العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

أهلكني الضحك من مسألة فقهيّة؟!

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,136
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
لما قرأت القصَّة مع استحضار تخيُّلاتها على أرض الواقع لم أملك نفسي من جور الضحك الذي هدَّني!
ولم أستطع مجاوزة القصة؛ بله أن أكمل القراءة!!
------------------------------
قصة الأعمى!
وقفت عليها حال مطالعتي لكتاب: العواصم والقواصم (1/303) للإمام ابن الوزير اليماني (775-840هـ):
( قول الأعمى (*) الذي قضى عليه عمر -رضي الله عنه- الدِّية حين سقط هو وقائده في حفرة، فوقع فوق قائده، فَقَتَلَهُ! وَسَلِمَ!.
فلمَّا قضى عليه عمر بالدِّية، جعل يطوفُ وهويقول:
يا أيُّهـا النَّـاسُ لَقِيْـتُ مُنْكَـرَا
هلً يَعْقِلُ الأعمى الصَّحيح المُبْصِرا
خَـرَّا مَعـاً كِلاهُمـا تَكَسَّـرا)
----------------
(*) أخرج قصته الدارقطني: (3/98)، والبيهقي: (8/112)، وفي سنده انقطاع.
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
رد: أهلكني الضحك من مسألة فقهيّة؟!


الأخ الحبيب
عبد الحكيم بن الأمين بن عبد الرحمن وفقه الله ورعاه


المقصود بالتسبب هنا : هو التسبب المتعمد؛ والمقصود بالتعمد : أن يقصد بالفعل الأثر المترتب عليه.
( فالمباشر ضامن وإن لم يتعمد ) أما ( المتسبب فلا يضمن إلا بالتعمد )
والسبب في تضمين المباشر مطلقاً، وتضمين المتسبب عند التعدي أو التعمد، هو أن المباشرة علة وسبب مستقل للتلف، أما التسبب فليس سبباً مستقلاً فاقتضى أن يرافقه صفة عداء ليصلح علة للتضمين.

أرجوا أن تكون قد وضحت.

غير صحيح أخي الكريم و ما وضعت الرابط إلا ليتضح الأمر ، و هذا نصه :

كما لو قضى القاضي بالقصاص بناءً على شهادة زور بالقتل ، وثبتت شهادة الزور بعدئذ ، حيث يسأل الشهود المتسببون في القتل وليس القاضي الذي حكم به ، ولا الشخص الذي قام بالتنفيذ .
ومن تطبيقات ذلك ما روي أن عبيداً سرقوا ناقة لرجل فنحروها وأكلوها، فلما عرف عمر رضي الله عنه أن سيد العبيد كان يجيعهم ، درأ عنهم حد السرقة والزمه بدفع ضعف ثمن الناقة لصاحبها . كما أفتى ابن عباس في غلامين سرقا خمار امرأة وادعيا أنهما فعلا ذلك من الجوع ، بعدم قطع أيديهما وبتغريم ساداتهما ثمن الخمار . ففي المثالين تم تضمين سادة العبيد مع أنهم متسببين ، لأن مباشرة العبيد للضرر كانت مبنية على تسبب السادة ومتولدة عنه . اهــ

فالسيد الذي جوع عبيده لم يقصد دفعهم للسرقة ورغم ذلك حكم عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالتغريم والأثر في الموطأ و الله الموفق.
 
إنضم
19 ديسمبر 2012
المشاركات
37
الكنية
أبو يزن
التخصص
طويلب علم
المدينة
السلط
المذهب الفقهي
فقه الدليل
رد: أهلكني الضحك من مسألة فقهيّة؟!


قلنا ان المتسبب لا يضمن الا بالتعمد، والمقصود بالتعمد؛ أن يقصد بالفعل الأثر المترتب عليه (
أي على فعله )، فلا يشترط أن يقصد أيضاً ما يترتب على ذلك الأثر.

فالسيد الذي جوع عبيده لم يقصد دفعهم للسرقة، ولكنه
تقصد تجويعهم؛ فان عدم اطعامهم فعل متعمد، وليس عن قلة وفقر.

فالفعل
: هو عدم الاطعام.
والأثر المترتب : هو الجوع.
وما ترتب على هذا الأثر : هو السرقة؛ وهذا لا يشترط تقصده لكي يضمن.

كالرجل الذي رمى حجراً على دابة بقصد إخافتها، فندت الدابة واتلفت شيئاً، فلا يشترط لصيرورته ضامناً أكثر من تقصده إخافتها، فلا يشترط أن يكون قد قصد الإخافة لأجل الإتلاف.
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
رد: أهلكني الضحك من مسألة فقهيّة؟!

هما سيان فالمفرط متعمد كذلك و في جميع الأحوال شرط التعمد لا يصح كقيد هنا فسواء كان متعمدا أو لا يستثنى من القاعدة مثال ذلك أن يجر أحدهم مشلولا على كرسيه المتحرك فإذا سقط في بئر و سقط عليه المشلول فالمشلول لا يضمن.

وعلى كل العبرة بالدليل لا بالقواعد فمن أراد تضمين الأعمى هنا عليه بالدليل ثم هب أنه مبتور اليدين و الرجلين أصم أبكم و أخد القائد يجره فسقطا في بئر و سقط عليه فكيف ستضمنه ثم هب أن أحدهم ركب في سيارة أجرة فأخطأ السائق و وقع حادث مرور سقط فيه الراكب على السائق فقتله فكيف ستضمنه ، فأصلا لا يحكم على الأعمى بالمباشر في هذه المسألة ذلك أنه لا فرق بينه و بين حجر جره أحدهم فسقط عليه و الله الموفق.

للفائدة ، قال الإمام ابن حزم في المحلى :
قال وكيع : كانوا يرون أن رجلا صحيحا كان يقود أعمى فوقعا في بئر فخر عليه ؟ فإما قتله ، وإما جرحه ، فضمن الأعمى .

ومن طريق ابن وهب نا الليث بن سعد أن عمر بن الخطاب قضى في رجل أعمى قاده رجل فخرا معا في بئر فمات الصحيح ولم يمت الأعمى ؟ فقضى عمر على عاقلة الأعمى بالدية ، فكان الأعمى يتمثل بأبيات شعر قالها ، وهي التي ذكرناها آنفا قبل هذا .

وقال ابن وهب : سمعت مالكا يقول في البصير يقود الأعمى فيقع البصير في بئر ، ويقع الأعمى على البصير ، فيموت البصير ؟ فإن دية البصير على عاقلة الأعمى .

(قال أبو محمد) : الرواية عن عمر لا تصح في أمر الأعمى ، لأنه عن علي بن رباح ، والليث ، وكلاهما لم يدرك عمر أصلا .

والقول في هذا عندنا أن من وقع على آخر فلا يخلو من أحد ثلاثة أوجه : إما أن يكون دفعه غيره فمات الواقع أو الموقوع عليه وإما أن يكون الموقوع عليه هو الذي جر الواقع فوقع عليه ، كبصير يقود أعمى - وهو يمسكه - فوقع البصير ، وانجبذ بجبذه الأعمى ، أو المريض فوقع عليه فمات الأسفل ، أو الأعلى - أو يكون وقع من غير فعل أحد ، لكن عمد رمي نفسه أو لم يعمد ، لكن عثر إذ خر فإن دفعه غيره ، فالدافع هو القاتل ، فإن كان عمدا فعليه القود ، أو الدية ، أو المفاداة ، في أيهما مات فإن كان خطأ فعلى عاقلته الدية وعليه الكفارة ، إذ هو القاتل خطأ - والمدفوع حينئذ والحجر سواء - فهذا وجه .

وإن كان المدفوع عليه هو جبذ الواقع فإن كان عامدا فهو قاتل عمد ، فإن مات المجبوذ فعليه القود ، أو الدية ، أو المفاداة - وإن مات هو فهو قاتل نفسه ، ولا شيء على المجبوذ ، لأنه لم يعمد ، ولا أخطأ ، فإن كان لم يعمد جبذه - ولكن استمسك به - فوقع فمات ، فعلى عاقلة الجابذ دية المجبوذ إن مات ، والكفارة ، لأنه قاتل خطأ - فإن مات هو فليس على المجبوذ شيء ، ولا على عاقلته ، لأنه ليس عامدا ولا مخطئا ، لكن على عاقلة الجابذ دية نفسه ، لأنه قاتل نفسه خطأ - فهذا وجه ثان .

وإن كان وقع من غير فعل أحد ، فإن كان عمدا فهو قاتل عمد - إن سلم فالقود ، أو الدية ، أو المفاداة - وإن مات فهو قاتل نفسه عمدا ، ولا شيء على الموقوع عليه ، وإن كان لم يعمد فهو قاتل خطأ إما نفسه وإما الآخر ، فالدية على عاقلته ولا بد ، وعليه إن سلم هو ومات الآخر : كفارة - وبالله تعالى التوفيق - والأعمى والبصير في ذلك سواء .اهــ

قال الحافظ في تلخيص الحبير :
قوله : روي أن بصيرا كان يقود أعمى ، فوقع البصير في بئر فوقع الأعمى فوقه ، فقتله ، فقضى عمر بعقل البصير على الأعمى ، فذكر أن الأعمى كان ينشد في الموسم :

يا أيها الناس رأيت منكرا هل يعقل الأعمى الصحيح المبصرا خرا معا كلاهما تكسرا
الدارقطني والبيهقي من حديث موسى بن علي بن رباح ، عن أبيه : أن أعمى كان ينشد في الموسم ، فذكره ، وفيه انقطاع . اهــ
 
التعديل الأخير:
إنضم
21 ديسمبر 2010
المشاركات
396
الإقامة
وهران- الجزائر
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة والقانون
الدولة
الجزائر
المدينة
سعيدة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: أهلكني الضحك من مسألة فقهيّة؟!

أحيي الإخوة الفضلاء على مشاركاتهم القيمة الراقية التي أجبرتني على تسجيل هذه المداخلة هنا وفي ملتقى النظريات الفقهية والتقنين المعاصر!

لا يختلف الفقـه الإسلامي عن فقـه القانون المدني بالنسبة لغموض فكرة السببية، حيث حدّد رابطة الإفضاء؛ بأن تكون إمّا على سبيل المباشرة أو السببية، فلا ضمان في غيرهما.


إذ سجل البعض[1] بأن ضابط التمييز بين المباشرة والتسبب؛ الذي يستند إلى قوة رابطة السببية، يعترضه بعض الصعوبات. فتحقق رابطة السببية بين الفعلِ-مباشرةً كان أو تسبباً- وبين الضررِ، تستوجب الضمان بالمساواة، فلكلٍّ من المباشر والمتسبب علاقـةٌ بالنتيجة الضارة.

ويُرجع الفقه الإسلامي التمييز بين المباشرة والتسبب من حيث شروط الضمان إلى أحد القواعد الأصولية التي تميز بين العلة والسبب، وتقضي بأن العلّة باعتبارها وصفاً مؤثراً بذاته في الحكم، متصلاً به، فلا تحتاج إلى أمرٍ زائدٍ يضاف إليها لثبوت الحكم، فيدور معها المعلول وجوداً وعدماً، أما السبب فهو طريق إلى الحكم بدون تأثير، إذ لا بد فيه أن يتوسط بينه وبين الحكم علة؛ لذلك لا يضاف إليه الحكم إلا بزيادة وصفٍ يجعله صالحاً للعلة أو في حكم العلة وهو التعدي.[2]

أما القول بأنه لكون رابطة الإفضاء أو السببية في حالة "المباشرة" تكون مباشرة؛ لعدم وجود ما يفصل بين فعل المباشر والضرر، فيجب الضمان مطلقاً، ولكونها في حالة التسبب غير مباشرة؛ لوجود فاصل بين الفعل والضرر، فلا يقوم الضمان إلا بشروط أخرى؛ هذا القول بعيدٌ عن الصحة، و لا مستند له، بل مخالف لقواعد ومنطق الضمان، فالفاصل بين فعل المتسبب والضرر، إما أن يترتب عليه هدم رابطة السببية بين الفعل والضرر، وهنا لن تقوم المسؤولية مطلقاً، وإما أن لا يترتب على هذا الفاصل أي أثرٍ من حيث إسناد الضرر إلى المتسبب، وفي هذه الحال يكون وضعُه وضعَ المباشر، ولا تكون هناك حاجةٌ لاشتراط أمرٍ آخر.

وإن عدم دقة التمييز يفضي إلى نتائج غريبة ومتناقضة، وهذا ما نلمحه في اضطراب تكييفات الفقهاء في النوازل والمسائل.[3]
تعليـق:
هذا الرأي له وجاهته وحظه من النظر الشرعي، فاشتراط التعدي في التسبب ذريعةٌ إلى ضياع حقوق الناس، وقواعد الشرع -فيما نعلم- قاضيةٌ بضمان ما يُصيب الغيرَ من ضررٍ مطلقاً؛ سواء كانت عن محض تسببٍ ليس فيه معنى التعدي، أو تسبباً ينطوي على معنى التعدي.

وبناءً عليه، يمكن القول بأن من سقط في حفرةٍ حفرها شخصٌ ما في ملكه، فلا ضمان على الحافر؛ ليس بسبب أنه غير متعدي، ولكن لأن الساقط مباشرٌ. فإن غطّى الحافرُ الحفرةَ؛ بحيث لم يرها الساقط، أو حفرها في الطريق العام، يكون ضامناً؛ لأنه متسببٌ، حتى لو لم يقصد من وراء ذلك الأذى بغيره. وبهذا نقترب من المسؤولية الموضوعية التي عُرِف بها الفقه لإسلامي، ونبتعد عن المسؤولية الشخصية أو الخطئية؛ التي عرف بها الفقه القانوني قبل أن يتجه- في عدة محاولات؛ مثل التأمينات الإجبارية- صوبَ المسؤولية الموضوعية أو الشيئية.



[1] انظر: د.عادل جبري حبيب، المفهوم القانوني لرابطة السببية وانعكاساته في توزيع عبء المسؤولية المدنية- دراسة مقارنة بأحكام الفقه الإسلامي، ص 237.
[2]: راجع: د.محمد صلاح الدين حلمي، أساس المسؤولية التقصيرية في الشريعة الإسلامية والقانون المدني ص246، و د. إبراهيم أبو الليل، المسؤولية المدنية بين التقييد والإطلاق، دراسة تحليلية للأنظمة القانونية المعاصرة، اللاتينية-الإسلامية- الأنجلو أمريكية مع طرح فكرة التعدي كأساس للمسؤولية المدنية، ص228.
[3]: ذكر البعض أن التشريعات الحديثة تنبذ هذه التفرقة، ومن أخذ بها مثل التشريعين العراقي أو الكويتي جعلها في حدود ضيقة.

 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: أهلكني الضحك من مسألة فقهيّة؟!

صراحة بمجرد القراءة تتسع المدارك بورك فيكم أجمعين
 
أعلى