أبوبكر بن سالم باجنيد
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 13 يوليو 2009
- المشاركات
- 2,540
- التخصص
- علوم
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- الحنبلي
وردني على الخاص معنى هذا السؤال ليضم إلى هذه المسائل
المسألة الثالثة
ما الجواب عن قول ابن حزم بأن الصيام يفسد بالمعصية أياً كانت؟
ومثله تقريره في الحج؟
والجواب مستعيناً بالله تعالى:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الصوم جُنَّةٌ؛ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ؟ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ».
احتج ابن حزم -رحمه الله- بهذا وبغيره من النصوص على أن الصوم تبطله المعصية أياً كانت.
فيقول في "المحلى" ج6 ص177: (وَيُبْطِلُ الصَّوْمَ أَيْضًا تَعَمُّدُ كُلِّ مَعْصِيَةٍ - أَيِّ مَعْصِيَةٍ كَانَتْ، لا تَحَاشَ شيئاً - إذا فَعَلَهَا عَامِداً ذَاكِراً لِصَوْمِه)
وقال: (فَنَهَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ الرَّفَثِ وَالْجَهْلِ فِي الصَّوْمِ، فَكَانَ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ - عَامِدًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ - لَمْ يَصُمْ كَمَا أُمِرَ، وَمَنْ لَمْ يَصُمْ كَمَا أُمِرَ، فَلَمْ يَصُمْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالصِّيَامِ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، ... وَأَخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ مَنْ لَمْ يَدَعْ الْقَوْلَ بِالْبَاطِلِ - وَهُوَ الزُّورُ - وَلَمْ يَدَعْ الْعَمَلَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي تَرْكِ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ ، فَصَحَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَرْضَى صَوْمَهُ ذَلِكَ وَلَا يَتَقَبَّلُهُ، وَإِذَا لَمْ يَرْضَهُ وَلَا قَبِلَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ سَاقِطٌ)
ويقرر في "المحلى" ج7 ص186 كذلك أن: (كل مَن تَعَمَّدَ معصيةً أَيَّ مَعْصِيَةٍ كَانَتْ - وَهُوَ ذَاكِرٌ لِحَجِّهِ مُذْ يُحْرِمُ إلَى أَنْ يُتِمَّ طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ لِلْإِفَاضَةِ وَيَرْمِيَ الْجَمْرَةَ - فَقَدْ بَطَلَ حَجُّهُ).
وقال أيضاً: (وَكُلُّ فُسُوقٍ تَعَمَّدَهُ الْمُحْرِم ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ فَقَدْ بَطَلَ إحْرَامُهُ، وَحَجُّهُ، وَعُمْرَتُهُ)
وأبرز أدلته على ذلك قول الله تعالى: {فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}
نقول أولاً: غاية ما دلت عليه هذه النصوص أنه يحرم الرفث والفسوق حال الصيام، وحال الإحرام
وأما كون ذلك مفسداً فليس في شيء من ألفاظها ما ينهض به
فإن قيل: فلمَ تفسدون إحرام من وقع منه الرفث في الإحرام وتحكون عليه الإجماع؟
فالجواب فيما قال العلامة الشنقيطي: (فاعلم أن غاية ما دل عليه الدليل: أن ذلك لا يجوز في الإحرام؛ لأن الله تعالى نص على ذلك في قوله تعالى: {فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}، أما أقوالهم في فساد الحج وعدم فساده وفيما يلزم في ذلك، فليس على شيء من أقوالهم في ذلك دليل من كتاب ولا سنة، وإنما يحتجون بآثار مروية عن الصحابة، ولم أعلم بشيء مروي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا حديثاً منقطعاً لا تقوم بمثله حجة..
إلى أن قال: وإذا كانت هذه المسألة المذكورة ليس فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث المنقطع سنده.. تبين: أن عمدة الفقهاء فيها على الآثار المروية من الصحابة. )
وهذه الآثار منها ما جاء عن ابن عمر وعن عبد الله بن عمرو بن العاص وعن ابن عباس رضي الله عنهم، وبعضها صحيح الإسناد فكفى بها حجة؛ لأنه لم يعلم لهم مخالف من الصحابة..
قال الطريفي في التحجيل: (وأما أثر ابن عباس:
فأخرجه البيهقي في "الكبرى": (5/167) من طريق علي بن حجر ثنا إسماعيل بن جعفر ثنا حميد عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن ابن عباس رضي الله عنه في رجل وقع على امرأته وهو محرم، قال: اقضيا نسككما، وارجعا إلى بلدكما، فإذا كان عام قابل فاخرجا حاجين، فإذا أحرمتما فتفرقا، ولاتلتقيا حتى تقضياً نسككما واهديا هدياً.
وإسناده صحيح.
وأخرج البيهقي في "الكبرى": (5/168،172) عن شعبة، وسعيد بن منصور في "سننه" ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق": (6/148) عن هشيم، كلاهما عن أبي بشر عن رجل من بني عبد الدار - زاد شعبة: وسعيد بن جبير ثم اتفقا - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بمعناه.
وإسناده صحيح.
وأخرج البيهقي: (5/168) من طريق محمد بن بكر ثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أن عكرمة أخبره عن ابن عباس نحوه.
وإسناده صحيح.
وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف": (4/1/136) من طريق أبي بكر ابن عيّاش عن عبد العزيز بن رُفيع عن عبد الله بن وهبان عن ابن عباس نحوه.
وإسناده ضعيف، عبد الله بن وهبان لا يعرف، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير": (5/220) وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل": (5/192) وابن حبان في "الثقات": (5/52) ولم يتكلموا عليه بشيء، وبقية رجال الخبر ثقات)
فإذا ثبت هذا كما ترى كان المعوَّل عليه والعلم عند الله تعالى.
بل عجب ابن حزم من الفقهاء إبطالهم حج من قبَّل امرأته المباحة له فأمنى ثم لا يبطلونه بالفسوق من قتْل وترك للصلاة، مع أنه غير منهي عن الأول قط فيما يرى ابن حزم رحمه الله تعالى.
كما عجب من قول الحنفية في إبطالهم الحج بوطء الناسي امرأتَه، ثم نفيهم البطلان لمن لم يتعمد القصد إلى عمل قوم لوط فاعلاً كان أو مفعولاً به.
ورد دعوى الإجماع على أن النسك لا يفسد بالفسوق –سوى الوطء- فقال: (وأعجب شيءٍ دعواهم الإجماع على هذا ولا سبيل إلى أن يأتوا بروايةٍ عن أحد من الصحابة –رضي الله عنهم- في أن تعمُّد الفسوق لا يبطل! بل الروايات عن السلف تشهد لقولنا).
وهذا الذي جنح إليه ابن حزم قولٌ مرجوح، ومن غرائبه أنه أبطل نُسُك من لم يُلَبِّ، بل أبطل نسك من لبى ولم يرفع صوته بالتلبية، وذلك على قاعدته في أن كل مخالفة فهي من الفسوق، ومن أتى ذلك لم يحج كما أُمِر، ومن لم يحج كما أُمِر فلا حج له؛ للحديث: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
ثانياً: الفسوق الذي هو خارجٌ عن ماهية الصوم لا ينبغي أن يكون مبطلاً
فمن امتنع عن الأكل والشرب والجماع فهو صائم كما أُمِر، لا كما ادعى ابن حزم..
فكان صومه على الوجه المأمور به شرعاً، ومعصيتُه الخارجة عن ماهية الصوم منفكةُ الجهة، فلم تبطله.
وبالله التوفيق
# للوصول إلى المسائل السابقة #
من هنا
المسألة الثالثة
ما الجواب عن قول ابن حزم بأن الصيام يفسد بالمعصية أياً كانت؟
ومثله تقريره في الحج؟
والجواب مستعيناً بالله تعالى:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الصوم جُنَّةٌ؛ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ؟ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ».
احتج ابن حزم -رحمه الله- بهذا وبغيره من النصوص على أن الصوم تبطله المعصية أياً كانت.
فيقول في "المحلى" ج6 ص177: (وَيُبْطِلُ الصَّوْمَ أَيْضًا تَعَمُّدُ كُلِّ مَعْصِيَةٍ - أَيِّ مَعْصِيَةٍ كَانَتْ، لا تَحَاشَ شيئاً - إذا فَعَلَهَا عَامِداً ذَاكِراً لِصَوْمِه)
وقال: (فَنَهَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ الرَّفَثِ وَالْجَهْلِ فِي الصَّوْمِ، فَكَانَ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ - عَامِدًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ - لَمْ يَصُمْ كَمَا أُمِرَ، وَمَنْ لَمْ يَصُمْ كَمَا أُمِرَ، فَلَمْ يَصُمْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالصِّيَامِ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، ... وَأَخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ مَنْ لَمْ يَدَعْ الْقَوْلَ بِالْبَاطِلِ - وَهُوَ الزُّورُ - وَلَمْ يَدَعْ الْعَمَلَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي تَرْكِ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ ، فَصَحَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَرْضَى صَوْمَهُ ذَلِكَ وَلَا يَتَقَبَّلُهُ، وَإِذَا لَمْ يَرْضَهُ وَلَا قَبِلَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ سَاقِطٌ)
ويقرر في "المحلى" ج7 ص186 كذلك أن: (كل مَن تَعَمَّدَ معصيةً أَيَّ مَعْصِيَةٍ كَانَتْ - وَهُوَ ذَاكِرٌ لِحَجِّهِ مُذْ يُحْرِمُ إلَى أَنْ يُتِمَّ طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ لِلْإِفَاضَةِ وَيَرْمِيَ الْجَمْرَةَ - فَقَدْ بَطَلَ حَجُّهُ).
وقال أيضاً: (وَكُلُّ فُسُوقٍ تَعَمَّدَهُ الْمُحْرِم ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ فَقَدْ بَطَلَ إحْرَامُهُ، وَحَجُّهُ، وَعُمْرَتُهُ)
وأبرز أدلته على ذلك قول الله تعالى: {فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}
نقول أولاً: غاية ما دلت عليه هذه النصوص أنه يحرم الرفث والفسوق حال الصيام، وحال الإحرام
وأما كون ذلك مفسداً فليس في شيء من ألفاظها ما ينهض به
فإن قيل: فلمَ تفسدون إحرام من وقع منه الرفث في الإحرام وتحكون عليه الإجماع؟
فالجواب فيما قال العلامة الشنقيطي: (فاعلم أن غاية ما دل عليه الدليل: أن ذلك لا يجوز في الإحرام؛ لأن الله تعالى نص على ذلك في قوله تعالى: {فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}، أما أقوالهم في فساد الحج وعدم فساده وفيما يلزم في ذلك، فليس على شيء من أقوالهم في ذلك دليل من كتاب ولا سنة، وإنما يحتجون بآثار مروية عن الصحابة، ولم أعلم بشيء مروي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا حديثاً منقطعاً لا تقوم بمثله حجة..
إلى أن قال: وإذا كانت هذه المسألة المذكورة ليس فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث المنقطع سنده.. تبين: أن عمدة الفقهاء فيها على الآثار المروية من الصحابة. )
وهذه الآثار منها ما جاء عن ابن عمر وعن عبد الله بن عمرو بن العاص وعن ابن عباس رضي الله عنهم، وبعضها صحيح الإسناد فكفى بها حجة؛ لأنه لم يعلم لهم مخالف من الصحابة..
قال الطريفي في التحجيل: (وأما أثر ابن عباس:
فأخرجه البيهقي في "الكبرى": (5/167) من طريق علي بن حجر ثنا إسماعيل بن جعفر ثنا حميد عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن ابن عباس رضي الله عنه في رجل وقع على امرأته وهو محرم، قال: اقضيا نسككما، وارجعا إلى بلدكما، فإذا كان عام قابل فاخرجا حاجين، فإذا أحرمتما فتفرقا، ولاتلتقيا حتى تقضياً نسككما واهديا هدياً.
وإسناده صحيح.
وأخرج البيهقي في "الكبرى": (5/168،172) عن شعبة، وسعيد بن منصور في "سننه" ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق": (6/148) عن هشيم، كلاهما عن أبي بشر عن رجل من بني عبد الدار - زاد شعبة: وسعيد بن جبير ثم اتفقا - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بمعناه.
وإسناده صحيح.
وأخرج البيهقي: (5/168) من طريق محمد بن بكر ثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أن عكرمة أخبره عن ابن عباس نحوه.
وإسناده صحيح.
وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف": (4/1/136) من طريق أبي بكر ابن عيّاش عن عبد العزيز بن رُفيع عن عبد الله بن وهبان عن ابن عباس نحوه.
وإسناده ضعيف، عبد الله بن وهبان لا يعرف، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير": (5/220) وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل": (5/192) وابن حبان في "الثقات": (5/52) ولم يتكلموا عليه بشيء، وبقية رجال الخبر ثقات)
فإذا ثبت هذا كما ترى كان المعوَّل عليه والعلم عند الله تعالى.
بل عجب ابن حزم من الفقهاء إبطالهم حج من قبَّل امرأته المباحة له فأمنى ثم لا يبطلونه بالفسوق من قتْل وترك للصلاة، مع أنه غير منهي عن الأول قط فيما يرى ابن حزم رحمه الله تعالى.
كما عجب من قول الحنفية في إبطالهم الحج بوطء الناسي امرأتَه، ثم نفيهم البطلان لمن لم يتعمد القصد إلى عمل قوم لوط فاعلاً كان أو مفعولاً به.
ورد دعوى الإجماع على أن النسك لا يفسد بالفسوق –سوى الوطء- فقال: (وأعجب شيءٍ دعواهم الإجماع على هذا ولا سبيل إلى أن يأتوا بروايةٍ عن أحد من الصحابة –رضي الله عنهم- في أن تعمُّد الفسوق لا يبطل! بل الروايات عن السلف تشهد لقولنا).
وهذا الذي جنح إليه ابن حزم قولٌ مرجوح، ومن غرائبه أنه أبطل نُسُك من لم يُلَبِّ، بل أبطل نسك من لبى ولم يرفع صوته بالتلبية، وذلك على قاعدته في أن كل مخالفة فهي من الفسوق، ومن أتى ذلك لم يحج كما أُمِر، ومن لم يحج كما أُمِر فلا حج له؛ للحديث: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
ثانياً: الفسوق الذي هو خارجٌ عن ماهية الصوم لا ينبغي أن يكون مبطلاً
فمن امتنع عن الأكل والشرب والجماع فهو صائم كما أُمِر، لا كما ادعى ابن حزم..
فكان صومه على الوجه المأمور به شرعاً، ومعصيتُه الخارجة عن ماهية الصوم منفكةُ الجهة، فلم تبطله.
وبالله التوفيق
# للوصول إلى المسائل السابقة #
من هنا
التعديل الأخير بواسطة المشرف: