العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الانصاف في ماوقع في زكاة الفطر من الخلاف

إنضم
10 أغسطس 2008
المشاركات
11
الكنية
ابواحمد
التخصص
قانون
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
عام
الانصاف في ماوقع في زكاة الفطر من الخلاف


تقترب أيام الخير من الرحيل وهي تودعنا تحمل لنا قبل الوداع الكثير من ينابيع الهدي والنور فاز وربح من عكف عليها ينهل منها مجامع القرب والطاعة قبل الرحيل ومن منابع الخير التي شرعها لنا المصطفي صلي الله عليه وسلم زكاة الفطر إذ شرعها الرسول طهرة للصائم وطعمة للمساكين روى ابوداود بسنده عن ابن عباس فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، طهرة للصائم مناللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداهابعد الصلاة فهي زكاة من الصدقات". زواه أبو داود والحاكم في المستدرك،وقال: "صحيح على شرط البخاري

وفي كل عام يكثر الجدل بطريقة غير طبيعية وغير لائقة حول إخراج القيمة في زكاة الفطر حتى جعل قوم من هذه المسالة شغلهم الشاغل وخرجوا في تصرفاتهم مع إخوانهم عن حدود اللياقة إلى التشنيع والتجريح وبلبلة المسلمين وتشويه الوجه الجميل للعشر الأواخر وتعكير صفوها
ونقول لم يكن الخلاف في جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر بدعا من أي خلاف فقهي في جميع مسائل الدين فلماذا خصت هذه المسالة بهذا الشكل من التشنج والتشدد
لقد كانت السياسة الرشيدة دائما في تعامل المسلم مع الحكم الشرعي وحسب ما استقر عليه العلماء الراشدون وأولو النهى من الأمة هو أن كل مسلم لم يبلغ درجة النظر في الأحكام أن يتبع إماما من أئمة الدين وكان يكفي المسلم تطبيقا لهذا أن يتبع أي إمام معتبر من أئمة الدين سواء بإخراج القيمة أو بإخراج الطعام ويظل الجميع محلقين بأرواحهم في آفاق العشر الأواخر لا يعكر صفو مودتهم هذا التشنج وما شان العامة بهذا الخلاف المحتدم حتى نقوم بعرض تلك الآراء بهذا الشكل المستفز عليهم وما الذي يفيدهم عندما نجعلهم ساحة للمباراة بين الآراء المتعارضة واذكر في احدي السنوات وقد حضر احدهم ليتكلم في زكاة الفطر فاخذ يصول ويجول ويعرض الآراء ويتكلم عن الذين قدموا قول فلان وفلان على قول الرسول العدنان وحكموا العقل في معرض النص لينتهي بان القول بإخراج الزكاة نقودا ومن غير أصناف الحبوب هو مروق من الدين وحرب علي الله ورسوله وبدعة منكرة في الدين تودي بصاحبها الي قعر الجحيم وبعد ساعة من الحديث اخذ منديله يجفف عرقه بعد هذا الجهد الجهيد وإذ بأحد الحاضرين يسأله يامولانا تحدثت عن زكاة الفطر ولم تقل لنا هي كم جنيه هذا العام ؟!!!!!!!!!
وإذا كان شان المسلم الذي لم يبلغ درجة النظر في الأحكام إذا اتبع إماما في مسالة من مسائل دينه ان يكون على بينة من أمره فان شان طلبة العلم والدعاة ومن لهم نظر في الأدلة أن يبحثوا تلك المسائل في جو من الهدوء يسوده روح الألفة والمودة بين المؤمنين ومن هذا المنطلق نتناول ماوقع في بحث تلك المسالة عند المعاصرين من الاخطاء المنهجية إنصافا للحق وحفاظا على الأمانة العلمية والإنصاف يقتضي عرض الأخطاء المنهجية التي صاحبت تناول هذه المسالة عند المعاصرين
الخطا الاول
وأولى الأخطاء المنهجية هو عرض المسالة باعتبار القول بجواز إخراج القيمة في زكاة الفطر هو رأي انفرد به الأحناف لم يسبقهم إليه احد وهو خلاف الجمهور وهذا إيهام للمستمع والدارس بشذوذ رأي الأحناف في المسالة عندما نتناولها على أن رأي الجمهور هو وجوب إخراجها عينا ورأي الأحناف هو جواز إخراج القيمة وهذا خطا من جهتين
1-جواز إخراج القيمة في الزكاة عموما ثابت عن النبي وقد بوب البخاري في صحيحه باب إخراج العروض في الزكاة والعلماء يعرفون فقه البخاري من تبويبه ولذلك يقول ابن حجر في الفتح: وعلى غير عادةالبخاري في مخالفته للأحناف اتفق معهم في إخراج صدقة الفطر نقوداً وفي جوازإخراج العوض في الزكاة وجواز إخراج القيمة ثابت أيضا عن جماعة من الصحابة في عصر النبي ومن بعد عصره كتب أبو بكر الصديق لأبي سعيد الخدري :أنمن كانت زكاته بنت مخاض ولم يكن عنده إلا بنت لبون خذها منه وأعطه الفرق "عشريندرهماً وشاة". وعن طاوس قال : لما قدم معاذ اليمن قال : ائتوني بعرض ثياب آخذه منكم مكان الذرة والشعير فانه أهون عليكم وخير للمهاجرين بالمدينة قال : وحدثنا جرير عن ليث عن عطاء قال : كان عمر بن الخطاب يأخذ العروض في الصدقة من الدراهم ولأن المقصود دفع الحاجة ولا يختلف ذلك بعد اتحاد قدر المالية باختلاف صور الأموال ( المغني لابن قدامة)2/671 وفي هذا جواز إعطاء القيمة ذكر ابن أبي شيبة بسند صحيح عنأبي إسحاق السبيعي –وهو أصدق أهل زمانه- أنه قال:أدركتهم –أي الصحابة-وهم يعطون فيصدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام.
واعطاء القيمة ثابت ايضا عن عدد من التابعين فقد ورد عن عمر بنعبد العزيز أنه كتب إلى ولاته في الأمصار أن صدقة الفطر نصف صاع على كل إنسان أوالقيمة نصف درهم.
وكان في عصر عمر بن عبد العزيز ثلاثة آلاف صحابي ولم ينكرعليه أحد ،وسكوت الصحابة إقرار منهم على ذلك.
-وروي عن الحسن قوله: لابأسأن تعطى الدراهم في صدقةالفطر.
وقد افرد ابن أبيشيبة بابا من مصنفه في "جواز إخراج زكاة الفطر دراهم" فمن أراد الاستزادة فعليه بالرجوعإليه.
2 -الاستدلال برأي الأئمة الثلاثة مالك والشافعي واحمد بوجوب إخراج الزكاة عينا واعتبار ذلك رأي الجمهور نوع من التدليس علي القارئ فمن علماء المذاهب الثلاثة من قال بجواز إخراج الزكاة نقدا وللأمانةالعلمية لابد ان نذكر: أن للإمام أحمد قولان أحدهما يجزئ والآخر لايجزئ والراجحمن مذهبه أنها لا تجزئ، ذكر ذلك المرداوي في كتابه الانصاف وكذلك للإمام مالك قولان والراجح في مذهبه أنها تجزئ وهوقول أشهب وابن القاسم
3-كما أن الاستمرار على القول بان رأي الجمهور هو إخراج الزكاة عينا متجاهلين الزمن الذي قيل فيه هذا الرأي ومتجاهلين راي الجمهور من العلماء في عصرنا هو نوع من التضليل إذ انه لم يلاحظ التغيير الذي طرا على الحركة الفقهية عند أتباع هؤلاء الأئمة بعد تغير الزمن وتغير وظيفة النقود واختلاف دورها في الحياة العامة عن عصر النبي وعصر الأئمة فالإبقاء على الحكم مع تغير مناطه المعتبرشرعا خطا فقهي كبير ولذلك ذهب كثير من العلماء نحو إخراج الزكاة نقدا بعد تغير وظيفة النقود والتي أصبحت اساس المبادلات عوضا عن السلع والاشياء واستقر الراي عند جمهور العلماء في هذا العصر سواء كانوا أفرادا أو مجامع فقهية أو دور إفتاء رسمية كانت او غيررسمية في أنحاء العالم الإسلامي الي القول بإخراج الزكاة نقدا ولا نعلم أحدا خرج عن هذا الإجماع إلا الفضلاء من علماء السعودية فيما نعلم بل خرج منهم أخيرا من قال بإخراج الزكاة نقدا كسائر علماء العصر منهم علي سبيل المثال الشيخ سلمان العودة والشيخ بن مبارك آل الشيخ وغيرهم
الحطا الثاني
واذ تبين لنا خطا اعتبار القائلين بوجوب اخراج الزكاة من الطعام هو راي الجمهور فان انتصارهم لهذا الراي بعتمد ادلة لايرضاها الجمهوروتخالف الاستدلال الاصولي عند الجمهور
فقد قالوا إن السنة وردت بأعيان مخصوصة وهذه عبادة توقيفية فلا نتعدى ما ورد بالسنة وهذا القول يخالف قول الجمهور بان الزكاة عبادة معقولة المعني وليست توقيفية مثل عدد ركعات الصلاة والشرع هو الذي بين المقصود من الزكاة وهو مؤنة الفقير وسد حاجاته والدليل علي ذلك بيان الشارع لمصارف الزكاة الثمانية وهي الفئات المحتاجة للمساعدة فضلا عن ذلك فان الشارع قد بين القصد من زكاة الفطر وهي " أغنوهم عن السؤال "وطعمة للمسكين " فاعتبار الزكاة عبادة توقيفية غير معقولة المعني قول لم يقل به احد من الفقهاء اللهم إلا الظاهرية وخلافهم في ذلك غير معتبر ومادامت العبادة معقولة المعني تحقق امران الأول جواز القياس والثاني وجوب أن يلحظ المكلف تحقق المعني المقصود أثناء تأدية العبادة فلو أعطي إنسان زكاته لفقير وغلب على ظنه انه لن ينتفع بها كأن يكون سفيها أو مجنونا سيلقي بها في البحر أو يهلكها بأي شكل لم تقبل زكاته وإنما وجب أن يؤديها على وجه تكون مؤنة للفقير " المعني المقصود منها " فكيف نقول ينبغي علينا أن نلتزم بالأصناف الواردة بالحديث حتى ولو لم ينتفع بها الفقير ؟!!
ان الوقوف مع النص والتمسك بالظاهر فيما هو بين العلة واضح الحكمة قلب للحقائق عكس لمقاصد الشرع فان من يسمع قول الله تعالى " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا " فيحملها على خصوص الأكل فقط لم يصح قوله فلو اتلفها أو احرقها أو انتفع بها في الركوب أو المسكن يكون داخلا في وعيد الآية بإجماع الأمة وان تمسك بظاهر النص
الخطا الثالث
والخطأ الثالث إن الخلاف عند القائلين بوجوب إخراج الزكاة عينا قد اخذ منحى بعيدا عن المنهجية الفقهية في تقدير قيمة الدليل وقوته إلى شكل لم نلحظه عند الفقهاء أثناء مناظراتهم فبدا تصوير المسالة على أنها احترام النص مقابل إهداره وإتباع للرسول مقابل إتباع غيره من البشر وهذا تصور مضلل فلم يكن الخلاف بين تحكيم النص وتحكيم العقل أو بين إتباع الرسول و إتباع الأشخاص ولكن التصور الصحيح هو تحكيم فهم النص مقابل عدم فهم النص فالقائلين بإخراج الزكاة نقدا لم يقدموا قولا على قول الرسول ولم يقدموا حكم العقل على حكم النص بل فهموا النص في ضوء مقاصده المعتبرة وإذا كان الشيخ ناصر الالباني قال بعدم جواز إخراج الزكاة نقدا وهو عالم حديث فان أمير المؤمنين في الحديث بإجماع الأمة وهو الإمام البخاري قال بجواز إخراج الزكاة نقدا فهل كان الشيخ الالباني مقدرا لحديث الرسول والبخاري مهدرا له ؟11 من يقبل بمثل هذا الكلام ؟
الخطأ الرابع
الاصرار على وجوب اخراج الزكاة من اصناف الحبوب في هذا العصر دون مراعاة ماطرا على مبادلات الناس من تغيير ودون مراعاة مقاصدالشرع في اخراج هذه الزكاة قد اوقع القائلين به في تناقضات واصضرابات واشكالات عديدة
1-لقد ادعوا احترام النص وماوقفوا عنده بل تجاوزوه الى اصناف لم ياتي بها الحديث فالأرز مثلا لم يأتي في الحديث ويقولون بجواز إخراجه بل إن الشيخ ابن عثيمين أفتي بجواز إخراجها من المكرونة ولم تكن المكرونة على عهد النبي فعلام اعتمدوا في تغيير الأصناف أهي حاجة الفقراء قلنا هذا هو القياس بعينه وحاجتهم إلى المال اشد من حاجتهم إلى المكرونة وغيرها وعموما فقد اضطربوا في هذه المسالة وتناقضوا فيها تناقضا يوجب عدم اعتبار قولهم لأنهم لم يتمسكوا فيها بنص ولا قياس ولا تعبدية ولا معقولية وان شئت الاستزادة نحو هذا التناقض فراجع كتاب تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال
2- هذا لاصرار غير المبرر دفع الى استخدام الحيلة في تطبيق الحكم الشرعي ليصل في النهاية المال الى الفقير ناقصا وصورتها وهي ليست بعيدة عن القاريء هو ان يقوم المزكي بشراء الحبوب من التاجر ويعطيها الفقير في نفس الوقت لذات التاجر ليربح في النهاية فئة من التجار من هذه الحيلة ويخسر الفقير ويكون المزكي على يقين بان الفقير سيبيع الحبوب لانها لاتصلح للانتفاع بها فاذا قلت لهم عن هذه الحيلة المكشوفة قالو لك ليس لنا شان الحبوب ملك الفقير ان شاء اكلها وان شاء باعها فهل يرضى الشرع بتنفيذ الاحكام بهذ الحيل
واخيرا هل ان للدعاة ان يتعاملوا مع هذه الفريضة وفق المقاصد التي شرعت في اطارها وهي التيسير على الدافع وحاجة الاخذ فلا نلزم احدا معه المال بتكبد المشاق لشراء حبوب واعطائها للفقير ليقوم بدوره ببيعها مرة ثانية ولا نلزم من عندهم حبوب ببيعا اذا كان الفقير يمكن ان ينتفع بها مثل اهل البوادي وذلك كما ذهب شيخ الاسلام ابن تيمية ونقول في النهاية ان من اعطي زكاة الفطر وغلب على ظنه ان الفقير لن ينتفع بها فاننا نخاف الاتجزاه سواءا كانت حبوبا او مالا ومن اعطاها وغلب علي ظنه ان الفقير سينتفع بها سواءا كانت حبوبا او مالا فاننا نرجو قبولها ان شاء الله والله وحده اعلم بالصواب
ابو العزايم عبد الحميد
 
إنضم
21 أغسطس 2009
المشاركات
23
التخصص
فقه
المدينة
الجبيل
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الانصاف في ماوقع في زكاة الفطر من الخلاف

جاء في بحثك قولك:

1-نوع من التدليس على القارئ
2- نوع من التضليل
3- قلب للحقائق عكس لمقاصد الشرع

أقول رويدك يا أخي بارك الله فيك وحفظك، فهل تظن أن القائلين بوجوب اخراج صدقة الفطر طعاما أرادوا هذه المعاني التي ذكرت؟؟؟؟
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الانصاف في ماوقع في زكاة الفطر من الخلاف

الأخ الفاضل أبو العزايم وفقه الله..
لا شك أن الخلاف في المسألة سائغ، وأنها مسألة اجتهادية، ويجب احترام قول كل من الفريقين.

لكن لي ملاحظة على كلامك.. أنك عددتَ أموراً في سلك "الأخطاء" وليست كذلك

فليس من الخطأ -مثلاً- أن يقال: قول الجمهور كذا، وقول أبي حنيفة كذا
إذ جل كتب الخلاف الفقهي تسير على هذا الطريق، وليس في هذا نفياً للخلاف السابق المعروف، بل هو اقتصار على ذكر أقاويل المذاهب الأربعة، ولا يلزم ما ليس بلازم. وجزاكم الله خيراً.
 
التعديل الأخير:
أعلى