العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مجاراة السيل بجواز الذبح في الليل

إنضم
4 يوليو 2008
المشاركات
46
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
الفلسفة والفكر والحضارة
المدينة
تطوان
المذهب الفقهي
الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد
فقد سألني بعض إخواننا عن حكم العق ليلا, فأجبته بأن مذهب الجمهور الجواز وأنه ليس في السنة ما يمنع ذلك.
ثم أخبرني أنه وصاحبا له ذبحوا نسيكة عقيقة ليلا, وبلغ خبرهم بعض المحسوبين على الفقه فأفتى بأن نسيكتهم لحم شاة لا تجزئ,فأوقع ذلك ترددا عند أحدهما,واحتج مفتينا هذا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل غلام مرتهن بعقيقته,تذبح عنه يوم السابع) وهو موافق لقول المالكية في الأضحية أيضا, فعزمت على كتابة شيء أظهر فيه ما عليه الجمهور في النسيكتين إن شاء الله تعالى
وقع الخلاف في جواز النسك ليلا, فذهب عطاء بن أبي رباح كما في المحلى وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وعامة أصحابه المتأخرين كما في المغني وإسحاق وأبو ثور والجمهور إلى أنه يجوز, وزاد بعضهم: مع كراهة ,وهي رواية عن مالك وأشهب كما في الجامع للقرطبي(12/44). وانظر شرح الرسالة لزروق.
وقال مالك في المشهور عنه وعامة أصحابه ورواية عن أحمد كما في المغني لابن قدامة أنه لا يجزئ, بل يكون شاة لحم.ونسب القرطبي في الجامع المنع إلى أصحاب الرأي أيضا!
واحتج بعضهم كما في المحلى بقوله تعالى : (ويذكروا الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) وانظر الجامع للقرطبي والمغني لابن قدامة والتمهيد لابن عبد البر!وزعم القاضي عبد الوهاب أن المقصود بالتضحية في النهار إظهار شعار الإسلام ولا يكون ذلك ليلا واحتج بالآية.
وأنكر ابن حزم أن يكون في الآية دليل على ذلك من بعيد أو قريب.بل جعلها حجة عليهم!!لأن الله أمرهم بالذكر في أيام معلومات, وهم مجمعون أن الذكر يشرع في لياليها أيضا!!.واحتج عليهم ايضا بأن من حلف أن لا يكلم زيدا ثلاثة أيام أن الليل يدخل في ذلك مع النهار.
واحتج بعضهم بأن الذبح ليلة الأضحى لا يجزئ, فكذلك باقي الليالي! وفرق المالكية بينها وبين غيرها كما في الذخيرة والمواهب وغيرهما.
فألزمهم ابن حزم بأن يمنعوا من الذبح في اليوم التالي من أيام العيد حتى تطلع الشمس قدر رمح,قياسا على المنع من ذلك في أول أيام العيد!! وهم لا يقولون بذلك فظهر تناقضهم وسقط احتجاجهم.وقياسهم هذا من أفسد القياس.
واختار شيخ شيخنا الشنقيطي في الأضواء أن الأحوط موافقة ظاهر لفظ القرآن .
واحتج المبيحون من أهل القياس بأن الليل زمن يصح فيه الرمي فأشبه النهار!
واحتج المانعون بما رواه الطبراني عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الذبح ليلا وفي إسناده سليمان بن سلمة الخبايري وهو متروك متهم بالكذب. وبما رواه عن عطاء بن يسار مرسلا: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الذبح ليلا). وإسناده واه كما قال ابن الملقن في البدر المنير, فيه بقية وقد عنعن, وفيه أيضا بشر بن عبيد وهو متروك... وقد رمي بالوضع!.ولو صح لكان حجة عليهم, لأنهم يحتجون به على المنع من ذبح الأضحية ليلا, وهم يجوزون الذبح في غير النسك ليلا. قال ابن حزم: (يجيزون الذبح بالليل فيخالفونه فيما فيه, ويحتجون به فيما ليس فيه).
واحتجوا أيضا بما رواه البيهقي(9/290)أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الحسن بن علي بن عفان ثنا يحيى بن آدم ثنا حفص بن غياث عن أشعث بن عبد الملك عن الحسن قال نهى عن جداد الليل وحصاد الليل والأضحى بالليل وإنما كان ذلك من شدة حال الناس كان الرجل يفعله ليلا فنهى عنه ثم رخص في ذلك
وروى أيضا (9/289)أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا الحسن بن علي بن عفان ثنا يحيى بن آدم ثنا سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن حسين أنه قال لقيم له جد نخله بالليل: ألم تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جداد الليل وصرام الليل, أو قال وحصاد الليل قال سفيان يقال حتى يكون بالنهار ويحضره المساكين)
وهما مرسلان.وهما حجة الشافعية في قولهم بالكراهة كما في المجموع للنووي (8/281)!!وذكر ابن قدامة في المغنى توجيها آخر لكراهتهم وهو أن الليل تتعذر فيه تفرقة اللحم في الغالب فلا يفرق طريا فيفوت بعض المقصود ولهذا قالوا: يكره الذبح فيه . وهذه العلة على قولهم غير موجودة في زمانا.فإن الناس يدخرون في ثلاجاتهم!
وعلل المناوي في فيض القدير (6/350) وغيره الكراهة بأن الذابح لا يأمن الخطأ في المذبح ولأن الفقراء لا يحضرون فيه حضورهم بالنهار.
وهذا اليومَ ليس بشيء, فإن الناس يذبحون على ضوء مصابيح قوية . وأما الفقراء ففي زماننا يستوى عند الفقير النهار والليل في هذا فإنهم لا يحضرون فيهما ذبح أحد.
وعارض كل هذا بعض العلماء بأنه إذا ترجحت مصلحته أو دعت إليه ضرورة كأن خشي فوات الأضحية أو أو احتاج هو وأهله إلى الأكل منها أو نزل به أضياف أو حضر مساكين القرية وهم محتاجون إلى الأكل منها جاز.
والذي ينبغي أن يكون سبب الاختلاف هنا هو الاشتراك في اسم اليوم, فإن العرب يطلقونه تارة على النهار والليل معا, مثل قوله تعالى (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام) ومرة يطلقونه على النهار دون الليل مثل قوله تعالى (سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما).
وإنما حجتهم في هذا مفهوم اللقب في قوله (اليوم) وهو من مفاهيم المخالفة.فلا يلزم الظاهرية لأنهم لا يقولون به ولا يلزم الجمهور لأنهم لا يقولون بمفهوم اللقب إلا أن يقترن بقرينة تدل على اعتباره كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح, لكن العبرة حينها بالقرينة لا به كما قال الشوكاني في الإرشاد.
والذي ينبغي اعتقاده والله أعلم أن ذبحها ليلا مخالف للأولى,ولا يجوز تعديته إلى القول بالتحريم والمنع وإبطال النسيكة!
 
أعلى