العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الأخطاء المنهجية في دراسة القضايا الفقهية المعاصرة: 2-إهمال القرائن في تطبيق القواعد الأصولية

إنضم
22 مارس 2008
المشاركات
392
الكنية
أبو صهيب
التخصص
الفقه
المدينة
طيبة
المذهب الفقهي
حنبلي
[FONT=&quot]الخطأ الثاني: إهمال القرائن في تطبيق القواعد الأصولية.[/FONT]
[FONT=&quot](عندما تأملتُ في تعامل الناس مع هذا العلم التطبيقي، إذا بهم في طرفي نقيض..[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
· [FONT=&quot]فطائفة تتعامل مع قواعد أصول الفقه تعاملا رياضيا لا يقبل الاستثناء ولا التبديل ولا التغيير ولا التأويل.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
· [FONT=&quot]وطائفة تهمل أصول الفقه بالكلية وتتعامل مع مسائل الفقه مسألةً مسألةً بحسب ما يظهر له في كل مسألة بحسبها وحسب ما يحتف بها من الأدلة والقرائن –دون قواعد أصوليّة واضحة مطردة-.[/FONT]
[FONT=&quot]وكلا طرفي قصدِ الأمور ذميمُ.[/FONT]
[FONT=&quot]فليس من السداد أن نتعامل مع القواعد الأصولية على شكل معادلات رياضية لا تقبل الاستثناء إلا بنص صحيح صريح فصيح… إلخ.[/FONT]
[FONT=&quot]إذ لا بد من إعمال القرائن وما يحتفُّ بالمسألة..[/FONT]
[FONT=&quot]فمثلا عندما نقول : إنّ الأمر يفيد الوجوب إلا بدليل، لا يعني هذا أننا نحتاج لصرفه عن الوجوب إلى قول الشارع: (إن هذا الفعل ليس بواجب عليكم) أو إلى نصٍّ صريح لا يقبل الاحتمال، ففعل النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف الأمر يحتمل الخصوصيّة، ويحتمل تقدمه على الأمر، ويحتمل تخصيص تلك الصورة بعدم الوجوب دون غيرها، ويحتمل صرف الأمر عن الوجوب…إلخ… والناظر لا بدّ أن يعمل فكره في كل مسألة ليقوّي أحد تلك الاحتمالات…. وهذا النظر في كل مسألة قد يُخرجه عن حروف القاعدة والاطراد الجامد عليها.[/FONT]
[FONT=&quot]ومثلا عندما يقول قائل: إنّ قول الصحابي ليس بحجّةٍ لا يعني أبدًا أنّ قول الصحابي = صفر. في المعادلة الأصولية… بل قد يحتجُّ صاحب ذاك التقعيد بقول صحابي احتفت به قرائن لا تقوى آحادها على الاحتجاج.[/FONT]
[FONT=&quot]فإذا قلنا في المعادلة الأصولية –افتراضًا- : إن الحجة لا تحصل إلا بدليل يحصل على تقدير لا يقلُّ عن 70% أو 80% في ميزان الاحتجاج؛ فإنّ هذا لا يعني بحال أنّ الدليل الذي يحصل على تقدير 65% = صفر في ميزان الحجة؛ بل لا بدّ أن يكون في الاعتبار ولو لم يكن حجّة في ذاته، ولهذا أمثلة أخرى:[/FONT]
[FONT=&quot]فمثلا: الحديث الضعيف ليس بحجّة عند جماعة ، لكنّ هذا لا يعني أبدًا أبدًا أبدًا مساواته بالموضوع وإعطاؤه درجة 0%، بل –على سبيل الافتراض المحض- قد يكون الحديث الضعيف –بمفرده- مع حديث ضعيف آخر مع ثالث مع عاشر مع خمسمائة كلها محكوم عليها بالضعف في أفرادها = حديث متواتر قطعي الثبوت يفيد العلم اليقيني.[/FONT]
[FONT=&quot]وكذلك قل في مباحث الدلالات كالمفهوم ، وكذلك القياس وغيرها من الأدلة والدلالات المختلف فيها.[/FONT]
[FONT=&quot]بل إنّ ما هو متفق على عدم الاحتجاج به كقول العالم المجتهد الواحد قد يكون جزءًا من الحجة في صورة الإجماع –لا سيّما مع قلّة المجتهدين- بل قد يكون هو الحجّة في صورة ما لو لم يكن في العصر إلا مجتهد واحد –على قول-، ولستُ هنا في مقام بحث لمسألة اشتراط المستند في الإجماع.)([FONT=&quot][1][/FONT])[/FONT]
[FONT=&quot]ويمكن أن يمثّل لهذا في المسائل المعاصرة: بمسألة العلاقة بين الشهادة بدخول الشهر وعلم الفلك، فقد روى أبو داود عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلاَلَ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنِّى رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ([FONT=&quot][2][/FONT])، وروى أيضا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ إِنِّى رَأَيْتُ الْهِلاَلَ - قَالَ الْحَسَنُ فِى حَدِيثِهِ يَعْنِى رَمَضَانَ - فَقَالَ « أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ « أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ « يَا بِلاَلُ أَذِّنْ فِى النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا »([FONT=&quot][3][/FONT])، وتطبيق القاعدة الأصولية: تَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ في وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ مع قِيَامِ الِاحْتِمَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ في الْمَقَالِ([FONT=&quot][4][/FONT]) بحرفية يقتضي: تعميم الحكم في قبول شهادة الشاهد الواحد ولو قامت القرائن بخطئه كاتفاق أهل الفلك بعدم إمكان الرؤية أو بعدم ولادة الهلال أصلا، غير أن القرائن المستفادة من معاني الشرع تدلّ على أن المقصود بالشهادة هنا إثبات الحق لا مجرد صورتها فإذا دلّت قرينة قطعية أو ظنية راجحة على خطأ الشاهد لم تقبل شهادته، ولعلّ هذا ضربٌ من تخصيص العموم بالعقل .[/FONT]
[FONT=&quot]ومن أمثلة هذا أيضا: الاستدلال بحديث « بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا » ([FONT=&quot][5][/FONT]) على جواز الحيل الربوية في المعاملات كحيلة قلب الدين المستعملة في بعض بطاقات الائتمان، مع قيام القرائن والمخصصات المنفصلة على منع الربا وذرائعه.[/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref1[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][FONT=&quot]) بتصرّف يسير من مقال بعنوان: معادلات أصول الفقه بين الإفراط والتفريط للعبد الفقير.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]

http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref2[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][FONT=&quot]) أخرجه أبو داود في سننه 2/274، كتاب الصيام، باب في شهادة الواحد على رؤية الهلال، حديث رقم: 2344، وصححه الألباني.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]

http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref3[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][FONT=&quot]) أخرجه أبو داود في سننه 2/274، كتاب الصيام، باب في شهادة الواحد على رؤية الهلال، حديث رقم: 2342، وضعفه الألباني.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]

http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref4[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][4][/FONT][/FONT][FONT=&quot]) البحر المحيط 2/304.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]

http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref5[FONT=&quot]([/FONT][FONT=&quot][FONT=&quot][5][/FONT][/FONT][FONT=&quot]) أخرجه البخاري 2/767، كتاب البيوع، باب إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه، حديث رقم: 2089، ومسلم في المساقاة باب بيع الطعام مثلا بمثل رقم 1593[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,136
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
بارك الله فيك.
وهذا أمر واقع وبخاصة في الملتقيات الحوارية، وتقليب الأمر بين إما وإلا!
نفع الله بما كتبت؛ وجزاك الله خيراً.
ومستفيدين من هذه السلسلة الطيبة.
 
إنضم
28 فبراير 2011
المشاركات
3
الكنية
أبو أنس
التخصص
أصول الفقه
المدينة
لندن
المذهب الفقهي
سني
رد: الأخطاء المنهجية في دراسة القضايا الفقهية المعاصرة: 2-إهمال القرائن في تطبيق القواعد الأصولية

[FONT=&quot]في كذب الظن في المصالح والمفاسد[/FONT]
[FONT=&quot]كذب الظنون نادر، وصدقها غالب؛ ولذلك يبنى جلب مصالح الدارين ودفع مفاسدهما على ظنون غالبة متفاوتة في القوة والضعف، والتوسط بينهما على قدر حرمة المصلحة والمفسدة ومسيس الحاجة.[/FONT]
[FONT=&quot]فمن بنى على ظنه في المصالح والمفاسد، ثم ظهر صدق ظنه واستمر ظنه بذلك فقد أدى ما عليه؛ وعلى الجملة فالزكوات والكفارات والعمرى والرقبى والأوقاف والوصايا والهبات والعواري وجميع ما ينفع الناس من أصناف التبرعات والمندوبات والواجبات يختلف شرف ذلك باختلاف شرف المبذول وفضله، ومن أتى مصلحة يظنها أو يعتقدها مفسدة كبيرة ثم بان كذب ظنه فقد فسق وانعزل عن الشهادات والروايات والولايات ولا يحد عليها لأنه لم يتحقق المفسدة وكذلك لا يعاقب عليها في الآخرة عقاب من حقق المفسدة؛ ومن أتى مفسدة يعتقدها، أو يظنها مصلحة واجبة، أو مندوبة أو مباحة؛ فلا إثم عليه لظنه وترتب على تلك المفسدة أحكامها اللائقة بها من تغريم وغيره.[/FONT]

[FONT=&quot]الفوائد في اختصار المقاصد ،ج1؛ ص62/ اسم المؤلف: عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الوفاة: 660/[/FONT]
 
إنضم
16 أبريل 2010
المشاركات
187
التخصص
إنجليزية
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: الأخطاء المنهجية في دراسة القضايا الفقهية المعاصرة: 2-إهمال القرائن في تطبيق القواعد الأصولية

يقول الشيخ في مسألة رد شهادة الواحد بمعطيات علم الفلك القطعية أنه قد يكون من باب تخصيص العموم بالعقل
معطيات العلوم المادية لم تعد عقلية فحسب بل معلومة بالعقل والحس والمشاهدة
وهذا يكفي في ردشهادة الواحد إذا اتفق علماء الفلك مثلا على استحالة رؤية الهلال
استحضار القرائن في تطبيق القواعد الأصولية قد يختلف قوة وضعفا من عالم لآخر
والله اعلم
 
أعلى