العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تعـال صـلِّ مع سـعـيد .............. ؟ ؟ كأنّــك لم تصـلِّ مـن قـبـل ! ! !

إنضم
27 أكتوبر 2008
المشاركات
52
التخصص
إيمانيات
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
الكلمة التاسعة



بسم الله الرحمن الرحيم

] فَسُبْحانَ الله حينَ تُمسونَ وحين تُصبِحُون ^ وَلَه الحَمدُ في السَموات والارضِ وَعَشِيّا وحين تُظهِرون[ (الروم: 17 ـ 18)

أيها الأخ! تسألني عن حكمة تخصيص الصلاة في هذه الاوقات الخمسة المعينة، فسنشير الى حكمة واحدة فقط من بين حِكمها الوفيرة.


نعم، كما ان وقت كل صلاة، بداية انقلابٍ زمني عظيم ومهم، فهو كذلك مرآة لتصرف إلهي عظيم، تعكس الآلاء الإلهية الكلية في ذلك الوقت. لهذا فقد اُمر في تلك الاوقات بالصلاة ، أي الزيادة من التسبيح والتعظيم للقدير ذي الجلال، والاكثار من الحمد والشكر لنعمه التي لا تحصى والتي تجمعت بين الوقتين. ولأجل فهم بعضٍ من هذا المعنى العميق الدقيق، ينبغي الاصغاء ــ مع نفسي ــ الى خمس نكات(1).

النكتة الاولى:

ان معنى الصلاة هو التسبيح والتعظيم والشكر لله تعالى. اي تقديسُه جل وعلا تجاه جلاله قولاً وفعلاً بقول: سبحان الله.. وتعظيمه تجاه كماله لفظاً وعملاً بقول: الله اكبر.. وشكره تجاه جماله قلباً ولساناً وجسماً بقول: الحمد لله.

اي أن التسبيح والتكبير والتحميد هو بمثابة نوى الصلاة وبذورها، فوُجِدت هذه الثلاثة في جميع حركات الصلاة واذكارها. ولهذا ايضاً تُكرّر هذه الكلمات الطيبة الثلاث ثلاثاً وثلاثين مرة عقب الصلاة، وذلك للتأكيد على معنى الصلاة وترسيخه، اذ بهذه الكلمات الموجزة المجملة يؤكد معنى الصلاة ومغزاها.

النكتة الثانية:

ان معنى العبادة هو سجودُ العبد بمحبة خالصة وبتقدير واعجاب في الحضرة الإلهية وامام كمال الربوبية والقدرة الصمدانية والرحمة الإلهية مشاهداً في نفسه تقصيرَه وعجزَه وفقرَه

نعم، كما ان سلطنة الربوبية تتطلب العبودية والطاعة، فان قدسيتَها ونزاهتها تتطلب ايضاً أن يُعلن العبدُ ــ مع استغفاره برؤية تقصيره ـ أن ربّه منزّهٌ عن اي نقص، وانه مُتعالٍ على جميع أفكار أهل الـضلالة الباطلة، وانه مقدّس من جميع تقصيرات الكائنات ونقائصها. اي يعلن ذلك كله بتسبيحه، بقوله: سبحان الله.

وكذا قدرة الربوبية الكاملة تطلب من العبد ايضاً أن يلتجىء اليها، ويتوكل عليها لرؤيته ضعفَ نفسه الشديد وعجزَ المخلوقات قائلاً: الله اكبر باعجاب وتقدير واستحسان تجاه عظمة آثار القدرة الصمدانية، ماضياً الى الركوع بكل خضوع وخشوع.

وكذا رحمة الربوبية الواسعة تتطلب ايضاً ان يُظهر العبدُ حاجاته الخاصة وحاجات جميع المخلوقات وفقرها بلسان السؤال والدعاء، وان يعلن احسان ربه وألاءه العميمة بالشكر والثناء والحمد بقوله: الحمد لله.

أي أن افعال واقوال الصلاة تتضمن هذه المعاني. ولأجل هذه المعاني فُرضت الصلاة من لدنه سبحانه وتعالى.

النكتة الثالثة:

كما أن الانسان هو مثالٌ مصغّر لهذا العالم الكبير، وان سورة الفاتحة مثالٌ منوّر للقرآن العظيم،

فالصلاة كذلك فهرس نوراني شامل لجميع العبادات، وخريطة سامية تشير الى أنماط عبادات المخلوقات جميعاً.

النكتة الرابعة:


ان عقارب الساعة التي تعد الثواني والدقائق والساعات والايام، كلٌ منها يناظر الآخر، ويمثّل الآخر، ويأخذ كلٌ منها حكم الآخر.

كذلك في عالم الدنيا الذي هو ساعة إلهية كبرى، فان دوران الليل والنهار الذي هو بحكم الثواني للساعة، والسنوات التي تعدّ الدقائق، وطبقات عمر الانسان التي تعد الساعات، وأدوار عمر العالم التي تعد الأيام، كل منها يناظر الآخر، ويتشابه معه، ويماثله، ويذكّر كل منها الآخر، ويأخذ حكمه.

فمثلاً:

وقت الفجر الى طلوع الشمس: يشبه ويذكّر ببداية الربيع وأوله، وبأوان سقوط الانسان في رحم الأم، وباليوم الأول من الأيام الستة في خلق السموات والارض، فينبّه الانسان الى ما في تلك الاوقات من الشؤون الإلهية العظيمة.

اما وقت الظهر: فهو يشبه ويشير الى منتصف الصيف، والى عنفوان الشباب، والى فترة خلق الانسان في عمر الدنيا، ويذكّر ما في ذلك كله من تجليات الرحمة وفيوضات النعمة.

أما وقت العصر: فهو يشبه موسم الخريف، وزمن الشيخوخة، وعصر السعادة الذي هو عصر خاتم الرسل محمد عليه الصلاة والسلام، ويذكّر ما في ذلك كله من الشؤون الإلهية والآلاء الرحمانية.

أما وقت المغرب: فأنه يذكّر بغروب أغلب المخلوقات واُفولها نهاية الخريف، ويذكّر أيضاً بوفاة الانسان، وبدمار الدنيا عند قيام الساعة، ومع ذلك فهو يعلّم التجليات الجلالية، ويوقظ الانسان من نوم الغفلة وينبهه.

أما وقت العشاء: فيذكّر بغشيان عالم الظلام وستره آثار عالم النهار بكفنه الاسود، ويذكّر ايضاً بتغطية الكفن الابيض للشتاء وجه الارض الميتة، وبوفاة حتى آثار الانسان المتوفى ودخولها تحت ستار النسيان، وبانسداد أبواب دار امتحان الدنيا نهائياً، ويعلن في ذلك كله تصرفات جلالية للقهار ذي الجلال.

اما وقت الليل: فانه يذكّر بالشتاء، وبالقبر، وبعالم البرزخ، فضلاً عن انه يذكّر روح الانسان بمدى حاجتها الى رحمة الرحمن.

أما التهجد في الليل: فانه يذكّر بـضرورته ضياء لليل القبر، ولظلمات عالم البرزخ، وينبّه ويذكّر بنعم غير متناهية للمنعم الحقيقي عبر هذه الانقلابات، ويعلن ايضاً عن مدى أهلية المنعم الحقيقي للحمد والثناء.


أما الصباح الثاني: فانه يذكّر بصباح الحشر. نعم، كما ان مجئ الصبح لهذا الليل، ومجئ الربيع لهذا الشتاء معقول وضروري وحتمي، فان مجئ صباح الحشر وربيع البرزخ هما بالقطعية والثبوت نفسيهما.

فكل وقت اذن ـ من هذه الاوقات الخمسة ـ
بداية انقلاب عظيم،
ويذكّر بانقلابات اخرى عظيمة،
فهو يذكّر ايضاً بمعجزات القدرة الصمدانية وهدايا الرحمة الإلهية سواء منها السنوية أو العصرية أو الدهرية، باشارات تصرفاتها اليومية العظيمة.

أي ان الصلاة المفروضة التي هي وظيفة الفطرة واساس العبودية والدَّين المفروض، لائقة جداً ومناسبة جداً في ان تكون في هذه الاوقات حقاً.


النكتة الخامسة:
....
تعطى فقط للذين يطلبونها !؟ :D
 
أعلى