العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

شرح تذليل العقبات بإعراب الورقات

إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,453
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد
فقد عزمت مستعينا بالله تعالى على البدء في إعراب متن الورقات لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني – رحمه الله تعالى- والتحشية عليه بما تيسر، وهو كتاب قال فيه شارحوه: " كتاب صغر حجمه، وكثر علمه، وعظم نفعه، وظهرت بركته"[1] وكان هذا تلبية لرغبة بعض الإخوة في ذلك، وقد كنت قدَّرْتُ في نفسي أن أكتفي بإعراب المتن وأن أترك الشرح للشراح؛ حيث أن هذا هو المطلوب فكتبت شيئا على هذا التقدير، وفي أثناء ذلك كنت أرجع إلى الشروح والحواشي: لألتقط من فوائدها، وأغتنم من فرائدها؛ كما كنت أصنع من قبل ذلك حين صنعت النسخة المصححة من المتن؛ فرأيت أن أقيد شيئا من هذه الفوائد والدرر، وأنثرها بين ما أكتبه، وإن أدى ذلك إلى طول الشرح وخلط الأصول بالنحو.فإن قلت: الاختصار أفضل.قلت: الاختصار كثير والحصول عليه يسير، ولو كان كل من يكتب يكتب اختصارا، لكان تَكرارا، لا يختلف إلا بالسياق أو العباره، فدعني أصنع لك حاشية لا كالحواشي، أعيذها بالله من كل واشية وواشي.
هذا، ومن منهجي في العمل:
1- أن أكتب الفقرة المراد شرحها من المتن باللون الأحمر الثقيل.
2- ثم أبدأ بإعرابها كلمة كلمة، وأضع كلَّ كلمةٍ في أول السطر بين قوسين وأميزها بالخط الأحمر الثقيل وبوضع خط تحتها، ثم أعربها في أول مرة إعرابا تفصيليا حتي لو كان إعرابها واضحا، فأقول مثلا: (مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره)، وهكذا، فإذا تكرر مثل هذا قلت: (مبتدأ) ولا أزيد إلا أن يكون الإعراب تقديريا أو محليا أو فيه إشكال فأنص عليه.
3- لا أعني بالإعراب التفصيلي ذكرَ كل وجوه الإعراب المحتملة، بل لا أعني بها إلا ما سبق وانظر التالي.
4- قد تحتمل الكلمة وجهين أو أكثر من وجوه الإعراب فاعلم أنه ليس من شَرطي ذكرها كلها، بل لا أذكر إلا ما حضرني منها، فإن اتفق لك وجه لم أذكره فاعلم أني لم أذكره لإحدى ثلاث:
الأولى- أني أجهله.
الثانية- أني تركته عمدا لعدم تيقني منه.
الثالثة- أني تركته مخافة التشويش على القارئ، إلا في البسملة؛ فإن العلماء قد كفَوْني أمرها؛ فأنا فيها تابع لا غير ويقتصر عملي على توضيح ما قالوه بما يناسب المقام.
5- بعد الإعراب أذكر المعنى على وجه الاختصار.
6- أشرع بعد ذلك في فقرة عنوانها: [قال صاحبي] وفيها أذكر: الفوائد المستخرجة، والزوائد المستنبطة، وأُورِدُ فيها من الإشكالات التي قد تعترض الطالب؛ فتسبب سوء الفهم أو عدمه، بطريق الحوار بيني وبين صاحبي حتي يزول الإشكال والإيراد، ويتضح المعنى المراد.واعلم أن الإشكال المذكور قد يكون على عبارة المصنف وقد يكون على ما يذكره المُحَشِّي، وقد يكون في النحو وقد يكون في الأصول، وقد أطيل في النحو عن الأصول لا سيما إذا كانت عبارة المتن مما لا تحتاج إلى بيان؛ لأن المتن قد خُدِمَ في جانب الأصول بما لا مزيد عليه ولا كذلك في باب الإعراب والنحو؛ فلهذا قد أترك بعض الفقرات دون الإطالة في بيانها من جهة الأصول، بل لا تكون الإطالة إلا من جهة النحو؛ فلا وجه لمعترض بعد ذلك أن يقول: المتن حَالِ[2] والشرح خالي.
والله الموفق.
وقبل الشروع في المقصود :حمل نسختين مصححتين من متن الورقات من هنا:
https://feqhweb.com/vb/threads/.18403
وهذا أوان الشروع في المقصود بعون الملك المعبود

________________________________________
[1] قرة العين شرح ورقات إمام الحرمين للحطاب المالكى 2 بهامش حاشية السوسي على قرة العين ط. المطبعة التونسية
[2] حال: من الْحِلْيَةِ يقال: حليت المرأة وهي حال وحالية.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,453
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

التقليد
قول المصنف:
وَالتَّقْلِيدُ: قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِلِ بِلَا حُجَّةٍ؛
فَعَلَى هَذَا قَبُولُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُسَمَّي تَقْلِيدًا.


وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: التَّقْلِيدُ قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِلِ وَأَنْتَ لَا تَدْرِي مِنْ أَيْنَ قَالَهُ.
___________________________________
(وَ): استئنافية


(التَّقْلِيدُ): مبتدأ


(قَبُولُ): خبر، وهو مضاف


(قَوْلِ): مضاف إليه، وهو مضاف أيضا


(الْقَائِلِ): مضاف إليه


(بِـ): حرف جر


(لَا): نافية للجنس ملغاة لدخول حرف الجر عليها.


وذهب الكوفيون إلى أن (لا) هنا اسم بمعنى (غير) وأنها مجرورة بالباء وهي مضاف وما بعدها مضاف إليه1.
وإلى هذا الرأي ذهب الهروي في (الأُزْهِيَّة)2، والمالقي في (رصف المباني)3.


(حُجَّةٍ): مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة الظاهرة،
والجار والمجرور متعلق بـ (قبول)
وعلى مذهب الكوفيين (لا) مضاف، و(حجة) مضاف إليه


(فَـ): فاء السببة


(عَلَى هَذَا): متعلق بمحذوف حال، أي: (فبناءً على هذا التعريف للتقليد)،
أو متعلق بمحذوف خبر لمبتدإ محذوف والتقدير: (فالكلام الآتي (وهو قبول قول النبي ...الخ) مبنيٌّ على هذا التعريف)


(قَبُولُ): مبتدأ، ومضاف


(قَوْلِ): مضاف إليه، ومضاف أيضا


(النَّبِيِّ): مضاف إليه


(صلى الله عليه وسلم): (صَلَّى): فعل ماض،


واسم الجلالة فاعل،


و(عليه) متعلق بـ (صلى)


والجملة استئنافية لا محل لها من الإعراب.


و(الواو) عاطفة،


و(سَلَّمَ) فعل ماض، والفاعل مستتر يعود على اسم الجلالة،
وحذف الظرف من الثانية لدلالة الأولى عليه والتقدير: (وسلَّمَ عليه)


والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب معطوفة على جملة (صلى الله)


(يُسَمَّي): مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر،
ونائب الفاعل ضمير مستتر يعود على (قبول)


(تَقْلِيدًا): مفعول به ثان لـ(يُسَمَّى)


وجملة (يسمى تقليدا) في محل رفع خبر (قبول)


(وَ): استئنافية


(مِنْهُمْ): متعلق بمحذوف خبر مقدم


(مَنْ): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر


(قَالَ): فعل ماض،
والفاعل مستتر يعود على العلماء وإن لم يَجْرِ لهم ذِكْرٌ لفهمه من السياق.


(التَّقْلِيدُ): مبتدأ


(قَبُولُ): خبر، ومضاف


(قَوْلِ): مضاف إليه، ومضاف أيضا


(الْقَائِلِ): مضاف إليه


وجملة (التقليد قبول ...) في محل نصب مقول القول


وجملة: (قال التقليد ...) لا محل لها من الإعراب صلة (مَنْ)


وجملة (ومنهم مَنْ ...) لا محل لها من الإعراب استئنافية


(وَ): واو الحال


(أَنْتَ): مبتدأ


(لَا): نافية


(تَدْرِي): مضارع مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها الثقل،
والفاعل مستتر وجوبا تقديره (أنت)


(مِنْ أَيْنَ): متعلق بـ (قال)


(قَالَهُ): فعل ماض وفاعل مستتر والهاء مفعول به،
وليس هنا مقول قول؛ لأن المراد بـ (قالَه) أي أَخَذَهُ، أي وأنت لا تدري مِنْ أين أخذه، أي لا تعلمُ مَحَلَّ أَخْذِهِ.

_________________________
1 مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام 3/ 316 تحقيق: د. عبد اللطيف محمد الخطيب


2 الأزهية في علم الحروف لعلي بن محمد النحوي الهروي ص160 ت. عبد المعين الملّوحي، ط. مجمع اللغة بدمشق


3 رصف المباني في شرح حروف المعاني لأحمد بن عبد النور المالقي 270 -271 ت. أحمد محمد الخراط، ط. مجمع اللغة بدمشق.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,453
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قول المصنف:
فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ بِالْقِيَاسِ،
فَيَجُوزُ أَنْ يُسَمَّي قَبُولُ قَوْلِهِ تَقْلِيدًا.
_________________________________
(فَـ): فاء الفصيحة


(إِنْ): شرطية


(قُلْنَا): (قال) فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك، في محل جزم فعل الشرط،
و(نا) فاعل


(إِنَّ): حرف توكيد ونصب


(النَّبِيَّ): اسم إِنَّ منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة


(صلى الله عليه وسلم): سبق مثلها قريبا


(كَانَ): فعل ماض ناسخ ناقص، واسمها مستتر يعود على النبي صلى الله عليه وسلم


(يَقُولُ): فعل مضارع مرفوع
والفاعل مستتر يعود على النبي صلى الله عليه وسلم
والمراد بالقول هنا الاجتهاد والحكم، أي: كان يجتهد ويحكم بالقياس، ولهذا فليس هنا مقول قول.


(بِالْقِيَاسِ): متعلق بـ (يقول)


وجملة (يقول بالقياس) في محل رفع خبر (كان)


وجملة (كان يقول بالقياس) في محل رفع خبر (إنَّ)


وجملة: (إن النبي ...) من إِنَّ واسمها وخبرها في محل نصب مقول القول (قلنا)


(فَـ): واقعة في جواب إنَّ


(يَجُوزُ): مضارع مرفوع


(أَنْ): حرف مصدري ونصب


(يُسَمَّي): مضارع مبني للمجهول منصوب بـ (أنْ) وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر،
و(أَنْ) والفعل في تأويل مصدر مرفوع لأنه فاعل (يجوز)


(قَبُولُ): نائب فاعل، ومضاف


(قَوْلِهِ): قولِ مضاف إليه، ومضاف أيضا والضمير مضاف إليه


(تَقْلِيدًا): مفعول ثان لـ(يُسَمَّى)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,453
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

المعنى
تكلم هنا عن التقليد
وهو في اللغة: وضع القلادة في العنق


واصطلاحا: ذَكَرَ له تعريفين:
الأول - التقليد: "قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِلِ بِلَا حُجَّةٍ"
يعني بلا ذِكْرِ دليل للحكم،
سواء كان له دليل في نفس الأمر أو لا،
وسواء عمل به أو لا
والمقصود به هنا: ملازمة قول الغير،
كأنه جعل قولَ الغير كالقلادة في عنقه فلا يخرج عن طوعه.


ومما ينبني على هذا التعريف أن قبولَ قولِ النبي صلى الله عليه وسلم يسمَّى تقليدا؛ لانطباق التعريف عليه:
- فهو صلى الله عليه وسلم (قائلٌ)
- وأنت تقبل قولَهُ بلا حجة؛
إذْ لا يُطالَبُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالحجة،
وهذا هو التقليد.​


قلت: قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم حجةٌ بنفسه فلا يحتاج إلى حجة
والصواب زيادة (غير المعصوم) في التعريف
فيكون تعريفُ التقليدِ: "قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِلِ غَيْرِ الْمَعْصُومِ بِلَا حُجَّةٍ".


وقوله: "بِلَا حُجَّةٍ" احتراز مما لو قَبِلَ قولَهُ لحُجَّةٍ ذكرها
فإنه لا يكون تقليدا
بل اجتهادا إنْ علم تلك الحجة وفهم دلالتها على الحكم
وإلا فهو تقليد وإن ذُكِرَتْ له الحجة.


الثاني- "التَّقْلِيدُ: قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِلِ وَأَنْتَ لَا تَدْرِي مِنْ أَيْنَ قَالَهُ"
أي لا تدري هل له فيه حجة أو لا؟
وهل قاله عن نص أو اجتهاد؟


قال: "فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ بِالْقِيَاسِ، فَيَجُوزُ أَنْ يُسَمَّي قَبُولُ قَوْلِهِ تَقْلِيدًا".


وقد اختُلِفَ في حكم اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم:


فقيل: لا يجوز له الاجتهاد؛ لأنه يأتيه الوحي من عند الله
والوحي قطعي، والاجتهاد ظني
واستبدالُ الاجتهادِ الظني بالوحي القطعي من استبدال الأدنى بالذي هو خير.


وقيل: بل يجب عليه الاجتهاد،
لقول الله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل:44]،
ولقوله تعالى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء:105]،
ولأنه صلى الله عليه وسلم اجتهد في أمور أُقِرَّ عليها بالوحي، وفي أمور لم يُقّرَّ عليها بالوحي.


والأمور التي لم يُقَرَّ عليها في الاجتهاد، منها:
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,453
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

والأمور التي لم يُقَرَّ عليها في الاجتهاد، منها:


1- فداء أسرى بدر، فقد قال الله في ذلك: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:67].


2- وكذلك وما حصل له مع ابن أم مكتوم، عندما أتاه وفي مجلسه عِلْيَةُ القوم من ملإ قريش، فقال الله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} [عبس:2-3].


3- ومثل ذلك: اجتهاده في معذرة المنافقين حين أقسموا له في رجوعه من تبوك، فعاتبه الله في ذلك بقوله: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} [التوبة:43].


4- وكذلك تحريمه لِأَمَتِهِ ماريةَ أمِّ إبراهيم لإرضاء أمهات المؤمنين، وبالأخص لإرضاء حفصة، فأنزل الله فيه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم:1].


5- وكذلك ما حصل في قصة زينب بنت جحش مع زيد بن حارثة ،
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها لزيد،
ثم أتاه الوحي أن ذلك النكاح لن يستمر، وأن زينب زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة،
فهو يعلم ذلك عن طريق الوحي،
ومع ذلك فكان زيد يأتيه يشكو إليه،
وتأتي زينب فتشكو،
فيقول لـ زيد : {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ } [الأحزاب:37]، وهو ما أوحاه الله إليه من أنها ستكون زوجتَه في الدنيا والآخرة، فأنزل الله في ذلك هذه الآيات من سورة الأحزاب.


6- وكذلك نهيه عن تأبير النخل، وذِكْرُهُ أنه لا يُغَيِّرُ شيئًا، فقال: "أنتم أعلم بشؤون دنياكم".


فالراجح إذًا:
- حصول الاجتهاد منه صلى الله عليه وسلم،
- لكنه لا يُقرُّ على الخطأ قطعاً، بل لا بد أن يأتيه الوحي بعد اجتهاده،
- واجتهادُه رفعٌ لدرجته، وزيادةٌ لأجره،
- لكن مع ذلك الأخذ بقوله حتى لو كان من اجتهاده لا يُسمى تقليدًا؛ لأنه معصوم ولا يمكن أن يُقرَّ على الخطأ1.

_________________________________
1 شرح الورقات للددو الدرس 5 ص 23 بترقيم الشاملة.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,453
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

الاجتهاد ومسألة تصويب المجتهد
قال المصنف:
وَأَمَّا الِاجْتِهَادُ فَهُوَ: بَذْلُ الْوُسْعِ فِي بُلُوغِ الْغَرَضِ.
فَالْمُجْتَهِدُ إِنْ كَانَ كَامِلَ الْآلَةَ فِي الِاجْتِهَادِ:
فَإِنِ اجْتَهَدَ فِي الْفُرُوعِ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِنِ اجْتَهَدَ وَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِي الْفُرُوعِ مُصِيبٌ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِي الْأُصُولِ الْكَلَامِيَّةِ مُصِيبٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى تَصْوِيبِ أَهْلِ الضَّلَالَةِ مِنَ النَّصَارَي، وَالْمَجُوسِ، وَالْكُفَّارِ، وَالْمُلْحِدِينَ.
وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ: لَيْسَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِي الْفُرُوعِ مُصِيبًا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: " مَنِ اجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَمَنِ اجْتَهَدَ وَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ."
وَجْهُ الدَّلِيلِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَّأَ الْمُجْتَهِدَ تَارَةً وَصَوَّبَهُ أُخْرَي.
_____________________________
(وَ): استئنافية أو عاطفة
(أَمَّا): حرف تفصيل وتوكيد فيه معنى الشرط
(الِاجْتِهَادُ): مبتدأ وهو من جملة الجواب كما تقدم مرارا
(فَـ): واقعة في جواب (أمَّا) ومزحلقة عن موضعها كما تقدم مرارا أيضا
وأصل دخولها على (الاجتهاد) أي: (وأما فالاجتهاد هو ...) فوجب الفصل بينها وبين (أمَّا) فزحلقت إلى هذا الموضع،
وقد حذفت جملة الشرط والتقدير: (ومهما يكن من شيء فالاجتهاد هو ...)
(هُوَ): ضمير فصل
(بَذْلُ): خبر، ومضاف
(الْوُسْعِ): مضاف إليه وهو من إضافة المصدر إلى مفعوله، أي: بذلُ المفتي وسعَهُ
(فِي بُلُوغِ): متعلق بـ الخبر (بَذْل) أو بمحذوف حال منه أى: (الاجتهاد: هو بذل الوسع في حال كون هذا البذل كائنا فى بلوغ الغرض) وقوله: "بلوغ" مضاف
(الْغَرَضِ): مضاف إليه
وجملة (الاجتهاد ... بذل ...) وما تعلق بها جواب (أمّا)، أو (مهما)، أو جوابهما معا
وجملة (أما الاجتهاد ...) لا محل لها من الإعراب استئنافية أو معطوفة على جملة (فأما أقسام الكلام ...) كما تقدم مرارا
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,453
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

(فَـ): فاء الفصيحة، أو استئنافية
(الْمُجْتَهِدُ): مبتدأ
(إِنْ): شرطية
(كَانَ): فعل ماض ناقص ناسخ مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، واسمها مستتر يعود على (المجتهد)
(كَامِلَ): خبر كان، وهو مضاف
(الْآلَةَ): مضاف إليه
(فِي الِاجْتِهَادِ): متعلق بـ (كامل)
(فَـ): واقعة في جواب (إِنْ)
والجواب محذوف يُعْلَمُ من السياق، والتقدير: (فهو المجتهد المطلق، أو فينظرُ إن اجتهد في الفروع ...الخ)
(إِنِ): حرف شرط مبني على السكون لا محل له من الإعراب وحُرِّكَ بالكسر لالتقاء الساكنين
(اجْتَهَدَ): فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل مستتر يعود على المجتهد
(فِي الْفُرُوعِ): متعلق بـ (اجتهد)
(فَـ): عاطفة
(أَصَابَ): فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم لأنه معطوف على (اجتهد)
(فَـ): واقعة في جواب الشرط
(لَهُ): متعلق بمحذوف خبر مقدم
(أَجْرَانِ): مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى
(وَ): عاطفة
(إِنِ اجْتَهَدَ وَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ): معطوفة على جملة (إن اجتهد في الفروع فأصاب ...) وإعرابها مثلُها،
و(واحد) نعت لـ(أجر)
(وَ): استئنافية
(مِنْهُمْ): متعلق بمحذوف خبر مقدم والضمير يعود على العلماء وإن لم يَجْرِ لهم ذكر في الكلام لفهمه من السياق
(مَنْ): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر
(قَالَ): فعل ماض والفاعل مستتر يعود على (مَنْ) وهو العائد
(كُلُّ): مبتدأ، ومضاف
(مُجْتَهِدٍ): مضاف إليه
(فِي الْفُرُوعِ): متعلق بـ (مجتهد)
(مُصِيبٌ): خبر
وجملة (كل ... مصيب) في محل نصب مقول القول
وجملة (قال كل... مصيب) لا محل لها من الإعراب صلة (مَنْ)
وجملة (منهم مَنْ ...) لا محل لها من الإعراب استئنافية
(وَ): استئنافية
(لَا): نافية
(يَجُوزُ): مضارع مرفوع
(أَنْ): حرف مصدري ونصب
(يُقَالَ): مضارع مبني للمجهول منصوب بـ (أن) وعلامة نصبه الفتحة
و(أنْ) والفعل في تأويل مصدر مرفوع فاعل (يجوز) والتقدير: (ولا يجوز قِيلُ كلُّ مجتهد ...)
(كُلُّ): مبتدأ، ومضاف
(مُجْتَهِدٍ): مضاف إليه
(فِي الْأُصُولِ): متعلق بـ (مجتهد)
(الْكَلَامِيَّةِ): صفة لـ(أصول)
(مُصِيبٌ): خبر المبتدإ (كل)
وجملة (كل... مصيب) في محل رفع نائب فاعل (يقال) وهي مقول القول
وجملة (يقال كل ... مصيب) لا محل لها من الإعراب صلة (أَنْ)
وجملة (لا يجوز أن يقال ...) لا محل لها من الإعراب استئنافية
(لِـ): لام التعليل حرف مبني على الكسر لا محل له من الإعراب
(أَنَّ): حرف توكيد ونصب
(ذَلِكَ): (ذا) اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم (أَنَّ)،
واللام للبعد والكاف حرف خطاب،
والإشارة إلى عدم جواز قيلِ إن كل مجتهد في الأصول الكلامية مصيب
(يُؤَدِّي): فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها الثقل،
والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على اسم الإشارة (ذا).
والجملة من الفعل والفاعل وما تعلق بهما في محل رفع خبر (أَنَّ)
وجملة (أَنَّ) واسمها وخبرها في محل جر باللام
والجار والمجرور (لأن ذلك يؤدي ...) متعلق بـ (يجوز) في قوله: "ولا يجوز أن يقال ..."
(إِلَى تَصْوِيبِ): متعلق بـ (يؤدي)، و(تصويب) مضاف
(أَهْلِ): مضاف إليه، و(أهل) مضاف
(الضَّلَالَةِ): مضاف إليه
(مِنَ): بيانية، وهي حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب، وحُرِّكَ بالفتحة لالتقاء الساكنين واختيرت الفتحة على الكسرة لخفتها
(النَّصَارَى): اسم مجرور بـ (مِنْ) وعلامة جره كسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر،
والجار والمجرور متعلقان بمحذوف نعت لـ(أهل) والتقدير: أهل الضلالة الكائنِينَ من النصارى
(وَالْمَجُوسِ، وَالْكُفَّارِ، وَالْمُلْحِدِينَ): معطوفات على النصارى
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,453
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

(وَ): استئنافية
(دَلِيلُ): مبتدأ، ومضاف
(مَنْ): اسم موصول مبني على السكون في محل جر مضاف إليه
(قَالَ): فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب،
والفاعل مستتر يعود على (مَنْ) وهو العائد
(لَيْسَ): فعل ماض ناسخ ناقص من أخوات (كان) مبني على الفتح لا محل له من الإعراب
(كُلُّ): اسم (ليس) مرفوع، وهو مضاف
(مُجْتَهِدٍ): مضاف إليه
(فِي الْفُرُوعِ): متعلق بـ (مجتهد)
(مُصِيبًا): خبر (ليس) منصوب
وجملة (ليس ... مصيبا) في محل نصب مقول القول
وجملة (قال ليس ...) لا محل لها من الإعراب صلة (مَنْ)
(قَوْلُهُ): (قول) خبر المبتدإ (دليل)،
و(قولُ) مضاف والهاء مضاف إليه
وجملة المبتدإ وخبره (دليلُ ... قوله) لا محل لها من الإعراب استئنافية
(صلى الله عليه وسلم): تقدم مثلها
(مَنِ): حرف شرط مبني على السكون لا محل له من الإعراب وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين
(اجْتَهَدَ): فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط،
والفاعل مستتر يعود على (مَنْ)
(فَـ): عاطفة
(أَصَابَ): معطوف على (اجتهد) فهو في محل جزم مثله
(فَـ): حرف ربط
(لَهُ أَجْرَانِ): جملة من مبتدإ مؤخر وخبر مقدم
وهي جملة جواب الشرط
(وَمَنِ اجْتَهَدَ وَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ): معطوفة على الجملة السابقة ومثلها في الإعراب إلا أن العطف هنا بالواو: (وأخطأ)، وهناك بالفاء: (فأصاب)،
و(واحد) نعت لـ(أجر)
وجملتي (من اجتهد فأصاب ... ومن اجتهد وأخطأ ...) في محل نصب مقول القول
(وَجْهُ): مبتدأ، ومضاف
(الدَّلِيلِ): مضاف إليه
(أَنَّ): حرف توكيد ونصب
(النَّبِيَّ): اسم (أنَّ) منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة
(صلى الله عليه وسلم): تقدم مثلها
(خَطَّأَ): فعل ماض،
والفاعل مستتر يعود على النبي
(الْمُجْتَهِدَ): مفعول به
(تَارَةً): مفعول فيه (ظرف زمان) منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة،
وهو متعلق بالفعل (خَطَّأَ).
وجملة (خَطَّأَ المجتهدَ تارة) في محل رفع خبر (أَنَّ)
وجملة (أَنَّ) واسمها وخبرها في تأويل مصدر مرفوع خبر المبتدإ (وجه الدليل)
(وَ): حرف عطف
(صَوَّبَهُ): فعل ماض
وفاعل مستتر يعود على (النبي)
ومفعول به (الهاء)
(أُخْرَى): صفة لموصوف محذوف يدل عليه ما تقدم والتقدير: (وصوَّبَهُ تارة أخرى)، وصفة المنصوب منصوبة، وعلامة نصبها فتحة مقدرة على آخرها منع من ظهورها التعذر
وجملة (صوَّبَهُ أخرى) في محل رفع معطوفة على جملة (خَطَّأ المجتهدَ)
وجملة (وجه الدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم ...) لا محل لها من الإعراب استئنافية
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,453
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

المعنى
لما انتهى من الكلام على (التقليد) شَفَعَهُ بالكلام على (الاجتهاد) فذَكَرَ تعريفه ثم تكلم عن مسألتين هامتين وهما: هل كل مجتهد في الفروع مصيب؟ وهل كل مجتهد في الأصول الكلامية مصيب؟


فأما الاجتهاد لغة: فهو بذلُ الْجُهْدِ أي الطاقة
واصطلاحا: (بذلُ الفقيهِ جُهدَه في بلوغ الغرض) أي في الوصول إلى الغرض وهو الحكم الشرعي
والمراد أن يبذل المجتهد تمامَ طاقته في النظر في الأدلة الشرعية بحيث يحس من نفسه العجز عن المزيد على ذلك[1] ليحصل له الظن الغالب بالوصول للحكم الشرعي.


قال: "فَالْمُجْتَهِدُ إِنْ كَانَ كَامِلَ الْآلَةَ فِي الِاجْتِهَادِ" المجتهد الموصوف بهذا هو المجتهد المطلق، ولو أسقط قوله: "إِنْ كَانَ كَامِلَ الْآلَةَ فِي الِاجْتِهَادِ" لكان أفضل ؛ ليشمل المجتهد في المذهب ومجتهد الفتوى؛ لأن الظاهرَ جريانُ الحكم المذكور فيهما أيضا.


قال: "فَإِنِ اجْتَهَدَ فِي الْفُرُوعِ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِنِ اجْتَهَدَ وَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ"؛
أما (الفروع) فهي المسائل الفقهية الظنية التي ليس فيها دليل قاطع؛ لأن هذا هو موضع الاجتهاد[2].


فإن اجتهد في استنباط الحكم فأصاب أي وافقَ حكمُهُ حكمَ الله عز وجل فله أجران: أجرٌ على اجتهاده، وأجرٌ على إصابته،
والمراد بالأجر ثواب عظيم من الله عز وجل لا يعلم مقدارَهُ إلا اللهُ تعالى.


وإن أخطأ في اجتهاده فله أجر واحد على اجتهاده، وخطؤه مغفور له لعدم تقصيره في ذلك.
أما إن لم يبذل وسعه في ذلك وأخطأ فهو آثم غير مأجور[3].
وهذا معناه أنه ليس كلُّ مجتهد في الفروع مصيبا
وهذا هو الصحيح وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وقول لأبي حنيفة.
وهناك رأي آخر يقول: بل كل مجتهد في الفروع مصيب وهو القول الآخر لأبي حنيفة وإليه ذهب بعض الشافعية وبعض المالكية.

______________________
[1] قرة العين بشرح ورقات إمام الحرمين وحاشية السوسي على قرة العين 169 -170.
[2] شرح الورقات لعبد الله الفوزان 135.
[3] حاشية الدمياطي على شرح المحلي على الورقات 23.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,453
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قال: "وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِي الْأُصُولِ الْكَلَامِيَّةِ مُصِيبٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى تَصْوِيبِ أَهْلِ الضَّلَالَةِ مِنَ النَّصَارَى، وَالْمَجُوسِ، وَالْكُفَّارِ، وَالْمُلْحِدِينَ".
والمراد بـ (الأصول الكلامية) مسائل الاعتقاد كالشهادتين وصفات الباري عز وجل ونحوها
و(المجوس): هم عباد النار والقائلين بأن للكون إلهين: إله الظلمة وإله النور.
و(الملحدين): جمع ملحد وهو من كفر بالأديان كلها


والمعنى: أنه لا يجوز أن يقال: إن كل مجتهد في الأصول الكلامية مصيبٌ؛ لأن هذا يؤدي إلى تصويب أهل الضلالة والباطل من النصارى القائلين بالتثليث وأن الله ثالث ثلاثة: فالآب إله، والابن إله، والروح القدس إله.


كما يؤدي إلى تصويب مذهب المجوس الذين يعبدون النار والقائلين بأن للكون إلهين اثنين: إله النور وإله الظلمة.


كما يؤدي هذا القول كذلك إلى تصويب مذهب الكفار.


واعلم أن الكفر نوعان:
أ‌- كفر أكبر مخرج من الملة وهو:
- كفر الإعراض عن الحق وعدم قبوله،
- وكفر العناد والاستكبار يعني يعرفون الحق ثم يتكبرون عن قبوله ككفر إبليس،
- وكفر التكذيب،
- وكفر النفاق الأكبر.​
ب‌- وكفر أصغر غيرُ مخرج من الملة: ويشمل جميع المعاصي[1].


وكذلك يؤدي إلى تصويب مذهب الملحدين الذين لا يؤمنون بإله موجود.


فالحاصل أن قولَ: (كل مجتهد في الأصول الكلامية مصيب) قولٌ باطل ظاهر البطلان


ثم ذكر المصنفُ دليل قولِ مَنْ قال: "ليس كل مجتهد في الفروع مصيبا" وهو حديثُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ»[2]. وهذا لفظ البخاري ومسلم وقد ذكره المصنف بلفظ مختلف.


ووجه الدليل من الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم خَطَّأَ المجتهدَ تارةً وصوَّبَهُ أخرى فدلَّ على أن المجتهد قد يصيب وقد يخطيءُ وإذا أخطأ لم يكن مصيبا وهو المطلوب فدل على المطلوب وهو: (ليس كل مجتهد في الفروع مصيبا) وهذا هو الصحيح، والله أعلم.

______________________________
[1] شرح الورقات لعبد الله الفوزان 137.
[2] صحيح: رواه البخاري (6919)، ومسلم (1716)



_____________________________
وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية ما أردناه من التعليق والشرح والتوضيح لهذا المتن المبارك بعد نحو ستة أعوام متتابعة
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيه وأن ينفع به وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم لا رياء فيه ولا سمعه.

والحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ومَنْ تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلَّمَ تسليما كثيرا


وسبحانك اللهم وبحمدك نشهد ألا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك
 
أعلى