العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

أثر التشريع الإسلام في التشريعات الغربية

إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية

: أثر الفقه المالكي في التشريعات الغربية للأستاذ عبد العزيز بنعبد الله

في عام 1937 أقر مؤتمر لاهاي ما قرره مؤتمر واشنطن عام 1935 من أن الشريعة الإسلامية مصدر للقانون مستقل عن مصادر اليونان والرومان.
وقد أكد برنارد شو في كتابه "backto" بأن قلب التوجه العالمي سينتقل في القرون المقبلة من الغرب إلى الشرق وأكد أن الشريعة الإسلامية ستصبح المدونة الوحيدة للحياة قادرة على تجديد وجهة وضبط حياة الإنسان على الأرض في أي مسار مستقبلي.
ولذلك أمثلة عديدة تبلور تأثير الفقه الإسلامي عامة والفقه المالكي خاصة في البحر الأبيض المتوسط والقارتين الأوربية والأمريكية.
فقد أعدت دراسات في الفقه المقارن تحلل تفاصيل وأبعاد أثر الفقه المالكي في بعض التشريعات الأجنبية خاصة مدونة الفقه المدني المعروفة بمدونة نابليون وقد اقتبس هذا الأخير الكثير خاصة في مادة الأحكام والعقود والالتزامات، وقد أشار الأمير شكيب أرسلان في: "حاضر العالم الإسلامي" إلى بعض ذلك وهو قل من كثر مما أثر في الفكر القانوني الحديث ابتداء من الحرب العالمية الأولى.

التأثير في الحقل الاقتصادي
ولا شك أن انبساط الحكم العثماني على بقاع شاسعة من العالم، كان له أعمق الأثر على القوانين في مختلف ميادين الحياة، وخاصة في الأقاليم الأوروبية التي خضعت للآستانة، ولا يزال على رجال القانون المقارن أن يسبروا أغوار هذه التأثيرات والمبادلات بين الفقه الإسلامي والقوانين الوضعية فيما يسمى اليوم بالدول الاشتراكية التي كان معظمها تابعا للأتراك إلى حدود سيبيريا حيث يمتد ما يسمى بالجمهوريات الإسلامية السوفياتية.
ومن مجالي هذا التأثير في الحقل الاقتصادي قضايا الشركات وقد ضمنها البنوك، وهي تقوم في العالم المعاصر بأجل الخدمات لتنشيط مختلف مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فالشركة بصورة عامة في المذهب المالكي هي كما يقول ابن عرفة: "شركة بقدر متمول بين ملكين فأكثر ملكا فقط"، والشركة في القانون الفرنسي شبيهة بها بل تستعمل "المدونة الفرنسية" نفس التعابير التي وجدت في النصوص الفقهية القديمة بما يدل على أن التشريع الفرنسي اقتبس منها، وقد تأثر القانون المدني الإسباني بالفقه المالكي في الاستغناء عن عقود الزواج خارج الكنيسة، ولاحظ الأستاذ "أوكطاف بيل" في كتاب له حول الشركة والقسمة في المذهب المالكي، أن الشركات المالكية شركات تنبني على عقود أمانة، وهو ما يجري به العمل في فرنسا قديما. (ربما تحت تأثير الأندلس).
وأهم أنواع الشركات اليوم وخاصة في أبرز دولة اقتصادية بأوروبا هي ألمانيا الغربية الشركة المعروفة بالقراض.
والقراض Commandite أهم أنواع الشركات في المذهب المالكي لأنها لا تمس رأسمال المشارك فيها وإنما تقتصر مسؤوليته على حصته في الشركة أي أن أرباب المال ملزمون على قدر المال كما في القانون الفرنسي وغيره من القوانين الأوروبية وخاصة منها القانون الألماني الذي أصبحت العمليات المصرفية تجري اليوم في نطاقه على نسق البنوك بدون فائدة وهو مظهر لأثر الفقه الإسلامي في المجتمع الألماني اليوم.

بصمات الفقه المالكي في أوروبا وأمريكا
وحتى في المناطق التي استقلت قبل أن ينزاح الحكم العربي عن الأندلس بقرون ظل المسلمون يطبقون الشريعة الإسلامية مؤثرين في محيطهم بمنطقية ورصانة الأحكام الفقهية وقد أكد محمد بن عبد الرفيع الأندلسي الذي توفي عام (1052هـ ـ 1642م) بعد الجلاء الأخير عن الأندلس بخمس وثلاثين سنة في كتاب "الأنوار النبوية في آباء خير البرية" أنه بقي في طليطلة أناس يدينون بالإسلام في الباطن بعد أن زال عنها حكم الإسلام بخمسمائة عام.
ولا شك أن للفقه المالكي خاصة بصمات تقوى وتضعف حسب الأقاليم التي تأثرت في أوروبا وأمريكا بالإشعاع القانوني الإسباني والبرتغالي انطلاقا من الأندلس التي استمرت فيها تطبيقات فقهية مالكية إلى القرن الماضي.
وقد نقل دوزي عن صاحب كتاب (لوس ـ وزار ايبس دوطوليد) أن بعض القرى الأندلسية بناحية بلنسية استعملت العربية إلى أوائل القرن التاسع عشر وقد جمع أحد أساتذة جامعة مدريد 1151 عقدا في موضوع البيوع محررا بالعربية كنموذج للعقود التي كان الإسبان يستعملونها في الأندلس.
ونعطي مثالا آخر لهذا التأثير أيضا في مفهوم: الجنسية، في الفكر الإسلامي. فالجنسية في الحقيقة ميزة تتسم بها أمة بعينها وهي أيضا وصف لمن ينتسب لأمة من الأمم ولم يهتم الإسلام بالجنسية أو العنصر بقدر ما اهتم بالملة أو النحلة الدينية ولكن ليس معنى هذا أن أحكام هذا المفهوم لم تكن واضحة مضبوطة في الإسلام فقد قال النووي في تقريبه نقلا عن عبد الله بن المبارك وغيره أن من أقام في بلدة أربع سنين نسب إليها وقد تحدث المراكشي في إعلامه عن أمد الحصول على هذه الجنسية حسب الفقه الإسلامي (الإعلام :1/150).
وقد اختارت مدونات قانونية أوروبية وأمريكية نفس المدة لإقرار جنسية الأجنبي المقيم في البلد، راجع "الجنسية في قوانين المغرب العربي الكبير" دراسة مقارنة 1971 مصفحة 861 لإبراهيم عبد الباقي، معهد الدراسات والبحوث العربية.

تأثير على القانون الكنسي والفقه اليهودي
وقد كان للفقه المالكي وخاصة بالمغرب والأندلس تأثير بليغ لا على القانون الكنسي بل على التلمود والفقه اليهودي منذ القرن العاشر بمدينة فاس وهو العصر الذي انتشر فيه المذهب المالكي بالمغرب بعد فترة ساد خلالها الفقه الحنفي والفقه الشافعي وفقه الأوزاعي. ومن أمثلة ذلك أن أبا سعيد بن يوسف الفيومي المعروف بالحاخام سعديا 942هـ الذي يعتبر واضع الفلسفة اليهودية في العصور الوسطى قد صنف ترجمة عربية للعهد القديم واستكمل قانون الميراث اليهودي مستعينا بالشريعة الإسلامية.
وهنالك عالم يهودي مغربي هو إسحاق بن يعقوب الكوهن الملقب بالفاسي الذي ولد عام 404هـ /1013م في قلعة بن أحمد، قرب فاس وتوفي بالوسينة بالأندلس عام 497هـ /1103م له شرح على التلمود في عشرين مجلدا يعتبر لحد الآن من أهم كتب التشريع التلمودي كما له ثلاثمائة وعشرون فتوى محررة كلها بالعربية، وهي مقتبسة من الفقه المالكي السائد بالأندلس والمغرب آنذاك، وهو الذي أسس بالوسينة هذه هي التي آوى إليها في فترة من حياته العلمية الإمام بن رشد الحفيد الذي جمع بين الفقه المالكي والفلسفة والطب والتف حوله طلبة يهود أندلسيون.
تلك نظرة مركزة عن هذا الموضوع الذي نعني به اليوم للتعرف على أهمية مذهب الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة وحامل لواء السنة في المجالات الجديدة التي تواجهنا في اختياراتنا المستقبلية.

مبادئ الأخلاق الدولية
أما بخصوص المجالات الأخرى وخاصة منها التي تتصل من قريب أو بعيد بالفقه والقانون فقد كان للشريعة الإسلامية أثرها القوي في تكييف التقاليد الأوروبية وبلورة اختيارتها منذ القرن التاسع الميلادي، أي بعد مرور مدة قليلة على انتشار الدين الجديد في إسبانيا وجنوب فرنسا وإيطاليا وبعض الجزر المتوسطية.
وأبرز هذا العطاء الإسلامي الجديد هو مبادئ الأخلاق الدولية وقد صنف صديقي وزميلي "مارسيل بوازار" كتابا في هذا الصدد كان اسمه الأول "الإسلام والخلق الدولي" "L’Islam et la morale Internationale"، وقد عرض علي كتابه القيم في مسودته بجزئيه قبل طبعه للمشورة قبل أن ينشره في جزء واحد باسم جديد هو "إنسية الإسلام" "Humanisme de L’islame"، كما أهداني دراسة أخرى باللغة الإنجليزية حول التأثير المحتمل للإسلام في القانون العمومي والدولي الغربي.
وقد أصبح اليوم من البديهي أن كثيرا من العناصر الحضارية الفلسفية والخلقية قد اندرجت في المدونات الأوروبية في مختلف مجالات الفكر التشريعي دبلوماسيا وعسكريا ومدنيا.
نعم إن الاتصالات بين الإسلام وأوروبا قد وصلت تدريجيا عن طريق الأندلس وصقلية كما تبلورت عن طريق مراسي البندقية وجنوة وبيزة وقد كان التجار الأوروبيون يقضون عدة شهور في الشرق في أوائل الخريف ونصف الربيع من كل عام. فكان ذلك أول اتصالهم بالأخلاق والعادات الإسلامية مما تمخض عن نواة القانون التجاري الدولي الذي برز أول ما برز من خلال انتشار مبدأ حرية البحار وذلك منذ القرن الثاني عشر الميلادي. وقد كان للموحدين دور فعال في ذلك حيث وضعوا المبادئ الأساسية لهذه القواعد وحاربوا القرصنة بإحداثهم ميليشية خاصة بتأمين البحار في الوقت الذي كانوا فيه سادة المتوسط مما حدا صلاح الدين الأيوبي إلى الاستنجاد بالأسطول المغربي ضد الصليبيين، وقد كان ـ كما يقول "أندري جوليان" في كتابه: "تاريخ الشمال الإفريقي" ـ أول أسطول في البحر المتوسط، والموحدون هم أول من لقن مصطلحات التجارة الدولية أيضا لأوروبا.
هذا وإن أول بادرة نتجت عن حرية التبادل التجاري بين الشرق والغرب خاصة في المتوسط هي ظهور عملاء تجاريين مهدوا للمبادلات الدبلوماسية فأصبحوا عبارة عن قناصلة أوروبيين على التراب الإسلامي بعد الحروب الصليبية وقد بادر الإيطاليون، والقطلانيون الإسبان، وتجار جنوب فرنسا، ناحية بروفانس، إلى إقامة هذه القنصليات في الشرق الإسلامي، فكان من لوازم هذا التأثير إدراج نص قانوني في دستور بلدية مرسيليا منذ القرن الثالث عشر حول احترام ملكية الأجانب ولو في إبان الحرب وذلك احتذاء بما كان يتمتع به التجار الفرنسيون على الشواطئ المصرية والسورية. ومعلوم أن حماية المسافرين والتجار الأجانب كانت تتسم منذ أوائل الإسلام بسمة الوجوب في دار الإسلام، وقد تبلور التأثير الإسلامي عمليا في التنصيص على هذه المبادئ فعلا في المعاهدات التجارية، مثال ذلك المعاهدة التي أمضيت عام 895هـ /1489 بين جمهورية فلورانسا والسلطان المملوكي "قايتباي" أمير القلعة بالقاهرة، وقد تم توقيعها بعد ثلاث سنوات من المفاوضات برزت خلالها أولا كمرسوم سلطاني لدوائره الإدارية بمصر وسوريا قبل أن تكون معاهدة مع تجار أوروبيين. وقد نص هذا المرسوم بالإضافة إلى حماية التجار وضمان حقوقهم على عدة بنوذ تتعلق برسوم الجمارك (14%)، والقواعد الإدارية المتبعة، وإقامة قنصلية بين التجار داخل فنادقهم، ووسائل تحويل القروض، بل نص المرسوم حتى على إمكان التحكيم على يد السلطان بين تجار فلورنسا وتجار أوروبيين آخرين على الأراضي أو المياه المملوكية كل ذلك انطلاقا من الشريعة والتقاليد الإسلامية.
وقد أدت المبادلات التجارية بين الشرق الإسلامي وأوروبا لا إلى إمضاء معاهدات دولية فحسب، بل إلى تطوير الأعراف الجمركية والقوانين الإدارية والبحرية والحربية مع أوروبا الغربية، وقد تأسست في الأندلس عام 741هـ/1340م قنصلية للبحر، كما وضعت مدونة للتقاليد والقواعد تجمعت فيها نصوص ظهرت منذ القرن الحادي عشر الميلادي أيام الموحدين، وقد تم ذلك أولا في برشلونة حيث نشرت مجموعة قواعد لتنظيم التجارة البحرية والنص على عدم المسؤولية الجماعية مما لم يعرف إلا خلال القرن التاسع عشر بعد حرب القرم وقد نص "ماس لاطري"، على ذلك من خلال معاهدة أبرمها الموحدون انطلاقا من الآية الشريفة: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وقد قام اليهود بدور كبير في تسهيل نشر هذه المبادئ التي أدرجوا الكثير منها في تلمودهم دعما لنصوصه التشريعية.

القانون الدولي الحديث
وقد اقتبس ألفونس التاسع الحكيم ملك قشتالة وإمبراطور الغرب 1272م متأثرا بمعطيات الحضارة الإسلامية في النصف الثاني للقرن الثالث عشر من عدد كبير من المصادر العربية، وهو الذي جدد جامعة سالامانكا التي قامت بدور كبير في وضع ما أدى إلى القانون الدولي الحديث، وقد كتب ألفونس هذا أول مدونة قانونية في أوروبا سماها Las siete partidas (نشرت بتعاليق لاتينية من طرف Gregorie Lopez ) في ثلاثة مجلدات /مدريد 1829، وقد استمدها خاصة من قانون الولايات في الأندلس المسلمة الراجع إلى عام 679هـ/12890م.
فكان اقتباسا فعليا من الشريعة الإسلامية، ولا يخفى على المختصين الذين يحاولون التنظير بين فحوى النصوص وتاريخ صدور هذه النصوص، ما كان من أثر لهذا الكتاب اللاتيني في نشوء القانون الدولي الأوربي في العصر الحديث.
وقد بدأ فريدريك الثاني، ملك صقلية وإمبراطور جرمانيا 1250م يستمد من التراث الإسلامي، وهو الذي أسس جامعة نابلس عام 1224 وجهزها بالمخطوطات العربية، وكان "طوماس الأكويني" ت 1274م من تلاميذها وقد اعتبر فريدريك هذا أول ملك مبدع وخلاق وضع الكثير انطلاقا من المناهج العربية، من ذلك وضعه للضرائب المباشرة وغير المباشرة، والهياكل العسكرية والرسوم الجمركية واحتكار الدولة للمعادن وبعض البضائع مما كان يعرف في الشريعة الإسلامية منذ القرنين التاسع والعاشر ولكنه أصبح نموذجا احتذته أوروبا كلها.
وقد كان الفرنج في فلسطين يتلقفون الآراء والنظريات الإسلامية لا فرق بين الماورائي والتكنولوجي منها خاصة في مجال الزراعة والتجارة وتنظيم الصحة العمومية، ومن مظاهر هذا التأثير بروز روح التسامح بدل العنف لدى الإفرنج الذين كانوا يحذون حذو المسلمين بفلسطين وسوريا في كل تصرفاتهم بل إن نظام الكثير من المؤسسات المسيحية مثل: Les templiers (أو فريسيو المعبد الذين تكونوا بفلسطين) وHospitaliers كان مستمدا منذ أوائل القرن الثاني عشر من التنظيمات الإسلامية خاصة منها نظام الرباط، وقد برزت الفلسفة الإسلامية آنذاك وربطت بصلة وثيقة بين القانون والأخلاق، وبين الفرد والحكومة، وظهر الإنسان في عمله الخلاق كشخصية مستقلة تحاول أن تخلق من خلال القانون الشروط الاجتماعية التي تبرز كرامة الإنسان ومسؤوليته، وقد ترجم الكثير من الدراسات الأكاديمية في القانون والإدارة بإيطاليا من النصوص العربية وراجت بأوروبا كلها على يد الأساتذة الذين كانوا يتنقلون حسب العادة من جامعة إلى أخرى، وقد كان لهذا الطابع الخلقي في الشريعة الإسلامية أثره الأسمى في أوروبا المتوسطية مما رقق الشعور والحاسة القانونية وكلن هذا المظهر بدون شك الميزة المثلى في الآثار الإسلامية التي كيفت نظرية العدالة وتطبيقاتها الفعلية عند الغربيين، من ذلك اعتبار كل من تتجه إليه التهمة بريئا إلى أن يتحقق العكس، وهذا هو مبدأ براءة الأصل الذي جاء به الإسلام منذ البداية، ومعلوم أن لويس التاسع أو لويس القديس 1270م، ملك فرنسا الذي عاش بفلسطين وخالط علماء الكلام أمثال "طوماس الأكويني"، قد تأثر مباشرة بالإسلام في ينابيعه التطبيقية بأرض فلسطين، فظهر ذلك في إصلاحاته التشريعية وقد أشار إلى ذلك Joinville في مذكراته Memoires، وكان قد صاحب لويس التاسع إلى مصر توفي عام 1317م (كما ذكر ذلك Charles Klehn في كتابه لويس القديس ملك بين أقدام الفقراء باريس 1970م ص60).

تأثير الإسلام في أوروبا قد شمل كل المجالات
وهكذا يمكن القول بأن تأثير الإسلام في أوروبا قد شمل كل المجالات سواء منها الدبلوماسي (بإحداث قنصليات) أم إقرار شمل مبدأ شخصية القانون وكرامة الأجنبي وضمان حقوقه وأساليب إعلان الحرب ووسائل تعويض العدو وحماية السرى والمرضى والعجزة واستعمال الشارات الضوئية خلال المعارك الليلية وحمام الزاجل في المواصلات وطريقة توزيع الغنائم ومبادئ الفروسية، وقد بلغت هذه التأثيرات الإنسانية حتى ملوك الجرمان الذين كان لرهبانهم أوثق الصلات ببلاط فريدريك الثاني بصقلية.
على أن المغرب بالخصوص كان له بالإضافة إلى المبادرات الخلاقة في العصر الموحدي إبداعات أشار إليها الأستاذ كايي (Caillé) في الكتاب الذي وضعه حول المعاهدات والاتفاقيات والمراسيم في عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله حيث أبرز طابع الخلق والإبداع لكثير من المبادئ التي اندرجت في مدونات القانون الدولي بأوروبا.

انتهى من كتاب: معلمة الفقه المالكي: ص41/48.


المصدر
 

حمد بوجمعة

:: متخصص ::
إنضم
2 نوفمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
شريعة
المدينة
جلفة
المذهب الفقهي
مالكي
جزاك الله خيرا ، وبالمناسبة هناك كتاب في هذا الشأن مؤلفه شيخ فاضل مصري عليه رحمة الله وهو الشيخ محمد يوسف موسى، وانا أبخث عن الكتاب منذ مدة ولم تصل يدي اليه فأرجو المساعدة وخاصة أني بصدد تحضير رسالة الدكتوراه في هذا الموضوع بالضبط والكتاب بعنوان تأثير التشريع الاسلامي في الفقه الغربي
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,137
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
جزاك الله خيرا ، وبالمناسبة هناك كتاب في هذا الشأن مؤلفه شيخ فاضل مصري عليه رحمة الله وهو الشيخ محمد يوسف موسى، وانا أبخث عن الكتاب منذ مدة ولم تصل يدي اليه فأرجو المساعدة وخاصة أني بصدد تحضير رسالة الدكتوراه في هذا الموضوع بالضبط والكتاب بعنوان تأثير التشريع الاسلامي في الفقه الغربي
أينك ياشيخ حمد ...!!
قد تغيبت علينا كثيراً ...
وراسلناك ببريدك الالكتروني للسؤال عنكم.
قلقنا عليكم؛ فعسى المانع خيراً...
والحمد لله على سلامتكم؛ وجميل عودتكم.
فقد كانت مشاركاتكم حاضرة ...
والبشر بعودتكم يغمرنا؛ فحيَّ هلاً.
 
إنضم
21 أغسطس 2009
المشاركات
46
الكنية
أبو تقى البغدادي
التخصص
فقه مقارن
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
حنفي
رد: أثر التشريع الإسلام في التشريعات الغربية

بارك الله بجهودكم وإثارتكم لهذا الموضوع وأود أن أشير هنا الى أمرين :
أولهما : أن هذا الموضوع محل كثير من الدراسات العلمية وهو ما يسمى بـ(المقارنات التشريعية ) وقد كتب في هذا علماء افاضل منهم : سيد عبد الله علي ونشر مؤخرا بتحقيق وتعليق أ.د.علي جمعة مفتي الديار المصرية وآخر ، وللمنياوي كتاب آخر بالعنوان نفسه وقد نشر مؤخرا ولكن لم أحصل على نسخة منه .
ثانيهما : أن الاخ حمد يود ان يكتب بالموضوع ويعد له أطروحة للدكتوراه ، وأود أن أبين له أن رسالة ماجستير ستناقش في كلية الشريعة / الجامعة الاسلامية ــ بغداد ، يوم الاريعاء 4/5/2011 بعنوان أثر الفقه المالكي في التشريعات الاوربية ( القانون الفرنسي أنموذجا ) لاجل أن يحتاط للامر والله ولي التوفيق
 
أعلى