العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مسألة سنة الجمعة القبلية و البعدية وهل هي من البدع والمحدثات أم هي من السنن الثابتة

إنضم
27 سبتمبر 2008
المشاركات
8
الكنية
أبو محمد
التخصص
قسم السنة وعلومها
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
حنبلي
فمن الواجب المؤكد أن يتنبه العبد إلى أن الحكم على عبادة ما بأنها بدعة لا يكون مفضيا بالضرورة إلى وصف القائل بها بأنه مبتدع لاحتمال التأويل ولاحتمال الخطأ ولاحتمال الإعتماد على نصوص من السنة هي عند المحتج بها صحيحة وعند غيره ضعيفة كما في مسألة القنوت في الفجر وقول الشافعية بسنيته..,
فالله الله في الحث على إلتزام السنن والتحذير من البدع ،فإن أمر البدع عظيم ، وكذا وصف الأمر بأنه من السنة لايقل خطورة عن ذلك ..ولأجل ذلك أفردت موضوع مسألة سنة الجمعة القبلية والبعدية وهل هي من البدع و المحدثات أم هي من السنن الثابتةعن النبي صلى الله عليه وسلم ..
مسألة سنة الجمعة القبلية و البعدية وهل هي من البدع والمحدثات أم هي من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم؟؟

حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ــ أخرجه أبوداود [1128] حدثنا مسددــ حدثنا إسماعيل ـ أخبرنا أيوب عن نافع قال كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي بعدها ركعتين في بيته ،ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ..والحديث الصحيح

قلت: وهذا إسناد صحيح، إلا أنه لاحجة في هذا الخبر على سنة الجمعة القبلية ، فالشطر المرفوع من هذا الحديث هو الشطر الأخير منه دون الشطر الأول .
قال ابن القيم رحمه الله في الزاد [1/436] هذا لا حجة فيه على أن للجمعة سنة قبلها ، وإنما أراد بقوله [أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ]أي أنه كان يصلي الركعتين بعد الجمعة في بيته ، لا يصليها في المسجد و هذا هو الأفضل ..
وتابعه على ذلك الحافظ ابن حجر ، ورد على من ادعى أن الحديث بأكماله مرفوع فقال في الفتح [2/341]
..وأما قوله :كان يطيل الصلاة قبل الجمعة ،فإن كان المراد بعد دخول الوقت فلا يصح أن يكون مرفوعا ،لأنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج إذا زالت الشمس ،فيشتغل بالخطبة ،ثم بصلاة الجمعة ،وإن كان المراد قبل دخول الوقت،فذلك مطلق النافلة ، لا صلاة راتبة ، فلا حجة فيه لسنة الجمعة التي قبلها ، بل هو تنفل مطلق و قد ورد الترغيب فيه.
قلت : و يؤيد هذا أن ابن عمر رضي الله عنه ، وقد روى تطوع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يذكر فيه إطالة الصلاة قبل الجمعة ولا أنه قد سن للجمعة سنة راتبة ،ففي الصحيحين من حديث بن عمر رضي الله عنه ــ قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم سجدتين قبل الظهر وسجدتين بعد الظهر وسجدتين بعد المغرب و سجدتين بعد العشاء وسجدتين بعد الجمعة ،فأما المغرب والعشاء ففي بيته..انظروا إلى دقة نظر البخاري رحمه الله في التبويب لحديث ابن عمر رضي الله عنه ..
وقد كان البخاري رحمه الله دقيق النظر في التبويب لهذا الحديث ..وكما قيل فقه البخاري من تراجمه..
فقد أخرجه عنده من رواية مالك عن نافع عن ابن عمر بنحوه إلا أنه قال :وكان يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين وبوب له باب [1/296] باب :الصلاة بعد الجمعة و قبلها ...فقدم الكلام على السنة القبلية لأن هذا الحديث يدل دلالة قوية قاطعة على عدم ثبوتها إذ لو كانت ثابتة لذكرها ابن عمر في صفة تطوعه صلى الله عليه وسلم .
[باب الصلاة قبل العيد ويعدها ] فذكر الصلاة على ترتيبها الصحيح القبلي فما بعده ، وذلك لأن حديث الباب عنده ينفيهما جميعا ، فكأنما رتب الصلاة في أبواب الجمعة على المثبت ثم المنفي ، وكما يقولون فإن المثبت مقدم على النافي ، ولذا قدم ما أثبته النص ، فلما كان الحديث في العيدين ينفي الصلاة قبل العيد وبعدها ، ذكرهما بحسب ترتيبهما لأنه لا مزية لأحدهما فيقدمه على الآخر في التبويب.
قال ابن المنير في الحاشية و وجه العناية المذكورة ورود الخبر في البعد صريحا دون القبل ، وقال ابن بطال إنما أعاد بن عمر ذكر الجمعة بعد الظهر من أجل أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي سنة الجمعة في بيته بخلاف الظهر و الحكمة فيه أن الجمعة لما كانت بدل الظهر واقتصر على ركعتين ترك التنقل بعدها في المسجد خشية أن يظن أنها التي حذفت .
وقوله ..ويصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته ويدل عليه رواية الليث عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته ثم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك أخرجه الإمام مسلم .

فقد قال الزرقاني في شرحه للموطأ : و ورد في السنة الجمعة التي قبلها أحاديث ضعيفة كحديث أبي هريرة [كان يصلي قبل الجمعة ركعتين وبعدها أربعا ]رواه البزار وفي إسناده ضعف وعن علي عند الأثرم والطبراني في الأوسط [كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا ] وفيه محمد بن عبد الرحمن السهمي ضعفه البخاري وغيره وقال الأثرم إنه حديث واه وروى ابن ماجه بإسناد واه عن ابن عباس مثله قال النووي في الخلاصة حديث باطل ، وعن ابن مسعود مثله عند الطبراني وفيه ضعف .. والحديث لابن عباس فإنه ضعيف جدا و لا تقوم به الحجة بقية بن الوليد كثير التدليس و مبشير منكر الحديث قال أحمد كان يضع الحديث الحديث والحجاج بن أرطأة تركه يحي بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وعطية ضعفه الجمهور ...

قال أبو شامة في الباعث على إنكار البدع والحوادث أراد بقوله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك أنه كان يصلي الركعتين بعد الجمعة في بيته ولا يصليها في المسجد و ذلك هو المستحب .. إلا أن الحافظ بن المنير نهج منهجا مغايرا في إثبات سنة الجمعة القبلية والإستدلال بهذا الحديث عليها ، فقال فيما نقله ابن حجر في الفتح [1/493] كأنه يقول :الأصل إستواء الظهر والجمعة حتى يدل دليل على خلافه ..

قلت :وهذا القول غاية في البعد ،وقد تعصب له جماعة من المذهبيين..
فدعوى التسوية بين الظهر والجمعة فيه نظر ، وهذا يلتمس بأن الجمعة لها أحكام خاصة ..والحديث الوارد نفسه لم يسو بينهما فذكر التطوع قبل الظهر وبعده ، ثم ذكر التطوع بعد الجمعة ، فلو كان ثمة تسوية بينهما لما ذكر سنة الجمعة البعدية ،بل لكان أولى به أن يضرب صفحا عن ذكرها ،وهذا ما ذكره نورالدين عتر في كتابه [هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخاصة ].

قال أبو شامة المقدسي رحمه الله في الباعث ...هذا دليل أي حديث ابن عمر على أن الجمعة عندهم غير الظهر وإلا ما كان يحتاج إلى ذكرها لدخولها تحت إسم الظهر ثم لما لم يذكر لها سنة إلا بعدها ،دل على أنه لا سنة قبلها ...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني في مجموع فتاويه : الجمعة مخصوصة بأحكام تفارق بها ظهر كل يوم باتفاق المسلمين وإن سميت ظهرا مقصورة ، فإن الجمعة يشترط لها الوقت فلا تقضى و أما الظهر فتقضى ، والجمعة يشترط لها العدد والإستيطان وغير ذلك ..والظهر لا يشترط لها شيء من ذلك ، فلا يجوز إذن أن تتلقى أحكام الجمعة من أحكام الظهر مع إختصاص الجمعة بأحكام تفارق بها الظهر ..
فبعد سرد الدلائل والنصوص يتضح لنا جليا بإقرار مشروعية التنفل قبل صعود الإمام على المنبر ، وأن ما وقع من الصحابة الأجلة على هذا الوجه فمحمول على مطلق التنقل لا على كونها سنة راتبة ، وأما إختصاص الجمعة ببينة واعتقاد ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم فهذا كله من البدع والمحدثات ..فالثابت الموافق للسنة لما ثبت في الصحيح إنما هو [بعد الجمعة]في بيته صلى الله عليه وسلم لا يصليها في المسجد كما نقل عن ابن قيم الجوزية والبخاري في صحيحه وعامة علماء السلف..[/size]
 
إنضم
27 سبتمبر 2008
المشاركات
8
الكنية
أبو محمد
التخصص
قسم السنة وعلومها
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
حنبلي
تكملة لما ذكر ...
4حديث أبي هريرة ــ رضي الله عنه ــ:
أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد "[6/365]من طريق :
الطبراني ، حدثنا أحمد بن عمروالبزار ، حدثنا إسحاق بن سليمان البغدادي ، حدثنا الحسن بن قتيبة ، حدثنا سفيان ، عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم :
أنه كان يصلي قيل الجمعة ركعتين ، ويعدها ركعتين . قال الطبراني : "لم يروه عن سفيان إلا الحسن بن قتيبة " ضعيف جدا .

قلت :الحسن بن قتيبة ، وهو الخزاعي المدائني ، قال فيه الدراقطني :"متروك الحديث "، وقال أبو حاتم :"ضعيف" ، وقال العقيلي :" كثير الوهم " ، وقال الأزدي : "واهي الحديث ".
وقد تفرد برواية هذا الحديث دون باقي أصحاب الثوري الثقات الكبار ، وهذا وجه من أوجه النكارة التي تقع في السند .
وشيخ البزار ذكره الخطيب في "تاريخه "ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا .
والحديث عزاه الحافظفي "التلخيص "[2/89]

5حديث أبي هريرة وجابر بن عبد الله ــ رضي الله عنهما ـ
أخرجه ابن ماجه في السنن [1114]:
حدثنا داود بن رشد ، حدثنا حفص بن غياث ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، وعن أبي سفيان ، عن جابر ، قالا :
جاء سليك الغطفاني و رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، فقال له النبي صلى الله ىعليه وسلم :"أصليت ركعتين قبل أن تجيء ؟"
قال :لا، قال :
"قصل ركعتين ، وتجوز فيهما ".
"منكر بهذا السياق"
فالحديث أخرجه أبوداود[1116]
حدثنا محمد بن محبوب ،وإسماعيل بن إبراهيم ، المعنى ،قالا :حدثنا حفص بن غياث،....بإسناد سواء ، بلفظ:"أصليت شيئا؟" وليس فيه :"قبل أن تجيء "
وأخرجه البخاري في "جزء القراءة خلف الإمام"[ص:44]:
حدثنا عمر بن حفص ، قال حدثني أبي ...بسنده ، قال : جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب ، فجلس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"يا سليك ، قم فصل ركعتين خفيفتين تجوز بهما " ثم قال : "إذا جاء أحدكم والإمام يخطب ،فليصل ركعتين خفيفتين يتجوز فيهما " وإسناده صحيح، وأصل الحديث في الصحيحين،وليس في شيء من طرقه لفظة : " قبل أن تجيء "وهي لفظة منكرة ، نشأت عن أخطاء بعض الرواة .
وقد أعلها جمع من أهل العلم ، منهم شيخ الإسلام بن تيمية، وشيخه الحافظ المزي ، وتلميذه ابن القيم ـ رحمهم الله ـ قال ابن القيم في" الزاد" [1/434]:
"قال أبو البركات ابن تيمية : وقوله [ قبل أن تجيء ]يدل على أن هاتين الركعتين سنة الجمعة ، وليستا تحية المسجد.
قال شيخنا ــ حفيده ـ أبو العباس : وهذا غلط ، والحديث المعروف في الصحيحين عن جابر ، قال : دخل رجل يوم الجمعة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، فقال : " أصليت"؟قال : لا ، قال : "فصل ركعتين "و قال : "إذا جاء أحدكم الجمعة ، والإمام يخطب فليركع ركعتين ، وليتجوزفيهما "

فهذا هو المحفوظ في هذا الحديث ، وأفرد ابن ماجه في الغالب غير صحيحة ، وهذا معنى كلامه .
وقال شيخنا أيو الحجاج الحافظ المزي : هذا تصحيف من الرواة ، إنما هو:"أصليت قبل أن تجلس "، فغلط فيه الناسخ ، وقال : وكتاب ابن ماجه إنما تداولته شيوخ لم يعتنوا به بخلاف صحيحي البخاري ومسلم ، فإن الحفاظ تداولوهما ، واعتنوا بضبطهما وتصحيحهما ، : ولذلك وقع فيه أغلاط وتصحيف .
قلت : ويدل على صحة هذا الذين اعتنوا بضبط سنن الصلاة قبلها وبعدها ، وصنفوا في ذلك من أهل الأحكام والسنن وغيرها ، ولم يذكر واحد منهم هذا الحديث في سنة الجمعة قبلها ،وإنما ذكروه في استحباب فعل تحية المسجد و الإمام على المنبر ، واحتجوا به على من منع من فعلها في هذا الحال ،فلو كانت هي سنة الجمعة ، لكان ذكرها هناك ، و الترجمة عليها ، وحفظها ، وشهرتها أولى من تحية المسجد .
ويدل عليه أيضا أن النبي صلى الله عليه ىوسلم لم يأمر بهاتين الركعتين إلا الداخل ، لأجل أنها تحية المسجد ، ولو كانت سنة الجمعة ، لأمر بها القاعدين أبضا ، ولم يخص بها الداخل أيضا..
6حديث أم المؤمنين صفية بنت حيي ـ رضي الله عنها ـ
أخرجه ابن سعد في " الطبقات "[8/361_360]:
أخبرنا يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة ، عن صافية ــ سمعها ــ وهي تقول :
رأيت صفية بنت حيي صلت أربعا قبل خروج الإمام ، وصلت الجمعة مع الإمام ركعتين .
"ضعيف جدا "
قلت : وهذا إسناد ضعيف جدا ، بل وفيه نكارة أيضا ، فقد تفردت به صافية هذه ، ولم يرو عنها إلا حماد بن سلمة ، ولم أر من ذكرها إلا ابن سعد ، والأقرب أنها مجهولة العين .
ولو صح ، فهذا محمول على مطلق التنفل لا على أنها سنة راتبة للجمعة ، والله تعالى أعلم...
 
أعلى