العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

جديد تقريرات تتعلق بتقسيمات التبعية الفقهية

إنضم
29 سبتمبر 2017
المشاركات
2
الكنية
أبو أسلم الرمادي
التخصص
أصول الفقه وقواعده
المدينة
الفيوم
المذهب الفقهي
الشافعي
تقريرات تتعلق بتقسيم الزركشي لتبعية الفقهية (1)
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أما بعد فإن الناظر في كتب القواعد الفقهية يعلم الوزن الثقيل الذي لقاعدة: (التابع تابع) وإن المتأمل في فروعها يعلم دخولها في غالب أبواب الفقه الإسلامي، واشتمالها على كثير من المسائل الفرعية؛ حيث إن كثيرا من مسائل الفقه في كثير من أبوابه مبنية على تبعية التابع.
وكنت قد أفردت هذه القاعدة بدراسة مطولة تربو صفحاتها على خمسمئة صفحة والفضل لله تعالى، وكان مما عرضت لدراسته في هذا البحث مع إضافة تقريرات مهمة قضية: (تقسيمات التبعية).
وقد بينت أن من عرض لتقسيم التبعية إنما عرض لها باعتبار واحد، وهو (الرابط بين التابع والمتبوع) وقد زدت اعتبارين آخرين
الأول: درجة تبعية التابع للمتبوع.
الثاني: تكليف التابع والمتبوع.
والذي أفرده بالدراسة في هذه المرة هو الاعتبار الأول: (الرابط بين التابع والمتبوع)
أول من وقفت عليه قسم التبعية ونوعها من العلماء هو العلامة بدر الدين الزركشي (ت: 794 هـ) في كتابه: المنثور في القواعد الفقهية، وتبعه على هذا التقسيم أصحاب الموسوعة الفقهية الكويتية[SUP]([/SUP][SUP][SUP][1][/SUP][/SUP][SUP])[/SUP]، مع إيضاح في التمثيل.
ويمكن القول بأن هذا التقسيم راجع إلى اعتبار نوعية الاتصال بين التابع والمتبوع، من جهة الحس والمعنى؛ حيث تنقسم التبعية بهذا الاعتبار إلى قسمين:
القسم الأول: وهو ما أقترح تسميته بـ «التبعية الحقيقية»، وهي ما اتصل فيها التابع بالمتبوع اتصالا حسيا، فيلحق به لتعذر انفراده عنه.
ومن أمثلة هذا القسم أيضا: الحمل، فإنه لا يفرد في البيع، بل يتبع الأم بلا خلاف[SUP]([SUP][2][/SUP][/SUP])، ومن أمثلته أيضا: ذكاة الجنين فإنها تحصل بذكاة أمه تبعا لها، عند الجمهور والصاحبين من الحنفية، خلافا للإمام أبي حنيفة[SUP]([SUP][3][/SUP][/SUP]).
القسم الثاني: وهو ما أقترح تسميته بـ «التبعية الحكمية»، وهي ما انفصل فيها التابع عن متبوعه، لكن التحق به برابط معنوي.
ومن أمثلة هذا القسم: ولد المسلم، فإنه يتبعه في الإسلام، لكونه متصلا به من جهة النسب، وإن كانت أمه كافرة اتفاقا[SUP]([SUP][4][/SUP][/SUP])، والاتصال هنا اتصال معنوي كما هو ظاهر.
ومن أمثلته أيضا: الصبي إذا أسر معه أحد أبويه، وهذه المسألة على ثلاثة أحوال[SUP]([SUP][5][/SUP][/SUP]):
الأولى: أن يسبى الصبي منفردا عن أبويه، فيصير مسلما إجماعا؛ لأن الدين إنما يثبت له تبعا، وقد انقطعت تبعيته لأبويه لانقطاعه عنهما[SUP]([SUP][6][/SUP][/SUP]).
الثانية: أن يسبى مع أبويه، فإنه يكون على دينهما (تبعا) وبهذا قال أبو حنيفة، ومالك والشافعي، وأحمد[SUP]([SUP][7][/SUP][/SUP]).
الثالثة: أن يسبى مع أحد أبويه، وقد اختلف في هذه الحالة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: يكون تابعا له في الدين، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي، وتعليله: أنه لما لم ينفك عنه من جهة النسب تبعه من جهة الدين[SUP]([SUP][8][/SUP][/SUP]).
القول الثاني: إن سبي مع أبيه يتبعه، وإن سبي مع أمه فهو مسلم، لأنه لا يتبعها في النسب، فكذلك في الدين، وهذا قول مالك[SUP]([SUP][9][/SUP][/SUP]).
القول الثالث: من سبي من أولاد الكفار مع أحد أبويه فإنه يحكم بإسلامه، وهو قول الحنابلة[SUP]([SUP][10][/SUP][/SUP]).
وأقرر بعد عرضي للأقوال في هذه المسألة عدة تقريرات تتعلق بالتبعية الحكمية:
التقرير الأول: أن الرابط في هذا النوع من التبعية قد يزول بزوال المتبوع بشرط أن يكون زوال المتبوع زوال تاما، وهذا هو سبب الإجماع في الحالة الأولى التي أسر فيها الصبي منفردا عن أبويه؛ فإنهم عللوا ذلك بانقطاع التبعية لانقطاعه عنهما معا.
التقرير الثاني: أن المتبوع قد يزول زوالا تاما ومع ذلك لا تزول الرابطة الحكمية بينه وبين تابعه، فمن أسر مع أبويه الكافرين كان على دينهما، فإن مات الأبوان بعد ذلك وهو لا يزال صغيرا فهو على دينهما حتى يسلم بنفسه، ولا تنقطع تبعية الأبوين بموتهما.
وعلل ذلك صاحب بدائع الصنائع بقوله: «لأن بقاء الأصل ليس بشرط لبقاء الحكم في التبع».
ويمكن تقعيد هذا التقرير بأن زوال التبعية الحكمية وبقاءها بعد زوال المتبوع راجع إلى أحد أمرين:
الأمر الأول: الطريقة التي يزول بها المتبوع، فإن كان الزوال بالأسر ــ بفعل البشر ــ زالت معه التبعية الحكمية، وإن كانت بالموت ــ بفعل الله ــ لم تزل التبعية الحكمية.
الأمر الثاني: أن التبعية الحكمية التي يترتب عليها الإلحاق في الدين لا تتأثر بموت المتبوع سواء كان مسلما أو كافرا، وإنما تتأثر بقضية مركبة من رفع التصرف عنه مع أسره.
التقرير الثالث: أن زوال المتبوع إن كان زوالا ناقصا فإن هذا الزوال مما يختلف فيه أهل العلم.
فبعضهم يرى أن الزوال الناقص ليس زوالا أصلا فطالما بقي جزء من المتبوع المركب من جزأين بقيت رابطة التبعية، وهذا هو تعليل مذهب الأحناف والشافعية.
وبعضهم يرى أن الزوال الناقص كالزوال التام في إزالته رابطة التبعية إزالة تامة، وهذا تعليل مذهب الحنابلة.
وبعضهم توسط، فنظر إلى الجزء الزائل من المتبوع من حيث القوة والضعف فإن كان الجزء الباقي هو الأقوى بقيت رابطة التبعية الحكمية، وإن كان هو الأضعف زالت رابطة التبعية، وهذا هو تعليل مذهب المالكية.


([1]) المنثور في القواعد الفقهية للزركشي (1/238ــ 239)، الناشر: وزارة الأوقاف الكويتية، الطبعة: الثانية، 1405/1985م، والموسوعة الفقهية الكويتية (10/93 ــ 94).

(([2] الإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان الفاسي (2/220) رقم: (3460)، الناشر: الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، الطبعة: الأولى، 1424هـ/2004 م.

(([3] الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني (4/351)، الناشر: دار احياء التراث العربي ــ بيروت ــ لبنان، بدون طبعة، وبدون تاريخ، والمعونة على مذهب عالم المدينة للقاضي عبد الوهاب المالكي (ص: 694)، لناشر: المكتبة التجارية، مصطفى أحمد الباز ــ مكة المكرمة، بدون طبعة، والمجموع شرح المهذب للنووي (9/126)، الناشر: دار الفكر، (طبعة كاملة معها تكملة السبكي والمطيعي)، بدون طبعة، وبدون تاريخ، والمغني لابن قدامة (9/400).

(([4] المغني لابن قدامة (8/404)، والمنثور في القواعد الفقهية (1/239)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير لابن عرفة الدسوقي (4/325)، الناشر: دار الفكر، الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ.

(([5] المنثور في القواعد الفقهية (1/239)، والموسوعة الفقهية الكويتية (10/94).

(([6] شرح مختصر الطحاوي للجصاص (7/171)، الناشر: دار البشائر الإسلامية، ودار السراج، الطبعة: الأولى 1431هـ/2010 م.

(([7] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني (7/104)، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة: الثانية، 1406/1986م، الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبد البر (1/468)، الناشر: مكتبة الرياض الحديثة ــ السعودية، الطبعة: الثانية، 1400هـ/1980م، والحاوي الكبير للماوردي (10/468) الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ــ لبنان، الطبعة: الأولى، 1419هـ/1999م، والشرح الكبير على متن المقنع لأبي الفرج ابن قدامة (10/408)، الناشر: دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع، بدون طبعة وبدون تاريخ، وشرح منتهى الإرادات للبهوتي (1/627)، الناشر: عالم الكتب، الطبعة: الأولى، 1414هـ/1993م.

(([8] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/104)، والحاوي الكبير (10/468).

(([9] الكافي في فقه أهل المدينة (1/468).

(([10] شرح منتهى الإرادات (1/626).
 

ابنة الشريعة

:: متابع ::
إنضم
8 أغسطس 2015
المشاركات
26
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الكويت
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: تقريرات تتعلق بتقسيمات التبعية الفقهية

جزاكم الله خيرا

أين أحصل على دراستكم أخي الكريم؟
 
أعلى