العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

اعتبار ما جرى عليه العمل

إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
اعتبار ما جرى العمل به​
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد، فإن الناطر في فقه سلف هذه الأمة وأعيان فقهائها ومنهجهم في فهم النصوص الشرعية يرى أوجها من تمام الفقه والنظر، وحسن التأتي والقصد لا بد من الاقتداء بها واعتبارها، ومن جملة هذه الأوجه التي درجوا على الاعتناء بها مراعاة ما جرى عليه عمل الناس وتلقوه بالقبول، والبعد عن تقصد مخالفة ذلك، قال ابن أبي الزناد: كان عمر بن عبد العزيز يجمع الفقهاء ويسألهم عن السنن والأقضية التي يعمل بها فيثبتها، وما كان لا يعمل به الناس ألغاه وإن كان مخرجه ثقة.
وقال الإمام مالك: «رأيت محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم وكان قاضياً، وكان أخوه عبد الله كثير الحديث، رجل صدق، فسمعت عبد الله إذا قضى محمد بالقضية قد جاء فيها الحديث مخالفاً للقضاء يعاتبه، ويقول: ألم يأت في هذا حديث كذا؟ فيقول: بلى. فيقول: فما بالك لا تقضي به؟ فيقول: فأين الناس عنه؟.
ومثل هذا لا يفهم منه الإقصاء للنص الشرعي الثابت مراعاة لما عليه العمل، وإنما هو وجه من حسن السياسة لأمر العامة، لأن عمل الناس المعتبر في هذا المقام هو ما دل عليه الدليل الشرعي، فلا يوسم العمل بالاعتبار إلا أن يكون له أصل ومستند شرعي بغض النظر عن اختلاف أهل العلم في اعتبار صحة ثبوته ودلالته، فمن المعلوم أن الأدلة الشرعية ليست على باب واحد من القوة في الثبوت والدلالة، ولازم ذلك أن لا تكون على درجة واحدة من جهة العمل بها، بحيث يلتزم العمل بالدليل المعين في سائر الموارد دون نظر لما فيه من عموم وخصوص، أو إطلاق وتقييد، ودون النظر إلى سياق النصوص من حيث اجتماعها وافتراقها، ودون النظر إلى مقاصد وحكم الشريعة الكلية.
ثم إن مما ينبغي معرفته في هذا المقام أن جملة من الأدلة الشرعية التي جرى عمل الأئمة على خلافها عند التأمل ترى أنها من آحاد الروايات التي قد حكم عليها بالشذوذ، وأما الثابت الصحيح الخالي من الشذوذ فقل أن يصار إلى العمل بخلافه.
والحاصل أن مراعاة عمل الناس وما جروا فيه على قول إمام مقتدى به وله وجه من الشريعة مما ينبغي على المشتغلين بالعلم الشرعي مراعاته والعناية به عند النظر في الأحكام الشرعية، وعند النطق عن لسان الشارع في مقام عرض الخلاف والفتوى، فلا يقصد إلى تحريك عوام المسلمين إلا مخالفته إلا بعد نظر وبحث وتأن تامين، وهذا المقام كما أنه يطلب العناية به في مقام الفتوى والنظر في الأحكام الشرعية، فكذلك يطلب العناية به في مقام الدعوة إلى الله والسير بالمسلمين في أبواب الخير، فالنفوس في الغالب جبلت على إلف ما اعتادت عليه، واستثقال تركه، فالدفع بها بعنف وقوة إلى مخالفة ذلك مما لا يحسن بالفقيه، لا سيما إن كان هذا الدفع إلى ما ليس من صريح السنة، أو قُل ليس من متحتمها الذي يصار إلى تقديمه على ما هو من فرائض الدين وشرائعه اللازمة، أو يكون في الدفع إليه خروج عن مقصد الشارع في حفظ اجتماع الأمة والألفة فيما بينها.
ولذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها يقول: (يا عائشة لولا قومك حديثٌ عهدهم بكفر لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين: باب يدخل الناس، وباب يخرجون).
ومثل هذا وإن كان نصا نبويا له قدر من الخصوص في الحال والزمان إلى أنه فهمه حق الفهم يورث منهجا معتدلا لدى الناظر في الأحكام الشرعية، لا سيما إن كان ممن أوتي حسن نظر في الدلائل الشرعية، وفهما لما كان منها من موارد اللزوم والحتم، وما كان بخلاف ذلك مما يُجرى فيه على سنن الاجتهاد والتفقه، والنظر في المصالح والمفاسد، والمقاصد العامة للشريعة، , والله أعلم.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ما شاء الله تبارك الله
زادك الله علما وتقىً
موضوع دقيق مصاغ بعبارة محكمة لا يكفى مثلة قراءة مرة واحدة
فنحتاج إلى إعادة قراءةته حتى نستطيع أن نستوعبه أولاً ثم نلخص أفكاره، ثم نضع استفهاماتنا إن كان ثمة ما يشكل
وفقك الله شيخنا
 
التعديل الأخير:
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
وفيك بارك يا شيخ فؤاد، وكلي أمل أن يكون هذا الملتفى نواة لتدارس فقهي جاد، وملتقى لنقاش فقهي معتدل، بعيدا عن التعصب المقيت، والجدل العقيم، قائما على أصول علمية واضحة، وكتابة علمية رصينة.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
سأحاول تفكيك عناصر هذه المقالة والله يعين:
1- من فقه السلف مراعاة ما جرى عليه عمل الناس، والبعد عن قصد مخالفته.
 

أم عبدالله

:: متابع ::
إنضم
27 ديسمبر 2007
المشاركات
2
أخي بارك الله فيكم طرح جزئية من اعتبار العرف وماجرى عليه عمل الناس
جميل وهو لب رسالتي الماجستير أثر العرف في قانون الأحوال الشخصية
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
أخي بارك الله فيكم طرح جزئية من اعتبار العرف وماجرى عليه عمل الناس
جميل وهو لب رسالتي الماجستير أثر العرف في قانون الأحوال الشخصية

ما شاء الله تبارك
إذا نحن بانتظار إضافاتك في الموضوع وإبراز النتائج التي خرجت بها من رسالتك
فأحد أهداف الملتقى هو تحرير المعلومة الفقهية وترتيب الإضافة العلمية
وبإذن الله لن يغلق هذا الموضوع ( كمثال ) حتى نفتح موضوعا آخر نقتصر فيه فقط على أهم النتائج التي خرجنا بها من الموضوع.
ولن نسمح بفتح موضوع جديد إلا بشرط الإضافة أو التميز أو الرأي الآخر.
وبهذا يشعر أعضاء الملتقى بتصاعد هرمي في تلقي المعلومة
لعلى استبقت الموضوع الذي أزمع كتابته بعنوان "تحرير المعلومة الفقهية"
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
الأخ الموفق: محب الفقه
لك الدعاء الوافر بأن يحفظك ربنا ويبارك فيك
ويجعلك دعامة متينة للملتقى
وأشكر أختنا الفاضلة: أم عبدالله
على إضافتها ومشاركتها
وأضم صوتي لصوت أخي المسدد: فؤاد
فنحن بانتظار خلاصة رسالتك في هذا المقام
ونرحب بجمع الرسائل العلمية؛ تمهيداً لرفعها في:
ملتقى الرسائل الجامعية، والمنشورات البحثية
 
إنضم
19 ديسمبر 2007
المشاركات
83
الإقامة
مدينة سيدي بلعباس الجزائر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه المقارن
الدولة
الجزائر
المدينة
بلعباس
المذهب الفقهي
المالكية و الحنابلة
لكن مع ذلك فقد خاض به كثير من المالكية و جعلوه مسوغا لمخالفة النصوص الشرعية فحبذا لو تدرس المسألة و تؤصل تأصيلا سالما من نقض الأدلة و المقام يضيق الآن و لكن لي عودة للتمثيل على ما أردت و الله ولي التوفيق .
 
إنضم
24 ديسمبر 2007
المشاركات
339
الجنس
أنثى
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
فائدة في كون ما جرى عليه العمل من جمل المرجحات

فائدة في كون ما جرى عليه العمل من جمل المرجحات

في الفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي (4/300) ما نصه:
( وسئل ) رحمه الله تعالى سؤالا صورته ما معنى قولهم في تكبير العيد وفي الشهادات الأشهر كذا والعمل على خلافه وكيف يعمل بخلاف الراجح ؟
( فأجاب ) نفعنا الله تعالى به بقوله: إن الترجيح تعارض لأن العمل من جملة ما يرجح به، وإن لم يستقل حجة، فلما تعارض في المسألة الترجيح من حيث دليل المذهب والترجيح من حيث العمل لم يستمر الترجيح المذهبي على رجحانيته لوجود المعارض، فساغ العمل بما عليه العمل .
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
لكن مع ذلك فقد خاض به كثير من المالكية و جعلوه مسوغا لمخالفة النصوص الشرعية فحبذا لو تدرس المسألة و تؤصل تأصيلا سالما من نقض الأدلة و المقام يضيق الآن و لكن لي عودة للتمثيل على ما أردت و الله ولي التوفيق .

هذا ليس بصحيح من جهة العموم ...

إن اعتبار ما جرى عليه العمل هو نفسه ما يصطلح عليه ب (مراعاة السوابق الإسلامية)..

واعتبار هذا المبدأ من غير مخالفة صريح النصوص لا يصدر إلا ممن حسنت سياسته العلمية قطعا ..

ولك أن تنظر إلى مصنفات المالكية , تجد في المسألة الواحدة أربعة أقوال مثلا, واحد تلك الأقوال هو المبني على مبدأ مراعاة الخلاف : ولا حجر ولا منع للبقية ..

*******
لك أن تنظر إن شئت :

نظرية الأخذ بما جرى به العمل في المغرب في إطار المذهب المالكي
تأليف: عبدالسلام العسري
الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب - سنة الطبع: 1417هـ
 

يوسف أبو زكريا

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
8 أغسطس 2009
المشاركات
16
التخصص
أصول الفقه
المدينة
فاس
المذهب الفقهي
السني
بارك الله في جميع الإخوة و زادهم علما وتوفيقا .
قرر أهل العلم قاعدة وهي قولهم : الأحكام المبنية على العوائد و الأعراف تتغير بتغيرهذه العوائد والأعراف . ولم أقف فيما قرأت على من نقض هذه القاعدة أو طعن فيها .
إلا أنهم تحدثوا على هذه الأعراف وقسموها إلى قسمين وهي :1- العرف الصحيح : وهو الذي لا يخالف نصا شرعيا. 2- العرف الفاسد : ما لم يقره الشرع أو ما خالف نصا شرعيا. ولا شك أن العرف الفاسد لا يمكن الاعتداد به أو إقراره .
فيبقى إذن العرف الصحيح هو مورد النزاع .
فإن لم يرد في النازلة نص والناس على العمل في القضية بعمل لا يخالف مقاصد الشرعية فإنه من العبث أن نحمل الناس على ما لم يتعارفوا عليه أو اعتادوه دون مبرر شرعي وهذه القضية تتداخل في بعض فروعها مع دليل الاستحسان والله تعالى أعلى وأعلم .
ملاحظة : أعراف وعادات القرون المفضلة ليست هي أعراف وعادات هذه القرون المتأخرة.
 
أعلى