رد: التأصيلات الشرعية لممارسات السلفيين السياسية [غير مكتمل التخريج]
افتقار الدين إلى سلطان
لقد بعث الله تعالى نبيه محمدا -صلى الله عليه وسلم- إلى العالمين؛ ليبلغهم دين الله الخاتمَ ، فاقتضى ذلك أن يتكفل الله بحفظه، بل وإظهاره على العالمين؛ ليتم البلاغ المبين ، يقول تعالى { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- «لَا يَبْقَى عَلَى الْأَرْضِ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْإِسْلَامَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ»
ومن مظاهر حفظه بعثُه لجمهرة من علماء المسلمين، الذين سهروا على حفظه وتنقيحه، وبثه وتوضيحه، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- «لاَ يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ» قَالَ النَّوَوِيّ: يحْتَمل أَن هَذِه الطَّائِفَةَ مُفَرَّقَةٌ فِي الْمُؤمنِينَ،
فَمنهمْ قَائِم بِالْجِهَادِ، وَمِنْهُم قَائِم بِالْعلمِ، وَمِنْهُم قَائِم بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر،
وَمِنْهُم قَائِم بأنواع أُخْرَى من الْخَيْر .ا.هـ .[SUP](
[1])[/SUP] وهو القائل أيضا -صلى الله عليه وسلم- " يَرِثُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ , يَنْفُونَ عَنْهُ تَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ , وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ , وَتَحْرِيفَ الْغَالِينَ " .
ومن مظاهر حفظه وإظهاره أيضا قيامُ جماعة من المسلمين للجهاد في سبيله، للذب عن حياض الإسلام، والذود عن المسلمين بالسلطان القاهر، والحديد الناصر، فكان الدين بذلك في قرارا مكين، وحصن حصين، وكلاهما-الحجة والسلطة-أمران لازمان لحفظ الدين ونشره، وصيانته ونصره ، لذلك قرن تعالى بين الكتاب والحديد في قوله { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } قال شيخ الإسلام: يَجِبُ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ وِلَايَةَ أَمْرِ النَّاسِ مِنْ أَعْظَمِ وَاجِبَاتِ الدِّينِ؛ بَلْ
لَا قِيَامَ لِلدِّينِ وَلَا لِلدُّنْيَا إلَّا بِهَا. فَإِنَّ بَنِي آدَمَ لَا تَتِمُّ مَصْلَحَتُهُمْ إلَّا بِالِاجْتِمَاعِ لِحَاجَةِ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ، وَلَا بُدَّ لَهُمْ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مِنْ رَأْسٍ، حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ} . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {لَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةٍ يَكُونُونَ بِفَلَاةِ مِنْ الْأَرْضِ إلَّا أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ} فَأَوْجَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْمِيرَ الْوَاحِدِ فِي الِاجْتِمَاعِ الْقَلِيلِ الْعَارِضِ فِي السَّفَرِ؛ تَنْبِيهًا بِذَلِكَ عَلَى سَائِرِ أَنْوَاعِ الِاجْتِمَاعِ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ،
وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِقُوَّةِ وَإِمَارَةٍ.
وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا أَوْجَبَهُ مِنْ الْجِهَادِ وَالْعَدْلِ وَإِقَامَةِ الْحَجِّ وَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ. وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقُوَّةِ وَالْإِمَارَةِ. ا.هـ[SUP](
[2])[/SUP]
? لكن هذه الكفالة القدرية لا تعني إهمال المسلمين للأسباب الجالبة لها، بل يجب عليهم أن يسعَوا إلى تحقيق البيان، واستعمال السلطان، ليحصل حفظ الدين وتمكين المؤمنين، فلو ترك المسلمون البيان لتحرف الدين، ولو ترك المسلمون السلطان لزال الدين، وهذا لا يتعارض مع وعد الله القدري، كما لا يتعارض وعدُه بحفظه كتابَه، وضياعَه من أيدي بعض الناس لتفريطهم وتقصيرهم، لذلك قال عمر لأبي بكر: إِنَّ القَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ اليَمَامَةِ بِالنَّاسِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بِالقُرَّاءِ فِي المَوَاطِنِ،
فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ إِلَّا أَنْ تَجْمَعُوهُ، وَإِنِّي لَأَرَى أَنْ تَجْمَعَ القُرْآنَ ".
فلم يتّكِلِ الصحابة على السلطان القدري، حتى قاموا بالسلطان الشرعي –أعني الأسباب المادية- فوعْدُ الله ألا يذهبَ الدين صادق، لكن قد يذهب كله عن بعض المواطن، أو يذهب بعضه في كثير من الأماكن؛ لتخاذل أهلها في البيان ، أو ضعف السلطان، قال الماوردي [SUP](
[SUP][3][/SUP][/SUP]): ثُمَّ لِمَا فِي السُّلْطَانِ مِنْ حِرَاسَةِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالذَّبِّ عَنْهُمَا وَدَفْعِ الْأَهْوَاءِ مِنْهُ، وَحِرَاسَةِ التَّبْدِيلِ فِيهِ، وَزَجْرِ مَنْ شَذَّ عَنْهُ بِارْتِدَادٍ، أَوْ بَغَى فِيهِ بِعِنَادٍ، أَوْ سَعَى فِيهِ بِفَسَادٍ.
وَهَذِهِ أُمُورٌ إنْ لَمْ تَنْحَسِمْ عَنْ الدِّينِ بِسُلْطَانٍ قَوِيٍّ وَرِعَايَةٍ وَافِيَةٍ أَسْرَعَ فِيهِ تَبْدِيلُ ذَوِي الْأَهْوَاءِ، وَتَحْرِيفُ ذَوِي الْآرَاءِ، فَلَيْسَ دِينٌ زَالَ سُلْطَانُهُ إلَّا بُدِّلَتْ أَحْكَامُهُ، وَطُمِسَتْ أَعْلَامُهُ .ا.هـ
وهذا عينه ما قام به النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- لما انسدت كل السبل لإظهار الدين في مكة وتمكين أهله، أمره الله بالهجرة إلى المدينة حيث التمكين بالسلطان مع الدعوة، في الوقت الذي كان أهل المدينة يعدون العدة لإقامة عبد الله بن أبي بن سلول ملكا عليهم، فجاء النبي فانصرفوا عن ذلك، وولَّوا النبي -صلى الله عليه وسلم- سلطانهم وإن لم يكن ملكا. وهذه هي سنة الله في دينه، أن يحفظه بالحجة والسلطة، قال شيخ الإسلام: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أرسل رُسَلَهُ بِالبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، وَأَنْزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ، وَأَنْزَلَ الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ، وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ، وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ؛ وَخَتَمَهُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، لِيَظْهَرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ؛
وَأَيَّدَهُ بِالسُّلْطَانِ النَّصِيرِ: الْجَامِعِ مَعْنَى الْعِلْمِ وَالْقَلَمِ لِلْهِدَايَةِ وَالْحُجَّةِ؛ وَمَعْنَى الْقُدْرَةِ وَالسَّيْفِ لِلنُّصْرَةِ وَالتَّعْزِيرِ .ا.هـ
فلا يمكن أن تقوم للدين قائمة إلا بالجهاد، والجهاد أنواع، منها مكافحة أهل الباطل أنى يؤفكون، والجهاد له أحكامه وضروراته، قال ابن القيم وغيره: وجنس الجهاد فرض عين، إما بالقلب،
وإما باللسان، وإما بالمال، وإما باليد، فعلى كل مسلم أن يجاهد بنوع من هذه الأنواع، وقال الحافظ: الجهاد شرعا، بذلك الجهد في قتال الكفار، ويطلق أيضا على مجاهدة النفس، والشيطان، والفساق، فأما مجاهدة النفس فعلى تعلم أمور الدين، ثم على العمل بها، ثم تعليمها، وأما مجاهدة الشيطان، فعلى دفع ما يأتي به من الشبهات وما يزينه ، من الشهوات، وأما مجاهدة الكفار فتقع باليد، والمال، واللسان، والقلب،
وأما مجاهدة الفساق فباليد، ثم اللسان، ثم القلب. .ا.هـ [SUP](
[4])[/SUP] فمن قصر الجهاد على الدعوة في المساجد فقط فهو مخطئ، ومن قصرها على الجهاد والسلطان فهو مخطئ، فإذا كانت التصفية والتربية تنفع المؤمنين فإن السلطان ينفع المجرمين، كما جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ مَوْقُوفًا وَنَحْوُهُ عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفٌ : إِنَّ اللَّهُ يَزَعُ بِالسُّلْطَانِ مَا لَا يَزَعُ بِالْقُرْآنِ". وصح معناه عن الأئمة المحققين.
ونسي هؤلاء أن شطرا كبيرا من دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- إن لم يكن جلُّها لم تكن في المسجد –وإن كان منطلقًا لها-لكنه كان يدور هنا وهناك ويستعمل ما تيسر من وسائل الاتصال والخطاب والتأثير وما أمكن من الأسباب، ويخاطب الزعماء والملوك، وهذا ما سار عليه من بعده، ويعاهد هذا ويهادن ذاك.
ومن الأنبياء والأولياء من ساسوا الناس واستعملوا السلطان -من قبل النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومن بعده- في إصلاح الناس وبيان الحق كموسى الذي قارع فرعون بالحجة والقوة في مظاهرة حاشدة للمصريين {فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59)} ويوسف الذي طلب الولاية ليتسنى له أن يدعو إلى الله في أوسع نطاق ممكن { قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)
وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } وسليمان الذي قال عنه ربه { قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي
وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37)} قال النبي صلى الله عليه وسلم : «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ
تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ» قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ» وحديثا محمد عبد الوهاب، الذي
تحالف مع آل سعود الذي قالوا له: "أبشر ببلاد خيرٍ من بلادك،
وأبشر بالعزِّ والمنَعة".[SUP](
[5])[/SUP]
- كلمة حق أرادوا بها باطلا: النصر مع الصبر.
لكن للأسف شاعت نبرة تصوف بين صفوف السلفيين إزاء هذه النازلة، وهي الاستدلال بتحقق السلطان القدري على ترك السلطان الشرعي ، حتى إني سمعت بعضهم يحتج على المنع من الاشتغال بالسياسة بقوله: ليس لنا إلا المساجد فقط ! وكما انتشرت الدعوة في ظل الاستضعاف ستنتشر أيضا في غيره بالأحرى؛ لأن هذه دعوة الله ولن يضيعها، والنصر مع الصبر... إلخ فهؤلاء فعلوا ما فعله الصوفية إذ يقولون إذا هجم الأعداء نجأر إلى الله بالدعاء وهو ينصرنا على عدونا، أو كقولهم : لا دخل لنا بالسياسة فنحن أهل حقيقة وهم أهل شريعة، أو نحو هذا الكلام.
ولا يفرقون بين فعل الممكن وترك المتعذر، فإذا كنا تركنا السياسة والجهاد فذلك لتعذرهما وضعف الجدوى منهما، فأقبلنا على الدعوة إلى الله إذ هي السبيل الوحيد الممكن آنذاك، قال شيخ الإسلام: فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ وُسْعِهِ؛ فَمَنْ وَلِيَ وِلَايَةً يَقْصِدُ بِهَا طَاعَةَ اللَّهِ،
وَإِقَامَةَ مَا يُمْكِنُهُ مِنْ دِينِهِ، وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَقَامَ فِيهَا مَا يُمْكِنُهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ
وَاجْتَنَبَ مَا يُمْكِنُهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ: لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا يَعْجِزُ عَنْهُ: فَإِنَّ تَوْلِيَةَ الْأَبْرَارِ خَيْرٌ لِلْأَمَةِ مِنْ تَوْلِيَةِ الْفُجَّارِ.
وَمَنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ إقَامَةِ الدِّينِ بِالسُّلْطَانِ وَالْجِهَادِ، فَفَعَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، مِنْ النَّصِيحَةِ بِقَلْبِهِ، وَالدُّعَاءِ لِلْأُمَّةِ، وَمَحَبَّةِ الْخَيْرِ، وَفَعَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْخَيْرِ: لَمْ يُكَلَّفْ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ؛ فَإِنَّ قِوَامَ الدِّينِ بِالْكِتَابِ الْهَادِي، وَالْحَدِيدِ النَّاصِرُ، كَمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى. فَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ الِاجْتِهَادُ فِي اتِّفَاقِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيدِ لِلهِ تَعَالَى، وَلِطَلَبِ مَا عِنْدَهُ، مُسْتَعِينًا بِاَللَّهِ فِي ذَلِكَ؛ ثُمَّ الدُّنْيَا تَخْدُمُ الدِّينَ. ا.هـ
أما الآن فقد صار السبيل السياسي متاحا، والفرصة سانحة والمصلحة لائحة فلا نمنع منها بحجة الامتناع منها سابقا، لاسيما أن السياسة سبيل عظيم للتمكين وصيانةِ الدين، ولا يكون ذلك إلا بإصلاح السلطان قدر المستطاع، في حدود قواعد الشريعة ورخصها والتي ذكرنا طرفا منها في الفصول السابقة، يقول الماوردي[SUP](
[6])[/SUP]: السُّلْطَانُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى دِينٍ تَجْتَمِعُ بِهِ الْقُلُوبُ حَتَّى يَرَى أَهْلُهُ الطَّاعَةَ فِيهِ فَرْضًا، وَالتَّنَاصُرَ عَلَيْهِ حَتْمًا، لَمْ يَكُنْ لِلسُّلْطَانِ لُبْثٌ وَلَا لِأَيَّامِهِ صَفْوٌ، وَكَانَ سُلْطَانَ قَهْرٍ، وَمَفْسَدَةَ دَهْرٍ. وَمِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَجَبَ إقَامَةُ إمَامٍ يَكُونُ سُلْطَانَ الْوَقْتِ وَزَعِيمَ الْأُمَّةِ لِيَكُونَ الدِّينُ مَحْرُوسًا بِسُلْطَانِهِ، وَالسُّلْطَانُ جَارِيًا عَلَى سُنَنِ الدِّينِ وَأَحْكَامِهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَزِّ:
الْمُلْكُ بِالدِّينِ يَبْقَى، وَالدِّينُ بِالْمُلْكِ يَقْوَى. .ا.هـ فإذا كنا ممنوعين من السياسة فلما أتيحت خضنا غمارها ، كذلك يكون الأمر في الجهاد، قد مُنعنا منه الآن لكن إذا أتيح لنا فعلناه إن شاء الله ، فمن مَنع في الأولى امتنع في الثانية ولابد، والمعاذير لا تنقطع.
وإذا كان الله قد أمر بالصبر فإن ذلك لا يعني ترك الأخذ بالأسباب الممكنة بحسب قانون المصالح والمفاسد المقرر في الشرع الحكيم، كما أن الله تعالى قرن بين الصبر والرباط دون تنافٍ، فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فليس ثمة تعارض بين الصبر ومجاهدة المخالفين بشتى طرق الجهاد الممكنة. قال أبو حيان: جَوَازُ عَمَلِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ لِلرَّجُلِ التَّاجِرِ بِمَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْعُ وَالْعَدْلُ، لَا بِمَا يَخْتَارُهُ وَيَشْتَهِيهِ مِمَّا لَا يُسِيغُهُ الشَّرْعُ، وَإِنَّمَا طَلَبَ يُوسُفُ هَذِهِ الْوِلَايَةَ لِيَتَوَصَّلَ إِلَى إِمْضَاءِ حُكْمِ اللَّهِ، وَإِقَامَةِ الْحَقِّ، وَبَسْطِ الْعَدْلِ، وَالتَّمَكُّنِ مِمَّا لِأَجْلِهِ تُبْعَثُ الْأَنْبِيَاءُ إِلَى الْعِبَادِ،
وَلِعِلْمِهِ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ الْمَلِكُ قَدْ أَسْلَمَ كَمَا رَوَى مُجَاهِدٌ فَلَا كَلَامَ،
وَإِنْ كَانَ كَافِرًا وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْحُكْمِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَدَفْعِ الظُّلْمِ إِلَّا بِتَمْكِينِهِ، فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَظْهِرَ بِهِ. وَقِيلَ: كَانَ الْمَلِكُ يُصْدِرُ عَنْ رَأْيِ يُوسُفَ وَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَا رَأَى، فَكَانَ فِي حُكْمِ التَّابِعِ. وَمَا زَالَ قُضَاةُ الْإِسْلَامِ يَتَوَلَّوْنَ الْقَضَاءَ مِنْ جِهَةِ مَنْ لَيْسَ بِصَالِحٍ،
وَلَوْلَا ذَلِكَ لَبَطَلَتْ أَحْكَامُ الشَّرْعِ، فَهُمْ مُثَابُونَ عَلَى ذَلِكَ إِذَا عَدَلُوا.[SUP](
[7])[/SUP]
- التصفية والتربية مع السلطان
الدعوة ينتقل بها إلى غيرها ولا يكتفَى بها عن غيرها، فلا تعارض بين التصفية والتربية والاجتهاد في تحصيل السلطان القاهر والحديد الناصر، إن كان يقوم عليه عزة ومنعة، كما فعل يوسف، ولا دليل على المنع من ذلك حتى نربي الناس جميعا، بل يكفي أن تكون ثمة عصابة مؤمنة تؤم الناس، وهذا منهج نبوي، فقد كان النبي e يقبل في الجهاد من أسلم حديثا، البَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالحَدِيدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُ أَوْ أُسْلِمُ؟ قَالَ: «أَسْلِمْ، ثُمَّ قَاتِلْ»، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَاتَلَ، فَقُتِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَمِلَ قَلِيلًا وَأُجِرَ كَثِيرًا»
وكذلك صنيع إمام الدعوة في العصر الحديث محمد بن عبد الوهاب لما تحالف مع جد السعوديين.
أما رفض النبي e لعرض قريش "إن أردت ملكا ملكناك" فليس هناكم، بل رفضه لأنه كان لقاءَ تركه الدعوةَ إلى التوحيد ونبذَ الأنداد.
ثم إن الأثر حجة عليهم، ففيه: أَنَّ عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ، وَأَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَرَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَأَبَا الْبَخْتَرِيِّ أَخَا بَنِي أَسَدٍ، وَالْأَسْوَدَ بْنَ الْمُطَّلِبِ، وَزَمْعَةَ بْنَ الْأَسْوَدِ، وَالْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، وَأَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، وَالْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ، وَنُبَيْهًا وَمُنْبِهًا ابْنَيِ الْحَجَّاجِ السَّهْمِيَّيْنِ اجْتَمَعُوا، أَوْ مَنِ اجْتَمَعَ مِنْهُمْ، بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ عِنْدَ ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ابْعَثُوا إِلَى مُحَمَّدٍ فَكَلِّمُوهُ وَخَاصِمُوهُ حَتَّى تُعْذِرُوا فِيهِ، فَبَعَثُوا إِلَيْهِ: إِنَّ أَشْرَافَ قَوْمِكَ قَدِ اجْتَمَعُوا إِلَيْكَ لِيُكَلِّمُوكَ،
فَجَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيعًا، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ بَدَا لَهُمْ فِي أَمْرِهِ بَدَاءٌ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ حَرِيصًا، يُحِبُّ رُشْدَهُمْ وَيَعِزُّ عَلَيْهِ عَنَتُهُمْ، حَتَّى جَلَسَ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ إِنَّا قَدْ بَعَثَنَا إِلَيْكَ لِنُعْذِرَ فِيكَ، وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ أَدْخَلَ عَلَى قَوْمِهِ مَا أَدْخَلْتَ عَلَى قَوْمِكَ، لَقَدْ شَتَمْتَ الْآبَاءَ، وَعِبْتَ الدِّينَ، وَسَفَّهْتَ الْأَحْلَامَ، وَشَتَمْتَ الْآلِهَةَ، وَفَرَّقْتَ الْجَمَاعَةَ، فَمَا بَقِيَ أَمْرٌ قَبِيحٌ إِلَّا وَقَدْ جِئْتُهُ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ ... الحديث. أي أنه e كان حريصا على مخاطبتهم في نواديهم واستماع دعواهم وعروضهم، ولكن ليدعوهم، كما يريد إخواننا أن يفعلوا اليوم.
وقد سبق أن بينا أن النبي e ترك مكة لما وجد السبل قد انسدت، ومحاربة الدين قد اشتدت فلجأ إلى أهل المدينة مستعملا سلطانها في نشر التوحيد، وقمع الشرك حتى رجع إلى مكة فاتحا. فهل يقال ترك الدعوة في مكة، أم انتقل بها إلى غيرها ؟
ثم نقول : هل هناك سياسة صافية من كل كدر ؟ حتى يتدخل فيها أهل العلم والحق ليُصفُّوها، يقول شيخ الإسلام: وَفَرِيقٌ عِنْدَهُمْ خَوْفٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَدِينٌ يَمْنَعُهُمْ عَمَّا يَعْتَقِدُونَهُ قَبِيحًا مِنْ ظُلْمِ الْخَلْقِ، وَفِعْلِ الْمَحَارِمِ، فَهَذَا حَسَنٌ وَاجِبٌ؛ وَلَكِنْ قَدْ
يَعْتَقِدُونَ مَعَ ذَلِكَ: أَنَّ السِّيَاسَةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِمَا يَفْعَلُهُ أُولَئِكَ مِنَ الْحَرَامِ،
فَيَمْتَنِعُونَ أَوْ يَمْنَعُونَ عَنْهَا مُطْلَقًا، وَرُبَّمَا كَانَ فِي نُفُوسِهِمْ جُبْنٌ أَوْ بُخْلٌ[SUP](
[8])[/SUP] أَوْ ضِيقُ خُلُقٍ يَنْضَمُّ إلَى مَا مَعَهُمْ مِنْ الدِّينِ، فَيَقَعُونَ أَحْيَانًا فِي تَرْكِ وَاجِبٍ، يَكُونُ تَرْكُهُ أَضَرَّ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْضِ الْمُحَرَّمَاتِ،
أَوْ يَقَعُونَ فِي النَّهْيِ عَنْ وَاجِبٍ، يَكُونُ النَّهْيُ عَنْهُ مِنْ الصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَدْ يَكُونُونَ مُتَأَوِّلِينَ.[SUP](
[9][/SUP])
- لهجة علمانية: ترك السياسية جملة وتفصيلا
ولم يكتف هؤلاء بالامتناع عن السياسة فحسب بل أخذوا يمنعون أهل الدين من ممارسة السياسة جملا وتفصيلا ، ويشغبون على فاعلها ، فهؤلاء لفُّوا لِفَّ العلمانيين فإذا كان أولئك فصلوا بين الدين والسياسة وانحازوا إلى السياسة، فإن هؤلاء فصلوا بين الدين والسياسة ثم انحازوا إلى الدين، وفي هؤلاء وهؤلاء يقول شيخ الإسلام: فَجَاءَتْ الشَّرِيعَةُ بِصَرْفِ السُّلْطَانِ وَالْمَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَإِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ بِالسُّلْطَانِ وَالْمَالِ هُوَ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ وَإِنْفَاقَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِهِ، كَانَ ذَلِكَ صَلَاحَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا. وَإِنْ انْفَرَدَ السُّلْطَانُ عَنْ الدِّينِ، أَوْ الدِّينُ عَنْ السُّلْطَانِ فَسَدَتْ أَحْوَالُ النَّاسِ. وَإِنَّمَا يَمْتَازُ أَهْلُ طَاعَةِ اللَّهِ عَنْ أَهْلِ مَعْصِيَتِهِ بِالنِّيَّةِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إلَى أَمْوَالِكُمْ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ». وَلَمَّا غَلَبَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ إِرَادَةُ الْمَالِ وَالشَّرَفِ، صَارُوا بِمَعْزِلٍ عَنْ حَقِيقَةِ الْإِيَمَانِ فِي وِلَايَتِهِمْ: رَأَى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّ الْإِمَارَةَ تُنَافِي الْإِيمَانَ وَكَمَالَ الدِّينِ. ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ غَلَّبَ الدِّينَ وَأَعْرَضَ عَمَّا لَا يَتِمُّ الدِّينُ إلَّا بِهِ مِنْ ذَلِكَ. وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى حَاجَتَهُ إلَى ذَلِكَ، فَأَخَذَهُ مُعْرِضًا عَنْ الدِّينِ: لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ مُنَافٍ لِذَلِكَ، وَصَارَ الدِّينُ عِنْدَهُ فِي مَحَلِّ الرَّحْمَةِ وَالذُّلِّ. لَا فِي مَحَلِّ الْعُلُوِّ وَالْعِزِّ. وَكَذَلِكَ لَمَّا غَلَبَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الدِّينَيْنِ الْعَجْزُ عَنْ تَكْمِيلِ الدِّينِ، وَالْجَزَعُ لِمَا قَدْ يُصِيبُهُمْ فِي إقَامَتِهِ مِنْ الْبَلَاءِ: اسْتَضْعَفَ طَرِيقَتَهُمْ وَاسْتَذَلَّهَا مَنْ رَأَى أَنَّهُ لَا تَقُومُ مَصْلَحَتُهُ وَمَصْلَحَةُ غَيْرِهِ بِهَا.
وَهَاتَانِ السَّبِيلَانِ الْفَاسِدَتَانِ -سَبِيلُ مَنْ انْتَسَبَ إلَى الدِّينِ وَلَمْ يُكْمِلْهُ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ السُّلْطَانِ وَالْجِهَادِ وَالْمَالِ، وَسَبِيلِ مِنْ أَقْبَلَ عَلَى السُّلْطَانِ وَالْمَالِ وَالْحَرْبِ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ إقَامَةَ الدِّينِ- هُمَا سَبِيلُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَالضَّالِّينَ. الْأُولَى لِلضَّالِينَ النَّصَارَىَ، وَالثَّانِيَةُ لِلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ الْيَهُودُ. وَإِنَّمَا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، صِرَاطُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، هِيَ سَبِيلُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبِيلُ خُلَفَائِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ. وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100].
- خلط بين الحكم الشرعي والنهي عن الأصلح
رغم أننا نعتقد أن المسألة إلى الآن اجتهادية لا يجوز لأحد أن يجرِّح الآخر بسببها، لكننا لا نطيق الخطأ إذا جاوز الحد المعتاد، ومن مظاهر الخطأ المركب الخلطُ بين الحكم على العملية السياسية بالحرمة والنهي ودعم الأصلح لدفع الأفسد ! لا أدري من أين أتوا بهذا الأصل المهلهل ؟
يقول شيخ الإسلام:
فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ النُّورُ الصَّافِي بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا النُّورُ الَّذِي لَيْسَ بِصَافٍ. وَإِلَّا بَقِيَ الْإِنْسَانُ فِي الظُّلْمَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعِيبَ الرَّجُلُ وَيَنْهَى عَنْ نُورٍ فِيهِ ظُلْمَةٌ. إلَّا إذَا حَصَلَ نُورٌ لَا ظُلْمَةَ فِيهِ وَإِلَّا فَكَمْ مِمَّنْ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ يَخْرُجُ عَنْ النُّورِ بِالْكُلِّيَّةِ إذَا خَرَجَ غَيْرُهُ عَنْ ذَلِكَ؛ لِمَا رَآهُ فِي طُرُقِ النَّاسِ مِنْ الظُّلْمَةِ. وَإِنَّمَا قَرَّرْت هَذِهِ " الْقَاعِدَةَ " لِيُحْمَلَ ذَمُّ السَّلَفِ وَالْعُلَمَاءِ لِلشَّيْءِ عَلَى مَوْضِعِهِ وَيُعْرَفَ أَنَّ الْعُدُولَ عَنْ كَمَالِ خِلَافَةِ النُّبُوَّةِ الْمَأْمُورِ بِهِ شَرْعًا:
تَارَةً يَكُونُ لِتَقْصِيرٍ بِتَرْكِ الْحَسَنَاتِ عِلْمًا وَعَمَلًا
وَتَارَةً بِعُدْوَانٍ بِفِعْلِ السَّيِّئَاتِ عِلْمًا وَعَمَلًا
وَكُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ قَدْ يَكُونُ عَنْ غَلَبَةٍ وَقَدْ يَكُونُ مَعَ قُدْرَةٍ. "
فَالْأَوَّلُ " قَدْ يَكُونُ لِعَجْزِ وَقُصُورٍ وَقَدْ يَكُونُ مَعَ قُدْرَةٍ وَإِمْكَانٍ.
و " الثَّانِي ": قَدْ يَكُونُ مَعَ حَاجَةٍ وَضَرُورَةٍ وَقَدْ يَكُونُ مَعَ غِنًى وَسَعَةٍ،
وَكُلُّ وَاحِدٍ -مِنْ الْعَاجِزِ عَنْ كَمَالِ الْحَسَنَاتِ وَالْمُضْطَرِّ إلَى بَعْضِ السَّيِّئَاتِ- مَعْذُورٌ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وَقَالَ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا} - فِي الْبَقَرَةِ وَالطَّلَاقِ (1) - وَقَالَ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وَقَالَ: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} وَقَالَ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} وَقَالَ: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ} وَقَالَ: وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ.
وَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ: وَهُوَ: أَنْ تَعْرِفَ الْحَسَنَةَ فِي نَفْسِهَا عِلْمًا وَعَمَلًا سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ مُسْتَحَبَّةً. وَتَعْرِفَ السَّيِّئَةَ فِي نَفْسِهَا عِلْمًا وَقَوْلًا وَعَمَلًا مَحْظُورَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَحْظُورَةٍ - إنْ سُمِّيَتْ غَيْرُ الْمَحْظُورَةِ سَيِّئَةً -
وَإِنَّ الدِّينَ تَحْصِيلُ الْحَسَنَاتِ وَالْمَصَالِحِ وَتَعْطِيلُ السَّيِّئَاتِ وَالْمَفَاسِدِ. وَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَجْتَمِعُ فِي الْفِعْلِ الْوَاحِدِ -أَوْ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ- الْأَمْرَانِ؛ فَالذَّمُّ وَالنَّهْيُ وَالْعِقَابُ قَدْ يَتَوَجَّهُ إلَى مَا تَضَمَّنَهُ أَحَدُهُمَا فَلَا يَغْفُلُ عَمَّا فِيهِ مِنْ النَّوْعِ الْآخَرِ كَمَا يَتَوَجَّهُ الْمَدْحُ وَالْأَمْرُ وَالثَّوَابُ إلَى مَا تَضَمَّنَهُ أَحَدُهُمَا فَلَا يَغْفُلُ عَمَّا فِيهِ مِنْ النَّوْعِ الْآخَرِ وَقَدْ يُمْدَحُ الرَّجُلُ بِتَرْكِ بَعْضِ السَّيِّئَاتِ الْبِدْعِيَّةِ والفجورية لَكِنْ قَدْ يُسْلَبُ مَعَ ذَلِكَ مَا حُمِدَ بِهِ غَيْرُهُ عَلَى فِعْلِ بَعْضِ الْحَسَنَاتِ السُّنِّيَّةِ الْبَرِّيَّةِ. فَهَذَا طَرِيقُ الْمُوَازَنَةِ وَالْمُعَادَلَةِ وَمَنْ سَلَكَهُ كَانَ قَائِمًا بِالْقِسْطِ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ لَهُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ. .ا.هـ
وقال أيضا: وَفِي الْفَاعِلِ الْوَاحِدِ وَالطَّائِفَةِ الْوَاحِدَةِ يُؤْمَرُ بِمَعْرُوفِهَا وَيَنْهَى عَنْ مُنْكَرِهَا وَيُحْمَدُ مَحْمُودُهَا وَيُذَمُّ مَذْمُومُهَا؛
بِحَيْثُ لَا يَتَضَمَّنُ الْأَمْرُ بِمَعْرُوفِ فَوَاتَ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ حُصُولَ مُنْكَرٍ فَوْقَهُ وَلَا يَتَضَمَّنُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ حُصُولَ أَنْكَرَ مِنْهُ أَوْ فَوَاتَ مَعْرُوفٍ أَرْجَحَ مِنْهُ.
وَإِذَا اشْتَبَهَ الْأَمْرُ اسْتَبَانَ الْمُؤْمِنُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ؛ فَلَا يَقْدُمُ عَلَى الطَّاعَةِ إلَّا بِعِلْمِ وَنِيَّةٍ؛ وَإِذَا تَرَكَهَا كَانَ عَاصِيًا فَتَرْكُ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ مَعْصِيَةٌ؛ وَفِعْلُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْأَمْرِ مَعْصِيَةٌ.
وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ
إقْرَارُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي وَأَمْثَالِهِ مِنْ أَئِمَّةِ النِّفَاقِ وَالْفُجُورِ لِمَا لَهُمْ مِنْ أَعْوَانٍ فَإِزَالَةُ مُنْكَرِهِ بِنَوْعِ مِنْ عِقَابِهِ مُسْتَلْزِمَةٌ إزَالَةَ مَعْرُوفٍ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِغَضَبِ قَوْمِهِ وَحَمِيَّتِهِمْ؛ وَبِنُفُورِ النَّاسِ إذَا سَمِعُوا أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ؛ وَلِهَذَا لَمَّا خَاطَبَ النَّاسَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ وَاعْتَذَرَ مِنْهُ وَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ قَوْلًا الَّذِي أَحْسَنَ فِيهِ: حَمِيَ لَهُ سَعْدُ بْنُ عبادة مَعَ حُسْنِ إيمَانِهِ. .ا.هـ
وقال سلطان العلماء: إذَا تَفَاوَتَتْ رُتَبُ الْفُسُوقِ فِي حَقِّ الْأَئِمَّةِ
قَدَّمْنَا أَقَلَّهُمْ فُسُوقًا، مِثْلَ إنْ كَانَ فِسْقُ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ بِقَتْلِ النُّفُوسِ وَفِسْقُ الْآخَرِ بِانْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْأَبْضَاعِ، وَفِسْقُ الْآخَرِ بِالتَّضَرُّعِ لِلْأَمْوَالِ، قَدَّمْنَا الْمُتَضَرِّعَ لِلْأَمْوَالِ عَلَى الْمُتَضَرِّعِ لِلدِّمَاءِ وَالْأَبْضَاعِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَقْدِيمُهُ قَدَّمْنَا الْمُتَضَرِّعَ لِلْأَبْضَاعِ عَلَى مَنْ يَتَعَرَّضُ لِلدِّمَاءِ، وَكَذَلِكَ يَتَرَتَّبُ التَّقْدِيمُ عَلَى الْكَبِيرِ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْأَكْبَرِ وَالصَّغِيرِ مِنْهَا وَالْأَصْغَرِ عَلَى اخْتِلَافِ رُتَبِهَا.
فَإِنْ قِيلَ: أَيَجُوزُ الْقِتَالُ مَعَ أَحَدِهِمَا لِإِقَامَةِ وِلَايَتِهِ وَإِدَامَةِ تَصَرُّفِهِ مَعَ إعَانَتِهِ عَلَى مَعْصِيَتِهِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ دَفْعًا لِمَا بَيْنَ مَفْسَدَتَيْ الْفُسُوقَيْنِ مِنْ التَّفَاوُتِ وَدَرْءًا لِلْأَفْسَدِ فَالْأَفْسَدِ، وَفِي هَذَا وَقْفَةٌ وَإِشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّا نُعِينُ الظَّالِمَ عَلَى فَسَادِ الْأَمْوَالِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الْأَبْضَاعِ وَهِيَ مَعْصِيَةٌ.
وَكَذَلِكَ نُعِينُ الْآخَرَ عَلَى إفْسَادِ الْأَبْضَاعِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الدِّمَاءِ وَهِيَ مَعْصِيَةٌ،
وَلَكِنْ قَدْ يَجُوزُ الْإِعَانَةُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لَا لِكَوْنِهَا مَعْصِيَةً بَلْ لِكَوْنِهَا وَسِيلَةً إلَى تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ وَكَذَلِكَ إذَا حَصَلَ بِالْإِعَانَةِ مَصْلَحَةٌ تَرْبُو عَلَى مَصْلَحَةِ تَفْوِيتِ الْمَفْسَدَةِ؛ كَمَا تُبْذَلُ الْأَمْوَالُ فِي فِدَى الْأَسْرَى الْأَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْكَفَرَةِ وَالْفَجَرَةِ. .ا.هـ
قلت سبحان Q ! كيف لو سئل هؤلاء مثلا عن المسلمين الذين يحيون في أوربا لو تقدم نصراني مظهر عدواته للإسلام والمسلمين، وآخر يزعم الديمقراطية بني الجميع ولا يعرف عنه عداوة ظاهرة للإسلام والمسلمين، هل يقال اكتفوا بالدعوة ولو ذبحوا رجالكم واستحيوا نساءكم ؟
وماذا لو لم يأخذ المسلمون حقوقهم الدينية كأقلية إلا بالترشح إلى المجالس الشعبية للمطالبة بالطريقة الرسمية باستصدار قانون ينظم الأحوال الشخصية للأقليات المسلمة ؟ إذا كانوا عاجزين عن الهجرة ! هل يقال استسلموا لقوانين الأحوال الشخصية الكافرة ؟
قال د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي: سألت شيخنا رحمه الله :عن المسلمين في أمريكا ، هل يشاركون في الانتخابات التي تجري في الولايات لصالح مرشح يؤيد مصالح المسلمين ؟ فأجاب بالموافقة ، دون تردد .[SUP](
[10])[/SUP]
وسئل الشيخ الألباني وهو على رأس المناهضين للعملية السياسية المعاصرة والأحزاب ونحو ذلك: ما موقف الشباب السلفي تجاه ما يقوم به الشيوعيون والعلمانيون من إشغار مناصب مهمة في الحكومة والمشاركة في الانتخابات وذلك بمزاحمتهم في هذه المناصب قصد الدعوة إلى الله أو على الأقل تقليل الشر الذي يصدر منهم حال كونهم في تلك المناصب؟
فأجاب: رأيي في هذه المسألة له شعبتان من البيان إحداهما يتعلق بمن يرشح نفسه والأخرى بمن ينتخبه.
- أما من يرشح نفسه فلا أنصح مسلماً أن يرشح نفسه ....
- أما ما يتعلق بالناخب فأنا مع ما جاء في السؤال أرى من باب دفع الشر الأكبر بالشر الأصغر أنه يجب أن نختار هؤلاء الإسلاميين الذين رضوا بأنفسهم أن يوقعوها في هذه المهلكة فإن وجودهم في البرلمان أقل شراً من وجود الأحزاب الأخرى كالشيوعيين والبعثيين والدهريين ونحو ذلك فلذلك كنت أنصح إخواننا أن يختاروا المرشحين الإسلاميين والحقيقة لابد أنكم قرأتم يعني لأول مرة بيظهر المرشحين الإسلاميين هم الكثرة الكاثرة في البرلمان [...] لكن أنا لا أعتقد أنهم سوف يستطيعون أن يفعلوا ذلك أن يفعلوا بانتخابهم شيئاً يغيرون البرلمان عن مسيرته التي وضعت لهم فلذلك أعتقد أن الذي يرشح نفسه شأنه شأن العالم الذي قال عليه الصلاة والسلام في حقه: (مثل العالم الذي لا يعمل بعلمه كمثل السراج يحرق نفسه ويضيء غيره) فهذا المرشح لنفسه يحرق نفسه ويضيء قليلاً لغيره ولكن النتيجة قد ينطفئ السراج كله ولا يبقى له نور يستضاء به. هذا رأيي في هذا السؤال. [فتاوي جدة: الشريط 31/ق16:42 ]
- ثم إني سائل هؤلاء المانعين: إذا تولى علينا نصراني فماذا أنتم فاعلون ؟
- هل ستخرجون عليه طاعة لرسول الله الذي قال "إلا أن تروا كفرا بواحا" مهما أريقت من دماء المسلمين التزاما بالنص ورفضا لقاعدة دفع الأفسد بالفاسد ؟!
- أو تتركون النص النبوي لقاعدة المصالح والمفاسد ؟!
- الخلاصة: السلطان ضرورة من الضرورات اللازمة لحفظ الدين وصيانته ، ولا يغني عن الدعوة كما لا تغني عنه. فيجب تحصيله إن كان ثمة مصلحة، وفق الأصول التي قدمناها في الفصلين السابقين، وما سيأتي.
http://www.feqhweb.com/vb/#_ftnref1([1]) عمدة القاري
http://www.feqhweb.com/vb/#_ftnref2([2])مجموع الفتاوى (28/ 390)
http://www.feqhweb.com/vb/#_ftnref3([3])الأدب(ص: 135)
http://www.feqhweb.com/vb/#_ftnref4([4])حاشية الروض المربع (4/ 253)
http://www.feqhweb.com/vb/#_ftnref5([5])أثر الدعوة السلفية في توحيد المملكة العربية السعودية (ص: 208)
http://www.feqhweb.com/vb/#_ftnref6([6])أدب الدنيا والدين (ص: 135)
http://www.feqhweb.com/vb/#_ftnref7([7])البحر المحيط في التفسير (6/ 291)
http://www.feqhweb.com/vb/#_ftnref8([8]) لأن السياسة تحتاج إلى جود وشجاعة، لأن سياسة الناس لا تتم إلا بذلك، فيمتنع عن السياسة تدينا وأصل الامتناع هو جبن أو بخل.
http://www.feqhweb.com/vb/#_ftnref9([9])
http://www.feqhweb.com/vb/#_ftnref10([10]) ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين