العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

فهرس وخاتمة كتاب "منهج الحافظ ابن رجب الحنبلي في العقيدة" لعلي الشبل

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
منهج الحافظ ابن رجب الحنبلي في العقيدة
تأليف: علي بن عبدالعزيز الشبل
تحقيق: بدون
الناشر: دار الصميعي

---------------
الخاتمة
وبعد فالحمد لله الذي وفق لاتمامه، بحسب الجهد والطاقة، مع وضوح التقصير فيه. أحمده حمد الشاكرين وحده سبحانه لا شريك له، وأستغفره عما فيه من الخطأ أو التقصير. ولقد استفدت من خلال هذا البحث كثيرا، فوقفت على شخصية جليلة القدر، رفيعة الشأن. شخصية عالم منافح عن عقيدته رباني له أثره في وقته وبعده، هو حافظ زمانه، وإمام من جاء بعده زين الدين عبد الرحمن بن رجب الحنبلي.
ولعدم الإسهاب والإطالة أرتب النتائج التي توصلت إليها في البحث وهي النتائج المجملة على النحو التالي:
1- من خلال دراسة لسيرته الذاتية، تبين لي إعراض الرجل عن الشهوات الدنيوية وهمته في المقامات العلوية عند رب العالمين. كما لمست منه مشابهة السلف من قبله من الأئمة، زهد وعلم مجتمعان، مع تقوى لله وديانة على سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
2- سلوكه مسلك السلف في التعلم والتعليم بالرحلة إلى العلم والجلوس للتعليم، مع تصنيف المنصفات لأهل زمانه ومن عبده نشرا للعلم ودعوته إلى العقيدة والشريعة الصحيحة.
3- مكانته العلمية البارزة عند علماء الحنابلة والحديث فضلا عن مكانته الرفيعة بين علماء السلف المتأخرين.
4- تأملت القول في تصوفه، وما أتهم به فوجدته التصوف الشرعي – إن صح التعبير – العذري المعتدل، وما هو إلا الزهد في الدنيا والإعراض عنها والإقبال عن الآخرة والارتباط بها، وما وجد في كلامه من ألفاظ التصوف، ومصطلحاتهم وأحوالهم فهو محمول على أحسن محامله، وعلى التصوف المقبول المعتدل، وما هي إلا عبارات محتملة غالبا.
5- أن مصادر تلقي العقيدة، والأحكام الشرعية عند ابن رجب هي الكتاب العزيز، والسنة المطهرة، والإجماع، والفطرة وقد علمت كيف كان منهجه في الاستدلال منها مقدما للكتاب والسنة على الترتيب الذي ذكرناه، جامعاً بينها في الاستدلال، عاملاً بجميع الأدلة، غير مطرح لبعضها، مقدما فهم السلف الصالح وعلمهم على فهمه وفهم من بعدهم. فهو بهذا نهج منهج أهل الحديث، أهل السنة والجماعة.
6- كان يفهم تلك المصادر الأصلية بأقوال السلف الصالح من الصحابة والتابعين، أهل القروض المفضلة وأحوالهم ففهمهم هو الفهم المقدم، وهو العلم النافع ديناً ودينا وأخرى، وأن طلب العلم والأحكام عند غيرهم، سبيل المضلين، المبتعدين عن جادة الرشاد.
7- تبين لي موقف العقل ودوره عند الحافظ ابن رجب حيث كان يعول عليه وبه يفهم العقيدة، لكن لا يعول عليه في الاستدلال عليها، بها، بل عقله كان في فهم النصوص والأدلة الكونية العامة وربطها بدلالات الوحي، فلم يتدخل بعقله ليصارح الوحي ودلالاته، أو يجعله محتجا به كنصوص الوحيين، أو يرد بالعقل ظواهر النصوص، ويصرفها إلى معاني بعيدة بحجة العقل وحده.
8- ربطه رحمه الله بين العلم والعمل وهذا هو دين العلماء الربانيين الراسخين في العلم، وهو منهجهم الناصح في كل التاريخ.
9- سلوكه مسلك السلف في بيان العقيدة بالأدلة وتأصيلها والرد على مخالفيها ومناقشتهم ورد باطلهم كما وضح هذا في موقفه من أهل الشرك والنفاق، ونقده لمناهج المتكلمين، وأهل الابتداع والغلاة في الدين.
10- ظهر لي أن منهجه رحمه الله هو منهج السلف الوسطية بين الناس الغالين والجافين في كل القضايا وهو منهج نسبي في الحقيقة، كما ظهر أن موقفه من المجاز يحتاج إلى تحرير، إذ بأن لي أن يميل إلى أنه لا ينكر المجاز، اللغة، لكن هل المجاز عند المتكلمين؟ الظاهر لي أنه ليس كذلك.
11- بقراءة كتبه وتحرير أقواله في العقيدة وجدته – رحمه الله – سلفيا صرفاً وحديثيا محنكاً. فلم أجد له مسألة واحدة خالف فيها السلف أبداً. وبهذا أقطع وأجزم من خلال تتبع واستقرار لأكثر كتبه.
12- أن القارئ لمؤلفات الحافظ ابن رجب، المتنوعة في فنون عديدة ليعيش في دوحة علم، بين قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وجاء عن أبي بكر وورد عن عمر، ووقع لعثمان، ونقل عن علي، وعليه عمل فلان وفلان من الصحابة، ونقول عن كبار التابعين، وتابعيهم بإحسان، وأحوال أهل الصلاح والزهد والورع من كبار العلماء والعباد.
يقرأ ذلك في تناسق بديع، وتناسب عجيب، بين الأقوال، وعرضها المتناسب لبعضها مع بعض، مع جودة التأليف بين الأقوال والمناقشة عليها، لأجل هذا – والله أعلم – ناسبت كتبه الحافظ ورسائله عموم الناس، عامتهم وخاصتهم، علمائهم وطلاب العلم منهم، وعوامهم.
13- أيضاً لا يفوتني الإشادة بالسمات الشخصية للحافظ ابن رجب وشخصيته العلمية، والتي اتسمت بالأمانة العلمية، والتجرد لطلب الحقيقة، والبحث عن القول المدلل بأدلة الوحيين، وحسن مناقشته للأقوال المخالفة للدليل اجتهادا، وتأدبه مع أصحابه، واستصحابها لحسن النية والظن بهم، والترحم عليهم والدعاء لهم.
كذا عدم التعصب لرأيه أو لقول شيخه، أو من ينقل عنه، وتظهر عنايته بالحديث وتخريجه، والكلام على الروايات صحيحة وضعفا تخريجاً وتعليلاً واستنباطاً، حتى ربما غلب عليه ذلك في البحث فكأنك أمام مؤلف في الحديث وصناعته.
وبعد فإني أوصي إخواني وأساتذتي الباحثين طلاب العلم بالاهتمام بدراسة مناهج الأئمة من السلف الصالح للتعرف على جهودهم وأحوالهم المشرفة في تمثيل العقيدة الإسلامية بأنفسهم قبل دعوتهم إليها ولأجله كانوا ملوك الدنيا، وأوصيهم بالاهتمام بهذا العلم الرباني، ولا يغررهم كونه مجهول القدر، قليل الذكر كما أوصي بإخراج باقي كتبه، والتي لم تزل حبيسة الخزائن والرفوف، والتي حوت علماً عظيماً ونقولاً عن السلف فريدة، كفتح الباري، وعند الهمة في إخراجها أن تخرج بثوب قشيب يؤدي الغرض من إخراجها والانتفاع بها، وتقريبها إلى الناس كلهم عامتهم وخاصتهم بما يناسب الجميع من إفراد لرسائله العاملة، وجمعها للخاصة.
وأخيراً أقول إن شخصية الحافظ ابن رجب ومنهجه في العقيدة، تحتاج إلى جهد أكبر من هذا لانغلاق كثير من القضايا على مثلي، فياليت باحثينا الأكفاء يلتفتون إلى هذا، وهذه الدراسة خطوة على هذا الطريق لم تتم بالمقصود.
هذا ما لزم التنويه إليه عند خاتمة البحث مع اعتراف بالتقصير لكن هذا ما قدمت يداي – الله أسأل التوفيق والسداد والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
-------------------
 
التعديل الأخير:
أعلى