العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

إستشارة علمية هامة عن العفو والخلود فى النار

إنضم
26 أكتوبر 2010
المشاركات
2
التخصص
تجارة شعبة محاسبة
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
احمد ابن حنبل
إستشارة علمية هامة عن العفو والخلود فى النار
أيها الإخوة والأخوات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد الدعاء للجميع بالخير والبركة والتوفيق والسداد، أود أن استفسر عن
1- العفو:حث القرآن الكريم والسنة الشريفة على العفو ولكن العقل يقول أن العفو ينبغى أن يكون له شروط وحدود فمثلا لا عفو فى باب الحدود قال تعالى (تلك حدود الله فلا تعتدوها)( سورة البقرة 229) كما أن فى العفو مساواة للطائع بالعاصى مع إختلافهما فى العمل فسؤالى ماهى حدود وشروط العفو فى الحياة اليومية فى تعاملات الناس وأعتقد أنه من شروط العفو الاعتذار أو عدم قصد الاساءة فهل هذا صحيح؟
2- من عقيدة اهل السنة والجماعة أن المسلم العاصى لا يخلد فى النار وإنى لأرى – مع ثقتى فى عدل الله سبحانه وتعالى- أن من الظلم أن يكون مصير العاصى نفس مصير الطائع ومصير تارك الصلاة نفس مصير المحافظ على صلاته - وإن كانا لا يستويان فى درجات الجنة - وإن العبرة فى الاحداث بخواتيمها فكيف تكون خاتمة هذا مثل ذاك؟علما بان الاية (14)سورة النساء جاء فيها (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين)
 
إنضم
26 أكتوبر 2010
المشاركات
2
التخصص
تجارة شعبة محاسبة
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
احمد ابن حنبل
رد: إستشارة علمية هامة عن العفو والخلود فى النار

وصلنى بالبريد الالكترونى هذا الرد ارجو ان يستفيد منه الاخوة والاخوات
جواب السؤال الأول:
نعلم أنه لا تعارض بين العقل والنقل، فما ذكره الله من مشروعية العفو عن الناس، رتب عليه الأجر العظيم لمن عفى، فحصل على جزاء عفوه بذلك. وكذلك رتب على قبول التوبة إذا كان لها متعلق بحق آدمي أن يعفو عنه هذا الآدمي، فهذا عدل في العفو.
وفي جانب حدود الله رتب الله العفو على من تاب وأناب وعمل شروط التوبة النصوح، وهي الإقلاع عن فعل الذنب، والندم على فعلها، والعزم على عدم العودة إليها.
ثم من فعل ذنبا يبدل الله سيئاته حسنات.
وكذلك الطائع في الأصل الذي لم يعمل ولم يرتكب ذنبا، يرفعه في الجنة درجات، وأخبرنا أن الجنة درجات ومراتب.
فهذا شرع الله، لم يعارضه عقل خلقه الله.
جواب السؤال الثاني:
عن أبي عبــــــــــد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنـه قــــــــال: حدثنــــا رسول الله _صلى الله عليه وآله وسلم_ وهـــــــــو الصادق المصدوق:( إن أحدكم يجمع في بطن أمـــــــه أربعين يومــــــــا نطفة، ثم يكون علقـــة مثل ذلك، ثم يكون مضغـــــــــة مثل ذلك ،ثم يرسل إليه الملك،فينفخ فيــــــــــه الروح، ويؤمر بــــــــــأربع كلمات بكتب رزقه، وأجــــــــله، وعملـــــــــه، وشقي أم سعيد، فو الله الذي لا إلــــــــــــه غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنـــــــــة حتى ما يكون بينـــــــه وبينهـــــــا ذراع فيسبق عليه الكتـــــــــ! ـــاب فيعمل بعمـــــــــل أهل النار فيدخلهــــــــــا، وإن أحـــــــــــدكم ليعمل بعمل أهـــــــــــل النارحتى مــــــــــا يكون بينه وبينهــــــــا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلهـــــــــــا)).رواه البخاري،
قـــــــــــــال ابن القيم رحمه الله : " الجهـــــــــــال بالله وأسمائه وصفاته ، المعطلــــــــــون لحقائـقهــــــــا ، يـــــبغـــضون الله إلى خلقه ،ويقطعون عليهم طر يق محبتـــــــــــه ، والتودد إليه بطـــــــــــــاعته من حيث لا يعلمـــــــــــــون !!

ونحن نذكرمن ذلك أمثلة يحتــــــــــذى عليها :
فمنها أنهم يقررون في نفوس الضعفــــــــــــــاء أن الله سبحانه لاتنفع معه طــــــــــاعة ، وإن طال زمانها وبـــــــــــــالغ العبد وأتى بها بظاهره وبــــــــــــــاطنه ، وأن العبدليس على ثقـــــــــــة ولا أمن من مكره ؛ بل شـــأنه سبحانه أن يأخذ المطيع المتقي من المحراب إلى المــــاخور ، ومن التـــــوحيد والمسبحـــــة إلى الشرك والمزمار ، ويقلب قلبـــــه من الإيمان الخالص إلى الكفر ، ويروون في ذلك آثــــــــــــــــــار صحيحة لم يفهموها ، وباطلة لم يقلهـــــــــــــــا المعصوم، ويزعمون أن هذا حقيقة التوحيد .. .." انـتهى ، الفوائد (15! 9
ثم قـــــــــــــال رحمه الله : " فـــــــــــأفلس هذا المسكين من اعتقـــــــــــــاد كون الأعمـــــــــــــال نافعة أو ضارة ؛ فلا بفعل الخيريستــــــــــأنس ، ولا بفعل الشر يستوحش ، وهل في الـتنفير عن الله وتبغيضه إلى عبـــــــــــــاده أكثر من هذا ؟!!
ولو اجتهد الملاحـــــــــــدة على تبغيض الدين والتنفير عن الله لمــــــــــــــا أتوا بأكثر من هـــــــــــــذا .
وصاحب هذه الطر يقة يظن أنه يقرر التوحيـــــــــد والقـــــدر ، ويرد على أهل البدع ،وينصر الدين ، ولعمر الله :
العدو العـــــــــــــاقل أقل ضررا من الصديق الجاهل ، وكتب الله المنزلة كلها ورسله كلهم شـــــاهدة بضد ذلك ، ولا سيما القرآن ؛ فلو سلك الدعـــــــــــاة المسلك الذي دعا الله ورسوله به النــــاس إليه لصلح العالم صــــــلاحا لا فساد معه .
فالله سبحانه أخبر ، وهو الصادق الوفي ، أنه إنمــــــــــــا يعامل الناس بكسبهم ، ويجـــازيهم بأعمالهم ، ولا يخاف المحسن لديه ظلمــــــــــا ولا هضما ، ولا يخاف بخساولا رهقا ،
ولا يضيع عمل محسن أبدا ، ولا يضيع على العبد مثقال ذرة ،
ولا يظلمها وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيمـــــــــا ، وإن كان مثقـــــــــــال حبة من خردل جــازاه بها ، ولا يضيعها عليه ، وأنه يجزي بــــــــــالسيئة مثلها ، ويحبطهـــــــــــــا بالتوبة والندم والاستغفار والحسنات والمصــائب ، ويجزي بالحسنة عشر أمثـــــــالها ، ويضـــاعفها إلى سبعمائةضعف إلى أضعـــــــــاف كثيرة !!
وهو الـــــــــــذي أصلح الفاسدين ، وأقبل بقلـوب المعرضين ، وتــــــــاب على المذنبين ، وهـــــــــــدى الضالين ، وأنــقذ الهالكين ، وعلم الجــــــــــاهلين ، وبصر المتحيرين ،وذكر الغافلين ، وآوى الشاردين ، وإذا أوقـــــــــــع عقابا أوقعه بعد شدة التمرد والعتوعليه ، ودعـــــــــــوة العبد إلى الرجوع إلى إليه ...) .انتهى الفوائد (161)
وهذاالحديث العظيم رواه البخاري (3208)
ومسلم (2643)من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ،وقد أشكل على بعض الناس قولــــــــه _صلى لله عليه وسلم_ فيه :
(( فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبــين الجنــة إلا ذراع فيسبق عليه كتابه، فيعمل بعمل أهل النــــــــــار ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنــــــــــة.
وهو مثال لما أشار إليه ابن القيم رحمه الله من الآثــــــــــارالصحيحة التي لم يفهموهـــــــــــا .
والجـــــــــواب عن ذلك: أن هــــــــذا في حق من لا يعمل إخلاصـــــاوإيمــانا، بل يعمل بعمل أهل الجنة ( فيمــــــــا يبدو للناس )فقط ،
كما جاء موضحا فيالحديث الآخر الذي رواه البخاري (4207) ومسلم (112) عن سهل: قــــــــــال التقى النبي _صلى الله عليه وسلم_ والمشركون في بعض مغـــــــــازيه فــاقــتــتلوا فمــــــــــال كل قوم إلى عسكرهم وفي المسلمين رجـــــــــل لا يدع من المشركين شــــــــــــــاذة ولا فـــــــــــــاذة إلا اتبعها فضر بها بسيفه ،
فقيــــــــل: يا رسول الله ماأجزأ أحد مــــــــــــا أجزأ فلان،
فقــــــــــال :إنــــــــه من أهل النار،
فقالوا: أينا من أهل الجنة إن كان هذا من أهل النار،
فقــــــــال: رجل من القوم لأتبعنه فإذا أسرع وأبطأكنت معه حتى جرح فاستعجل الموت فوضع نصاب سيفه بالأرض وذبـــــــــابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فجـــــــــــاء الرجل إلى النبي _صلى الله عليه وسلم _ فقــــــــــال: أشهد أنك رسول الله،
فقال :ومــــــــــا ذاك فأخبره ،
فقـــــــــــال :
( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنــــــــــة فيما يبدوللناس وإنه لمن أهل النار ،
ويعمل بعمل أهل النارفيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة.
وأما من يعمل بعمل أهل الجنة حقيقة ، إخــــلاصا وإيمــانا ، فالله تعالى أعدل وأكرم وأرحم من أن يخــــــذله في نهاية عمره .
بل هذا أهل للتوفيق والتسديد والتثبيت ، كما قال تعالى :
(( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء )) إبراهيم/27 ،
وقال : ( والذين جاهدوا فينال نهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) العنكبوت/69،
وقال : ( إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجرالمحسنين ) يوسف/90 ،
وقال : ( يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لايضيع أجر المؤمنين ) آلعمران/171
قـــــــــــال ابن القيم_رحمه الله_في "الفوائـــــــــــد" ص 163 :"وأما كون الرجل يعمل بعمل أهــــــــــل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتـــــــــــاب ، فإن هذا عمل أهل الجنة فيمـــــــــــا يظهر للناس ، ولو كان عملا صــــــــــالحا مقبولا للجنة قد أحبه الله ورضيه لم يبطله عليه .
وقوله : ( لم يبق بينه وبينها إلا ذراع ) يشكل على هذا التأويل ، فيقــــــــــال : لما كان العمل بــــــــــ آخره وخاتمتـــــــــــه ، لم يصبر هذا العامل على عملــــــــــه حتى يتم له ، بل كان فيه آفــــــــة كامنة ونكتة خــــــــــذل بها في آخر عمره ، فخانــته تلك الآفة والــــــــــداهية الباطنة في وقتالحاجة ، فرجع إلى موجبها ، وعملت عملها ، ولو لم يكن هناك غش وآفـــــــــــة لم يقلب الله إيمانه والله يعلم من سائر العباد ما لا يعلمه بعضهم من بعض " انـتهى
فيكون الحديث: فيه تحــــــــذير من الاغترار بالأعمـــــــال ، وتوجيه إلى سؤال الله الـثبات حتى الممــــــــات، فإن القلوب بين أصبعين من أصــــــــــــــابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" :
" المراد بالذراع التمثيل للقرب من موتــــــــــه ودخوله عقبه , وأن تلك الـــــــــــــدار مـــــــــــابقي بينه وبــين أن يصلهــــــــــا إلا كمن بقي بينه وبين موضـــــــــــع من الأرض ذراع ,
والمراد بهذا الحــــــــــديث: أن هــــــــــذا قد يقع في نادر من الناس , لا أنـــــــــه غالب فيهم , ثم أنه من لطف الله تعـــــــــــالى وسعة رحمته انقلاب النـــــــــــاس من الشر إلى الخيرفي كثرة , وأمــــــــــا انقلابهــــــــــم من الخير إلى الشر ففي غــــــــاية الندور , ونهـــــــــــاية القلة , وهو نحو قوله تعالى :
{ إن رحمتي سبقت غضبي وغلبت غضبي }
و يدخل في هذا من انقلب إلى عمل النـــــــــار بكفر أو معصية , لكن يختلفــــــــــــــان في التخليد وعدمه ; فـــــــــــــالكافر يخلد في النار , والعـــــــــــــاصي الذي مات موحدا لا يخلد فيها كما سبق تقريره .
وفي هذا الحديث تصر يح بـــــــــإثبات القدر , وأن التـــــــــــوبة تهدم الذنوب قبلها , وأن من مات على شيىء حكم لـــــــه به من خيرأو شر , إلا أن أصحـــــــــــاب المعاصي غير الكفر في المشيئة .والله أعلم " انتهى .
على أن الذي ينبغي أن ننتبه إليه في هذا السياق ،أن في نفس الحديث الذي أشكل عليك حل هذا الإشكال ؛ وذلك أنه لم يتضمن مجرد إثبات القدر ، وعلم الله تعالى السابق في خلقه ، وكتابته لأعمالهم ، وإنما تضمن ، هووأمثاله من النصوص ، إلى جانب ذلك كله ، إثبات أمره ونهيه ، وأن الله تعالى لا يعذب عباده ، ولا ينعمهم ، على مجرد علمه فيهم ، بل على ما عملت أيديهم ، وكسبت نفوسهم .
قــــــــــــــال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وهذاالحديث ونحوه فيه فصلان :

أحــــدهما : القدر السابق وهو أن الله سبحانه علم أهل الجنة من أهل النارمن قــبل أن يعملوا الأعمــــــــــال وهذا حق يجب الإيمان به.
بل قد نص الأئمة : كمالك والشافعي وأحمد أن من جحد هذا فقد كفر ; بل يجب الإيمــــــــــــــان أن الله علم ماسيكون كله قـــــــــبل أن يكون ويجب الإيمـــــــــــان بما أخبر به من أنه كتب ذلك وأخبر به قــــــــــبل أن يكون ...
والفصل الــــــــــــــثاني: أن الله سبحانه وتعالى يعلــــــــــم الأمور على ماهي عليه ، وهو قـــــــــد جعل للأشياء أسبابــــــــا تكون بها ؛فيعلم أنهـــــــــــــا تكون بتلك الأسباب ، كما يعلم أن هذايولـــــــــــد له بأن يطـــــــــــــــأ امرأة فيحبلها ؛
فلو قــــــــال هذا : إذاعلم الله أنه يولد لي فلا حاجة إلى الوطء كان أحمق
; لأن الله علم أن سيكون بمـــــــــــا يقدره من الوطء ،
وكذلك إذا علم أن هذا ينبت له الزرع بمـــــــــــا يسقيه من الماء ويبذره من الحب ؛
فلو قـــــــــــــال :
إذا علم أن سيكون فـــــــــلا حاجة إلى البذر كان جاهلا ضالا ; لأن الله علم أن سيكون بذلك ...
وكذلك إذا علم أن هذا يكون سعيدا في الآخرة وهذا شقيا في الآخرة،
قلنا : ذلكل أنـــــه يعمل بعمل الأشقياء ؛ فالله علم أنه يشقى بهـــــــــــذا العمل ،
فلو قيل : هو شقي وإن لم يعمل كان باطلا ; لأن الله لا يـدخل النار أحـــــــــدا إلا بذنبــــه
كماقال تعالى :
{ لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين } ؛ فأقسم أنه يملؤها من إبليس وأتباعه ،ومن اتبع إبليس فقد عصى الله تعالى ، ولا يعاقب الله العبد على ما علم أنه يعمله حتى يعمله ...
وكذلك الجنة خلقهـــــــــا الله لأهــــــــــل الإيمان به وطـــــــــــــاعته فمن قدر أن يكون منهم يسره للإيمـــــــــــــان والطاعة ؛
فمن قـــــــــــال : أنا أدخل الجنة سواءكنت مؤمنا أو كافرا ، إذا علم أني من أهلهــــــــــا كان مفتر يــــــــــا على الله في ذلك ، فـــــــــــإن الله إنما علم أنه يــــــــدخلها بالإيمان ، فإذا لم يكن معه إيمـــــــان لم يكن هذاهو الذي علـــــــــــم الله أنه يدخل الجنة ، بل من لم يكن مؤمنـــــــــــا ، بل كافرا ، فــــإن الله يعلم أنه من أهل النار لا من أهـــل الجنة .
ولهــــــــذا أمر الناس بــــــــــالدعاءوالاستعـــــــــــــانة بالله وغير ذلك من الأسبـــــــــــــاب.
ومن قــــــــــال : أنا لا أدعو ولا أسأل اتكالا على القدر كان مخطئــــــــــاأيضا ; لأن الله جعل الــــــــــدعاء والسؤال من الأسباب التي ينــــــــــــــال بها مغفرته ورحمته وهداه ونصره ورزقه.
وإذا قدر للعبد خيرا ينــــــــــــاله بالدعاء لم يحصل بدون الدعاء ، ومــــــــــــــا قدره الله وعلمه من أحوال العبـــــــــــــاد وعواقبهم فإنمــــــــــا قــــــــــــدره الله بأسبـــــــــــــاب يسوق المقادير إلى المواقيت ؛ فليس في الدنيـــــــــــــا والآخرة شيء
إلا بسبب ، والله خـــــــــالق الأسباب والمسببات ...
وفي هـــــــــــــــذا الموضع ضل طائفتان من الناس :
" فريق " آمنوا بالقدر وظنوا أن ذلك كاف في حصول المقصود ، فأعرضوا عن الأسباب الشرعية والأعمال الصالحة ، وهؤلاء يئول بهم الأمر إلى أن يكفروابكتب الله ورسله ودينه !!
وفريق أخـــــــــــــــذوا يطلبون الجزاء من الله كما يطلبه الأجير من المستـــــــــــــأجر متكلين على حولهموقوتهم وعملهم ، وكما يطلبه المماليك ، وهؤلاءجهــــــــــــــــال ضلال؛ فــــــــــــــإن الله لم يأمر العبــــــــــــــاد بما أمرهم به حــــــــــــــاجة إليه ، ولا نهاهم عما نهاهم عنه بخـــــــــــلا به ؛ولكن أمرهم
بمـــــــــــا فيه صلاحهم ، و نـــــــــهــاهم عمــــــــــا فيه فسادهم ، وهو سبحانه كما قال : { يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ...
فمن أعرض عن الأمر والنـــــــــهي والوعـــــــــــد والوعـــــــــــيد ناظراإلى القـــــــــــــدر فقد ضل ،
ومن طلب القيـــــــــــــام بالأمر والنهي معرضــــــــــا عن القــــــــــــــدر فقد ضل ;
بل المؤمن كما قال تعالى : (إياك نعبد وإياك نستعين )) ؛
فنعبده اتبـــــــــــــــاعا للأمر ونستعينه إيمـــــــــــــانا بالقدر ..." انـتهى .
 
أعلى