العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

سلسلة العلماء [0106]: ما حكم بناء دور ثان فوق المقابر لضيق الأرض؟

إنضم
2 يناير 2015
المشاركات
1,457
الجنس
ذكر
التخصص
حاسب آلي
الدولة
مصر
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
شافعي
سلسلة العلماء [0106]: ما حكم بناء دور ثان فوق المقابر لضيق الأرض؟

الإخوة الكرام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ننقل فيما يلي المادة التالية حول "ما حكم بناء دور ثان فوق المقابر لضيق الأرض؟"، نقلاُ عن فتوى بموقع (الإسلام سؤال وجواب) برقم (294948) حيث جاء فيها:

السؤال
مقبرة البلدة عندنا مزدحمة جدا، ولايوجد فيها أماكن، ولايوجد غير هذه المقبرة، فلجأ الناس لبناء دور ثان فوق مقابرهم، فهل يجوز لي بناء دور ثان فوق مقابري للصدقة؟ مع العلم أنه سيدفن فيها الفقراء حتي ولو كان ما تحتها فارغا، فهل هذا جائز؟
ملخص الجواب
إذا ضاقت الأرض، ولم يمكن توسعة أرض المقبرة، لسبب قاهر، وتعذر دفن كل ميت في قبر؛ جاز أن يحفر القبر على مستويين، فيدفن الأول في أسفلها، ويردم عليه، ثم يدفن الثاني فوقه، كما يفعل في بعض البلدان. فإن تعذر ذلك أيضا، جاز أن يبنى فوق الفساقي دور علوي للضرورة، ويعمل فيها ما ورد في ذكره في الجواب المطول، فلينظر للأهمية.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الطريقة الصححية لدفن الميت
ينبغي أن يعلم أن الدفن الصحيح هو ما كان في باطن الأرض، وأما الدفن على ظهرها داخل بناء- كما هو الحال في بعض البلدان فيما يسمى بالفساقي- فهذا لا يصح؛ إلا للضروة، مع وجوب أن يفصل بين الميت والآخر بحاجز بحيث يوضع الميت، ثم يقام جدار ونحوه وراء ظهره يفصله عمن سيوضع بعده.

قال ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (3/ 167): " (فصل) في الدفن وما يتبعه:

(أقل القبر) المحصل للواجب: (حُفرة تمنع)، بعد طمها، (الرائحةَ) أن تظهر فتؤذي، (والسبعَ) أن ينبشه ويأكله، لأن حكمة وجوب الدفن، من عدم انتهاك حرمته بانتشار ريحه واستقذار جيفته وأكل السبع له: لا تحصل إلا بذلك.

وخرج بحفرة: وضعه بوجه الأرض وستره بكثيرِ نحوِ تراب أو حجارة؛ فإنه لا يجزئ عند إمكان الحفر، وإن منع الريح والسبع؛ لأنه ليس بدفن.

وبـ(تَمْنَعُ) ذينك: ما يمنع أحدهما، كأن اعتادت سباع ذلك المحل الحفر عن موتاه، فيجب بناء القبر بحيث تمنع وصولها إليه، كما هو ظاهر.

فإن لم يمنعها البناء، كبعض النواحي: وجب صندوق، كما يعلم مما يأتي، وكالفساقي فإنها بيوت تحت الأرض. وقد قطع ابن الصلاح والسبكي وغيرهما بحرمة الدفن فيها، مع ما فيها من اختلاط الرجال بالنساء، وإدخال ميت على ميت قبل بِلاء الأول.

ومنعها للسبع واضح، وعدمه للرائحة مشاهد." انتهى.

وقال ابن عابدين: "لَا يُجْزِئُ دَفْنُهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِبِنَاءٍ عَلَيْهِ." انتهى من "حاشية ابن عابدين" (2/233).

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: "هل يجوز بناء المقابر فوق سطح الأرض إذا كانت الأرض التي بها المقابر طينية، أو زراعية؟ علما بأنه لو تم حفر حوالي نصف أو ربع المتر سوف يظهر الماء، وليس هناك سوى هذا المكان في هذه البلدة؟

فاجاب: إذا كان هكذا يجعل خشب أو ألواح، ليحول بين الماء وبين الميت، ويدفن في الأرض، ولا بناء عليه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يبنى على القبور، لكن يحفر بالقدر الذي لا يظهر الماء، ثم يجعل لوحا تحته أو أخشابا أو شبه ذلك تمنع الماء، ثم يدفن الميت ويوضع عليه اللبن، ويدفن بالتراب ولا يبنى عليه بناية" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (14/ 77

وقال رحمه الله: " إذا كانت الأرض رخوة مائية ضعيفة، فلا مانع من جعله في تابوت، أو جعل ألواح تحته تمسكه، حتى لا تنهار الأرض به، أو حجارة أو نحو ذلك، لا بأس بذلك عند الحاجة، أما إن كانت الأرض قوية، فلا حاجة إلى شيء من ذلك." انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (14/ 101).

وللفائدة ينظر هذه الأجوبة:

ما حكم دفن الميت في بناء فوق الأرض؟

وينظر أيضاً جواب السؤال : رقم : (299101)، ورقم : (122417).

فالواجب دفن الميت، وفعل ذلك على قدر الاستطاعة، ولو أن يحفر له قليلا داخل الفسقية، ثم يجعل عليه ما يغطيه من حجارة أو ألواح لا تمس جسده، ويوضع التراب فوق ذلك إن أمكن، أو يبنى جدار وراء ظهره يمنع رؤيته، فيكون داخل ما يشبه التابوت أو الصندوق.

ثانيا:

حكم بناء دور ثان فوق المقابر
إذا ضاقت الأرض، ولم يمكن توسعة أرض المقبرة، إما لمنع الحكومات من ذلك، أو عدم وجود متسع من الأرض، أو غير ذلك، وتعذر دفن كل ميت في قبر؛ جاز أن يحفر القبر على مستويين، فيدفن الأول في أسفلها، ويردم عليه، ثم يدفن الثاني فوقه، كما يفعل في بعض البلدان.

فإن تعذر ذلك أيضا، جاز أن يبنى فوق الفساقي دور علوي للضرورة، ويعمل فيها ما ذكرنا، من ستر الميت بألواح فوقه، وجدار خلفه، بحيث لا يُطلع عليه عند دفن ميت آخر.

على أنه ينبغي أن يعلم أن الضرورة تقدر بقدرها، فلا ينبغي أن يصار إلى ذلك مع إمكان القبور على الصفة الشرعية، أو إمكان أن يكون كل قبر على حدة، من غير بناء ولا دور فوقه.

وإذا دعت الضرورة إلى ذلك، لم يجز التوسع في بناء القبر وتشييده، وتزيينه وتحسينه، كأنه مساكن الأحياء، كما هو مشاهد في بعض البلاد.

ولا ينبغي للناس أن يبخلوا بأرض المقبرة، فإن الدفن على صفته الشرعية حق من حقوق المسلم، لا يجوز البخل به، وإذا جاز ذلك للفقير الذي لا يجد إلا هذه المقبرة، لم يجز ذلك للغني الذي باستطاعته أن تكون له مقبرة وحده، وذلك مقدم على حق الورثة في الميراث.

وليس لأصحاب الأرض المحيطة بالمقبرة أن يغالوا في أثمانها، ويضاعفوها على المعتاد من ثمن مثلها، كما هو مشاهد أيضا!!

والله أعلم.

والله ولي التوفيق.

موقع روح الإسلام

 
أعلى