العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الترغيب والترهيب في ابتداء العمل.

إنضم
25 مارس 2011
المشاركات
1,035
الكنية
أبو محمد
التخصص
فقه
المدينة
مكة المكرمة والشمال
المذهب الفقهي
أصول المذهب الأحمد

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله.

البداءة بالخير مرغَّب بها شرعاً، ومما جاء به الترغيب، أن يَفعل المؤمن ذلك؛ ليستنَّ به ! وهو في عمله ذاك صادقاً ومخلصاً لله وحده ويبتغي به وجهه تعالى.
وجاء الشرع أيضاً في الترهيب من البداءة بالشرّ خوف أن يستنّ به عياذاً بالله، مع مافي الشرّ من الإثم والبلاء.

قال رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم: ((من سنَّ في الإسلام سنّة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإسلام سنّة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء)).
ولذلك قصة فلتراجع في صحيح مسلم، وفي كتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري رحمهما الله؛ فإن سبب الحديث هو تَصدُّق رجل من الأنصار بماله، بعد أن ندب النبي صلى الله عليه وسلم الناس وحثّهم على الصدقة لقوم - غزاة قدموا المدينة - بهم فاقة وجوع. فتهلل وجهه صلى الله عليه وسلم... بعد أن كان متمّعرا.

وفي سنن ابن ماجه:
عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أيّما داع دعا إلى ضلالة فاتّبع فإن له مثل أوزار من اتّبعه ولا ينقص من أوزارهم شيئا، وأيّما داع دعا إلى هدى فاتبع فإن له مثل أجور من اتبعه، ولا ينقص من أجورهم شيئا)).
وله شاهد من حديث ابي هريرة رضي الله عنه. أخرجهما ابن ماجه رحمه الله.

فيحيى المسلم - بعد توفيق الله ورحمته - بالسنن، وتبقى أجورها بعد الممات، بحياة أخرى يشترك فيها مع مَن خلفه..
ويشقى البعيد بالسوء والفحشاء ويبقى وزرها عليه بعد الممات؛ حتى تترك . وفي ذلك حديث شريف.
وأنّى له من حسنات وهو قد تراكمت عليه السيئات، والله هو الحسيب الرقيب وهو العدل الحق.
والإثم والوزر قد يجريان حتى يقوم الأشهاد؛
قال تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ • ... وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون} [النحل]25 -26.

فلنتفكر في ذلك وفي كل فعل لنا ؛ فنعرضه على الكتاب والسنة فما وافقهما وافقناه وأحببناه، وما لا، فلا.


ويا أهل التوحيد والسنة اتقوا الله وأحبّوا الله وعظّموا أمره تعالى، وتقيّدوا بسنة نبيكم، وليكن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وسنته والدعوة إليهما أحب إليكم من أنفسكم وأهليكم والناس أجمعين، وليعظّم أمره ونهيه؛ فهو الذي لا ينطق عن الهوى.
قال تعالى:
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} النساء 65.

ولنتذكر أن من تعظيم الأمر: العلم النافع، ونشره، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبالتي هي أحسن، والنصيحة لله تعالى، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولأئمة المسلمين، وعامّتهم.
وليكن الخلق الحسن والقويم طريقنا لله في هذه الحياة الفانية.

ولننته عن المنكرات التي منها: الإفساد في الأرض، وترك نصرة المظلوم، والمعدوم ، وترك التفاخر بالعادات السيئة التي لا يقرّها الشرع المطهّر، وترك المنكرات الظاهرة في المجتمع والتي يستن بها الصغار والبنيّات تحديداً؛ لأنهن هنّ مَن يخرّجن الأجيال ويربين الأسر.
والتروك لها شأن وشأو.

وإن مِن المنكرات الظاهرة منكرات الأعراس والتفاخر فيها وتبذير الأموال في التقليد والمحاكاة، ولو أنَّ المؤمن والمؤمنة حكَّما عقولهما لما أسرفا ؛ فيما سيُسألان عنه في القبر، حيث لا مجيب إلا الصدق في (صندوق العمل).


ولو وُجِّهت هذه الأموال - المُفترى عليها - لسكن حسَن وتجارة رابحة لكان خيرا وأحسن تأويلاً.


ولنتق الله في العفّة ونشرها، وفي العفاف والالتزام فيه قولا وعملا واعتقادا.
والفرح بحسنته وأثره في النفوس
، ولنكرم أهل البرّ، ومَن أُمرنا ببرِّهم.


ولنحذر من الدخول على النساء وكثرته في المنشط والمكره، وفيما يسمى (بالتلبيسة)، أو فيما يسمى بالنشرة في يوم العرس، وحث كل مولّي مولّيته بلبس الحشمة والسنة؛ عن عقيدة واتباع؛ فمن ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه.


فالابتداء بالعمل الصالح في الحياة الزوجية، وفي عامّة شئون الحياة - من نفقة أو صدقة أو سنة أو دعوة بخير وغيرها من الأعمال المرضية - له أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة (الله أكبر).
والحياة الزوجية في ابتدائها يحرص البعض -فيها- على الشكليات، حتى لو دخل في المنهيات والمحرّمات، مع ان المفترض التوقّي؛ لحسن النتاج وبقاء الذكر الصالح الحسن، وللاستخلاف المبارك، والتمكين الحقّ في الأرض. والموفّق مَن وفَّقه الله.


فتكون للمؤمن حسنات وأجور تُنشر في حياته الدنيا، وفي حياته البرزخية وحتى يبعث ويُنشر يوم (التناد) !

ولنتمعّن في حديث ( أتدرون ما المفلس) ؟ في صحيح مسلم.... فليراجع مع شرحه للنووي رحمهما الله.
والضّدّ؛ كذلك بمثله في كل صغيرة وكبيرة، نسأل الله العافية والسلامة.

ولا شك ان الذنوب لها أثرها، ومن ذلك ما قاله أمير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنه: « ما جفت الدموع إلا لقسوة في القلوب ، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب».

لنتق الله في لباسنا وفي مظاهرنا وقبل ذلك في عقائدنا وفي قلوبنا؛ فإن الله يقلّبها. وينظر إليها وإلى أعمالنا، كما في صحيح مسلم الذي جاء فيه: ((... ولكن ينظر إلى قلوبكم [وأعمالكم] )).

ولنبدأ العمل بجد واتّباع بعد آداء هذا العمل العظيم (صوم شهر رمضان) ولا نتجاوز ونركن للأهواء والفتن.

ولو اجتمع أهل الإسلام على موقف صدق وبفخر ؛ لهدوا إلى صراط مستقيم وإلى الطيب من القول؛ ولأجبروا العالَم
على أن يطيع عالِـمهم المخلص المجتهد وولي أمرهم الرشيد العادل.

ولَتَناصر تجّار الإسلام في؛ إيراد النافع المشروع، بدلاً من التجنّي الممنوع على أسواق وألبسة وطعام وقوّة ومال واقتصاد المسلمين، وبدلاً من الاجتياح حتى في علب [السيردين] أو داء النيكوتين وهلوسات الإمفيتامين.

ولافتخَر العالَم (لهم وبهم) وواصلوا العطاء مع إخوة لهم، في المعتقد والإيمان معلّمين هادين مهديين وسفراء مملكة رخاء، وأطباء رحمة، وعسكر إسلام وسلام وأمان لأهله، ومهندسي أخلاق وعمارة ورقي وقوة... ومقنني نظم وإصلاح...


ولأنقذوا البشرية من الظلم والعدوان، ولزادت رقعة الخير والوفاء؛ التي تُحكّم شرع الله في أرض الله، ولأصبحت لدولتنا -القويّة بالله ما تمسّكت بذلك وهي كذلك بإذن الله - أخوات بعد يتم.


ولكان لأهل السنة والجماعة موقفا محمودا يسجّله التأريخ للأجيال القادمة فيقول: هكذا عبدوا ووحّدوا الله وعاشوا ولم يعرضوا عن ذكر الله وإقامته في الكون، بل ويسجل التأريخ على ساحته المشرقة؛ هكذا صمدوا للأحد الصمد؛ رغم قوة الأحداث وعسر النوازل ؛ فأنتجوا، وهم مفاتيح وخزائن خير وعلم وعمل بصبر وأهل لهذا الدين العظيم.

ولهم (طوبى) وفرح وقرّة عين، فيرغبون بها ؛ فهي لكل ((عبد جعله الله مفتاحاً للخير مغلاقاً للشرّ)).


وهم يرهبون من ((ويل)) التي هي لكل ((عبد جعله الله مفتاحا للشرّ مغلاقاً للخير)) ؛ كما في معنى الحديث الشريف الذي أخرجه ابن ماجه والترمذي وغيرهما وحسّنه لغيره الألباني رحمهم الله.
ولقد ((بدأ الإسلام غريبا)) وفردا فردا ...

ولنتفكّر في حكمة الله تعالى وأننا إليه راجعون، وراغبون بشرعه ودينه، وممتثلون لأمره الكوني والقدري، ولقد كان أحد بني آدم؛ مَن سَنّ القتل ظلماً !
ومنهم من قال {إني أخاف الله رب العالمين}.


ومن الناس - الآن - من يقتل عفّة ذوات الخدور بماله وفكره وقلمه ومسؤوليته، ومنهم مَن يحييها، ويدافع عنها ويؤكّد ثباتها وقابليتها لكل زمان ومكان - فهي مغذّي ومُمِدّ البشرية كلها- ؛ فيُحيي الناس جميعاً، أو يُبقي مَن يكون في وجوده أمان وإيمان لمن ينمّي سلالة المؤمنين الصالحين والمصلحين في الأرض.
والخوف كل الخوف أن يكثر فيهم - البعيد- ولد الزنا.
فهو الفتاك وهو الخصم القاتل الألدّ ..


- اللهم إنا نعوذ بالله من شرّ ما عملنا ومن شر مالم نعمل. (م)


خاتمة:


العقل أمان ما تقيّد بالشرع الذي حماه وزيّنه، ومن دعاء عمر بن عبدالعزيز رحمه الله : «اللهم بارك لي في عقلي».
ومطالب أولي النهى عزيزة !
ومن أعزّ أمر الله أعزه الله؛
قال تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} القصص 83.


فالله معهم ؛ إذا طبّقوا وأعزّوا أمره ونهيه وعظّموهما، {والذين هم محسنون} آخر النحل.


نسأل الله العزّة والثبات؛ بعافية وخير ويقين، وأن يستعملنا بطاعته ورضاه، وأن نستعمل جوارحنا بمعافاة دائمة، إنه وليّ ذلك والقادر عليه سبحانه.
وأن يجعلنا من عباده الصالحين المصلحين.
وسلام على المرسلين، وعلى نبينا محمد أفضل صلاة وأزكى تسليم.


وكتب أخوكم /
ملفي بن ساير العــنزي
الجمعة 6/ 10/ 1433هـ​
 
أعلى