العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الأخطاء الشائعة في تقوية الحديث بالمتابعات والشواهد..

إنضم
27 سبتمبر 2008
المشاركات
8
الكنية
أبو محمد
التخصص
قسم السنة وعلومها
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
حنبلي
من البداهة بمكان ألا يعرف تقوية الحديث بالمتابعات والشواهد الصحيحة ، والمحتملة الضعف فحسب ،بل لزم التنبيه على عدة أخطاء شائعة كتيرا ما نقع من المشتغلين من أهل صناعة الحديث بتحقيق الأسانيد والتي هي من أدق المسائل الني يجب أن يوليها المحققون عناية خاصة ، إذ ليست كل متابعة ، أو كل شاهد يصلح للتقوية ..

1ــ التقوية بالطرق شديدة الضعف :
..وإنما خص أهل العلم التقوية بالطرق ذات الضعف المحتمل ، وأما الطرق شديدة الضعف فلا يحصل بها تقوية ، بل هي لا تزيد الحديث على هذه الصفة إلا وهنا على وهن .
قال ابن الصلاح ـــ رحمه الله ــ [ص:34]
" ليس كل ضعيف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه ، بل ذلك يتفاوت ، فمنه ضعف يزيله ذلك ، بأن يكون ضعفه ناشئا من ضعف راويه ، مع كونه من أهل الصدق والديانة ، فإذا رأينا ما رواه قد جاءمن وجه آخر عرفنا أنه مما قد حفظه ، ولم يختل فيه ضبطه له ، وكذلك إذا كان ضعفه من حيث الإرسال ، زال بنحو ذلك ، كما في المرسل الذي يرسله إمام حافظ ، إذ فيه ضعف قليل يزول بروايته من وجه آخر .

و من ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك ، لقوة الضعف ، وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته ، وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متهما بالكذب ، أو كون الحديث شاذا "

وقد علق العلامة أحمد شاكر ـ رحمه الله ــ على هذا الكلام في الباعث الحثيث : [ص:38]:
" وبذلك يتبين خطأ كثير من العلماء المتأخرين في إطلاقهم أن الحديث الضعيف إذا جاء من طرق منعددة ضعيفة ارتقى إلى درجة الحسن أو الصحيح، فإنه كان ضعف الحديث لفسق الراوي أو اتهامه بالكذب ، ثم جاء من طرق أخرى من هذا النوع ،ازداد ضعفا إلى ضعف ، لأن تفرد المتهمين بالكذب أو المجروحين في عدالتهم بحيث لا يرويه غيرهم يرفع الثقة بحديثهم ، ويؤيد ضعف روايتهم ، وهذا واضح ."

وقال الشيخ الألباني ــ رحمه الله ـ في مقدمة " تمام المنة ": [ص31]
من المشهور عند أعل العلم أن الحديث إذا جاء من طرق متعددة فإنه يتقوى بها ، ويصير حجة ، وإن كان كل طريق منها على انفراده ضعيفا ، ولكن هذا ليس على إطلاقه ، بل هو مقيد عند المحققين منهم بما إذا كان ضعف رواته في مختلف طرقه ناشئا من سوء حفظهم ،لا من تهمة في صدقهم أو دينهم ، وإلا فإنه لا يتقوى مهما كثرت طرقه ...و على هذا فلا بد لمن يريد أن يقوي الحديث بكثرة طرقه أن يقف على رجال كل طريق منها حتى يتبين له مبلغ الضعف فيها ، ومن المؤسف أن القليل جدا من العلماء من يفعل ذلك ، و لا سيما المتأخرين منهم ، فإنهم يذهبون إلىتقوية الحديث لمجرد نقلهم عن غيرهم أن له طرقا دون أن يقفوا عليها ، ويعرفوا ماهية ضعفها ."

0 ــ ومن الأمثلة على هذا الخطأ الشائع :
حديث النوسعة على العيال في عاشوراء ، فإنه حديث منكر ، ولا يعرف له طريق صحيح ، ولا حسن ولا حتى محتمل .
ولكن وجدت البيهقي قد ذكر طرقه في "شعب الإيمان "[3/366]ثم قال : هذه الأسانيد وإن كانت ضعيفة فهي إذا ضم بعضها إلى بعض أخدت قوة "

2ــ تقوية رواية مجهول العين أو المبهم بغيرها ، أو تقوية غيرها بها :
من الأخطاء الشائعة في التقوية بالمتابعات والشواهد تقوية مجهول العين ـــ وهنا أفتح قوس ــشسخي الكريم ، هل صحيح "لا أصل للتقسيم إلى جهالة العين وجهالة الحال عند السبف ، إذ أنني وجدت في كتاب الديات للدراقطني في المجلد الثالث ...وقد أشار إلى أن الراوي إذا روى عنه إثنان فصاعدا فمقبول ، وإذا روى عنه راو أنه معلول ...هل هي قاعدة كلية أم لا؟؟ أريد جوايا من شيخي الفاضل ..
ثم ومن حكمه كالمبهم ــ بالمتابعة ، أو تقوية غيره به ، وهذا خلاف ما تقرر في المصطلح علم الحديث .
فإن جهالة العين من أسباب الضعف الشديد ، بل كثيرا ما يكون الراوي مجهول العين لا وجود له ، وإنما نشأ اسمه عن تصحيف ، أو وهم من أحد رواة الحديث ...
ولم أجد أحدا من أهل هذا الشأن ممن نص على التقوية بالمتابعة يذكر أن التقوية تكون بحديث مجهول العين ، وإنما خصوا ذلك ــ فيما يتعلق بالجهالة ــ بحديث المستور ومجهول الحال ..
وقد نقل غير واحد من أهل العلم الإتفاق على رد رواية مجهول العين إلا ماكان من احتجاج أبي حنيفة برواية بعضهم من التابعين .
ولذا قال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث "[ص:92]:
[ أما المبهم الذي لم يسم ، أو من سمي ولا تعرف عينه، فهذا ممن لا يقبله أحد علمناه ، ولكنه إذا كان في عصر التابعين والقرون المشهود لهم بالخير فإنه يستأنس بروايته ، ويستضاء بها في مواطن ]

قلت : بل الراجح ترك الإحتجاج برواية هذا الصنف مطلقا ، وترك التعضيد له أو به .

ومن الأمثلة على هذا الخطأ الشائع :
ما أخرجه أحمد [3/ 444،428]، وأبوداود [862] ، والنسائي [2/ 214] ، وابن ماجه [1429]من طريق :

تميم بن محمود ، عن عبد الرحمن بن شبل ، قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن نقرة الغراب ، وافتراش السبع ، وأن يوطن الرجل المكان كما يوطن البعير .
وله شاهد من حديث عثمان البتي ، عن عبد الحميد بن سلمة عن أليه مرفوعا بنحوه.
أخرجه أحمد [5/447،446]

وهذا الحديث قد حسنه الألباني ــ رحمه الله ــ في الصحيحة [1168]بمجموع الطريقين .
وبدارسة الطريقين نجد :

أن في الطريق الأول : تميم بن محمود ، وقال فيه البخاري : " في حديثه نظر " وضعفه العقيلي ، والدولابي وابن الجارود ، وقال العقيلي : " لايتابع على حديثه "
وفي الطريق الثاني : عبد الحميد بن سلمة ، وأبوه ، قال فيهما الدراقطني : "لا يعرفان "

وقال الشيخ الألباني ــ رحمه الله ــ
" عبد الحميد هذا مجهول كما في التقريب "

قلت : قد تفرد بالرواية عنه عثمان البتي ، وليس له راو عنه غيره ، فالجهالة هنا تنصرف إلىجهالة العين ، لا سيما وأنه قد اختلف عليه في هذا السند كما في ترجمته من "التهذيب "
فإذا تقرر ذلك ، فلا يصح تقوية حديثه بالطريق الأول ، إذ لو أننا سلمنا جدلا بأن الضعيف في الطريق الأول ضعف محتمل ، فالطريق الثاني قد تفرد به مجهول عين ، ومن ثم فلا يقوى به ...

3ـــ تقوية بالشواذ والمناكير :

ومن المعلوم بداهة أن من شروط الصحة انتفاء الشذوذ والنكارة ، وكذا هو من شروط الحسن ...فإن الشذوذ والنكارة من أسباب الضعف الشديد .
وكثير من المحققين اليوم يقوون بما لا يصلح به التقوية من مناكيرالرواة الضعفاء ، أو شواذ الرواة الثقات.

0ـــ ومن الأمثلة على هذا الخطأ الشائع :
ما أخرجه الترمذي [ 3489] ، والحاكم [1/493]من طريق :
صالح المري ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه "
قال الترمذي :
هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه "
وأما الحاكم فقال :
هذا حديث مستقيم الإسناد ، تفرد به صالح المري ، وهو أحد زهاد أهل البصرة ، ولم يخرجاه "

وتعقبه الذهبي بقوله :
"صالح منروك"

قلت : صالح هو ابن بشير المري ، أحد زهاد البكا ئين إلا أنه ضعيف جدا من جهة الرواية ، يروي المناكير والبواطيل عن الثقات ، وهو في حيز الترك ، وقد تفرد به من هذا الوجه عن هشام بن حسان، ولم يتابعه عليه أحد من أصحاب هشام الثقات ، ولا حتى الضعفاء ، ولذا قال الترمذي " غريب "وهو بمعنى المنكر .

وله شاهد من حديث عبد الله بت عمروــ رضي الله عنه ــ عند أحمد [2/177] إلا أنه من رواية حسن بن موسى الأشيب عن ابن لهيعة ، والحسن سماعه متأخر من ابن لهيعة ، وكذلك ففي السند بكر بن عمرو المعافري و فيه جهالة ..
فشاهد عبد الله بن عمرو وإن كان محتمل الضعف ، إلا أن السند الأول منكر ،و من ثم فلا يصح تقوية السندين أحدهما بالآخر كما فعل بعض أهل العلم من المعاصرين ...

4ــ تقوية الوجه المحفوظ أو المعروف بالوجه الشاذ أو المنكر :

وهذا شائع جدا عند كثير من المحققين المعاصرين،و مرد ذلك إلىعدم اعتبار الإختلاف في الطرق على الراوي ، واعتبار أن كل طريق من هذه الطرق حديث مستقل ، مع أن المحفوظ يقابله الشاذ ، والمعروف يقابله المنكر ، كما هو معروف .
إذن فالمحفوظ أو المعروف هو الرواية الراجحة ، والشاذ أو المنكر هو الرواية المرجوحة ، فلا يصح تقوية الراجح بالمرجوح ، لأن مرد الروايتين إلى أصل واحد ، ورواية واحدة ..

0ــ ومن الأمثلة على هذا الخطأ الشائع :
حديث : "إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه ".
هذا الحديث أخرجه الترمذي [2912]: ثنا إسحاق ين منصور ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن معاوية ، عن العلاء ين الحارث ، عن زيد بن أرطأة ، عن جبير بن نفير ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ...فذكره مرسلا .
فإن جبير بن نفير من التابعين ، ولذا قال البخاري ــ رحمه الله ــ في "خلق أفعال العباد "[509]
هذا الخبر لا يصح لإرساله وانقطاعه .
قلت : وقد أخرجه الحاكم [1/555]، والبيهقي في "الأسماء والصفات "[503] من طريق :
سلمة بن شبيب ، حدثني أحمد بن حنبل ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي بسنده ، إلا أنه قال : عن أبي ذر الغفاري ــ رضي الله عنه ــ فرواه مرفوعا متصلا .

وهنا يجب التنبه ، فلأول وهلة قد يظن المحقق أن المخالفة إنما وقعت بين إسحاق بن منصور ، وبين أحمد بن حنبل ، وكلاهما من الثقات الحفاظ المتقنين ، وليس الأمر كذلك .

بل الوصل في رواية الحاكم والبيهقي وهم من الراوي عن أحمد بن حنبل وهو سلمة بن شبيب ، فهو وإن كان من الثقات إلا أنه قد خولف في وصل هذا الحديث .
فقد رواه عبد الله بن أحمد عن أبيه عن عبد الرحمن بن مهدي به مرسلا كما في " السنة "[109] ، وكما في "الزهد "[35]
وتابعهم على الإرسال محمد ين يحي بن فارس ، عن ابن مهدي كما عند أبي داود في " المراسيل "[538]
وقد أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات "[502]من طريق :
عبد الله بن صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، فذكره بسنده إلا أنه قال :عن عقبة بن عامر الجهني .

وعبد الله بن صالح كثير الغلط ، كانت تدس له أحاديث فيحدث بها بسلامة باطن ، وقد خالفه الأكثر والأحفظ ، فلا شك أن الرواية المرسلة هي المحفوظة ، وأن الروايتين الموصولتين شاذتان .
وللحديث شاهدمن رواية أبي أمامة ــ رضي الله عنه ــ عند أحمد [5/267] والترمذي [2911]من طريق :
بكر بن خنيس، عن ليث بن أبي سليم ، عن زيد بن أرطأة ، عن أبي أمامة ، قال : قال النبي صلى الله ىعليه وسلم :
ما أذن الله لعبد في شيء أفضل من ركعتين يصليهما ، وإن البر ليذر على رأس العبد ما دام في صلاته ، وما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه "
قال الترمذي :
" هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وبكر بن خنيس قد تكلم فيه ابن المبارك وتركه في آخر عمره ، وقد روي هذا الحديث عن زيد بن أرطأة ، عن جبير بن نفير ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا."

قلت : فهذا الشاهد ليس إلا رواية منكرة أخرى من السند الأصلي المرسل ، والحمل في هذه الفرواية غلى بكر بن خنيس فإنه شديد الضعف منكر الحديث ، وليث بن أبي سليم ضعيف ، وقد تغير بأخرة تغيرا شديدا ، وقد خولف في رواية هذا الحديث .. والمرسل الأول هو الأصح ، ولا يصح الحديث إلا مرسلا .
إلا أن بعض أهل العلم من المعاصرين قد صحح الحديث بمجموع الطرق السابقة ، وهنا تباين واضح بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين ، مع أنها ما بين محفوظ وشاذ ، وليس فيها شيء محتمل الضعف ، وقد ظهر من إعلال البخاري والترمذي للحديث ما يدل على عدم صحته، أو حتى حسنه على أقل الأحوال .

5ـــ تقوية الحديث برواية بمجموعة من الرواة المبهمين :

قد يروي أحد الرواة حديثا عن جمع من المبهمين ، كأن يقول : حدثني جماعة من الأشياخ أو من عمومتي ، أو من الأنصار ز
فذهب بعض أهل العلم إلى أن مثل هذه الجماعة من المبهمين تقوي بعضها البعض ، وتنجبر الجهالة بعددهم ، ومن ثم يحسن الحديث إن كان باقي رواة السند ممن يحتج بهم ، أو يصحح و
وقد سار على هذه الطريقة الشيخ الألباني ــ رحمه الله ــ كما يظهر جليا فيما علقه في " الإرواء "[5/128]، وفي "الصحيحة " [1230]
قال في الصحيحة ..
[ إذا أسلم الرجل فهو أحق بأرضه وماله ]
أخرجه أحمد [4/310] عن أبان بن عبد الله البجلي ، حدثني عمومتي ، عن جدهم صخر بن علية : إن قوما من بني سليم ...

قلت : وهذا إسناد حسن إن شاء الله ، أبان هذا مختلف فيه ، والأكثر على توثيقه ، وقال الذهبي " حسن الحديث "وقال الحافظ: " صدوق في حفظه لين "

وعمومته جمع ينجبر جهالتهم بمجموع عددهم ، وقد روى عن عمه عثمان بن أبي حازم وهو من المقبولين عند الحافظ في " التقريب "و كأنه لذلك سكت عليه الحافظ في " الفتح "[6/131] ، وجعله موافقا لقول البخاري في صحيحه :" إذا أسلم قوم في دار الحرب ، ولهم مال وأرضون فهي لهم ."

قلت : واحتج في " الإرواء " لصحة هذا المذهب بما أخرجه البخاري في صحيحه [2/539]:
من طريق : سفيان بن عيينة، ثنا شبيب بن غرقدة ، قال : سمعت الحي يتحدثون عن عروة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا يشتري له به شاة، فاشترى له شاتين ، فباع إحداهما بدينار ، فجاءه بدينار وشاة ، فدعا له بالبركة في بيعه ، وكان لو اشترى التراب لربح فيه.
قال سفيان : كان الحسن بن عمارة جاءنا بهذا الحديث عنه ، قال : سمعت شبيب بن عروة فأتيته ، فقال شبيب : إني لم أسمعه من عروة قال : سمعت الحي يخبرونه عنه ,

ولكن سمعته يقول : سمعت النبي صلى الله ىعليه وسلم يقول :
"الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة "
قال : وقد رأيت في داره سبعين فرسا .

قلت : وقد أورد البخاري هذا الحديث ضمن مجموعة أخرى من الأحاديث في فضل الخيل في سبيل الله ، فالحجة عنده السند الثاني الذي صرح فيه شبيب بالسماع ، لا السند الأول ، فالسند ليس على شرط البخاري ، وإنما خرجه في صحيحه لتتمة الحديث التي فيها ىحديث الخيل ، وهو حديث منصل سمعه شبيب بن غرقدة من عروة البارقي ــ رضي الله عنه ــ
وهذا يرد كثيرا في البخاري ، فلا غرابة ، فإنه قد يروي حديثا ليس على شرطه لاتصاله برواية أخرى على شرطه .
ثم وجدت الشيخ الألباني ــ رحمه الله ــ يشير إلى أن هذا المذهب قد سار عليه السخاوي من قبله ، وهو كما قال ، فقد قال السخاوي في " المقاصد الحسنة "[1044]حديث :"من آذى ذميا فأنا خصمه ":
" أبوداود من حديث : ابن وهب ، عن أبي صخر المدني ، عن صفوان بن سليم ، عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله ، عن آبائهم دنية ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم / قال :
"ألا من ظلم معاهدا ، أو انتقصه ، أو كلفه فوق طاقته ، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس ، فأنا خصمه يوم القيامة ".
وسنده لا بأس به ، ولا يضر جهالة من لم يسم من أبناء الصحابة ، فإنهم عدد ينجبر به جهالتهم ، ولذا سكت عليه أبوداود وهذا ليس على إطلاقه ..فليس كل ما سكت عليه أبوداود فهوصالح فليراجع طالب العلم "ألفية السيوطي " لمحمد آدم الأثيوبي .
قلت : حكم المبهم حكم مجهول العبن ، وكما أن التعديل على الإبهام لا يعتد به ، فكذلك الجهالة الناتجة عن الإبهام لا ترتفع بالمجموع ، ولا تحصل لها التقوية بالعدد والكثرة ، لما في ذلك من الإحالة على الجهالة ، ولو كان ذلك كذلك ، للزم منه أن المجهول العين يقوي غيره ، ويتقوى بغيره ،بل الذي صح من صنيع الأئمة أن الحديث إذا انفرد بروايته المجاهيل أعلوه بذلك ، وجعلوه قادحا ، ولم يذهب أحد منهم بتقوية مثل هذا الحديث بمجموع الطرق المجهولة أو المبهمة الإسناد ، فليتنبه فإنها مسألة مهمة جدا ، قد تورد على الباحثين والمحققين كثيرا من التساهل في التصحيح ..
6ــ تقوية المرفوع محتمل الضعف بالموقوف :

وهذه مسألة من المسائل المهمة جدا ، ذلك لأن المذهب الذي بنى عليه العلماء الثول بالتقوية إنما كان تقوية المرفوع بالمرفوع ، وأما تقوبة المرفوع بالموقوف فلم يذكره إلا الشافعي ــ رحمه الله ــ في مسألة الإحتجاج بمراسيل كبار التابعين ، و الإحتجاج بالخبر شيء ، وتصحبحه شيء آخر .
ثم إنه خصه بمراسيل كبار التابعين ولم يطرده في غيرها ..
وهو الغالب ما يقع من المعاصرين في هذا الباب ليس تقوية المرفوع بالموقوف فحسب ، بل تقوية المحفوظ بالشاذ أو المنكر ، ومن الأمور التي تخفى على طلاب العلم وهو غالبا ما يكون الموقوف وجها آخر عن المرفوع ، قد اختلف فيه على أحد رواة الموفوع ...
فلعلي أسوق مثالا يجلي ذلك بوضوح هذا الخطأ الشائع :

ما أخرجه أبوداود[2652]من طريق : هشام ــ وهو الدستوائي ــ عن قتادة ، عن الحسن ، عن قيس بن عباد ، قال :
كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون الصوت عند القتال .
وهذا السند رجاله ثقات ، وهو صحيح ، لولا أن بعض المعاصرين قد أعله بعنعنة الحسن جريا على وصفه بالتدليس ، وجعل هذه العنعنة من أسباب الضعف المحتمل .
ثم ما أورد ما أخرجه أبو داود [2657]من طريق :
همام ، قال : ثنا مطر ، عن قتادة ، عن أبي بردة ، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك ، أي أنه مرفوع ، وليس بموقوف .

قال هذا المعاصر :
" وهذا إسناد حسن ، رجاله ثقات ، غير مطر وهو الوراق وحديثه يحتمل التحسين على ضعف فيه ، وخاصة أنه من رجال مسلم .
" فإذا انضم هذا الحديث إلى الموقوف الذي قبله ، ازداد قوة "
قلت : فمثل هذه التقوية لا تصح جملة ، ولا تفصيلا من جهتين :

الأولى : أنه قوى المرفوع بالموقوف ...
الثانية : أن المرفوع والموقوف وجهين لرواية واحدة، فلا بد من الترجيح بينهما ، فقد وقع الإختلاف في الوقف والرفع والسند على قتادة بن دعامة السدوسي ، فرواه هشام الدستوائي وهو من الحفاظ الثقات ومن الطبقة الأولى من أصحاب قتادة ـــ على الوجه الأول .
ورواه مطر الوراق ــ وهو صاحب أغلاط ومناكير ــ عن قتادة السدوسي بالسند الثاني مرفوعا .
ومن هنا يتبين تباين منهج متقدمي أهل الحديث في الترجيح وأنهم لا يقبلون الزيادة في السند ، وإنما يرجحون بالقرائن ، فرواية هشام الدستوائي هي الأصح .
ومن ثم تكون هذه التقوية من باب تقوية الراجح بالمرجوح والمحفوظ بالمنكر أو الشاذ ، ولم يقل بهذا أحد من أهل التحقيق وجهابذة أهل العلم ..

7ــ التقوية بالموقوف لفظا النرفوع حكما :

وأما التقوية بالموقوف لفظا إلا أن له حكم الرفع كما في الإخبار عن بعض الغيبيات ونحوها مما لا مجال للإجتهاد ، فقد قرأت للشيخ الألباني ــ رحمه الله ــ بأنه يذهب إلى تقوية بها كما في الصحيحة [1351]
ولم أقف على أحد ممن تقدم يقوون بعموم الموقوف ، نعم قد يذكرون الموقوفات عند الكلام على طرق الحديث ، إلا أن تقوية المرفوع بالموقوف استقلالا لم يذكرها أحد ضمن أسباب التقوية وأتواعها لا سيما الحافظ ابن حجر ، ومن قبله ابن الصرح ـــ رحمهما الله .
وأما السخاوي قرأت له في فتح المغيث [1/123] بأنه يذهب إلى أن الموقوف ، بل والمقطوع أحد ما يعتضد به المرسل ، ولم يطرده في غير المرسل من أسباب الضعف المحتمل الأخرى ، وهو توسع غير مرضي ، والظاهر إعتماده في ذلك على كلام الشافعي ، وقد تقدم أن كلامه مخصوص بمرسل كبار التابعين ، وأن ذلك من أجل قيام الحجة ، لا من أجل إثبات الصحة وفرق بينهما كبير ...

8ــ عدم اعتبار نكارة المتن عند التقوية بمجموع الطرق :
عدم اعتبار المتن بالنسبة للأسانيد، فمتى كان المتن منكرا ظاهر النكارة ، كان ذلك دليلا على عدم صحته ، وإن ورد من طرق محتملة الضعف .
فإن الدي صح عن العلماء وأهل النقد اعتبار المتون بالنسبة إلى الأسانيد عند البحث والتحقيق .
بل ربما يعلون بعض الأسانيد التي ظاهرها الصحة بعلة غير قادحة إذا كان المتن منكرا ، ولم يجدوا له علة ظاهرة ـ وقد ةنص على ذلك الشيخ المعلمي اليماني ثم المكي ــ رحمه الله ــ
0 ــ ومن الأمثلة على هذا الخطأ الشائع :
ما أخرجه البزار في " مسنده " [ كشف الأستار : 3013]من طريق :
عبد الله بن عبد الملك الفهري ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : أن إمرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم تبايعه ، ولم تكن مختضبة ، فلم يبايعها حتى اختضبت .
قال البزار : " لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد والفهري ليس به بأس ، و ليس بالحافظ "

قلت : فيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف الحديث ، وقد تغير واختلط اختلاطا شديدا بأخرة ، وعبد الله بن عبد الملك الفهري منكر الحديث كما قال العقيلي ، وقال ابن حبان : " لايشبه حديثه حديث الثقات ، يروي العجائب " وضعفه أبوزرعة ، والدراقطني ، وأما قول البزار :" ليس به بأس " فالظاهر أن هذا متعلق بعدالته، لأنه أردفه بعد ذلك بقوله :" ليس بالحافظ "فهذا تليين لحفظه ، وقد ذكر الحافظ في "اللسان "[3/384]عدة مناكير ، لا يحكم إلا بوضعها من روايته عن نافع ، عن ابن عمر ، فمثل هذا ضعفه شديد جدا .
وقد ضعف ابن القطان الفاسي هذا الخبر في "أحكام النظر "[ ص:163]بليث ابن أبي سليم ، وقال :
" وفيه نكارة ، فإن النبي صلى الله ىعليه وسلم لم يكن تصاحفه المبايعات ، إلا أن يكون معناه أنه أنكر عليها أن لا تكون مختضبة ، فأمسك عن إجابتها "
قلت : وعلى هذا التقدير الثاني أيضا ففيه نكارة أن يمتنع التبي صلى الله عليه وسلم عن مبايعة من أتت تريد الإسلام حتى تختضب ، فلو أنه ورد في الخبر أنه بايعها ثم أمرها بالخضاب لكان محتملا ، فهذا وجه نكارة لا يزول إن زال الأول ..

فالحديث كما ترى منكر السند والمتن جميعا ..
ولكن ورد له شاهد من حديث أم المؤمنين عائشة ــ رضي الله عنها ــ من طريقين ، وبلفظين :
الأول : ما أخرجه أبوداود[4166] ، والنسائي [8/142]، والبيهقي من طريق :
مطيع بن ميمون ، عن صفية بنت عصمة ، ةعن عائشة ، قالت : " أومأت امرأة من وراء ستر بيدها كتابا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده ، فقال :" ما أدري أيد رجل أم يد إمرأة "، قالت : بل إمرأة قال : " لو كنت امرأة لغيرت أظفارك "
قلت : وهذا سند ضعيف جدا ، فإن مطيع بن ميمون هذا منكر الحديث ، تفرد بالقليل من الأحاديث غير المحفوظة ، قال ابن عدي : "له حديثان غير محفوظين " ، قال ابن حجر :"أحدهما في اختضاب النساء بالحناء ..." وهو هذا الحديث ، وصفية بنت عصمة مجهولة العين ، تفرد بالرواية عنها مطيع ، فالحديث منكر من هذا الوجه .
والثاني :ما أخرجه أبوداود [4165] ومن طريقه البيهقي [8/76]من طريق :
غبطة بنت عمرو المجاشعية ، قالت :حدثتني عمتي أم الحسن ،عن جدتها ، عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ :
أن هند بنت عتبة قالت : يا نبي الله بايعني ، قال : "لا أبايعك حتى تغيري كفيك كأنهما كفا سبع "
قلت : وهذا السند كسابقه في شدة الضعف ، فغبطة بنت عمرو مستورة ، وعمتها وجدتها مجهولتان .
ولذا قال ابن القطان الفاسي في "أحكام النظر "[ص:162[
"هما ـــ أي حديثي عائشة ــ في غاية الضعف "

ويبقى شاهد ثالث وهو من رواية مسلم بن عبد الرحمن ، قال :
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع النساء ، عام الفتح على الصفاء ، فجاءته امرأة يدها كيد الرجل ، فلم يبايعها حتى ذهبت فغيرت يدها بصفرة ، أو بحمرة ، وجاءه رجل عليه خاتم ، فقال :
" ما كهر الله يدا فيها خاتم من حديد "
أخرجه البزار [كشف الأستار :2993]، والطبراني في " الأوسط " [1114] من طريق :

عباد بن كثير الرملي ، عن شميسة بنت نبهان ، عن مولاها مسلم بن عبد الرحمن به .
قال البزار :" لا نعلم روى مسلم إلا هذا "
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد "[5/154] :
"فيه شميسة بنت نبهان ، ولم أعرفها ، وبقية رجاله ثقات ".
قلت :وهذا عجيب من الهيثمي ، فأين ذهب عباد بن كثير الرملي ، وهو ليس بثقة كما قال النسائي ، بل قال فيه البخاري : " فيه نظر " بمعنى أنه متهم ، وقال علي بن الجنيد"متروك "وأما ابن معين فخالف الجمهور ، فوثقه ، فالظاهر أنه لم يظهر له حاله ، وشميسة بنت نبهان الأقرب أنها مجهولة والله تعالى أعلم ...
وقد درج بعض المعاصرين على تقوية هذا الحديث بمجموع الطرق دون التعرض لنكارة المتن فضلا عن نكارة الطرق التي ورد بها ...

9ــ تقوية الأسانيد محتملة الضعف دون اعتبار للزيادات في المتون :

قد يرد الحديث من طريق محتمل الضعف ، ويرد له متابعة أخرى أو شاهد محتمل الضعف أيضا ، ولكن مع عدم بعض الزيادات من المتن الأول ضمن المتن الثاني ، فيحسن المحقق المتن الأول بمجموع الطرق ، ولربما يحتج بما فيه من هذه الزيادات ، مع أنه لم يتابع على هذه الزيادات من الحديث .
فحاصل ما تقدم : أنه لا يحصل تقوية إلا للقدر المشترك للمتن بين مجموع الطرق .

0ــ ومن الأمثلة على هذا الخطأ الشائع :
ما أخرجه الترمذي [2641] من طريق : أبي داود الحفري ، عن الثوري ، عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقي ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله عليه وسلم :
" ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل ، حذو النعل بالنعل ، حتى إذا كان منهم من أتى أمه علانية ، لكان في أمتي من يصنع ذلك ، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة ..........كلهم في النار إلا واحدة " قالوا : من هي يا رسول الله ؟؟قال : "ما أنا عليه وأصحابي "

قلت : وهذا الحديث قد روي من وجه آخر عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وليس فيه قوله صلىالله ىعليه وسلم : " حتى إذا كان منهم من أتى أمه علانية ، لكان في امتي من يصنع ذلك "
وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم ضعيف الحديث ، ولكن لحديثه شواهد كيرة تؤيده ، إلا أنه لم يتابعه أحد على الزيادة المذكورة ، ومن ثم فلا يصح تحسين عبد الله بن عمرو ــ رضي الله عنه ــ في افتراق الأمم بهذه الزيادة ، لأن القدر المشترك الذي توبع عليه عبد الرحمن بن زياد هو أصل الحديث ، لا هذه الزيادة ..
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ما شاء الله تبارك الله

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

موضوع من الدقة بمكان وإن سلمنا به نظريا فما أصعب أن نلتزمه عمليا

وأقول على طريقة الذهبي في الحديث الحسن: وأنا على إياس أن يتفق الناس على ضبط هذا الباب، ولكن نسدد ونقارب، وأن تكون هذه المسألة منا على بال.
 

آدم علي عثمان

:: متابع ::
إنضم
8 نوفمبر 2008
المشاركات
8
التخصص
الفقه
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
الشافعي
2ــ تقوية رواية مجهول العين أو المبهم بغيرها ، أو تقوية غيرها بها :
من الأخطاء الشائعة في التقوية بالمتابعات والشواهد تقوية مجهول العين ـــ وهنا أفتح قوس ــشسخي الكريم ، هل صحيح "لا أصل للتقسيم إلى جهالة العين وجهالة الحال عند السبف ، إذ أنني وجدت في كتاب الديات للدراقطني في المجلد الثالث ...وقد أشار إلى أن الراوي إذا روى عنه إثنان فصاعدا فمقبول ، وإذا روى عنه راو أنه معلول ...هل هي قاعدة كلية أم لا؟؟ أريد جوايا من شيخي الفاضل ..
ثم ومن حكمه كالمبهم ــ بالمتابعة ، أو تقوية غيره به ، وهذا خلاف ما تقرر في المصطلح علم الحديث .
فإن جهالة العين من أسباب الضعف الشديد ، بل كثيرا ما يكون الراوي مجهول العين لا وجود له ، وإنما نشأ اسمه عن تصحيف ، أو وهم من أحد رواة الحديث ...
ولم أجد أحدا من أهل هذا الشأن ممن نص على التقوية بالمتابعة يذكر أن التقوية تكون بحديث مجهول العين ، وإنما خصوا ذلك ــ فيما يتعلق بالجهالة ــ بحديث المستور ومجهول الحال ..
وقد نقل غير واحد من أهل العلم الإتفاق على رد رواية مجهول العين إلا ماكان من احتجاج أبي حنيفة برواية بعضهم من التابعين .
ولذا قال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث "[ص:92]:
[ أما المبهم الذي لم يسم ، أو من سمي ولا تعرف عينه، فهذا ممن لا يقبله أحد علمناه ، ولكنه إذا كان في عصر التابعين والقرون المشهود لهم بالخير فإنه يستأنس بروايته ، ويستضاء بها في مواطن ]
قلت : بل الراجح ترك الإحتجاج برواية هذا الصنف مطلقا ، وترك التعضيد له أو به .

في هذا الكلام نظر:

1- الجزم بأن رواية مجهول العين لا تتقوى ولا يقوى بها نظرا لكون الجهالة من أسباب الضعف الشديد ، هذا الجزم ليس صوبا، فالمشهور عند العلماء أنها ليست من اسباب الضعف الشديد ، وقد نص العلماء على أن روايته مما يتقوى ، وممن صرح بذلك الدارقطني كما نقل عنه مصطفى بن إسمعيل في إتحاف النبيل (2/232). وانظر: تحرير علوم الحديث(2/1076) لشيخنا العلامة عبد الله الجديع فإنه ذكر المجهول من ضمن ما يصلح في باب الشواهد والمتابعات.

2-(وقد نقل غير واحد من أهل العلم الإتفاق على رد رواية مجهول العين إلا ماكان من احتجاج أبي حنيفة برواية بعضهم من التابعين .
ولذا قال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث "[ص:92]:
[ أما المبهم الذي لم يسم ، أو من سمي ولا تعرف عينه، فهذا ممن لا يقبله أحد علمناه ، ولكنه إذا كان في عصر التابعين والقرون المشهود لهم بالخير فإنه يستأنس بروايته ، ويستضاء بها في مواطن ] )


القول بعدم احتجاج رواية المجهول ليس المراد منه أن روايته لا تتقوى وإنما المراد به أن ما يرويه المجهول غير صالح للاحتجاج به إذا انفرد بذلك لأن من شروط الحديث المقبول أن يكون راويه عدلا وهو مالم يتحقق هنا. وأما فهم ذلك على أن روايته لا تتقوى إذا وجد ما يشهد لها فليس بصواب .

وقول الحافظ ابن كثير المذكور معناه أن المجهول إذا كان من التابعين وخاصة الكبار منهم فانه يتساهل في قبول روايته ولا يتشدد في ذلك . وبهذا يتضح أن تلك التقوية ليست من الأخطاء الشائعة وإنما من الأشياء السائغة المقبولة ، وأن وصفها بكونها خطأ هو الخطأ الغير السائغ.
 
التعديل الأخير:
أعلى