العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حصري أحكام اللفافات والأربطة الطبية للمريض الحاج

إنضم
10 مايو 2008
المشاركات
89
التخصص
الفقه الطبي المعاصر
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
الحنبلي
الاخوة الكرام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرفق لكم ورقة عمل شاركت بها في ندوة حج المريض 2 التي عقدتها إدارة التوعية الدينية بالشؤون الصحية في العاصمة المقدسة، والتي أقيمت في مستشفى النور التخصص بمكة المكرمة في 25-26 /11/ 1436ه
بسم الله الرحمن الرحيم

أحكام اللفافات والأربطة الطبية
للمريض الحاج

تمهيد: وفيه ثلاث نقاط.
الفصل الأول: الأحكام المتعلقة بالطهارة.
الفصل الثاني: الأحكام المتعلقة بمحظورات الإحرام، وفيه مباحث:
المبحث الأول: اللفافات والأربطة في الرأس.
المبحث الثاني: اللفافات والأربطة على الوجه.
المبحث الثالث: اللفافات والأربطة في سائر البدن عدا الرأس والوجه.

التمهيد:
1- مشتركة وخاصة:
توجد أحكام يشترك فيها المريض الحاج مع غيره من المرضى فيما يتعلق باللفافات والأربطة، وهي المتعلقة بالطهارة.
وتوجد أحكام خاصة بالحاج، وهي التي تتعلق بمحظورات الإحرام.
سوف أفصل في المتعلق بمحظورات الإحرام، لأنها الأهم والحاجة تدعو إليها، أما المتعلقة بأحكام الطهارة فإما يعرفها الحاج أو يمكن استدراكها.
2- محظورات الإحرام:
في محظورات الإحرام يتعلق حكمان: الحكم الأول: حرمة الفعل، والثاني: ترتب الفدية عليه.
وبالنسبة للمريض: فإن حرمة الفعل منتفية، ولكن يبقى الكلام في وجوب الفدية عليه.
3- اللفافات والأربطة الطبية على نوعين:
النوع الاول: نوع دائم لا ينزع عن الجسم ألا عند الاستغناء عنه، وبعد الاستغناء عنه يزال ويرمى، وسيتبدل غيره أو تنتهي الحاجة إليه تماماً. وهو الغالب.
النوع الثاني: نوع ليس بالضرورة أن يبقى دائماً على الجسد، ويمكن نزعه ومن ثم إعادته عند الحاجة مرة أخرى.

الفصل الأول: الأحكام المتعلقة بالطهارة:
1- النوع الدائم من اللفافات والأربطة، هذا يُسمى عند الفقهاء بالجبيرة، وتفصيل حكمها هو:
- يمسح على الجبيرة في الحدث الأكبر والحدث الأصغر.
- ليس للمسح عليها وقت محدد، بل يمسح حتى الشفاء وزوال الحاجة.
-لا فرق بين المسافر والمقيم.
-لا يشترط غسل الموضع قبلها.
2- ما يمكن إزالته:
أما ما يمكن إزالته من هذه اللفافات والأربطة دون زيادة مرض أو تأخر برء: فيزيل ما يمنع مواضع الوضوء أو مواضع الغُسل، ثم يعيده بعد رفع الحدث، إلا أن يكون من محظورات الإحرام كما سيأتي.
3- عدم تجاوز موضع الحاجة:
كما أن الكلام في رباط أو لفافة أو نحوهما لم تتجاوز موضع الحاجة.
وموضع الحاجة هو موضع الألم أو الجرح و"كل ما يحتاج إليه في تثبت هذه الجبيرة أو هذه اللزقة مثلاً فهو حاجة، فلو كان الكسر في الإصبع ولكن احتجنا أن نربط كل الرَّاحة لتستريح اليد، فهذه حاجة".
4- شدها بمقدار زائد، ولكنه خاف إن نزعها ليصحح مكان الشد، أن يتضرر بنزعها؟
ج: فله أن يمسح عليها ، إلى أن يحلها، للحديث: ((لا ضرر ولا ضرار)).
5- كيف يتيمم من وضع لفافة على يده؟ أو كلتا يديه؟
يمسح بالتراب على اللفافة التي في إحدى يديه، ويمسح بيده الأخرى على التراب.
أو يمسح بالتراب على اللفافتين إن كانت في اليدين.
6- كيف يتوضأ من وضعت على بعض يده لفافة وباقي اليد مكشوفة؟
أو كيف يغتسل من بعض بدنه عليه شيء من اللفافات والأربطة، وبقية بدنه مكشوفاً؟
الحال الأولى: يغسل ما استطاع غسله ويمسح ما استطاع مسحه، ولا يتيمم لما مسح له.
ثانياً: وأما من لا يستطيع غسل أو مسح بعض الأعضاء الواجب غلسها أو مسحها سواء عليه لفافة أو رباط أو لم يكن عليه.
الحكم: يتيمم، ويأتي بما يستطيعه من غسل ومسح إن أحب احتياطاً.
7- هل يمسح بالماء على كل العضو الذي عليه اللفافة أو الرباط؟
"نعم يعمها كلها؛ لأن الأصل أن البدل له حكم المبدل ما لم ترد السنة بخلافه، فهنا المسح بدل عن الغسل فكما أن الغسل يجب أن يعم العضو كله، فكذلك المسح يجب أن يعم جميع الجبيرة، وأما المسح على الخفين فهو رخصة وقد وردت السنة بجواز الاكتفاء بمسح بعضه".
8- من لم يستطع الوضوء أو الاغتسال أو التيمم؟
سقط عنه، ويصلي بلا طهارة، قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وقال جل ذكره:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.

الفصل الثاني: الأحكام المتعلقة بمحظورات الإحرام:
المبحث الأول: اللفافات والأربطة في الرأس:
أما المرأة فلا إشكال في الجواز.
أما الرجل: فتغطية الرأس من محظورات الإحرام في المذاهب الأربعة، لغير المريض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته ناقته: «ولا تخمروا رأسه; فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا».
ولكن اختلف الفقهاء في تفصيلات تتعلق بمقدار الجزء المغطى ومدته، على النحو الآتي:
أما مقدار المغطى:
فالمالكية والحنابلة: أي جزء يغطى، يوجب الفدية.
والشافعية: ستر البعض بما يعدّ ستراً عرفاً، يوجب الفدية.
والحنفية: ستر الربع فأكثر هو الذي يوجب الفدية.
وأما مدة التغطية:
فالشافعية والحنابلة: لم يشترطوا مدة، بل بمجرد المخالفة وجب الفدية.
وأما المالكية: يوم أو ليلة أو قريب منها.
وأما الحنفية: فيوم أو ليلة.
ودليل الفدية: القياس على إيجاب الله تعالى الفدية على المريض، إذا حلق شعره معذوراً، حيث قال تعالى: {ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} . ولما ورد عن كعب بن عجرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له حين رأى هوام رأسه: أيؤذيك هوام رأسك؟ قال: قلت: نعم. قال: فاحلق، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك نسيكة متفق عليه.
وقد مال الشيخ العثيمين إلى تضعيف علة هذا القياس، والظاهرية لا يوجبون الفدية. وهو الأقرب إذا كانت العلة ضعيفة. والله أعلم.

المبحث الثاني: اللفافات والأربطة على الوجه:
أما بالنسبة لتغطية الرجل لوجهه:
فعند الحنفية والمالكية: هو من محظورات الإحرام.
وعند الشافعية والحنابلة: ليس من محظورات الإحرام.
وسبب الخلاف: الخلاف في تصحيح الزيادة التي رواها مسلم في الذي وقصته ناقته «لا تخمروا رأسه ولا وجهه». والراجح صحة الحديث، لذا هو من محظورات الإحرام، لغير المريض، ولكن الفدية فيها كما سبق في تغطية الرأس، والعلم عند الله.
وأما بالنسبة لتغطية المرأة لوجهها:
فإن المحظور هو لبس ما يصنع على قدر الوجه من النقاب ونحوه، لحديث البخاري: ((ولا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين)).
وأما تغطية الوجه بغيره فجائزة عند المذاهب الأربعة، لأنه لا دليل على المنع.
أما ربط وشدّ المرأة على وجهها رباطاً أو لفافة: فهو من محظورات الإحرام في المذاهب الأربعة، لغير المريض، ولكن هذا لا دليل عليه، لذا جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: "أما المرأة فيغطى رأسها ووجهها كبقية بدنها؛ لأن النهي للمحرمة إنما هو عن النقاب خاصة".

المبحث الثالث: اللفافات والأربطة في سائر البدن عدا الرأس والوجه:
اختلف الفقهاء في هذا على النحو الآتي:
المالكية: هو من محظورات الإحرام للرجل والمرأة.
الشافعية: ليس من محظورات الإحرام للرجل والمرأة.
الحنفية: ليس من محظورات الإحرام إلا في لف اليد كاملة للرجل والمرأة، أو لف الرجل كاملة للرجل.
الحنابلة: هو من محظورات الإحرام بالنسبة للرجل. كالمالكية.
وأما بالنسبة للمرأة ليس من محظورات الإحرام إلا لف اليد كاملة. كالحنفية.

الراجح: لا يوجد ما يمنع الرجل والمرأة من ذلك، والله أعلم.
سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمرأة أن تغطي وجهها بدون نقاب؟
فأجاب فضيلته بقول: يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن الانتقاب، والانتقاب لباس الوجه، ولم ينه عن تغطية الوجه بل نهى عن النقاب، فيجوز للمرأة أن تغطي وجهها وهي محرمة.
ولهذا لو أن الإنسان لف على رجليه خرقة فلا يحرم عليه؛ لأنها ليست خفاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عن ستر الرجل، بل نهى عن لبس الخف وفرق بين الأمرين".

والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
التعديل الأخير:

أشواق

:: متابع ::
إنضم
22 سبتمبر 2015
المشاركات
16
التخصص
القرآن وعلومه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: أحكام اللفافات والأربطة الطبية للمريض الحاج

بارك الله فيكم


 
أعلى