العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

آيـة الوضــوء

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
أخذت آية الوضوء حيزاً كبيراً في البحث العلمي وعلى أعلى مستوياته الفقهية ، وتشعب البحث فيها أصولياً ولغوياً ، بل تعدّى ذلك حتى أصبح القول فيها تهمة وأمارة على التشيع[SUP]([1])[/SUP] ، وما يهمنا في هذا المقام هو التعرض للمسائل اللغوية التي رأينا على رغم تعددها أن نجعلها في مكان واحد لارتباطها جميعاً بآية واحدة ودورانها على نفس الفكرة ألا وهي النزاع على غسل الأرجل أم مسحها في الوضوء .
وآية الوضوء هي قول الله تعالى : { يَا أيّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلوةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ }(المائدة/6) .
وما أدّى إلى النزاع في مفهوم هذه الآية هي ورود قراءتين مشهورتين ، أحدهما بنصب اللام ( وأرجلَكم ) والأخرى بالخفض ( وأرجلِكم )[SUP]([2])[/SUP] ، فالقائلون بالمسح احتجوا بقراءة الخفض وجعلوا ( أرجلِكم ) معطوفة على ( رؤوسِكم ) فلها نفس حكم المسح ، ومن ذهب إلى القول بغسل الرجلين حاول تخريج هذه القراءة بقضايا لغوية هي محل البحث والنقاش هنا ، وهي :

أولاً : العطف على الجوار
قال النووي في (( المجموع )) (1/418) : [ إن الجر على مجاورة الرؤوس مع أن الأرجل منصوبة ، وهذا مشهور في لغة العرب وفيه أشعار كثيرة مشهورة وفيه من منثور كلامهم كثير ، من ذلك قولهم :( هذا جُحْرُ ضبٍ خَرِبٍ ) ، بجر ( خربٍ ) على جوار ( ضب ) وهو مرفوع صفة لجحر ، ومنه في القرآن : { إني أخاف عليكم عذاب يوم اليم } ، فجر ( أليماً ) على جوار ( يوم ) وهو منصوب ] .
قلت : الإعراب على الجوار من الشاذ الذي لا يُقاس عليه ، ولا يُلجأ إليه ، حتى عدّه بعضهم غلطاً ، ومن أجازه جعله لضرورة الشعر وبشروط ، ونزّه عنه كتاب الله تعالى !! وإليك أئمة العلم ممن صرحوا بذلك :
قال ابن جني في (( الخصائص )) (1/191) : [ فمما جاز خلاف الإجماع الواقع فيه منذ بدء هذا العلم وإلى آخر هذا الوقت ما رأيته أنا في قولهم : ( هذا جُحْرُ ضبٍ خَرِبٍ ) فهذا يتناوله آخر عن أول وتال عن ماض على أنه غلط من العرب لا يختلفون فيه ولا يتوقفون عنه وانه من الشاذ الذي لا يحمل عليه ولا يجوز رد غيره إليه ] .
وقال أبو جعفر النحاس (ت 338 هـ) في كتابه (( إعراب القرآن )) (1/258) : [ لا يجوز أن يعرب شيء على الجوار في كتاب الله عز وجل وإنما الجوار غلط وإنما وقع في شيء شاذ وهو قولهم : ( هذا جحر ضب خرب ) والدليل أنه غلط قول العرب في التثنية : ( هذان جحرا ضب خربان ) ، ولا يحمل شيء من كتاب الله عز وجل على هذا ولا يكون إلا بأفصح اللغات وأصحها ] ، وقال أيضاً في نفس الكتاب (1/485) : [ وهذا القول غلط عظيم ، لأن الجوار لا يجوز في الكلام أن يُقاس عليه وإنما هو غلط ] .
وقال ابن خالويه في (( إعراب القراءات السبع وعللها )) (1/143) : [ فهو غلط ، لأن الخفض على الجوار لغة لا يستعمل في القرآن ، وإنما يكون لضرورة شاعر ، أو حرف يجري كالمثل ، كقولهم : ( هذا جحر ضب خرب ) ] .
وقال أبو إسحاق الزجاح في (( معاني القرآن وإعرابه )) (2/153) : [ فأما الخفض على الجوار فلا يكون في كلمات الله ] .
ومع انتصار العكبري للعطف على الجوار في آية الوضوء في كتابه (( التبيان في إعراب القرآن )) (1/209) ، إلا أنه اعترف في موضع آخر أنه من الشاذ الذي لا يقاس عليه ، إذ قال في نفس الكتاب (1/92) : [ وقال أبو عبيدة : هو مجرور على الجوار ، وهو أبعد من قولهما لأن الجوار من مواضع الضرورة والشذوذ ولا يحمل عليه ما وجدت عنه مندوحة ] .
وقال أبو إسحاق النحوي[SUP]([3])[/SUP] : [ الخفض على الجوار لا يجوز في كتاب الله عز وجل وإِنما يجوز ذلك في ضرورة الشعر ][SUP]([4])[/SUP] .
وقال الأنباري في (( الإنصاف )) (2/615) : [ وقولهم : جُحْرُ ضبٍ خَرِبٍ ، محمول على الشذوذ الذي يُقتصر فيه على السماع لقلته ، ولا يُقاس عليه ، لأنه ليس كل ما حكي عنهم يقاس عليه ، ألا ترى أن اللحياني حكى أن من العرب من يجزم بـ ( لن ) وينصب بـ ( لم ) ، إلى غير ذلك من الشواذ التي لا يلتفت إليها ولا يقاس عليها ، فكذلك ها هنا ، والله أعلم ] .
وقال أبو حيان في (( البحر المحيط )) : [ وقريء { الأيمن } ، قال الزمخشري : بالجر على الجوار ، نحو : جحر ضب خرب ، انتهى . وهذا من الشذوذ والقلة بحيث ينبغي أن لا تخرّج القراءة عليه ] .
وقال الرازي ملخصاً مذهب من يقول بالمسح في (( التفسير )) : [ فإن قيل : لم لا يجوز أن يقال : هذا كسر على الجوار كما في قوله : ( جحر ضب خرب ) ، وقوله :
كبير أناس في بجاد مزمل[SUP]([5])[/SUP]
قلنا : هذا باطل من وجوه :
الأول : أن الكسر على الجوار معدود في اللَّحن الذي قد يتحمل لأجل الضرورة في الشعر ، وكلام الله يجب تنزيهه عنه .
وثانيهما : أن الكسر إنما يصار إليه حيث يحصل الأمن من الالتباس[SUP]([6])[/SUP] كما في قوله : جحر ضب خرب ، فإن من المعلوم بالضرورة أن الخرب لا يكون نعتاً للضب بل للجحر ، وفي هذه الآية الأمن من الالتباس غير حاصل .
وثالثها : أن الكسر بالجوار إنما يكون بدون حرف العطف[SUP]([7])[/SUP] ، وأما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب[SUP]([8])[/SUP] ، وأما القراءة بالنصب فقالوا أيضاً : إنها توجب
المسح ، وذلك لأن قوله { وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ } فرؤوسكم في النصب ولكنها مجرورة بالباء ، فإذا عطفت الأرجل على الرؤوس جاز في الأرجل النصب عطفاً على محل الرؤوس ، والجر عطفاً على الظاهر ، وهذا مذهب مشهور للنحاة[SUP]([9])[/SUP] .
إذا ثبت هذا فنقول : ظهر أنه يجوز أن يكون عامل النصب في قوله { وَأَرْجُلَكُمْ } هو قوله { وامسحوا } ويجوز أن يكون هو قوله { فاغسلوا } لكن العاملان إذا اجتمعا على معمول واحد كان إعمال الأقرب أولى[SUP]([10])[/SUP] ، فوجب أن يكون عامل النصب في قوله { وَأَرْجُلَكُمْ } هو قوله : { وامسحوا } فثبت أن قراءة { وَأَرْجُلَكُمْ } بنصب اللام توجب المسح أيضاً ] .
ثانياً : العطف على الجُمَل
قال أبو حيان في (( البحر المحيط )) : [ واختلفوا في تخريج هذه القراءة ، فقيل : هو معطوف على قوله : { وجوهكم وأيديكم إلى المرافق } و { أرجلكم إلى الكعبين } ] .
قلت : وأهل اللغة لا يستسيغون الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما هو أجنبي ، ومن خرّج الآية بعطف الجمل وقع في أسر هذه المشكلة ، وهي وجود
الفاصل ، أي قوله تعالى : { وامسحوا برؤوسكم } .
قال ابن عصفور[SUP]([11])[/SUP] في (( شرح الجمل )) (1/259) : [ وأقبح ما يكون ذلك بالجمل ، نحو[SUP]([12])[/SUP] قوله تعالى : { فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ } ففصل بين { أرجلكم } وبين المعطوف عليه وهو { وجوهكم } بالجملة ، وهي { وامسحوا برؤوسكم } لأنه ملتبس بالكلام ] .
وقال الطبري في (( تفسيره )) (6/131) : [ فالعطف به على ( الرؤوس ) مع قربه منه أولى من العطف به على ( الأيدي ) وقد حيل بينه وبينها بقوله : { وامسحوا برؤوسكم } ] .

ثالثاً : الاختلاف في معنى الكعب
لقد ذهب ابن تيمية معترضاً على القائلين بمسح الأرجل ، بقوله أن الكعب هو العظم الناتئ جانب الساق ، وغلّط من فسّر الكعب على أنه مجمع الساق والقدم ، وهذا نص كلامه بتمامه :
قال ابن تيمية في (( مجموع الفتاوى )) (21/130) : [ قال : { وأرجلكم إلى الكعبين } ، ولم يقل : إلى الكعاب[SUP]([13])[/SUP] ، فلو قدّر أن العطف على المحل كالقول الآخر ، وأن التقدير أن في كل رجلين كعبين ، وفي كل رجل كعب واحد ، لقيل : إلى الكعاب ، كما قيل : إلى المرافق لما كان في كل يد مرفق ، وحينئذ فالكعبان هما العظمان الناتئان في جانبي الساق ، ليس هو معقد الشراك مجمع الساق والقدم كما يقوله من يروي المسح على الرجلين ، فإذا كان الله تبارك وتعالى إنما أمر بطهارة الرجلين إلى الكعبين الناتئين والماسح يمسح إلى مجمع القدم والساق علم أنه مخالف للقرآن ] .
قلت : والجواب عليه من وجهين ، أولهما في إثبات صحة قول من يقول : أن الكعب هو عظم في ظهر القدم ، وثانيهما في صحة التعبير بـ ( الكعبين ) على قولهم إن في كل رجل كعب ، وفي الرجلين كعبان .
قال ابن منظور في (( لسان العرب )) (1/712) : [ وسأَل ابنُ جابر أَحمدَ بن يحيى عن الكَعْب ، فأَوْمَأَ ثعلب إِلى رِجْله إِلى المفْصل منها بسَبَّابَتِه فوضَعَ السَّبَّابةَ عليه ، ثم قال : هذا قولُ المُفَضَّل وابن الأَعرابي ، قال : ثم أَوْمَأَ إِلى الناتِئَين وقال : هذا قول أَبي عمرو ابن العَلاء والأَصمعي[SUP]([14])[/SUP] ، وكلٌّ قد أَصابَ ...
وذهب قومٌ إِلـى أَنهما العظمانِ اللذانِ فـي ظَهْر القَدم ، وهو مَذْهَبُ الشِّيعة[SUP]([15])[/SUP] ، ومنه قولُ يحيى بن الـحرث :
رأَيت القَتْلـى يومَ زَيدِ بنِ علـيَ فرأَيتُ الكِعابَ فـي وَسْطِ القَدَمِ[SUP]([16])[/SUP] ] .
وأما التعبير بلفظ ( الكعبين ) في الآية على اعتبار أن في كل رجل كعب فلا غبار عليه ، لأن المعنى المراد رِجْلا كل واحد من المخاطبين ، والرجلان فيهما كعبان .
فإن قال قائل : كيف جاز القول : { وأرجلكم } والمراد به رجلان ؟
قلنا : هذا وجه سائغ في العربية ، وهو التعبير عن الاثنين بلفظ الجمع ، قال سيبويه في (( الكتاب )) (2/48) : [ وسألت الخليل رحمه الله عن : ما أحسَنَ وُجوهَهُما ؟ فقال : لأن الاثنين جميع ] ، وقال المرزوقي في (( الأزمنة والأمكنة )) : [ ويجوز أن يجعل الجميع مستعاراً للتثنية لأن أرباب اللغة قد توسعوا في ذلك ] ، وقال ابن فارس في (( الصاحبي في فقه اللغة )) : [ومن سُنن العرب الإتيان بلفظ الجميع والمراد واحد واثنان ] .
وفي (( المزهر )) (2/171) للسيوطي ما نصه :
[ وإنه لغليظُ الوَجَناتِ وإنما له وَجْنتان ، ويقال : امرأةٌ ذاتُ أوراكٍ ، وإنَّها لبيِّنةُ الأَجياد ، وإنما لها جِيد واحد ، وامرأة حسنة المآكم[SUP]([17])[/SUP] . وقوله[SUP]([18])[/SUP] في وصف بعير :
رُكِّب في ضَخْم الذّفَارى قَنْدَل[SUP]([19])[/SUP]
وإنما له ذِفْرَيان[SUP]([20])[/SUP] .
وقوله[SUP]([21])[/SUP] في وصف ناقة :
تمدّ للمشي أوْصالاً وأصلاباً[SUP]([22])[/SUP]
وإتما لها صُلْب واحد ، وقال العجاج :
عَلَى كراسيعي ومِرْفَقيَّه[SUP]([23])[/SUP]
وإنما له كُرسوعان[SUP]([24])[/SUP] ، وقال أيضاً :
من باكِر الأشْراط أشْرَاطِيُّ[SUP]([25])[/SUP]
وإنما هو شَرَطان[SUP]([26])[/SUP] ] .
قال محمد أمين بن فضل الله المحبّي في مقدمة كتابه (( جنى الجنتين في تمييز نوعي المثنيين )) (ص 8) ما نصه : [ ( ومنها ما ورد بلفظ الجمع والمعني به اثنان ) ، قالوا : (( هو عظيم المناكب )) وإنما له منكبان ، وقالوا : (( رجل ضخم الثنادي )) والثندوة مغرز الثدي ، قال : (( ضخم الثنادي ناشباً مغلابا )) يريد ضخم
الثندوتين ، ويقال : (( رجل ذو أَلَيات ، ورجل غليظ الحواجب ، شديد المرافق ، ضخم المناخر )) ] .
وقال أبو عبيدة في (( مجاز القرآن )) : [ { فَإنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ } ، أي أخوان
فصاعداً ، لأن العرب تجعل لفظ الجميع على معنى الإثنين ، قال الراعي :

أَخُلَيدَ إِنَّ أَباكِ ضافَ وِسادَهُ
طَرَقا فَتِلكَ هَماهِمي أَقريهِما


هَمّانِ باتا جَنبَةً وَدَخيلا
قُلُصاً لَواقِحُ كَالقِسِيِّ وَحولا


فجعل الاثنين في لفظ الجميع ، وجعل الجميع في لفظ الاثنين ] .
ومن الغريب أن ابن تيمية سعى في (( مجموع الفتاوى )) (6/370) لإثبات وضع اسم الجمع موضع التثنية إذ قال هناك : [ إن من لغة العرب أنهم يضعون اسم الجمع موضع التثنية إذا أمن اللبس ، كقوله تعالى : { والسارق والسارق فاقطعوا أيديهما } أي يديهما ، وقوله : { فقد صغت قلوبكما } ، أى قلباكما ][SUP]([27])[/SUP] !!!!
ولا بد أيضاً من التنويه وإعادة التأكيد على أن المسألة خلاف فقهي ، وما يحاوله البعض من تضخيمه ورمي مخالفيه القائلين بالمسح أنه مخالف للقرآن ، ما هو إلا دعوى لا التفات إليها ولا اعتبار لها[SUP]([28])[/SUP] .

الهوامش

([1]) ومن ذلك مثلاً ما نقله ابن تغري بردي (ت 874 هـ) عن بعضهم في (( النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة )) (13/4) أثناء ترجمته للعلامة قَنبر بن محمد العجمي إذ قالوا فيه : [ وكان يتهم بالمسح على رجليه من غير خف ] .
ومن ذلك أيضاً قول ابن الجوزي في (( المنتظم )) (6/172) : [ كان ابن جرير يرى جواز المسح على القدمين ولا يوجب غسلهما فلهذا نسب إلى الرفض ] .
قلت : وابن جرير هو محمد بن جرير الطبري الإمام ، وقوله بمسح الرجلين في الوضوء صرح به في (( تفسيره )) (6/130) عند تفسير آية الوضوء ، فقال : [ والصواب من القول عندنا في ذلك أن الله أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم ] ، ومن العجائب المستغربات ما ادعاه الدّميري في (( النجم الوهاج في شرح المنهاج )) (1/331) بقوله : [ وهذا المذكور ليس هو محمد بن جرير الإمام ، إنما هو رجل من الشيعة موافق له في الاسم والنسبة ] ، وتابعه على هذا الوهم الألوسي في (( تفسيره )) قائلاً : [ ومثله نسبة التخيير إلى محمد بن جرير الطبري صاحب (( التاريخ )) الكبير (( والتفسير )) الشهير ، وقد نشر رواة الشيعة هذه الأكاذيب المختلفة ، ورواها بعض أهل السنة ممن لم يميز الصحيح والسقيم من الأخبار بلا تحقق ولا سند ، واتسع الخرق على الراقع ، ولعل محمد بن جرير القائل بالتخيير هو محمد بن جرير بن رستم الشيعي صاحب (( الإيضاح للمترشد في الإمامة )) لا أبو جعفر محمد بن جرير بن ( يزيد بن كثيرين ) غالب الطبري الشافعي الذي هو من أعلام أهل السنة ، والمذكور في تفسيره هذا هو الغسل فقط لا المسح ولا الجمع ولا التخيير الذي نسبه الشيعة إليه ] . ولعل الألوسي أراد ببعض أهل السنة ممن لم يميز الصحيح والسقيم ، أبا حيان لأنه ذكر ذلك في (( البحر المحيط )) ، والرازي ذكره في (( تفسيره )) ، فالعجب كل العجب من الدميري والألوسي وممن يصرّ إلى الآن على متابعتهما على وهم هذه الدعوى !!!!

([2]) قال القرطبي في (( تفسيره )) (6/96) : [ وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة ( وأرجلِكم ) بالخفض ] ، وقال أبو حيان في (( البحر المحيط )) : [ وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وأبو بكر ، وهي قراءة أنس ، وعكرمة ، والشعبي ، والباقر ، وقتادة ، وعلقمة ، والضحاك : ( وأرجلِكم ) بالخفض . والظاهر من هذه القراءة اندراج الأرجل في المسح مع الرأس ... وقرأ نافع ، والكسائي ، وابن عامر ، وحفص : ( وأرجلَكم ) بالنصب ] .

([3]) هو إبراهيم بن عبد الله بن محمد النَّجِيرمي ، أخذ عنه أبو الحسين المهلبي وجنادة اللغوي ، كان مقامه بمصر وله قصة مع كافور الإخشيدي ، ترجمه السيوطي في (( بغية الوعاة )) (1/414) .

([4]) كما ذكر ابن منظور في (( لسان العرب )) ، والزبيدي في (( تاج العروس )) ، والأزهري في (( تهذيب اللغة )) وكلهم أوردوا هذا القول في مادة ( م س ح ) .

([5]) وهو لامرئ القيس في معلقته ، وتمام البيت :
كَأَنَّ ثبيراً في عرانينِ وَبْلِهِ كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ
قال عبد القادر البغدادي في (( خزانة الأدب )) : [ ولم يجعل أبو علي هذا البيت من باب الجر على الجوار ، بل جعل ( مزملاً ) صفة حقيقية لـ ( بجاد ) ، قال : لأنه أراد مزمل فيه ، ثم حذف حرف الجر فارتفع الضمير ، واستتر في اسم المفعول . انتهى . وقال الخطيب التبريزي في (( شرح المعلقات )) : وفي البيت وجه آخر ، وهو أن يكون على قول من قال : كسيت
جبة زيداً ، فيكون التقدير : في بجاد مزمله الكساء ، ثم تحذف كما تقول : مررت برجل مكسوته
جبة ، ثم تكني عن الجبة فتقول : مررت برجل مكسوته ، ثم تحذف الهاء في الشعر . هذا قول بعض البصريين . انتهى ] .
وقال الجرجاني في (( الوساطة بين المتنبي وخصومه )) (ص 6) في باب ( أغاليط الشعراء ) : [ ودونك هذه الدواوين الجاهلية والإسلامية فانظر هل تجد فيها قصيدة تسلم من بيت أو أكثر لا يمكن لعائب القدْح فيه ، إما في لفظه ونظمه ، أو ترتيبه وتقسيمه ، أو معناه ، أو إعرابه ، ولولا أن أهلَ الجاهلية جُدّوا بالتقدم ، واعتقد الناس فيهم أنهم القدوة ، والأعلام والحجة ، لوجدتَ كثيراً من أشعارهم معيبة مسترذَلة ، ومردودة منفية ، لكن هذا الظنّ الجميل والاعتقاد الحسن ستر عليهم ، ونفى الظِّنة عنهم ، فذهبت الخواطر في الذبّ عنهم كلّ مذهب ، وقامت في الاحتجاج لهم كل مقام ، وما أراك - أدام الله توفيقك - إذا سمعتَ .... قول امرئ القيس :
كَأَنَّ ثبيراً في عرانينِ وَبْلِهِ كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ
فخفض ( مزملاً ) وهو وصف ( كبير ) ...
ثم تصفحتَ مع ذلك ما تكلّفه النحويون لهم من الاحتجاج إذا أمكن : تارة بطلب التخفيف عند توالي الحركات ، ومرة بالإتباع والمجاورة ، وما شاكلَ ذلك من المعاذير المتمحَّلة ، وتغيير الرواية إذا ضاقت الحجّة ، وتبيّنتَ ما راموه في ذلك من المَرامي البعيدة ، وارتكبوا لأجله من المراكب الصّعبة، التي يشهد القلب أن المحرّك لها ، والباعث عليها شدةُ إعظام المتقدم ، والكلَفُ بنُصرة ما سبق إليه الاعتقاد ، وألِفته النفس ] .

([6]) قال أبو حيان في (( البحر المحيط )) : [ ومن أوجب الغسل تأول أنّ الجر هو خفض على الجوار ، وهو تأويل ضعيف جداً ، ولم يرد إلا في النعت ، حيث لا يلبس على خلاف فيه قد قرر في علم العربية ] ، وقال النيسابوري في (( تفسيره )) : [ حجة من أوجب المسح قراءة الجر في { وأرجلكم } عطفاً على { برؤوسكم } ، ولا يمكن أن يقال : إنه كسر على الجوار كما في قوله : جحر ضب خرب ، لأن ذلك لم يجيء في كلام الفصحاء وفي السعة ، وأيضاً إنه جاء حيث لا لبس ولا عطف بخلاف الآية ] .

([7]) قال ابن هشام في (( شرح شذور الذهب )) (ص 429) : [ في قراءة من جر ( الأرجل ) لمجاورته للمخفوض ، وهو ( الرؤوس ) ، وإنما كان حقه النصب كما هو في قراء جماعة آخرين ، وهو منصوب بالعطف على الوجوه والأيدي وهذا قول جماعة من المفسرين والفقهاء وخالفهم في ذلك المحققون ورأوا أن الخفض على الجوار لا يحسن في المعطوف لأن حرف العطف حاجز بين الاسمين ومبطل للمجاورة ] ، وقال ابن هشام أيضاً في (( مغني اللبيب )) (2/789) : [ ولا يكون في النسق ، لأن العاطف يمنع من التجاور ] .

([8]) قال النووي في (( المجموع )) (1/420) : [ فإن قيل : إنما يصح الإتباع إذا لم يكن هناك واو فإن كانت لم يصح والآية فيها واو ، قلنا : هذا غلط ، فان الإتباع مع الواو مشهور في أشعارهم من ذلك ما أنشدوه :
لم يبق إلا أسير غير منفلت وموثق في عقال الأسر مكبول
فخفض ( موثقاً ) لمجاورته ( منفلت ) وهو مرفوع معطوف على أسير ] .
قلت : ومعنى ( إلا ) في البيت : غير ، وهذا تعاقب في الاستثناء ، فكأنه قال : لم يبق غير أسير ، ولم يبق غير منفلت ، ولم يبق غير موثق ، فهذا عطف على المعنى .
قال المبرد في (( المقتضب )) : [ ( هذا باب تكرير الاستثناء بغير عطف ) ، تقول: ما جاءني أحد إلا زيد إلا عمراً ] .
وأما أن تكون إلا بمعنى غير فهذا مشهور ، قال سيبويه في (( الكتاب )) (2/331) : [ هذا باب يكون فيه ( إلا ) وما بعده وصفاً بمنزلة ( مثل ) و ( غير ) ... ونظير ذلك قول الله عز وجل : { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا }(الأنبياء/22) ] ، وقال ابن هشام في (( مغني اللبيب )) (1/83) : [ ( إلا ) بالكسر والتشديد على أربعة أوجه : ... الثاني : أن تكون بمنزلة ( غير ) ] .

([9]) شرح ذلك ابن هشام في (( مغني اللبيب )) (2/545-549) في باب
( أقسام العطف ) ، وقال هناك : [ وهي ثلاثة : أحدها : العطف على اللفظ ، ... ، والثاني : العطف على المحل ، ... ، والثالث : العطف على التوهم ] .

([10]) قال ابن هشام في (( شرح شذور الذهب )) (ص 542) : [ واتفق الفريقان على جواز إعمال أي العاملين شئت ، ثم اختلفوا في المختار ، فاختار الكوفيون إعمال الأول لتقدمة ، والبصريون إعمال المتأخر لمجاورته المعمول وهو الصواب في القياس والأكثر في السماع ] ، وقال ابن جني في (( الخصائص )) (2/354) : [ وعلى هذا القياس أكثر الكلام : أن يعامل الحاضر فيغلب حكمه لحضوره على الغائب لمغيبه ، وهو شاهد لقوة إعمال الثاني من الفعلين لقوته وغلبته على إعمال الأول لبعده ] ، وقال المبرد في (( المقتضب )) : [ فالعرب تختار إعمال
الآخر
، لأنه أقرب ] ، وفي (( اللباب في علل البناء والإعراب )) (1/154) لأبي البقاء العكبري ما نصه : [ والدليل على أن إعمال الثاني أولى السماع والقياس ، فمن السماع قوله تعالى : { يستفتونك قل الله بفتيكم في الكلالة } ، ولو أعمل الأول لقال : فيها ، وقوله تعالى : { آتوني أفرع عليه قطراً } ، ولم يقل : أفرغه ، وقوله تعالى : { هاؤم اقرؤوا كتابيه } ، ولم يقل : اقرؤوه . ومما جاء في الشعر قول الفرزدق :
وَلَكِنَّ نصفاً لَو سَبَبتُ وَسَبَّني بَنو عَبدِ شَمسٍ مِن مَنافٍ وَهاشِمِ
ولم يقل : سبوني ، وهو كثير في الشعر .
وأما القياس فهو أن الثاني أقرب إلى الاسم وإعماله فيه لا يغير معنى فكان أولى ، كقولهم : خشنت بصدره وصدر زيد بحر المعطوف ، وكذا قولهم : مررت ومر بي زيد أكثر من قولهم مر بي ومررت بزيد ، والعلة فيه من وجهين :
أحدهما : أن العامل في الشيء كالعلة العقلية ، وتلك لا يفصل بينها وبين معمولها .
والثاني : أن الفصل بين العامل والمعمول بالأجنبي لا يجوز كقولهم كانت زيدا الحمى تأخذ ، والمعطوف هنا كالأجنبي فأحسن أحواله أن يضعف عمل الأول ] .
ولقد ذهب الأنباري إلى أن إعمال الفعل الثاني أولى وانتصر له وبين فساد أقوال مخالفيه كما تجده في (( الإنصاف )) (1/83-96) .

([11]) هو علي بن مؤمن بن محمد بن علي ، أبو الحسن بن عصفور النحوي الحضرمي الإشبيلي ، ترجمه الفيروزآبادي في (( البلغة )) (ص 160) ، وقال عنه السيوطي في (( بغية الوعاة )) : [ حامل لواء العربية في زمانه بالأندلس ] ، توفي سنة 669 هـ وقيل 663 هـ .

([12]) أي أن ابن عصفور يستبعد أن تُخرّج الآية الكريمة على القول بعطف الجمل لقبح هذا التخريج عنده ، ولا تعني عبارته بحال أنه يستقبح كلام الله عزوجل ، والعياذ بالله تعالى !!! وقد أوضح مراده أبو حيان الأندلسي في (( البحر المحيط )) فقال : [ وقال الأستاذ أبو الحسن بن عصفور : وقد ذكر الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه ، قال : وأقبح ما يكون ذلك بالجمل ، فدل قوله هذا على أنه ينزه كتاب الله عن هذا التخريج ] .

([13]) لا حجة لابن تيمية في ذلك ، فقد تطلق التثنية ويُراد بها الجمع ، قال أبو حيان في (( ارتشاف الضَّرَب من لسان العرب )) (2/582) ( باب جمع المذكر السالم ) : [ وأما التثنية فجاءت ويُراد بها المفرد ، ... ، وجاءت ويُراد بها أكثر من اثنين ، كقوله تعالى : { ثم ارجع البصر كرتين } ، أي كرّات ] .

([14]) تضاربت الرواية عن الأصمعي ، فمنهم من يراه يقول خلاف ذلك وينسبون له القول بأن الكعب في ظهر القدم خلافاً لما ذكره ابن منظور هنا ، قال الصفدي في (( تصحيح التصحيف وتحرير التحريف )) : [ وروى أبو حاتم عن الأصمعي أن الكَعْبَ ما بين المِنْجَمَين الغائص في ظهر القدم ] ، وقال الرازي في (( تفسيره )) : [ وكان الأصمعي يختار هذا القول ويقول : الطرفان الناتئان يسميان المنجمين . هكذا رواه القفال في تفسيره ] .

([15]) لا يُعد هذا القول مختصاً بالإمامية ، بل هو أمر لغوي عليه أئمة من أهل اللغة ووافقهم جماعة من أهل الفقه ، وإلى ذلك أشار الرازي في (( تفسيره )) بقوله : [ وقالت الإمامية وكل من ذهب إلى وجوب المسح : إن الكعب عبارة عن عظم مستدير مثل كعب البقر والغنم موضوع تحت عظم الساق حيث يكون مفصل الساق والقدم ، وهو قول محمد بن الحسن رحمه الله ] .

([16]) وذكره الزبيدي في (( تاج العروس )) ( مادة ك ع ب ) ، وابن الأثير في (( النهاية في غريب الحديث والأثر )) (4/179) ، والمحبي في (( جنى الجنتين )) (ص 96) .

([17]) قال الفيروزآبادي في (( القاموس المحيط )) : [ والمَأْكَمُ والمَأْكَمَةُ ، وتُكْسَرُ كافُهُما : لحمة على رأس الورك وهما اثنتان ، أو لحمتان وَصَلَتا بين العَجُزِ والمَتْنَيْنِ ] .

([18]) القائل هو أبو النجم العجلي ، شاعر أموي ، قال عنه الصفدي في (( الوافي بالوفيات )) : [ أبو النجم الشاعر ، الفضل بن قدامة العجلي الراجز ، من طبقة العجاج في الرجز ، وربما قدمه بعضهم على العجاج ، له مدائح في هشام بن عبد الملك ، توفي في حدود العشرين ومائة ] .

([19]) ذكره ابن جني في (( الخصائص )) (1/271) ، وابن منظور في (( لسان العرب )) (11/570) ، والزبيدي في (( تاج العروس )) ( مادة قندل ) ، ونسبوه لأبي النجم ، وذكره ابن سيده في (( المخصص )) بلا نسبة ، وقد عقد ابن سيدة هناك في ذلك باباً أسماه : ( باب ما جاء مجموعا وإنما هو اثنان أو واحد في الأصل ) .

([20]) جاء في (( لسان العرب )) : [ الذِّفْرَى من القفا : هو الـموضع الذي يَعْرَقُ من البعير خـلف الأُذن ، وهما ذفْرَيانِ من كل شيء ] .

([21]) هو الوليد بن عدي بن حجر الكندي .

([22]) وهذا عجز بيت ، وصدره : كأن هامتها قبر على شرف ، ذكره ابن حمدون في (( التذكرة الحمدونية )) ، والشهاب الخفاجي في (( ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا )) وكلاهما نسبه للوليد بن عدي ، وممن ذكره أيضاً ابن سيدة في (( المخصص )) ، وأبو أحمد العسكري (ت 382 هـ) في (( المصون في الأدب )) دون نسبة .

([23]) ذكره ابن السكيت في (( الكنز اللغوي )) ، والزبيدي في (( تاج العروس )) ( مادة كرسع ) ، ونسبوه للعجاج ، وذكره أيضاً ابن قتيبة في (( غريب الحديث )) (3/751) ، وابن سيدة في (( المخصص )) دون نسبة .

([24]) قال ابن منظور في (( لسان العرب )) (8/309) : [ الكُرْسُوعُ : حرف الزَّنْدِ الذي يلـي الـخِنْصِر ، وهو الناتئُ عند الرُّسْغِ ] ، وقد قال أحدهم نظماً :
وعظم يلي الإبهام كوعٌ وما يلي
وعظم يلي إبهام رجل ملقب
لخنصره الكرسوع والرسغ ما وسط
ببوع فخذ بالعلم واحذر من الغلط



([25]) ذكره الأزهري في (( تهذيب اللغة )) ، والصاغاني في (( العباب الزاخر )) ، وابن منظور في (( لسان العرب )) ، والزبيدي في (( تاج العروس )) ، كلهم في ( مادة شرط ) ، وذكره ابن دريد في (( جمهرة اللغة )) ( مادة ر ش ط ) ، والمرزوقي في (( الأزمنة والأمكنة )) ، وورد أيضاً في كتاب (( العين )) ، وكلهم نسبوه للعجاج ، وقد ذُكر البيت أيضاً في (( المخصص )) لابن سيدة ، و (( أساس البلاغة )) للزمخشري .

([26]) قال ابن منظور في (( لسان العرب )) (2/212) : [ ولكل برج اسم علـى حدة ، فأَوَّلها الـحَمَلُ ، وأَوَّلُ الـحَمَلِ الشَّرَطانِ ، وهما قرنا الـحمل كوكبان أَبـيضان إِلـى جنب السَّمكة ] .

([27]) قال ابن تيمية هنا بجواز إطلاق لفظ الجمع على المثنى ليثبت أن في مثل قول الله تعالى : { تجري بأعيننا } ، وقوله ، { عملت أيدينا } حجة له على وصف الله بيدين اثنتين وعينين اثنتين !!
ويرى الكثير من أهل اللغة أن الصحيح في هاتين الآيتين أنهما حجة لمن قال : إن ما كان مثنى من مثنى فالأولى جمعه ، فالقلبان في الامرأتين جُمعا ليكونا ( قلوبكما ) واليدان من السارقين جمعهما أولى بـ ( أيدي ) ، وهكذا .
قال سيبويه في (( الكتاب )) (2/49) : [ وقالوا : وضعا رِحالَهما ، يريد : رحلَيْ راحلتين . وحدُّ الكلام أن يقول : وضعتُ رحلي الراحلتين ، فأجرَوه مجرى شيئين من شيئين ] ، وقال أبو حيان التوحيدي في (( البصائر والذخائر )) : [ قال سيبويه : كل اثنين من اثنين فجمعهما أجود ، تقول : ضربت رؤوسهما ، لأن رأس كل واحد منه ، وتقول : أخذت ثوبيهما لأنهما ليسا منهما ، قال الله تعالى : { فقد صغت قلوبكما } ، { فاقطعوا أيديهما } ] ، وقال المرزوقي في (( شرح ديوان الحماسة )) : [ لكونهما اثنين من اثنين ، فجرى مثل قوله تعالى: { فقد صغت قلوبكما } ] .
وأنكر أبو حيان في (( البحر المحيط )) على من احتج بهذه الآية ليثبت إطلاق لفظ الجمع على المثنى ، فقال : [ لأن باب { صغت قلوبكما } يطرد فيه وضع الجمع موضع التثنية ، وهو ما كان اثنين من شيئين ، كالقلب والأنف والوجه والظهر ، وأمّا إن كان في كل شيء منهما اثنان كاليدين والأذنين والفخذين فإن وضع الجمع موضع التثنية لا يطرد ، وإنما يحفظ ولا يقاس عليه ] .

([28]) ومع كل ما بيناه في موضوع الكعب ، إلا أن القائلين بالمسح لا ينتقض مذهبهم حتى لو ألزمهم المخالفون أن في كل رجل كعبين ، قال الرازي في (( تفسيره )) : [ أنهم سلموا أن الكعبين عبارة عن العظمين الناتئين من جانبي الساق ، إلا أنهم التزموا أنه يجب أن يمسح ظهور القدمين إلى هذين الموضعين ، وحينئذ لا يبقى هذا السؤال ] .
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجاء أخذي بحلمكم ، فليس هذا الفن مما أحسنه ، ولكن أشارك بحسب ما بدا لي ومنكم نستفيد.
تعليقاً أولاً على ما جاء في إعراب {وأرجكلم} نقول:
أما كون العطف على الجوار شاذ نادر محمول على الخطأ فهو أحد رأيي النحاة والآخر أنه جائز قاله النووي فيما قدمتموه عنه ومن النحاة الأخفش وأبي البقاء ، بل نقله السيوطي عن جمهور البصريين والكوفييه بل زعم بعض من رجح هذا القول أنه لم يخالف فيه من النحاة سوى الزجاج ، واستدلوا على كونه ليس بشاذ بأنه إلى جانب ما ذكرتم من مثال قال امرئ القيس :
كأن ثبيراً في عرانين ودقه *** كبير أناس في بجاد مزمل​
بخفض (مزمل) مع كونه نعت كبير المرفوع
وقال ذو الرمة :
تريك سنة وجهٍ غيرِ مقرفة *** ملساء ليس بها خال ولا ندب​
كذا بخفض (غير) بحسب الرواية مع كونه نعت (سنة)
وقول النابغة :
لم يبقَ إلا أسير غير منفلت *** وموثق في حبال القد مجنوب​
بخفض (موثق) مع أنه معطوف على (أسير)
وقول خزز بن لوذان السدوسي :
يا صاحِ يا ذا الضامرُ العنسِ *** والرحلِ والأقتاب والحلسِ
فجر (الرحلِ) مع أنه معطوف على (الضامر) وغيرها من الأمثلة ، في كلام العرب. ومع كثرتها لا يصح حملها على الشذوذ واللحن ، بل تحمل على ما قال النووي من كونه وجه مشهور عند العرب .
كيف وما زعموا وجوب تنزيه القرآن عنه ضربوا له أمثلة من القرآن كقوله جل وعلا : {عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} وقوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ، فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} على قراءة من خفظ (محفوظٍ) و{من نارٍ ونحاس} في قراءة ابن كثير وأبي عمرو وروح وغيرها من الآيات.
ومنه ما ذكرتم في مشاركتكم من قول الزمخشري "
وقريء { الأيمن } ، قال الزمخشري : بالجر على الجوار ، نحو : جحر ضب خرب" ولم يرده ابن حيان بوجه نحوي بل بدعوى الشذوذ والمخالف يزعم عدمه .
ثم على فرض صحة القول بشذوذه ، فإما أن يراد بالشذوذ القلة فقط ، فلا يضر تسليمه ، أو اللحن والخطأ ، فلا دليل عليه ، وإنما قاله من قاله لما لم يطلع على مثالٍ آخر سوى "هذا جحر ضب خرب" فلا يجوز لمن اطلع على غيره من الأمثلة متابعته.
أما ما ذكرتم عن الرازي رحمها لله فدعواه اللحن تقدم الكلام عليه، ودعواه أنه إنما يصير إليه مع أمن اللبس، فإنا نزعم أمنه بذكر الكعبين ، وسيأتي ،
على أنه ذكر الألوسي أن هذه الشرط ليس موجوداً في كلامهم ، وإنما فيه أن شرط حسنه أمن اللبس وحصول فائدة ، والجميع موجود أما الأول فما قدمناه في الحد بالكعبين ، أم الثاني فعلى القول بالعطف على {وجوهكم} الإشارة إلى الترتيب ، إذ أن الواو لا تفيده ، فلما أخر المغسول مع أن حقه أن لا يفصل بينه وبين المعطوف عليه ، كان في ذلك إشارة على إرادة الترتيب. أما على القول بالعطف على {برؤوسكم} ففيه إشارة إلى إرادة تخفيف الغسل لما كانت الرجلين مظنة الإسراف.
أما دعواه أنه لم يسمع في كلام العرب الحمل على المجاورة مع الفصل بالواو ، مردود بما تقدم من كلام النابغة ، وقول زهير
لعب الزمان بها وغيرها *** بعدي سوافي المور والقطر​
بجر (القطر)
وبقوله جل وعلا {وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ الْلُؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} على قراءة حمزة والكسائي.
أما قولكم في قراءة النصب بأن {وأرجلكم} تنازعه عاملان فيقدم أقربهما، فيه نظر من أوجه:
الأول : أن حمله على المحل خروج عن الظاهر كما قاله الجلال في (ضوء النهار) 1/399 ، فلو سلمناه استوائهما ، فالحمل على الظاهر أولى.
الثاني : إنما يقدم الأقرب ، على فرض استوائهما من كل وجه ، وفي تأخير الأرجل عن المسح بالرأس معنى لا يوجد إذا حملنا العطف على محل (برؤوسكم) وهومراعاة الترتيب ، فلم يستويا.
الثالث : أن لأصل في المسح عدم الاستيعاب ، إلا أن يحمل على الغسل الخفيف ـ وقد نهي عن عدم الاستيعاب في السنة ، فكانت السنة مانعاً من ترجيح العطف على المحل ، لاقتضائه جواز المسح واقتضاء السنة المنع منه ، وهو بمعنى ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله .
وسيأتي.
الرابع : أن الجار والمجرور في قوله جل وعلا { إلى الكعبين } متعلق { بامسحوا } وإذا قلنا بالعطف على المحل كان الجار والمجرور في الآية حد للمسح على الرأس أيضاً ، وليس مراداً باتفاق.
الخامس : أن التحديد بقوله جل وعلا {إلى الكعبين} يقتضي الاستيعاب بحيث لا يجوز الاقتصار على مسح ظاهر أظفار القدم أو استيعاب جميع الأصابع ما لم يبلغ بمسحه الكعبين ، والمسح في الرأس ـ عندكم ـ لا يقتضيه ، وهو بعينه العامل في الجميع !
فإن قيل : إنما لم يتقتضِ الاستيعاب في الرأس لأن الباء للتبعيض ولم تدخل على الأرجل بل هو معطوف على محل الجميع.
قيل : إنما يصح هذا لو قدرنا العطف على محل الجار والمجرور معاً كما يطلقه النحاة تسامحاً ، والصواب أن العطف على محل المجرور فقط كما بينه الرضي وجرى عليه الجلال في الموضع المذكور آنفاً واستدل له برواية الجر ، فالباء داخلة على الأرجل بالتقديرين .
هذا ما سمح به الوقت الساعة ، والله أعلم.
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: آيـة الوضــوء

لا أدري -أخي الكريم نذير- ما سبب إقفالك أبواب البحث المتعلقة بما كتبتَ..
على أن تقويم مقالك وتصحيح خطئه من كل جوانبه حسنة يُشكَر عليها من يؤديها إليك، وكذا الحال فيمن يناقشك في جزئية كتبتها ولو كانت خارجة عن صلب ما رميتَ إليه. وفقنا الله وإياك للصواب.
 

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

الفاضل أبو بكر باجنيد
الإشراف على المنتديات العلمية عمل سامٍ ، جزاك الله عليه خير الجزاء.
انا لم أقفل باباً ... جل الأمر وغايته أن يوجه النقاش على الأساس الذي كتبت المشاركة الأولى فيه ، أي البحث اللغوي المجرد ، ومعاودة القول في كل ذيل مشاركة ان السنة جاءت بالغسل يبعد البحث عن أصله ويجره لبحث آخر في علم الحديث ، وحاصل الأمر اعتقدت أن هذا ليس بمحله !!!!
المشرف سيدي يوجه ولا يتحكم !!!
بوركت وبوركت جهودك .
 

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

أخي وضاح
كتبت المقالة السابقة بطولها حتى ينجلي للقارئ رأيي ومرادي ، إلا أنه وحتى يكون النقاش مثمراً ، دعنا نبدأ بالكلام فقرة فقرة نناقشة فإن انهيناه انتقلنا لما بعده وهكذا حتى يكتمل النقاش متسلسلاً متوالياً.
اول نقطة في كلامك تدور على أن الأمر خلافي ، وهذا صحيح من وجه وقوعه ولا يعني بحال جواز الأمرين ، فكم وكم من مسألة اختلف فيها فكان هناك قول ضعيف وقول راجح يؤخذ به ويعمل ، فمجرد وجود الخلاف لا يمنع الباحث من استقصاء الأدلة والنظر فيها.
وثانياً : فأنا علقت على بيت امرئ القيس وخلصت على انه لا يحتج به في إثبات الجر بالمجاورة وها انا أعيده ههنا ، فإن خالفتني فأرجو منك بيان وجهة نظرك حتى نتناقش فيها وإن وافقت ننتقل إلى الشاهد الذي يليه وهكذا .

وتمام البيت :
كَأَنَّ ثبيراً في عرانينِ وَبْلِهِ كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ
قال عبد القادر البغدادي في (( خزانة الأدب )) : [ ولم يجعل أبو علي هذا البيت من باب الجر على الجوار ، بل جعل ( مزملاً ) صفة حقيقية لـ ( بجاد ) ، قال : لأنه أراد مزمل فيه ، ثم حذف حرف الجر فارتفع الضمير ، واستتر في اسم المفعول . انتهى . وقال الخطيب التبريزي في (( شرح المعلقات )) : وفي البيت وجه آخر ، وهو أن يكون على قول من قال : كسيت
جبة زيداً ، فيكون التقدير : في بجاد مزمله الكساء ، ثم تحذف كما تقول : مررت برجل مكسوته
جبة ، ثم تكني عن الجبة فتقول : مررت برجل مكسوته ، ثم تحذف الهاء في الشعر . هذا قول بعض البصريين . انتهى ] .
وقال الجرجاني في (( الوساطة بين المتنبي وخصومه )) (ص 6) في باب ( أغاليط الشعراء ) : [ ودونك هذه الدواوين الجاهلية والإسلامية فانظر هل تجد فيها قصيدة تسلم من بيت أو أكثر لا يمكن لعائب القدْح فيه ، إما في لفظه ونظمه ، أو ترتيبه وتقسيمه ، أو معناه ، أو إعرابه ، ولولا أن أهلَ الجاهلية جُدّوا بالتقدم ، واعتقد الناس فيهم أنهم القدوة ، والأعلام والحجة ، لوجدتَ كثيراً من أشعارهم معيبة مسترذَلة ، ومردودة منفية ، لكن هذا الظنّ الجميل والاعتقاد الحسن ستر عليهم ، ونفى الظِّنة عنهم ، فذهبت الخواطر في الذبّ عنهم كلّ مذهب ، وقامت في الاحتجاج لهم كل مقام ، وما أراك - أدام الله توفيقك - إذا سمعتَ .... قول امرئ القيس :
كَأَنَّ ثبيراً في عرانينِ وَبْلِهِ كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ
فخفض ( مزملاً ) وهو وصف ( كبير ) ...
ثم تصفحتَ مع ذلك ما تكلّفه النحويون لهم من الاحتجاج إذا أمكن : تارة بطلب التخفيف عند توالي الحركات ، ومرة بالإتباع والمجاورة ، وما شاكلَ ذلك من المعاذير المتمحَّلة ، وتغيير الرواية إذا ضاقت الحجّة ، وتبيّنتَ ما راموه في ذلك من المَرامي البعيدة ، وارتكبوا لأجله من المراكب الصّعبة، التي يشهد القلب أن المحرّك لها ، والباعث عليها شدةُ إعظام المتقدم ، والكلَفُ بنُصرة ما سبق إليه الاعتقاد ، وألِفته النفس ] .
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: آيـة الوضــوء

والنتيجة كما يظهر أن القرآن جاء بالمسح ، وليست الآية مجملة !!
جزاكم الله خيرا
ما استظهرته بارك الله فيكم إنما يتأتى على قراءة الجر. أما قراءة النصب فظاهرها كما قال الكرماني وغيره وجوب الغسل.
وعليه فالآية مجملة كما قال الكرماني تحتاج إلى بيان المقصود هل هو الغسل أو مجرد المسح. وسبب الإجمال هو اختلاف القراءة.
فإن سلكت مسلك الجمع بين القراءات جرَّك هذا إلى مذهب ابن جرير بوجوب الغسل مع إمرار اليد على هيئة المسح، أو بحمل الغسل على ما لو كان المتوضئ حافيا والمسح على ما لو كان منتعلا أو لابسا للخف أو الجورب.
وإن سلكت مسلك الترجيح بين القراءات، وهو مسلك مخوف في القراءات المشهورة، فترجيح قراءة النصب أولى من ثلاثة وجوه:
أحدها: إفادتها وجوب الترتيب ولا تفيد ذلك قراءة المسح، وهو غاية تنتحى وقد دلت عليها الآية بأعذب طريق وأوجزها
والوجه الثاني: جهة المعنى فغاية الوضوء التطهير (ولكن يريد ليطهركم). ومن غير السائغ أن يأمر الشارع في الوجه والذراعين، وهي أقل عرضة للأوساخ والغبرات وتجمع الفطريات والبكتيريا والروائح الكريهة، بالغسل ثم يكتفي في القدمين، وهما مظنة لكل ما ذكرنا لا سيما في البيئة العربية الحافية التي تنزل فيها النص، بمجرد المسح إلى الكعبين.
والوجه الثالث: السنة النبوية المشهورة وأفعال السلف.
والله أعلم.

 

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

سيدي الأستاذ المكرم
إن ثبت ضعف القول بالجر على الجوار ، وإن ظهر أن العطف على الجمل لا يستساغ لغة في مثل هذه الآية ، فكيف لنا القول أن قراءة النصب ظاهرها الغسل ؟؟!!!
وأما قول الكرماني وغيره فهو معارض بأقوال عشرات الفقهاء من غير أهل السنة -إن كنتم تقبلون قولهم في الخلاف ولا تحصرون حلقة الاجتهاد في المذاهب السنية - !!!
وعليه فقولكم : [وعليه فالآية مجملة ... وسبب الإجمال هو اختلاف القراءة].
فغير مسلم إجمالها ، واختلاف القراءة له وجهة لغوية ، فكلا القراءتين توجهان لما يدل على المسح بالنظر المجرد إلى اللغة توجيهاً أقوى وأصرح مما يدل عليه الغسل !!
ومن ثم الذهاب إلى مسلك الجمع أو الترجيح ههنا مرده إلى التسليم بأن قراءة تدل على المسح وأخرى على الغسل ، وهذا من أصله غير مُسلّم !!! على ما في الترجيح من خطورة أشرتم إليها.
ومما لفت انتباهي قولكم في النهاية أن من المرجحات السنة وفعل السلف !! وهذا مما يعسر الجزم به فما نرويه يروي غيره الإمامية !!! وإن كان لنا سلف فلهم سلف أيضاً ، ولا أجازف إن زعمت أن لكل قائل مقالة حسنت أو قبحت سلف ومن القرون الثلاثة الأولى !!! فكيف يكون ذلك مرجحاًًً ؟!
بوركتم ودمتم بخير
 

سيدي محمد ولد محمد المصطفى ولد أحمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
2,243
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
كرو
المذهب الفقهي
مالكي
رد: آيـة الوضــوء

معارض بأقوال عشرات الفقهاء من غير أهل السنة -إن كنتم تقبلون قولهم في الخلاف ولا تحصرون حلقة الاجتهاد في المذاهب السنية - !!!
يحصر الخلاف في المذاهب السنية ولا مكان لغيرها هنا
والله أعلم
 

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

أهذا رأيكم الشخصي ام هي سياسة المنتدى أن يحصر الكلام والنقاش بالمذاهب السنية ؟؟؟
 

سيدي محمد ولد محمد المصطفى ولد أحمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
2,243
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
كرو
المذهب الفقهي
مالكي
رد: آيـة الوضــوء

أهذا رأيكم الشخصي ام هي سياسة المنتدى أن يحصر الكلام والنقاش بالمذاهب السنية ؟؟؟
رأيي الشخصي وهو الذي استقرأته من سياسة المنتدى
 

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

بارك الله فيك
نحترم رأيك ونقول : لا تضيق واسعاً ،فالحكمة ضالة المؤمن ، والعبرة دائماً بالدليل ، لذا أرجو من جنابكم الكريم التحرر ولو لآن حتى تنفتح أمامكم الآفاق ولا يفوتنكم علوم الآخرين
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: آيـة الوضــوء

إن ثبت ضعف القول بالجر على الجوار ، وإن ظهر أن العطف على الجمل لا يستساغ لغة في مثل هذه الآية ، فكيف لنا القول أن قراءة النصب ظاهرها الغسل ؟؟!!!
ثبوت هذين هو محل النزاع، لا سيما دعوى عدم استساغة العطف على الجمل، ولا تنس، بارك الله فيكم، أن دعوى العطف على المحل هي خلاف الظاهر أيضا وقد لجئتم إليها ترجيحا للمسح، كما أنها تقتضي أن الباء زائدة للتأكيد وهو خلاف الظاهر أيضا.
وعلى هذا فإن القول بالغسل والمسح اعتمادا على الآية وحدها موقع ولا بد في التأويل ومخالفة الظاهر، ومن هنا قيل بالإجمال، ولزوم البيان الخارجي.
 

سيدي محمد ولد محمد المصطفى ولد أحمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
2,243
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
كرو
المذهب الفقهي
مالكي

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

وما رأي فضيلة الدكتور أيمن :
هل يعتبر خلاف الفقهاء من غير أهل السنة ؟؟
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: آيـة الوضــوء

وما رأي فضيلة الدكتور أيمن :
هل يُعتبر خلافُ الفقهاء من غير أهل السنة ؟؟
وجهة نظري الخاصة أن الأمر يدور مع الدليل حيث دار، فالحق لا يعرف بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق. وأنا أقبل الحق (فيما يبدو لي) كائنا من كان قائله.
ومع هذا فقلَّ جدا أن تجد حقا في الظاهر قال به غير أهل السنة إلا وفي السنة من يوافقهم ولو قليل. وعليه كان انفراد المخالفين لإجماع أهل السنة برأي في الفقه مظنة للخطأ عادة والله أعلم.
أما الشيعة على وجه الخصوص فمرد الخلاف بين السنة وبينهم غالبا يعود إلى منهج الاعتداد بالروايات ثم هم يجعلون أقوال أئمتهم كنصوص الشارع. وبإجماع المنصفين فأهل السنة أوثق أخبارا وأدرى بالصحيح من السقيم من الروايات منهم، أما هم فليس لهم في الجرح والتعديل جهد يقارن بعلماء السنة، وأكثرهم من الإخباريين الذين يرون الأخبار ويقبلونها من غير زمام ولا خطام، وقليل منهم ممن يعتمد الجرح والتعديل وهو علمٌ نشأ فيهم متأخرا جدا عن نشوئه في أهل السنة، ومع هذا فجمهورهم لا يعتد به أصلا. وقد أُلِّفت العديد من الدراسات حول منهج الشيعة في نقد الروايات، وأظن أن للشيخ عداب الحمش دراسة مستوفية منصفة موضوعية، كما قيل، في هذا الخصوص، ولم تتسن لي قراءتها بعد.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

السلام عليكم
إن كنا سنناقش الشواهد فيتعين علي جمعها ، لكن لا بُدَّ أيضاً عند مناقشة هذه الشواهد أن لا تأول إلى وجوه هي أضعف وأقل شواهداً من مسألتنا (الجر بالمجاورة) ، كالأوجه التي لجأ إليها ابن جني والسيرافي ثم أبو علي الذي ذكرته أنت هنا فأقول :
اختصر عبد القادر أو أبو علي والأصل في التقدير (في بجادٍ مزمل ثبيرٌ فيه) ، وقد أبطل ابن هشام رحمه الله هذا التأويل حيث قال في (مغني اللبيب):
"أنكر السيرافي وابن جني الخفض على الجوار وتأولا قولهم خرب بالجر على أنه صفة لضب ثم قال السيرافي الأصل (خرب الجحر منه) بتنوين خرب ورفع الجحر ثم حذف الضمير للعلم به وحول الإسناد إلى ضمير الضب وخفض الجحر كما تقول مررت برجل حسن الوجه بالإضافة والأصل حسن الوجه منه ثم أتى بضمير الجحر مكانه لتقدم ذكره فاستتر .
وقال ابن جني الأصل خرب جحره ثم أنيب المضاف إليه عن المضاف فارتفع واستتر ويلزمهما استتار الضمير مع جريان الصفة على غير من هي له وذلك لا يجوز عند البصريين وإن أمن اللبس"
وقال السيوطي في (جمع الجوامع) : "ورد بأن إبراز الضمير حينئذ واجب للإلباس وبأن معمول هذه الصفة لضعفها لا يتصرف فيه بالحذف"
أما الجرجاني فما زاد على أن عاب العرب في لغتهم وزعم أنه مالم يتفق شعرهم مع القواعد النحوية فهو معيب مسترذل ، وهذا لعمري عجب عجاب ، إذ وظيفة النحوي وضع القواعد على وفق ما تكلمت به العرب ، لا قسر كلام العرب ليتفق مع قواعد النحاة ، ولو صح توجه الاسترذال إلى كلام عربي فإلى كمال البيان والفصاحة لا إلى الخطأ والصواب في النحو . وكيف كان فإنه لم يرد القول بالجوار بحجة ينظر فيها ويجاب عنها أصلاً ، بل أنكر فقط.
والله أعلم
 

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

حسناً أخي :
هناك جملة من الدعاوى في كلامك يجب التدليل عليها وإلا انتقض الكلام وبطل الاعتراض :
1) زعمك أن ما ذهب إليه أهل العلم من كون (مزملاً ) صفة لـ (بجاد ) : [ وجوه هي أضعف وأقل شواهداً ] !!! فأنى لك هذا ؟؟!!!
2) زعمك ان ابن هشام أبطل توجيه ابن جني بقوله ...
فأقول : عفا الله عنك أخي ، فـ (جحر ضب خرب )!!! شاهد آخر سنناقشه فيما بعد ، وإنما اتفقنا على أن نناقش المسألة بالترتيب والتوالي ، فنحن الآن في شاهد امرئ القيس ولن أناقش في غيره حتى نتفق !!! فأرجو من جنابكم الالتزام بما اتفقنا !
3) وأما زعمكم مهاجماً الجرجاني من غير حجة أو دليل :[ فما زاد على أن عاب العرب في لغتهم وزعم أنه مالم يتفق شعرهم مع القواعد النحوية فهو معيب مسترذل]
فأقول : نعم القول قول الجرجاني ، فالكل على القواعد التي استقرئت من كلام العرب ، ومن خالف فقوله مردود ، إذ أن القواعد لا يضعها كل فرد كيفما شاء وأنى شاء وإنما هي قواعد جاءت بعد سبر كلام العرب والنظر فيه ، فتأمل رعاك الله !!!
وأما قولك : [ وهذا لعمري عجب عجاب ] ، فاعجب أخي كما شئت فلكل رأيه وعجبك من القول لا ينقصه شيئاً !!
وقولك : [إذ وظيفة النحوي وضع القواعد على وفق ما تكلمت به العرب ]
فأقول : نعم على ما تكلمت به العرب وامرؤ القيس هو عربي من العرب شذ وخالف المشهور المعروف ، فلا يقال عنه العرب!!!
وقولك : [ لا قسر كلام العرب ليتفق مع قواعد النحاة]
فأقول ولعمري هل النحاة اخترعوا القواعد من عند أنفسهم !!! إنما هي كلام العرب المشهور بعد البحث والسبر والاستقراء !!
وأما ختام قولك : [وكيف كان فإنه لم يرد القول بالجوار بحجة ينظر فيها ويجاب عنها أصلاً ، بل أنكر فقط]
فأقول : يا أخي وما أنكر إلا لأنه لم تتوفر شواهد تثبت صحته ، والبينة على من ادعى !!! فأنت لا تنظر بالحجة وتجيب عنها بل يجب عليك إقامة الحجة بدليل لا يدخله الاحتمال والتأويل !!!
وبهذا -من وجهة نظري- يثبت ان هذا الشاهد لا تقوم به حجة !! فإن وافقتني اننتقل إلى الآخر ، فاختر ما شئت من الشواهد وهلم به.
 

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

تعقيب
وقال الإمام البلقيني في إحدى مراسلاته[SUP]([1])[/SUP] : [ إثبات القواعد النحوية يحتاج إلى استقراء تام من كلام العرب ، ومجرد وجود لفظة في حديث ، لا تثبت به قاعدة نحوية ، وكذا مجرد وجود لفظة في كلام العرب ، والذي وقع للشيخ ابن مالك في ذلك في (( يتعاقبون فيكم )) وفي (( من يَقُم ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ))[SUP]([2])[/SUP] وغير ذلك ، فالشيخ ابن مالك يجد الشواهد من كلام العرب لذلك الذي في الحديث ، فيأتي به كالاعتضاد لا لإثبات قاعدة نحوية بمجرد ذلك ، وشيخنا أبو حيان يتوقف في ذلك من جهة ما دخله من تغيير الرواة ، وأما ما نُقل عن العرب من منظوم ومنثور مع الاستقراء ، فذلك هو الذي تثبت به قواعد أبواب النحو ، والذي ذهب إليه الشيخ ابن مالك من الاعتضاد حسن راجح ، والله سبحانه أعلم بالصواب ] .

الهوامش

file:///E:/my documents/القواعد اللغوية.doc#_ftnref1([1]) وهي مكاتبة جاءت جواباً لسؤال وجهه إليه العلامة الدماميني (ت 827 هـ) ، والسؤال والجواب يقعان في صفحة واحدة ، وهي محفوظة في مكتبة برلين تحت رقم (6854) وقد نشرها الدكتور رياض الخوام مع مقدمة ضافية باسم (( الاستدلال بالأحاديث النبوية الشريفة على إثبات القواعد النحوية )) .

file:///E:/my documents/القواعد اللغوية.doc#_ftnref2([2]) رواه البخاري في (( الصحيح )) (1/21) ، ومسلم أيضاً في (( صحيحه )) (1/524) ، والمشكلة في هذا الحديث ورود الشرط مضارعاً والجواب ماضياً ، ويرى البعض أن ذلك ضعيفاً أو لا يقع إلا للضرورة ، قال البغدادي في (( خزانة الأدب )) ( الشاهد الثامن والتسعون بعد الستمائة ) : [ على أن مجيء الشرط مضارعاً مجزوماً ، والجزاء ماضياً خاص بالشعر عند بعضهم ] ، وقال المرزوقي في (( شرح ديوان الحماسة )) : [
وَإِنَّكَ مَهما تُعطِ بَطنَكَ سُؤلَهُ وَفَرجَكَ نالا مُنتَهى الذَمِّ أَجمَعا
... وقوله : ( نالا منتهى الذم ) ، كأن الأجود أن يأتي المضارع في جواب الشرط ، وقد حصل مضارعاً وظهرت الجزمية فيه ، لكنه أتى به ماضياً للضرورة ] .
واللافت للانتباه أن الحديث روي بلفظ : (( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه )) ، فجاء الشرط ماضياً ، وهنا لا إشكال أبداً ، وهذه الرواية في (( صحيح البخاري )) (2/672) و (2/709) ، و (( صحيح مسلم )) (1/523) ، و (( سنن الترمذي )) (3/67) ، و (( صحيح ابن حبان )) (6/284) ، وغيرها من كتب الحديث . وقد بحث ابن مالك هذه المسألة في (( شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح )) (ص 67) .
 

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

تعقيب
وقال الإمام البلقيني في إحدى مراسلاته[SUP]([1])[/SUP] : [ إثبات القواعد النحوية يحتاج إلى استقراء تام من كلام العرب ، ومجرد وجود لفظة في حديث ، لا تثبت به قاعدة نحوية ، وكذا مجرد وجود لفظة في كلام العرب ، والذي وقع للشيخ ابن مالك في ذلك في (( يتعاقبون فيكم )) وفي (( من يَقُم ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ))[SUP]([2])[/SUP] وغير ذلك ، فالشيخ ابن مالك يجد الشواهد من كلام العرب لذلك الذي في الحديث ، فيأتي به كالاعتضاد لا لإثبات قاعدة نحوية بمجرد ذلك ، وشيخنا أبو حيان يتوقف في ذلك من جهة ما دخله من تغيير الرواة ، وأما ما نُقل عن العرب من منظوم ومنثور مع الاستقراء ، فذلك هو الذي تثبت به قواعد أبواب النحو ، والذي ذهب إليه الشيخ ابن مالك من الاعتضاد حسن راجح ، والله سبحانه أعلم بالصواب ] .

الهوامش

([1]) وهي مكاتبة جاءت جواباً لسؤال وجهه إليه العلامة الدماميني (ت 827 هـ) ، والسؤال والجواب يقعان في صفحة واحدة ، وهي محفوظة في مكتبة برلين تحت رقم (6854) وقد نشرها الدكتور رياض الخوام مع مقدمة ضافية باسم (( الاستدلال بالأحاديث النبوية الشريفة على إثبات القواعد النحوية )) .

([2]) رواه البخاري في (( الصحيح )) (1/21) ، ومسلم أيضاً في (( صحيحه )) (1/524) ، والمشكلة في هذا الحديث ورود الشرط مضارعاً والجواب ماضياً ، ويرى البعض أن ذلك ضعيفاً أو لا يقع إلا للضرورة ، قال البغدادي في (( خزانة الأدب )) ( الشاهد الثامن والتسعون بعد الستمائة ) : [ على أن مجيء الشرط مضارعاً مجزوماً ، والجزاء ماضياً خاص بالشعر عند بعضهم ] ، وقال المرزوقي في (( شرح ديوان الحماسة )) : [
وَإِنَّكَ مَهما تُعطِ بَطنَكَ سُؤلَهُ وَفَرجَكَ نالا مُنتَهى الذَمِّ أَجمَعا
... وقوله : ( نالا منتهى الذم ) ، كأن الأجود أن يأتي المضارع في جواب الشرط ، وقد حصل مضارعاً وظهرت الجزمية فيه ، لكنه أتى به ماضياً للضرورة ] .
واللافت للانتباه أن الحديث روي بلفظ : (( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه )) ، فجاء الشرط ماضياً ، وهنا لا إشكال أبداً ، وهذه الرواية في (( صحيح البخاري )) (2/672) و (2/709) ، و (( صحيح مسلم )) (1/523) ، و (( سنن الترمذي )) (3/67) ، و (( صحيح ابن حبان )) (6/284) ، وغيرها من كتب الحديث . وقد بحث ابن مالك هذه المسألة في (( شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح )) (ص 67) .
 

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالعت ما كتبتم أخي نذير، وكذا نظرت في مشاركات الاخوة الأفاضل ، فوجدت جهدا مبذولا ، وتتبعا حسنا ، فجزاكم الله خيرا أجمعين.

ورأيتك أخي الكريم شديد الحماسة لرأي الشيعة، فقد نصرتَ قولهم في المسائل الثلاث ، ولولا أن بلدنا الأردن يكاد يخلو ولله الحمد من الرفض والروافض لحسبتك متحمسا لفكرهم ، ولكن حاشاك من ذلك . فمذهب الرافضة لا ينبت في أرض خصبة سُقيت بالعلم الشرعي الصحيح ، وإنما ينبت بأرض بور تُسقى من سيول الجهل.
أيها الحبيب :
المسائل التي تفضلت وأثرتها لا تعدو كونها مسائل خلافية بين العلماء، وأهل الصنعة من النحويين والأدباء، وكما يسوغ لك أن تنتصر لرأي فيها، يسوغ لغيرك أن يتمسك بالرأي الآخر.

فمسألة الجوار مثلا :
من خلال تتبعي لأقوال العلماء وجدت جمهور البصريين والكوفيين اتفقوا على القول بالجوار كعامل نحوي، لكنهم اختلفوا، فأجازه سيبويه مطلقا بشرط أمن الإشكال فى المعنى، وشرطه الخليل بالاتفاق فى الإفراد والتثنية والجمع، وخصه بعضهم بالنكرة، وخصه الأكثرون بالخفض، وأجازه الفارسي والسيرافي وجعلاه من باب النعت السببي.
وأنكره آخرون وجعلوه شاذا كما ذكرتَ.
والإمام النووي رحمه الله مسبوق بكلامه هذا ولم يبتدعه .
والباب في هذا واسع بارك الله فيك فأربع على نفسك ولا تحجر واسعا. وقد جمع الباحث هاني القزاز في أطروحته "المسائل النحوية والصرفية في شرح أبي العلاء على ديوان ابن أبي حصينة" أقوال العلماء في هذه المسألة وفصل تفصيلا حسنا فليراجعه من شاء .


أما مسألة عطف الأرجل على غسل الوجه فجمهور المفسرين حمل الآية عليه ، وجعل ذلك أصلا لا مرية فيه .


وأما مسألة الكعبين فقد رأيتك ملت لأضعف القولين فيها ، وهذا ما حيرني.

وقد أعجبني في هذه المسألة عدة أقوال أنقلها للفائدة ، منها :


قال أبو حامد الغزالي رحمه الله في " المنخول" :
" فالوجه فيه ما قاله سيبوبة وهو ان العرب تعطف الشئ على الشئ إذا قرب منه من وجه وان بعد من وجوه كقول الشاعر :
ورأيت زوجك في الوغي * متقلدا سيفا ورمحا
والرمح لا يتقلد لكن لكونه من الاسلحة عطف عليه فكذلك امساس الماء بطريق الغسل قريب من امساس الماء بطريق المسح فعطف عليه لا لكونه ممسوحا بدليل ذكره الكعبين .

وقال البهاء العاملي في " الكشكول" قال الصفدي: من نسب إلى الشافعي أنه فهم الترتيب في الوضوء من الواو فقد غلط وإنما أخذ الترتيب من السنة؛ ومن سياق النظم وتأليفه، وذلك أن الله تعالى ذكر الوجوه ووزنها فعول كرؤوس، وذكر الأيدي ووزنها أفعل كأرجل، ودخل ممسوحاً بين مغسولين وقطع النظير عن النظير ولولا أن الحكمة في ذلك التنبيه على الترتيب لكان الأحسن بالبلاغة أن يقال وأيديكم وأرجلكم وامسحوا برؤوسكم كما يقال: رأيت: زيداً وعمرواً ودخلت الحمام، ولا يقال: رأيت زيداً ودخلت الحمام ورأيت عمراً، ولو قيل ذلك لكان قبيحاً في الكلام ومن أحسن من الله قيلاً؟ والغسل يشتمل على المسح ولا ينعكس، فالغاسل ماسح مع زيادة، وليس الماسح غاسلاً والغسل أقرب إلى الاحتياط. وأيضاً فرض الغسل محدود كما في اليدين إلى المرافق، وغسل الرجلين محدود إلى الكعبين، والمسح غير محدود كما في الرأس، فالرجلان مغسولتان.



.
 
التعديل الأخير:

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

للتوضيح فقط
عزيزي أحمد الرفاعي
دع الحق قبلتك ، والدليل وجهتك ، ولا يرهبنك قولهم : هذا رأي الرافضة أو ذاك قول جهم ، أو تلك مقالة الاعتزال !!!! فهذه كلها عقبات في طريق النهضة الإسلامية الحقة ، والسائر فيها حرم خيراً كثيراً !!!!!
إعرف الحق تعرف أهله !!! وليكن الدليل حكماً وفيصلاً !!! هذا من ناحية
أما من ناحية أخرى فأنا لم أنتصر لرأي أحد وليس هذا مقصدي ومرادي !!! وإنما قلتها وأعيدها أن هذا بحث لغوي مجرد ، لا يمكن للباحث أن يكتفي به إطلاقاً حتى يصل إلى حكم المسألة ، فهناك السنة والروايات الحديثية ، وقواعد أصول الفقه وأقوال اهل العلم ، كل ذلك يجدر بالباحث ان يأخذه بعين الاعتبار قبل ان يصل إلى حكم المسألة !!!
أرجو ان لا يساء فهمي
بارك الله في الجميع
 
أعلى