رد: أرغب في مطارحة حول ولاية الحاكم بغير ما أنزل الله
(مِنْ وُلَاةِ أُمُورِهِمْ) أَيْ أَحْكَامِهِمْ (وَعُلَمَائِهِمْ) فَجَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي تَأْوِيلِ أُولِي الْأَمْرِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِهِمْ الْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ بِعِلْمِهِمْ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنْكَرِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِهِمْ أُمَرَاءُ الْحَقِّ الْعَامِلُونَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَأَمْرِ السُّنَّةِ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَالْجَائِرُونَ لَا يُطَاعُونَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ، وَمِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ فِي اعْوِجَاجًا يَعْنِي عَنْ الْحَقِّ فَلْيُذَكِّرْنِي، فَقَامَ إلَيْهِ بِلَالٌ أَوْ سَلْمَانُ فَقَالَ: لَوْ رَأَيْنَا فِيك اعْوِجَاجًا لَقَوَّمْنَاك بِسُيُوفِنَا. فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مَنْ إذَا رَأَى فِي اعْوِجَاجًا قَوَّمَنِي بِسَيْفِهِ.
حاشية العدوي:
[قَوْلُهُ: الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ] وَصْفٌ لَازِمٌ بِالذِّكْرِ لِشَرَفِهِ وَأَنَّهُ أَثَرُ الْعِلْمِ الْأَثَرُ الْأَعْظَمُ، وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا بَعْدَهُ. [قَوْلُهُ: أُمَرَاءُ الْحَقِّ] أَيْ الْأُمَرَاءُ الْمَنْسُوبُونَ لِلْحَقِّ لِعَمَلِهِمْ بِهِ، فَقَوْلُهُ: الْعَامِلُونَ إلَخْ تَوْضِيحٌ لِذَلِكَ وَأَرَادَ بِأَمْرِ اللَّهِ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي كِتَابِهِ وَأَمْرِ السُّنَّةِ مَا أَمَرَ بِهِ نَبِيُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْكِتَابُ وَإِسْنَادُ الْأَمْرِ لِلسُّنَّةِ مَجَازٌ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ صَاحِبُهَا الَّذِي هُوَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ: الْآمِرُونَ إلَخْ يَأْتِي مَا تَقَدَّمَ هُنَا [قَوْلُهُ: وَالْجَائِرُونَ لَا يُطَاعُونَ] أَيْ لَا تَجُوزُ طَاعَتُهُمْ.
قَالَ تت: وَلَا تَجِبُ طَاعَةُ وُلَاةِ الْجَوْرِ إلَّا لِخَوْفِ الْقِتَالِ وَالنِّزَاعِ فَيُطَاعُ عِنْدَ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] الْمُنَاسِبُ إيرَادُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فِيمَا إذَا أَمَرَ مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْإِمَامَةِ الَّتِي مِنْهَا الْعَدَالَةُ بِمَعْصِيَةٍ مِنْ أَنَّهُ لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ» إلَخْ.
وَأَمَّا الْجَائِرُ الَّذِي لَيْسَ بِعَادِلٍ فَهَذَا لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ وَلَوْ فِي الْجَائِزِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ تت. [قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ] أَيْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِلْمَخْلُوقِ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ. [قَوْلُهُ: قَوْلُ عُمَرَ] أَيْ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَ التَّأَمُّلِ. [قَوْلُهُ: فَلْيُذَكِّرْنِي] أَيْ مَا رَأَى فِي [قَوْلُهُ: فَقَامَ إلَيْهِ بِلَالٌ أَوْ سَلْمَانُ] أَوْ لَيْسَتْ لِلشَّكِّ بَلْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ [قَوْلُهُ: لَوْ رَأَيْنَا فِيك اعْوِجَاجًا] أَيْ مَيْلًا عَنْ الْحَقِّ. [قَوْلُهُ: لَقَوَّمْنَاك] أَيْ لَجَعَلْنَاك مُسْتَقِيمًا عَلَى الْحَقِّ بِسُيُوفِنَا بِحَيْثُ نَقْهَرُك بِالسُّيُوفِ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ.اهـ
هذا في الجائر فما بالك باليوم