العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تنبيه حول المسائل الشائكة

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المسائل الشائكة


مع أني أحد كبار المتورِّطين في مناقشة أنماط من هذه المسائل في داخل أروقة هذا الملتقى المبارك؛ إلا أنه لا بد من المصارحة في أمور:


الأمر الأول:

أهمية فقه مسائل الشريعة عموماً، ومعرفة مآخذ أهل العلم في تحصيل أحكامها، والأسباب الواقعة وراء الخلاف فيها، فهذا العلم به حسن جداً، وهو مندرج في أحد مقاصد الملتقى من تحكيم المادة الفقهية وتجويدها، وهذه المسائل الشائكة من جملتها، فكما أن الملتقى – بوركت أياديه - أسس بنيانه على أساس التخصص الفقهي الدقيق؛ فهو يحاول أيضاً بعد أن سار عرضاً في أقسامه أن ينزل عمقاً في أغوار مسائله؛ فيدلي بدلائه، وينقِّب ولو على أشلائه.


الأمر الثاني:

التنبيه إلى خطأ الاندفاع في دراسة هذه المسائل، فعلى طالب العلم أن يتمهَّل ولا يقصدها قصداً، ولا يصمد لها صمداً، وإنما يسير في طريقه، ويرتقى في درجه، وألا يعجل في الترجيح، وإنما عليه في بادئ الأمر أن يجهد نفسه في تصور المسائل، ومعرفة أحكامها؛ وسيأتيه الترجيح بأدواته وأدلته طوعا.


فلا يكون من المناسب لطالب العلم وهو في الدرجات الأولى من أبواب الفقه أن يقفز متحفزاً بأدواته الترجيحية إلى إحدى مضايق المسائل، محاولًا حسمها في جولة واحدة فقط، فما هكذا تورد الإبل، يا سعد!!.


الأمر الثالث:
عدم الاستغراق في معالجتها؛ فلا يحسن لطالب العلم كلما عنَّت له مسألة أفرد لها بحثا!
فإنه لا يلبث أن ينقطع
أو لا يصل
فلا يزال يتسرَّب هنا
أو ينزلق هناك
فيتيه تيهة بني إسرائيل في جزيرة سيناء.
وما أكثر التائهين!
والوقائع تتحدث.


الأمر الرابع:
خطأ الناس في تناول هذه المسائل زاد في ضرورة فقه هذه المسائل على وجهها، فمثلاً مسألة حكم تغطية المرأة وجهها، وهي من أكثر المسائل إشكالاً وردوداً وتخطئة بين المعاصرين، نجد أن فقه المسألة الأول هو أن تعرف حدودها الطبيعية في التناول الفقهي، بعيداً عن المؤثرات التي يمليها الأمر الذي عليه الناس.


فلا بأس بمناقشة المسألة، ولا مانع من أن يتداعى الفريقان الإجماعَ، ولكن أن يصل الأمر إلى ما رأينا مما هو حاصل ومتكرر، من دعوى إباحة السفور، وخدمة أجندة أجنبية، أو من إطلاق التهم جزافاً بالتشدد أو حتى التبديع!!.
كل هذا من الخطأ المحض، الذي كان من المفترض أن ينأى عنه أهل العلم وحملته.
فلا ريب في خطأ المبالغين في تناول هذه المسألة، ولا ريب في خطأ الهاجمين على أسوار البلدان وحرمة علمائها، فيفتونهم بغير ما عليه أمرهم.
ويدلك على ذلك أن هذه المسألة هي من أوائل المسائل التي اتسعت موضوعاتها في الملتقى وهو لما تطهر أمُّه من نفاسها!!.
فما أحرى بطالب العلم أن يشتغل برد المسائل إلى أصولها، وإبقائها في مسارها الفقهي، فكم أرهقت بعض المسائل، وكم استنفذت من غالي الوقت ونفيسه، قد انحرفت بفعل فاعل عن مسارها الفقهي، وسياقها الدلالي، فطغى عليها ما طغى، ومالت بصاحبها وما درى؟.
وإن القائمين على الملتقى لهم موقف صريح تجاه هذه المسائل الشائكة؛ كهذه المسألة التي مثلنا، وكمسألة إسبال الثياب من غير خيلاء، وكمسالة الغناء، وزكاة القيمة، والحساب الفلكي، والرمي قبل الزوال، وأخيراً توسعة المسعى، بل لازال بعض الناس يناقش في عدالة أبي حنيفة النعمان!.
وفي كل باب جملة مسائل...
وليس المهم ماذا أعتقد أنا، وماذا تعتقد أنت، لكن الشأن ما موقفي منك وما موقفك مني، وما موقفنا من المسألة، حتى ولو تنازعنا فيها الإجماع والقطعية، ما دام كل منا قد صدر عن اجتهاد ورأي.
ولو جعلنا مجرد دعوى الإجماع والقطعية محطاً للمفارقة والمفاصلة لما كاد أن يجتمع فقيهان.
وكم قد ادعي هذان الأمران فيما الصواب نقيضه، ودونك مسائل العقائد ففيها الشيء الكثير.
بل قد يكون الحق في القول المقصود تحقيقه، والباطل في الشأن المراد إبطاله، لكن يقع من الانحراف في المبالغة ما يجعل المخطئ أقرب إلى الحق ممن تعدى عليه وبغى.
انظر مثلاً:
الاستغراق في الرد على انحراف معين وأثره في صياغة المنهج....

كما لا نقصد أبداً التهوين من شأن هذه المسائل؛ وإنما هو التهويل والتهويل.


وفي هذا أيضاً من الناحية السلوكية تخفيف حدة الغلواء التي برزت في تقويم المعاصرين لبعضهم البعض؛ فإنه إذا تم تحييد الأطراف الغالية، وهم في نظري المعارضون في الوحي أو جملة أصوله، فإن التاريخ قد انجمع أمرُه على أن المنازعة في الوحي كانت هي معركة الإيمان والكفر، والسنة والبدعة.
فمن الواجب فيما سوى ذلك إحسان الظن، ومعرفة أن قولهم إنما صدر نتيجة أصولهم التي اختطوها، وقواعدهم التي آمنوا بها، فقد وقع بين السلف ما عظموا فيه القول، بينما نجدهم في تمام العذر لصاحبه، وفي جملة من المسائل التي لو قالها بعض الناس اليوم لرمي بما هو عظيم، ومع هذا فقد وقع من السلف والخلف العذر لهم، وبيان أوجه تأويلهم، ومخارج قولهم: تحقيقاً لمقصد الإخوة الإيمانية، وإبرازاً لاتساع العذر الذي كان شيمة المرموقين مِن الأئمة الكبار، من فقهاء السلف والخلف.

وإنك تجد اليوم من يحث على إعذار المتقدمين فيما غلطوا فيه، بينما هم في غليظ القول ومتينه لأخطاء المعاصرين، ومن الناس من يلوم ما يقع بين مقلدة بعض المذاهب من التعصب الذميم، ويقصُّ في ذلك أنواع القَصص، بينما هو مفرطٌ في حمية ما انتهى إليه من فروع المسائل، وكأن العصبية هي صورة مختصة لمقلدة المذاهب الأربعة، ومَنْ كان على إثرهم، ثم انتهت؛ فما أشبه الليلة بالبارحة.


فما كان على بابة ما ذكرنا فلا يصلح فيه المبالغة في الانتصار ولا المبالغة في الحط، وما أجمل النمط الأوسط.

يقول علي رضي الله عنه:
(خير هذه الأمة النمط الأوسط يلحق بهم التالي ويرجع إليهم الغالي.) ([1])


وهذا الحرف من أمير المؤمنين رضي الله عنه يشبه أن يكون من كلام الأنبياء !.

كما نؤكد :
أنه لا يصلح أن يعقد الناس على أطراف هذه المسائل الشائكة ألوية الولاء والبراء، ولا ينبغي أن تشفر في حدودها مدى الحبشة ...
أما وقد تكلم فيها بغير علم،،،
أما وقد حصل فيها من البغي والعدوان،،،
أما وقد أسقطت عدالة أقوام،،،
أما وقد ملئت بها القلوب من البغضاء والشحناء،،،،
أما وقد بتَّت فيها أمور ومضت أحكام،،،،
فإن الله جعل الكلام عليه بغير علم عديل الشرك: يقول تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)د

ودعني من خبري وخبرك، فأين نحن من السلف، فلننظر شيئاً من أمرهم وقبساً من شأنهم:


الشافعي رحمه الله، ذكر ثلاث مسائل في عدم الإنكار على القائل، وهي:

1- إتيان النساء في أدبارهن.
2- ربا الفضل.
3- نكاح المتعة.
ونص ما نقله عن الشافعي في الأم:

"والمستحل لنكاح المتعة والمفتى بها والعامل بها ممن لا ترد شهادته، وكذلك لو كان موسراً فنكح أمة مستحلاً لنكاحها مسلمة أو مشركة؛ لأنا نجد من مفتى الناس وأعلامهم من يستحل هذا، وهكذا المستحل الدينار بالدينارين، والدرهم بالدرهمين يداً بيد، والعامل به؛ لأنا نجد من أعلام الناس من يفتى به، ويعمل به، ويرويه، وكذلك المستحل لإتيان النساء في أدبارهن؛ فهذا كله عندنا مكروه محرم؛ وإن خالفنا الناس فيه، فرغبنا عن قولهم، ولم يدعنا هذا إلى أن نجرحهم، ونقول لهم إنكم حللتم ما حرم الله وأخطأتم؛ لأنهم يدعون علينا الخطأ كما ندعيه عليهم، وينسبون من قال قولنا إلى أن حرم ما أحل الله عز وجل". (6 / 222، 223)
ومن أوجه فقه هذه المقالة النفيسة:
هو أن الشافعي رحمه الله إنما ضرب هذه الأمثلة الثلاثة: المتعة، وربا الفضل، وإتيان النساء في أدبارهن؛ لأنها من أشد ما قيل، فالشافعي هو أعرف الناس بالخلاف، ولكن إنما تخير هذه المسائل الثلاث من بين آلاف المسائل لظهور النص فيها، واستقباح الناس لها، وإنكارهم على منتحلها، كما أنه لا يقول بها سوى أفراد قلائل من بين الناس، فلما اجتمع بها كل ذلك ساقها الشافعي مجتمعة، وأنه حتى هذه المسائل وقد بلغ من شأنها ما مر إلا أنها مع ذلك لا ترد شهادة مستحلها؛ لأنه وجد من أعلام الناس ومفتيهم من يستحلها.
فالشافعي رحمه الله وإن حرمها وكرهها ورغب عنها شأنه شأن غالب أهل العلم؛ إلا أنه مع ذلك لا يستجيز جرح من استحلها وأفتى بها، وأنه لا يجوز أن يقال لهم: إنكم أحللتم ما حرم الله؛ لأنه لو قال ذلك لقال مخالفهم مثل ذلك: وأنتم أيضا تحرمون أيضا ما أحله الله.
إلا أنه مع كل ما سبق فإنه ينبغي أن تفهم هذه الفائدة ضمن سياقها الخاص بها، فالمقصود هو: فقه الأئمة للخلاف بقطع النظر عن أعيان هذه المسائل، فيجوز مثلاً أن ينتحل بعض الدخلاء أحرفاً من هذه المسائل وأشباهها، ولا يقبل منه أهلُ العلم هذا منه: إما لعدم أهليته، أو لضعف بصره بالعلم، وإما لخطئه في استعمال البرهان، أو استخراج الحكم، وإما لاستقرار الإجماع على حكم هذه المسائل بعد أن كانت محل خلاف: إما لعدم بلوغ نص، أو فوات المستدعي للخلاف، أو غير ذلك.
وبهذا نعلم خطأ التمثيل بمقالة الشافعي السابقة على تسويغ المسائل السابقة، فالسياق التاريخي واستقرار مسائل الفقه، وما تلاه من تدوين له أثر في المسألة، لاسيما ما انعقد في شأنه الإجماع.

والإمام أحمد رحمه الله:
كان له موقف متميز في مسألة رفع اليدين في الصلاة في المواضع التي وردت فيها النصوص غير تكبيرة الإحرام، وكان الناس قد افترقوا في هذه المسألة إلى فرق:
فرق: تنكر على من يرفع أو تبدعه، وهؤلاء عامة فقهاء الكوفة، حتى غالى بعضهم فجعله مبطلا للصلاة، أو أن الرفع نسخ.
وفرقة بإزائها تنكر على من لم يرفع
وفرقة ثالثة: لا تنكر على واحد من الفريقين، ويعدون ذلك من مسائل الخلاف، وهؤلاء قد يكونوا قائلين بالرفع، وقد يكونون قائلين بعدم الرفع.
وكان أكثر الصحابة والتابعين وعامة فقهاء الأمصار على الرفع.
ومع أن أحمد بن حنبل كان من جملة القائلين بالإنكار على عدم الرفع إلا أنه تفطن لوجه المسألة فكان لا يبالغ في الإنكار، وهنا التفات إلى مقدار الإنكار، فتسويغ الإنكار شيء، وتسويغ مقداره شيء مختلف تماما...
فقد نقل الميموني عن الإمام أحمد قوله: الرفع عندنا أكثر وأثبت، فإن تأول رجل، فما أصنع؟! [انظر: فتح الباري لابن رجب]
وإنا اليوم نلتزم رسم هذا الإمام، ونقول:
أخطأ جماعات من المعاصرين في جملة من المسائل، قد يكون هؤلاء موافقين لنا في المدارس التي ننتمي لها وقد لا يكونون كذلك، مهما كان ذلك فإنهم قد أخطئوا في جملة من المسائل هي في نظر عامة أهل العلم من قبيل الخطأ المحض، المفارق لما اجتمعت عليه كلمة المسلمين، ولما قد وقع فيه النص صحيحا صريحاً.
ومع ذلك نقول: إن تأول رجلٌ من أهل العلم فما نصنع.؟!
وإن هذا العذر قد استعمله الإمام أحمد فيما قد وقع النص فيه صحيحا صريحا، فما دون ذلك فهو أولى به.
وكلامنا إنما يتجه مع أهل العلم الذين لا يفارقون النصوص مصدرا وموردا.


يقول ابن عبد البر في باب ذم القول في دين الله:
"وذكر ابن وهب وعتيق بن يعقوب، أنهما سمعا مالك بن أنس، يقول: لم يكن من أمر الناس ولا مَن مضى من سلفنا ولا أدركت أحدا أقتدي به يقول في شيء: هذا حلال، وهذا حرام، ما كانوا يجترئون على ذلك، وإنما كانوا يقولون: نكره هذا ونرى هذا حسنا، ونتقي هذا، ولا نرى هذا، وزاد عتيق بن يعقوب، ولا يقولون: حلال ولا حرام، أما سمعت قول الله, عز وجل: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 59] الحلال: ما أحله الله ورسوله، والحرام: ما حرمه الله ورسوله2.

- قال أبو عمر: معنى قول مالك هذا: إن ما أخذ من العلم رأيا واستحسانا لم نقل فيه حلال ولا حرام، والله أعلم.

- وقد روي عن مالك أنه قال في بعض ما كان ينزل فيسأل عنه فيجتهد فيه رأيه: إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين.

- ولقد أحسن أبو العتاهية حيث قال:
وما كل الظنون تكون حقاً ولا كل الصواب على القياس."([2])

وفي القواعد النورانية:
(( مسألة البسملة:
1- فإن الناس اضطربوا فيها نفياً وإثباتاً في كونها آية من القرآن؛ وفى قراءتها، وصُنِّفت من الطرفين مُصنَّفات يظهر في بعض كلامها نوع جهل وظلم؛ مع أن الخطب فيها يسير.
2- التعصب لهذه المسائل ونحوها؛ فمن شعائر الفرقة والاختلاف الذي نهينا عنها؛ إذ الداعي لذلك هو ترجيح الشعائر المفترقة بين الأمة؛ وإلا فهذه المسائل من أخف مسائل الخلاف جداً لولا ما يدعو إليه الشيطان من إظهار شعار الفرقة.
3- ويستحب للرجل أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك هذه المستحبات؛ لأن مصلحة التأليف فى الدِّين أعظم من مصلحة فعل مثل هذا؛ كما ترك النَّبى صلى الله عليه و سلم تغيير بناء البيت؛ لما فى إبقائه من تأليف القلوب.
4- والاعتدال فى كل شىءٍ استعمال الاثارعلى وجهها...؛ فمتابعة الآثار فيها الاعتدال والإئتلاف، والتوسط الذي هو أفضل الأمور.))


ويقول الذهبي وهو من جملة الجماهير القائلين بتحريم الأغاني والمعازف في ترجمته لإبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري :
"من أئمة العلم وثقات المدنيين. كان يجوز سماع الملاهي، ولا يجد دليلا ناهضا على التحريم، فأداه اجتهاده إلى الرخصة فكان ماذا".(3)

فانظر كيف اعتذر له، والمسألة قد حكي فيها جملة من الإجماعات...

ومقولة الذهبي "فكان ماذا"


وقبله أحمد "فما أصنع"


إنما نشأت من فقه متين، فتحقيق المسألة ، وكونها من محال الاجتهاد والخطأ هو شيء منفصل تماما عن الحكم على اجتهاد الآخرين.


فلا يصلح كل من ظن أنه حصَّل إجماعاً ما أن يجعله عياراً على الخلق بحسب رؤاه وعلى وَفق نظرته وفي حدود اجتهاده، فله الحمد سبحانه أن لم يكلنا إلى بعضنا.



وإنا اليوم إلى كثير من الفقه والتقوى أحوج من كثير مما اقتطعت في تحصيله أعمارنا، والله المستعان.




هنا انتهت مادة هذا الموضوع، وليس هو أبداً دعوى للإعراض عن بحث هذه المسائل، فقد كتب فيها الكبار من أهل العلم ولا يزالون...
ولكن هي دعوى لإعادة النظر في مساحة هذه المسائل، وفي طريقة تناول هذه المسائل، وفي مقدار ما اقتطعته من الكيان الفقهي، وكم هي الفراغات الشاسعة التي كانت هي أحوج بذاك الزمان الذي مضى، وبذاك الجهد الذي قضى.



==================================
1-الإحياء (الملحق ص 5).

2]) جامع بيان العلم وفضله - مؤسسة الريان - (2 / 286)

3]) الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب رجهم للذهبي رقم (2)، وانظر: خلاف المفتين للشريف حاتم العوني ص191
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى