العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بحث بعنوان تنظيم الاسواق للاخ احمد الانصاري

إنضم
9 نوفمبر 2016
المشاركات
17
التخصص
الاقتصاد الإسلامي
المدينة
المدينة المنورة
المذهب الفقهي
الحنبلي
السلام عليكم هذا بحث بعنوان (تنظيم الاسواق)للاخ أحمد الأنصاري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام عَلَى سيدنا مُحمَّد وآله وصحبه أجمعينوبعد...
لا تخفى أهميَّة الأسواق في المجال الاقتصادي ، وقد وقعت العناية بها في صدر الإسلام وما بعده من عهود وازدهرت التجارة والصناعةوالزراعة وحفظ الأموال العامة عموما ، وكانت القيم والأخلاقيات مراعية ، بالإضافة للأحكام الشرعية ، ومضى التجّار دعاة بسلوكهم قبل مخاطبتهم للشعوب في أقاصي المعمورة ناشرين للإسلام. إنّ الأسواق قد حظيت برقابة محكمة من خلال الحسبة التي هي نظام مزدوج الطبيعة ، حيث تعنى بشتى الجوانب من دينية وأخلاقية وفنية واقتصادية. ولأهمية الأسواق فقد ورد ذكر ذلك في الكتاب والسنة قال الله تعالى: {وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان:20] ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرتاد الأسواق حتى إن المشركين عابوه بذلك ، كما قال الله تعالى حاكياً عنهم: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} [الفرقان:7] ، وقال الإمام البخاري: باب ما ذكر في الأسواق وقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لما قدمنا المدينة قلت هل من سوق فيه تجارة؟ قالوا: سوق قينقاع. وهذا بحث موجز يسلط الضوء عَلَى تنظيم الأسواق ، مع تناول المتطور العصري للتنظيم الذي ثبت أَنَّه مقتبس من نظام الحسبة من خلال النشر والترجمة لكتب الحسبة من قبل المستشرقين ، والله الموفق.


تعريف التنظيم:
هو عملية بناء الشكل الذي تفرغ فيه الجهود الإنسانية لأجل تحقيق هدف.
تعريف السوق:
المكان أو التنظيم الذي يمكن البائعين و المشترين لسلعة معينة الاتصال يبعضهم البعض.

الأسواق والتجارة قبل الإسلام:
كان لموقع شبه الجزيرة العربية أثره في تنشيط التجارة ؛ لأنها تطل على مياه شط العرب والبحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن مماأسهم في ازدهار التجارة فيها ، فضلا عن وجود الكعبة في مكة ممايجذب الناس إليها.
ورافق التجارة نشاط الحركة في الأسواق التي أخذت تتطور حتىأصبحت لها أهمية خاصة في حياة العرب قبل الإسلام ، كان منها مايخضع لسيطرة بعض القبائل إذا وقعت ضمن منطقة نفوذها.
ومن هذه الأسواق ما كان يقتصر نشاطه في الأغلب على ما كانيجاوره من الأحياء والقرى ، وما ينزل بساحته من القبائل كسوقالثعلبية و الأحساء وغيرها ، ومنها ما كان عامّاً تفد إليه الناس منأطراف شبه جزيرة العرب مثل سوق دومة الجندل وصحار ودباءوالشحر ورابية حضرموت وذو المجاز وفطاة خيبر، والمشقر، وحجراليمامة ، وصنعاء ، ومنى وعكاظ وعدن.
يذكر أسواق العرب قبل الإسلام ، فقد ورد ذكرها في صحيح البخاريفي مواقع عدة ومن هذه الأحاديث ما يرويه ابن عباس رضي اللهعنهما حيث يقول: "كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقاً فيالجاهلية، فلما كان الإسلام فكأنهم تأثموا فنزلت الآية(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ ) البقرة:198 ولما جاء الإسلام طرحوا الإثمبمعنى تركوا التجارة في الحج حذرا من الإثم.
أما النقود التي كانت متداولة في أسواق العرب قبل الإسلام فهيالدينار الذهبي البيزنطي والدرهم الفضي الساساني ، وفي هذهالأسواق كانت تقوم المعاملات التجارية والبيوع وعقد الصفقات.


الاستقلالية عن سوق اليهود وإنشاء السوق الإسلامي:
كان للعرب في الجاهلية أسواقاً يتايعون فيها ، روى البخاري في صحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت عكاظ ومَجّنَّة وذو المجاز أسواقاً في الجاهلية ،فلما كان الإسلام فكأنهم تأثموا فيه ، فنزل قول الله تعالى:
E7CA3655-ADD6-4F39-A036-07F8F7A80B38.gif
ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم
4A8D1811-6CAA-419C-9386-9295974D707D.gif
.
وكان بالمدينة في الجاهلية عدة أسواق متنوعة الأغراض ، منها سوق حُباشة ، وهذه السوق كانت مخصوصة لبيع العبيد ، وسوق بالجسر في بني قينقاع وغيرها من الأسواق. فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، حدد مكاناً معيناً للسوق في موضع بقيع الزبير ،وضرب فيه قبة، وقال لأصحابه: هذا سوقكم.الرسول e علم أن الدولة الإسلاميّة لا يمكن لها أن تقوم في المدينة ، وهي تعتمد على سوق بني قَيْنُقاع اليهودي ؛ لذلك أمر الصحابة بأن يبحثوا عن مكان مناسب في المدينة المنوّرة ليصبح سوقًا للمسلمين ، ويتحكم في تجارته المسلمون ، ويُدار على شرع المسلمين وقانون المسلمين ، وقد اجتهد الصحابة في البحث عن مكان مناسبٍ للسوق ، وذهبوا هنا وهناك وذهب الرسول e بنفسه إلى أكثر من موضع ، ولم يعجبه في البداية المواضع المختارة إلى أن رأى موضعًا يصلح من حيث المساحة والموقع ، فقالe: "هَذَا سُوقُكُمْ". وانظر إلى رواية الطبراني وابن ماجه رحمهم الله ، عن أبي أسيد قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ لَهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَوْضِعًا لِلسُّوقِ ، أَفَلاَ تَنْظُرُ إِلَيْهِ ؟ قَالَ: "بَلَى". فَقَامَ e مَعَهُ حَتَّى جَاءَ مَوْقِعَ السُّوقِ، فَلَمَّا رَآهُ أَعْجَبَهُ، وَرَقَدَهُ بِرِجْلِهِ - أي ضرب موضع السوق برجله- فَقَالَ: "هَذَا سُوقُكُمْ، فَلاَ يُنْتَقَصَنَّ (أَي لا ينتقصن من قيمة هذا السوق، ولا من أرض هذا السوق)، وَلاَ يُضْرَبَنَّ عَلَيْهِ خَرَاجٌ" ، أي لا يصح للحاكم أن يضع قيودًا أو ضرائب على من يريد أن يتاجر في هذا السوق ؛ وذلك ليشجعeالتجارة الإسلاميّة.
وقد اهتمَّ المسلمون بإنشاء الأسواق في جميع البلاد الإسلامية لاسيما في المدن الكبرى, وكانت الأسواق عامة تتعامل بجميع أنواع التجارة, وكان لها مشرفون أو عاملون أو ولاة حسبة ينظمون أمرها، ويراقبون ما يجري فيها ويعينون من الدولة.
ثم عنى الخلفاء الراشدون بالسوق ورقابتها ؛ فقد عين عمر بن الخطاب عاملا على السوق يتجول في السوق بنفسه أحيانا ويمنع من الغش في البيوع.


الأسواق والتجارة في عصر الرسالة:
ورد ذكر الأسواق والتجارة في آيات القرآن الكريم وأغلبها تدعو لتنظيم التجارة في عصر الرسالة والعصور التي
تليه منها قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ)
النساء:20، وقوله تعالى:( إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ) البقرة:282.
وذكر البخاري الأسواق والتجارة وكل ما يتعلق بها في سياق الأحاديثالنبوية الشريفة التي تركز في مجملها على الأسواق والتجارة فيالمدينة المنورة كونها مركز الحكم والإدارة ، ومقر الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة رضوان الله عنهم ومن هذه الأحاديث الشريفةنلمس مدى التطور التجاري الحاصل في المدينة المنورة بعد هجرة الرسول وصحبه الأخيار إليها ، كيف لا والرسول دائم التشجيعللتجارة والعمل من أجل الكسب الحلال كما وأن المسلمين بعد هجرتهم إلى المدينة عملوا على إنعاش التجارة والأسواق فيها ، ذلك أن أهلمكة عرفوا بعقليتهم التجارية وإن التجارة كانت مرتكز حياتهم الاقتصادية لذا عند قدموهم إلى المدينة عملوا بالتجارة.
وطوروها وخير دليل على ذلك ما رواه البخاري عن أنس بن مالك رضيالله عنه قصة قدوم عبد الرحمن بن عوف المدينة، وكيف آخى النبي بينهوبين سعد بن الربيع الأنصاري فعرض سعد على أخيه عبد الرحمن أنيناصفه ماله ، إلا أن عبد الرحمن بن عوف رجح التجارة فسأله أن يدلهعلى السوق وباشر التجارة بنفسه.
اشتغل الصحابة بالتجارة في زمن النبي e وأقرهم على ذلك لتشجيعهعليه الصلاة والسلام للعمل وروى البخاري عن أبي هريرة رضي اللهعنه قوله كان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق ، وكانت الأنصاريشغلهم القيام على أموالهم فالمهاجرون كان يشغلهم عقد البيعوالتجارة والقيام على مصالح الزرع كذلك الأنصار، أما أبو هريرة فلميكن يملك شيء يتجر فيه ولا أرض يزرعها فكان لا ينقطع عن رسولاللهe .

مقدمة في الحسبة:
الحسبة: اسم من (الاحتساب) يقال: احتسب بكذا اكتفى به ، واحتسب على فلان الأمر أنكره عليه ، احتساب الأجر: ادّخاره عند الله تعالى.
ويسمَّى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: احتسابا وحسبة ؛ لأنّ الأصل أن يفعله الشخص للأجر والثواب وليس للرياء والسمعة ، أو إظهار العلوِّ أو الكبرياء ، وتستمد أحكام الحسبة في الجملة من أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواضح وجوبهما في القرآن والسنّة ولا يتسع المقام لذكرها.
والمحتسب: هو من نصبه الإمام أو نائبه للنظر في أحوال الرعية والكشف عن أمورهم ومصالحهم ، كما يطلق على المتطوّع بِمهمّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع ضوابط تميز مهمته عن المحتسب المعين من أولى الأمر.
ونظام الحسبة يقوم على تخصيص جهاز أو هيئة تكلّف بمراقبة الأسواق ، وقد أورد ابن عبد البرّ في الاستيعاب وابن حجر في الإصابة ـ كما في التراتيب الإدارية لعبد الحي الكتاني ـ «أن النبيّ eاستعمل سعيد بن العاص على سوق مكّة» وذكر ابن عساكر «أنه eولَّى عبد الله بن سعيد بن العاص سوق المدينة».
يعد نظام الحسبة الإسلامي قائما بذاته وذلك لأته يشمل جوانب عديدة من ضمنها مسألة السوق ، وإن كانت بداية الحسبة قد نشأت لضرورات اقتصادية ، وبذلك لا يمكن عد نظام السوق اليوناني أساسا لفكرة الحسبة في الإسلام ،لأن الحسبة في المجتمع العربي الإسلامي تتضمن جانبين أحدهما مادي(يتعلق بالأسواق) والآخر معنوي (أخلاقي)وهي رقابة لكل النشاط الإنساني في المجتمع.
فنظام الحسبة الإسلامي ، ذلك النظام الرائد في مجال تنظيم العمل الاقتصادي وإدارته على نحو منظم ورصين بما يضمن تحقيق مبادئ الإسلام في إشاعة الحق والمساواة وسيادة الأخلاق والمثل والقيم السياسية وأن بداية ظهور الاحتساب مع مبادرة الرسولe وكما يلي:

الحسبة على الأسواق في عهد الرسول والخلفاء الراشدين:
الحسبة في عهد الرسول:
لقد بدأت الحسبة في عهده صل الله عليه وسلم بشكل فردي تطوعي لا تديره ولاية ولا يتم عن طريق تنظيم معين فالحسبة كغيرها من أعمال وخطط الحكومة النبوية في المدينة النبوية وفي بداية تأسيسها تدار بشكل فردي.
ولذا نجد انه عندما ظهرت مخالفات كثيرة أراد الرسول أن يعالج الحالة بحكمة وبنظام ، ويظهر ذلك من خلال تكليفه لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بالإشراف على سوق المدينة ولسعيد بن العاص على سوق مكة وهذا دليل على نهجه السليم عليه الصلاة والسلام في جعل الأمور تسير في إطار الشرع ومبادئ الدين والأخلاق.
وكان صل الله عليه وسلم قد بدأ قبل ذلك بالحسبة بنفسه قولاً وعملاً فمن حسبته الفعلية أنه مر يوماً على سوق المدينة فوجد صاحب طعام يبيع وكان قد أخفى الطعام المبتل بالماء داخل صبرة الطعام فمد يده عليه الصلاة والسلام إلى الصبرة وأدخلها في وسطها وقد يكون شك في غش هذا الرجل أو أنه أوحي إليه فلما أدخل يده في وسط الصبرة وجد بللا قال "ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال:لقد أصابته السماء يا رسول الله قالe أفلا جعلته في أعلى الطعام حتى يراه الناس ، من غشنا فليس منا "
ومن صور احتسابه e وهي كثيرة جدا بل كل ما أسده للأمة وجهها إليه من خير وان كان تكليفا من ربه فهو صور حسبية لكن من أمثلة احتسابه e فيما يتعلق بالأسواق ما ثبت قي الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الناس كانوا يشترون الطعام من الركبان على عهده e فبعث عليهم من يمنعهم أن يبيعوه حيث اشتروه حتى ينقلوه حيث تباع الأطعمة وفيه أيضا عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه رأينا الذين يبيعون الطعام مجازفة يضربون على عهد رسول الله أن يبيعوه حتى يذهبوا به إلى رحالهم.
وصور احتسابه عليه الصلاة والسلام في الأسواق وغيرها كثيرة وهذه مجرد أمثلة ، ولا نستغرب قيامه بهذا العمل بنفسه فقد كان الرسول في المدينة النبوية يتولى جميع ما يتعلق بولاة الأمور ويولي الأماكن البعيدة عنه بعض الصحابة كما عرفنا من قبل توليته لعمر على سوق المدينة ولسعد سوق مكة كما ولى أيضا عتاب بن أسيد وعلى الطائف عثمان بن العاص وعلى قرى عرينه خالد بن سعيد وبعث عليا ومعاذ إلى اليمن وذكر ابن عساكر أن النبي e ولى عبد الله بن سعيد بن أصيحة سوق المدينة.
وممن كان يتولى الحسبة من النساء في عهده e واقرعا على ذلك سمراء بنت نهيك الأسدية فقد ذكر ابن عبد البر أنها أدركت رسول الله وعمر وكانت تمر على الأسواق وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتضرب الناس (أي الغشاشين منهم) بسوط كان معها ، قلت ولم تكن كذلك لتحاسب وتعاقب إلا عن أمر ممن له الأمر في ذلك الحين وهو الرسول e.
ولفظ المحتسب لم يكن شائعاً ولا معروفاً في عهده eولا في عهد الخلفاء الراشدين من بعده رضي الله عنهم ومما تجدر الإشارة إليه أن لفظ العامل على السوق أو صاحب السوق هو اللقب الذي كان يطلق على من يتولى الإشراف على السوق ومراقبة المكاييل والموازين طيلة عصر الرسول e ابتداء من هجرته إلى المدينة وكذلك طوال فترة حكم الخلفاء الراشدين وفي العصر الأموي أو بالأحرى في أوله وفي آخر العصر الأموي وأول العصر العباسي بدأ ظهور لفظ المحتسب وقد شاع بعد ذلك استعمال هذا اللفظ في العصر العباسي وأنشئت ولاية تدير عمله سميت باسمه (ولاية الحسبة).

الحسبة في عهد الخلفاء الراشدين:
إن عهد الخلفاء الراشدين هو امتداد للعهد النبوي في كثير من جوانب الحكم والإدارة فالعهدان معا هما ما اصطلح على تسميته عند كثير من أهل العلم والتاريخ بالصدر الأول من التاريخ الإسلامي.
أ- الحسبة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
على الرغم من قصر فترة خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلا أن ما قام به في هذه الفترة القصيرة هو عمل عظيم يسجل له في الخالدين الذين حفظوا للإسلام عزه وسؤدده وانتشاره وكان في رأس كل أعماله موقفه الصلب القوي من حروب الردة إذ جعل منه أعظم المحتسبين في التاريخ الإسلامي فلولا توفيق الله أولا ثم ذلك الموقف الذي لم يرضخ فيه لبعض آراء الصحابة بأن لا يقاتل المرتدين لما قامت للإسلام بعد ذلك قائمة.
ومن صور احتسابه رضي الله عنه ما رواه ابن المبارك في الزهد: " أَنَّ أَبَا بَكْرٍ مرَّ بابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمنِ وَهُوَ يُمَاظُّ جَاراً لَهُ (أي ينازعه ويخاصمه ) فقالَ: لَا تُمَاظِّ جارَكَ ، فإِنَّهُ يَبْقَى ويَذْهَبُ النّاسُ".
ب- الحسبة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
عمر الذي فرق بين الحق والباطل وجعل إسلامه عزا للإسلام والمسلمين ، كان له دورا بارز وعظيم في هذا الجانب من الجوانب التي تهتم بها الحكومة الإسلامية ، بل كانت جهوده ومساهمات فيما يتعلق بالاحتساب في عهد رسول اللهe وأبي بكر حيث ولاه الرسول e أمر الاحتساب في سوق المدينة وهذا قبل توليه أمر المسلمين خليفة عليهم ورغبة في إبراز احتسابه الذي شمل وجوهاً عديدة من مجالات الحياة في المجتمع الإسلامي رأيت أن أكتفي بذكر احتسابه فيما يتعلق بالأسواق.
ثبت إن عمر رضي الله عنه كان شديد العناية بالاحتساب في مجال السوق فقد كان يطوف في الأسواق حاملا درته معه يؤدب بها من رآه مستحقا لذلك روى ابن سعد عن انس بن مالك رضي الله عنه قال:رأيت على عمر إزاراً فيه أربع عشرة رقعة إن بعضها لأدم وما عليه قميص ولا رداء معتم معه الدرة يطوق في سوق المدينة.
ومن اهتمامه بأمر الأسواق ومعرفته بالدور الذي يقوم به المحتسب في هذه الأماكن فقد عين إلى جانب ما يقوم به هو نفسه موظفاً خاصاً بالسوق فجعل السائب بن يزيد عاملا على سوق المدينة وكذلك عبد الله بن عتبة ، وعين عاملاً آخر على السوق هو سلمان بن أبي حثمة وكان من فضلاء المهاجرين.
ومن حسبته في الأسواق أنه كان يأتي مجزرة الزبير بن العوام رضي الله عنهما بالبقيع ولم يكن بالمدينة مجزرة غيرها يأتي ومعه الدرة فإذا رأى رجلاً اشترى لحماً يومين متتابعين ضربه بالدرة وقال: ألا طويت بطنك يومين. ولعل هذا إن ثبت عنه رضي الله عنه فإنه كان حينما لا تكفي اللحوم الناس لقلتها وللفاقة التي حلت بالناس في إحدى سنين خلافته وسمي بعام الرمادة.
ومن احتسابه في السوق أيضا ما رواه عبد الله بن ساعده الهذلي قال : رأيت عمر يضرب التجار بالدرة إذا اجتمعوا على الطعام بالسوق حتى يدخلوا السكك (جمع سكة وهي الطريق المصطفة من النخل وقيل للأزقة) ويقول لا تقطعوا علينا سابلتنا.
ومن احتسابه في الأسواق وما يتعلق بها ما رواه الإمام مسلم عن مالك بن أوس أنه قال أقبلت أقول من يصطرف لي الدرهم؟ فقال طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وهو عند عمر بن الخطاب (أرنا ذهبك ثم ائتنا إذا جاء خدمنا نعطيك ورقك) فقال عمر كلا والله لتعطينه ورقه أو لتردن إليه ذهبه فان رسول الله قال ( الورق بالورق ربا إلا هاء وهاء ، والذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء ، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء ، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء ، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء....الخ).
ج- الحسبة في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه
سارت الحسبة في عهد عثمان على الطريقة نفسها التي سارت عليها في عهد من سبقه من الخلفاء وقد أولى الخليفة الثالث عناية خاصة بالإشراف على مصالح المسلمين ومن ذلك ما يتعلق بالحسبة في الأسواق وغيرها.
ازدهرت الأسواق في عهد عثمان رضي الله عنه وكثر الناس ، فرأى رضي الله عنه الحاجة إلى حث الناس إلى التبكير إلى صلاة الجمعةقبل النداء الأول الذي يكون بين يدي الإمام حين يصعد المنبر يوم الجمعة ؛ فعن السائب بن يزيد رضي الله عنهم قال: "كان النداء يوم الجمعة أوّله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث " (رواه البخاري [1/309] ، برقم [870]).
ومن صور احتسابه أيضاً كان عثمان رضي الله عنه ينهي عن اللعب بالنرد ، وأمرهم بتحريقه أو كسره ممن كان في بيته ، فقد روى البيهقي عن زبيد بن الصلت أنه سمع عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو على المنبر يقول : " يا أيها الناس ، إياكم والميسر يريد النرد فإنها قد ذكرت لي أنها في بيوت الناس معكم ، فمن كانت في بيته فليحرقها أو فليكسرها قال عثمان مرة أخرى وهو على المنبر " يا أيها الناس أني قد كلمتكم في هذا النرد ولم أركم أخرجتموها ولقد هممت أن آمر بحزم الحطب ثم أرسل إلى بيوت الذين هم في بيوتهم فأحرقها عليهم.
د- الحسبة في عهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه
في المسار نفسه وعلى الطريقة نفسها كان يتم الاحتساب في عهد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد باشر الحسبة بنفسه ويظهر لنا ذلك من الصور الحسبية التي سندونها هنا كما أنه كان يولي بعض من يثق فيهم ويختارهم لهذه المهمة الجليلة.
كان يمشي في السوق ومعه درته يأمر الناس بالمعروف ويناهم عن المنكر ، فقد أورد ابن سعد في طبقاته عن الحر بن جرموز عن أبيه قال: رأيت علياً وهو يخرج من القصر إلى السوق وعليه قطريتان (ضرب من البرد فيه حمرة ولها أعلام بعض الخشونة) إزار إلى نصف الساق ورداء مشمر قريب منه ومعه درة له يمشي بها في الأسواق ويأمرهم بتقوى الله وحسن البيع ويقول (أوفوا الكيل والميزان ويقول لا تنفخوا اللحم).
ومن أمثلة احتسابه في الأسواق ما ذكره الحافظ ابن كثير أيضا عن أبي مطر وفيه فمشيت خلفه أي خلف الخليفة وهو متزر بإزار ومرتد برداء ومعه الدرة كأنه أعرابي حتى انتهى دار أبي معيط وهو يسوق الإبل فقال (بيعوا ولا تحلفوا فإن اليمين تنفق السلعة وتمحق البركة) ثم أتى أصحاب التمر فإذا خامة تبكي قال ما يبكيك؟ فقالت باعني هذا الرجل تمراً بدرهم فرده موالي فأبي أن يقبله فقال له علي : خذ تمرك وأعطها درهماً فإنها ليس أمر ثم مر مجتازاً أصحاب التمر فقال :يا أصحاب التمر أطعموا المساكين يزيد كسبكم ثم مر مجتازاً ومعه المسلمون حتى انتهى إلى أصحاب السمك فقال )لا يباع في سوقنا طافي).
ومن احتسابه في شأن الأسواق أمره بتحريق الطعام المحتكر فقد أخرج الحافظ في مصنفه عن الحاكم قال: أخبر علي رضي الله عنه برجل احتكر طعاماً بمائة ألف فأمر به أن يحرق).
وروى أبو عبيد بن سلام في كتابه الأموال عن الاصبغ بن نباتة قال: خرجت مع علي بن أبي طالب إلى السوق فرأى أهل السوق قد جاوزوا أمكنتهم فقال ما هذا ؟ قالوا: أهل السوق قد جاوزوا أمكنتهم فقال ليس ذلك إليهم سوق المسلمين كمصلى المسلمين من سبق إلى شيء فهو له يومه حتى يدعه.
ومن صور احتسابه أنه أنكر على أناس لا يمنعون نساءهم من الخروج إلى الأسواق مزاحمات للكفار وغيرهم فقد روى ابن الإمام احمد ابن حنبل عن علي رضي عنه قال (ألا تستحيون أو تغارون ؟فإنه بلغني أن نساءكم يخرجن في الأسواق يزاحمن العلوج .
وبوقفنا على هذه الصور الحسبية في عهد علي رضي الله نأتي على كل ما يتعلق بالحسبة في هذه الحقبة من تاريخ الإسلام .


الحسبة في العهد الأموي:
في العصر الأموي ظهر نظام الحسبة لصوره مبسطة وفقاً لاحتياجات المجتمع الإسلامي في ذلك الوقت وقام ولاة الأقاليم والأمصار بمباشرة الحسبة بأنفسهم إلى جانب الخلفاء تأسيا واقتداء بما كان عليه الخلفاء والولاة في الصدر الأول رضوان الله عليهم أجمعين ومما يؤكد ذلك ما ذكره الإمام الطبري رحمه الله من أن الوليد بن عبد الملك (86-96) كان يمر بالأسواق يساوم ويناقش الأسعار مع البقالين وغيرهم ، وكان يأخذ حزمة البقل ويقول: بكم هذه؟ فيقول البقال:بفلس فيقول:زد فيها.
بالإضافة إلى ذلك فقد كانت الأسواق في كثير من الأمصار تخضع لإشراف موظف يدعى العامل على السوق يتمتع ببعض الصلاحيات القضائية والتنفيذية والإدارية ويعين معه بعض الأفراد الذين يساعدونه على القيام بعمله لمراقبة المكاييل والموازين وحل الخلافات التي تنشأ بين الباعة في السوق.
ولعل من أول الإشارات التي تشير إلى تعين مثل هؤلاء العمال تعين عامل على سوق البصرة زمن (زياد ابن أبيه 45-53) كما أن من المحتسبين أيضا والذين تولوا وظيفة العامل على السوق في العهد الأموي وفي واسط إحدى مدن العراق زمن عمر بن هبيرة والى واسط كل من مهدي بن عبد الرحمن وإياس بن معاوية.
ثم كان منهم أيضا سليمان بن يسار وقد تولى وظيفة العامل على السوق في المدينة المنورة زمن عمر بن عبد العزيز رحمه الله وقد اتخذ العامل على السوق نتيجة لتوسع اختصاصه في ذلك العهد أعوانا يعينونه في مهمته فيذكر الإمام الطبري عند تعرضه لسيرة هشام بن عبد الملك أن داود وعيسي ابني علي بن عبد الله بن عباس وهما لأم كان من أعوان السواق بالعراق .
ولعل من الصور الحسبية لاحتساب هؤلاء العمال ما ذكره الأصفهاني في كتاب الأغاني من أن عاملاً على السوق في العهد الأموي يدعى بردان قد قدم عليه رجل يدعي على آخر حقا فلما تقرر عليه الحق أمر به إلى الحبس.
وجاء أن عامل السوق في ذلك العهد كان يجلس في فناء دار معمر بن عبد الله العدوي في سوق المدينة وكان العامل على السوق يعين من قبل الوالي ويعتبر أحد موظفي الدولة الذين يتقاضون مرتباً من بيت المال وظل لفظ العامل على السوق هو المستخدم في العهد الأموي أما لفظة المحتسب فلم تستعمل إلا في أواخر العهد الأموي وأوائل العصر العباسي .
وبهذا نصل إلى القول إن الحسبة في العهد الأموي وإن كان نالها شيء من التطور والاهتمام إلا أنها وإلى حد ما كانت تسير على ما كانت عليه في عهد الخلفاء الراشدين لاسيما في الثلثين الأولين من العهد الأموي.


الحسبة في العهد العباسي:
أولاً الرقابة على بناء الأسواق:
بعد استقرار الخلافة للعباسيين في عهد المنصور عمل على بناء مدينةبغداد سنة 145)ه 762 /م ) ، وقسمها على نظام جديد سار عليهالخلفاء من بعده في بناء المدن كمدينة سامراء التي بناها المعتصمعام 220) ه/ 835/ م ) ، واعتمد النظام على تقسيم المدينة إلى القلبويقع فيه قصر الخلافة والمسجد الجامع ودور القواد والدواوين منحوله ، ثم سكن فيها السكان وبقيت تعرف بأسماء مواليه أو بأسماءسكانها، ثم بنا الأسواق في الأطراف مع ترك محل للبقالة في كل ربعمن المدينة ، وكان دافع المنصور لذلك أنه لما اكتمل بناء المدينة جاءه وفدملك الروم فسأله عن رأيه في المدينة فأخبره بحسنها إلا أن أعدائهفيها وأخباره مبثوثة في كل مكان ، فلما استفسره عن كيفية ذلك أخبرهأن الأسواق يدخلها الجميع دون استثناء، والتجار ينقلون أخباره فيالآفاق ، فمن وقتها أمر أبو جعفر بنقل الأسواق إلى أطراف المدينةوخصص لها الخطط ، ويظهر هنا أن النظرة الأمنية كانت هيالأساس في توجه المنصور لتخطيط الأسواق بهذه الطريقة . وعمل الخلفاء على تخصيص الأسواق فجعل لكل أهل مهنةوصنعة سوقا خاصا بهم، توفرت فيه كل وسائل تلك الصناعة أو الحرفة، ووضع لهم المراقبين ، فهناك سوق القصابين في آخر السوق بأمرالمنصور لخطرهم على الناس، وسوق الخياطين ، والبقالين، والخبازين، وجعل كل سوق على شكل الصفوف ، وألحق به مسجد خاص بأهله ، وجعل عرض الشوارع خمسين ذراعا والدروب ستة عشر ذراع ، وكانعلى المحتسب أن يعمل على إضاءة الأسواق ووضع أزيار الماء للشرب. أما المحلات فلكل تاجر حدود حانوتهلا يخرج عنه فيزيل المحتسب كل مصطبة تخرج عن حد السقفالخاص بالحانوت، وكذلك وضع الأشجار أو وضع الدكة ، لأن في ذلكعدوان على حق المارة في المرور ، ويمنع أي تاجر من اتخاذ سوق غيرالتي تختص به لأن ذلك أيسر على التجار والباعة ، وأنفق لبضائعأصحاب السوق .
ثانياً نماذج من الرقابة على الأسواق:
أوردت كتب الحسبة العديد من أنواع الأطعمة التي كانت معروفة فيالعهد العباسي ، وفصلت في كيفية صنعها ، وطرق غشها ، وما يجبعلى المحتسب أن يراعيه على العاملين في هذا المجال ، ويرجع ذلكإلى أن الأغذية غالبا هي وسيلة انتشار الأمراض بين الناس ، إذا لميتم الحرص في صناعتها ، وفقد العاملون فيها الصدق والأمانة.
الحسبة على الشوائين:
كان على المحتسب أن يراقب عليهم جميع عمليات الشواء بداية بشواءالحملان ، فيعمل على وزنها قبل إنزالها في التنور ، التأكد من عدمحشوها بالحديد لزيادة وزنها، ويتأكد أن جميع ما ذبح قد عرض عليهدون نقصان ، ليتأكد من صلاحيته ، فيسجل الوزن قبل الإنزال ،ويزنها بعد الإنزال ليتأكد من نضجها الذي علامته أن تفقد ثلث وزنها،وأن تنزع كتفها بسرعة.
الحسبة على الحاكة: كان علىالمحتسب أن يراقب الحاكة من حيث جودة الحياكة ، والأمانة فياستخدام الغزل إذا أعطي إليهم من صاحبه، والتأكد من طهارة أدواتالعمل ، ومنع الإضرار بالطريق.
الحسبة على الخياطين:
شملت حرفة الخياطين في العهد العباسي العديد من الحرف فكانيدخل فيها الرفائين والقصار ين ، ولكل منهم جزئه في عمل الثوب ،وان كان الأصل أن الخياط من يخيط الثوب ،ولكن لأن الخياط غالبا مايلجأ إليهم لإتمام عمله فنسبوا إلى ذات الحرفة ، وهذا ما تدل عليهكتب الحسبة، حيث وضعت هذه الحرف باعتبارها فرعا عن أصلالخياطة.
وواجب المحتسب نحو الخياطين النصح أو الأمر والنهي ، وفي هذاكان عليه أن يأمرهم ويذكرهم دوما بجودة التفصيل ، وحسن فتحالجيوب ، وتوسيع التخاريص ، واعتدال الأكمام ، واستواء ذيل اللباس ، ويأمرهم كذلك بألا يفصلوا ثوبا إلا بعد تقدير قيمته، ثم يقوم بقطعه ،ولكن هذا يرجع في النهاية لعرف المكان فإن كان عكس ذلك أمربالعرف، حيث أن العرف في بعض الأماكن أن لا يعاقده إلا بعدالقطع.

الحسبة في العصر الفاطمي:
لقد دام عهد الدولة الفاطمية في مصر ما يزيد قليلا على مائتينوتسع سنوات فبعد قيام هذه الدولة في شمال إفريقيا عام (296ه) ظلت تحدوهم الآمال للدخول إلى مصر وضمها إلى دولتهم وقد تقدم أنهم صدوا في بعض محاولتهم عندما تم القضاء على دولة بني طولون وحكام هذا العهد يدعون نسبتهم إلى فاطمة الزهراء بنت الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
ومن صور الحسبة في ذلك العصر إغلاق قاعات الخمارين بالقاهرة ومصر وأن ينادى بأن لا يتعرض لبيع شيء من المسكرات أو لشرائها سراً أو جهراً ومن فعل فقد عرض نفسه للهلاك.
وفي سنة (401ه) صدر أمر من الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله يمنع بموجبه اللهو والغناء كما منع بيع المغنيات ، ومن الاجتماعات بالصحراء ، كما أمر بمنع بيع الزبيب وحمله وألقي في النيل منه شيء كثير.
وقد بلغ في التشدد في أمر النساء والمنع من فتنتهن أن الخليفة أصدر أمراً لصانعي الأحذية بعدم صنع الأخفاف للنساء حتى يتعذر عليهن الخروج من بيوتهن ، وكان هذا الخليفة يقوم بالحسبة بنفسه.
ومما يؤخذ على محتسبي ذلك العصر سواء الخلفاء منهم أو من يتولون الحسبة هو تأسيس الحسبة على الفكر الشيعي وليس على مصدر التشريع من كتاب الله وسنة رسوله وهم عملوا فإن كانوا أحسنوا فلهم وإن أساؤا فعليهم ولا يظلم ربك أحد.
الحسبة في العصر الأيوبي:
هذه الدولة التي قامت في مصر بعد عهد دولة الفاطميين الطويل نسبياً قامت على أساس جهادي ديني كما تطالعنا بذلك كتب التاريخ ودخلت بذلك البلاد المصرية في عهد جديد يختلف عن سابقه سياسياً وفقهياً فأصبحت مصر مقراً للدولة الأيوبية السنية وزعيمة للجهاد الإسلامي ضد الصليبيين وأصبحت الحسبة على جانب كبير من الأهمية وقد عكس ذلك اهتمام السلطان صلاح الدين ومن بعده ، ولأول مره تظهر في مصر مؤلفات مستقلة للحسبة مثل كتاب نهاية الرتبة في طلب الحسبة لمؤلفه عبد الرحمن الشيرزي وغيره.
ونرى أن المحتسب في ذلك العصر له السلطة في ترتيب الصناعات المختلفة في الأسواق الخاصة بها وإبعاد حوانيت الصناعات التي كانت تحتاج إلى وقود نار كالخباز والحداد عن حوانيت العطارين والقطانين وذلك لعدم تجانسها واحتمال حصول الضرر من مجاورتها.
ولتعدد الحرف والصناعات مما دعي المحتسب أن يتخذ له العرفاء كأعوان يساعدونه وقد أشار الشيرزي إلى ذلك بقوله:( ولما تدخل الإحاطة بأفعال السوقة تحت وسع المحتسب جاز له أن يجعل لأهل كل صنعة عريفا من صالح أهلها خبيرا بصيرا بغشوشهم وتدليساتهم مشهوراً بالثقة والأمانة يكون مشرفاً على أحوالهم ويطالعه بأخبارهم وما يجلب إلى سوقهم من السلع والبضائع وما تستقر عليه الأسعار وغير ذلك من الأسباب التي يلزم المحتسب معرفتها ونظرا لما أثبته المحتسب في ذلك العصر من المهارة والحزم في ضبط المنحرفين واستتباب الأمور بفضل ذلك التطبيق لواجبات المحتسب فقد أعجب الصليبيون بالمحتسب الأيوبي مما دعاهم على الاستفادة من هذه الوظيفة وتطبيقها في القرن السادس الهجري الثاني عشر الميلادي ، كما انتقلت هذه الوظيفة مع الصليبيين إلى جزيرة قبرص واستمرت مدة طويلة.
الحسبة في عصر المماليك:
هذا العصر هو أطول العصور التي سبقته إذ تشير المراجع التاريخية إلى أن حكم المماليك لمصر قد استمر ما يقرب من ثلاثة قرون من عام (648 إلى 923ه) ودون الدخول في تفاصيل انتقال السلطة من الايونين إلى المماليك فإن هذا أمر قد أوفته كتب التاريخ حقه وما نريد التركيز عليه في تلك الفترة من حكم المماليك لمصر هو مظاهر الحسبة وبعض صورها.
ولتوسع عمل المحتسب في ذلك العصر قد استلزم توزيع المهام وتعيين أكثر من محتسب فقبل ذلك العصر كان المحتسب في الدولة واحد ويتخذ له الأعوان والنواب ، أما في العصر المملوكي فقد وجد أكثر من محتسب غير الأعوان والنواب الذين يتخذونهم.
ومن صور الحسبة في ذلك العصر أمر الملك الظاهر بيبرس بإراقة الخمور ومنع البغاء في مصر والقاهرة فأغلقت الحانات التي كانت مخصصة لذلك وأمر بنفي القائمين بها وحبست النساء حتى تزوجن وكتب إلى جميع البلاد بمثل ذلك.
وفي سنة 787ه أصدر السلطان أمرا بإبطال ما يحدث في عيد النيروز (وهو من أعياد المجوس) من القبائح واللهو والفجور وما يترتب على ذلك من كثرة المشاحنات والمشاجرات وتعطيل الأسواق.
وفي سنة 876ه أمر السلطان بمنع النساء من لبس العصابات المقنزعة (المائلة على الجبين) وأن يكون طول العصابة ثلث ذراع ومختومة من الجانبين بختم السلطان وأعلن بلك بائع العصائب وعهد إلى المحتسب مراقبة تنفيذه فأرسل أعوانه ورسله للطواف في الأسواق فإن وجدوا امرأة خالفت في ذلك ضربوها وشنعوا عليها والعصابة معلقة على عنقها فامتثلن ولبسن العصابات التي أمر بها السلطان.
وبنهاية العهد المملوكي ودخول البلاد المصرية ضمن دول الخلافة العثمانية بدأت الحسبة في مصر شأنها شأن غيرها من بلاد الخلافة العثمانية تدخل مرحلة ضعف وانزواء حتى أن بعض المصادر تشير إلى أن الحسبة في مصر كانت لها نهاية وكان ذلك عام 1805م.

الحسبة في المغرب العربي:
يظهر أن البذور الأولى لنشأة الحسبة أو نظام الرقابة على التجار والصناع في الأسواق ترجع إلى عصر الأمراء المهالبة في إفريقية (عندما تطلق كلمة افريقية فإنها تعنى أغلب بلاد المغرب العربي) وإلى يزيد بن حاتم الذي استهل عهده بتنظيم أسواق مدينة القيروان وخصص لكل صناعة سوقاً.
وتكلم ابن خلدون في مقدمته عن خطة الحسبة ، وكيف إنها بدأت على الطريقة المذهبية ثم تطورت حتى أصبحت لا تتقيد بالمذهبية بل رجعت إلى الأخذ عن الأصول الكتاب والسنة.
ويذكر الأستاذ موسى لقبال في بحثه (الحسبة المذهبية في المغرب العربي) أن المحتسب ظل يباشر عمله بأحد أحياء المدينة منذ القدم حتى سنة 1353ه حيث نقل بعدها كغيره من المحتسبين الذين صاروا يعرفون في المغرب اليوم تحت اسم آخر هو (رئيس المصالح الاقتصادية) ويمارس اختصاصاته التي تقلصت إلى حد بعيد من داخل مبني البلدية في كل مدينة مغربية.
الحسبة في الأندلس:
كان المحتسب في الأندلس يعرف بصاحب السوق نظراً لان أكثر نشاطه لاسيما في البداية كان ينحصر في الأسواق والأماكن العامة وكان يتقلد وظيفته من القاضي ويشترط الأندلسيون على القاضي أن لا يرشح أحداً إلا بعد أخذ موافقة الأمير أو رئيس المدينة ويجب أن تتوفر فيه التجربة والمروءة والتعفف عما في أيدي الناس لان الحسبة عندهم بمثابة القضاء والمحتسب قاضي إداري يحكم في دائرة اختصاصه وقد ينوب عن القاضي في مباشرة الأحكام عند الضرورة.
ثم يضيف المقري فيقول (ولهم في أوضاع الاحتساب قوانين يتداو لونها ويتدارسونها كما تتدارس أحكام الففه لأنها عندهم أي الحسبة تدخل في جميع المبتاعات وتتفرع إلى ما يطول ذكره).
الحسبة في الخلافة العثمانية:
إن الخلافة العثمانية والتي حكمت أكثر أقطار العالم الإسلامي ما يقارب سبعة قرون لاشك في أنها امتداد طبيعي لما سبقها من الدول الإسلامية وكانت الحسبة من الأنظمة الإسلامية التي حافظت على فعاليتها وأداء دورها في داخل المجتمعات وفي مختلف البلدان التي خضعت للخلافة العثمانية فعلى سبيل المثال نلاحظ أن مدينة الجزائر قد احتفظ المحتسب فيها باختصاصاته في شؤون الأسواق ومراقبة الأسعار وكان يشاركه في أداء هذه المهمة القاضي أحياناً ويذكر الأستاذ/موسى لقبال أنه عثر على محضر يرجع تاريخه إلى سنة 1110ه يؤكد ذلك الدور ونص ذلك المحضر يقول:(وقعت الموافقة مع عبد الله بن الحاج يوسف القاضي وسليمان المحتسب بأمر صاحب السعادة على أن يكون رطل السمن ثمانين درهما ورطل الزيت دينارين وثمانية دراهم.
وظل منصب الحسبة في أيام الأتراك العثمانيين في الكثير من البلاد الإسلامية التي كانت تتبع لهم دون أن يغيروا إلا القليل من الإدارة في البلاد التابعة لهم فبين الوثائق الموجودة في خزائن اسطنبول والمتعلقة بالإدارة ما يشير إلى وجود المحتسب ضمن التنظيم.

الحسبة في المملكة العربية السعودية:
إن المتتبع لأحوال النظم القائمة اليوم في جميع البلاد الإسلامية لا يجد لنظام الحسبة الإسلامي فيها مكاناً يذكر كولاية مستقلة تقوم بدور المحتسب داخل المجتمع إلا ما كان من دور فردي لا يكاد يغير شيئاً من واقع الناس الذي يشوبه كثير من عدم تمسك المسلمين بكل تعاليم دينهم وذلك باستثناء المملكة العربية السعودية ، حرسها الله ووفق القائمين على الأمر فيها إلى ما فيها إلى ما فيه صلاح الإسلام والمسلمين .
فهي الدولة الإسلامية الوحيدة تقريباً التي لا تزال هذه الولاية الهامة تؤدي دورها داخل المجتمع فيها وإن كانت كثبر من الاختصاصات التي كانت لها في السابق قد أعطيت لجهات حكومية أخرى كالبلديات والصحة والتجارة والتموين وغيرها.
و يجدر بنا الإشارة إلى نماذج من الحسبة في عصرنا الحاضر من المملكة العربية السعودية ؛ وذلك لاعتبارات لعل من أظهرها كما قدمنا سابقاً كون المملكة هي البلد الإسلامي الوحيد الذي حافظ على وجدود هذه الولاية.

البلديات وما تقوم به من عمل المحتسب لتنظيم الأسواق:
1- الترخيص بإقامة الإنشاءات والأبنية وجميع التمديدات العامة والخاصة ومراقبتها .
2- مراقبة المواد الغذائية والاستهلاكية ومراقبة أسعارها وأسعار الخدمات العامة ، ومراقبة الموازين والمكاييل والمقاييس والاشتراك مع الجهات المختصة.
3- إنشاء المسالخ وتنظيمها.
4- إنشاء الأسواق وتحديد مراكز البيع.
5- التراخيص بمزولة الحرف والمهن وفتح المحلات العامة ومراقبتها صحياً وفنياً.

صدور التعميم رقم 757 في تاريخ 13/9/1389ه بمنع تداول وبيع الأدوية والأعشاب الطبية من محلات العطارة والبقالات ، وتعميم آخر يوضح المواصفات التي يجب أن تتوفر في الكحل الحجري وطرق بيعه واستيراده وتصنيعه.
وإليكم هذا المثال من إدارة حماية المستهلك بوزارة التجارة ما جاء في المادة السابعة والذي ينص على أنه يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة الأولى كل من باع أو طرح للبيع أية سلعة مغشوشة أو فاسدة أو غير صالحة للاستعمال وتصادر السلعة إداريا دون مقابل إذا كانت مغشوشة في متطلباتها ويتم التصرف فيها عدا ذلك من السلع وفقاً لما تقضي به اللائحة.
والأمثلة واللوائح والمواد على ذلك كثيرة سواء التي وضعتها إدارة حماية المستهلك بوزارة التجارة ، أو البلديات حتى يتم تنظيم الأسواق من بيع وشراء واستيراد وتصدير وغيرها ولا يسعنا المقام لذكرها خشية الإطالة في البحث والله الموفق.


أهم السلع التي كانت موجودة في الأسواق:
1- الملابس ، إذ يروي ابن عمر رضي الله عنهما قوله: أخذ عمر جبة منإستبرق تباع في الأسواق فأخذها فأتى رسول الله فقال يا رسول الله ابتع هذه تجمل بها للعيد والوفود.
2- النمارق الوسائد من بين السلع المتداولة فيروي البخاري عن عائشةرضي الله عنها: اشترت نمرقة فيها تصاوير فقام النبي e بالباب فلم يدخل.
3- الطعام ، يقول ابن عمر رضي الله عنهما : "كنا نتلقى الركبانفنشتري منهم الطعام فنهانا النبيe أن نبيعه حتى يبلغ سوق الطعام.
ومن الجدير بالذكر أن الحيوانات والثمار والجلود والأسلحة وغيرها منالسلع كانت متوفرة في أسواق المدينة .

السلوكيات التي دعا رسول الله إلى التعامل بها حتى ينتظم السوق:
1- عدم جواز البيع على بيع الآخرين ، فيروي البخاري عن عبد الله بنعمر رضي الله عنهما أن رسول الله e قال: "لا يبيع بعضكم على بيعأخيه"
2- السماحة في البيع والشراء ، فيروي البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله: "أن رسول الله e قال: "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذااشترى وإذا اقتضى"
3- نهي النبي e أن يبيع الحضري للبدوي وأن يتلقي الركبان فيرويالبخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال"نهى رسول الله أن يتلقي الركبان ولا يبيع حاضر لباد"
4- عدم الحلف على البيع ، عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسولالله e قال "من حلف يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي اللهوهو عليه غضبان " ففي الحلف مَحق للبركة.
5- التجاوز وإنظار المعسر ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيصل الله عليه وسلم قال: "كان تاجر يداين الناس ، فإذا رأى معسراًقال لفتيانه تجاوزا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا ، فتجاوز الله عنه.
6- النهى عن الخداع في البيع ،عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهماقول " أن رجلاً ذكر أنه يخدع في البيوع، فقال إذا بايعت فقل لا خلابة"، وقد أمر رسول الله صل الله عليه وسلم الرجل أن يقول لا خلابة أي لاخديعة في الدين، لأن الدين النصيحة ولقنه عليه الصلاة والسلام هذاالقول ليتلفظ به عند البيع.
7- تحلى المتبايعان بالصدق ، عن حكيم بن حزام رضي الله عنه عنالنبي صل الله عليه وسلم أنه قال "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإنصدقا وبينا بورك لهما في بيعهما ، وإن كذبا وكتما محقت بركةبيعهما.
8- الصدق والأمانة ، ويكفي شرح ذلك بقوله e: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء»
9- السماحة في البيع والشراء والقضاء والاقتضاء ، وفي الحديث: «رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى»
10- النهي عن تطفيف الكيل والميزان قال تعالى ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾ ، وروي أنه لَمَّا قدم النبيّe المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا، فلما نزلت أحسَنوا الكيل بعد ذلك.
11- شعور الأخوة بين المتعاملين، وقد تمثل هذا في التكافل بين أصحاب المهن في السوق بالتعاون والتآزر، ورفع الضرر عمّن تضرر، وتسهيل مزاولته العمل، ولذا وجد ما سمّي (ضمان السوق) بأنّ يتبني شيخ السوق أو أحد كبار التجار كفالة التاجر الجديد على السوق ، أو جمع المال لإعادة من تضرّر ليزاول عمله.
12- الاعتدال في الربح: كان عليّ بن أبي طالب t يتجول في أسواق الكوفة ويقول: "معاشر التجار خذوا الحق تَسلموا ، ولا تردّوا قليل الربح فتحرموا كثيرة " وهذه دعوة لزيادة معدلات دوران رأس المال بعدم المغالاة في رفع الأسعار خاصة إن كان المال المتجر به كثيراً . كما يقول ابن خلدون: "وهذا الربح بالنسبة إلى أصل المال يسير إلا أن المال إذا كان كثيراً عظم الربح لأن القليل في الكثير كثير"
وإن هذه الأحاديث الشريفة التي ذكرناها وغيرها لهي دليل علىالكيفية التي وجه بها رسول الله الحياة الاقتصادية والنشاط التجاري؛ ذلك كون الأسواق والتجارة أصبحت واحدة من أبرز الأدلة على مدىالتطور الذي حصل في عصر الرسالة وفي ضوء الهدي النبويالشريف.

شروط العامل الذي يوليه الإمام أو نائبه أمر هذه السوق:
أن يكون حرا بالغا عاقلا عادلا قادرا، حتى يخرج منه الصبيّ والمجنون والكافر ويدخل فيه آحاد الرعايا ، ويجوز أن تتولاه المرأة، فقد عيَّن رسول الله وعمر بن الخطاب المرأة على الحسبة كما سيأتي ، وأدخلا في أعمالها الإشراف على السوق ، ذكر في الإصابة أن النبيَّ صل الله عليه وسلم عيَّن امرأة على السوق وهي سمراء بنت نهيك الأسدية ، وكانت تَمرّ في الأسواق تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.

شروط المراقب على الأسواق:
وردت مهمة الرقابة على الأسواق في التراث الفقهي على أنها مهمة مزدوجة ، فهي على كلّ من رأى خللا في السوق (المحتسب المتطوع) ، وعلى من كلف بهذه المهمة (المحتسب المولّى) وأوردوا شروطا تتعلق بهذين النوعين من الرقابة.

فمن تلك الشروط :
أن يكون عالما بما يراقبه ، قادرا على التغيير والقيام به ، وبالنسبة لشرط القدرة على التغيير اختلف في طريقته ، فإذا كانت بالتنبيه والوعظ بلسانه فلا تحتاج الرقابة أو الحسبة على السوق إلى إذن له من الإمام أو أحد الحكام ، أما إن كان التغيير بالمباشرة بإذهاب عين المنكر، أو التخويف بما يناسب المقام ـ مِمَّا لعله يؤدي إلى فتن وافتئات على السلطان ـ فهذا النوع ينبغي أن يتوقف عنه من لم يؤذن له فيه خشية مِمَّا يؤول إليه من المنكر.
صفات القائمون بتنظيم الأسواق:
يجب أن يختار للرقابة (أو الحسبة) على الأسواق الأمناء العدول العارفون بما يجب إنكاره، وإن أفرد (القاضي) لكلّ سوق وحومة أمينا منها ينظر في ذلك فعل بِحسب اجتهاده والحاجة.
وأن يكون عفيفا عن أمول الناس، متورعا عن قبول الهدية من المتعيّشين وأرباب الصناعات ، فإنّ ذلك رشوة وقد قال عليه الصلاة والسلام: «لعن الله الراشي والمرتشي»، ولأنّ التعفف عن ذلك أصون لعرضه وأقوم لهيبته.
وأن تكون شيمته الرفق ، ولين القول ، وطلاقة الوجه ، وسهولة الأخلاق عند أمره الناس ونهيه ؛ فإنّ ذلك أبلغ في استمالة القلوب ، وحصول المقصود ، ولأن الإغلاظ في الزجر ربما أغرى بالمعصية ، والتعنيف بالموعظة ينفّر القلوب.
متطلبات الرقابة على الأسواق: لا بد من إعلان ما هو مأذون به وما هو مَمنوع قبل الرقابة والحساب والعقاب، قال ابن المناصف: “ينبغي أن يتقدم الحكام إلى الناس بالإعلان بالنداء وإشهار العقوبة ليتسامع الناس بذلك فيجتنبوه، فينبغي تفقد مثل هذه الأنواع (من المنكرات) في الشوارع والمحلات، وحيث يبدو أثر المجاهرة به تفقدا كافّا لأهله ورادعا عن مثله.
وبالنسبة للعصر الحاضر لا بد من إشهار القوانين والأنظمة والقرارات التي تتعلق بالأسواق من حيث أوضاعها وشروطها الفنية والصحية.
طريقة كشف الغش وتجاوز أهل الحرف:
وللمحتسب عدة طرق في كشف غش أهل الحرف نستعرضها ضمن هذا التمهيد منها: ما يكون عن طريق العريف الذي نصبه المحتسب أو عن طريق شكوى تقدم للمحتسب، مدعومة بالشهادة من عدول، ومنها قيامه بجولات تفتيشية مفاجئة يكشف عن طريقها بعض التجاوزات التي يقع فيها الحرفيون، وعن هذه الطريقة يقول المقري: (كان المحتسب يمشي راكبا في الأسواق بميزانه وأعوانه معا، وهذا الميزان يكون في يد أحد الأعوان يزن به بعض المعروضات أو المبيعات حسب ما هو متقرر عنده في السوق من الأوزان لمختلف السلع) .
وكان من طرق كشف غش الحرفيين وأهل التجارات أن يقوم المحتسب بإرسال صبي صغير أو جارية رعناء، بحيث تبتاع من التاجر الذي يريد أن يتحقق من غشه، ثم يعود إلى مقر المحتسب ويختبر بنفسه الوزن إن وجد نقصا قاس على ذلك حاله مع الناس، فلا تسأل عما يلقى وإن كثر منه- أي من المخالف- ولم يتب بعد التعزير والضرب والتجريس- ( أي التشهير في الأسواق) نفي من البلد.
وظل المحتسب يتفنن في إيجاد الوسائل والطرق التي تكفل كشف المدلسين والغشاشين من الصناع والتجار، وكلما ازدادت حيطة هؤلاء وحذرهم أوجد المحتسب ما يقابل ذلك من وسائل الكشف والتحري.
ولم يكن المحتسب يوقع العقوبة البدنية مباشرة على المخالفين أو المدلسين أو الغشاشين عند حدوث المخالفة لأول وهلة، بل كان يبدي النصح والإرشاد والتحذير.
ولكن إذا تكرر ذلك من الشخص، فإنه كان يباشر إيقاع العقوبة التي استحقها ذلك المخالف.
ولو أردنا أن نأخذ بعض الأمثلة العامة في دقة احتساب المحتسب على أهل الحرف لوجدنا أن المحتسب كان بأمر بنظافة أثوابهم-( أي أهل الحرف)- التي لها مساس بطعام الناس وشرابهم، ويأمرهم بغسل مرافقهم وآنيتهم وأيديهم، ومسح موازينهم ومكاييلهم.كما كان يتفقد أصحاب الحوانيت المتباعدة في الحارات والدروب الخارجة عن الأسواق، ويعتبر عليهم بضائعهم وموازينهم في كل أسبوع على حين غفلة منهم، فغن أكثرهم يدلس.
كما أنه كان يمنع من كانت صنعته أو مهنته تحتاج إلى وقود نار كالخباز والطباخ والحداد في أن يبعد حوانيتهما (أي دكاكينهما) عن العطارين والبزازين لعدم المجانسة وحصول الضرر الذي قد يكون معه الحريق.
نوعية الحرف في الماضي وصور الاحتساب فيها:
أ- ما يتعلق بقوت الناس ومعاشهم:
حرف كثيرة هي التي تتصل بهذا الجانب حتى الكثير من الحرف في الجوانب الأخرى، كالتي في الجانب الصناعي والتجاري لها صلة بهذا الجانب في النهاية وحرف هذا الجانب هي:
1- الحبوبيون والدقاقون وكان يحتسب عليهم في عدم احتكار الغلة بألا يخلطوا رديء الحب بجيده. أما الدقاقون (وهم الطحانون) فيحتسب عليهم في تنقية الحب قبل الطحن والغربلة بعده وأن لا يخلطوا بدقيق البر غيره.
2- الحسبة على الخبازين والفرانين: ويحتسب عليهم في الأمانة وفي النظافة في كل ما يستخدمونه، وان لا يعجن العجان بقدميه ولا بركبتيه ولا بمرفقيه، لأن في ذلك إهانة للطعام وخوفا من الأوساخ والعرق، كما أن مما يغشون به خلط الدقيق بغيره ويحتسب عليهم في ضرورة إنضاجه.
أما الفرانين فيحتسب عليهم أيضا في إصلاح المداخن وتنظيف البلاط الفرن ويحرضهم على الأمانة.3- الحسبة على صناع الزلابية: حيث يأمر المحتسب صانعيها بالأمانة والنظافة وأن لا يعملواها إلا في قدور النحاس الأحمر الجيد، ومما يحتسب عليهم أيضا أن لا يسلقوا عظام الجمال والبقر والرؤوس لأخذ ما صفى من دهنها لتصنع به بدلا من الزيت.
4- الحسبة على الجزارين والقصابين: وأول ما يحتسب عليهم أن يجروا الذبح على السنة وأن لا يذبحوا بسن ولا بظفر لورود النهي في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما نهى الجزار عن نفخ اللحم عند السلخ لأن نكهة الآدمي تغير اللحم وتزفره.
أما القصابون وهم الذين يبيعون اللحم ، فيمنعون من خلط اللحم الهزيل بالجيد ويأمرهم المحتسب بالأمانة والنظافة وأن ينشروا على مقاصبهم الملح والأشنان في نهاية كل يوم لئلا يأتيها شيء من الهوام والحشرات، وأن لا يشتري القصاب الشاة بأرطال لحم معلومة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك.وإذا شك المحتسب في الحيوان هل هو ميتة أو مذبوح اختبره بأن يجعله في الماء، فإن رسب فهو مذبوح وإن لم يرسب فهو ميتة، وكذلك البيض لمعرفة فساده، وهذا بالطبع كان في الماضي، أما اليوم فإنه يوجد أساليب كشف الغش في هذا الكثير من الوسائل، وهذه من ضمنها.الحسبة على الطباخين: ويحتسب عليهم في الأمانة والنظافة، وأن يحافظوا على تغطية أوانيهم لحفظها من الذباب وهوام الأرض بعد غسلها بالماء الحار والأشنان -وما حل محله اليوم من الصابون وغيره- ويحتسب عليهم في أن لا يطبخوا لحوم المعز مع لحوم الضأن ولا لحوم الإبل مع لحوم البقر، لئلا يأكلها ناقة من المرض فتكون سببا لنكسه، ولهم طرق كثيرة في الغش والتدليس (أي الطباخين) يقول الشيزري: ولولا أني أخاف أن أنبه من لا دين له على غش الأطعمة لذكرت من ذلك جملا كثيرة في اختلاف أشياء من عناصرها، ولكني أعرضت عن ذكرها مخافة ممن يتعلمها فيعلمها للناس فأمسكت عن ذكرها، فيعتبر المحتسب عليهم ذلك لئلا يكون أحدهم يعرفه والله أعلم.
وبالطريقة ذاتها كان المحتسب يحتسب على أهل الحرف الأخرى فيما يتعلق بقوت الناس ومعاشهم، ولكثرتها وخوف الإطالة فقد أحجمت عن شرحها، ويمكن الرجوع إليها لمن أراد التوسع في كتاب نهاية الرتبة للشيزري، وكتاب نهاية الرتبة لابن بسام، وكتاب معالم القربة لابن الأخوة وغيرها، وهذه الحرف التي سأعددها تعداداً دون شرح هي:
5- الحسبة على شوائين اللحم.
6- الحسبة على الرواسين وهم الذين يطبخون الرؤوس والأكارع.
7- الحسبة على قلائي السمك.
8- الحسبة على الهرائسيين والهريسة طعام خليط من القمح واللحم.
9- الحسبة على النقانقيين وهم صانعي المصارين المحشوة باللحم والتوابل والبصل.
10- الحسبة على الحلوانيين.
11- الحسبة على بائعي السمن والعسل.
12- الحسبة على السقايين وهم الذين يجلبون الماء الى البيوت في الماضي.
13- الحسبة على طباخي وهراسي التمر والعدس.
14- الحسبة على الباقلانيين أي الفوالين.
15- الحسبة على صيادي السمك.
16- الحسبة على بائعي الصير: وهو السمك المملح المجفف وذلك بأن ترمى أحشاؤها وتملح وتوضع تحت أثقال ليخرج ماؤها ثم تباع
17- الحسبة على باعة البوري والملح وهو اصناف من السمك مختلفة مملحة مجففة تعرض للشمس ثم تباع
18- الحسبة على صيادي الطيور والعصافير
19- الحسبة على طباخي الولائم
20- الحسبة على عاصري الزيت وكشف غشهم
21- الحسبة على اللبانين وهم الذين يبيعون اللبن والحليب فهذه تقريبا أظهر الحرف التي كان يتم الاحتساب عليها في جانب قوت الناس ومعاشهم.
ب- الحسبة على أهل الحرف التجارية:إن التجارة بمعناها الواسع يمكن أن تدخل تحتها كل الحرف التي تكلمنا عنها في الجوانب الأخرى لكن رغبة في الترتيب والتصنيف الذي ارتأيته لهذا الفصل والذي توخيت فيه ذكر ما يتعلق بكل باب على حدة حيث ظهر لي أن هناك حرفاً صبغتها تجارية بحتة، فصنفتها في هذا المطلب وعلى الطريقة نفسها التي سلكتها في استعراض حرف الجوانب المتقدمة سيكون استعراضي لحرف هذا الجانب والتي تتمثل في الآتي:1- الحسبة على الباعة: وبصفة عامة في أن يبتعدوا عن صور البيع المحرمة
2- الحسبة على باعة البز: بأن يبتعدوا عن كل صور البيع المحرمة ويعتبر عليهم المحتسب ما قد يقع منهم في ذلك.
3- الحسبة على نخاسي العبيد والدواب: بأن يكون النخاس ثقة أمينا لأنه يتسلم جواري الناس وغلمانهم، ويحتسب عليهم أيضا في أن لا يبيع جارية أو غلاماً إلا لمن يعرفه أو يعرف، ويكتب أوصافه في دفتر لئلا يكون مسروقاً أو حراً، وينبغي أن يكون النخاس بصيراً بالعيوب، ويعتبر عليه في بيع الدواب ما يعتبر عليه في بيع العبيد.
الحسبة على بائعي المسامير: في أن لا يخلطوا المسامير الجديدة بالعتيقة (أي القديمة) لأن ذلك تدليس4- الحسبة على بائعي النحاس : بأن يأمرهم المحتسب أن يبينوا للمشتري غشوش النحاس فهي كثيرة، وأن لا يأخذ السمسار جعالته إلا من البائع بحكم أن لا يكون البيع مسلماً، وأن يكتب على الجديد جديداً والعتيق عتيقاً وعلى سباكي النحاس يحتسب في أن لا يسبكوا عليه من خبث الفضة والرصاص فينكسر ما يعمل منه بسرعة.
5- الحسبة على المكارية بأن يعلقوا في أعناق الدواب ما يحدث الجلبة عند قدوم الدابة، لأن ذلك ينذر الغافل والمفكر والضرير بمجيء الدابة، كما ينبغي أن يلاحظ المحتسب أن تكون أحمالها بقدر طاقتها وأن لا تحمل أكثر من ذلك، ولا يحيف عليها بالضرب وأن لا توقف في الطريق بحمولتها.
6- الحسبة على المنادين والدلالين في الأسواق بأن يتحلوا بالأمانة والصدق لأنهم يتسلمون أموال الناس لبيعها.
7- الحسبة على الحطابين في أن لا يخزنوا منه شيئا حتى يكتفي أهل الأفران وغيرهم من أهل الحاجة.
8- الحسبة على بائعي القصب لأهل المراكب والعمارات وسائر أصحاب الأشغال فلا يخزن في الوقت الذي يحتاجه الناس.
9- الحسبة على الحناطين والعلافية في أن لا يخلطوا رديء الحنطة بجيدها ولا عتيقها بجديدها فإن ذلك تدليس.
10- الحسبة على البزارين وهم بائعي بهارات الطبخ.
11- الحسبة على بائعي السماسم.
12- الحسبة على دلالي العقارات.
13- الحسبة بائعي الأواني الفخارية.
14- الحسبة على بائعي التبن علوف الدواب.
15- الحسبة على البقالين وبائعي سائر الخضراوات.
ج- الحسبة على أهل الطب:1- الحسبة على الصيادلة: وقد نظمت مهنة الصيدلة فجعل للصيادلة نقيبا سموه رئيس العشابين وأخضعوهم لنظام الحسبة من حيث المراقبة والمتابعة، وكانت ترافق الحسبة شرطة تسمى شرطة الصحة أثناء تفتيشه على أهل الطب والصيدلة وعن مراقبتهم قال الشيزري: (إنه ينبغي للمحتسب أن يراقب هؤلاء الصيادلة فان العقاقير والأشربة مختلفة الطباع والأمزجة والتداوي على قدر أمزجتها فمنها ما يصلح لمرض ومزاج، فإذا أضيفت إليها غيرها أحرفتها عن مزاجها فأضرت بالمريض لا محالة، فالواجب على الصيادلة أن يراقبوا الله عز وجل في ذلك).2- الحسبة على الكحالين (أطباء العيون): كان يمتحنهم المحتسب بكتاب حنين بن إسحاق أعنى العشر مقالات في العين فمن وجده فيما امتحنه به عارفا بتشريح عدد طبقات العين السبعة وعدد رطوباتها الثلاثة وعدد أمراضها الثلاث وما يتفرع من ذلك من الأمراض، وكان خبيراً بتركيب الأكحال وأمزجة العقاقير أذن له المحتسب بالتصدي لمداواة أعين الناس.3- الحسبة على المجبرين :فلا يحل لأحد أن يتصدى للتجبير إلا بعد أن يحكم معرفة المقالة السادسة من كناش بولص في الجبر، وأن يعلم عدد عظام الآدمي وهي مئتان وثمانية وأربعون عظما، وصورة كل عظم منها، وشكله وقدره، حتى إذا انكسر منها شيء أو انخلع رده على هيئته التي كان عليها فيمتحنهم المحتسب بجميع ذلك).4- الحسبة على الفصادين والحجامين:بحيث لا يتصدى للفصد إلا من اشتهرت معرفته وأمانته بتشريح الأعضاء والعروق والعضل والشرايين لئلا يقع المبضع (الشفرة أو السكين) في عروق غير مقصودة ولا يفصد عبدا إلا بإذن سيده ولا حاملا ، وأن لا يفصد إلا في مكان فضاء وآلة ماضية (أي حادة) ، وأن لا يفصد وهو منزعج . الحسبة على أهل الصرافة:مهنة الصرافة والتعامل مع الدرهم والدينار من أخطر الأعمال على دين متعاطيه، بل لا بقاء للدين معه إذا كان الصيرفي جاهلا بالشريعة غير عالم بأحكام الربا، فالواجب أن لا يتعاطاه أحد إلا بعد معرفته بالشرع ليتجنب الوقوع في المحظور من أبوابه.ولو تتبعنا المعاملات التي أدخلت من باب الربا والمحظورة على الصيارفة كما ذكرها ابن الأخوة لوجدنا أن منها:1- بيع رديء بجيد يفوقه في الوزن أعني الذهب بالذهب والفضة بالفضة ، فان اختلف الجنسان فلا حرج لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم .2- الدنانير المخلوطة من الذهب والفضة إن كان مقدار الذهب مجهولا لم تصح المعاملة عليه أصلا إلا إذا كان ذلك نقدا جاريا في البلد.3- كل حلي مركب من ذهب وفضة لا يجوز شراءه لا بالذهب ولا بالفضة بل ينبغي أن يشتري بمتاع آخر او نقدا آخر كما هو الحال اليوم في العملة الورقية.يقول الشيزري:( وعلى المحتسب أن يتفقد سوقهم (البنوك ومحلات الصرافة ) ويحاول أن يكشف غشهم بمباغتتهم أو أن يرسل من لا يشك فيهم ليتعاملوا معهم فإن عثر على من رأى أو فعل في الصرف مالا يجوز في الشريعة عزره وأقامه من السوق ، وهذا بعد أن يعرفهم بأصول مسائل الربا ، وأنه لا يجوز لأحد أن يبيع الذهب بالذهب ولا الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل ، ويدا بيد ، فإن أخذ الصيرفي زيادة على المثل أو تفرقا قبل القبض كان ذلك حراما.وبهذا يتضح لنا مدى أهمية الاحتساب في هذا الجانب الحساس في حياة كل الناس والذي يترتب على إهماله ترك الناس يقعون في كبيرة من أشد الكبائر (الربا). منكرات الأسواق والطرقات والاحتساب عليها:إذا صنفنا الأماكن على حسب ما قد يحدث فيها من منكرات فإن الأسواق تكون الأولى بلا منازع، وما ذلك إلا لأنها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عنها وعن المساجد (أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها ). وهذه المنزلة للأسواق عند الله يقع فيها من اللغو والغش والكذب والمعاملات الباطلة، يقول صلى الله عليه وسلم (إن هذه السوق يخالطها اللغو والكذب فشوبوها بالصدقة).ولذا تجد للأسواق في اهتمامات واصلاحات المشرعين في كل زمان ومكان وعناية بارزة واهتماما خاصا والإسلام الذي من مبادئه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد أولى هذه الأماكن اهتماما خاصا منذ بزوغ فجره حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتسب بنفسه على بعض المنكرات فيها وعين لها مشرفا عرف فيما بعد باسم المحتسب، وكذا الخلفاء الراشدون قد باشروا الاحتساب على منكرات الأسواق بأنفسهم وعينوا لها المحتسبين .بعض منكرات الأسواق التي كان يحتسب على أهلها في الماضي ما يلي:1- إخراج المصطبات عن سمت الحوانيت (الدكاكين)عن سمت أركان السقائف إلى الممر الأصلي لأن ذلك عدوان على المارة يضر بهم.2- محاولة الفصل بين ما كانت صناعته تحتاج إلى وقود نار وبين العطارين والبزازين ونحوهم داخل السوق لعدم المجانسة وخوفا من الضرر.3- منع نلقي الركبان وهو أن تقدم قافلة فيتلقاها إنسان خارج البلد ويقول لهم إن السوق كاسد ليبتاع منهم رخيصا والرسول قد نهى عن ذلك قبل أن يهبطوا السوق وتقدم ذكر هذا.4- وكان المحتسب يمنع حمالي الحطب وأعدال التبن والرماد والفحم وأشباه ذلك من الدخول إلى الأسواق لما فيه من الضرر بلباس الناس.
5- الاحتساب على أهل الأسواق بنكسها وعدم جمع الأوساخ والطين، وغير ذلك مما يضر بالناس .
6- بيع بيعتين في بيعة واحدة وهو مما لا يجوز للمسلم أن يفعله لما في ذلك من الإيهام المؤدي إلى أذية المسلم، وصورته أن يقول شخص لآخر بعتك هذه السلعة بعشرين ريالا حاضرة أو بخمسة وعشرين إلى أجل، وبعد حصول الإيجاب والقبول يتفرقا دون أن يحدد هل اشترى حاضرا أو مؤجلا. وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة.
7- بيع المصرّاة من بهيمة الأنعام وهو: أن يقوم البائع للحلوب من الإبل أو البقر أو الغنم بتصريتها (أي بعدم حلبها) لأيام كي تبدو وكأنها حلوب بشكل غزير فيرغب الناس في شرائها، وهذا تدليس نهى عنه صلى الله عليه وسلم.8- بيع الثنيا وهو أنه لا يجوز للمسلم أن يبيع شيئاً ويستثني بعضه إلا أن يكون ما يستثنيه معلوماً، فإذا باع بستاناً مثلا فلا يجوز أن يستثني نخلة أو شجرة غير معلومة لما في ذلك من الغرر المحرم. من المنكرات الحديثة التي لم تكن أغلبها موجودا في عصور ماضية ومن هذه المنكرات التي جدت :1- من منكرات الأسواق اليوم الاختلاط حيث أن المتتبع لذلك من الذين توجد عندهم الغيرة على دينهم وأمتهم يتفطر قلبه ألماً وحزناً لكثرة ما يرى ويشاهد من صور التبرج من قبل النساء، والسفور والتعطر والتكسر في الكلام، والمشي والحركة، ومن اختلاطهن بالرجال في بعض المحلات، مما يجعل الأمر يتحول في حالات معينة إلى الخلوة المحرمة شرعاً، قال صلى الله عليه وسلم(( ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)).2- بيع ملابس النساء جاهزة فيها الكثير من المخالفات الشرعية ، كالقصر والضيق والشفافية ، مما يجعل المرأة إذا لبستها تظهر وكأنها شبه عارية قد بدت عوراتها ومفاتنها، وكان الأولى أن لا تستورد هذه الملابس ولا تفصّل ويلزم الباعة ببيع ما يتفق والحشمة والعفة التي يدعو إليها الإسلام.3- إخفاء عيب السلعة المباعة سواء كانت حيواناً أو آلة وما أكثرها اليوم، لا سيما في الآلات من سيارات وغيرها ، يقول الغزالي ( وإذا علم بالمبيع عيبا فيلزمه أن ينبه المشتري عليه وإلا كان راضياً بضياع مال أخيه المسلم وهذا حرام).هذا ولا يعني تصنيفنا لمنكرات الأسواق بقديم وحديث أن المنكرات التي كانت تحدث في الأسواق في الماضي لم يعد لها وجود في أسواق اليوم ، بل لا زال أكثرها، ومعها ما جد من المنكرات الحديثة. الحرف في الحاضر والجهات التي تراقب التجاوزات فيها:الجهات التي تشرف على تجاوزات أهل الحرف في الحاضر حسب التقسيمات التي مرت معنا في تصنيف الحرف في الماضي فإن الحرف التي تتعلق بقوت الناس ومعاشهم أكثرها تخضع للإشراف والمتابعة من قبل الشؤون البلدية في المدن والقرى وبعضها تشرف عليه وزارة الزراعة والمياه، كالغلال والمطاحن كما هو الحال عندنا في السعودية وكذلك كل ما يتعلق بالمياه من شرب وغيره.وهناك محلات بيع المواد الغذائية وهي كثيرة تراقب التجاوزات فيها وزارة التجارة من ناحية والشؤون البلدية من ناحية أخرى وقد يقوم مقام ما تؤديه وزارة التجارة عندنا في السعودية وزارة التموين في بعض البلدان الإسلامية الأخرى.أما الطب وما يتعلق به من صيدلة وصناعة واستيراد للمعدات الطبية وتأمين احتياجات المستشفيات، فهذه تشرف عليها وزارة الصحة، فهي التي تحدد التخصصات الطبية وتعد وتختبر الأطباء وتحاسبهم على التقصير إن وجد من بعضهم، وكذا الصيادلة والمساعدين وسائر الفنيين الطبيين من ممرضين وغيرهم، وكذا كل الصيدليات الحكومية أو الأهلية تخضع للإشراف عليه والمتابعة وزارة الصحة.أما الحرف التي تدخل ضمن دائرة التجارة فهذه تخضع في الإشراف عليها لجهتين الجهة الأولى وزارة التجارة والجهة الثانية الشؤون البلدية، فعن طريق هاتين الجهتين تتم محاسبة ومراقبة المحلات التجارية من ناحية الأسعار وعدم رفعها، ومن ناحية التدليس والغش في القياس والوزن والكيل ، وإن كانت هناك أيضا حرف تجارية قد يكون الإشراف عليها من قبل جهات أخرى، كالتجارة في الأسهم والأوراق المالية فهذه تتبع لوزارة المالية.وعلى كل حال فهذه مجرد أمثلة وإلا فهناك تجارات أخرى تتبع لغير ما ذكرنا من الجهات الحكومية الأخرى.الأمور التي يجب مراعاتها عند تنظيم الأسواق ما يلي:
أ- المعرفة بأحكام السوق:
كان من الواجب على المحتسب أن يتأكد من معرفة التجار وأصحابالمهن لأحكام البيع الشراء ، ويعمل على اختبارهم فيها ، ويمنع منثبت عليه عدم العلم من العمل في التجارة والصناعة ، لأن جهلهبأصول عمله مظنة وقوعه في الحرام ، وقد صح ذلك عن الصحابةالكرام رضوان الله عليهم قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا يبيع في سوقنا إِلاَّ من قد تفقّه في الدين" ، وذلك لأنّ عدم التقيد بأحكام التجارة يؤدي إلى مُخالفة الشرع ومن هنا ورد في خطورة ما يجري في الأسواق من اختلالات قول سلمان رضي الله عنه: "لا تكونن إن استطعت أوّل من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها؛ فإنها معركة للشيطان، و بها ينصب رايته " ، وقال النبيّeلأهل الكيل والميزان: «إنكم قد وليتم أمرين هلكت فيهما الأمم السالفة قبلكم» ، وفي هذا يقول الإمام أبو حامد الغزالي عند كلامه عن علم الكسب.. وبيان شروط الشرع فيه: اعلم أن تحصيل علم هذا الباب واجب على كلّ مسلم مكتسب ؛ لأن طلب العلم فريضة على كل مسلم، وَإِنَّمَا هو طلب العلم المحتاج إليه، والمكتسب يحتاج إلى علم الكسب، ومهما حصل علم هذا الباب وقف على مفسدات المعاملة فيتقيها، وما شذ عنه من الفروع المشكلة فيقع على سبب إشكالها، فيتوقف فيها إلى أن يسأل، فإنه إذا لم يعلم أسباب الفساد بعلم جملي فلا يدري متى يجب عليه التوقف والسؤال ، ولو قال: لا أقدم العلم ولكنّي أصبر إلى أن تقع لي الواقعة فعندها أتعلم وأستفتي ، فيقال له: وبم تعلم وقوع الواقعة إذا لم تعلم جمل مفسدات العقود ، فإنه يستمر في التصرفات ويظنها صحيحة مباحة ، فلا بد له من هذا القدر من علم التجارة ليتميز له المباح عن المحظور، وموضع الإشكال عن موضع الوضوح.
ب- إغلاق الأسواق عند الصلاة عامة وصلاة الجمعةخاصة: من ذلك إهمال كثير من الناس وأهل الأسواق والحرف والأجراء شهود الصلاة عامة وصلاة الجمعة ، وهي من فروض الأعيان ، وقد تمالأ كثير من أهل الصنائع اليوم والأجراء وغيرهم على تركها وعدم حضورها بعملهم في الوقت المستحق لحضور الصلاة، فيجب اضطرار الكافة إلى شهود الجمعة.
وعلى المحتسب التأكيد على صلاة الجماعة والجمعة بشكل خاص ،لأن البيع خلالها محرم وثمن المبيع حرام على قول ابن عباس وأغلبالفقهاء ، فيأمر بإغلاق الأسواق في وقت الجمع ، ومنع المتاجرة ، ويلزمالناس التوجه للمسجد ، وذلك لقوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} ، فقد جاء الأمر هنا بدون صارف عنالوجوب فتعين حكم الوجوب ، وقد عنى الخليفة المنصور بهذا الأمر عندبناء بغداد فجعل لكل سوق مسجدا يجتمع فيه الباعة لصلاة الجمعة.
وعن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده أنه خرج مع النبي إلى المصلىفرأى الناس يتبايعون فقال:(يا معشر التجار، فاستجابوا لرسول الله ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه ، فقال: إن التجار يبعثون يوم القيامةفجاراً إلا من اتقى الله وبر وصدق رواه الترمذي وقال حديث حسنصحيح.
ج- القائمون على مراقبة وتنظيم الأسواق:
السوق خاضعة لرقابة وتنظيم موظف خاص يدعى العامل على السوق، يعينه الأمير، وهو يتمتع ببعض السلطات القضائية والتنفيذية، ويزود ببعض الأعوان الذين يساعدونه على القيام بواجباته ، وأحيانا كان الخليفة أو الأمير نفسه يتولّى رقابة السوق ، فقد ذكر ابن خلكان أنّ عمر بن الخطاب كان يتجول في الأسواق ويمنع الناس من الغشّ في بيوعهم.
أهم مهام محتسب السوق:
1- تأمين الرضا والحرية لرواد السوق ، لقوله e "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما".
2- مراقبة الإفصاح والبيان في البيع ، لقوله e فإن صدقا وبيّنا.
3- التدخل في حال الترويج بالدعاية الكاذبة أي بصفات ليست موجودة أصلاً في السلعة ، لقوله e "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قال فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ، قال أبو ذر t خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب"
4- مراقبة الموازين والمكاييل ومنع التلاعب بها لقول الله تعالى )فأوفوا الكيل و لا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها([ الأعراف :85]. وقوله أيضاً:)والسماء رفعها ووضع الميزان ، ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان([الرحمن: 7]. 5- تنظيم أعمال الوساطة والسمسرة في السوق وذلك بمنع تلقي الركبان وعدم الكذب وإظهار العيب ونهي بيع الحاضر لباد حتى تتبين جميع الظروف المتحكمة بالعرض والطلب. 6- منع الاحتكار والبيوع المنهي عنها ، ومعالجة مشكلة التسعير.
د- منع المعاملات المنكرة :
من واجب القائم بأعمال السوق منع البيوع التي فيها غرر أو ربا أو ضرر أو ما اقترن منها بشرط غير ملائم نظم رسول اللهe أحكام البيعوالشراء ، وحرم أشكالا رديئة من التجارة لا تنسجم مع مبادئ الإسلامالقيمة حرصاً على دفع المنكرات والضرر الذي كان يقع به بعضالمتبايعين نتيجة تبايعهم ببعض البيوع التي لا تقوم على أساس شرعي فنهى رسول الله eعن كثير منها والبيوع المنهي عنها التيذكرها ، البخاري هي:

1- بيع الملامسة والمنابذة:
ذكر البخاري هذا النوع من البيوع في عدة مواضع من الصحيح ،فيروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله: "أن رسول الله e نهى عن الملامسة والمنابذة "
والملامسة لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل وبالنهار ، ولا يقلّبه إلابذلك ، والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل بثوبه وينبذ الآخر ثوبهويكون ذلك بيعهما عن غير نظر ولا تراضي .
2- بيع المزابنة والمحاقلة والمخاضرة والملامسة:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " نهى النبيeعن المزابنة والمحاقلة "
المزابنة: بيع الثمر بالتمر كيلا ، وبيع الزبيب بالكرم كيلا ، المحاقلة: بيعمثل الحنطة في سنبلها بحنطة صافية.
3- بيع النجش:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "أن رسول الله eنهى عن النجش"
حضور الشخص عند بيع السلعة ويدفع غاليا كي يغري غيره بشرائها وهي لا تساوي هذا الثمن.
4- بيع المصراة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله قال رسول الله e" ولا تصروا الغنم ،ومن ابتاعها فهو بخير النّظرين بعد أن يحتلبها ، إن رضيها أمسكها ،وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر"
المصراة هو عدم حلب الناقة وتركها حتى يجتمع الحليب بالضرع فيغتر بها المشتري.
5- بيع الغرر وحبل الحبلة:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "أن رسول الله eنهى عن بيع حبل الحبلة "
كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ، ثم تنتج التي في بطنها.
6- بيع الجزاف:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قوله: "لقد رأيت الناس في عهد رسولالله e " يتبايعون جزافاً يعني الطعام يضربون أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤوه في رحالهم"
المجازفة هي البيع من غير وزن ولا كيل ولا تقدير.
7- بيع الثمار قبل بدو صلاحها:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قوله "إن رسول اللهe نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمبتاع" ، وهو أن تباع ثمرة النخلحتى تزهو تنضج .
8- بيع الحاضر للباد:
عن أبى هريرة رضي الله عنه قوله: " نهى النبيeعن التلقي وأن يبيع حاضر لباد"
التلقي هو تلقي الركبان والمقصود بأن يبيع حاضر لباد أي يشتريالحضري من البدوي.
9- بيع الخمر:
عن جابر رضي الله عنه أنه قال: "حرم النبي eبيع الخمر"
10- بيع السوم:
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللهe قال: "لا يبيع بعضكمعلى بيع أخيه ولا يسوم على سوم أخيه حتى يأذن له أو يترك"
السوم ذكر قدر معين للثمن وأن متولي السلعة من مالك أو وكيل أولىبالسوم من طالب شرائها.
11- بيع السلاح في الفتنة :
استهل البخاري باب بيع السلاح في الفتنة وغيرها بقوله وكره عمرانبن حصين بيع السلاح في الفتنة.
الخاتمة :تم بحمد الله تعالى إتمام هذا البحث المتواضع الذي حاولت فيه بذل جهدي ، وعدم التفرع فيه وإلا كان عشرات الصفحات ، فتنظيم الأسواق ومتعلقاتها وفروعها كثيرة بحيث لا تحصى ، فهي مبثوثة في كل المعاملات الإنسانية سواء المالية منها أو الأخلاقية ، وصل الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
 
إنضم
2 ديسمبر 2016
المشاركات
12
الكنية
الجهني
التخصص
اقتصاد اسلامي
المدينة
المدينة المنورة
المذهب الفقهي
الحنابلة
رد: بحث بعنوان تنظيم الاسواق للاخ احمد الانصاري

بحث ممتاز جزى الله الاخ احمد الانصاري
 
أعلى