العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مالفرق بين ظن نشأ من القياس وآخر نشأ من ظاهر الحديث؟

إنضم
12 أكتوبر 2012
المشاركات
4
التخصص
فقه إسلامي
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
بسم الله الرحمن الرحيم
من المعلوم في علم الأصول أن الظن الراجح يكون معتمداً، وهذا الظن الراجح يعبر عنه أحياناً بالظن الغالب، وهو الظن الذي يكون فيه احتمال الصواب أكثر من احتمال الخطأ، كما في قال تعالى ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً﴾ فيجوز العمل به بإجماع العلماء، أما الظن المرجوح فليس بمعتمد؛ وكذلك الظن المساوي للشك فإنه لا يجوز العمل به حتى يترجح فيه أحد الاحتمالين.
والنهي عن اتباع الظن الذي ورد في الآيات القرآنية يحمل على خصوص الظن المرجوح، كما في قوله تعالى: (إن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ).
كما لا شك أن أغلب الأحكام التي تقع مورداً للاجتهاد هي أحكام ظنية، ففي كل الأحوال يقع في أحد مقدماتها ما هو ظني كاللغة وغيره، وهذا يشمل حتى الآيات القرآنية ـ باستثناء ما كانت دلالته نص ـ فإنها ظنية الدلالة وإن كانت قطعية السند. وكذلك أغلب الأحاديث النبوية.
وبعد هذه المقدمة أقول:
ما هو الفارق بين الظن الناشئ من النصوص سواء الآيات أم الأحاديث، والظن الناشئ من القياس أو الاستصلاح أو الاستحسان أو العرف؟
هل هو ذات الظن بلا فرق بينهما؟ أم يوجد بينهما ترتب؟ وعلى هذا في النوازل والوقائع المستجدة لماذا يقال أن هذه مما لا نص فيها فيجب أن تخضع للظن القياسي أو الاستحسان أو الاستصلاح؟
أليس القول بأنها مما لا نص فيها هو تجوّز؟ لأننا لو قلنا أن هذه الأربعة مما ثبت كونها صالحة للدليل الشرعي، كما هو الحال مثلا في القياس فقد ثبت أنه دليل معتبر، فعندئذ: ألا يقال أن هذا القياس حاله حال الآيات القرآنية والأحاديث، فكيف نفسر مع هذا أن مورد القياس يطلق عليه مما لا نص فيه أو منطقة فراغ بحسب اصطلاح البعض من العلماء؟ مع أن القياس دليل أيضاً فهو مثل النص في كون دليلاً.
فهل أن هذه الظنون الأربعة تكون معتبرة بعد فقدان الظنون الناشئة من القرآن والسنة؟
إلا أن يقال: إن خلو الواقعة من النص لا يعني خلوها من الدليل، فبين النص والدليل عموم مطلق فكل نص هو دليل لكن ليس كل دليل هو نص.
أرجو من الأخوة العلماء هنا توضيح ذلك لي. مع امتناني وتقديري للجميع.
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
رد: مالفرق بين ظن نشأ من القياس وآخر نشأ من ظاهر الحديث؟

أي توضيح تريده أخي الكريم و قد قمت بنفسك بتوضيح ما يشفي العليل في هذه المسألة !

الدليل الشرعي أعم من النصوص الشرعية فهو القاعدة الأصولية المطبقة على النصوص الشرعية وعلى هذا القياس عندما يطبق على أصل لربط فرع به بجامع علة فقد أصبح دليلا شرعيا و الله أعلم.
 
إنضم
12 أكتوبر 2012
المشاركات
4
التخصص
فقه إسلامي
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مالفرق بين ظن نشأ من القياس وآخر نشأ من ظاهر الحديث؟

شكراً على المرور، وأحببت أن استزيد نوراً منكم.
حينما يزعم البعض أن ثمة فراغاً في الشريعة، مع اعتقاده وقبوله بأصل القواعد والأدلة والطرق والأمارات التي يستند لها الفقيه في استنباطه للحكم والفتوى، فإن هذا سيشكل تناقضاً خفياً، وذلك لأن القائل بالفراغ المدعى حينما يؤمن بالقياس والاستصلاح (المصلحة المرسلة) مثلاً فهذا إيمانه يستبطن أن لهذه الأصول اعتباراً وشرعية مستندة للمشرع الأول، وهو الله تعالى، فكيف يكون مع هذا فراغٌ؟
فلو فسرنا الفراغ بمنطقة العفو أو المنطقة المسكوت عنها، فلا يمكن أن يكون هذا على نحو الحقيقة، بل هو فراغ مجازاً وتسامحاً. فالأصول الجارية في هذه المنطقة الواسعة هي أصول انبثقت من نفس التشريع؛ لملء هذه المنطقة، فليس هناك فراغٌ أصلاً.
وإن فسرنا منطقة الفراغ بما لا نص فيه، عندئذ قد يقال أيضاً: لا يمكن ويتعذر المساواة بينهما، فلا يمكن أن نقول: مساحة ما لا نص فيه تعني منطقة الفراغ، بنفس ما مر في التفسير الأول.
ومن هنا جاء إشكال في الذهن حاصله: ما هو المقصود من النص؟ هل يشمل كل دليل؟ أو يقتصر على الدليل القرآني والأحاديث؟ ولماذا لا تكون نتيجة القياس والاستصلاح نصاً أيضاً؟
ولو عممنا النص لكل دليل، عندئذ يقال: لماذا اختصت الظنون الناشئة من القياس والاستصلاح ونحوها بما لا نص فيه؟
هذا كان حاصل الإشكال.
مع تقديري للجميع.
 
إنضم
12 أكتوبر 2012
المشاركات
4
التخصص
فقه إسلامي
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مالفرق بين ظن نشأ من القياس وآخر نشأ من ظاهر الحديث؟

وعلى هذا يصعب عندئذ تقبل فكرة الفراغ في الشريعة، نعم المتحقق هو مساحة من الموضوعات خلت من النصوص المتمثلة في القرآن والأحاديث النبوية. وهذه المساحة تملأ تارة بالقياس وأخرى بالاستصلاح ونحو ذلك، وليس من الصحيح إطلاق منطقة الفراغ على ما لا نص فيه، فإن الفراغ له معنى شامل لا يراعى فيه الترتب في الانتقال من أدلة النصوص إلى أدلة ما لا نص فيه.
 
أعلى