العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الأسلوب الفقهي

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الأسلوب الفقهي


هذا المبحث هو أول مباحث "خصائص الأسلوب الفقهي" التي ذكرها د. عبد الوهاب أبو سليمان في كتابه "منهج البحث في الفقه الإسلامي، والتي سبق سرد أسماء مباحث هذا الفصل عبر هذا الرابط
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=473
والآن إليك ما كتب:

الأسلوب الفقهي

يتميز أسلوب الكتابة الفقهية بالدقة المتناهية في تركيبه واختيار ألفاظه، وعباراته مع الوضوح والبيان، ذلك أن الفقه الإسلامي جملة وتفصيلا يتعلق بكافة الحقوق الدينية والمدنية والاجتماعية، وهو ما يبدو واضحا من تعريفه، وكما هو معلوم فقها أن حقوق العباد مبنية على المشاحة والمطالبة.
موضوع الفقه هو أفعال المكلفين المتصلة بالعبادات والحلال والحرام....وغير ذلك مما له علاقة بالحياة الدينية والاجتماعية التي تترتب عليها حقوق الله عز وجل وحقوق للعباد ولدى عرض الأحكام المتعلقة بها ينبغي أن تكون بعيدة عن اللبس والخلط وأن تصاغ مسائله وأحكامه في عبارات كاشفة دقيقة وباسلوب واضح، ولا يتأتى هذا للفقيه ودارس الفقه إلا بالتمرس بعبارات الفقهاء وفهمها وبكثرة الاطلاع على كتب الأدب ذات الأسلوب الرفيع والبيان الواضح وحاجته إلى التمكن من علوم اللغة العربية نحوها وصرفها وبلاغتها حتى يدرك مرامي الكلام، ومقاصد المؤلفين، فينعكس هذا على تعبيراته وأسلوب كتابته فصاحة في التعبير وبلاغة في الأسلوب، فيضع الأحكام الفقهية في ألفاظ رشيقة دون تكلف، في صياغة جميلة راقية تفصح عن المعنى المراد منها من دون تعقيد لفظي، أو معنوي، بحيث يتبادر المقصود منها بلا تكلف وعناء.
التنوع في الأسلوب الفقهي مهم جدا لاستمرار متابعة القارئ، وجذب انتباهه ليحاول الباحث أن ينتقل بالقارئ من الأسلوب التقرير السردي الخبري إلى الإنشائي الطلبي بأنواعه مما هو معروف في علم المعاني مع مناقشة ذكية تدل على فهم الموضوع والإحاطة بجوانبه.
كل حرف وكلمة وجملة في الفقه الإسلامي له مؤداها تمس نتائجها جميع الأطراف ذوي العلاقة بموضوع الحكم الشرعي، سواء منها ما يتصل بالأموال، أو الأعراض وهي موضوعات رشيقة اجتماعية حساسة.
من الأمثلة على دقة العبارة الفقهية:
أولاً : الحروف، وما يترتب عليها من أحكام علمية ما يتضح من العنوانين التاليين:
الأول: (الشروط في العقود).
الثاني: (شروط العقود)
لكل من العنوانين، أو بالأحرى العبارتين باب، وأحكام مستقلة متباينة، أسس لهذا الفرق والتمييز حرف الجر (في) كما في العنوان الأول، وخلوه من العنوان الثاني، لا شك أنه يترتب على هذا نتائج شرعية وعملية مهمة.
مثال آخر يدل على أهمية اختلاف الحروف في التعبير الفقهي في العنوانين التاليين:
الأول: العقوبة في المال.
الثاني: العقوبة بالمال.
الفرق بينهما:
"العقوبة في المال: هو قصر عقوبة الجاني على ما عصى الله به أو فيه سواء أريق أو أحرق أو تصدق به.
والعقوبة بالمال: هي أخذ مال من الجاني مما لم يعص الله به أو فيه."
هما موضوعان مختلفان متباينان كل التباين وما يميز أحدهما عن الآخر هو اختلاف حرف الجر في العنوان الأول عنه في الثاني."
ثانياً: الاتفاق في بعض الكلمات مع الاختلاف في بعضها الآخر.
من الأمثلة على ذلك:
شرط الأداء – شرط الصحة – شرط الوجوب.
الفرق بينهما كبير وشاسع، كشف عن المراد من كل عبارة منها في أسلوب واضح بعيد عن التعقيد اللفظي والمعنوي العلامة الشيخ محمد البناني المالكي رحمه الله تعالى قائلا:
"شرط الأداء: هو شرط التكليف بأداء العبادة أي فعلها.
شرط الصحة: هو ما اعتبر للاعتداد بالطاعة، كالطهارة للصلاة مثلا.
وأما شرط الوجوب: فهو ما به يكون من أهل التكليف.
كل ما هو شرط في الوجوب كالبلوغ والعقل وبلوغ الدعوة فهو شرط في الأداء، ويزيد شرط الأداء بالتمكن من الفعل، فالنائم غير مكلف بأداء الصلاة مع وجوبها عليه، فالتمكن شرط في الأداء فقط"([1])
مما سبق ندرك تفاوت النتائج، وتباين الأحكام بسبب إدخال حرف بدلا عن حرف، أو حذفه، أو اختيار كلمة بدلا عن كلمة أخرى، أو تعبير بدلا عن تعبير وهكذا.
حينئذ يتعين على الباحث الفقيه التحري والدقة في التعبير وبخاصة في المواضع التي تأخذ في الاعتبار رفع الخصومة والنزاع وذلك هو الشأن في عقود البيوع، والأنكحة والوصايا وغير ذلك مما يؤدي إلى عدم وضوح التعبير وبيانه إلى لبس ، وخلط ، ونزاع بين الأطراف والشرع الإسلامي الحنيف يحرص في تشريعاته تفادي كل ما يؤدي إلى ذلك بين أفراد المجتمع؛ إذ المقصد الأسمى في كل أموره إيجاد أسباب الوفاق والتفاهم بين أفراده، فالصياغة الفقهية السليمة الدفيقة تكلف تحقيق هذا المقصد الشرعي النبيل.
كما أن عدم التزام الدقة يؤدي إلى عكس ذلك مما يكرهه الشرع ولا يرتضيه، وقد جعل من جملة أسباب بطلان العقد كل ما يؤدي إلى الخصومة.

([1]) الفتح الرباني فيما ذهل الزرقاني.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
وفي الفصل الخامس: البحث الفقهي: الخطة والتطبيق
عقد د. عبد الوهاب أبو سليمان أول مباحث هذا الفصل في "البحث الفقهي اللغة والأسلوب" وإليك هذا المبحث بتمامه:

البحث الفقهي اللغة والأسلوب


الهدف من الكتابة في أي بحث هو إيصال المعلومات للقارئ بأجمل العبارات وأفصح الكلمات وأوضح الأساليب ذلك أن الألفاظ قوالب المعاني فالمعنى الرفيع في الأسلوب الرصين المشرق يكسب النص حيوية، ويوجد تيارا من التفاعل الفكري لدى القارئ.


البحوث الفقهية أكثر البحوث حاجة إلى اختيار العبارات السهلة الفصيحة والأساليب الأدبية المشوقة ليسهل على القارئ إدراك المعاني المقصودة في وضوح ويسر. الوسيلة إلى هذا هي قراءة كتب الأدب، والاطلاع على فنونه في مصادره القديمة والحديثة؛ ليعتاد الباحث حسن السبك وفصاحة اللفظ وتوليد المعاني والأفكار وتنويع الأسلوب في غير تكلف.


أحس العلماء قديما حاجة الفقهاء الملحة لدراسة الأدب والتمرس بالأساليب ذات الأغراض المختلفة بقصد أن يستقيم الفقه استنباطا للأحكام، وعرضا في التأليف والتدريس، وهو ما عبر عنه العلامة البطليوسي رحمه الله تعالى قائلا:


"...إن الطريقة الفقهية مفتقرة إلى الأدب، مؤسسة على أصول كلام العرب"([1])


تتواقر المقالات من كبار الفقهاء بالتأكيد على طلاب العلوم الشرعية بعامة، والفقه بخاصة في العناية بعلوم اللغة والأدب، يقول العلامة الحافظ أبو عمر بن عبد البر رحمه الله :


"ومما يستعان به على فهم الحديث ما ذكرناه من العون على كتاب الله عز وجل وهو العلم بلسان العرب ومواقع كلامها وسعة لغتها وأشعارها ومجازها وعموم لفظ مخاطبتها وخصوصه وسائر مذاهبها لمن قدر فهو شيء لا يستغنى عنه."([2])


إن إجادة اللغة العربية وأساليبها وآدابها أحد المعايير العلمية على كفاءة الفقيه وصحة استنباطاته، وعلى قدر إجادته لها وتمرسه بها تعرف كفاءته الفقهية، ومدى سلامة استنباطاته الشرعية، وهو ما يقرره الإمام أبو إسحاق الشاطبي قائلا:


"إن الشريعة عربية وإذا كانت عربية فلا يفهمها حق الفهم إلا من فهم اللغة العربية حق الفهم لأنهما [الكتاب الكريم والسنة] سيان في النمط ما عدا وجوه الإعجاز فإذا فرضنا مبتدئا في فهم العربية فهو مبتدئ في فهم الشريعة أو متوسطا فهو متوسط في فهم الشريعة والمتوسط لم يبلغ درجة النهاية فإن انتهى إلى درجة الغاية في العربية كان كذلك في الشريعة فكان فهمه فيها حجة كما كان فهم الصحابة وغيرهم من الفصحاء الذين فهموا القرآن حجة..."([3])


([1]) الإنصاف في أسباب الاختلاف.


([2])جامع بيان العلم وفضله



([3]) الموافقات - (ج 4 / ص 115)
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يرفع للفائدة
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
بل يثبت وجزاكم الله خيراً ...
نقل موفق.
 

محدي الأحمد

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
1 يناير 2009
المشاركات
1
التخصص
لغة عربية
المدينة
أسيوط
المذهب الفقهي
ليس لي مذهب محدد
المشرفين الأجلاء

المشرفين الأجلاء

شكرا لكم لجهودكم المسرفة وفقكم الله .
 
أعلى