم عنه لما احتجنا إلى تكرار الجواب.
[اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وضاح أحمد الحمادي :
ومن الوسائل التي تدرأ بها التهمة عن المرأة المتهمة [ وليست الزانية يا دكتور ، فإن الكلام بعضه كلي في المتهمة قبل ثبوت التهمة وبعضه مخصوص بثبوت التهمة وبعضه مخصوص بعدم الثبوت ، وأنتم جزمتم بكونها زانية وشرعتم اختبار البصمة الوراثية الذي يشملها ويشمل من لم يثبت زناها ومن ثبت عدم زناها].
أجبنا عن هذا وقلنا بأنها سواء كانت زانية أو لا فعلا كلا الحالين يحقق اختبار البصمة مصلحة شرعية: إن كانت زانية فبحفظ نسب الزوج وإن لم تكن زانية فبنفي التهمة عنها واستقرار الأسرة وسكنها]
قد تكلما عن هذه المصالح ، وعلى أقل تقدير هي مصالح غير متفق عليها (من جهة عدم الدليل أنها ستحصل بالاختبار ، ومن جهة أنها معارضة بمفاسد قدمنا ذكرها)
[أولا الأثر ضعيف ولا أظن ذلك خافيا عليكم]
إنما ضعفه الشيخ الألباني من أجل رباح وهو تابعي ، والألباني يسوي بين الكلام في الجهالة في التابعين والجهالة فيمن بعدهم ، وعامة المحدثين على خلافه كما نبه عليه المعلمي في مقدمته على (التنكيل) [تنبيه لا أقصد بمقدمة التنكيل (الطليعة) بل مقدمة لتنكيل نفسه] ، وقد صححه غيره كالضياء المقدسي في (المختارة) ، وعلى كل حال ، فقد ثبت عمل الصحابة بظاهر حديث (الولد للفراش) كعمر بن الخطاب ومعاوية بن أبي سفيان بل عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في قضايا الشبه فيها كان للزاني.
[ ثانيا. زوجته رومية شقراء وهو أسود فمن الطبيعي أن يأتي بعض الأولاد سود وبعضهم بيض ]
على هذا لا يجوز العمل بكل اختلاف في الشبه ، ونستثني منه ما كان طبيعياً ، وإلا فما فائدة الإجابة بمثل هذا ؟
[ ثالثا: ولذلك كان حكم عثمان رضي الله عنه دائرا مع الظاهر حيث إن الفراش ـ في زمنهم ـ أوثق شيء في الدلالة على النسب (البعضية)]
لا نسلم بأنه أوثق شيء ، بل الشبه في قضية عبد بن زمعة كان أقوى ، لذا امر النبي صلى الله عليه وسلم ام المؤمنين سودة بالاحتجاب عنه ، وكذا هو ظاهر جداً في قضية عثمان ، بل تصريح امرأة رباح بأنه من يوحنس يدل على أن الشبه عندهم أظهر من الفراش ، لذا سارعت في نسبته إلى يوحنس.
[أما قولكم إن الفقهاء مجمعون على إثباته لصاحب الفراش فغير دقيق إذ الإجماع قائم على النسبة إلى الفراش إذا لم يثبت بالقطع أن هذا الولد ليس من هذا الزوج، ولذلك لم ينسبوه للفراش إذا جاءت به دون ستة أشهر وإذا استحال الجماع بين الزوجين كمشرقي أو مغربية أو كان في الزوج عيب يمنعه من الوطء كأن يكون مجبوبا أو ممسوح الذكر]
هذا مع قيام المانع ، أما مع عدم قيامه فالإجماع مستقر عليه ، واختبار البصمة ليس بمانع ، لأن قطعيته حاصلة بعد القيام به والمطلوب معرفة حكمه قبل ذلك حال كون الإجماع باقياً.
[ وحتى في حالات الظن الغالب بأن الولد ليس من صاحب الفراش فليس ثمة إجماع على أن الولد للفراش فقد ثبت عن جمع من الصحابة نفيهم أولاد إمائهم، وثبت عن معاوية استلحاقه ولد الزنا (والقصد هنا نفي الإجماع المزعوم لا تصحيح فعل معاوية ولا فعل من نفى من الصحابة من جاءت به إماؤهم من أولاد]
لا كلام في جواز نفي النسب عند قيام الداعي على نفيه ، لكن الكلام في إثبات النسب بالفراش ، فهذا الثاني قام الإجماع على القول به .
[لم أفهم الغرض من هذه المجادلة]
بيان حصول المقصود الشرعي من غير حاجة إلى فعل البصمة.
[لكنها تصب في النهاية بـ "الولد للفراش" وقد ذكرنا توجيه الحديث والاعتراض على الاستدلال به، وأن البصمة أقوى منه في إثبات النسب. قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا) فأضاف النسب إلى الماء لا إلى الفراش والعقد.]
وأثبت النبي صلى الله عليه وسلم الولد لصاحب الفراش لا صاحب الماء ، فلا تضرب النصوص بعضها ببعض ، بل يعمل بجميعها ، إذ الأصل أن الماء لصاحب الفراش ، وحيث لم يقم دليل قاطع على ذلك ، فلا دليل على وجوب تحصيله ، بل ينسب لصاحب الفراش للحديث ، ولصاحب الماء ـ إن كان هو العاهر ـ الأثلب.
[و"قال جريج لولد الزنا: من أبوك؟ فقال أبي فلان الراعي" فدل هذا على أن المقرر للنسب هو الماء وأن اعتبار الفراش إنما كان لأنه مظنة الماء ليس إلا، وهذا لا أعلم فيه خلافا بين الفقهاء]
ونحن باقون على هذه المظنة لا نخرج عنها لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، إلا حيث استحال ذلك أو قام مانع منه كما قدمتم.
[ والقاعدة الأصولية تقول: إذا حصل يقين المئنة فلا اعتبار بالمظنة]
والمئنة ليست بحاصلة قبل القيام باختبار الصبغة ، وحصولها بعده متوقف على جواز القيام به ، والمظنة حاصلة قبله ، وانتفائها بالصبغة غير يقيني لجواز إثبات الاختبار للمظنة .
[دعواي كانت هو أن كثيرا من حالات اعتداء الآباء على أبنائهم تعود في أسبابها إلى علاقة الشك في البعضية. وهذه فرضية تحتاج إلى البرهنة عليها لذلك فأنا لم أبن عليها شيئا وإنما قلتها استطرادا، فلا يسعني إلا سحبها وكذا أنتم تسحبون ما يقابلها ما لم تشفعوه ببرهان استقرائي إحصائي دقيق]
لا حاجة لي بحسبه لوجهين :
الأول أن اعتبار الشرع لبعضها مغنٍ عن تطلب الإحصاء بالاستقراء.
الثاني : أنه مبني على ما ذكرتموه فسحبكم له ينسحب على كلامي مباشرة.
[يا شيخ وضاح لا توجد مفاسد ولا ما يحزنون]
هذه مصادرة ، ودفع بالصدر ، ولا حيلة لي معه.
[ومن الغريب أنك تريدني أن أساير العلمانيين في قضايا حقوق المرأة؟ وأنت تعرف ما يريدون]
قد أردتم منا ذلك حين أشرتم إلى أن الأسباب التي ذكرتها لزنا المحارم لا توجد إلا في المجتمعات الإسلامية ، وهو إشارة إلى أنها ليست كذلك في المجتمعات غير المسلمة ، فلولا أنكم ذكرتموه استدراكاً ما ذكرتموه أصلاً.
[ثم إني لا أرى الإجبار في هذا]
وعليه إن علمت المرأة ورفضت ، فكيف يفعله الزوج بلا إجبار ؟
هذا والله سبحانه أعلم.
اعذرني يا دكتورنا الفاضل على الإجابات المقتضبة ، ولكن لم يعد يسعفني الوقت على الكتابة ، وكل ما أقدر عليه هو فتح الموقع وإبقائه وتصفحه فقط ، بل ربما فتحت الموقع ثم لم أجد الوقت للتصفح.
حتى أني لما عانيت مشكلة مع الإقتباس قمت بسرعة بنسخ الموضوع والتعامل معه رأساً.
ولولا أني أعلم أن هذا الموضوع مدارسة واستفادة لما استجزت التكلم فيه هكذا.
 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

وإن لم تعترف بالزنا وأنكرت فلا أراه إلا واجبا على الزوج أن يلاعنها وينتفي من ولدها
. اين يطبق اللعان لو طبق اللعان لما خالفناك فيما تقول . المصيبة ان اعداء الاسلام كتبوا لنا دستورنا واملوه علينا . واصبح الناس يطبقون الاحكام جزافا بلا رادع . لو طبق الشرع لانتهت هذه المشكلة
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

حفظك الله أخونا زياد
اين يطبق اللعان لو طبق اللعان لما خالفناك فيما تقول
بلى ولو طبق ، لما وجب موافقته ـ مع تمام محبتنا لك يا دكتور ، لكن حبنا لك لا يمنع اختلافنا معك ـ وذلك لأن القذف من الموبقات السبع ، ولذا هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجلد الزوج مع أنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمشاهدته الفعل عياناً ، وهو أقوى في الإثبات من إخبار الطبيب بأن نتيجة الاختبار كانت إيجابية أو سلبية ، فكيف نجيز له قذفها ، ونرفع عنه العقوبة إذا لمجرد أنه قرن قذفه بطلب فحص الصبغة.

والله أعلم
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

بلى ولو طبق ، لما وجب موافقته ـ مع تمام محبتنا لك يا دكتور ، لكن حبنا لك لا يمنع اختلافنا معك ـ وذلك لأن القذف من الموبقات السبع ، ولذا هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجلد الزوج مع أنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمشاهدته الفعل عياناً ، وهو أقوى في الإثبات من إخبار الطبيب بأن نتيجة الاختبار كانت إيجابية أو سلبية ، فكيف نجيز له قذفها ، ونرفع عنه العقوبة إذا لمجرد أنه قرن قذفه بطلب فحص الصبغة.
والله أعلم
أحبك الذي أحببتني له
يبدو يا شيخ وضاح أنك مشغول بالفعل، حتى إنك لم تميز ما أقوله مما يقوله غيري...(ابتسامه).
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

أخي الحبيب وضاح أسعدني ردكم، ولا ضير في الخلاف بل على العكس الخلاف يذكي النقاش ويفتح الذهون، ولولاه لما حصلنا كل هذه الفوائد.
وفي كلامكم الأخير كثير مما يُتعقَّب لكن يطول مع ذلك النقاش من غير ثمرة تفي بالعناء.
يبدو لي من خلال مجمل مشاركاتكم أنكم تتفقون معي:
1. أن البصمة قطعية أو في حكم القطعية.
2. أن الأصل في النسب هو الماء وأن الفراش هو مظنة وليس مئنة.
3. أنه عند القطع بأن الولد ليس من الماء فإنه لا ينسب للفراش في الحالات التي ذكرها الفقهاء كأن تأتي المرأة بالولد لدون ستة أشهر، أو أن يكون النكاح والطلاق في مجلس واحد، أو أن يكون الزوج فاقدا للماء أصلا كأن يكون ممسوحا.
4. أن إجراء البصمة باتفاق الزوجين جائز.
وقد تركز خلافنا في آخر المشاركات حول أنه هل يجوز للزوج وحده إجراء فحص البصمة أم لا بد من رضا الزوجة. أنا أقول بأنه لا يحتاج إلى رضا الزوجة ولا إلى علمها، وأنتم ترفضون ذلك. وجوهر احتجاجكم في ذلك أن إجراء الزوج للبصمة يتضمن اتهاما لها بالزنا وهو أذى للمرأة التي ربما تكون بريئة، ولذلك فهو لا يجوز.
وهذا الذي قلتموه مدفوع من وجهين:
أحدهما: لا نسلم بأن قيام الرجل بفحص البصمة دون رضا الزوجة أو دون علمها اتهام لها أو قذف بحيث يكون محرما. بل هو من قبيل الاستفتاء والاستعلام لا الاتهام تماما كحالة رجل بني فزارة الذي جاء إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، متشكِّكا في نسب ولده فلم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم أنت قاذف عليك بالبينة. ولا أعلم خلافا في مثل هذه الحالة (حالة الاستفتاء والاستعلام) في أن الفقهاء لا يعتبرون ذلك قذفا. أما الشافعية والحنفية فلأنهم لا يعتبرون التعريض قذفا حتى مع وجود قرائن الخصومة والازدراء فكيف بدونهما. وأما المالكية والحنابلة فلأنهم وإن قالوا بأن التعريض بالقذف قذف إلا أنهم استثنوا منه حالات الاستعلام والاستفتاء كما ورد في حديث رجل بني فزارة.
وعلى هذا فقولكم إن إجراء الرجل فحص البصمة اتهام للمرأة لا يستند إلى أساس، فكذلك كل ما بنيتم عليه.
والوجه الآخر: أن أذى المرأة إنما يحدث في الحالة التي اقترحتموها وهي اتفاق الطرفين. لأن الزوج في هذه الحالة سيخبر المرأة بالشكوك التي تنتابه، وهنا لا نعلم ردة فعل المرأة (كما تفضلت بالتفصيل فيه)، وهي ربما توافق أو لا توافق، وربما تخبر أهلها ـ كما قلتم ـ فيتدخل الناس للنظر في الموضوع، ويتسع الخرق على الراقع وتفتضح المرأة مع أنها قد تكون بريئة ولا صحة لشكوك الرجل. أما فيما اقترحناه من طريقة وهي إجراء الفحص دون رضا المرأة بل دون علمها، لا يحدث من هذا شيء إذا أثبتت البصمة براءتها. وأزلنا شكوك الرجل حتى لو كان موسوسا غيورا. والحاصل في هذا أن اقتراحكم هو المفضي لأذى البريئات وفضحهن لا اقتراحنا.
سؤال على الماشي:
ما رأيك في رجل لم يجامع امرأته بعد حيضها مدة ستة أشهر أو سنة لسبب من الأسباب، كسفر أو مرض ونحوهما، ثم وجد بع ذلك بأنها حامل. هل له أن يجري فحص البصمة أم لا؟ أم أن الولد لا بد أن يكون للفراش جريا مع ظاهر لفظ الحديث؟
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أتمنى يا دكتور أن نفتح معكم موضوعاً خاصاً بإثبات النسب إلى الزاني ، تضعون لنا فيه النقاط التي يدور عليها الحوار ، ونبتعد فيه عن مناقشة التفاصيل التي لا تعلق لها بأصل الموضوع.
فإن كثيراً مما ناقشناه هنا هي عبارة عن مناقشة لبعض عباراتٍ لنا ولكم لا تعلق لها بأصل الموضوع.
وإن شئتم جعلنا الكلام في عموم النسب وإثباته ، لكن على أن تضعوا لنا نقاط يجري عليها النقاش بالترتيب.
ولا بأس أن أؤكد على حبنا لكم
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

أعطيكم مثالا واقعا وقع عندنا في فرنسا ، رجل مات في حادث فقامت الشرطة للتحقق من صحة هوية الجثة بعمل تحليل للحمض للنوي و مقارنتها مع الحمض النووي للأبوين فتبين للطبيب أن الحمض النووي يوافق حمض الأم إذن هو ابنها أما الأب فلا يتوافق مع حمضه فهو ليس والده رغم أن الطفل ولد في زواجهما و ينسب لهما !!

ماذا يفعل الطبيب في هذه الحالة ؟ يخبر الزوج بالمسألة أو يسكت ؟
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

ماذا يفعل الطبيب في هذه الحالة ؟ يخبر الزوج بالمسألة أو يسكت ؟
وهذا مشابه للحالات التي ذكرتها لكم عن الطفل الذين يحتاج لمتبرع من إخوة أشقاء لزراعة نخاع أو نحوه ، ويفاجأ الأطباء عند الفحص بالبصمة الوراثية أنه ليس بشقيق !!!!!!

وإن شئتم جعلنا الكلام في عموم النسب وإثباته ، لكن على أن تضعوا لنا نقاط يجري عليها النقاش بالترتيب.
وأنا مع شيخنا وضاح في هذا الاقتراح
لعلنا بعدها نخرج بخلاصة من البحث يمكن أن تحرر وتعرض مستقبلا على مجمعات الفقه لعلها تخرج بقرار يعرض على حكومات الدول الإسلامية فتطبق في مشافيها ومختبراتها
وإلا ما فائدة الدراسة والبحث والتحقيق والاجتهاد إن لم ننقله إلى دائرة التطبيق
 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

# هذا البحث فيه المختصر المفيد فيما يخص البصمة الوراثية . ليس لي منه إلا النسخ واللصق#
____________________________________________

البصمة الوراثية وإثبات النسب
د. عبد الرشيد محمد أمين بن قاسم

أهمية البصمة الوراثية :
تعتبر مسألة البصمة الوراثية ومدى الاحتجاج بها من القضايا المستجدة التي اختلف فيها فقهاء العصر, وتنازعوا في المجالات التي يستفاد منها وتعتبر فيها حجة يعتمد عليها كليا أو جزئيا، وقد شاع استعمال البصمة الوراثية في الدول الغربية وقبلت بها عدد من المحاكم الأوربية وبدأ الاعتماد عليها مؤخرا في البلدان الإسلامية ونسبة أعمال الإجرام لأصحابها من خلالها، لذا كان من الأمور المهمة للقضاة معرفة حقيقة البصمة الوراثية ومدى حجيتها في إثبات الأنساب وتمييز المجرمين وإقامة الحدود . فالبصمة مشتقة من البُصم وهو فوت ما بين طرف الخنصر إلى طرف البنصر وبَصَمَ بصماً إذا ختم بطرف إصبعه ، والبصمة أثر الختم بالإصبع (1).

والبصمة عند الإطلاق ينصرف إلى بصمات الأصابع وهي الأثر التي تتركها الأصابع عند ملامستها الأشياء وتكون أكثر وضوحاً في الأسطح الناعمة وهي اليوم تفيد كثيرا في معرفة الجناة عند أخذ البصمات من مسرح الحادث حيث لا يكاد يوجد بصمة تشبه الأخرى .


وقد تطورت الأبحاث في مجال الطب وتم اكتشاف محتويات النواة والصفات الوراثية التي تحملها الكروموسومات والتي يتعذر تشابه شخصين في الصفات الوراثية – عدا التوائم المتشابهة – وهي أكثر دقة وأكثر توفراً من بصمات الأصابع حيث يمكن أخذ المادة الحيوية الأساسية لنستخرج منها البصمة الوراثية من الأجزاء التالية :

1 – الدم 2 – المني 3 – جذر الشعر
4 – العظم
5 – اللعاب 6 – البول
7 – السائل الأمينوسي (للجنين)
8 – خلية البيضة المخصبة (بعد انقسامها 4 – 8)
9 – خلية من الجسم .
والكمية المطلوبة بقدر حجم الدبوس تكفي لمعرفة البصمة الوراثية (2).

وقد ارتضى المجمع الفقهي بمكة التعريف التالي للبصمة الوراثية:"البصمة الوراثية هي البنية الجينية نسبة إلى الجنيات أي المورثات التي تدل على هوية كل إنسان بعينه"(3).

إن مصادر البصمة الوراثية موجودة في النواة من كل خلية في جسم الإنسان والجسم يحتوي على ترليونات من الخلايا ، وكل خلية تحتضن نواة هي المسئولة عن حياة الخلية ووظيفتها وكل نواة تحتضن المادة الوراثية بداية من الخواص المشتركة بين البشر جميعهم أو بين سلالات متقاربة وانتهاء بالتفصيلات التي تختص بالفرد وتميزه بذاته بحيث لا يطابق فرداً آخر من الناس ومصدر البصمة موجود على شكل أحماض أمينية (DNA) وتسمى الصبغيات لأن من خواصها أنها تلون عند الصبغ ويطلق عليها أيضاً " الحمض النووي " لأنها تسكن في نواة الخلية وهي موجودة في الكروموسومات، وهذه الكروموسومات منها ما هو مورث من الأب والأم ومنها ما هو مستجد بسبب الطفرة الجديدة NEO MUTATION والصفات الوراثية تنتقل من الجينات وهذه الجينات تتواجد في الكروموسومات وهناك حوالي مئة ألف جين مورث في كل كروموسوم واحد ، لذلك لو تم دراسة كروموسومين فقط بطريقة عشوائية لأمكن متابعة عدد كبير من هذه الصفات الوراثية في هذين الكرموسومين ولأصبح الجواب الصحيح في معرفة البصمة الوراثية للأبوة والبنوة بنسبة نجاح تصل لـ 99.9% نظراً لعدم تطابق اثنين من البشر في جميع هذه الصفات الوراثية (4).

مجالات الاستفادة من البصمة الوراثية :
إن اكتشاف القوانين المتعلقة بالوراثة ومعرفة ترتيب عناصرها المشتركة والخاصة ومعرفة كيفية الاستفادة منها مما هيأه الله للبشر من العلم في هذا الزمان كما قـال تعالى:"ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء"(5).

ويمكن تطبيق هذه التقنية والاستفادة منها في المجالات التالية :
1-إثبات النسب أو نفيه وما يتعلق بذلك مثل تمييز المواليد المختلطين في المستشفيات أو في حال الاشتباه في أطفال الأنابيب أو عند الاختلاف أو التنازع في طفل مفقود بسبب الكوارث والحوادث أو طفل لقيط أو حال الاشتراك في وطء شبهة وحصول الحمل أو عند وجود احتمال حمل المرأة من رجلين من خلال بييضتين مختلفتين في وقت متقارب كما لو تم اغتصاب المرأة بأكثر من رجل في وقت واحد ، أو عند ادعاء شخص عنده بينة ( شهود ) بنسب طفل عند آخر قد نسب إليه من قبل بلا بينة .
2- تحديد الشخصية أو نفيها مثل عودة الأسرى والمفقودين بعد غيبة طويلة والتحقق من شخصيات المتهربين من عقوبات الجرائم وتحديد شخصية الأفراد في حالة الجثث المشوهة من الحروب والحوادث والتحقق من دعوى الانتساب بقبيلة معينة بسبب الهجرة وطلب الكلأ أو تحديد القرابة للعائلة .
3- إثبات أو نفي الجرائم وذلك بالاستدلال بما خلفه الجاني في مسرح الجريمة من أي خلية تدل على هويته كما هو الحال في دعاوى الاغتصاب والزنى والقتل والسرقة وخطف الأولاد وغير ذلك(6).

ويكفي أخذ عينة من المني أو العثور على شعرة أو وجود أثر اللعاب عقب شرب السيجارة أو أثر الدم أو بقايا من بشرة الجاني أو أي خلية تدل على هويته : ونسبة النجاح في الوصول إلى القرار الصحيح مطمئنة لأنه في حال الشك يتم زيادة عدد الأحماض الأمينية ومن ثم زيادة عدد الصفات الوراثية .

ومن أشهر القضايا التي استعملت فيها هذه التقنية فضيحة بيل كلنتون الرئيس الأمريكي في قضيته المشهورة مع ليونيسكي ، حيث لم يعترف ويعتذر للجمهور الأمريكي إلا بعد أن أظهرت الأدلة الجنائية وجود بصمته الوراثية المأخوذة من المني الموجود على فستان ليونيسكي .
وحادثة أخرى وقعت بالسعودية ذكرها ممثل معمل الأدلة الجنائية للعلماء في مقر رابطة العالم الإسلامي بمكة أثناء مناقشة موضوع البصمة الوراثية وحاصل القضية أن امرأة ادعت أن أباها وقع عليها ونتج عن ذلك حصول حمل ، وكان احتمال تصديقها ضعيف لأن الأب في الستينات من العمر ولقوة العلاقة التي تجمعه بالمتهمة فأجلوا موضوع التحليل حتى وضع الحمل لئلا يتضرر الجنين وعندما تم الوضع ومن خلال التحاليل وجد أن الطفل لا علاقة له بالمتهم ( الأب ) ، والأغرب وجد أنه لا علاقة له بالمرأة المدعية ، فاتضح أن القضية فيها تلاعب وأن أيدي خفية وراءها ، فالنفي عن المتهم لا إشكال فيه أما النفي عن المرأة الحامل فيه تصادم مع الواقع ، وبالرجوع لأسماء المواليد الذين ولدوا في نفس اليوم بالمستشفى اتضح أنهم بلغوا (30) طفلاً وعند حصر الصفات المطلوبة انحصرت في (12) طفلاً تم الاتصال بذويهم واحداً واحداً حتى تم الوصول للطفل المطلوب واتضح أن بصمته الوراثية دلت على ارتباطه بالمتهم ( الأب ) وأن هناك طفلاً لقيطاً أدخل المستشفى في نفس اليوم وعند التسليم تم التبديل لإخفاء الحقيقة والله المستعان .

طرق إثبات النسب في الشريعة الإسلامية :
لا خلاف بين الفقهاء أن النسب الشرعي لا يثبت في حال تصادم النسب مع الواقع الحسي كما لو ادعت المرأة نسب طفل لزوجها الصغير الذي لا يولد لمثله وكذا لو أتت به قبل مضي ستة أ شهر من الزواج .
ويثبت النسب في الشريعة الإسلامية بالطرق التالية :
1- الفراش : وهو تعبير مهذب عن حالة اجتماع الرجل بالمرأة حيث تكون المرأة كالفراش لزوجها ، ولما كان التحقق من حالة ( الجماع ) بين الزوجين شبه متعذر لكونها مبنية على الستر اكتفى الجمهور بمظنة الدخول خلافاً للحنفية الذين اكتفوا بعقد النكاح واعتبروا المرأة فراشاً لزوجها يثبت به النسب. وذهب بعض المتأخرين كابن تيمية وابن القيم إلى اشتراط الدخول المحقق وعدم الاكتفاء بمظنة الدخول . ولا شك أن الأول أولى فعامة أحكام الشرعية مبنية على غلبة الظن وإثبات الدخول المحقق في كل حالة متعذر . وإثبات النسب عن طريق الفراش مجمع عليه بين الفقهاء لقوله – صلى الله عليه وسلم-: "الولد للفراش" (7).

2- الاستلحاق : وذلك بأن يقر المسـتلحق بأن هذا الولد ولده أو أن هذا أخوه أو أبوه وغير ذلك ، وقد اشترط العلماء للاستلحاق شروطاً أبرزها أن المُقر له بالنسـب ممن يمكن ثبوت نسبه من المقِرِّ ، فلو أقر من عمره عشرون ببنوة من عمره خمسة عشر لم يقبل إقراره لاستحالة ذلك عادة وعقلاً (8). فهل هذا الشرط يمكن تنزيله على البصمة الوراثية ؟ هذا ما سيأتي الإجابة عليه في الصفحات التالية .

3 – البينة : وقد أجمع الفقهاء على أن النسب يثبت لمدعيه بناء على شهادة العدول بصحة ما ادعاه ويكفي في ذلك الاستفاضة بمعنى الشهادة بالسماع بأن يشتهر الأمر بين الناس حتى يصير معروفاً بينهم ويقول جمع كبير من الناس سمعنا أن فلانا ابن فلان … (9) .

4 – القيافة : وهي مصدر قاف بمعنى تتبع أثره ليعرفه ، يقال : فلان يقوف الأثر ويقتافه والقائف هو الذي يتبع الآثار ويعرفها ويعرف شبه الرجل بأبيه وأخيه (10) ، والمراد بها هنا / الذي يعرف النسب بفراسته ونظره إلى أعضاء المولود(11).
وقد ذهب الحنفية إلى أن القيافة لا يلحق بها النسب لأنها ضرب من الظن والتخمين. بينما ذهب جمهور العلماء بالأخذ بها لدلالة السنة والآثار عليها، ومنها حديث عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ذات يوم مسروراً تَبْرُقُ أسارير وجهه ، فقال : "ألم تريْ أن مجزَّزاً المُدْلِجي نظر آنفاً إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد وعليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامها فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض "(12). وجه الدلالة : أن سرور النبي – صلى الله عليه وسلم - دال على إقراره بالقيافة وحاشاه عليه الصلاة والسلام أن يسمع باطلاً فيقره أو يسكت عنه(13).

5 – القرعة : وذلك عند التنازع على طفل ولا بينة لأحدهم فيجرى القرعة وهذه أضعف الطرق ولم يأخذ بها جمهور العلماء وهو مذهب الظاهرية وإسحاق ورواية عند الحنابلة وكذا المالكية في أولاد الإماء (14).
وهذه الطريقة غير معمول بها في هذا الزمان بفضل الله ثم التقدم العلمي في مجال تحليل الدم والبصمة الوراثية إذ شاعت واستقر العمل بها في محل التنازع في النسب , ولا ريب أن القرعة لا يصار إليها لوجود الدليل المرجح .

هل البصمة يثبت بها النسب ؟
ذهب العلماء المعاصرون إلى اعتبار " البصمة الوراثية " طريقاً من طرق إثبات النسب من حيث الجملة واختلفوا في بعض القضايا الفرعية.

وقد جاء في قرار المجمع الفقهي بالرابطة:
" خامساً : يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في الحالات الآتية :
أ – حالات التنازع على مجهول النسـب بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء ، سواء أكان التنازع على مجهول النسب بسبب انتفاء الأدلة أو تساويها أم كان بسبب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوه . ب – حالات الاشتباه في المواليد في المسـتشفيات ومراكز رعاية الأطفال ونحوها ، وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب .
ج – حالات ضياع الأطفال واختلاطهم ، بسبب الحوادث أو الكوارث أو الحروب وتعذر معرفة أهلهم ، أو وجود جثث لم يمكن التعرف على هويتها أو بقصد التحقق من هويات أسرى الحرب والمفقودين "(15).


وقد رأى عدد كبير من الباحثين قياس البصمة الوراثية على القيافة من باب أولى أو اعتبارها قرينة قوية والتي يأخذ بها جمهور الفقهاء في غير قضايا الحدود وقد جاء في توصية ندوة الوراثة والهندسـة الوراثية المنـبثقة عن المنظمة الإسـلامية للعلوم الطبية : " البصمة الوراثية من الناحية العملية وسيلة لا تكاد تخطئ في التحقق من الوالدية البيولوجية والتحقق من الشخصية ، ولا سيما في مجال الطب الشرعي ،وهي ترقى إلى مستوى القرائن القوية التي يأخذ بها أكثر الفقهاء في غير قضايا الحدود الشرعية ، وتمثل تطوراً عصرياً عظيما في مجال القيافة التي يذهب إليها جمهور الفقهاء في إثبات النسب المتنازع فيه ، ولذلك ترى الندوة أن يؤخذ بها في كل ما يؤخذ فيه بالقيافة من باب أولى "(16).

ومن خلال التوصية السابقة والبحوث المقدمة في هذا المجال نجد أن فريقاً من الفقهاء يرى قياس البصمة الوراثية على القيافة وأن الأحكام التي تثبت بالقيافة تثبت في البصمة الوراثية ، ويظهر لي أن هذا القياس بعيد للأمور التالي :
1 – أن البصمة الوراثية قائمة على أساس علمي محسوس فيه دقة متناهية والخطأ فيه مستبعد جداً ، بخلاف القيافة والتي تقوم على الاجتهاد والفراسة وهي مبنية على غلبة الظن والخطأ فيها وارد ففرق بين ما هو قطعي محسوس وبين ما بني على الظن والاجتهاد .
2 – أن القيافة يعمل بها في مجال الأنساب فقط بخلاف البصمة الوراثية فهي تتعداها لمجالات أخرى كتحديد الجاني وتحديد شخصية المفقود .
3 – أن القيافة تعتمد على الشبه الظاهر في الأعضاء كالأرجل وفيها قدر من الظن الغالب ، أما البصمة الوراثية فهي تعتمد اعتماداً كلياً على بنية الخلية الجسمية الخفية وهي تكون من أي خلية في الجسم ونتائجها تكون قطعية لكونها مبنية على الحس والواقع .
4 – أن القافة يمكن أن يختلفوا، بل العجيب أنهم يمكن أن يلحقوا الطفل بأبوين لوجود الشبه فيهما(17)، أما البصمة فلا يمكن أن تلحق الطفل بأبوين بتاتاً ويستبعد تماماً اختلاف نتائج البصمة الوراثية ولو قام بها أكثر من خبير فالقياس بعيد فهذا باب وهذا باب .

وبناء على ما تقدم فالقيافة باب والبصمة الوراثية باب آخر وهو يعتبر بينة مستقلة أو قرينة قوية يؤخذ بها في الحكم الشرعي إثباتاً ونفياً وذلك للأمور التالية :
1 – أن البينة لم تأت في الكتاب والسنة محصورة في الشهادة والإقرار فقط بل كل ما أظهر الحق وكشفه فهو بينة قال تعالى في قصة موسى مع فرعون : " قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل * قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين * فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين * ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين"(17).
وجه الدلالة : قال ابن القيم : " فالبينة اسم لكل ما يبين الحق ويظهره ومن خصها بالشاهدين أو الأربعة أو الشاهد والمرأتين لم يوف مسماها حقه ، ولم تأت البينة قط في القرآن مراداً بها الشاهدان ، وإنما أتت مراداً بها الحجة والدليل والبرهان مفردة ومجموعة ، وكذلك قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "البينة على المدعي" المراد به : أن عليه ما يصحح دعواه ليحكم له ،والشاهدان من البينة، ولا ريب أن غيرها من أنواع البينة قد يكون أقوى منها، كدلالة الحال على صدق المدعي، فإنها أقوى من دلالة إخبار الشاهد ، والبينة والدلالة والحجة والبرهان والآية والتبصرة والعلامة والأمارة متقاربة في المعنى … فالشرع لم يلغ القرائن والأمارات ودلائل الأحوال ، بل من استقرأ الشرع في مصادره وموارده وجده شاهداً لها بالاعتبار ، مرتباً عليها الأحكام "(18).

2 – قوله تعالى : "وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين * وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين* فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم" (19).
وجه الدلالة :
أن موضع قد القميص اعتبر دليلاً على صدق أحدهما وتبرئة الآخر وسمى الله ذلك شهادة(20).

3 – في قصة فتح خيبر قال النبي – صلى الله عليه وسلم - لعم حيي بن أخطب: " ما فعل مسك بن حيي الذي جاء به من النضير ؟ قال أذهبته النفقات والحروب ، قال : العهد قريب والمال أكثر من ذلك ، فدفعه رسول الله – صلى الله عليه وسلم - إلى الزبير فمسه بعذاب فقال : قد رأيت حيياً يطوف في خربة هاهنا ، فذهبوا فطافوا فوجدوا المسك في الخربة "(21).
وجه الدلالة : أن النبي – صلى الله عليه وسلم - عمل بالقرينة العقلية واعتد بها فكثرة المال وقصر المدة فيه دلالة على الكذب ، وقد اعتد بهذا الدليل وأمر بضربه وحاشاه أن يأمر بضربه بلا حجة لأنه نوع من الظلم وهذا مستبعد في حقه – صلى الله عليه وسلم - فدل ذلك على اعتبار القرينة والعمل بموجبها . فهذه الأدلة وغيرها دالة على أن الحق إذا تبين بأي وجه كان الأخذ به هو المتعين ، ولا شك أن بعض القرائن أقوى بكثير من الشهادة ، فالشهادة يمكن أن يتطرق إليها الوهم والكذب وكذا الإقرار يمكن أن يكون باطلاً ويقع لغرض من الأغراض ومع هذا تعتبر الشهادة والإقرار بينة شرعية يؤخذ بهما لكونهما مبنيتان على غلبة الظن .

وإذا علمنا أن نتائج البصمة الوراثية قطعية في إثبات نسبة الأولاد إلى الوالدين أو نفيهم عنهم(22)، وفي إسناد العينة (من الدم أو المني أو اللعاب) التي توجد في مسرح الحادث إلى صاحبها بشهادة مختصين تعين الأخذ بها واعتبارها بينة مستقلة يثبت بها الحكم نفياً أو إثباتاً ولو نظرنا إلى واقع ثبوت النسب بالشهادة وكونها تبنى على غلبة الظن ويكفي فيها الاستفاضة والشهرة مع وجود الاحتمال بالخطأ مع واقع البصمة التي لا تكاد نتائجها تخطئ في ذاتها ، والخطأ الوارد فيها يرجع إلى الجهد البشري أو عوامل التلوث ونحو ذلك نستطيع أن نجزم بأن البصمة الوراثية حجة شرعية يوجب العمل بمضمونها إذا توفرت شروطها ومن تأمل مقاصد الشريعة والعدل والحكمة التي قامت عليها الأحكام ظهر جلياً رجحان هذا الأمر قال ابن القيم : " فإذا ظهرت أمارات العدل ، وأسفر وجهه بأي طريق كان ، فثم شرع الله ودينه ، والله أعلم وأحكم وأعدل أن يخص طرق العدل وأماراته وأعلامه بشيء ، ثم ينفي ما هو أظهر وأقوى دلالة وأبين أمارة ، فلا يجعله منها ، ولا يحكم عند وجودها وقيامها بموجبها ، بل بين سبحانه بما شرعه من الطرق أن مقصوده إقامة العدل بين عباده وقيام الناس بالقسط ، فأي طريق استخرج بها العدل والقسط فهي من الدين ليست مخالفة له "(23).

ضوابط إجراء تحليل البصمة الوراثية :
اشترط الفقهاء الباحثين والأطباء المختصين في البصمة الوراثية شروطاً عديدة حتى تقبل ، والذين رأوا أنها تقاس على القيافة اشترطوا شروط القيافة مع بعض الزيادات (24). والشروط الواجب توفرها ما يلي :
1 – أن لا يتم التحليل إلا بإذن من الجهة المختصة .
2 – يفضل أن تكون هذه المختبرات تابعة للدولة وإذا لم يتوفر ذلك يمكن الاستعانة بالمختبرات الخاصة الخاضعة لإشراف الدولة ، ويشترط على كل حال أن تتوافر فيها الشروط والضوابط العلمية المعتبرة محلياً وعالمياً في هذا المجال .
3 – يشترط أن يكون القائمون على العمل في المختبرات المنوطة بإجراء تحاليل البصمة الوراثية ممن يوثق بهم علماً وخلقاً وألا يكون أي منهم ذا صلة قرابة أو صداقة أو عداوة أو منفعة بأحد المتداعيين أو حكم عليه بحكم مخل بالشرف أو الأمانة (25).
4 – أن يجري التحليل في مختبرين على الأقل معترف بهما ، على أن تؤخذ الاحتياطات اللازمة لضمان عدم معرفة أحد المختبرات التي تقوم بإجراء الاختبار بنتيجة المختبر الآخر(26).
5 – توثيق كل خطوة من خطوات تحليل البصمة الوراثية بدءاً من نقل العينات إلى ظهور النتائج النهائية حرصاً على سلامة تلك العينات ، وضماناً لصحة نتائجها ، مع حفظ هذه الوثائق للرجوع إليها عند الحاجة.
6 – عمل البصمة الوراثية بعدد أكبر من الطرق وبعدد أكبر من الأحماض الأمينية لضمان صحة النتائج (27).
7 – أن يجري اختبار البصمة الوراثية مسلم عدل ، لأن قوله شهادة ، وشهادة غير المسلم لا تقبل على المسلم إلا الوصية في السفر ونحوه(28).

والخلاصة : أن البصمة الوراثية تكون بينة مستقلة يجب العمل بمقتضاها إذا توفرت الشروط اللازمة ، وأنها لا تقاس على القيافة فهي باب آخر ، وأن عامة المعاصرين يرون صحة الاعتماد عليها في حالات التنازع وحالات الاشتباه وحالات الاختلاط سواء في الأطفال أو الجثث أو الحروب والكوارث .

هل ينتفي النسب بالبصمة الوراثية دون اللعان؟
اللعان : شهادات تجري بين الزوجين مؤكدة بالأيمان مقرونة باللعن من جانب الزوج وبالغضب من جانب الزوجة .
وقد شرع اللعان لدرء الحد عن الزوج إذا قذف زوجته بلا شهود أو أراد قطع نسب الحمل أو الطفل المولود عنه ، وهي أيضا حماية وصيانة لعرض الزوجة ودفعاً للحد عنها . والطريقة التي جاءت به النصوص الشرعية لنفي النسب هو اللعان .

فهل يصح نفي النسب بالبصمة الوراثية إذا جاءت النتائج تؤكد ذلك ويكتفي بها أم لابد من اللعان أيضاً ؟
اختلف الفقهاء المعاصرون في صحة نفي النسب بالبصمة الوراثية فقط دون اللعان ويمكن تلخيص آرائهم على النحو التالي :
1 – القول الأول: لا ينتفي النسب الشرعي الثابت بالفراش (الزوجية) إلا باللعان فقط ، ولا يجوز تقديم البصمة الوراثية على اللعان . وهذا القول عليه عامة الفقهاء المعاصرين ومنهم علي محي الدين القرة داغي وعبد الستار فتح الله سعيد (29)، ومحمد الأشقر (30). وعليه قرار مجمع الفقه الإسلامي بالرابطة وجاء فيه " لا يجوز شرعاً الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب ، ولا يجوز تقديمها على اللعان "(31).
2- القول الثاني : يمكن الاستغناء عن اللعان والاكتفاء بنتيجة البصمة الوراثية إذا تيقن الزوج أن الحمل ليس منه وهذا الرأي ذهب إليه محمد المختار السلامي(32)، ويوسف القرضاوي (33)، وعبد الله محمد عبد الله(34).
3- القول الثالث : إن الطفل لا ينفى نسبه باللعان إذا جاءت البصمة الوراثية تؤكد صحة نسبة للزوج ولو لاعن ،وينفى النسب باللعان فقط إذا جاءت البصمة تؤكد قوله وتعتبر دليلاً تكميلاً . وهذا الرأي ذهب إليه نصر فريد واصل ،وعليه الفتوى بدور الإفتاء المصرية (35).
4-
القول الرابع : إذا ثبت يقيناً بالبصمة الوراثية أن الحمل أو الولد ليس من الزوج فلا وجه لإجراء اللعان وينفى النسب بذلك . إلا أنه يكون للزوجة الحق في طلب اللعان لنفي الحد عنها لاحتمال أن يكون حملها بسبب وطء شبهة ، وإذا ثبت عن طريق البصمة الوراثية أن الولد من الزوج وجب عليه حد القذف . وهذا الرأي ذهب إليه سعد الدين هلالي (36).

الأدلة :
أولاً : استدل القائلون بأن النسب لا ينفى إلا باللعان فقط بما يلي :
1 – قوله تعالى : "والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين * والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين * ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين * والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين *"(37). وجه الدلالة : أن الآية ذكرت أن الزوج إذا لم يملك الشـهادة إلا نفسه فيلجأ للعان ، وإحداث البصمة بعد الآية تزّيد على كتاب الله " ومن أحدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد "(38) .
2 – عن عائشة رضي الله عنها قالت كان عتبة عهد إلى أخيه سعد أن ابن وليدة زمعة مني فأقبضه إليك ، فلما كان عام الفتح أخذه سعد فقال ابن أخي عهد إلى فيه فقام عبد بن زمعة فقال أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه فتساوقا (تدافعا) إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فقال سعد : يا رسول الله ابن أخي قد كان عهد إلي فيه ، فقال عبد بن زمعة أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه ، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر ثم قال لسودة بنت زمعة احتجبي منه لما رأى من شبهه بعتبة فما رآها حتى لقي الله(39) . وجه الدلالة : أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - أهدر الشبه البين وهو الذي يعتمد على الصفات الوراثية وأبقى الحكم ا لأصلي وهو " الولد للفراش " فلا ينفى النسب إلا باللعان فحسب(40) .
3 – حديث ابن عباس في قصة الملاعنة وفيه : " أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الإليتين ، خدلج الساقين فهو لشريك بن سحماء … فجاءت به كذلك فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - : لولا ما قضي من كتاب الله لكان لي ولها شأن "(41).
وجه الدلالة : قال عبد الستار فتح الله : " إذا نفى الزوج ولداً من زوجته ولد على فراشه فلا يلتفت إلى قول القافة ولا تحليل البصمة الوراثية لأن ذلك يعارض حكماً شرعياً مقرراً وهو إجراء اللعان بين الزوجين ،ولذلك ألغى رسول الله – صلى الله عليه وسلم (دليل الشبه) بين الزاني والولد الملاعن عليه … ودليل (الشبه) الذي أهدره رسول الله – صلى الله عليه وسلم - هنا يعتمد على الصفات الوراثية فهو أشبه بالبصمة الوراثية ومع ذلك لم يقو على معارضة الأصل الذي نزل به القرآن في إجراء اللعان"(42). وقال ابن القيم تعليقاً على الحديث السابق أن فيه " إرشاد منه – صلى الله عليه وسلم - إلى اعتبار الحكم بالقافة ، وأن للشبه مدخلاً في معرفة النسب ،وإلحاق الولد بمنزلة الشبه ،وإنما لم يُلحق بالملاعن لو قدر أن الشبه له ، لمعارضة اللعان الذي هو أقوى منه الشبه له "(43).
4 – إن الطريق الشرعي الوحيد لنفي النسب هو اللعان ولو أن الزوجة أقرت بصدق زوجها فيما رماها به من الفاحشة فإن النسب يلحق الزوج لقوله – صلى الله عليه وسلم- الولد للفراش وللعاهر الحجر " ولا ينتفي عنه إلا باللعان ، ثم كيف يجوز إلغاء حكم شرعي بناء على نظريات طبية مظنونة(44) .
5 – إننا لا نستطيع أن نعتمد على البصمة فحسب ونقيم حد الزنا على الزوجة، بل لابد من البينة ، فكيف تقدم البصمة على اللعان ولا نقدمها على الحد .

ثانياً : أدلة القائلين باعتبار البصمة الوراثية :
1 – قوله تعالى : "والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم.. "(45). وجه الدلالة : أن اللعان يكون عندما ينعدم الشهود وليس ثمة شاهد إلا الزوج فقط حينئذ يكون اللعان . أما إذا كان مع الزوج بينة كالبصمة الوراثية تشهد لقوله أو تنفيه فليس هناك موجب للعان أصلا لاختلال الشرط في الآية .
2 – أن الآية ذكرت درء العذاب ، ولم تذكر نفي النسب ولا تلازم بين اللعان ونفي النسب ، فيمكن أن يلاعن الرجل ويدرأ عن نفسه العذاب ولا يمنع أن ينسب الطفل إليه إذا ثبت ذلك بالبصمة الوراثية (46).
3 – قوله تعالى : "وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين * وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين * فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم" (47). وجه الدلالة : أن شق القميص من جهة معينة اعتبرت نوعاً من الشهادة والبصمة الوراثية تقوم مقام الشهادة (48).
4 – إن نتائج البصمة يقينية قطعية لكونها مبنية على الحس ، وإذا أجرينا تحليل البصمة الوراثية وثبت أن الطفل من الزوج وأراد أن ينفيه ، فكيف نقطع النسب ونكذب الحس والواقع ونخالف العقل ، ولا يمكن البتة أن يتعارض الشرع الحكيم مع العقل السليم في مثل هذه المسائل المعقولة المعنى وهي ليست تعبدية . فإنكار الزوج وطلب اللعان بعد ظهور النتيجة نوع من المكابرة والشرع يتنزه أن يثبت حكماً بني على المكابرة .
5 – أن الشارع يتشوف إلى إثبات النسب رعاية لحق الصغير ومخالفة البصمة لقول الزوج في النفي يتنافى مع أصل من أصول الشريعة في حفظ الأنساب ، وإنفاذ اللعان مع مخالفة البصمة لقول الزوج مع خراب الذمم عند بعض الناس في هذا الزمان وتعدد حالات باعث الكيد للزوجة يوجب عدم نفي نسب الطفل إحقاقاً للحق وباعثاً لاستقرار الأوضاع الصحيحة في المجتمع (49).

الترجيح :
قبل ذكر القول الراجح يجدر بي أن أشير إلى النقاط التالية :
1 – لا خلاف بين الفقهاء في أن الزوج إذا لاعن ونفى نسب الطفل وجاءت النتيجة تؤكد قوله . فإن النسب ينتفي ويفرق بينهما لكن الزوجة لا تحد لوجود شبهة اللعان و" الحدود تدرأ بالشبهات "(50).
2 – لا خلاف بين الباحثين في المسألة لو أن الزوجين رضيا بإجراء البصمة قبل اللعان للتأكد وإزالة الشبهة فإن ذلك يجوز في حقهما ، بل استحسن بعض الفقهاء عرض ذلك على الزوجين قبل اللعان(51).
ويظهر لي أن البصمة الوراثية إذا جاءت مخالفة لقول الزوج فلا يلتفت لدعواه بنفي النسب وإن لاعن أو طلب اللعان ، وأن نسب الطفل يثبت للزوج ويجري عليه أحكام الولد وإن جاءت موافقة لقول الزوج فله أن يلاعن وذلك للأمور التالية :
1 – أن الشريعة أعظم من أن تبني أحكامها على مخالفة الحس والواقع ، فإن الشرع أرفع قدراً من ذلك والميزان الذي أنزله الله للحكم بين الناس بالحق يأبى كل الإباء ذلك . فلو استلحق رجلاً من يساويه في السن وادعى أنه أبوه فإننا نرفض ذلك لمخالفته للعقل والحس فلا يمكن أن يتساوى أب وابن في السن مع أن الاستلحاق في الأصل مشروع . وقد رد جماهير العلماء دعوى امرأة مشـرقية تزوجت بمغربي ولم يلتقيا وأتت بولد ، فإن الولد لا يكون لزوجها المغربي البتة لمخالفة ذلك للحس والعقل وهذا النفي ليس تقديماً لقوله – صلى الله عليه وسلم -: " الولد للفراش " إنما لمخالفة ذلك لصريح العقل والحس . قال ابن تيمية : " فلا تتناقض الأدلة الصحيحة العقلية والشرعية ، ولا تتناقض دلالة القياس إذا كانت صحيحة ، ودلالة الخطاب إذا كانت صحيحة فإن القياس الصحيح حقيقته التسوية بين المتماثلين وهذا هو العدل الذي أنزل الله به الكتب وأرسل به الرسل والرسول لا يأمر بخلاف العدل " (52) .
2 – أن آية اللعان قيدت إجراءه بما إذا لم يكن ثمة شاهد إلا الزوج ، ومفهومه أنه لو كان هناك بينة من شـهود فإنه لا يجرى اللعان بل يثبت ما رمى به الزوج زوجته . ومن البدهي لو كانت هناك بينة أخرى غير الشهادة فلا وجه لإجراء اللعان كما لو أقرت الزوجة زوجها فيما رماها به من الزنا . فإذا منعنا وقوع اللعان لوجود سبب مانع له ، فما وجه إجرائه مع وجود بينة قطعية ( البصمة الوراثية ) تخالف دعوى الزوج . فإننا إذا قمنا بذلك كان ضرباً من المكابرة ومخالفة للحس والعقل ، واللعان معقول المعنى معروف السبب وليس تعبدياً محضاً . قال ابن القيم:"والشاهدان من البينة، ولا ريب أن غيرها من أنواع البينة قد يكون أقوى منها كدلالة الحال على صدق المدعي، فإنها أقوى من دلالة إخبار الشاهد…"(53) . فإذا علمنا أن الشهادة أقوى من قول الزوج في اللعان لأن الشهادة مبنية على غلبة الظن أما قول الزوج في اللعان فهو متساوي الطرفين في الصدق أو الكذب أي بنسبة (50 %) لأنه إما أن يكون صادقاً أو تكون الزوجة صادقة ، فهل من الفقه أن ندع بينة قطعية تصل لـ 99.9 % تؤكد كـذب الزوج ونأخذ ما هو محتمل للصدق بنسبة 50% وننسب ذلك للشريعة ؟؟!! قال ابن القيم : " والله أعلم وأحكم وأعدل أن يخص طرق العدل وأماراته وأعلامه بشيء ، ثم ينفي ما هو أظهر وأقوى دلالة وأبين أمارة ، فلا يجعله منها ، ولا يحكم عند وجودها وقيامها بموجبها ، بل بين سبحانه بما شرعه من الطرق أن مقصوده إقامة العدل بين عباده وقيام الناس بالقسط ، فأي طريق استخرج بها العدل والقسط فهي من الدين ليست مخالفة له " (54).
3 – قوله تعالى : "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله" (55) فإلحاق نسب الطفل بأبيه مقصد عظيم من مقاصد الشريعة ، فإذا أثبتت البصمة الوراثية نسب طفل وأراد الأب لأوهام وشكوك أو للتهرب من النفقة أو لأي غرض آخر – مع ضعف الذمم في هذا الزمان – فإن العدل يقتضي أن نلحق الطفل بأبيه ولا نمكن الأب من اللعان لئلا يكون سبباً في ضياع الطفل . (56).
4 - إن الاحتجاج بقصة اختصام عبد بن زمعة مع سعد بن أبي وقاص وإلحاق الرسول – صلى الله عليه وسلم - الولد بالفراش وأمره لسودة بالاحتجاب منه مع أنه أخوها ،فقد قال ابن القيم : " وأما أمره سودة بالاحتجاب منه ، فإما أنه يكون على طريق الاحتياط والورع لمكان الشبهة التي أورثها الشَّبَهُ البيِّن بعُتبة ، وأما أن يكون مراعاة للشبهين وإعمالاً للدليلين فإن الفراش دليل لحوق النسب ، والشبه بغير صاحبه دليل نفيه فأعمل أمر الفراش بالنسبة إلى المدّعي لقوته ، وأعمل الشَّبه بعتبة بالنسبة إلى ثبوت المحرمية بينه وبين سودة ، وهذا من أحسن الأحكام وأبينها ، وأوضحها ، ولا يمنع ثبوت النسب من وجه دون وجه …وقال : وقد يتخلف بعض أحكام النسب مع ثبوته لمانع ، وهذا كثير في الشريعة ، فلا ينكر مِن تخلُّف المحرمية بين سودة وبين هذا الغلام لمانع الشبه بعتبة ، وهل هذا إلا محض الفقه "(57).

فدعوى أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - لم يلتفت لأمر الشبه (البصمة الوراثية) واستدلالهم بالحديث هذا هو استدلال بعيد ، بل الحديث حجة عليهم حيث اعتبر الرسول – صلى الله عليه وسلم- أمر الشبه لذا أمر بالاحتجاب . ففي حال التنازع على طفل ولد على فراش صحيح ، ما المانع أن نعمل دليل الشبه ونثبت مقتضاه نفياً وإثباتاً ويكون درء الحد عن الزوج لوجود شبهة اللعان وبهذا نعمل بالأدلة كلها لا سيما وأن الطفل ولد على الفراش فيتقوى إثبات النسب للطفل من جهة " الولد للفراش " ، ومن جهة البصمة الوراثية ، هذا في حال نفي النسب وثبوت خلاف ذلك من جهة البصمة ، أما إذا جاءت البصمة تؤكد قول الزوج فيجتمع دليل اللعان مع البصمة فينتفي النسب وندرأ الحد عن الزوجة لوجود شبهة اللعان .

أما في حال الملاعنة فالأصل أن الطفل منسوب للزوج لأن الزوجة فراش له وجاء أمر الشبه ( البصمة الوراثية ) تؤكد ذلك الأصل فإننا نعمل بالأصل ونلحق الطفل بأبيه لدلالة الفراش والشبه ونكون أعملنا الشطر الأول من الحديث " الولد للفراش " وندرأ الحد عن الزوج إذا لاعن لوجود شبهة الملاعنة والحدود تدرأ بالشبهات ونكون أعملنا الشطر الثاني من الحديث " واحتجبي عنه يا سودة " . ويجاب عن حديث الملاعنة بنحو ما تقدم فقد جاء في الحديث " إن جاءت به أصيهب أريضخ أثيبج حمش الساقين فهو لهلال ، وإن جاءت به أورق جعداً جمالياً خدلج الساقين سابغ الإليتين فهو الذي رميت به – وهو شريك بن سمحاء كما في رواية البخاري – فجاءت به أورق جعداً خدلج الساقين سابغ الإليتين ، أي شبيهاً لشريك بن سمحاء الذي رميت به – فقال النبي – صلى الله عليه وسلم- : " لولا الأيمان لكان لي ولها شأن " فقد أفاد الحديث أنه حتى لو تمت الملاعنة بين الزوجين وولد الطفل شبيهاً بالزوج صاحب الفراش فإنه ينسب له ولا ينفى عنه – ؛ لأن النص جاء بنسبته إليه لأنه أقوى بكثير من مجرد التشابه الظاهري الذي أخذ به رسول الله – صلى الله عليه وسلم - في إثبات النسب ويدرأ الحد عن الزوج لوقوع الأيمان وبهذا عملنا بالأدلة كلها وهذا من دقائق المسائل التي يحظى بها من رزقه الله حظاً وافراً من الفقه (58).

4 – أن اعتراضهم على عدم إقامة الحد على الزوجة اعتماداً على البصمة الوراثية واكتفاءً بها دليل على أنها ليست حجة بذاتها يجاب عنها من وجهين:
1 – أن هناك فرقاً بين إثبات النسب أو نفيه وبين إقامة الحد القائم على المبالغة في الاحتياط فالحدود تدرأ بالشبهات بخلاف النسب فهو يثبت مع وجود الشبهة كما في قصة عبد بن زمعة ، فلو ادعت المرأة أنها كانت مكرهة أو أنها سقيت شراباً به مادة منومة وزنا بها آخر فحملت منه كان ذلك كافياً في إسقاط الحد عنها ، وكذا الرجل لو ادعى أنه أودع منية في ( بنك المني ) وأن امرأة أخذت منيه بطريقة أو بأخرى واستدخلته وحملت بطفل وجاءت البصمة الوراثية تؤكد لحقوق الطفل وراثياً بذلك الرجل لم يحد لوجود شبهة ، لا لأن البصمة ليست حجة .
2 – إن من العلماء المعاصرين من يقول بإقامة الحد إذا ثبت ذلك بالبصمة الوراثية ولم يدع المتهم شبهة اعتماداً على هذه البينة وأخذاً بما أخذ به بعض الفقهاء المتقدمين كما قال ابن القيم : " والرجوع إلى القرائن في الأحكام متفق عليه بين الفقهاء ، بل بين المسلمين كلهم ، وقد اعتمد الصحابة على القرائن فرجموا بالحبل وجلدوا في الخمر بالقيء والرائحة وأمر النبي r باستنكاه المقر بالسكر وهو اعتماد على الرائحة … فالعمل بالقرائن ضروري في الشرع والعقل والعرف " (59).
3 – إن الفقهاء نصوا على أن الملاعن لو بدا له أن يعود في قوله ويلحق ابنه الذي نفاه باللعان جاز له ذلك لزوال الشبهة التي لاعن من أجلها ، فهل من الحكمة ومن العدل أن يتجاسر الناس للتعرض للعنة الله أو غضبه وندع البينة (البصمة الوراثية) ولا نحكمها بينهم ، ثم بعد اللعان يعود ويلحق ما نفاه !! فإن هذا من الفقه البارد .

الخلاصة : أن البصمة الوراثية يجوز الاعتماد عليها في نفي النسب ما دامت نتيجتها قطعية كما يرد دعوى الزوج في نفي النسب إذا أثبتت نتائج البصمة الوراثية القطعية لحوق الطفل به ، لأن قول الزوج حينئذ مخالف للحس والعقل وليس ذلك تقديماً للعان ، وينبغي للقضاة أن يحيلوا الزوجين قبل إجراء اللعان لفحوص البصمة الوراثية لأن إيقاع اللعان مشروط بعدم وجود الشهود ، فإذا كان لأحد الزوجين بينة تشهد له فلا وجه لإجراء اللعان . والأخذ بهذه التقنية يحقق مقصود الشرع في حفظ الأنساب من الضياع ويصد ضعفاء الضمائر من التجاسر على الحلف بالله كاذبين ، والله اعلم .
______________________
(1) انظر : مادة ( بصم ) لسان العرب لابن منظور 12 / 50 ، القاموس المحيط للفيروزآبادي 974 ، المعجم الوسيط ص 60 .
(2) انظر : البصمة الوراثية وتأثيرها على النسب لنجم عبد الله عبد الواحد ص 5 .
(3) انظر : قرارات مجمع الفقهي الإسلامي بالرابطة .
(4) انظر : البصمة الوراثية وتأثيرها على النسب لنجم عبد الله ص 5 ، البصمة الوراثية وعلائقها الشرعية لسعد الدين هلالي ص 27 .
(5) سورة البقرة : 254 .
(6)انظر : ثبت علمياً حقائق طبية جديدة لموسى المعطي ص 105 ، مذكرة البصمة الوراثية في ضوء الإسلام لعبد الستار فتح الله سعيد ص 9 ، البصمة الوراثية وتأثيرها على النسب لنجم الدين عبد الله عبد الواحد ص 1 8 .
(7) انظر : بدائع الصنائع للكاساني 4 / 125 ، بداية المجتهد لابن رشد 2 / 87 ، مغني المحتاج 2 / 261 ، كشاف القناع للبهوتي 4 / 235 ، زاد المعاد لابن القيم 5 / 410 ، فتح الباري لابن حجر 12 / 38 والحديث رواه الشيخان .
(8) انظر : المبسوط للسرخسي 17 / 102 ، حاشية الدسوقي 3 / 412 ، إعانة الطالبين للبكري 3 / 283 ، المغني لابن قدامة 8 / 61 .
(9) انظر : سبل السلام للصنعاني 4 / 137 ، زاد المعاد لابن القيم 5 / 417 ، بداية المجتهد لابن رشد 2 / 348 ، المغني مع الشرح الكبير لابن قدامة 12 / 123 .
(10) انظر مادة ( قوف ) لسان العرب لابن منظور 9 / 293 ، زاد المسير لابن الجوزي 5 / 34 ، تفسير الطبري 15 / 87 .
(11) انظر : التعريفات للجرجاني ص 171 .
(12) رواه البخاري .
(13) انظر : مواهب الجليل للخطاب 5 / 247 ، الشرح الكبير للدردير 3 / 416 ، حاشية البيجيرمي 4 / 411، روضة الطالبين للنووي 12 / 107 ، الفروع لابن مفلح 5 / 27 ، منار السبيل لابن ضويان 1 / 434 ، المحلى لابن حزم 10 / 149 .
(14) انظر : التاج والإكليل للعبدري 6 / 340 ، شرح الزرقاني 5 / 109 ، المحلى 10 / 150 ، المبدع لابن مفلح 5 / 307 ، الفروع لابن مفلح 5 / 409 ، إعلام الموقعين لابن القيم 2 / 63 ، نيل الأوطار للشوكاني 7 / 78 .
(15) انظر : قرارات مجمع الفقهي الإسلامي بالرابطة .
(16) انظر : ملخص أعمال الحلقة النقاشية حول حجية البصمة الوراثية في إثبات النسب ص 46 ، موقع المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية islamset.com والقرينة : كل إمارة تقارن شيئاً خفياً فتدل عليه .
(17) انظر : كشاف القناع للبهوتي 5 / 426 / المبدع لابن مفلح 5 / 309 . سورة الأعراف : 105- 108 .
(18) انظر : الطرق الحكمية ص 16 ، أيضاً : إعلام الموقعين 10 / 34 .
(19) سورة يوسف : 26 – 28 .
(20) انظر : تبصرة الحكام لابن فرحون 2 / 95 ، معين الحكام للطرابلسي ص 166 .
(21) أخرجه أبو داود ( 14 ) كتاب الخراج والإمارة والفيء ( 24 ) باب ما جاء في حكم أرض خيبر برقم 3006 وإسناده صحيح كما قاله بشير محمد عيون في تحقيقه للسياسة الشرعية ص 51 .
(22) انظر : البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها لوهبة الزحيلي ص 6 .
(23) انظر : الطرق الحكمية لابن القيم ص 19 وقد ذكر ابن القيم صوراً كثيرة دلت القرينة على الحكم الشرعي ، بل كانت أقوى من الشهادة والإقرار .
(24) انظر : بحث البصمة الوراثية وأثرها في إثبات النسب لحسن الشاذلي ص 478 ضمن مطبوعات المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية – الوراثة والهندسة الوراثية - .
(25) انظر : توصيات الحلقة النقاشية بموقع المنظمة islamset.com ، جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 27 / 10 / 1422هـ الموافق 11 يناير 2002م توصية مجمع الفقه الإسلامي السادس عشر .
(26) قياس البصمة الوراثية على الشهادة قياس مع الفارق لأن درجة صدق المخبر به مختلفة ، والشهادة تجرى بموجبها الحدود بخلاف البصمة، والأولى أن يرجع فيه لأهل الاختصاص فهم أعرف بالمفارقات والاختلافات وربما قرروا تكرار البصمة مرات ولو كان إجراؤها في مختبرين احتياطاً لا على سبيل الإلزام فهو حسن .
(27) انظر : البصمة الوراثية وتأثيرها على النسب لنجم عبد الواحد ص 22 ويظهر لي أن هذا الشرط غير لازم بل يرجع فيه إلى أهل الاختصاص فمتى احتاج الأمر للتكرار وجب ذلك وإلا فلا .
(28) انظر : إثبات النسب بالبصمة الوراثية لمحمد الأشقر ص 441 – 460 ضمن مطبوعات المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية – الوراثة والهندسة الوراثية - ويرى الشافعية والحنابلة والظاهرية أن القائف مخبر وليس شاهد = وبناء على ذلك لا يشترط العدد بل يكفي قول خبير واحد وهذا ما اختاره وهبة الزحيلي في بحثه البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها ص 10 وهو الظاهر .
(29) انظر : البصمة الوراثية من منظور الفقه الإسلامي ص 25 ، البصمة الوراثية في ضوء الإسلام ص 18 – بحث مصور مقدم للمجمع الفقهي بالرابطة 1422هـ .
(30) انظر : إثبات النسب بالبصمة الوراثية لمحمد الأشقر ص 441 – 460 ، ضمن مطبوعات المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية – الوراثة والهندسة الوراثية - (31) انظر : ملاحق البحث ، جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 27 / 10 / 1422هـ الموافق 11 يناير 2002م . وجاء هذا القرار بالأغلبية .
(32) انظر : إثبات النسب بالبصمة الوراثية لمحمد المختار السلامي ص 405 – ضمن البحوث المقدمة للندوة الفقهية الحادية عشرة من أعمال المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية 1413هـ .
(33) من خلال سماعي لرأيه ضمن مناقشات موضوع البصمة الوراثية بالمجمع الفقهي السادس عشر بمكة في 25 / شوال / 1422هـ الموافق 9 / يناير 2002م .
(34) انظر : الوراثة والهندسة الوراثية والجينيوم البشري 1 / 506 ، 510 ضمن المناقشات الفقهية للبصمة الوراثية في الندوة الحادية عشرة من أعمال المنظمة الطبية الإسلامية للعلوم الطبية .
(35) انظر : بحثه البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها ص 30 – بحث مقدم للمجمع الفقهي الحادي عشر بالرابطة 1422هـ - .
(36) انظر : البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها لسعد الدين مسعد الهلالي ص 21 – بحث مقدم للمجمع الفقهي الحادي عشر بالرابطة 1422هـ -.
(37) سورة النور : 6 – 9 .
(38) انظر : مناقشات البصمة الوراثية بالمجمع الفقهي بالرابطة في الدورة السادسة عشرة 1422هـ – 2001م والاستدلال لصالح الفوزان .

(39) أخرجه البخاري (85 ) كتاب الفرائض (18 ) باب الولد للفراش برقم 6749 ، ومسلم (17 ) كتاب الرضاع ( 10) باب الولد للفراش وتوقي الشبهات برقم 1457وفيه لفظ " فرأى شبهاً بيناً بعتبة " .
(40) انظر : البصمة الوراثية في ضوء الإسلام لعبد الستار فتح الله ص 19 ، البصمة الوراثية ومدى مشروعية استخدامها لعمر السبيل ص 43 – 44 .
(41) رواه البخاري ومسلم .
(42) انظر : بحثه البصمة الوراثية في ضوء الإسلام ص 18 .
(43) انظر : زاد المعاد لابن القيم 5 / 362 .
(44) انظر : البصمة الوراثية ومدى مشروعية استخدامها لعمر السبيل ص 29 – 30 وقوله إنها مظنونة فيها نظر فالذي عليه قول أهل الاختصاص أنها قطعية والمتعين الرجوع إلى أقوالهم في المسائل التي تخصهم . انظر بحث دور البصمة الوراثية في اختبارات الأبوة للطبيبة صديقة العوضي ص 350 ، بحث البصمة الوراثية ومدى حجيتها في إثبات البنوة للطبيب سفيان العسولي ص 387 ، البصمة الوراثية ومدى حجيتها لسعد العنزي ص 432 ، إثبات النسب بالبصمة الوراثية لمحمد الأشقر ص 455 ضمن البحوث المقدمة للندوة الفقهية الحادية عشرة من أعمال المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية 1419هـ .
(45) سورة النور : 4 .
(46) من خلال سماعي لمناقشات البصمة الوراثية بالمجمع الفقهي بالرابطة في الدورة السادسة عشرة بمكة شوال 1422هـ ، وهذا التوجيه للصديق الضرير .
(47) سورة يوسف 26 – 28 .
(48) اختلف المفسرون في معنى ) وشهد شاهد من أهلها ( فقال مجاهد :" قميص مشقوق من دبر فتلك الشهادة، وقال سعيد بن جبير : كان صبياً في مهده ، وقال عكرمة : رجل حكيم ، ورجح ابن جرير أنه صبي في المهد لورود الخبر عن رسول الله e في ذلك انظر تفسير الطبري 7 / 194 ، تفسير القرطبي 9 / 172 ، تفسير ابن كثير 2 / 476 .
(49) انظر : البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها لنصر فريد ص 30 .
(50) انظر : مجموع الفتاوى لابن تيمية 15 / 351 ، القواعد والضوابط الفقهية عند شيخ الإسلام ابن تيمية في الجنايات والعقوبات لعبد الرشيد قاسم – رسالة ماجستير – ص 212 ، 218 .
(51) وقد حكى عمر السبيل – رحمه الله - عن عبد العزيز القاسم القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض أنه تقدم إليه شخص بطلب اللعان من زوجته للانتفاء من بنت ولدت على فراشه ، فأحال القاضي الزوجين مع البنت إلى الجهة المختصة بإجراء اختبارات الفحص الوراثي ، فجاءت نتائج الفحص بإثبات أبوة الرجل للبنت إثباتاً قطعياً ، فكان ذلك مدعاة لعدول الزوج عن اللعان وزال ما كان في نفسه من شكوك في زوجته ، كما زال أيضاً بهذا الفحص الحرج الذي أصاب الزوجة وأهلها جراء سوء ظن الزوج ، فتحقق بهذا الفحص مصلحة عظمى يتشوف إليها الشرع ويدعو إليها ، انظر بحثه : البصمة الوراثية ومدى مشروعية استخدامها ص31 .
(52) انظر : مجموع الفتاوى لابن تيمية 22 / 332 ، جامع المسائل لابن تيمية المجموعة الثانية ص 239
(53) انظر : الطرق الحكمية لابن القيم ص 19 .
(54) انظر : الطرق الحكمية لابن القيم ص 19 وقد ذكر ابن القيم صوراً كثيرة دلت القرينة على الحكم الشرعي ، بل كانت أقوى من الشهادة والإقرار .
(55) سورة الأحزاب : 5 .
(56) انظر : زاد المعاد لابن القيم 5 / 371 أيضاً حاشية ابن القيم 6 / 262 ، مجموع الفتاوى لابن تيميـة 7 / 420 .
(57) انظر : مذكرة البصمة الوراثية ومجالات الاستفادة منها لنصر فريد ص 40 .
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: البصمة الوراثية ومدي مشروعية استخدامها في النسب والجناية

جزاك الله خيرا على النقل
ولكن ،، ما أصعب قراءته !!!
ليتكم- بارك الله فيكم - تكبرون الخط وتوضحون الفرق بين المقاطع والفقرات
 
أعلى