العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ابن حزم والخروج مغموما عن كرة الأرض!

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ابن حزم والخروج مغموما عن كرة الأرض!
ابن حزم وصديقه البصري الذي يشترط رؤية البرهان! فطالبه ابن حزم بإخراجه من كرة الأرض!
يقول ابن حزم:
«ولقد امتُحِنت مرة ببعض أصدقائنا؛ فإنه سامنا أن نريه العَرَضَ منخزلاً عن الجوهر قائماً بنفسه، وقال لي: إن لم ترني ذلك فإني لا أصدق بالعرض.
فلستُ أحصي كم مثَّلث له تربيع الطين، ثم تدويره، وذهاب التربيع، وبقاء الطين بحسبه، وحركات المرء مِنْ قيامه وقعوده، وحمرة الثوب بعد بياضه، فأبى في كل ذلك إلا أن أُرِيَه العرض مزالا عن الجوهر باقيا بحسبه يراه في غير جوهر.
فلا أحصي كم قلتُ له: إن العرض لو قام بنفسه، وكان كما تريد مني لم يكن عرضاً، وإنما هو عرض؛ لأنه بخلاف ما تريد أن تراه عليه، فلج وتمادى.
فعدتُ إلى أن قلتُ له مهازلاً: لو أمكنك إخراجي عن كرة العالم فربما كان يمكن حينئذ لو أمكن انخزال العرض عن الجوهر، ولا سبيل إلى كل ذلك أن تراه في غير جوهر؛ فأما والعالم كله كرة مصمتة، وجوهرة متصلة، متجاورة الأجزاء، لا تخلخل فيها ولا خلاء، فحتى لو انفصل العرض من جوهرٍ ما، وجاز أن يبقى بعد انفصاله عنه لما صار إلا في جوهر آخر، لا بد من ذلك.
فما ردعه هذا الهزء عما هجس في نفسه، وفارقتُه آبيا، فما أدري أوفق بعدي لرفض هذا المرار الهائج أم لا.
فليس مثل هذا التكليف الفاسد وكون المرء لا تتشكل له الحقائق بقادح في البرهان، ولا بملتفت إليه، وكفانا من ذلك كله، وحسبنا قيام صحة ذلك في النفس بدلالة العقل على أنه حق فقط، ولو جاز لكل مَنْ لا يتشكل في نفسه شيء أن ينكره لجاز للأخشم أن ينكر الروائح، وللذي ولد أعمى أن ينكر الألوان، ولنا أن ننكر الفيل والزرافة، وكل هذا باطل.
وإنما يجب على العاقل أن يثبت ما أثبت البرهان، ويبطل ما أبطل البرهان، ويقف فيما لم يثبته ولا أبطله البرهان حتى يلوح له الحق.
وكذلك ليس علينا قسر الألسنة إلى الإقرار بالحق، لكن علينا قسر النفوس إلى الإقرار به، وقطع الألسنة عن المعارضة الصحيحة لعدم وجودها، إذ لا يتعارض البرهان، وإذا أقمناه فقد أمنا أن يقيمه خصمنا، وكذلك أيضاً إن قصر مقصر عن إقامة البرهان على حق يعتقده فذلك لا يضر الحق شيئاً. ولا يفرح بهذا من خصمه إلا الذي يفرح بالأماني.

رسائل ابن حزم (4 /335 ، 336).
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: ابن حزم والخروج مغموما عن كرة الأرض!

أحسن الله إليكم
هذه المقالة من ابن حزم لها مقاصد لا يفهمها إلا أهل الفطنة وفيها معاني متينة . ولله الحمد من قبل ومن بعد .
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: ابن حزم والخروج مغموما عن كرة الأرض!

" ليس على المرء أكثر من نصر الحق وتبيِّينه ، ثم ليس عليه أن يُصوِّر للحواس أو في النفوس ما لا سبيل إلى تصويره وما لا صورة له أصلاً " .
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: ابن حزم والخروج مغموما عن كرة الأرض!

" وهذا كأعمى كَلَّف بصيراً أن يُصوِّر له الألوان ، فهذا ما لا سبيل إليه ، وهذا تكليف فاسد لا نقص في العجز عنه على المكلَّف ، وأما ما دام ذلك ممكناً فواجب على المكلَّف بيانه بأقصى ما يقدر عليه " .
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: ابن حزم والخروج مغموما عن كرة الأرض!

هذه من دروس مؤدِّب الامام ابن حزم : أحمد بن محمد بن عبد الوارث
رحم الله عِظامهما . آمين .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: ابن حزم والخروج مغموما عن كرة الأرض!


لأبي محمد ابن حزم تجلّيات قلميّة يحبس القارئ أنفاسه

إذ يمر بها في كتابات هذا الحبر الأندلسي، ومنها هذه اللفتة التي لا أنفك أعاود
النظر إليها مرة إثر مرة: قال ذات يوم: "لا تأخذ بعض الكلام دون بعضٍ، فتفسد
المعاني، وأحذِّرك من شغب قومٍ في هذا المكان، إن ناظروا ضبطوا على آيةٍ واحدة، أو
حديثٍ واحد، وهذا سقوطٌ جديد، وجهلٌ مفرط
"اهـ. [التقريب لحد المنطق (281)].

هذا درسٌ عالٍ في تدبير النظر العلمي في المسائل، وأزيد فأقول: إن قوماً من
المتحدثة بلسان العلم – وما أبرئ نفسي - إن ناظروا ضبطوا على قاعدة واحدة، أو أصل
واحد، وهلم جرّا، وإذا تصوروا مسألة افترضوا صورة واحدة، أو زماناً واحداً، أو
مكاناً واحداً، فيأخذون العلم أخذاً أولياً مغلقاً، خلياً من التلقيح بالمختلفات،
والتنقيح بالنقائض والبدائل، والحال أن العلم يتنقح بعضه ببعض، ويتلقّح كذلك على
هذا النسق، ما دام نظر الناظر مفتوحاً لكل معطيات المسألة التي ينظرها، وما دام
قديراً على طرح البدائل واختبار الفرضيات، وامتحان الأوّليات، آخذاً بالنمط الأوسط،
غير جانحٍ إلى القبض ولا البسط.

والذي استنكره أبو محمد أن يتورط طالب العلم في أحادية الاستدلال، وهي بلا تردّد
طيش منهجي، وعثرة لا لعا لها، لكن ماذا عن التصور، والمعطيات، والأبعاد، إذا اختزل
الناظر المسألة في شيء واحد دون غيره، إن مثل الفرق بين النظر الصحي المنفك والنظر
المريض بهذا الانغلاق النفساني، كمثل شخصين ينظران إلى غابة مليئة بالأشجار والثمار
والمسارب والمخارج، الأول يبصرها مباشرة دون وساطة، والثاني يبصرها من خلال رسم على
الورق، خالٍ من الأبعاد المتعددة للصورة، فلا يرى إلاّ بعداً واحداً، والنسبة بين
أشخاص الصورة واحدة في نظره، وشتان ما بين الاثنين.

وماذا عن سبب هذه الظاهرة؟ هل هو الشيخ الذي تفقه به الطالب، أو الصحبة التي
لازمها، أو النشأة والبيئة العلمية المحيطة، أو الرهبة النفسية من نقض الفكرة التي
لاحت لأول وهلة؟ فإنني ألاحظ أن نفسي تألف الخاطر الأول الذي طرق ذهني عندما نظرت
في المسألة أول مرة، وأجد مشقة بالغة في زحزحة ذلك الخاطر، حتى لو كنت سأتركه لما
هو أقوى منه، فسوابق الخواطر غلابة، وما زلت في ترويضها للانفكاك عنه، ومازالت
تتمنع، وقد اشتكى غير واحد من أفذاذ العلماء من هذا البلاء، والله المستعان.

إنها ظاهرة علمية ليست بالحديثة، وفي ظني أنه حان الأوان لدراستها، وتتبّع مواردها
ومظاهرها وآثارها، وإلا فإن البداهة المنهجية تقتضي جمع الأدلة والشواهد والصور
وتقليب المسألة على أوجهها؛ فإذا فعل فبالحري يخرج بنظر صحيح أو مقارب في المسألة،
هذا ما نقرره نظرياً، ونخالفه عملياً في أحيان كثيرة، بدافع الإلف والاعتياد، وهذا
عناد وفساد، ورحم الله أبا محمد إذ يقول في موضع آخر: "ومن أراد أن يجدَ جميعَ
الأحكام كلها في آيةٍ واحدة؛ فهو عديمُ عقلٍ، متعللٌ في إفسادِ الشريعة"
.اهـ.
[الإحكام (7/326)].
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
رد: ابن حزم والخروج مغموما عن كرة الأرض!

لعل ذلك راجع لتفقه طالب العلم على شيخ واحد أو على شيوخ مذهب واحد حتى يظن طالب العلم أن هذا هو الحق لا غير يغره في ذلك جهله بالخلاف و أدلة المخالف وإشتهار بعض الأقوال بعد أن كانت مغمورة في الماضي لا حظ لها من النظر و لو درس طالب العلم على أكثر من شيخ على أصول مختلفة لما تجرأ على حصر المسائل في نص واحد فإن من المسائل من تدرسها سنوات حتى تظن أنك وفقت للحق فيها فإذا بك تطلع يوما على كلام أحد جهابذة المتقدمين فيها فتقف فيه حائرا وقلبك يردد ما أجهلني يا ليتني بقيت فيها مقلدا.

مشكلة عصرنا هي تقسيم المسائل وفصل الفروع الفقهية عن بعضها مع الجهل بأدلة المخالف وقد كان في الماضي للفقهاء إهتمام بربط الفروع الفقهية وضبط القواعد حتى يسبك طالب العلم ملكته الفقهية فيرجع الفرع لأكثر من أصل ويفرق بين المتشابهات بما يتخلف عنه الحكم ويربط المتفرقات بإلغاء الفروق التي لا ينبني عليها شيء وينظر في المسألة من ألف جانب حتى لا يكاد يترك بابا من أبواب الشريعة وإلا وقد استقرأه فيها.

أما اليوم فقد تساهل الناس في الخلاف الفقهي حتى فقد نكهته وأرجع الناس الخلاف في كل مسألة لحديث أو آية بل من الناس من حصر الدليل في ظاهر القرآن والسنة وألغي المفاهيم والقياس و الإستدلال بل تجرأ الجهال على الجزم بالحق في مواضع اختلف فيها جهابذة علماء الأمة لقرون فلا أدري هل يظن أنه فهم ما لم يفهمه سلفنا أو أنهم لم يتفطنوا لمواطن الدليل.

نحن بحاجة لإعادة دراسة الفقه كما ينبغي على أصوله مع طلب كل قول من عند أصحابه بأدلته وفهمها على أصولهم لا على نظرة سطحية تجعل صاحبها جاهلا مركبا والله المستعان.
 

زكريا محمد بنر

:: متابع ::
إنضم
7 يوليو 2013
المشاركات
15
التخصص
الفقه والأصول
المدينة
العيون
المذهب الفقهي
مالكي
رد: ابن حزم والخروج مغموما عن كرة الأرض!

بارك الله فيكم
 
أعلى