العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مناهج تدريس العلوم الإسلامية في حاجة إلى تجديد..

إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
مناهج تدريس العلوم الإسلامية في حاجة إلى تجديد..

الدكتور عمار الطالبي
حاوره: جواد الشقوري

دعا د.عمار الطالبي، أستاذ الفلسفة في جامعة الجزائر والرئيس السابق لجامعة الأمير عبد القادر، إلى إعادة النظر في المسائل الاجتهادية على ضوء العلوم اللغوية واللسانيات الجديدة، وإلى تغيير مناهجنا في التفكير والفهم على ضوء العلم الحديث، وإلى الانفتاح على لغات العالم لنبلغ بها رسالة الإسلام للعالمين، وعرض الإسلام عرضا علميا موضوعيا، بلغة علمية واضحة يفهمها البشر.

وقال أيضا في حوار مع موقع الرابطة المحمدية للعلماء: إن العلوم الإسلامية اليوم تعاني من الضعف، كما أشار إلى أن حركة التجديد في المناهج والأفكار قد توقفت، حيث مازلنا -يقول الطالبي- نردد ما كُتب في القرن الثالث والرابع الهجريين. وفيما يلي نص الحوار.

ألا تعتقد أن التراث الإسلامي في المجال الفقهي والشرعي ما يزال يحمل قدرة كبيرة على التفاعل مع الإشكالات الجديدة التي يفرزها العالم المعاصر، وأن المشكلة ليست في التراث بل في القدرة على تنزيله على أرض الواقع؟.

هذا كلام أكثرنا من ترداده! لكن هذا الكلام ينبغي أن يُحلّل ويُناقش؛ فالتراث الإسلامي مرّ بمراحل تاريخية تراوحت بين التطور والتدهور؛ فشابهُ جراء ذلك ضعف كما شابتهُ أيضا عوارض مرضية في الطريق... وهو في هذا كالمسافر إذا أعياه التعب في الطريق وأجهده فإنه لا يستطيع أن يتحرك أكثر مما تحرك. إن الأمة الإسلامية أصابها الإعياء في الطريق، وهذا الإعياء ولّد ضعفا في الجسم والمشاعر والأفكار.

صحيح أننا نملك تراثا غنيا لكن ينبغي أن نقوم بغربلته؛ فليس كله حسنات كما أنه ليس كله سيئات. ونحن أمامنا عملية ذات شقين. الشق الأول يتمثل في هدم ما لا يصلح. والشق الثاني يتعلق باعتماد ما هو أصيل والبناء عليه؛ لأنه لا يجوز أن نقطع تماما مع آرائنا وتاريخنا، والقطيعة أصلا غير ممكنة في أمة إذا قامت بقطيعة كلية فمعنى ذلك أنها ستتيه في بحر التلف كما قال ابن خلدون.

ما هي في رأيك أبرز المعايير التي ينبغي اعتمادها أثناء القيام بما سميته "غربلة التراث"؟

المعيار في اعتقادي هو مدى معاصرة التراث للأحداث التي نعيشها، ومشاكل هذا العصر واستحقاقات المستقبل؛ فما هو ملائم لهذا العصر نحتفظ به، أما الاجتهادات التي وُلدت في عصر معين واستجابت لمشكلات معينة ولم تعد قائمة، فينبغي إعادة النظر فيها.

لكن، ألا ترى أنك من خلال هذا الكلام تجعل التراث هو الثابت، ثم تدعو إلى النظر للتراث من خلال قضايا ومشكلات العصر...!

الثابت هو النصوص الثابتة، أما الاجتهادات في الفهم وتطبيقاتها فمتغيرة. فإذا كانت الشريعة هي نصوص القرآن وما ثبت من السنة، فإن الفقه هو الفهم لهذه النصوص... وهذا الفهم هو الذي يتجدد بتجدد العصور، وإلا أصابنا جمود تام. لهذا ينبغي أن نقوم بعملية هدم ثم بناء من جديد، وبدون هذه التصفية لا نستطيع أن نتحرك بشكل إيجابي وفعال؛ لأننا سنكون مكبلين بهذه الأشياء التي لم تعد صالحة. فكما أن هناك مقابر للأموات من البشر، فهناك مقابر للأفكار الميتة! وهذا يقتضي أن تُقبر الأفكار الميتة ثم تأتي أفكار جديدة وحية هي التي ستنفعنا في عصرنا هذا.

فإذا لم نمارس الاجتهاد والتجديد نموت، ونظل نردد كليشهات كما يفعل أغلب الباحثين في الثقافة والعلوم الإسلامية، حيث نجدهم يرددون ما قاله القدماء ولا يجددون شيئا. ولذلك فإن العلوم الإسلامية اليوم تعاني من الضعف؛ فلا نجد تجديدا مثلا في أصول الفقه حيث مازلنا نردد ما كُتب في القرن الثالث والرابع الهجريين!

ذكرت مسألة التجديد في علم أصول الفقه. في هذا السياق هناك من يقول إنه رغم بشرية هذا العلم إلا أن قواعده قطعية. ما رأيك؟

القواعد الأصولية ليست قطعية أبدا. فرغم ما قام به الشاطبي من محاولة لإثبات ذلك، إلا أن ابن عاشور خالفه في هذا المنحى. أعتقد أن القواعد الأصولية كلها خلافية تقريبا. فخذ مثلا مبحث الأمر، هناك من يقول بأنه يفيد الوجوب وهناك من يقول يفيد الإباحة... ففيه خلاف كبير. ولذلك لابد من إعادة النظر في المسائل الاجتهادية على ضوء العلوم اللغوية واللسانيات الجديدة...

ألا يكون ارتباط هذه القواعد بالقرآن الكريم كافيا لإضفاء القطعية عليها؟

ليست هناك قطعية إلا في أصول النص. القرآن نصه ثابت وقطعي، لكن فهم النص يتجدد، لأن دلالات اللغة ظنية في أغلبها. فدلالات الآيات والأحاديث محتملة لمعاني كثيرة، ولا تدل على معنى قطعي تماما إلا في آيات قليلة كآيات الميراث مثلا (الثلث أو الربع...) التي لا يمكن تغييرها.

قد يقول البعض إن المشكلة ليست في هذه القواعد إنما في تفعيلها!

أعتقد أن الفرص متاحة لتفعيلها، لكن العلماء لم يجتهدوا. ومازلنا نردد ما يقول القدماء من غير تجديد، مع العلم أن الآراء الاجتهادية ليست قطعية تماما، بل الآراء والفهوم والمناهج تتجدد، والإمام الجويني في البرهان يقول إن أغلب الاجتهادات الفقهية هي رأي.

ما العيب إذا كان تراث القدماء في مستوى استيعاب المشكلات الحالية؟

إذا وجدنا بعض الأشياء في التراث مضيئة وتحل المشكلات المعاصرة نقبلها ونستفيد منها ونبني عليها وننميها ونطورها ونضيف إليها... أما أن نبقى نستعمل فهوم القرن الرابع والسادس الهجري فهذا صعب.

يقودنا التحليل السابق للسؤال عن سبب جمود الخلف على فهوم السلف؟

السبب هو أن حركة التجديد في المناهج والأفكار توقفت، وبقينا نردد "الكليشهات" والقوالب الجاهزة... كما أن هناك أسبابا لها علاقة بتدهور الحضارة الإسلامية. ويمكن تقسيمها إلى أسباب داخلية وأسباب خارجية؛ الداخلية ترجع إلى ضعف وانقسام وصراع وتشتت الدولة الإسلامية إلى إمارات كما وقع في الأندلس. وهذا الضعف الداخلي أدى إلى ضعف النواحي العلمية والفكرية والاجتهادية، ثم هذا الضعف أدى إلى استيلاء الخارج على هذه الأمة لأنها أصبحت ضعيفة، وهذا ما يسميه مالك بن نبي بالقابلية للاستعمار. إن الجسم عندما يتوفر على مناعة يقاوم الجراثيم، أما إذا كانت مناعته ضعيفة فإن الجراثيم ستفتك به.

أليس من "الظلم" تحميل العلوم الإسلامية حصة الأسد فيما سميته "تدهور الحضارة الإسلامية"؟

طبعا هذا ظلم! لأن جميع العلوم تخلفت، والعلوم الفيزيائية والرياضية توقفت أيضا. إن الحضارة عندما تسقط تضعف في جميع وجوهها؛ فهي لا تضعف في جانب دون آخر، بل إن الضعف يكون عاما وشاملا. فالعلوم الفيزيائية والرياضية لم تتطور، والعلوم الاجتماعية بعد ابن خلدون لم تنمو، ثم إن أوجه النشاط الفكري والاجتهادات النظرية توقفت تماما أو تقريبا، وبقينا نردد التراث الذي أنتجه الأقدمون لما كانوا في حيوية ودينامية.

صحيح أن هذا التراث في أغلبه كان مناسبا للعصر الذي احتضن نشأته، لكن إذا تجددت المشكلات فإن الحلول ينبغي أن تتجدد، وأن تتجدد الفهوم أيضا؛ سواء للقرآن أو للسنة، لأن القرآن يحتمل معاني كثيرة جدا، وهذا يقتضي تجديد فهومنا للنص القرآني.

إنك إن قرأت القرآن جيدا وبتأمل ستكتشف معاني جديدة، وهو -بالمناسبة- لم يفسر كاملا إلى يومنا هذا، ولا نستطيع أن نقول إنّه فُسِّر وانتهينا! وأبو حامد الغزالي في الإحياء يقول: من ظن أن القرآن قد فسر فإنما يُحدث عن حدِّ نفسه.

ما هي -في تصورك- العلوم الإسلامية التي تحتاج أيضا إلى تجديد؟

أعتقد أن علم الكلام يحتاج إلى تجديد. فإذا كان المتكلمون القدماء اعتمدوا على ثقافة عصرهم، ويستدلون، مثلا، بالذّرّة لإثبات أن العالم مخلوق، فإن الأمور قد تغيرت الآن، وهذه الفكرة -بالمناسبة- يونانية في الأصل؛ وتشير إلى أن العالم لما انحلّ انتهى إلى عناصر نسميها الذرات أو المادة، وبما أن هذه الذرة تتغير وتتحرك وتنحل فهي غير أبدية أي محدثة تحتاج إلى خالق. لكن معنى المادة الآن تغير، وأصبحت طاقة... وبالتالي لابد أن يتغير الاجتهاد أيضا في المفاهيم الجديدة التي انتهت إليها العلوم.

إن علم الكلام علمٌ استدلالي على العقائد، وإذا كانت الأدلة القديمة أصبحت الآن غير نافعة فلابد أن نأتي بأدلة جديدة تتفق مع ما وصل إليه العلم والفكر في زماننا هذا، ولا نبقى نستدل بطريقة الجويني وأبي حسن الأشعري والبقلاني...

يلاحظ في كلامك أنك تجعل ما وصل إليه العلم الحديث معيارا ومنطلقا للتجديد في العلوم الإسلامية، رغم أن هذا العلم ليس إطلاقيا، بل له تحيزاته الخاصة!

إذا كان هذا العلم صحيحا فلماذا نرفضه! هل نرفض علم الرياضيات؟ الرياضيات ليس لها دين أو إقليم جغرافي معين. الرياضيات علم عقلي منطقي يشترك فيه كل البشر... أما العلوم الدينية والعلوم الإنسانية فإنها تختلف من حضارة لأخرى؛ لأن الأوضاع الاجتماعية والعقائد تختلف. لكن بالنسبة للفيزياء والرياضيات والعلوم الطبيعية فهي علوم بشرية مشتركة بين العقول البشرية، أما العلوم الدينية فهي خاصة بأمم معينة.

إننا بحاجة لتغيير مناهجنا في التفكير والفهم على ضوء العلم الحديث. لا أقول أن العلم الحديث قطعي، ولكن هذه اجتهادات، والشريعة مبنية على الدلالات الظنية.

كيف تنظر إلى الاتجاه الذي يُغلّب الجانب الأحكامي في تعامله مع القرآن الكريم؟

القرآن ليس كتابا في التشريع فقط؛ فآيات الأحكام قليلة جدا، وأوصلها بعضهم إلى 500 آية. وأغلب آيات القرآن المجيد تتعلق بالقيم الأخلاقية والاجتماعية والإنسانية، والحث على التفكير في الموجودات، وهناك آيات القصص من أجل أخذ العبرة...

ألا تعتقد أن العلماء المسلمين مقصرون في توليد نماذج معرفية وأخلاقية من القرآن الكريم قادرة على مساعدة البشرية للخروج من مأزقها الوجودي الراهن؟

هذا صحيح، فنحن مقصرون في مجال التبليغ للآخرين، والمشكلة أن أغلب الذين يدرسون العلوم الإسلامية لا يتقنون إلا اللغة العربية، وكأن الإسلام جاء للعرب فقط، وليس معنيا بالأمم الأخرى التي تتكلم اللغة الإنجليزية والفرنسية وغيرهما من اللغات...! ويجب أن نعترف بأن الإنجليزية أصبحت الآن لغة العلم والمعرفة؛ لغة البر والبحر والجو... فعندما تتخاطب السفن فيما بينها في البحر تتخاطب بالإنجليزية، ونفس الشيء بالنسبة للطائرات، وكذلك الأنترنت وكل ما له علاقة بعالم الكمبيوتر... وبالتالي لابد من الانفتاح على لغات العالم لنبلغ بها رسالة الإسلام للعالمين، وأن نعرض الإسلام عرضا علميا موضوعيا، بلغة علمية واضحة يفهمها البشر.

يُلاحظ؛ خاصة في السنوات الأخيرة، أن هناك سعيا حثيثا من قِبل بعض البلدان الإسلامية لإعادة النظر في مسالك وطرق تدريس العلوم الإسلامية. ما رأيك؟

إلى حد الآن لم أر شيئا جديدا يمكن إدراجه ضمن خانة التجديد. فمثلا عندما كنتُ مديرا لجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية حاولت أن أجعلها جامعة ذات صبغة تجديدية، فقررت على طلبة السنة الأولى مواد علمية كالبيولوجيا حتى يُكوِّنوا فكرة عن القوانين والمراحل الأساسية التي وصلت إليها البيولوجيا... ونفس الأمر بالنسبة للفيزياء. ومعلوم أن الكثير من الآيات القرآنية التي تتحدث عن الكون تحتاج إلى حد أدنى من هذه العلوم، من أجل فهمها فهما صحيحا؛ لأن الاقتصار على التفسير اللغوي لن يقود حتما إلى هذا الفهم الصحيح... لكن -للأسف- صادفت في الطريق عراقيل حالت دون هذا التجديد. وتعرض هذا البرنامج للنقد حيث رأى فيه البعض نوعا من التضييق على الشريعة، وزعم البعض الآخر بأني قد جئت ببرنامج السربون لأطبقه في الجامعة الجزائرية!

فكرنا في إنشاء قُبّة فلكية، وهي عبارة عن معهد لدراسة علم الفلك والفقه... حتى نتفادى الخلاف بين الفقهاء والفلكيين فيما يتعلق بإثبات رمضان، وقمنا بجميع الترتيبات والإجراءات، وأجرينا مناقصة لبناء هذه القبّة، وحصلنا على الأرض والميزانية... لكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح؛ لأن هناك معارضة لمثل هذه الجهود التجديدية.

ولذلك عندما تحاول أن تجدد تجد رفضا من العقول التي ما تزال تخشى على الشريعة من العلوم الأخرى، وكأن الفيزياء والرياضيات وعلم الفلك تقف ضد الشريعة الإسلامية! وينسى هؤلاء أن المسلمين، تاريخيا، هم الذين قدموا للعالم إبداعاتهم في مجال الفلك، لأن حياتهم كانت عملية (كتحديد القبلة والمواريث...) فرضت عليهم الاهتمام بهذا العلم. فكانت النتيجة ذلك التراث الفلكي المتميز الذي خلّفه المسلمون وأفادوا به البشرية. ونفس الأمر بالنسبة الرياضيات حيث عرفت تقدما على أساس المواريث وقسمة التركات...

ما ذكرته من "الصراع" -إن صح هذا التعبير- بين دعاة العقل ودعاة النقل قديمٌ في تراثنا الإسلامي.. بل وفي تراث أمم أخرى.

هذا صحيح. فهذه النفرة قديمة بين العلوم الشرعية والعلوم الأخرى... ولذلك تجد أن المدرسة النظامية في بغداد -مثلا- كانت تُدرس العلوم الشرعية واللغوية فقط، ولم تكن تُلقى فيها دروس رسمية في الرياضيات والفيزياء خارج الاجتهادات الفردية والجماعية التي كانت لا تُعبر عن المؤسسة الرسمية.

وهذا النقص ورثته من بعدُ الجامعات الإسلامية كالأزهر والزيتونة، حيث نجد أن هناك فصلا بين العلوم الدينية والعلوم الأخرى، ويتم تدريس العلوم الشرعية واللغوية فقط. ولهذا السبب وقع هذا التخلف. وترتبت عن هذا الأمر عقليتان: عقلية لغوية وفقهية ونصية تماما، وعقلية أخرى علمية رياضية... كما حصل تنافر بين العقليتين، وأصبح كل واحد يمدح العلم الذي تخصص فيه كما قال ابن حزم. وأبو حامد الغزالي تفطن لهذا الأمر حين قال: إن الذي ينكر الرياضيات يسيء إلى الشريعة نفسها، أما العالم الشرعي الذي ينكر الرياضيات وهو رياضي، يقول الغزالي، فهذا ليس له عقل.

لكن الاعتقاد السائد هو أن الغزالي وقف موقفا سلبيا من الفلسفة. والكل يعلم أهمية الفلسفة في إعمال الفكر وتحريك العقل!

أبو حامد الغزالي لم ينتقد إلا الميتافيزيقا، أما الأخلاقيات والرياضيات والطبيعيات فكان يعتبرها أشياء معقولة واجتهادات ولم ينكرها. الغزالي أنكر الجوانب الميتافيزيقية المتعلقة بالإلهيات فقط على نحوِ ما تصورها اليونان. وانتقد اليونان من خلال ابن سينا والفارابي. والذين يتهمون الغزالي بتحطيمه الفلسفة لم يقرأوا جيدا تاريخ الفلسفة ولم يفهموا الغزالي.

ولذلك نحن بحاجة إلى التجديد في طريقة تدريس العلوم الإسلامية، وإلى التغيير في مناهج التربية والتعليم؛ لأن هذه المناهج ما تزال تعتمد على الحشو في الدماغ وكثرة المواد... وتقتل في الطالب ملكة التفكير وتدفعه إلى الحفظ. إننا بحاجة إلى بناء فكر طلبة العلوم الشرعية وليس إلى بناء ذاكرتهم فحسب. ولهذا لابد أن نهتم بالرياضيات لأنها مفيدة للعقل. وكذلك لابد من الاهتمام بالطبيعيات، لأن كل العلوم -تقريبا- مبنية عليها... ولهذا الاعتبار -أيضا- لابد من أن نجمع في جامعة واحدة بين العلوم كلها بما فيها الإسلاميات، ثم بعد ذلك يكون هناك تخصص في علم من العلوم.

عمار الطالبي في سطور..
- من مواليد 1934.

- أستاذ الفلسفة في جامعة الجزائر.

- الرئيس السابق لجامعة الأمير عبد القادر.

- رئيس مؤسسة مالك بن نبي التي تأسست سنة 2005.

- عضو في عدة منظمات إسلامية ودولية.

من أعماله الفكرية:
- مدخل إلى عالم الفلسفة.

- دراسات في الفلسفة والفكر الإسلامي (جزءان).

كما حقق العديد من الكتب والمخطوطات القيمة، من بينها:
- العواصم من القواصم لابن العربي (دراسة وتحقيق).

- أعز ما يطلب لابن تومرت (دراسة وتحقيق).

- الموجز في علم الكلام لأبي عمار عبد الكافي الورجلاني (تحقيق).

- شرح ابن رشد لأرجوزة ابن سينا في الطب (دراسة وتحقيق).

- الكليات في الطب لابن رشد (تحقيق بالمشاركة مع د.سعيد شيبان).

- المختصر في علم أصول الحديث لابن النفيس (تحقيق).

- إيضاح المحصول من برهان الأصول للمازري (تحقيق).
 

السرخسي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
21 سبتمبر 2008
المشاركات
170
التخصص
عام
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
مالكي
صحيح وهذا موضوع مهم يجب ات تعقد لدراسته ندوات ومؤتمرات .
 
أعلى