أبوبكر بن سالم باجنيد
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 13 يوليو 2009
- المشاركات
- 2,540
- التخصص
- علوم
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- الحنبلي
المسألة (13):
هل يلزم أن يبيت النية لصوم كل يوم من أيام رمضان، أم تكفي نية واحدة؟
سبق أن بينتُ أنَّ للعلماء في اشتراط تبييت النية للصوم ثلاثة أقوال:
أولها: عدم اشتراطه في الفرض والنفل، وهو قول الحنفية.
والثاني: اشتراطه في الفرض والنفل، وهو قول المالكية.
والثالث: اشتراطه في الفرض دون النفل، وهو قول الشافعية والحنابلة.
ومن أسباب الخلاف:
ورود قول عائشة وحفصة -رضي الله عنهما- : ( من لم يبيِّت الصيام من الليل فلا صيام له )، وهو مروي مرفوعاً وموقوفاً، والأظهر -والله أعلم- الوقف، ويحتمل أن يكون له حكم الرفع.
فالحنفية يقولون بأن نفي صيام من لم يبيت النية -في الأثر- نفيُ كمال؛ فتصح النية ولو نهاراً إلى ما قبل نصف النهار، مع لزوم نية لكل يوم.
والمالكية يأخذون به وبعمومه؛ فيعتبرونه شاملاً الفرض والنفل.. ولكن النِّيَّة عندهم لا تجب كل لَيْلَة من ليالي رمضان بل تَكْفِي نية وَاحدة في أوله، وَلا بد -عندهم- من تبييت النِّيَّة كل لَيْلَة فِي كل صَوْم يجوز تفريقه؛ كقضاء رَمَضَان وَالصِّيَام فِي السّفر وَكَفَّارَة الْيَمين وفدية الْأَذَى وَنقص الْحَج.
وفرق الشافعية والحنابلة بين الفرض والنفل؛
فجعلوا تبييت النية كل ليلة من ليالي الصيام لازماً في صوم رمضان وغيره من الصوم الواجب
؛ فلا يصح صوم رمضان ولا القضاء ولا الكفارة ولا النذر بنية من النهار، وأما النفل فيجوز على خلاف بينهم في الغاية التي لا يصح عقد النية بعدها في النهار.
ووجه ذلك عندهم
نصوصٌ قد وردت في تجويز صيام من نوى نهاراً، ومن ذلك ما رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت " دخل عليَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم فقال: (هل عندكم شيء؟) قلنا: لا، قال: (فإني إذاً صائم).
والتبييت: أن تقع النية في أي لحظة بين غروب الشمس وطلوع الفجر الصادق.
والقول الثالث أعدل الأقوال، وأحسنها جمعاً بين النصوص.
وأما كون الجمهور قد ذهبوا إلى أن كل يوم من أيام رمضان له نية مستقلة، خلافاً للمالكية؛ فلأن صيام كل يوم من أيام رمضان عبادة مستقلة، وهذا أظهر من جهة النظر. والله أعلم.
وهنا نناقش مسألةً هي:
هل يلزم أن يبيت النية لصوم كل يوم من أيام رمضان كما هو قول الجمهور، أم أن نيةً واحدة تكفي عن الشهر كله كما سبق بتفصيله عند المالكية، وهو رواية عن أحمد؟
فقول الجمهور يستند إلى:
1- قول عائشة وحفصة وابن عمر.
2- أن كل يوم عبادة مستقلة.
2- أن كل يوم عبادة مستقلة.
والقول الثاني يستند إلى:
1- في الحديث: "وإنما لكل امرئ ما نوى"
قالوا: وهذا نوى جميع الشهر، فوجب أن يكون له ما نوى.2- أن الصوم عبادة واحدة مقيسة على الصلاة، حيث لا يشترط لكل ركن في الصلاة نية تخصه، فكذلك هنا.
3- أن الصوم عبادة تجب بأصل الشرع مرة في العام، فصح أن تشملها نية واحدة كالزكاة.
3- أن الصوم عبادة تجب بأصل الشرع مرة في العام، فصح أن تشملها نية واحدة كالزكاة.
والأظهر -والله أعلم- رجحان قول الجمهور؛ لقوة أدلتهم من جهة النظر والأثر..
أما جهة الأثر فقد سبق الكلام عليها.
وأما جهة النظر؛ فإن من أفسد صيام يوم من رمضان لا يفسد صيام بقية أيامه، بخلاف الصلاة التي تبطل كلها بفسادٍ في ركن من أركانها، وهذا يؤيد أن كل يوم هو عبادة مستقلة.
ولأن حديث "وإنما لكل امرئ ما نوى" لا يصح الاحتجاج به في مورد النزاع؛ لأنه لا يدخل فيه إلا نية صحيحة، وإلا جاز أن ينوي العبد ما لا يصح دخوله مشرّكاً في نية واحدة، كأن ينوي صلوات اليوم والليلة بنية واحدة!.
وبالله التوفيق.
---------------------
# للوصول إلى المسائل السابقة #
من هنا
التعديل الأخير: