العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاة مالها إلى زوجها الفقير ؟!.!!!...... لا تتعجب في الدين سعة

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي

.........................................

صورة المسألة : امرأة عندها مال خاص بها وجبت فيه الزكاة بعد بلوغه النصاب وحولان الحول عليه ، وزوجها فقير من الذين يستحقون أخذ مال الزكاة ، هل يجوز لها أن تدفع زكاة مالها إليه ؟.
أولاً : أجمع أهل العلم على أن الزوج لا يعطي من زكاة ماله لزوجته ؛ لأن نفقتها واجبة عليه.
أما أن تدفع الزوجة زكاة مالها لزوجها الفقير فقد اختلف أهل العلم فيها ، والراجح من أقوالهم ينص على أنه يجوز للمرأة الغنية أن تدفع زكاة مالها إلى زوجها الفقير لعدة أسباب :
1- أنه من المصارف التي تُدفع لهم الزكاة بغض النظر عن كونه زوج أم لا لعموم النص القرآني في ذلك : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) . التوبة/60 ، فإذا جاز له شرعاً أن يأخذ الزكاة من غيرها ، فمن زوجته أولى ، وهو أطيب الإعطاء في الفرض والتطوع ، ألم يوضح الحق سبحانه وتعالى ذلك بقوله : ( فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا ) النساء (4).
2- لم يرد دليل من القرآن أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم يمنع ذلك ، بل الدليل الصحيح يدل على الجواز بل يدل على مضاعفة الأجر للزوجة في ذلك ، والدليل هو :
عن زينب امرأة عبد الله قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تصدقن يا معشر النساء ولو من حُليكن . قالت : فَرَجَعتُ إلى عبد الله فقلت : إنك رجل خفيف ذات اليد وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة فأته فاسأله فإن كان ذلك يجزي عنّي وإلا صرفتها إلى غيركم . قالت فقال لي عبد الله : بل ائتيه أنت . قالت : فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها . قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُلْقِيَت عليه المهابة . قالت : فخرج علينا بلال ، فقلنا له : ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك : أتجزي الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما ؟ ولا تخبره من نحن . قالت : فدخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هما ؟ فقال : امرأة من الأنصار وزينب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيّ الزيانب ؟ قال : امرأة عبد الله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لهما أجران : أجر القرابة ، وأجر الصدقة . ..متفق عليه .
وقد يقول قائل : هذا الحديث يخص صدقة التطوع وليس الزكاة ، أقول :
الحديث ليس فيه تفصيل فيشمل الوجهين ، وأيضاً حينما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستفسار من زينب على نوع الصدقة التي تريد أن تخرجها من مالها ، إن كانت تطوع أم زكاة ، دل ذلك على جواز الأمرين ، وكأنه صلى الله عليه وسلم قال لها : يجوز لك الأمرين أي أن تعطي زوجك صدقة وزكاة .
وقد يقول قائل أيضاً : إذا أعطت الزوجة زكاة مالها لزوجها سيقوم بدوره بإنفاقها عليها ، فكأنها أعطت الزكاة باليمين وأخذته بالشمال .
أقول : ومالمضرة في ذلك ، أليس لو أخذ زكاة من غيرها أو منها على سبيل التطوع سينفقها عليها ؟ الزوج توفر فيه وصف استحقاق الزكاة وهو الفقر ، فكما يجوز له أن يأخذ مال الزكاة من غيرها فمنها أولى ، وهذا ماذهب إليه الشافعي والثوري ، وصاحبي أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وعن أحمد .
وسبحان الله على هذا التكامل في أحكام الشريعة الغراء ، وعجائبها التي لا تنقضي في ترسيخ المودة والرحمة بين الزوجين ، فالزوج لا يجوز له أن يعطي زكاة ماله لزوجته لأن نفقتها واجبة عليه ، وبالمقابل يجوز له أن يأخذ من زكاة مال زوجته ؛ لأن نفقته غير واجبة عليها . والله تعالى أعلى وأعلم .
 
أعلى