العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

استلام الآفاقي غير مريد النسك بدل الحج في مكة

إنضم
9 مارس 2011
المشاركات
40
الإقامة
ماليزيا
الجنس
ذكر
الكنية
أبو حسنى
التخصص
الشريعة
الدولة
ماليزيا
المدينة
كوالا ترنقانو
المذهب الفقهي
شافعي
السلام عليكم


سادتنا الكرام


إذا دخل آفاقي مكة غير مريد النسك وهو يريد العمل فقط وبعد وصوله مكة عرض عليه بدل الحج للميت الآفاقي.


إذا أحرم للعمرة في الحل ثم أتم عمرته وفي الثامن من ذي الحجة أحرم للحج في الحرم فهل عليه دم واحد فقط أي دم التمتع أو دمان أي دم التمتع ودم ترك ميقات الحج للمحجوج عنه؟

وكيف لو أفرد أي أحرم للحج يوم الثامن من ذي الحجة وأتم حجه ثم اعتمر: فهل هو كباقي الآفاقيين المفردين الذين ليس عليهم دم أم عليه دم لتركه ميقات حج المحجوج عنه؟
 
إنضم
3 أبريل 2018
المشاركات
112
الإقامة
مكة المكرمة - حي العوالي
الجنس
ذكر
الكنية
أبو زيد
التخصص
شريعة إسلامية
الدولة
سورية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: استلام الآفاقي غير مريد النسك بدل الحج في مكة

بسم الله الرحمن الرحيم :
إذا كان يريد العمل ، وأصبح مقيماً في مكة ، بحيث تنطبق عليه شروط المقيم بسبب عمله وسكنه ، فهذا ليس عليه دم تمتع ولايكون متمعاً ، للآية {فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ، فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ؛ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)} ، فهو من حاضري المسجد الحرام .فلا تنبطق عليه شروط المتمتع ، ويمكنه عمل عمرة أو أكثر في أشهر الحج ،
وبذلك فلو أراد النيابة بالحج ، فميقاته المكاني بيته ، فو كلن ضمن حد الحرم ، وأحرم من داخل حد الحرم ، أو من حيث أنشأ الحج ضمن حد الحرم أو دون مسافة قصر ( على خلاف إن كان خارج الحد بمسافة مختلف فيها) ، فهو لايحتاج إلى دم ترك الميقات المكاني ، فليس عليه شيء في ذلك
.
والله تعالى أعلم
 
إنضم
9 مارس 2011
المشاركات
40
الإقامة
ماليزيا
الجنس
ذكر
الكنية
أبو حسنى
التخصص
الشريعة
الدولة
ماليزيا
المدينة
كوالا ترنقانو
المذهب الفقهي
شافعي
رد: استلام الآفاقي غير مريد النسك بدل الحج في مكة

بسم الله الرحمن الرحيم :
إذا كان يريد العمل ، وأصبح مقيماً في مكة ، بحيث تنطبق عليه شروط المقيم بسبب عمله وسكنه ، فهذا ليس عليه دم تمتع ولايكون متمعاً ، للآية {فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ، فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ؛ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)} ، فهو من حاضري المسجد الحرام .فلا تنبطق عليه شروط المتمتع ، ويمكنه عمل عمرة أو أكثر في أشهر الحج ،
وبذلك فلو أراد النيابة بالحج ، فميقاته المكاني بيته ، فو كلن ضمن حد الحرم ، وأحرم من داخل حد الحرم ، أو من حيث أنشأ الحج ضمن حد الحرم أو دون مسافة قصر ( على خلاف إن كان خارج الحد بمسافة مختلف فيها) ، فهو لايحتاج إلى دم ترك الميقات المكاني ، فليس عليه شيء في ذلك
.
والله تعالى أعلم

أليس المعتمد في المذهب أن آفاقيا لو دخل مكة للعمل وفي نيته العودة إلى بلاده بعد انتهاء عمله لا يعتبر من حاضري المسجد الحرام؟

2019-07-17 08.21.07.jpg2019-07-17 08.21.29.jpg2019-07-17 08.21.36.jpg2019-07-17 08.21.44.jpg2019-07-17 08.21.50.jpg
 
إنضم
3 أبريل 2018
المشاركات
112
الإقامة
مكة المكرمة - حي العوالي
الجنس
ذكر
الكنية
أبو زيد
التخصص
شريعة إسلامية
الدولة
سورية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: استلام الآفاقي غير مريد النسك بدل الحج في مكة

أستاذي الكريم : قد تختلف المسميات ، حسب الظروف ، فاعتبار كونه مقيماً من عدمه هذا " هذا ليس كالحطابين و لاالصيادين الذين يترددون في أعمالهم بين مكة وخارجها، كماهي حال موزعي الماء والمواد الغذائية فهؤلاء ليسوا مقيمين " أما من له عقد عمل ضمن حدود حرم مكة " وقيل دون مسافة قصرمنها، فهذا أصبح مقيماً " فتحقيق المناط أنَّ من له عقد عمل وسكن في مكة أصبح مقيماً ، خلافاً لمن يتردد عليها يدخل ويخرج وليس له مكان إقامة فيها .
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: استلام الآفاقي غير مريد النسك بدل الحج في مكة

السلام عليكم


سادتنا الكرام


إذا دخل آفاقي مكة غير مريد النسك وهو يريد العمل فقط وبعد وصوله مكة عرض عليه بدل الحج للميت الآفاقي.


إذا أحرم للعمرة في الحل ثم أتم عمرته وفي الثامن من ذي الحجة أحرم للحج في الحرم فهل عليه دم واحد فقط أي دم التمتع أو دمان أي دم التمتع ودم ترك ميقات الحج للمحجوج عنه؟

وكيف لو أفرد أي أحرم للحج يوم الثامن من ذي الحجة وأتم حجه ثم اعتمر: فهل هو كباقي الآفاقيين المفردين الذين ليس عليهم دم أم عليه دم لتركه ميقات حج المحجوج عنه؟
يجب عليه أن يحرم من ميقات المحجوج عنه، فلو أحرم من مكة فعليه دم
قال في التحفة:
وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذُكِرَ الْأَجِيرُ , فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مِثْلِ مَسَافَةِ مِيقَاتِ مَنْ أَحْرَمَ عَنْهُ إنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ مِيقَاتِهِ.
فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتٍ أَقْرَبَ فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ دَمُ الْإِسَاءَةِ وَالْحَطُّ وَرَجَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ.
وَالثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ، وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ، وَأَنَّهُ عَلَّلَهُ بِأَنَّ الشَّرْعَ سَوَّى بَيْنَ الْمَوَاقِيتِ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
لَكِنْ مَفْهُومُ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: إذَا عَدَلَ أَجِيرٌ عَنْ مِيقَاتٍ مُعَيَّنٍ لَفْظًا أَوْ شَرْعًا إلَى آخَرَ مُسَاوٍ لَهُ أَوْ أَبْعَدَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ: أَنَّهُ إذَا كَانَ أَقْرَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَبِهِ يَتَرَجَّحُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفَرَّعَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَلَى ذَلِكَ فَرْعًا طَوِيلًا فِي مَكِّيٍّ اُسْتُؤْجِرَ عَنْ آفَاقِيٍّ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَأَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ، وَتَرَكَ مِيقَاتَ الْمُسْتَأْجَرِ عَنْهُ:
فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ مَا مَرَّ بِالْأَولَى.
وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
أَحَدَهُمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ مَكَّةَ مِيقَاتٌ شَرْعِيٌّ.
وَأَصَحُّهُمَا عَلَيْهِ دَمُ الْإِسَاءَةِ وَالْحَطُّ , وَإِنْ عَيَّنَهَا لَهُ الْوَلِيُّ فِي الْإِجَارَةِ.
وعلق عليه الداغستاني:
( قَوْلُهُ : مِنْ مِثْلِ مَسَافَةِ مِيقَاتِ مَنْ أَحْرَمَ عَنْهُ ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مِنْ مِيقَاتِ الْمَنُوبِ عَنْهُ مَرَّ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعٍ بِإِزَائِهِ إذَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ مِنْ مَكَّةَ حَكَاهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْفُورَانِيِّ وَأَقَرَّهُ ا هـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر مِنْ مِيقَاتِ الْمَنُوبِ عَنْهُ أَيْ : أَوْ مَا قَيَّدَ بِهِ مِنْ أَبْعَدَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كِتَابِ الْوَصِيَّةِ انْتَهَى شَرْحُ الْمَنْهَجِ أَقُولُ , فَإِنْ جَاوَزَهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ أَحْرَمَ مِنْ مِثْلِهِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَفِي حَجّ مَا يُوَافِقُهُ أَمَّا لَوْ عُيِّنَ لَهُ مَكَانٌ لَيْسَ مِيقَاتًا لِأَحَدٍ كَأَنْ قَالَ لَهُ أَحْرِمْ مِنْ مِصْرَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ بِمُجَاوَزَتِهِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اللُّزُومِ لَكِنْ يُحَطُّ قِسْطٌ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ , فَإِنْ كَانَ أُجْرَةُ مِثْلِ الْمُدَّةِ بِتَمَامِهَا مِنْ مِصْرِ مَثَلًا عَشَرَةً وَمِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ تِسْعَةٌ حُطَّ مِنْ الْمُسَمَّى عُشْرُهُ ا هـ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ وَيَلْزَمُ الْأَجِيرَ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَنْ يُحْرِمَ مِمَّا عُيِّنَ لَهُ فِي الْعَقْدِ إنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ , فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَلَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَأَبْعَدَ مِنْهُ , فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ دُونِ مِيقَاتِ مُسْتَأْجِرِهِ وَلَوْ مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ أَسَاءَ وَلَزِمَهُ الْعَوْدُ إلَى مِيقَاتِ الْمُسْتَأْجِرِ , فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ وَلَوْ لِعُذْرٍ فَعَلَيْهِ الدَّمُ وَيُحَطُّ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُقَابِلُ الْمَسَافَةَ الْمَتْرُوكَةَ بِاعْتِبَارِ السَّيْرِ وَالْأَعْمَالِ , فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ بَعْدَ الْمِيقَاتِ فَسَدَ الْعَقْدُ , فَإِنْ فَعَلَ وَقَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْإِذْنِ وَالدَّمُ عَلَى الْمَعْضُوبِ أَوْ الْوَلِيِّ الْمُسْتَأْجِرِ عَنْ الْمَيِّتِ إذْ هُوَ مُقَصِّرٌ بِتَعْيِينِ ذَلِكَ وَكَذَا الْمُتَبَرِّعُ فَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ مَكِّيٌّ أَوْ تَبَرَّعَ عَنْ مَيِّتٍ آفَاقِيٍّ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ وَفِيهِ مَا ذُكِرَ أَيْ : الْحَطُّ وَالدَّمُ ا هـ . قَالَ بَاعَشَنٍ قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ إلَخْ أَيْ : الْأَعْلَى مَا عَلَيْهِ الْجَمَّالُ الطَّبَرِيُّ وَتَبِعَهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْإِيعَابِ وَالْحَاشِيَةِ فَيَكْفِي وَلَا دَمَ وَلَا حَطَّ وَقَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الدَّمُ إلَخْ أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْجَمَّالِ الطَّبَرِيِّ وَقَوْلُهُ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ إلَخْ هَذَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَرَّ عَنْ الْجَمَّالِ الطَّبَرِيِّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمِيقَاتِ الْأَجِيرِ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَمَشَى عَلَيْهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ ا هـ بَاعَشَنٍ عِبَارَةُ الرَّئِيسِ قَوْلُهُ وَفِيهِ مَا ذُكِرَ أَيْ خِلَافًا لِلْجَمَّالِ الطَّبَرِيِّ وَجَمَاعَةٍ حَيْثُ قَالُوا مِيقَاتُهُ مِيقَاتُ الْأَجِيرِ أَوْ الْمُتَبَرِّعِ ا هـ ...
( قَوْلُهُ يَتَرَجَّحُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ ) هَذَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي مُعْظَمِ كُتُبِهِ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبُ وَالْجَمَّالُ الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُمْ.
وَاعْتَمَدَ الشَّارِحُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَالْإِيعَابِ الِاكْتِفَاءَ بِمِيقَاتِ آفَاقِيٍّ يَمُرُّ عَلَيْهِ الْأَجِيرُ , وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ وَاعْتَمَدَهُ سم فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
وَأَقُولُ إنَّمَا يَظْهَرُ التَّرْجِيحُ بِذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ التَّعْيِينُ لَفْظِيًّا بِأَنْ عَيَّنُوا فِي الْعَقْدِ مِيقَاتَ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ شَرْعِيًّا بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْمِيقَاتِ , فَإِنَّهُ لَا عُدُولَ حِينَئِذٍ , فَإِنَّ مِيقَاتَ الْأَجِيرِ مِيقَاتٌ شَرْعِيٌّ أَيْضًا ...
( قَوْلُهُ : أَحَدُهُمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ) عِبَارَةُ بَاعَشَنٍ وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ جَوَازِ الْعُدُولِ لِلْأَقْرَبِ أَنَّ الْمَكِّيَّ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْحَجِّ عَنْ آفَاقِيٍّ جَازَ الْإِحْرَامُ مِنْ مَكَّةَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَاعْتَمَدَهُ الْجَمَّالُ الطَّبَرِيُّ لَكِنْ اعْتَمَدَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ لُزُومَ الْخُرُوجِ إلَى الْمِيقَاتِ وَلَوْ أَقْرَبَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَنُوبِ عَنْهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ الْعُدُولِ , فَإِنْ خَالَفَ لَزِمَهُ الدَّمُ وَالْحَطُّ ا هـ وَلَا يَسَعُ لِأَهْلِ مَكَّةَ إلَّا تَقْلِيدُ مَا اعْتَمَدَهُ الْجَمَّالُ الطَّبَرِيُّ وَإِلَّا فَيَأْثَمُونَ عِنْدَ عَدَمِ الْخُرُوجِ إلَى الْمِيقَاتِ بِتَرْكِ الدَّمِ وَتَرْكِ الْحَطِّ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ عَيَّنَهَا لَهُ الْوَلِيُّ إلَخْ ) بَلْ هُوَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْوَنَائِيِّ
( قَوْلُهُ وَلَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ مِيقَاتٌ إلَخْ ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْأَبْعَدِ مِنْ مِيقَاتِ الْأَجِيرِ وَمِيقَاتِ الْمُنَابِ عَنْهُ وَمَا شَرَطَهُ فَيَجِبُ الْأَبْعَدُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَأَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِي حَالَةِ الِاسْتِوَاءِ وَأَنَّ لَهُ الْعُدُولَ عَمَّا وَجَبَ مِنْ مِيقَاتٍ شَرْعِيٍّ أَوْ نَذْرِيٍّ أَوْ شَرْطِيٍّ إلَى مِثْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ فَيُحْرِمُ مِنْهُ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِيقَاتًا بَاعَشَنٍ
وَلَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ مِيقَاتٌ أَبْعَدُ لَزِمَهُ مِنْهُ اتِّفَاقًا
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: استلام الآفاقي غير مريد النسك بدل الحج في مكة

إذا دخل آفاقي مكة غير مريد النسك وهو يريد العمل فقط وبعد وصوله مكة عرض عليه بدل الحج للميت الآفاقي.
لا يعد من أهل مكة، بل عليه دم القرآن أو التمتع، ويأثم بفعله، ويحط من قدر الأجرة.
وقد جاء في فتاوى السبكي (1/ 255) من كِتَاب الْحَجِّ:(قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: رِسَالَةٌ إلَى أَهْلِ مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ لِمَا حَصَلَ لِعُلَمَائِهَا مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الْآفَاقِيِّ إذَا وَصَلَ إلَى مَكَّةَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ مُعْتَمِرًا ثُمَّ قَرَنَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ مَعَ دَمِ التَّمَتُّعِ أَوْ لَا يَجِبُ إلَّا دَمٌ وَاحِدٌ؟...)
ثم قال:
فتاوى السبكي (1/ 257)
(الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ: وَعَلَيْهَا مَدَارُ الْبَحْثِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ:
أَنَّ الْحُضُورَ هَلْ يُعْتَبَرُ فِيهِ الِاسْتِيطَانُ أَوْ الْإِقَامَةُ أَوْ مُجَرَّدُ الْكَوْنِ هُنَاكَ؟
الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي اسْمِ الْحَاضِرِ الِاسْتِيطَانُ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَسَكَنَ غَيْرَهَا ثُمَّ تَمَتَّعَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَالسَّكَنُ النَّقْلَةُ بِالْبَدَنِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى إيطَانِ الْبِلَادِ وَالِانْقِطَاعِ إلَيْهَا لَا حَدَّ لِذَلِكَ إلَّا ذَلِكَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ. هَذِهِ عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ: الْعِبْرَةُ فِيهِ بِالِاسْتِيطَانِ وَالسُّكْنَى دُونَ الْمَنْشَأِ وَالْمَوْلِدِ.
وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ: لَوْ طَالَ مَقَامُ مَكِّيٍّ فِي بَلَدٍ وَلَمْ يَرَ مَعَهُ أَنْ يَتَّخِذَهُ وَطَنًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مَكِّيًّا.وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ: لَوْ أَنَّ مَكِّيًّا خَرَجَ إلَى الْكُوفَةِ تَاجِرًا فَلَمَّا عَادَ مِنْ الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ فَهُوَ مِنْ الْحَاضِرِينَ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: لَوْ خَرَجَ الْمَكِّيُّ إلَى بَعْضِ الْآفَاقِ لِحَاجَةٍ ثُمَّ رَجَعَ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ عَامِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ عِنْدَنَا دَمٌ بِلَا خِلَافٍ.
وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ عِنْدَنَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ طَاوُسٌ: يَلْزَمُهُ الدَّمُ.
فَهَذِهِ النُّقُولُ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ فِي اعْتِبَارِ الِاسْتِيطَانِ، وَهَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ فِي مَسَائِلَ:
مِنْهَا لَوْ كَانَ لَهُ مَسْكَنَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ فَإِنْ كَانَ مُقَامُهُ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَالْحُكْمُ لَهُ، وَإِنْ اسْتَوَيَا وَكَانَ أَهْلُهُ وَمَالُهُ فِي أَحَدِهِمَا دَائِمًا أَوْ أَكْثَرَ فَالْحُكْمُ لَهُ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ وَكَانَ عَزْمُهُ الرُّجُوعَ إلَى أَحَدِهِمَا فَالْحُكْمُ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْمٌ فَالْحُكْمُ لِلَّذِي خَرَجَ مِنْهُ.
هَذِهِ عِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَغَوِيِّ.
وَعِبَارَةُ الْمُتَوَلِّي: فَالِاعْتِبَارُ بِالْعُبُورِ عَلَى الْمِيقَاتِ.
وَعِبَارَةٌ ثَالِثَةٌ حَكَاهَا الرُّويَانِيُّ: أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَوْضِعِ إحْرَامِهِ.
وَهَذِهِ الْعِبَارَاتُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْحُكْمَ لِلَّذِي خَرَجَ مِنْهُ.
فَإِنْ كَانَ حَالُ مَا يُحْرِمُ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ فَهُوَ مِنْ الْحَاضِرِينَ.
وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْكُوفَةِ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ الْحَاضِرِينَ.
وَلَوْ اسْتَوْطَنَ غَرِيبٌ مَكَّةَ فَهُوَ حَاضِرٌ.
وَلَوْ اسْتَوْطَنَ مَكِّيٌّ الْعِرَاقَ فَلَيْسَ بِحَاضِرٍ.
وَلَوْ قَصَدَ الْغَرِيبُ مَكَّةَ فَدَخَلَهَا مُتَمَتِّعًا نَاوِيًا الْإِقَامَةَ وَالِاسْتِيطَانَ بِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ النُّسُكَيْنِ أَوْ مِنْ الْعُمْرَةِ، أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ وَالِاسْتِيطَانَ بِهَا بَعْدَ مَا اعْتَمَرَ فَلَيْسَ بِحَاضِرٍ، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ حَتَّى يَكُونَ مُسْتَوْطِنًا قَبْلَ الْعُمْرَةِ. هَذِهِ عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ.
وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ نَصَّ عَلَيْهَا فِي الْإِمْلَاءِ وَتَبِعَهُ الْأَصْحَابُ، مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَكَذَلِكَ نَصَّ عَلَى التَّفَاصِيلِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا الْقِسْمَ الْآخَرَ فَلَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ، وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ.
وَذِكْرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا يَدُلُّ لِاعْتِبَارِ الِاسْتِيطَانِ، فَلَا يُسَمَّى حَاضِرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يَكُونَ مُسْتَوْطِنًا هُنَاكَ.
وَمَنْ اسْتَوْطَنَ غَيْرَهَا مِنْ الْآفَاقِ خَرَجَ عَنْهُ اسْمُ الْحَاضِرِ، وَمَنْ اسْتَوْطَنَ ذَلِكَ الْمَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ صَارَ حَاضِرًا، وَخَرَجَ عَنْهُ اسْمُ الْآفَاقِيِّ.
وَمَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إلَى غَيْرِهَا مِنْ الْآفَاقِ، وَلَمْ يَسْتَوْطِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ اسْمُ الْحَاضِرِ. هَذَا مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ.
وَمِنْ الدَّلِيلِ لَهُ قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] فَذَكَرَ الْأَهْلَ كِنَايَةً عَنْ الِاسْتِيطَانِ؛ لِأَنَّ الْأَهْلَ غَالِبًا تَكُونُ حَيْثُ الشَّخْصُ مُسْتَوْطِنًا، وَلَا يَضُرُّنَا مَعَ قَوْلِنَا إنَّهُ كِنَايَةُ كَوْنِ الشَّخْصِ لَا أَهْلَ لَهُ أَوْ لَهُ أَهْلٌ لَيْسُوا مَعَهُ.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: إنَّ الْحَاضِرَ مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَوْطِنًا أَمْ مُسَافِرًا، حَتَّى إنَّ الْآفَاقِيَّ إذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ عَنَّ لَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، ثُمَّ حَجَّ: لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّمُ.قَالَ: وَإِنْ عَنَّ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ عَلَى مَنْ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَوْضِعِهِ، ثُمَّ حَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ: فَفِيهِ وَجْهَانِ، وَاسْتَدَلَّ لِلُزُومِ الدَّمِ بِأَنَّ الْحَاضِرَ لَا يَتَنَاوَلُهُ إلَّا إذَا كَانَ فِي نَفْسِ مَكَّةَ أَوْ كَانَ مُسْتَوْطِنًا حَوَالَيْهَا.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْغَزَالِيُّ أَخِيرًا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ أَوَّلًا.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَإِذَا صَحَّ مَا ذَكَرَهُ حَصَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، وَاسْتَبْعَدَ الرَّافِعِيُّ هَذَا الثَّالِثَ جِدًّا، وَهُوَ كَمَا اسْتَبْعَدَ.
وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْغَزَالِيُّ لُزُومَهُ، وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ لُزُومَ الدَّمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ فِيمَا بَعْدُ.
وَأَمَّا مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ أَوَّلًا مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الِاسْتِيطَانِ مُطْلَقًا: فَقَدْ يَشْهَدُ لَهُ اتِّفَاقُهُمْ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَوَاقِيتِ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ كُلُّ مَنْ بِمَكَّةَ مُقِيمًا، كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، حَتَّى لَوْ أَنَّ مَكِّيًّا سَافَرَ إلَى بَعْضِ الْبِلَادِ وَاسْتَوْطَنَ بِهَا أَوْ لَمْ يَسْتَوْطِنْ فَإِذَا جَاءَ إلَى مَكَّةَ، وَأَرَادَ أَنْ يَجْتَازَ بِالْمِيقَاتِ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمُتَوَلِّي، وَذَلِكَ مَا لَا خِلَافَ فِيهِ، فَكَمَا فُسِّرَ أَهْلُ مَكَّةَ بِمَنْ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَوَاقِيتِ فَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّمَتُّعِ.
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا: أَنَّ فِي الْمَوَاقِيتِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ» «وَأَمَرَ الْمُتَمَتِّعِينَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ، وَلَمْ يَكُونُوا مُسْتَوْطِنِينَ بِهَا وَلَا مُقِيمِينَ»، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمَوَاقِيتِ مُجَرَّدُ الْكَوْنِ.
وَأَمَّا هُنَا فَلَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ.
وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ {لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] وَذَكَرَ أَهْلَ الشَّخْصِ كِنَايَةً عَنْ مَحَلِّ إقَامَتِهِ كَمَا سَبَقَ فَاتَّبَعْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ اتِّفَاقُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ ذِي طِوًى حُكْمُ مَكَّةَ فِي التَّمَتُّعِ، وَلَيْسَتْ حُكْمَهَا فِي الْمِيقَاتِ.
فَإِنْ قُلْت: مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ هَلْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَوْ هُوَ مُنْفَرِدٌ بِذَلِكَ، وَمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ وَمَا فَائِدَتُهُ؟
قُلْت: إذَا أُخِذَ تَفْسِيرُ الْغَزَالِيِّ مُطَّرِدًا مُنْعَكِسًا كَانَ الْمُرَادَ بِالتَّفْصِيلِ، فَإِنَّ عَكْسَهُ يَقْتَضِي أَنْ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ أَوْ أَكْثَرَ لَيْسَ بِحَاضِرٍ، مُسْتَوْطِنًا كَانَ أَوْ مُسَافِرًا.
وَيَقْتَضِي أَنَّ الْمَكِّيَّ إذَا خَرَجَ إلَى بَعْضِ الْآفَاقِ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ، ثُمَّ رَجَعَ وَتَمَتَّعَ: أَنَّهُ لَيْسَ بِحَاضِرٍ حَتَّى يَلْزَمَهُ الدَّمُ، وَهَذَا خِلَافُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ الْأَصْحَابِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مَا عَدَا طَاوُوسًا.فَإِنْ قَالَ الْغَزَالِيُّ بِذَلِكَ: فَهُوَ مُنْفَرِدٌ بِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ.
وَأَمَّا طَرْدُهُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْآفَاقِيَّ إذَا وَصَلَ إلَى مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ: يَكُونُ حَاضِرًا، وَهَذَا قَدْ صَرَّحَ بِهِ، وَفِي تَلْوِيحِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَتَصْرِيحِ بَعْضِهِمْ مَا يُخَالِفُهُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ.
وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَحْصُلُ مُوَافَقَتُهُ: فَإِنَّ صَاحِبَ الشَّامِلِ وَصَاحِبَ الْبَيَانِ ذَكَرَا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ حَكَى عَنْ نَصِّهِ فِي الْقَدِيمِ إنَّهُ إذَا مَرَّ بِالْمِيقَاتِ، وَلَمْ يُحْرِمْ حَتَّى بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ: فَعَلَيْهِ دَمُ الْإِسَاءَةِ، وَعَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
وَلَا أَدْرِي هَلْ هَذَا التَّعْلِيلُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ أَمْ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَأَيًّا مَا كَانَ فَظَاهِرُهُ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ.
وَأَنَّ اسْمَ الْحَاضِرِ لَا يُطْلَقُ عَلَى مَنْ يَنْتَهِي إلَى هُنَاكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
انتهى كلام السبكي
 
أعلى