العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

آيـة الوضــوء

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
أخذت آية الوضوء حيزاً كبيراً في البحث العلمي وعلى أعلى مستوياته الفقهية ، وتشعب البحث فيها أصولياً ولغوياً ، بل تعدّى ذلك حتى أصبح القول فيها تهمة وأمارة على التشيع[SUP]([1])[/SUP] ، وما يهمنا في هذا المقام هو التعرض للمسائل اللغوية التي رأينا على رغم تعددها أن نجعلها في مكان واحد لارتباطها جميعاً بآية واحدة ودورانها على نفس الفكرة ألا وهي النزاع على غسل الأرجل أم مسحها في الوضوء .
وآية الوضوء هي قول الله تعالى : { يَا أيّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلوةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ }(المائدة/6) .
وما أدّى إلى النزاع في مفهوم هذه الآية هي ورود قراءتين مشهورتين ، أحدهما بنصب اللام ( وأرجلَكم ) والأخرى بالخفض ( وأرجلِكم )[SUP]([2])[/SUP] ، فالقائلون بالمسح احتجوا بقراءة الخفض وجعلوا ( أرجلِكم ) معطوفة على ( رؤوسِكم ) فلها نفس حكم المسح ، ومن ذهب إلى القول بغسل الرجلين حاول تخريج هذه القراءة بقضايا لغوية هي محل البحث والنقاش هنا ، وهي :

أولاً : العطف على الجوار
قال النووي في (( المجموع )) (1/418) : [ إن الجر على مجاورة الرؤوس مع أن الأرجل منصوبة ، وهذا مشهور في لغة العرب وفيه أشعار كثيرة مشهورة وفيه من منثور كلامهم كثير ، من ذلك قولهم :( هذا جُحْرُ ضبٍ خَرِبٍ ) ، بجر ( خربٍ ) على جوار ( ضب ) وهو مرفوع صفة لجحر ، ومنه في القرآن : { إني أخاف عليكم عذاب يوم اليم } ، فجر ( أليماً ) على جوار ( يوم ) وهو منصوب ] .
قلت : الإعراب على الجوار من الشاذ الذي لا يُقاس عليه ، ولا يُلجأ إليه ، حتى عدّه بعضهم غلطاً ، ومن أجازه جعله لضرورة الشعر وبشروط ، ونزّه عنه كتاب الله تعالى !! وإليك أئمة العلم ممن صرحوا بذلك :
قال ابن جني في (( الخصائص )) (1/191) : [ فمما جاز خلاف الإجماع الواقع فيه منذ بدء هذا العلم وإلى آخر هذا الوقت ما رأيته أنا في قولهم : ( هذا جُحْرُ ضبٍ خَرِبٍ ) فهذا يتناوله آخر عن أول وتال عن ماض على أنه غلط من العرب لا يختلفون فيه ولا يتوقفون عنه وانه من الشاذ الذي لا يحمل عليه ولا يجوز رد غيره إليه ] .
وقال أبو جعفر النحاس (ت 338 هـ) في كتابه (( إعراب القرآن )) (1/258) : [ لا يجوز أن يعرب شيء على الجوار في كتاب الله عز وجل وإنما الجوار غلط وإنما وقع في شيء شاذ وهو قولهم : ( هذا جحر ضب خرب ) والدليل أنه غلط قول العرب في التثنية : ( هذان جحرا ضب خربان ) ، ولا يحمل شيء من كتاب الله عز وجل على هذا ولا يكون إلا بأفصح اللغات وأصحها ] ، وقال أيضاً في نفس الكتاب (1/485) : [ وهذا القول غلط عظيم ، لأن الجوار لا يجوز في الكلام أن يُقاس عليه وإنما هو غلط ] .
وقال ابن خالويه في (( إعراب القراءات السبع وعللها )) (1/143) : [ فهو غلط ، لأن الخفض على الجوار لغة لا يستعمل في القرآن ، وإنما يكون لضرورة شاعر ، أو حرف يجري كالمثل ، كقولهم : ( هذا جحر ضب خرب ) ] .
وقال أبو إسحاق الزجاح في (( معاني القرآن وإعرابه )) (2/153) : [ فأما الخفض على الجوار فلا يكون في كلمات الله ] .
ومع انتصار العكبري للعطف على الجوار في آية الوضوء في كتابه (( التبيان في إعراب القرآن )) (1/209) ، إلا أنه اعترف في موضع آخر أنه من الشاذ الذي لا يقاس عليه ، إذ قال في نفس الكتاب (1/92) : [ وقال أبو عبيدة : هو مجرور على الجوار ، وهو أبعد من قولهما لأن الجوار من مواضع الضرورة والشذوذ ولا يحمل عليه ما وجدت عنه مندوحة ] .
وقال أبو إسحاق النحوي[SUP]([3])[/SUP] : [ الخفض على الجوار لا يجوز في كتاب الله عز وجل وإِنما يجوز ذلك في ضرورة الشعر ][SUP]([4])[/SUP] .
وقال الأنباري في (( الإنصاف )) (2/615) : [ وقولهم : جُحْرُ ضبٍ خَرِبٍ ، محمول على الشذوذ الذي يُقتصر فيه على السماع لقلته ، ولا يُقاس عليه ، لأنه ليس كل ما حكي عنهم يقاس عليه ، ألا ترى أن اللحياني حكى أن من العرب من يجزم بـ ( لن ) وينصب بـ ( لم ) ، إلى غير ذلك من الشواذ التي لا يلتفت إليها ولا يقاس عليها ، فكذلك ها هنا ، والله أعلم ] .
وقال أبو حيان في (( البحر المحيط )) : [ وقريء { الأيمن } ، قال الزمخشري : بالجر على الجوار ، نحو : جحر ضب خرب ، انتهى . وهذا من الشذوذ والقلة بحيث ينبغي أن لا تخرّج القراءة عليه ] .
وقال الرازي ملخصاً مذهب من يقول بالمسح في (( التفسير )) : [ فإن قيل : لم لا يجوز أن يقال : هذا كسر على الجوار كما في قوله : ( جحر ضب خرب ) ، وقوله :
كبير أناس في بجاد مزمل[SUP]([5])[/SUP]
قلنا : هذا باطل من وجوه :
الأول : أن الكسر على الجوار معدود في اللَّحن الذي قد يتحمل لأجل الضرورة في الشعر ، وكلام الله يجب تنزيهه عنه .
وثانيهما : أن الكسر إنما يصار إليه حيث يحصل الأمن من الالتباس[SUP]([6])[/SUP] كما في قوله : جحر ضب خرب ، فإن من المعلوم بالضرورة أن الخرب لا يكون نعتاً للضب بل للجحر ، وفي هذه الآية الأمن من الالتباس غير حاصل .
وثالثها : أن الكسر بالجوار إنما يكون بدون حرف العطف[SUP]([7])[/SUP] ، وأما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب[SUP]([8])[/SUP] ، وأما القراءة بالنصب فقالوا أيضاً : إنها توجب
المسح ، وذلك لأن قوله { وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ } فرؤوسكم في النصب ولكنها مجرورة بالباء ، فإذا عطفت الأرجل على الرؤوس جاز في الأرجل النصب عطفاً على محل الرؤوس ، والجر عطفاً على الظاهر ، وهذا مذهب مشهور للنحاة[SUP]([9])[/SUP] .
إذا ثبت هذا فنقول : ظهر أنه يجوز أن يكون عامل النصب في قوله { وَأَرْجُلَكُمْ } هو قوله { وامسحوا } ويجوز أن يكون هو قوله { فاغسلوا } لكن العاملان إذا اجتمعا على معمول واحد كان إعمال الأقرب أولى[SUP]([10])[/SUP] ، فوجب أن يكون عامل النصب في قوله { وَأَرْجُلَكُمْ } هو قوله : { وامسحوا } فثبت أن قراءة { وَأَرْجُلَكُمْ } بنصب اللام توجب المسح أيضاً ] .
ثانياً : العطف على الجُمَل
قال أبو حيان في (( البحر المحيط )) : [ واختلفوا في تخريج هذه القراءة ، فقيل : هو معطوف على قوله : { وجوهكم وأيديكم إلى المرافق } و { أرجلكم إلى الكعبين } ] .
قلت : وأهل اللغة لا يستسيغون الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما هو أجنبي ، ومن خرّج الآية بعطف الجمل وقع في أسر هذه المشكلة ، وهي وجود
الفاصل ، أي قوله تعالى : { وامسحوا برؤوسكم } .
قال ابن عصفور[SUP]([11])[/SUP] في (( شرح الجمل )) (1/259) : [ وأقبح ما يكون ذلك بالجمل ، نحو[SUP]([12])[/SUP] قوله تعالى : { فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ } ففصل بين { أرجلكم } وبين المعطوف عليه وهو { وجوهكم } بالجملة ، وهي { وامسحوا برؤوسكم } لأنه ملتبس بالكلام ] .
وقال الطبري في (( تفسيره )) (6/131) : [ فالعطف به على ( الرؤوس ) مع قربه منه أولى من العطف به على ( الأيدي ) وقد حيل بينه وبينها بقوله : { وامسحوا برؤوسكم } ] .

ثالثاً : الاختلاف في معنى الكعب
لقد ذهب ابن تيمية معترضاً على القائلين بمسح الأرجل ، بقوله أن الكعب هو العظم الناتئ جانب الساق ، وغلّط من فسّر الكعب على أنه مجمع الساق والقدم ، وهذا نص كلامه بتمامه :
قال ابن تيمية في (( مجموع الفتاوى )) (21/130) : [ قال : { وأرجلكم إلى الكعبين } ، ولم يقل : إلى الكعاب[SUP]([13])[/SUP] ، فلو قدّر أن العطف على المحل كالقول الآخر ، وأن التقدير أن في كل رجلين كعبين ، وفي كل رجل كعب واحد ، لقيل : إلى الكعاب ، كما قيل : إلى المرافق لما كان في كل يد مرفق ، وحينئذ فالكعبان هما العظمان الناتئان في جانبي الساق ، ليس هو معقد الشراك مجمع الساق والقدم كما يقوله من يروي المسح على الرجلين ، فإذا كان الله تبارك وتعالى إنما أمر بطهارة الرجلين إلى الكعبين الناتئين والماسح يمسح إلى مجمع القدم والساق علم أنه مخالف للقرآن ] .
قلت : والجواب عليه من وجهين ، أولهما في إثبات صحة قول من يقول : أن الكعب هو عظم في ظهر القدم ، وثانيهما في صحة التعبير بـ ( الكعبين ) على قولهم إن في كل رجل كعب ، وفي الرجلين كعبان .
قال ابن منظور في (( لسان العرب )) (1/712) : [ وسأَل ابنُ جابر أَحمدَ بن يحيى عن الكَعْب ، فأَوْمَأَ ثعلب إِلى رِجْله إِلى المفْصل منها بسَبَّابَتِه فوضَعَ السَّبَّابةَ عليه ، ثم قال : هذا قولُ المُفَضَّل وابن الأَعرابي ، قال : ثم أَوْمَأَ إِلى الناتِئَين وقال : هذا قول أَبي عمرو ابن العَلاء والأَصمعي[SUP]([14])[/SUP] ، وكلٌّ قد أَصابَ ...
وذهب قومٌ إِلـى أَنهما العظمانِ اللذانِ فـي ظَهْر القَدم ، وهو مَذْهَبُ الشِّيعة[SUP]([15])[/SUP] ، ومنه قولُ يحيى بن الـحرث :
رأَيت القَتْلـى يومَ زَيدِ بنِ علـيَ فرأَيتُ الكِعابَ فـي وَسْطِ القَدَمِ[SUP]([16])[/SUP] ] .
وأما التعبير بلفظ ( الكعبين ) في الآية على اعتبار أن في كل رجل كعب فلا غبار عليه ، لأن المعنى المراد رِجْلا كل واحد من المخاطبين ، والرجلان فيهما كعبان .
فإن قال قائل : كيف جاز القول : { وأرجلكم } والمراد به رجلان ؟
قلنا : هذا وجه سائغ في العربية ، وهو التعبير عن الاثنين بلفظ الجمع ، قال سيبويه في (( الكتاب )) (2/48) : [ وسألت الخليل رحمه الله عن : ما أحسَنَ وُجوهَهُما ؟ فقال : لأن الاثنين جميع ] ، وقال المرزوقي في (( الأزمنة والأمكنة )) : [ ويجوز أن يجعل الجميع مستعاراً للتثنية لأن أرباب اللغة قد توسعوا في ذلك ] ، وقال ابن فارس في (( الصاحبي في فقه اللغة )) : [ومن سُنن العرب الإتيان بلفظ الجميع والمراد واحد واثنان ] .
وفي (( المزهر )) (2/171) للسيوطي ما نصه :
[ وإنه لغليظُ الوَجَناتِ وإنما له وَجْنتان ، ويقال : امرأةٌ ذاتُ أوراكٍ ، وإنَّها لبيِّنةُ الأَجياد ، وإنما لها جِيد واحد ، وامرأة حسنة المآكم[SUP]([17])[/SUP] . وقوله[SUP]([18])[/SUP] في وصف بعير :
رُكِّب في ضَخْم الذّفَارى قَنْدَل[SUP]([19])[/SUP]
وإنما له ذِفْرَيان[SUP]([20])[/SUP] .
وقوله[SUP]([21])[/SUP] في وصف ناقة :
تمدّ للمشي أوْصالاً وأصلاباً[SUP]([22])[/SUP]
وإتما لها صُلْب واحد ، وقال العجاج :
عَلَى كراسيعي ومِرْفَقيَّه[SUP]([23])[/SUP]
وإنما له كُرسوعان[SUP]([24])[/SUP] ، وقال أيضاً :
من باكِر الأشْراط أشْرَاطِيُّ[SUP]([25])[/SUP]
وإنما هو شَرَطان[SUP]([26])[/SUP] ] .
قال محمد أمين بن فضل الله المحبّي في مقدمة كتابه (( جنى الجنتين في تمييز نوعي المثنيين )) (ص 8) ما نصه : [ ( ومنها ما ورد بلفظ الجمع والمعني به اثنان ) ، قالوا : (( هو عظيم المناكب )) وإنما له منكبان ، وقالوا : (( رجل ضخم الثنادي )) والثندوة مغرز الثدي ، قال : (( ضخم الثنادي ناشباً مغلابا )) يريد ضخم
الثندوتين ، ويقال : (( رجل ذو أَلَيات ، ورجل غليظ الحواجب ، شديد المرافق ، ضخم المناخر )) ] .
وقال أبو عبيدة في (( مجاز القرآن )) : [ { فَإنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ } ، أي أخوان
فصاعداً ، لأن العرب تجعل لفظ الجميع على معنى الإثنين ، قال الراعي :

أَخُلَيدَ إِنَّ أَباكِ ضافَ وِسادَهُ
طَرَقا فَتِلكَ هَماهِمي أَقريهِما


هَمّانِ باتا جَنبَةً وَدَخيلا
قُلُصاً لَواقِحُ كَالقِسِيِّ وَحولا


فجعل الاثنين في لفظ الجميع ، وجعل الجميع في لفظ الاثنين ] .
ومن الغريب أن ابن تيمية سعى في (( مجموع الفتاوى )) (6/370) لإثبات وضع اسم الجمع موضع التثنية إذ قال هناك : [ إن من لغة العرب أنهم يضعون اسم الجمع موضع التثنية إذا أمن اللبس ، كقوله تعالى : { والسارق والسارق فاقطعوا أيديهما } أي يديهما ، وقوله : { فقد صغت قلوبكما } ، أى قلباكما ][SUP]([27])[/SUP] !!!!
ولا بد أيضاً من التنويه وإعادة التأكيد على أن المسألة خلاف فقهي ، وما يحاوله البعض من تضخيمه ورمي مخالفيه القائلين بالمسح أنه مخالف للقرآن ، ما هو إلا دعوى لا التفات إليها ولا اعتبار لها[SUP]([28])[/SUP] .

الهوامش

([1]) ومن ذلك مثلاً ما نقله ابن تغري بردي (ت 874 هـ) عن بعضهم في (( النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة )) (13/4) أثناء ترجمته للعلامة قَنبر بن محمد العجمي إذ قالوا فيه : [ وكان يتهم بالمسح على رجليه من غير خف ] .
ومن ذلك أيضاً قول ابن الجوزي في (( المنتظم )) (6/172) : [ كان ابن جرير يرى جواز المسح على القدمين ولا يوجب غسلهما فلهذا نسب إلى الرفض ] .
قلت : وابن جرير هو محمد بن جرير الطبري الإمام ، وقوله بمسح الرجلين في الوضوء صرح به في (( تفسيره )) (6/130) عند تفسير آية الوضوء ، فقال : [ والصواب من القول عندنا في ذلك أن الله أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم ] ، ومن العجائب المستغربات ما ادعاه الدّميري في (( النجم الوهاج في شرح المنهاج )) (1/331) بقوله : [ وهذا المذكور ليس هو محمد بن جرير الإمام ، إنما هو رجل من الشيعة موافق له في الاسم والنسبة ] ، وتابعه على هذا الوهم الألوسي في (( تفسيره )) قائلاً : [ ومثله نسبة التخيير إلى محمد بن جرير الطبري صاحب (( التاريخ )) الكبير (( والتفسير )) الشهير ، وقد نشر رواة الشيعة هذه الأكاذيب المختلفة ، ورواها بعض أهل السنة ممن لم يميز الصحيح والسقيم من الأخبار بلا تحقق ولا سند ، واتسع الخرق على الراقع ، ولعل محمد بن جرير القائل بالتخيير هو محمد بن جرير بن رستم الشيعي صاحب (( الإيضاح للمترشد في الإمامة )) لا أبو جعفر محمد بن جرير بن ( يزيد بن كثيرين ) غالب الطبري الشافعي الذي هو من أعلام أهل السنة ، والمذكور في تفسيره هذا هو الغسل فقط لا المسح ولا الجمع ولا التخيير الذي نسبه الشيعة إليه ] . ولعل الألوسي أراد ببعض أهل السنة ممن لم يميز الصحيح والسقيم ، أبا حيان لأنه ذكر ذلك في (( البحر المحيط )) ، والرازي ذكره في (( تفسيره )) ، فالعجب كل العجب من الدميري والألوسي وممن يصرّ إلى الآن على متابعتهما على وهم هذه الدعوى !!!!

([2]) قال القرطبي في (( تفسيره )) (6/96) : [ وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة ( وأرجلِكم ) بالخفض ] ، وقال أبو حيان في (( البحر المحيط )) : [ وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وأبو بكر ، وهي قراءة أنس ، وعكرمة ، والشعبي ، والباقر ، وقتادة ، وعلقمة ، والضحاك : ( وأرجلِكم ) بالخفض . والظاهر من هذه القراءة اندراج الأرجل في المسح مع الرأس ... وقرأ نافع ، والكسائي ، وابن عامر ، وحفص : ( وأرجلَكم ) بالنصب ] .

([3]) هو إبراهيم بن عبد الله بن محمد النَّجِيرمي ، أخذ عنه أبو الحسين المهلبي وجنادة اللغوي ، كان مقامه بمصر وله قصة مع كافور الإخشيدي ، ترجمه السيوطي في (( بغية الوعاة )) (1/414) .

([4]) كما ذكر ابن منظور في (( لسان العرب )) ، والزبيدي في (( تاج العروس )) ، والأزهري في (( تهذيب اللغة )) وكلهم أوردوا هذا القول في مادة ( م س ح ) .

([5]) وهو لامرئ القيس في معلقته ، وتمام البيت :
كَأَنَّ ثبيراً في عرانينِ وَبْلِهِ كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ
قال عبد القادر البغدادي في (( خزانة الأدب )) : [ ولم يجعل أبو علي هذا البيت من باب الجر على الجوار ، بل جعل ( مزملاً ) صفة حقيقية لـ ( بجاد ) ، قال : لأنه أراد مزمل فيه ، ثم حذف حرف الجر فارتفع الضمير ، واستتر في اسم المفعول . انتهى . وقال الخطيب التبريزي في (( شرح المعلقات )) : وفي البيت وجه آخر ، وهو أن يكون على قول من قال : كسيت
جبة زيداً ، فيكون التقدير : في بجاد مزمله الكساء ، ثم تحذف كما تقول : مررت برجل مكسوته
جبة ، ثم تكني عن الجبة فتقول : مررت برجل مكسوته ، ثم تحذف الهاء في الشعر . هذا قول بعض البصريين . انتهى ] .
وقال الجرجاني في (( الوساطة بين المتنبي وخصومه )) (ص 6) في باب ( أغاليط الشعراء ) : [ ودونك هذه الدواوين الجاهلية والإسلامية فانظر هل تجد فيها قصيدة تسلم من بيت أو أكثر لا يمكن لعائب القدْح فيه ، إما في لفظه ونظمه ، أو ترتيبه وتقسيمه ، أو معناه ، أو إعرابه ، ولولا أن أهلَ الجاهلية جُدّوا بالتقدم ، واعتقد الناس فيهم أنهم القدوة ، والأعلام والحجة ، لوجدتَ كثيراً من أشعارهم معيبة مسترذَلة ، ومردودة منفية ، لكن هذا الظنّ الجميل والاعتقاد الحسن ستر عليهم ، ونفى الظِّنة عنهم ، فذهبت الخواطر في الذبّ عنهم كلّ مذهب ، وقامت في الاحتجاج لهم كل مقام ، وما أراك - أدام الله توفيقك - إذا سمعتَ .... قول امرئ القيس :
كَأَنَّ ثبيراً في عرانينِ وَبْلِهِ كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ
فخفض ( مزملاً ) وهو وصف ( كبير ) ...
ثم تصفحتَ مع ذلك ما تكلّفه النحويون لهم من الاحتجاج إذا أمكن : تارة بطلب التخفيف عند توالي الحركات ، ومرة بالإتباع والمجاورة ، وما شاكلَ ذلك من المعاذير المتمحَّلة ، وتغيير الرواية إذا ضاقت الحجّة ، وتبيّنتَ ما راموه في ذلك من المَرامي البعيدة ، وارتكبوا لأجله من المراكب الصّعبة، التي يشهد القلب أن المحرّك لها ، والباعث عليها شدةُ إعظام المتقدم ، والكلَفُ بنُصرة ما سبق إليه الاعتقاد ، وألِفته النفس ] .

([6]) قال أبو حيان في (( البحر المحيط )) : [ ومن أوجب الغسل تأول أنّ الجر هو خفض على الجوار ، وهو تأويل ضعيف جداً ، ولم يرد إلا في النعت ، حيث لا يلبس على خلاف فيه قد قرر في علم العربية ] ، وقال النيسابوري في (( تفسيره )) : [ حجة من أوجب المسح قراءة الجر في { وأرجلكم } عطفاً على { برؤوسكم } ، ولا يمكن أن يقال : إنه كسر على الجوار كما في قوله : جحر ضب خرب ، لأن ذلك لم يجيء في كلام الفصحاء وفي السعة ، وأيضاً إنه جاء حيث لا لبس ولا عطف بخلاف الآية ] .

([7]) قال ابن هشام في (( شرح شذور الذهب )) (ص 429) : [ في قراءة من جر ( الأرجل ) لمجاورته للمخفوض ، وهو ( الرؤوس ) ، وإنما كان حقه النصب كما هو في قراء جماعة آخرين ، وهو منصوب بالعطف على الوجوه والأيدي وهذا قول جماعة من المفسرين والفقهاء وخالفهم في ذلك المحققون ورأوا أن الخفض على الجوار لا يحسن في المعطوف لأن حرف العطف حاجز بين الاسمين ومبطل للمجاورة ] ، وقال ابن هشام أيضاً في (( مغني اللبيب )) (2/789) : [ ولا يكون في النسق ، لأن العاطف يمنع من التجاور ] .

([8]) قال النووي في (( المجموع )) (1/420) : [ فإن قيل : إنما يصح الإتباع إذا لم يكن هناك واو فإن كانت لم يصح والآية فيها واو ، قلنا : هذا غلط ، فان الإتباع مع الواو مشهور في أشعارهم من ذلك ما أنشدوه :
لم يبق إلا أسير غير منفلت وموثق في عقال الأسر مكبول
فخفض ( موثقاً ) لمجاورته ( منفلت ) وهو مرفوع معطوف على أسير ] .
قلت : ومعنى ( إلا ) في البيت : غير ، وهذا تعاقب في الاستثناء ، فكأنه قال : لم يبق غير أسير ، ولم يبق غير منفلت ، ولم يبق غير موثق ، فهذا عطف على المعنى .
قال المبرد في (( المقتضب )) : [ ( هذا باب تكرير الاستثناء بغير عطف ) ، تقول: ما جاءني أحد إلا زيد إلا عمراً ] .
وأما أن تكون إلا بمعنى غير فهذا مشهور ، قال سيبويه في (( الكتاب )) (2/331) : [ هذا باب يكون فيه ( إلا ) وما بعده وصفاً بمنزلة ( مثل ) و ( غير ) ... ونظير ذلك قول الله عز وجل : { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا }(الأنبياء/22) ] ، وقال ابن هشام في (( مغني اللبيب )) (1/83) : [ ( إلا ) بالكسر والتشديد على أربعة أوجه : ... الثاني : أن تكون بمنزلة ( غير ) ] .

([9]) شرح ذلك ابن هشام في (( مغني اللبيب )) (2/545-549) في باب
( أقسام العطف ) ، وقال هناك : [ وهي ثلاثة : أحدها : العطف على اللفظ ، ... ، والثاني : العطف على المحل ، ... ، والثالث : العطف على التوهم ] .

([10]) قال ابن هشام في (( شرح شذور الذهب )) (ص 542) : [ واتفق الفريقان على جواز إعمال أي العاملين شئت ، ثم اختلفوا في المختار ، فاختار الكوفيون إعمال الأول لتقدمة ، والبصريون إعمال المتأخر لمجاورته المعمول وهو الصواب في القياس والأكثر في السماع ] ، وقال ابن جني في (( الخصائص )) (2/354) : [ وعلى هذا القياس أكثر الكلام : أن يعامل الحاضر فيغلب حكمه لحضوره على الغائب لمغيبه ، وهو شاهد لقوة إعمال الثاني من الفعلين لقوته وغلبته على إعمال الأول لبعده ] ، وقال المبرد في (( المقتضب )) : [ فالعرب تختار إعمال
الآخر
، لأنه أقرب ] ، وفي (( اللباب في علل البناء والإعراب )) (1/154) لأبي البقاء العكبري ما نصه : [ والدليل على أن إعمال الثاني أولى السماع والقياس ، فمن السماع قوله تعالى : { يستفتونك قل الله بفتيكم في الكلالة } ، ولو أعمل الأول لقال : فيها ، وقوله تعالى : { آتوني أفرع عليه قطراً } ، ولم يقل : أفرغه ، وقوله تعالى : { هاؤم اقرؤوا كتابيه } ، ولم يقل : اقرؤوه . ومما جاء في الشعر قول الفرزدق :
وَلَكِنَّ نصفاً لَو سَبَبتُ وَسَبَّني بَنو عَبدِ شَمسٍ مِن مَنافٍ وَهاشِمِ
ولم يقل : سبوني ، وهو كثير في الشعر .
وأما القياس فهو أن الثاني أقرب إلى الاسم وإعماله فيه لا يغير معنى فكان أولى ، كقولهم : خشنت بصدره وصدر زيد بحر المعطوف ، وكذا قولهم : مررت ومر بي زيد أكثر من قولهم مر بي ومررت بزيد ، والعلة فيه من وجهين :
أحدهما : أن العامل في الشيء كالعلة العقلية ، وتلك لا يفصل بينها وبين معمولها .
والثاني : أن الفصل بين العامل والمعمول بالأجنبي لا يجوز كقولهم كانت زيدا الحمى تأخذ ، والمعطوف هنا كالأجنبي فأحسن أحواله أن يضعف عمل الأول ] .
ولقد ذهب الأنباري إلى أن إعمال الفعل الثاني أولى وانتصر له وبين فساد أقوال مخالفيه كما تجده في (( الإنصاف )) (1/83-96) .

([11]) هو علي بن مؤمن بن محمد بن علي ، أبو الحسن بن عصفور النحوي الحضرمي الإشبيلي ، ترجمه الفيروزآبادي في (( البلغة )) (ص 160) ، وقال عنه السيوطي في (( بغية الوعاة )) : [ حامل لواء العربية في زمانه بالأندلس ] ، توفي سنة 669 هـ وقيل 663 هـ .

([12]) أي أن ابن عصفور يستبعد أن تُخرّج الآية الكريمة على القول بعطف الجمل لقبح هذا التخريج عنده ، ولا تعني عبارته بحال أنه يستقبح كلام الله عزوجل ، والعياذ بالله تعالى !!! وقد أوضح مراده أبو حيان الأندلسي في (( البحر المحيط )) فقال : [ وقال الأستاذ أبو الحسن بن عصفور : وقد ذكر الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه ، قال : وأقبح ما يكون ذلك بالجمل ، فدل قوله هذا على أنه ينزه كتاب الله عن هذا التخريج ] .

([13]) لا حجة لابن تيمية في ذلك ، فقد تطلق التثنية ويُراد بها الجمع ، قال أبو حيان في (( ارتشاف الضَّرَب من لسان العرب )) (2/582) ( باب جمع المذكر السالم ) : [ وأما التثنية فجاءت ويُراد بها المفرد ، ... ، وجاءت ويُراد بها أكثر من اثنين ، كقوله تعالى : { ثم ارجع البصر كرتين } ، أي كرّات ] .

([14]) تضاربت الرواية عن الأصمعي ، فمنهم من يراه يقول خلاف ذلك وينسبون له القول بأن الكعب في ظهر القدم خلافاً لما ذكره ابن منظور هنا ، قال الصفدي في (( تصحيح التصحيف وتحرير التحريف )) : [ وروى أبو حاتم عن الأصمعي أن الكَعْبَ ما بين المِنْجَمَين الغائص في ظهر القدم ] ، وقال الرازي في (( تفسيره )) : [ وكان الأصمعي يختار هذا القول ويقول : الطرفان الناتئان يسميان المنجمين . هكذا رواه القفال في تفسيره ] .

([15]) لا يُعد هذا القول مختصاً بالإمامية ، بل هو أمر لغوي عليه أئمة من أهل اللغة ووافقهم جماعة من أهل الفقه ، وإلى ذلك أشار الرازي في (( تفسيره )) بقوله : [ وقالت الإمامية وكل من ذهب إلى وجوب المسح : إن الكعب عبارة عن عظم مستدير مثل كعب البقر والغنم موضوع تحت عظم الساق حيث يكون مفصل الساق والقدم ، وهو قول محمد بن الحسن رحمه الله ] .

([16]) وذكره الزبيدي في (( تاج العروس )) ( مادة ك ع ب ) ، وابن الأثير في (( النهاية في غريب الحديث والأثر )) (4/179) ، والمحبي في (( جنى الجنتين )) (ص 96) .

([17]) قال الفيروزآبادي في (( القاموس المحيط )) : [ والمَأْكَمُ والمَأْكَمَةُ ، وتُكْسَرُ كافُهُما : لحمة على رأس الورك وهما اثنتان ، أو لحمتان وَصَلَتا بين العَجُزِ والمَتْنَيْنِ ] .

([18]) القائل هو أبو النجم العجلي ، شاعر أموي ، قال عنه الصفدي في (( الوافي بالوفيات )) : [ أبو النجم الشاعر ، الفضل بن قدامة العجلي الراجز ، من طبقة العجاج في الرجز ، وربما قدمه بعضهم على العجاج ، له مدائح في هشام بن عبد الملك ، توفي في حدود العشرين ومائة ] .

([19]) ذكره ابن جني في (( الخصائص )) (1/271) ، وابن منظور في (( لسان العرب )) (11/570) ، والزبيدي في (( تاج العروس )) ( مادة قندل ) ، ونسبوه لأبي النجم ، وذكره ابن سيده في (( المخصص )) بلا نسبة ، وقد عقد ابن سيدة هناك في ذلك باباً أسماه : ( باب ما جاء مجموعا وإنما هو اثنان أو واحد في الأصل ) .

([20]) جاء في (( لسان العرب )) : [ الذِّفْرَى من القفا : هو الـموضع الذي يَعْرَقُ من البعير خـلف الأُذن ، وهما ذفْرَيانِ من كل شيء ] .

([21]) هو الوليد بن عدي بن حجر الكندي .

([22]) وهذا عجز بيت ، وصدره : كأن هامتها قبر على شرف ، ذكره ابن حمدون في (( التذكرة الحمدونية )) ، والشهاب الخفاجي في (( ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا )) وكلاهما نسبه للوليد بن عدي ، وممن ذكره أيضاً ابن سيدة في (( المخصص )) ، وأبو أحمد العسكري (ت 382 هـ) في (( المصون في الأدب )) دون نسبة .

([23]) ذكره ابن السكيت في (( الكنز اللغوي )) ، والزبيدي في (( تاج العروس )) ( مادة كرسع ) ، ونسبوه للعجاج ، وذكره أيضاً ابن قتيبة في (( غريب الحديث )) (3/751) ، وابن سيدة في (( المخصص )) دون نسبة .

([24]) قال ابن منظور في (( لسان العرب )) (8/309) : [ الكُرْسُوعُ : حرف الزَّنْدِ الذي يلـي الـخِنْصِر ، وهو الناتئُ عند الرُّسْغِ ] ، وقد قال أحدهم نظماً :
وعظم يلي الإبهام كوعٌ وما يلي
وعظم يلي إبهام رجل ملقب
لخنصره الكرسوع والرسغ ما وسط
ببوع فخذ بالعلم واحذر من الغلط



([25]) ذكره الأزهري في (( تهذيب اللغة )) ، والصاغاني في (( العباب الزاخر )) ، وابن منظور في (( لسان العرب )) ، والزبيدي في (( تاج العروس )) ، كلهم في ( مادة شرط ) ، وذكره ابن دريد في (( جمهرة اللغة )) ( مادة ر ش ط ) ، والمرزوقي في (( الأزمنة والأمكنة )) ، وورد أيضاً في كتاب (( العين )) ، وكلهم نسبوه للعجاج ، وقد ذُكر البيت أيضاً في (( المخصص )) لابن سيدة ، و (( أساس البلاغة )) للزمخشري .

([26]) قال ابن منظور في (( لسان العرب )) (2/212) : [ ولكل برج اسم علـى حدة ، فأَوَّلها الـحَمَلُ ، وأَوَّلُ الـحَمَلِ الشَّرَطانِ ، وهما قرنا الـحمل كوكبان أَبـيضان إِلـى جنب السَّمكة ] .

([27]) قال ابن تيمية هنا بجواز إطلاق لفظ الجمع على المثنى ليثبت أن في مثل قول الله تعالى : { تجري بأعيننا } ، وقوله ، { عملت أيدينا } حجة له على وصف الله بيدين اثنتين وعينين اثنتين !!
ويرى الكثير من أهل اللغة أن الصحيح في هاتين الآيتين أنهما حجة لمن قال : إن ما كان مثنى من مثنى فالأولى جمعه ، فالقلبان في الامرأتين جُمعا ليكونا ( قلوبكما ) واليدان من السارقين جمعهما أولى بـ ( أيدي ) ، وهكذا .
قال سيبويه في (( الكتاب )) (2/49) : [ وقالوا : وضعا رِحالَهما ، يريد : رحلَيْ راحلتين . وحدُّ الكلام أن يقول : وضعتُ رحلي الراحلتين ، فأجرَوه مجرى شيئين من شيئين ] ، وقال أبو حيان التوحيدي في (( البصائر والذخائر )) : [ قال سيبويه : كل اثنين من اثنين فجمعهما أجود ، تقول : ضربت رؤوسهما ، لأن رأس كل واحد منه ، وتقول : أخذت ثوبيهما لأنهما ليسا منهما ، قال الله تعالى : { فقد صغت قلوبكما } ، { فاقطعوا أيديهما } ] ، وقال المرزوقي في (( شرح ديوان الحماسة )) : [ لكونهما اثنين من اثنين ، فجرى مثل قوله تعالى: { فقد صغت قلوبكما } ] .
وأنكر أبو حيان في (( البحر المحيط )) على من احتج بهذه الآية ليثبت إطلاق لفظ الجمع على المثنى ، فقال : [ لأن باب { صغت قلوبكما } يطرد فيه وضع الجمع موضع التثنية ، وهو ما كان اثنين من شيئين ، كالقلب والأنف والوجه والظهر ، وأمّا إن كان في كل شيء منهما اثنان كاليدين والأذنين والفخذين فإن وضع الجمع موضع التثنية لا يطرد ، وإنما يحفظ ولا يقاس عليه ] .

([28]) ومع كل ما بيناه في موضوع الكعب ، إلا أن القائلين بالمسح لا ينتقض مذهبهم حتى لو ألزمهم المخالفون أن في كل رجل كعبين ، قال الرازي في (( تفسيره )) : [ أنهم سلموا أن الكعبين عبارة عن العظمين الناتئين من جانبي الساق ، إلا أنهم التزموا أنه يجب أن يمسح ظهور القدمين إلى هذين الموضعين ، وحينئذ لا يبقى هذا السؤال ] .
 

د. محمد بن عمر الكاف

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
20 مايو 2009
المشاركات
326
التخصص
فقه
المدينة
المدينة المنورة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

بارك الله فيك يا شيخ نذير.. مختصر مفيد وماتع جدا .. مع نقول نفيسة وإنصاف وأدب جم .. وخلاصته أن غسل الأرجل لا يثبت بالقرآن وإنما أثبتته السنة .. ويجوز تقليد من قال بأن الأرجل تمسح لأنه قول مجموعة من الفقهاء منهم ابن جرير الطبري .

ومما يدخل في هذا السياق قول ابن هشام في (شرح شذور الذهب) 1/430 :
(أَما المعطوف فكقوله تعالى ( اذَا قمُتمْ الى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكمْ وَأَيْدِيْكُمْ الى الْمَرافِقِ وَامْسَحوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ الى الْكَعْبَينِ )
في قراءة مَنْ جر الأرْجُل لمجاورته للمخفوض وهو الرؤوس، وانما كان حقه النصب كما هو في قراء جماعة آخرين وهو ( منصوب ) بالعطف على الوجوه والأيدي، وهذا قول جماعة من المفسرين والفقهاء ..
وَخَالَفَهم في ذلك المحققون ورأَوا أَن الخفض على الجوار لا يحسن في المعطوف؛ لأن حرف العطف حَاجِزٌ بين الاسمين وَمُبْطِل للمجاورة.
نعم لا يمتنع في القياس الخفضُ على الجوار في عطف البيان؛ لأنه كالنعت والتوكيد في مجاورة المتبوع، وينبغي امتناعه في البدل لأنه في التقدير من جملة أخرى فهو محجوز تقديراً، ورأَى هؤلاء أَن الخفض في الآية انما هو بالعطف على لفظ الرؤوس.
فقيل: الأرجُل مغسولة لا ممسوحة؟
فأجابوا على ذلك بوجهين:
أَحدهما: أَن المسح هنا الغَسْل، قال أَبو علي: حكى لنا مَنْ لا يُتّهم أَن أَبا زيد قال: المسحُ خفيفُ الغسل، يقال: مسحت للصلاة، وَخُصَّتِ الرجلان من بين سائر المغسولات باسم المسح ليقتصد في صب الماء عليهما إذ كانتا مَظنّةً للإسراف.
والثاني: أَن المراد هنا المسح على الخفين، وجعل ذلك مسحاً للرجل مجازاً، وإنما حقيقته أَنه مَسْحٌ للخف الذي على الرجل وَالسُنّة بَيَّنَتْ ذلك.
ويرجح ذلك القول ثلاثة أَمور:
أَحدها: أَن الحمل على المجاورة حمل على شاذ، فينبغي صونُ القرآن عنه.
الثاني: أنه اذا حمل على ذلك كان العطف في الحقيقة على الوُجُوهِ وَالأيْدي فيلزم الفصل بين المتعاطفين بجملة أَجنبية وهو ( وَامْسَحُوا برءُوسِكُمْ ) واذا حمل على العطف على الرؤوس لم يلزم الفصل بالأجنبي، والأصل أَن لا يفصل بين المتعاطفين بمفردٍ فضلاً عن الجملة.
الثالث: أَن العطف على هذا التقدير حمل على المجاور ، وعلى التقدير الأول حمل على غير المجاور، والحمل على المجاور أَوْلى .
فإِن قلت: يدل للتوجيه الأول قراءة النصب؟
قلتُ: لا نسلم أنها عَطْفٌ على الوجوه والأَيدي بل على الجار والمجرور، كما قال ( يَسْلُكْنَ في نَجْدٍ وَغَوْراً غَائِرا ... )


لا تحرمنا من هذه البحوث القيمة ..
 

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

نزولاً عند طلبك سيدي المكرم محمد بن عمر الكاف ، وكون مثل هذه المباحث تروق لك ، فهذه تكملة ما يتعلق بهذا البحث :
تكملة
منتاقشة ابن تيمية في معنى الباء في قوله تعالى : { برؤوسكم }


قال ابن تيمية في (( مجموع الفتاوى )) (21/129) : [ لو كان عطفاً على الرؤوس لكان المأمور به مسح الأرجل لا المسح بها ، والله إنما أمر في الوضوء والتيمم بالمسح بالعضو لا مسح العضو ، ... ، لأن الباء للإلصاق وهذا يقتضي إيصال الماء والصعيد إلى أعضاء الطهارة ، وإذا قيل امسح رأسك ورجلك لم يقتض إيصال الماء إلى العضو وهذا يبين أن الباء حرف جاء لمعنى ، لا زائدة كما يظنه بعض الناس ، وهذا خلاف قوله :
مُعاويَ أَنَّنا بَشَرٌ فأَسجِح فَلَسنا بالجِبالِ وَلا الحَديدا

فإن الباء هنا مؤكدة فلو حذفت لم يختل المعنى ، والباء في آية الطهارة إذا حذفت اختل المعنى فلم يجز أن يكون العطف على محل المجرور بها بل على لفظ المجرور بها أو ما قبله ] .
قلت : أما قول ابن تيمية : [ والله إنما أمر في الوضوء والتيمم بالمسح بالعضو لا مسح العضو ] ، فغير صحيح ، إذ أن الشرع جاء أيضاً بلفظ المسح ، كما في الحديث : (( ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ))[SUP]([1])[/SUP] .
قال ابن حجر في (( فتح الباري )) (1/290) : [ لفظ الآية مجمل ، لأنه يحتمل أن يراد منها مسح الكل عن أن الباء زائدة ، أو مسح البعض على أنها تبعيضيه ، فتبين بفعل النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد الأول ] ، وعلى هذا فدعوى ابن تيمية وجزمه أن الباء للإلصاق ، دعوى مرجوحة !!
وأما قوله : [ وهذا يبين أن الباء حرف جاء لمعنى ، لا زائدة كما يظنه بعض الناس ] ، فهذا قائم على التوهم أن الزيادة هي فضولٌ في القول مستغنى عنه ويخلو من الفائدة والمعنى !! والأمر ليس كذلك ، بل الصواب خلافه ، إذ الزيادة تفيد معنى التوكيد ، قال ابن هشام في (( مغني اللبيب )) (1/123) شارحاً ما تفيده الباء : [ الرابع عشر : التوكيد وهي الزائدة ] ، وقال ابن جني في (( سر صناعة الإعراب )) (1/270) : [ ولولا أن في الحرف إذا زيد ضرباً من التوكيد لما جازت زيادته البتة ] .
وأما الشاهد الذي جلبه :
مُعاويَ أَنَّنا بَشَرٌ فأَسجِح فَلَسنا بالجِبالِ وَلا الحَديدا
فهو في كتاب سيبويه[SUP]([2])[/SUP] ، وقد غَلّط أهل اللغة سيبويه في روايته التي هي محل الشاهد وانتقده على ذلك أهل الأدب ، قال ابن عبد ربه الأندلسي في (( العقد الفريد )) : [ ( باب ما غلط فيه على الشعراء ) وأكثر مَا أدرك على الشعراء له مجاز وتوجيه حسن ، ولكنّ أصحاب اللغة لا يُنصفونهم ، وربمَا غَلّطوا عليهم ، وتأوّلوا غير معانيهم التي ذهبوا إليها . فمن ذلك قولُ سيبويه ، واستشهد ببيت في كتابه في إعراب الشيء على المعنى لا على اللفظ وأخطأ فيه :
مُعاويَ أَنَّنا بَشَرٌ فأَسجِح فَلَسنا بالجِبالِ وَلا الحَديدا
كذا رواه سيبويه على النَّصب ، وزعم أنّ إعرابه على معنى الخبر الذي في ليس . وإنما قاله الشاعر على الخَفض ، والشعر كله مخفوض ، فما كان يضطره أن ينصب هذا البيت ويحتال على إعرابه بهذه الحِيلة الضعيفة ، وإنما الشعر :
معاويَ أَنَّنا بَشَرٌ فَأَسجِح
أَكَلتُم أَرضَنا فَجَردتُموها
أَتَطمَعُ في الخُلودِ إِذا هَلكنا
فَهَبنا أُمَةً ذهبت ضَياعاً
فَلَسنا بالجِبالِ وَلا الحَديدِ
فَهَل مِن قائِمٍ أَو مِن حَصيدِ
وَلَيسَ لَنا وَلا لَكَ مِن خُلودِ
يَزيدُ أَميرُها وَأَبو يَزيدِ

....... ] .
وفي (( الشعر والشعراء )) لابن قتيبة ما نصه : [ قال أبو محمد : وقد رأيت سيبويه يذكر بيتاً يحتج به في نسق الاسم المنصوب على المخفوض على المعنى لا على اللفظ ، وهو قول الشاعر :
مُعاويَ أَنَّنا بَشَرٌ فأَسجِح فَلَسنا بالجِبالِ وَلا الحَديدا
قال : كأنه أراد : لسنا الجبال ولا الحديدا ، فرد الحديد على المعنى قبل دخول
الباء ، وقد غلط على الشاعر ، لأن هذا الشعر كله مخفوضٌ ] .
وقال المرزوقي في (( الأزمنة والأمكنة )) : [ وقيل : إن سيبويه دس هذا البيت لأن القصيدة مجرورة ] .
[ تنبيه ] : لم يرَ ابن هشام هذا البيت حجة لمن يقول بالعطف على المحل ، فقد ذكره في (( مغني اللبيب )) (2/550) وقال عقبه : [ وقد استنبط مَنْ ضعُف فهمُه من إنشاده هذا البيت هنا أنه يراه عطفاً على المحل ] ، فتأمل وتدبّر !!!
ومن قال بزيادة الباء في الآية الكريمة قُبل قوله لأن اللغة تحتمله ، بل والقرائن تؤيده ، وحذف الباء لا يخل بالمعنى إذا علم أن مسح العضو والمسح به تكون على معنى واحد إذا حملت الباء على الزيادة ، والله تعالى أعلم .

الهوامش

([1]) رواه البخاري في (( صحيحه )) (1/80) ، وجاء لفظ ( مسح الرأس ) في أحاديث كثيرة ، كما في (( سنن البيهقي )) (1/55) و (1/80) ، و (( سنن أبي داود )) (1/32) ، و (( سنن ابن ماجه )) (1/150) . قال القرطبي في (( تفسيره )) (6/96) : [ فهذا الحديث دليل على أن الباء في قوله : { وامسحوا برءوسكم } زائدة ، لقوله : فمسح رأسه ، ولم يقل برأسه ] .

([2]) انظر (( الكتاب )) (1/67) و (2/292) و (2/344) و (3/91) ، ونسبه سيبويه لعُقيبة الأسدي .
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: آيـة الوضــوء

جزاك الله خيراً وسددك.. فهل لك -أخي الفاضل- أن تفسر لنا كلام الإمام محمد بن جرير الطبري من تفسيره
وسأنقله بتمامه:

قال أبو جعفر: والصواب من القول عندنا في ذلك، أن الله -عزّ ذِكره- أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم. وإذا فعل ذلك بهما المتوضئ، كان مستحقًّا اسم"ماسحٍ غاسلٍ"، لأن"غسلهما" إمرار الماء عليهما أو إصابتهما بالماء. و"مسحهما"، إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما. فإذا فعل ذلك بهما فاعل فهو"غاسل ماسح".
ولذلك= من احتمال"المسح" المعنيين اللذين وصفتُ من العموم والخصوص اللذين أحدهما مسح ببعض والآخر مسح بالجميع= اختلفت قراءة القرأة في قوله:"وأرجلكم" فنصبها بعضهم= توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما الغسل وإنكارًا منه المسح عليهما، مع تظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعموم مسحهما بالماء. =وخفضها بعضهم، توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما المسح.
ولما قلنا في تأويل ذلك= إنه معنّي به عموم مسح الرجلين بالماء= كره من كره للمتوضئ الاجتزاءَ بإدخال رجليه في الماء دون مسحهما بيده، أو بما قام مقام اليد، توجيها منه قوله:"وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين" إلى مسح جميعهما عامًّا باليد، أو بما قام مقام اليد، دون بعضهما مع غسلهما بالماء، كما:-
11494 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان= قال، حدثنا نافع، عن ابن عمر= عن الأحول، عن طاوس، أنه سئل عن الرجل يتوضأ ويدخل رجليه في الماء. قال: ما أعدُّ ذلك طائلا.
وأجاز ذلك من أجاز، توجيهًا منه إلى أنه معنيٌّ به الغسل. كما:-
11495 - حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن إدريس قال: سمعت هشاما يذكر، عن الحسن، في الرجل يتوضأ في السفينة، قال: لا بأس أن يغمس رجليه غمسًا.
11496 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال: أخبرني أبو حرّة، عن الحسن في الرجل إذا توضأ على حرف السفينة، قال: يخضخِضُ قدميه في الماء.
* * *
=فإذا كان"المسحَ" المعنيان اللذان وصفنا: من عموم الرجلين بالماء، وخصوص بعضهما به= وكان صحيحًا بالأدلّة الدالة التي سنذكرها بعدُ، أنّ مراد الله من مسحهما العموم، وكان لعمومهما بذلك معنى"الغسل" و"المسح"= فبيِّنٌ صواب قرأة القراءتين جميعًا
= أعني النصب في"الأرجل" والخفض. لأن في عموم الرجلين بمَسحهما بالماء غسلُهما، وفي إمرار اليد وما قام مقام اليد عليهما مسحُهما.
فوجه صواب قراءة من قرأ ذلك نصبا لما في ذلك من معنى عمومها بإمرار الماء عليهما.
ووجهُ صواب قراءة من قرأه خفضا، لما في ذلك من إمرار اليد عليهما، أو ما قام مقام اليد، مسحا بهما.


غير أنّ ذلك وإن كان كذلك، وكانت القراءتان كلتاهما حسنًا صوابًا، فأعجب القراءتين إليّ أن أقرأها، قراءة من قرأ ذلك خفضًا، لما وصفت من جمع"المسح" المعنيين اللذين وصفت، ولأنه بعد قوله:"وامسحوا برءوسكم" فالعطف به على"الرءوس" مع قربه منه، أولى من العطف به على"الأيدي"، وقد حيل بينه وبينها بقوله:"وامسحوا برءوسكم".
* * *
فإن قال قائل: وما الدليل على أن المراد بالمسح في الرجلين العموم، دون أن يكون خصوصًا، نظيرَ قولك في المسح بالرأس؟
قيل: الدليل على ذلك، تظاهرُ الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ويل للأعقاب وبُطون الأقدام من النار". ولو كان مسح بعض القدم مجزئا عن عمومها بذلك لما كان لها الويل بترك ما تُرك مسحه منها بالماء بعد أن يُمسح بعضها. لأن من أدَّى فرض الله عليه فيما لزمه غسلُه منها لم يستحق الويل، بل يجب أن يكون له الثواب الجزيل. وفي وجوب الويل لعَقِب تارك غسل عَقِبه في وضوئه، أوضحُ الدليل على وجوب فرض العموم بمسح جميع القدم بالماء، وصحةِ ما قلنا في ذلك، وفسادِ ما خالفه. أهـ
 

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

أفيدونا سيدي أبا بكر بما عندكم
وأتحفونا برأيكم
فالظاهر أن عندك في المسألة قولاً ، فليتك تجود به علينا فضلاً منكم وكرماً
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: آيـة الوضــوء

قال ابن تيمية في (( مجموع الفتاوى )) (21/129) : [ لو كان عطفاً على الرؤوس لكان المأمور به مسح الأرجل لا المسح بها ، والله إنما أمر في الوضوء والتيمم بالمسح بالعضو لا مسح العضو ، ... ، لأن الباء للإلصاق وهذا يقتضي إيصال الماء والصعيد إلى أعضاء الطهارة ، وإذا قيل امسح رأسك ورجلك لم يقتض إيصال الماء إلى العضو وهذا يبين أن الباء حرف جاء لمعنى ، لا زائدة كما يظنه بعض الناس ، وهذا خلاف قوله :
مُعاويَ أَنَّنا بَشَرٌ فأَسجِح فَلَسنا بالجِبالِ وَلا الحَديدا


فإن الباء هنا مؤكدة فلو حذفت لم يختل المعنى ، والباء في آية الطهارة إذا حذفت اختل المعنى فلم يجز أن يكون العطف على محل المجرور بها بل على لفظ المجرور بها أو ما قبله ] .
قلت : أما قول ابن تيمية : [ والله إنما أمر في الوضوء والتيمم بالمسح بالعضو لا مسح العضو ] ، فغير صحيح ، إذ أن الشرع جاء أيضاً بلفظ المسح ، كما في الحديث : (( ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ))[SUP]([1])[/SUP] .
قال ابن حجر في (( فتح الباري )) (1/290) : [ لفظ الآية مجمل ، لأنه يحتمل أن يراد منها مسح الكل عن أن الباء زائدة ، أو مسح البعض على أنها تبعيضيه ، فتبين بفعل النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد الأول ] ، وعلى هذا فدعوى ابن تيمية وجزمه أن الباء للإلصاق ، دعوى مرجوحة !!
وأما قوله : [ وهذا يبين أن الباء حرف جاء لمعنى ، لا زائدة كما يظنه بعض الناس ] ، فهذا قائم على التوهم أن الزيادة هي فضولٌ في القول مستغنى عنه ويخلو من الفائدة والمعنى !! والأمر ليس كذلك ، بل الصواب خلافه ، إذ الزيادة تفيد معنى التوكيد ، قال ابن هشام في (( مغني اللبيب )) (1/123) شارحاً ما تفيده الباء : [ الرابع عشر : التوكيد وهي الزائدة ] ، وقال ابن جني في (( سر صناعة الإعراب )) (1/270) : [ ولولا أن في الحرف إذا زيد ضرباً من التوكيد لما جازت زيادته البتة ] .

لستُ أدعي أن ابن تيمية -رحمه الله- لا يخطئ، ولستُ متعصباً له.
ولكني إخالك لم تفهم بعض كلامه فعبتَ عليه ما لا يعاب.. هو يقرر هنا أن المسح بالشيء يخالف مسح الشيء، فاعترضتَ بأنه جاء في الشرع التعبير بمسح الشيء
وجوابه: أنه لا يقول بأن ذلك لا يحتمل إيصال الماء للمحل الممسوح ،
ولكنه لا يقتضي ذلك على وجه اللزوم؛ كما لو قيل لك: امسح رأس اليتيم، أو امسح رأس اليتيم بيدك، فكل هذا لا يلزم منه أن توصل شيئاً من ماء أو غيره إلى رأسه.. ولذا فالتعبير في الآية الكريمة قاطعٌ للاحتمال. وأظنك لا تنازع في أن إيصال الماء للرأس أمر لا خلاف فيه.

وقولك: "فهذا قائم على التوهم أن الزيادة هي فضولٌ في القول مستغنى عنه ويخلو من الفائدة والمعنى !! والأمر ليس كذلك ، بل الصواب خلافه ، إذ الزيادة تفيد معنى التوكيد".
أقول: هو يقرر ما تقرره -أخي الكريم- قبل قليل، ويرُدُّ ما ظنه بعضهم من أن الزائدة لا معنى لها، وقد بين أنها تأتي للتوكيد فقال: ( وهذا يبين أن الباء حرف جاء لمعنى ، لا زائدة كما يظنه بعض الناس ). فما وجه التعقيب؟!
 

آدم جون دايفدسون

:: متفاعل ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
450
الإقامة
أمريكا
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مــــالك
التخصص
الترجمة
الدولة
أمريكا
المدينة
مدينة القرى
المذهب الفقهي
مذهب الإمام محمد بن إدريس الشــــافعي
رد: آيـة الوضــوء

ما شاء الله
بحث طيب جدًا
 

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

أخي أبا بكر رعاك الله :
هوّن عليك ، ورفقاً بأخيك العبد الفقير !!!! فإن غاب عني فهم كلام ابن تيمية ... فافهمنيه أخي فضلاً منك وكرماً !!! وليكن بالدليل والتعقب الدقيق.
فابن تيمية قال : [ والله إنما أمر في الوضوء والتيمم بالمسح بالعضو لا مسح العضو].
أي أنه أنكر ورود نص في الشرع لا يقترن فيه حرف الجر (الباء) بالمسح !!! هذا منطوق كلامه بنصه !!!!
وأنا جلبت حديثاً يرد ذلك !!!
وأما ما ذكرته أخي الفاضل من تحليل وبيان للزوم وصول الماء للرأس أو عدمه فخارج عن محل النقاش والاعتراض !!!!
وأما وجه الاعتراض على قول ابن تيمية :[ وهذا يبين أن الباء حرف جاء لمعنى ، لا زائدة كما يظنه بعض الناس ] .
فقوله : [جاء لمعنى لا زائده] ، أي أنه ينفي وجود المعاني في الحروف إن قلنا بزيادتها ، ولو لم يكن هذا قصده فلا وجه لاعتراضه ولا معنى لكلامه وقتها .
وقولكم حفظكم الله تعالى أن ابن تيمية يقرر ما أقرره فغير صحيح البته !!!! أرجو من جنابكم الكريم الرجوع إلى كلامي والتدقيق فيه .
وجزاكم الله خيراً
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: آيـة الوضــوء

أخي أبا بكر رعاك الله :
هوّن عليك ، ورفقاً بأخيك العبد الفقير !!!! فإن غاب عني فهم كلام ابن تيمية ... فافهمنيه أخي فضلاً منك وكرماً !!! وليكن بالدليل والتعقب الدقيق.
فابن تيمية قال : [ والله إنما أمر في الوضوء والتيمم بالمسح بالعضو لا مسح العضو].
أي أنه أنكر ورود نص في الشرع لا يقترن فيه حرف الجر (الباء) بالمسح !!! هذا منطوق كلامه بنصه !!!!
وأنا جلبت حديثاً يرد ذلك !!!
حفظك الله وبارك فيك.. والأمر هين عندي أخي الحبيب فلا تقلق

قولك : "أي أنه أنكر ورود نص في الشرع لا يقترن فيه حرف الجر (الباء) بالمسح !!!"
هذا ليس منطوق كلامه ولا مفهومه البتة. وإنما أراد أن التعبير القرآني دقيق في أن لا يحتمل معنى غير مراد.
وأما لفظ الصحابي -الذي أوردتَه- فقد لا يسلم من ورود الاحتمال فيه؛ إذ ليس معصوماً كما النصوص، وليس في بلاغته كالقرآن العظيم، فتنبه لذلك.
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: آيـة الوضــوء

لعلنا نفرغ من النقاش في هذه -إن شاء الله- ثم ننتقل للتي بعدها، والله يهدينا وإياك للصواب. فهات ما عندك
 

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

أخي أبا بكر
كنت أفضل ان أكتب لك على الخاص ولكني للآن لا أمتلك خاصية إرسال رسائل خاصة أو استقبالها.
على كل حال ، فقد أدلوت بدلوي في المسألة وحاولت بيان وجهة نظري لك فيها ، وبعد ذلك فلكل الخيرة فيما يختار .
إذ اني لا أرى ثمرة في الجهد لأجل تصويب رجل أو تخطئته !!!!
والنظر للمسائل باعتبار قائلها ، وتركيز الجهود على تفسير وتأويل أقوال الرجال مما يخرج البحث غالباً عن مساره ، ويجعل الإنصاف فيها بعيد المنال.
بوركت أخي ودمت بخير
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: آيـة الوضــوء

بحث ماتع ونقاش مفيد جزاكم الله خيرا
أظن أن البحث لا يكتمل دون النظر في الأحاديث الواردة في المسألة.
في كتاب "الأحاديث الصحيحة التي ليس عليها العمل" أو نحو هذا العنوان ، أذكر أن مؤلفه أورد أحاديث صححها الحفاظ وردت بمسح الرجلين في الوضوء قائلا أن العمل ليس عليها
رأي ابن جرير الطبري جميل في المسألة وهو يجمع بين رواية المسح والغسل لكن محصلة رأيه وجوب إراقة الماء على الأرجل مع مسحهما بالأيدي في أثناء ذلك، وهو قريب من مذهب المالكية الموجبين لدلك الأرجل مع غسلها على ما أحسب
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: آيـة الوضــوء

بحث ماتع ونقاش مفيد جزاكم الله خيرا
أظن أن البحث لا يكتمل دون النظر في الأحاديث الواردة في المسألة.
في كتاب "الأحاديث الصحيحة التي ليس عليها العمل" أو نحو هذا العنوان ، أذكر أن مؤلفه أورد أحاديث صححها الحفاظ وردت بمسح الرجلين في الوضوء قائلا أن العمل ليس عليها
رأي ابن جرير الطبري جميل في المسألة وهو يجمع بين رواية المسح والغسل لكن محصلة رأيه وجوب إراقة الماء على الأرجل مع مسحهما بالأيدي في أثناء ذلك، وهو قريب من مذهب المالكية الموجبين لدلك الأرجل مع غسلها على ما أحسب
وإياكم، آمين
نعم. هذا هو قول الإمام الطبري رحمه الله تعالى كما هو ظاهر من كلامه المنقول آنفاً. وشكر الله لكم مشاركتكم
 

سالم سعيد سعد

:: متفاعل ::
إنضم
5 مايو 2011
المشاركات
368
الكنية
أبو أنس
التخصص
شريعه
المدينة
الشقيق
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: آيـة الوضــوء

وهذا كلام للشيخ عبد الكريم الخضير في هذا الموضوع
(على كل حال المقصود ظاهر وواضح، والغسل هو قول الجمهور من الصحابة والتابعين ومن يعتد بقولهم من أهل العلم، وأنه لا بد من غسل الرجلين إلى الكعبين، و"إلى" هذه حرف غاية ويأتي ويرد فيها ما جاء في {إلى المرافق} فلا نحتاج إلى إعادته، وأن "إلى" الاحتمال قائم -كما تقدم- في دخول المغيا وعدم دخوله إلا أن النصوص الصحيحة عنه -عليه الصلاة والسلام- تدل على أنه يدخل الكعبين ويزيد عليهما ((وغسل رجليه حتى أشرع في الساق)).هذه القراءة قراءة النصب يستدل بها من يقول: بوجوب الغسل، وقراءة الجر يستدل بها من يقول: بالاكتفاء بالمسح، والمرجح هو الغسل كما هو معروف؛ لأدلة كثيرة –قطعية- في السنة النبوية من فعله وقوله -عليه الصلاة والسلام-، فقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ويلٌ للأعقاب من النار)) نصٌ قاطع في رد قول من يقول بالاكتفاء بالمسح؛ لأن المسح لا يتناول الأعقاب، لا سيما ما تحديدهم إلى العظم الناتئ على ظهر القدم، لا يتناول الأعقاب بحال، وويل وعيد، فدل على وجوب غسل الأعقاب، وإذا غسل العقب دل على أن الواجب الغسل، وهو قول الجمهور.وعند الشيعة بطوائفهم الاكتفاء بالمسح اعتماداً على قراءة الجر، ويذكر في كتب الخلاف عن الإمام المفسر أبي جعفر محمد بن جرير الطبري أنه يرى المسح، أو أنه يقول بالتخيير بين الغسل والمسح، ومنهم من يرى الجمع بين الغسل والمسح، فالغسل برواية النصب، والمسح بقراءة الجر.أما ما ينسب إلى الإمام ابن جرير -رحمه الله تعالى- فكلامه صريح في أن مراده بالمسح الغسل، وأنه لا يكفي إمرار الماء على الرجل ولو سال، ولو تردد عليها وهو غسل، بل لا بد من المسح الذي هو الدلك في حقيقته، يعني مع مكاثرتها بالماء وجعل الماء يتقاطر منها وهذا هو الغسل، هذه حقيقة الغسل وليس من مسمى الغسل الدلك، بدليل أنهم يقولون: غسله المطر غسله العرق وليس فيه دلك، فهو يريد مع الغسل الذي هو إسالة الماء على القدم حيث يتردد عليها، ويتقاطر منها، يريد إضافة إلى ذلك: المسح، وهو إمرار اليد على هذا الماء وهو المعروف عند المالكية بالدلك، وهم يوجبونه، والجمهور لا يوجبون الدلك.فدل على أن اختيار ابن جرير -رحمه الله- المبالغة في غسل الرجل لا الاكتفاء بالمسح، بدليل أنه أورد حديث والدليل على ذلك ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم سرد حديث: ((ويلٌ للأعقاب من النار)) بطرقه، الذي يورد حديث: ((ويلٌ للأعقاب من النار)) هل يظن به أنه يكتفي بالمسح؟! لا يظن به هذا أبداً، لا يظن به هذا.وأشار في روح المعاني أن المراد بابن جرير الذي يرى المسح هو محمد بن جرير بن رستم الطبري وهو شيعي رافضي، فليس بغريب أن يقول بالمسح، فالتبس اسمه باسم هذا الإمام من أئمة المسلمين.فلا يظن بالإمام، وكلامه اللي يبي يقرأه ولا يفهم من وراءه؛ لأنه نص على المسح زيادة على الغسل والمكاثرة بالماء، فلا بد أن يقول: أنه يرى أنه يجزي المسح أو يقول بالجمع بين الغسل والمسح، والمراد بالمسح في كلامه هو الدلك الذي يقول به المالكية.
 

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

أخي سالم
وإنما القصد هو دراسة لغوية لنص الآية الكريمة ومدلولها وليس لتقرير جكم المسح او الغسل فلذلك مبحث آخر وله دراسة حديثية مستفيضة
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: آيـة الوضــوء

ثانياً : العطف على الجُمَل
قال أبو حيان في (( البحر المحيط )) : [ واختلفوا في تخريج هذه القراءة ، فقيل : هو معطوف على قوله : { وجوهكم وأيديكم إلى المرافق } و { أرجلكم إلى الكعبين } ] .
قلت : وأهل اللغة لا يستسيغون الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما هو أجنبي ، ومن خرّج الآية بعطف الجمل وقع في أسر هذه المشكلة ، وهي وجود
الفاصل ، أي قوله تعالى : { وامسحوا برؤوسكم } .
قال ابن عصفور[SUP]([11])[/SUP] في (( شرح الجمل )) (1/259) : [ وأقبح ما يكون ذلك بالجمل ، نحو[SUP]([12])[/SUP] قوله تعالى : { فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ } ففصل بين { أرجلكم } وبين المعطوف عليه وهو { وجوهكم } بالجملة ، وهي { وامسحوا برؤوسكم } لأنه ملتبس بالكلام ] .
وقال الطبري في (( تفسيره )) (6/131) : [ فالعطف به على ( الرؤوس ) مع قربه منه أولى من العطف به على ( الأيدي ) وقد حيل بينه وبينها بقوله : { وامسحوا برؤوسكم } ] .
.
قد يُقال هو قبيح حيث لا غرض، وهذا لا يتحقق في الآية، حيث إن إدخال الممسوح بين المغسولين عد قرينة على إرادة الترتيب عند جمهور العلماء، أما اللبس فمرتفع بظهور العلامة الإعرابية وفعل النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: آيـة الوضــوء

قال ابن عصفور([11]) في (( شرح الجمل )) (1/259) : [ وأقبح ما يكون ذلك بالجمل ، نحو([12]) قوله تعالى : { فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ } ففصل بين { أرجلكم } وبين المعطوف عليه وهو { وجوهكم } بالجملة
هل يجوز أن يصف تركيب جملة من القرآن بالقبح؟؟!!!
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: آيـة الوضــوء

هل يجوز أن يصف تركيب جملة من القرآن بالقبح؟؟!!!
حاشى وكلا، ولكنه استبعاد من ابن عصفور لأن تكون الأرجل معطوفة على الأيدي لا على الرؤوس. وعليه فهي عنده معطوفة على الرؤوس لفظا كما في قراءة الكسر أو محلا كما في قراءة النصب، والله أعلم.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: آيـة الوضــوء

قال تاج القراء الكرماني (المتوفى 505هـ) في[غرائب التفسير وعجائب التأويل 1/ 321]
"وقرئ: "وَأَرْجُلَكُمْ" بالنصب والجر والظاهر في النصب العطف على
الوجوه، والأيدي، ويحتمل العطف على محل الجار والمجرور في قوله:
(بِرُءُوسِكُمْ) ، والظاهر في الجر، أنه معطوف على (بِرُءُوسِكُمْ) .
ويحتمل الجواز، وإن كان مع الواو، كقوله:
فَهَلْ أَنْتَ إنْ مَاتَتْ أَتَانُك رَاكِبٌ. . . إلَى آلِ بِسْطَامِ بْنِ قَيْسٍ فَخَاطِبِ
فَجَر قوله، "فحاطب المجاورة قيس، وحقه الرفع، لأنه معطوف على
راكب، واحتجاج من احتَج بقوله: جحر ضب خرب بعيد لمكان الواو في
الآية، فصارت الآية من المجمل الذي بيانه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد بينه "ويل للعراقيب من النار"."


 

نذير أحمد سالم

:: متابع ::
إنضم
8 سبتمبر 2011
المشاركات
45
التخصص
غير معروف
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
رد: آيـة الوضــوء

بارك الله في الجميع
فقط لتوجيه مسار البحث
البحث أصلاً وضع لبيان فقه الآية الكريمة بدلالتها اللغوية !
والنتيجة كما يظهر أن القرآن جاء بالمسح ، وليست الآية مجملة !!
فأما البحث الحديثي في المسألة وخلاصة ما جاءت به السنة النبوية من وجوب الغسل أو لا ، فله محل آخر .
والله أعلم
 
أعلى