العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الضوابط الاصولية للمواسم المحظورة

إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
الضوابط الاصولية للمواسم المحظوره
دار نقاش بيني وبين طالب علم حول مشروعية الاحتفاء بالمواسم المحظورة ، فهو يعتقد الاباحة ومحرر هذه المقالة يعتقد المنع . وحجته في الاباحة أن المواسم المحظورة من العادات التي أصلها الاباحة . والعادة محكَّمة . ويستشهد لتعزيز رأيه بقول الله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ﴾ (يونس: ٥٩) . وبالحديث المرويِّ :" ما رآه المسلمون حسنا، فهو عند الله حسن " .

والتحقيق أن المواسم المحظورة سواء كانت من العبادات أو من العادات، لا يجوز التعبد بها او الاحتفاء بها ،لا سيما اذا عرف صحة الدليل القائم على حظرها ، اذ الغاية الوقوف على المعنى والحقيقة التي تؤؤل اليها . والحقائق الشرعية مقدمة على الحقائق العرفية واللغوية اذا كانت تتعلق بأصل عقدي .

وبعض أهل العلم الذين رخصوا في بعض المواسم المحظورة ،إما أنهم لفقوا الأدلة لفهمها على غير المراد منها ،أو أنهم حشدوا العلل العقلية لتجويز مرادهم ، والامران ممنوعان شرعا . ولهذا قال علي بن ابي طالب(ت: 40هـ ) رضي الله عنه :" لو كان الدِّين بالرأي، لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه " .
والمواسم المحظورة بدعة أحدثها البطالون ، وشهوة نفس اعتنى بها الأكالون ، على حد تقعيد العلامة الفاكهاني(ت: 734هـ ) رحمه الله تعالى .

والملاحظ في الأزمنة المتأخِّرة عدم العمل بالدليل الراجح ، بحجة عدم الاجماع عليه . وقد كان السلف الصالح يردون كل قول خالف الحق المعتبر على قائله كائنا من كان، حتى ولو صدر من صحابي مرضيِّ عنه ، فضلا عمن هو دونه .
وقد كان عبد الله بن عباس(ت: 68هـ ) رضي الله عنه، يحتج في مسألة متعة الحج بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره لاصحابه بها، فيقولون له : إن ابا بكر وعمر أفردا الحج ولم يتمتعا، فلما أكثروا عليه ،قال يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول لكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر . ولما قيل له إن أباك نهى عنها ،فقال إن أبي لم يرد ما تقولون، فلما أكثروا عليه قال : أقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبعوا أم عمر ؟ .

• الضوابط الاصولية للمواسم المحظورة :
1-النية الحسنة لا تُصِّير البدعة سنة :
فمن تلبس بعادة لا دليل عليها ورآها حسنة واحتج بصفاء نيته وحسن قصده ،فإن عمله مردود عليه شرعا وعقلا ،ولا يجوز الاقتداء به على أيِّ وجه من الوجوه . وهذا يمنع المداومة عليها والانقياد لها . وفي الحديث المرفوع : " لا حمى الا لله ولرسوله " صلى الله عليه وسلم . أخرجه البخاري . والعلامة السيوطي( ت: 911هـ ) رحمه الله تعالى يقول : "إنما تعتبر العادة إذا اطردت ، فإن اضطربت فلا " .

2-كل أمر ظهرت مصلحته زمن التشريع ولم يفعل فهو محدث :
إن انتشار الفعل وذيوعه لا يدل على جوازه ، وكتمه لا يدل على منعه .
وأغلب المواسم التي لا نص في اباحتها ،لا منفعة للناس فيها . وأغلب ما يخالف النصوص والأدلة من العادات لا حاجة للناس فيها ،لأن الله أعلم بما ينفع الناس . قال سعيد بن جبير (ت: 95هـ ) رحمه الله تعالى : " مالم يعرفه البدريون فليس من الدِّين " .

3-كل بدعة ضلالة ، وكل بدعة محرمة :
وقد ثبت في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " . أخرجه الشيخان . والبدعة تكون بالفعل وبالترك . وتكون في العادات والعبادات . والمواسم التي لم تشرع وداوم عليها الفاعل اذا اقترن بذلك قصد القربة ،صارت مبتدعة، وإن لم يقترن بها صارت عرفية، ولا يجوز المداومة عليها على وجه شرعي الا بدليل . ولو عمل بعض العلماء ببعض العادات والمعاملات التي لا نص فيها ،وألزموا الناس بها مما فيه مشابهة للكافرين ، فقد وقعوا في البدع التي هي الهلاك والضلال . وأثم من اتبعهم .

4-ليس كل مجتهد مصيبا :
بعض من يجتهد في الدعوة الى المواسم أو يحتفي بها، يدَّعون أنهم مجتهدون ، إن أصابوا أُجروا مرتين، وإن أخطأوا أُجروا مرة . والاجتهاد إن كان في أصل قام عليه الدليل فلا بأس . أما إن كان في أصل لا دليل عليه، وفيه تشبه بغير أهل الاسلام وتحسين لمحدثات الامور فأين الاصابة حينئذ ؟! .ومن ادعى التعارض لزمه الترجيح . قال ابن تيمية (ت: 728هـ ) رحمه الله تعالى : "اذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات أو تزاحمت، فانه يجب ترجيح الراجح منها" .

5-الامور بمقاصدها :
إن كان القصد من المواسم التي لا دليل عليها اقامة الدين، فإن ذلك يكون باتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم . وتلك المواسم لا يقصد منها اقامة الدين ، ولم يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم احتفى ببدر أو حنين أو فتح مكة . وهذا ينسحب على غيرها من المواسم التي يحتفى بها . وهذا المعنى أشار اليه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله : "
الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما" . فإذا كانت صحة الصلح قائمة على مورد الدليل ، فكيف بما هو أعلى منها بدرجات وله تعلق بأصل الدين .

6-لا يداوم على ما لم يداوم عليه النبي صلى الله عليه وسلم :
فان المداومة على بعض المواسم المحظورة بلا مستند شرعي، من أسهل الابواب التي يدخل منها الاحداث في الدين . ولهذا لم يداوم الرسول صلى الله عليه وسلم على فعل النوافل جماعة . فكل موسم داوم عليه أحد بلا دليل فهو باطل .

7-المقصد الشرعي من وضع الشريعة ،اخراج المكلف من داعية هواه حتى يكون عبدا لله اختيارا كما هو عبد لله اضطرارا :
فيجب على المسلم أن يمتثل لكل مسالة يتم التنازع فيها، بأن يرجع فيها الى حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم ، لا إلى حكم العوائد والمشايخ والأعراف . والتجرد من الهوى في مثل هذه المسائل يفضي الى معرفة الحق بلا أدنى كلفة .

8-النظر في مآلات الافعال معتبر شرعا، سواء كانت الأفعال موافقة أو مخالفة :
فهذه المواسم التي تكرر ويداوم عليها الناس، تكون مع مرور الايام سبيلا الى اختراع مواسم وامور محدثه وطرق مخترعه في الدين، مما يورث الشبهات في أصل الدين . وكم من بدعة جرت على الناس بدعا كانوا في غنى عنها .

9-يستحيل الجمع بين الحظر والوجوب في فعل واحد من جهة واحدة :
فالحظر يقتضي ترك الفعل، والوجوب يقتضي الاتيان بالفعل، ويستحيل شرعا وعقلا الفعل والترك للشي في نفس الزمان والمكان . فالمواسم المبتدعة إما أن تكون محظورة أو واجبة ، فمن قال بوجوبها طولب بالدليل في مشروعية المداومة عليها . وهذا الضابط ينسف المواسم المحظورة من جذورها .

10-كل عمل -ولو كان مشروعا -يفضي الى الاحداث في الدين فهو ملحق بالبدعة :
فبعض المواسم يريد منها أهلها الخير، وهم ليسوا معروفين بالبدع وكراهية الدين . و بعض البدع قد يكون لها فوائد في نظر الناس، لكنها مردودة بمقياس الشرع . وفي قصة عبد الله بن مسعود(ت: 32هـ ) رضي الله عنه، لما رأى قوما في المسجد يجلسون حِلقا ،وفي كل حلقة رجل وفي أيديهم حصى فيقول كبروا مئة .. قال كلمته المشهورة :" كم من مريد للخير لن يصيبه " .
هذا ما تيسر تحريره . والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

المصادر :
1-اقتضاء الصراط المستقيم / ابن تيمية / 2- 591 وما بعدها .
2-اعلام الموقعين / ابن الجوزية /2/ 390- وما بعدها .
3-الاعتصام / الشاطبي/ 2- 57 وما بعدها .
4-القواعد الاصولية وطرق استنباط الاحكام منها /لمحمد شريف مصطفى / ص/33 .
5- اصول الفقه على منهج أهل الحديث / لزكريا غلام / ص/ 43 .
 

عالية الهمه

:: متابع ::
إنضم
26 أبريل 2012
المشاركات
36
التخصص
دراسات اسلاميه
المدينة
مكه
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الضوابط الاصولية للمواسم المحظورة

بارك الله فيك ووفقك الله
 

محمد المالكي

:: عضو مؤسس ::
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
299
التخصص
الفقه
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
000
رد: الضوابط الاصولية للمواسم المحظورة

الضابطان 9 . 10
لم أفهمهما رجاء التكرم بمزيد توضيح بارك الله فيك.
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: الضوابط الاصولية للمواسم المحظورة

جزاكم الله خيرا وسددكم ، وزادكم علما وإيمانا .
أرجو التكرم بمراجعة الرسائل الخاصه .
 
أعلى