العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

التحسين والتقبيح عند الأشاعرة

حمزة عدنان الشركسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 يونيو 2011
المشاركات
189
التخصص
اقتصاد إسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي
شاع عند أكثر المعاصرين أن الأشاعرة لا يعتبرون للعقل تحسينا أو تقبيحا ، وأن التحسين والتقبيح شرعي فقط !
وليس الصواب أن هذا ليس مذهبهم ، فمن يطالع كتبهم يعرف كم بذلوا جهودا في الاستدلال العقلي على العقائد وكيف طوروا علم المنطق العقلي ، فكيف يكون مذهبهم بأن العقل ليس له تحسن ولا تقبيح .
جاء في شرح جمع الجوامع - ومن المعروف أن التاج السبكي والمحلي من أئمة الأشاعرة المتأخرين - : شرح جمع الجوامع لابن السبكي - : (الحسن والقبح) للشيء (بمعنى: ملاءمة الطبع ومنافرته) كحسن الحلو وقبح المر (و) بمعنى (صفة الكمال والنقص) كحسن العلم وقبح الجهل (عقلي) أي يحكم به العقل اتفاقا (وبمعنى ترتب المدح) و (الذم عاجلا) والثواب (والعقاب آجلا) كحسن الطاعة وقبح المعصية (شرعي) أي لا يحكم به إلا الشرع المبعوث به الرسل أي لا يؤخذ إلا من ذلك ولا يدرك إلا به (خلافا للمعتزلة) في قولهم إنه عقلي أي يحكم به العقل لما في الفعل من مصلحة أو مفسدة يتبعها حسنه أو قبحه عند الله أي يدرك العقل ذلك بالضرورة كحسن الصدق النافع وقبح الكذب الضار أو بالنظر كحسن الكذب النافع وقبح الصدق الضار وقيل العكس ويجيء الشرع مؤكدا لذلك أو باستعانة الشرع فيما خفي على العقل كحسن الصوم آخر يوم من رمضان وقبح صوم أول يوم من شوال وقوله وكغيره عقلي وشرعي خبر مبتدأ محذوف أي كل منهما أو كلاهما وتركه كغيره المدح والثواب للعلم بهما من ذكر مقابلهما الأنسب كما قال بأصول المعتزلة فإن العقاب عندهم لا يتخلف ولا يقبل الزيادة، والثواب يقبلها وإن لم يتخلف أيضا اهـ

وقد كتب عدد لا بأس به من العلماء في هذا وبينوا أنه لا فرق بين مذهب الأشاعرة والماتردية ، منهم ابن كمال باشا والجامي والسبكي وأبي عذبة الشافعي والشيخ زاده وغيرهم .
 

حمزة عدنان الشركسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 يونيو 2011
المشاركات
189
التخصص
اقتصاد إسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: التحسين والتقبيح عند الأشاعرة

وللأسف يأتي الدكتور الريسوني في "نظرية المقاصد" وينسب إلى الإمام الغزالي أن التحسين والتقبيح عقلي كقول المعتزلة !
وحقيقة من يقرأ كلامه في هذا الموضوع في المستصفى من أول الباب إلى آخره يعرف أن مذهبه هو مذهب الأشاعرة .
 

حمزة عدنان الشركسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 يونيو 2011
المشاركات
189
التخصص
اقتصاد إسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: التحسين والتقبيح عند الأشاعرة

ما هي فائدة هذا المبحث في علم الأصول ، فكثير من المعاصرين يعترضون على أهل الأصول بأن هذه المسألة كلامية فكيف أدخلت في علم الأصول .
والجواب : أن هذه المسألة هي جوهر البحث في مصدر الاستنباط الفقهي ، فعدما يقولون أن التحسين - بمعنى ترتب الثواب والعقاب في الآخرة - شرعي فحينئذ يأتي العقل ليسلم للنص ، فتكون الأدلة هي الكتاب والسنة أو ما دل عليها الكتاب والسنة كالإجماع والقياس وغير ذلك ، ويكون العقل حينئذ خادما للنص .
أما إن قلنا بقول المعتزلة فيكون العقل هو مصدر الاستنباط ويكون النص مؤيدا للعقل ! مع ملاحظة أنهم ذكروا أنه لا حكم إلا لله ، ولكن مصدر الاستنباط عندهم هو العقل وإن لم تكن هنالك شريعة .
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: التحسين والتقبيح عند الأشاعرة

من مشاركات لأخينا الشيخ الدكتور أبي حازم الكاتب -وفقه الله- بملتقى أهل الحديث:

" أهل السنة يرون :
1 - أن العقل يحسن ويقبح .
2 - أن ترتيب الثواب والعقاب على الأفعال شرعي .

وأما الاشاعرة فهم يرون أن العقل لا يحسن ولا يقبح ولا يرتب عليه الثواب والعقاب، بل الأمران يعلمان من جهة الشرع .

مثال ذلك :
شرب الخمر قبيح عقلاً عند أهل السنة والمعتزلة، وهو ليس كذلك عند الأشاعرة بل عُلِم قبحه عندهم من جهة الشرع .
ثم العقاب على شارب الخمر يعلم من جهة الشرع عند أهل السنة والأشاعرة، ويعلم من جهة العقل عند المعتزلة.


والأشاعرة حينما أنكروا تحسين العقل وتقبيحه أنكروا تعليل أفعال الله تبارك وتعالى فقالوا: أفعال الله لا تعلَّل فهي مجردة عن الحكمة والعلة، وقد وافق الأشاعرة على هذا الظاهرية والشيعة.

ومن العجيب في هذا أن الأشاعرة أنكروا التعليل في أبواب التوحيد والإيمان، ولما جاءوا إلى أصول الفقه أثبتوه في باب القياس والمصلحة ونحوهما، وقد ذكر هذا ابن تيمية _ رحمه الله _ حيث يقول : ( إذا خاضوا في الشرع احتاجوا أن يسلكوا مسالك أئمة الدين في إثبات محاسن الشريعة ، وما فيها من الأمر بمصالح العباد ، وما ينفعهم من النهي عن مفاسدهم وما يضرهم .. ) مجموع الفتاوى ( 17 / 177 )
وقال أيضاً : ( وأمَّا تعليل أفعال الله وأحكامه بالحكمة ففيه قولان مشهوران ، والغالب عليهم عند الكلام في الفقه وغيره التعليل ، وأما في الأصول فمنهم من يصرح بالتعليل ومنهم من يأباه ) منهاج السنة النبوية ( 1 / 455 )
ويقول الشاطبي _ رحمه الله _ :( وزعم الرازي أن أحكام الله ليست معللة بعلة ألبته ، كما أن أفعاله كذلك ... ، ولما اضطر في علم أصول الفقه إلى إثبات العلل للأحكام الشرعية أثبت ذلك ) الموافقات ( 2 / 322 ) ".

" فكما ذكر ابن تيمية والشاطبي وغيرهما أن الأشاعرة المتكلمين الذين صنفوا في أصول الفقه اضطربوا ؛ لأنه لا يستقيم لهم إثبات القياس إلا بالتعليل والتعليل يحتاج إلى علة ومن نفى التحسين والتقبيح لا يقول بالتعليل ، وهذا الاضطراب سنةٌ متكررةٌ عند الأشاعرة. ولذا فالمعتزلة وإن كانوا أبعد عن أهل السنة من الأشاعرة، إلا أنهم أقل اضطراباً، وكثير من قواعدهم مطردة ".

"وأما المسائل الأصولية المتفرعة عن مسألة التحسين والتقبيح العقليين، فمنها :
1 - مسألة نسخ الأخبار .
2 - مسألة التخصيص بالعقل عند بعضهم .
3 - التعليل في أبواب القياس والمناسبة فيه .
4 - حجية القياس فبعض من نفى القياس احتج بكونه قبيح عقلاً كما ذكر الجويني في البرهان .
5 - النسخ قبل حضور وقت الفعل .
6 - حكم الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع، وبعبارة أخرى : الأصل في الأشياء الإباحة أو الحظر ؟"
 

حمزة عدنان الشركسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 يونيو 2011
المشاركات
189
التخصص
اقتصاد إسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: التحسين والتقبيح عند الأشاعرة

ألا تعتقد يا أخي أنك نقلت كلاما خطيرا عن الأشاعرة من دون أن تنسب إلى كتبهم .
قلتُ سابقا أن أكثر المعاصرين أخطأ في تدقيق مذهب الأشاعرة ، بل أزيد أن بعض المتأخرين قد أخطأ كابن تيمية والشاطبي وبعض الماتردية .
ولكن الذي عليه عليه المحققون أن مذهب الأشاعرة والماتردية في هذه المسألة سواء وقد ذكر ذلك جمع منهم السبكي الأب والابن وابن كمال باشا والجامي وشيخ زاده وغيرهم ، فهل تتوقع أن تقي الدين السبكي وابنه - وهما أصحاب المنازل العالية في المذهب الأشعري- لا يعرفان مذهب الأشاعرة في هذه المسألة ، وهل الإمام الغزالي لا يعرف هذه المسألة ، عجيب!!!!!!!!!
فكما ذكر ابن تيمية والشاطبي وغيرهما أن الأشاعرة المتكلمين الذين صنفوا في أصول الفقه اضطربوا ؛ لأنه لا يستقيم لهم إثبات القياس إلا بالتعليل والتعليل يحتاج إلى علة ومن نفى التحسين والتقبيح لا يقول بالتعليل ، وهذا الاضطراب سنةٌ متكررةٌ عند الأشاعرة. ولذا فالمعتزلة وإن كانوا أبعد عن أهل السنة من الأشاعرة، إلا أنهم أقل اضطراباً، وكثير من قواعدهم مطردة ".
عجيب هل الأشاعرة مضطربون في في الأصول ؟ إذن من الذي ألف المحصول والإحكام والمستصفى والبرهان وهي الكتب الأربعة التي عليها مدار أصول الفقه عند أهل السنة ، ومن الذي ألف منهاج البيضاوي وشروحه الكثيرة وشرح مختصر ابن الحاجب وشروحه وشروح جمع الجوامع وحواشيه الكثيرة ومن الذي ألف البحر المحيط أكبر موسوعة في هذا العلم ؟ الأشاعرة يا سيدي هم فرسان علم الأصول !

بالنسبة لمسألة التعليل في القياس وغيره ، فأقول إن الباحث المتجرد لابد أن يفهم كلام من ينقل عنهم من كتبهم وليس من كتب خصومهم !
فالأشاعرة منعوا العلة العقلية ولكنهم لم يمنعوا العلة الأصولية القياسية ، ولهذا عندما منعوا تعليل أفعال الله تعالى وأحكامه منعوها من باب عدم وجود باعث لفعل الله أو حكمه ، بمعنى أن الله تعالى غير مضطر لفعل أو حكم ، هذا ما قصدوه .
أما العلة بمعنى المعرف للحكم ، فهذه لا يمنعها الأشاعرة ، فالقضية أن كلامهم في علم الكلام مختلف تماما عن كلامهم في علم الأصول عن العلة ، فالعلة لفظ مشترك فهي في علم الأصول تختلف عنه في علم الكلام .
وأنصح القارئ بأن يراجع كتاب "ضوابط المصلحة" للبوطي فقد فصل في هذه المسألة - أي مسألة التعليل - .
" أهل السنة يرون :
1 - أن العقل يحسن ويقبح .
2 - أن ترتيب الثواب والعقاب على الأفعال شرعي .
وأما الاشاعرة فهم يرون أن العقل لا يحسن ولا يقبح ولا يرتب عليه الثواب والعقاب، بل الأمران يعلمان من جهة الشرع .
هل تقصد بكلامك أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة ؟ أنا أعرف أن سياسات هذا المنتدى عدم الخوض في مثل هذه المسائل ، لكن إن سمحوا بذلك فسأبرهن أن الأشاعرة هم جمهور أهل السنة وأن الماتردية والحنابلة من أهل السنة أيضا ، هذا بالإضافة إلى أن هذا النقل ليس دقيقا !!

وهذا الاضطراب سنةٌ متكررةٌ عند الأشاعرة. ولذا فالمعتزلة وإن كانوا أبعد عن أهل السنة من الأشاعرة، إلا أنهم أقل اضطراباً، وكثير من قواعدهم مطردة
أنصحك يا أخي ألا تنقل كل ما تجده في المنتديات ، لأن أكثر المنتديات أصحابها متعصبون لمذاهبهم ويكتبون كل ما يخطر في بالهم ! فهل أصبح مذهب المعتزلة أدق من مذهب الأشاعرة ؟ يبدو أن صاحب هذا الكلام يكتب كل ما يخطر بباله بدون علم !!!!!!!!!!
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: التحسين والتقبيح عند الأشاعرة

أنصحك يا أخي ألا تنقل كل ما تجده في المنتديات ، لأن أكثر المنتديات أصحابها متعصبون لمذاهبهم ويكتبون كل ما يخطر في بالهم ! فهل أصبح مذهب المعتزلة أدق من مذهب الأشاعرة ؟ يبدو أن صاحب هذا الكلام يكتب كل ما يخطر بباله بدون علم !!!!!!
يبدو أنك -أخي الكريم- تستعجل في حكمك على الأشخاص والآراء تبعاً للعاطفة.. فالذي أنقل لك كلامه هو صاحب علم وبحث، وأستاذٌ لعلم الأصول والمقاصد بجامعة شرعية، كما أنه من أعضاء هذا الملتقى المبارك، وأعجب أن يتكرر منك في هذا الملتقى مثل هذا الأسلوب الغريب!



ألا تعتقد يا أخي أنك نقلت كلاما خطيرا عن الأشاعرة من دون أن تنسب إلى كتبهم .
قلتُ سابقا أن أكثر المعاصرين أخطأ في تدقيق مذهب الأشاعرة ، بل أزيد أن بعض المتأخرين قد أخطأ كابن تيمية والشاطبي وبعض الماتردية .
ولكن الذي عليه عليه المحققون أن مذهب الأشاعرة والماتردية في هذه المسألة سواء وقد ذكر ذلك جمع منهم السبكي الأب والابن وابن كمال باشا والجامي وشيخ زاده وغيرهم ، فهل تتوقع أن تقي الدين السبكي وابنه - وهما أصحاب المنازل العالية في المذهب الأشعري- لا يعرفان مذهب الأشاعرة في هذه المسألة ، وهل الإمام الغزالي لا يعرف هذه المسألة ، عجيب!!!!!!!!!
يقول الشيخ د. أبو حازم :

الأقوال في المسألة :
والخلاف فيها بين أهل القبلة يرجع إلى ثلاثة أقوال :

القول الأول :
أن حُسْن الأشياء وقُبْحها ،والثواب عليها والعقاب يعرف من جهة الشرع ، وهو قول جماهير الأشاعرة.

القول الثاني :
أن حُسْن الأشياء وقُبْحها ،والثواب عليها والعقاب يعرف من جهة العقل ،
وهو قول المعتزلة والرَّافضة.

القول الثالث :
أن حُسْن الأشياء وقُبْحها ، والثواب عليها والعقاب يعرف من جهة العقل دون ترتيب ثواب أو عقاب على ذلك ، وهو قول أهل السنة والجماعة من السلف ومن تبعهم ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم واختاره الزركــشي من الشافعية ، وهو قول الماتريديَّة والكرَّاميَّة .

المسألة الثالثة : أدلة هذه الأقوال :
أولاً : أدلة نفاة الحسن والقبح العقليين :
أ – أدلتهم النقليَّة : استدلَّ الأشاعرة لنفي التحسين والتقبيح العقليين بقوله تعالى
start.gif
وما كنَّا مُعذِّبِيْنَ حتى نبعث رسولاً
end.gif
وقوله تعالى :
start.gif
رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس حجةٌ بعد الرسل
end.gif
وقوله تعالى :
start.gif
وما كان ربُّك مهلك القرى حتى يبعث في أمِّها رسولاً يتلو عليهم آياتنا
end.gif
ونظائرها من الآيات .
ووجه الاستدلال عندهم بالآيات المذكورة :
أنَّ الله رتَّب الجزاء على بعثة الرسل لا على الادراك بالعقل ؛ فدلَّ ذلك على أنَّ العقل لا مجال له في إدراك حُسْن الأفعال وقُبْحها.
وقد أجاب المثبتون من أهل السنَّة عن هذا الاستدلال : بأنَّ هذه الآيات ونحوها لا تنفي اشتمال الأفعال على الصفات الحسنة والسيئة ،والتي تقتضي المدح والذم ، ولكنها تنفي العذاب والعقوبة قبل بلوغ الشرع وبعثة الرسل ونحن نسلم بهذا ، وإثبات الحُسْن والقُبْح العقليين لا يستلزم التعذيب ، وإنَّما الذي يستلزمه مخالفة الرسل بعد بلوغ الشرع وبعثة الرسل.

ب – أدلتهم العقليَّة ، ومن أشهر مسالكهم في أدلتهم العقليَّة ما يلي :
1 – مسلك الفخر الرازي وهو :
أنَّ فعل العبد غير اختياري ، وما ليس بفعل اختياري لا يكون حسناً ولا قبيحاً عقلاً بالاتفاق ؛لأن القائلين بالحُسْن والقُبْح العقليين يعترفون بأنَّه إنَّما يكون كذلك إذا كان اختيارياً ،وقد ثبت أنَّه اضطراري فلا يوصف بحُسْن ولا قُبْح على المذهبين ، أما بيان كونه غير اختياري فلأنه إن لم يتمكن العبد من فعله وتركه فواضح ، وإن كان متمكناً من فعله وتركه كان جائزاً فإمَّا أن يفتقر ترجيح الفاعليِّة على التاركيِّة إلى مرجِّح أولا، فإن لم يفتقر كان اتفاقيِّاً، والاتفاق لا يوصف بالحسن والقبح ، وإن افتقر إلى مرجِّح فهو مع مرجِّحه إمَّا أن يكون لازماً وإمَّا جائزاً ، فإن كان لازماً فهو اضطراري وإن كان جائزاً عاد التقسيم ، فإما أن ينتهى إلى ما يكون لازماً فيكون ضرورياً أولا فينتهى إليه فيتسلسل ، وهو مُحَال أن يكون اتفاقياً فلا يوصف بحُسْن ولا قُبْح .
وقد أجاب عن هذا الدليل ابن القيم من اثني عشر وجها ً أهمُّها :
الوجه الأول : أنَّ فيه التسوية بين الحركة الضروريِّة والاختياريِّة من العبد وعدم التفريق بينهما ، وهذا باطل ؛لأنَّه مخالف لما يقضي به الواقع والحسّ والشرع فهو بمنزلة الاستدلال على الجمع بين النقيضين ، وعلى وجود المُحَال .
الثاني : لو صحَّ الدليل المذكور لزم منه أن يكون الرب تعالى غير مختار في فعله ؛لأنَّ التقسيم المذكور والترديد جارٍ فيه بعينه بأن يقال فعله تعالى إمَّا أن يكون لازماً أو جائزاً ،فإن كان لازماً كان ضروريِّاً ،وإن كان جائزاً فإن احتاج إلى مرجِّح عاد التقسيم ،وإلا فهو اتفاقيِّ ، ويكفي في بطلان الدليل المذكور أن يستلزم كون الربّ غير مختار .
الثالث : أنَّ الدليل المذكور لو صحَّ لزم بطلان الحُسْن والقُبْح الشرعيّين ؛لأنَّ فعل العبد ضروريّ أو اتفاقيّ ،وما كان كذلك فإنَّ الشرع لا يحسِّنه ولا يقبِّحه ؛ لأنَّه لا يرد بالتكليف به فضلاً عن أن يجعله متعلق الحُسْن والقُبْح .
الرابع : أنَّ هذا الدليل لو صحَّ لزم بطلان الشرائع والتكاليف جملةً ؛ لأنَّ التكليف إنَّما يكون بالأفعال الاختياريِّة ؛ إذ يستحيل أن يكلَّف المرتعش بحركة يده ، وأن يكلَّف المحموم بتسخين جلده، وإذا كانت الأفعال اضطراريَّة غير اختياريَّة لم يُتصوَّر تعلُّق التكليف والأمر والنَّهى بها .

2 – مسلك القاضي أبي بكر الباقلاني وهو:
أنَّ الحُسْن والقُبْح لو كانا صفتين ذاتيتين للفعل لما اختلفا باختلاف الأحوال والمتعلقات والأزمان ، ولاستحال ورود النَّسخ على الفعل ؛ لأنَّ ما ثبت للذَّات فهو باقٍ ببقائها لا يزول ، وهي باقية، ومعلوم أنَّ الكذب يكون حسناً إذا تضمَّن عصمة دم نبيٍ أو مسلمٍ ، ولو كان قبحه ذاتياً له لكان قبيحاً أين وجد ، وكذلك ما نُسخ من الشريعة لو كان حسناً لذاته لم يستحل قبيحاً ، ولو كان قبحه لذاته لم يستحل حسناً بالنَّسخ .

وأجيب عن هذا الدليل من أوجه:
الوجه الأول : أنَّ كون الفعل حسناً أو قبيحاً لذاته ،أو لصفةٍ لم يُعْن به أنَّ ذلك يقوم بحقيقة لا ينفك عنها بحال مثل كونه عرَضَاً ، وكونه مفتقراً إلى محلٍّ يقوم به ، وكون الحركة حركةً والسواد لوناً ، وإنَّما يراد بكونه حسناً أو قبيحاً لذاته، أو لصفته أنَّه في نفسه منشأ للمصلحة والمفسدة ،وترتيبهما عليه كترتيب المسببات على أسبابها المقتضية لها ، وهذا كترتيب الريّ على الشرب، والشبع على الأكل ، وترتب منافع الأغذية والأدوية ومضارها عليها ، فحسن الفعل أو قبحه هو من جنس كون الدواء الفلاني حسناً نافعاً ، أو قبيحاً ضارَّاً ، وكذلك الغذاء واللباس والمسكن والجماع والاستفراغ والنوم والرياضة وغيرها .
الثاني : أنَّه يجوز اقتضاء الذَّات الواحدة لأمرين متنافيين بحسب شرطين متنافيين فيقتضى التبريد مثلاً في محلِّ معيَّن بشرطٍ معيَّن ، والتَّسخين في محلٍّ آخر بشرطٍ آخر ، والجسم في حيِّزه يقتضي السكون فإذا خرج عن حيِّزه اقتضى الحركة .
الثالث : أنَّ قولكم : يحسن الكذب إذا تضمَّن عصمة نبىٍّ أو مسلمٍ لا يسلَّم، بل لا يكون الكذب إلَّا قبيحاً ، وأمَّا الذي يحسن فهو التعريض والتورية كما وردت به السنَّة النبويِّة ، ثم لو سُلِّم ذلك فإنَّ تخلُّف القُبْح عن الكذب لفوات شرطٍ ،أو قيام مانعٍ يقتضي مصلحةً راجعةً على الصدق لا تخرجه عن كونه قبيحاً لذاته .

3 – مسلك أبي الحسن الآمدي وهو :
أنَّه لو كان فعل من الأفعال حسناً أو قبيحاً لذاته فالمفهوم من كونه قبيحاً وحسناً ليس هو نفس ذات الفعل ، وإلَّا كان من علم حقيقة الفعل عالماً بحُسْنه وقُبْحه ، وليس كذلك لجواز أن يعلم حقيقة الفعل ويتوقف العلم بحُسْنه وقُبْحه على النَّظر كحُسْن الصدق الضّارّ وقُبْح الكذب النَّافع ، وإن كان مفهومه زائداً على مفهوم الفعل الموصوف به فهو صفة وجوديِّة ؛ لأنَّ نقيضه وهو لا حُسْن ولا قُبْح صفة للعدم المحض فكان عدمياً ، ويلزم من ذلك كون الحُسْن والقُبْح وجودياً ،وهو قائم بالفعل لكونه صفةً له ، ويلزم من ذلك قيام العَرَض بالعَرَض وهو محال .

وأجيب عن هذا الدليل من أوجه :
الوجه الأول : أنَّه منقوضٌ بما لا يحصى من المعاني التي توصف بالمعاني كما يقال علمٌ ضروريّ، وعلمٌ كسبيّ ، وإرادةٌ جازمةٌ ، وحركةٌ سريعةٌ ، وحركةٌ بطيئةٌ ، وحركةٌ مستديرةٌ ، وحركةٌ مستقيمةٌ، ومزاجٌ معتدلٌ ، ومزاجٌ منحرفٌ .
الثاني : أنَّ قوله : يلزم منه قيام العَرَض بالعَرَض غير صحيح بل العَرَض يوصف بالعَرَض ، ويقوم به تبعاً لقيامه بالجوهر الذي هو المحلّ فيكون العرضان جميعاً قائمين بالمحلّ ،وأحدهما تابعٌ للآخر ،وكلاهما تبعٌ للمحلّ فما قام العَرَض بالعَرَض ، وإنَّما قام العَرَضان جميعاً بالجوهر، فالحركة والسرعة قائمتان بالمتحرِّك ، والصوت وشجاه وغلظه ودقته وحسنه وقبحه قائمةٌ بالحامل له، والمُحال إنَّما هو قيام العَرَض بالعَرَض من غير أن يكون لهما حامل ، فأمَّا إذا كان لهما حامل وأحدهما صفة للآخر وكلاهما قام بالمحلّ الحامل فليس بمُحَال .
الثالث : أنَّ حُسْن الفعل وقُبْحه شرعاً أمرٌ زائدٌ عليه ؛ لأنَّ المفهوم منه زائد على المفهوم من نفس الفعل ، وهما وجوديَّان لا عدميَّان ؛ لأن نقيضهما يحمل على العدم فهو عدمي، فهما إذا وجوديَّان ؛ لأن كون أحد النقيضين عدمياً يستلزم كون نقيضه وجودياً فلو صحَّ الدليل المذكور لزم أن لا يوصف بالحُسْن والقُبْح شرعاً ، ولا خلاص عن هذا إلَّا بالتزام كون الحُسْن والقُبْح الشرعيّين عدميّين ، ولا سبيل إليه ؛ لأن الثواب والعقاب والمدح والذم مرتَّب عليهما ترتب الآثر على مؤثِّره المقتضى على مقتضيه، وما كان كذلك لم يكن عدماً محضاً ؛ إذ العدم المحض لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب ولا مدح ولا ذم .

4 – مسلك القرافي وهو :
" أنَّ العالم حادث ؛ فهو إمَّا أن يكون فيه مصالح أو لا يكون، فإن كان الأول فقد أخَّر الله تعالى فعل المصالح دهوراً لا نهاية لها، فلا يقال: إنَّ الله تعالى لا يهمل المصالح، وحينئذٍ لا يجزم العقل بثبوت الأحكام قبل الشرائع ولا بمراعاة المصالح، وإن كان العالم ليس فيه مصالح، وقد فعل الله تعالى ما لا مصلحة فيه، فلا يكون العقل جازماً بأنَّ الله تعالى لا يفعل إلا ما فيه مصلحة، بل يجوز عليه فعل لا حكمة فيه على رأيهم، وذلك يخرم قاعدة الحكمة بتفسيرهم، فهذا برهانٌ قاطعٌ على بطلان الحُسْن والقُبْح العقليين " .
ويجاب عن هذا الدليل : بأنَّ هذا وارد في حقِّ المعتزلة كما سيأتي ؛ لأنهم يوجبون فعل الأصلح على الله تعالى ،أمَّا أهل السنَّة فيثبتون الحُسْن والقُبْح العقليّين دون الثواب والعقاب ،ووجوب فعل الصَّلاح والأصْلَح وغيرها مما يوجبه المعتزلة ، وعليه فقول القرافي _ رحمه الله _ : ( أقول في إبطال الحُسْن والقُبْح : رعاية المصالح غير واجبة على الله تعالى عقلاً ؛ فالحُسْن والقُبْح العقليَّان باطلان ) _ إنَّما يصحُّ في نقض قول المعتزلة ؛ لأنهم يربطون بين المسألتين .

ثانيا : أدلة مثبتي الحُسْن والقُبْح العقليين :
وهم أهل السنَّة والماتريديَّة والمعتزلة : واستدلوا بأدلة نقليَّة وعقليَّة :
أ – الأدلة النقليَّة :
1 – قوله تعالى :
start.gif
وإذا فعلوا فاحشةً قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إنَّ الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون
end.gif
.
وجه الاستدلال : أنَّ الله أخبر عن نفسه في سياق الإنكار عليهم أنَّه لا يأمر بالفحشاء فدلَّ ذلك على أنَّه منزهٌ عنه فلو كان جائزاً عليه لم يتنزَّه عنه فعُلِمَ أنَّه لا يجوز عليه الأمر بالفحشاء ، وذلك لا يكون إلاَّ إذا كان الفعل في نفسه سيئاً وقبيحاً .
2 – قوله تعالى :
start.gif
ولا تقربوا الزِّنا إنه كان فاحشةً وساءَ سبيلاً
end.gif
.
وجه الاستدلال : أن الله علَّل النَّهي عنه بما اشتمل عليه من أنَّه فاحشة وأنَّه ساءَ سبيلاً ، فلو كان إنَّما صار فاحشةً وساء سبيلاً بالنَّهي لما صحَّ ذلك ؛ لأنَّ العلَّة تسبق المعلول لا تتبعه.
3 – قوله تعالى :
start.gif
وأن استغفروا ربكم ثمَّ توبوا إليه يمتِّعكم متاعاً حسناً إلى أجلٍ مسمَّى ويؤتِ كلَّ ذي فضلٍ فضله
end.gif

وجه الاستدلال : أنَّ الله أمر الناس أن يتوبوا ويستغفروا ممَّا فعلوه فلو كان كالمباح المستوى الطرفين والمعفو عنه وكفعل الصبيان والمجانين ما أمر بالاستغفار والتوبة فعلم أنَّه كان من السيئات القبيحة لكنَّ الله لا يعاقب إلاَّ بعد إقامة الحجة .
4 - أخبر الله تعالى عن قُبْح أعمال الكفار قبل أن يأتيهم الرسول كقوله لموسى :
start.gif
اذهب إلى فرعون إنَّه طغى فقل هل لك إلى أن تزكَّى وأهديك إلى ربِّك فتخشى
end.gif
وقال تعالى :
start.gif
إنَّ فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبِّح أبناءهم ويستحيى نساءهم إنَّه كان من المفسدين
end.gif
فهذا خبرٌ عن حاله قبل أن يولد موسى _ عليه السلام _ وحين كان صغيراً قبل أن يأتيه برسالة أنَّه كان طاغياً مفسداً ، وقال تعالى:
start.gif
ولقد مننَّا عليك مرةً أخرى إذ أوحينا إلى أمِّك ما يوحى أن اقذفيه في التَّابوت فاقذفيه في اليمِّ فليلقه اليمُّ بالساحل يأخذه عدوٌ لي وعدوٌ له وألقيت عليك محبةً منِّي ولتُصنع على عيني
end.gif
، والعدو فرعون فهو إذ ذاك عدوٌ لله ولم يكن جاءته الرسالة بعد.
5 – قوله تعالى :
start.gif
ويحلُّ لهم الطيبات ويحرِّم عليهم الخبائِث
end.gif

وجه الاستدلال : أنَّ الآية صريحةٌ في أنَّ الحلال كان طيباً قبل حلِّه وأنَّ الخبيث كان خبيثاً قبل تحريمه ، ولم يستفد طيب هذا وخُبْث هذا من نفس الحلّ والتحريم ؛ لأنَّ هذا علم من أعلام نبوته التي احتج الله بها على أهل الكتاب فلو كان الطيب والخبيث إنَّما استفيد من التحريم والتحليل لم يكن في ذلك دليل ؛ فإنَّه بمنزلة أن يقال : يحلُّ لهم ما يحلُّ ويحرِّم عليهم ما يحرِّم وهذا باطل ؛ فإنه لا فائدة فيه .
6 – أنَّ الله تبارك وتعالى أنكر على من نسب إلى حكمته التسوية بين المختلفين كالتسوية بين الأبرار والفجَّار فقال تعالى :
start.gif
أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتَّقين كالفجَّار
end.gif
، وقال تعالى :
start.gif
أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون
end.gif
فدلَّ على أنَّ هذا حكمٌ سيءٌ قبيحٌ ينزَّه الله عنه ، ولم ينكره سبحانه من جهة أنَّه أخبر بأنَّه لا يكون وإنما أنكره من جهة قُبْحه في نفسه وأنه حكمٌ سيءٌ يتعالى ويتنزَّه عنه لمنافاته لحكمته وغناه وكماله ، ووقوع أفعاله كلِّها على السَّداد والصَّواب والحكمة فلا يليق به أن يجعل البرَّ كالفاجر ، ولا المحسن كالمسيء ، ولا المؤمن كالمفسد في الأرض فدلَّ على أنَّ هذا قبيحٌ في نفسه تعالى الله عن فعله .

ب – الأدلة العقليَّة :
1 – أنَّ من أنكر أن يكون للفعل صفات ذاتية لم يحْسُن إلا لتعلق الأمر به ، وأنَّ الأحكام بمجرد نسبة الخطاب إلى الفعل فقط فقد أنكر ما جاءت به الشرائع من المصالح والمفاسد والمعروف والمنكر ، وما في الشريعة من المناسبات بين الأحكام وعللها ، وأنكر خاصةً الفقه في الدين الذي هو معرفة حكمة الشريعة ومقاصدها ومحاسنها .
2 – أنَّ نفي الحُسْن والقُبْح العقليين مطلقاً لم يقله أحد من سلف الأمَّة ولا أئمتها ، وهذا يؤخذ من كلام الأئمَّة والسلف في تعليل الأحكام وبيان حكمة الله في خلقه وأمره ، فنفي ذلك من البدع التي حدثت في الإسلام .
3 – أنَّ من قال : إنَّ الأفعال ليس فيها صفات تقتضي الحُسْن والقُبْح فهو بمنزلة قوله ليس في الأجسام صفات تقتضي التسخين والتبريد والاشباع والإرواء ، فسلبُ صفات الأعيان المقتضية للآثار كسلب صفات الأفعال المقتضية للآثار.
4 – قال المعتزلة : إنَّ الحُسْن والقُبْح يستوي في معرفتهما الملحد والموحِّد ؛ فالملحدة يعرفون قُبْح الظلم ولا مستند لهم إلا محض العقل فالملحدة لا يعرفون النَّهي والنَّاهي .
5 – وقال المعتزلة أيضاً : لو لم يكن الحكم بالحُسْن والقُبْح إلا بالشرع لحَسُن من الله كلُّ شيء فحَسُن منه إظهار المعجزة على يد الكاذب ، ولو حسن منه ذلك لما أمكننا التمييز بين النبي والمتنبئ ، وذلك يفضي إلى بطلان الشرائع .

فهذه جملة من أدلة المثبتين للتحسين والتقبيح العقليين ، وهي مشتركة بين أهل السنَّة والماتريديَّة والمعتزلة ، ثم افترقوا في إثبات الثواب والعقاب بالعقل فأثبت ذلك المعتزلة كما سبق محتجِّين بما ذكرنا من أدلة
ونفى ذلك أهل السنَّة مستدلين بأدلة منها :
1 – النُّصوص الكثيرة في القرآن التي تدل على أن الله لا يعذب أحداً إلا بعد بلوغ الرسالة كقوله تعالى :
start.gif
وما كنَّا مُعذِّبِيْنَ حتى نبعث رسولاً
end.gif
، وقوله تعالى :
start.gif
رسلاً مبشرين ومنذرين لئلَّا يكون للناس حجةٌ بعد الرسل
end.gif
، وقوله تعالى :
start.gif
وما كان ربُّك مهلك القرى حتى يبعث في أمِّها رسولاً يتلو عليهم آياتنا
end.gif
وغير ذلك من الآيات التي تؤكِّد هذا المعنى .
2 - أنَّ الله تعالى قد أخبر في غير موضع أنَّه لا يكلف نفساً إلا وسعها كقوله:
start.gif
لا يكلِّف الله نفساً إلا وسعها
end.gif
وقوله تعالى:
start.gif
والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلِّف نفساً إلَّا وسعها
end.gif
وقوله :
start.gif
لا تكلَّف نفسٌ إلا وسعها
end.gif
وقوله:
start.gif
لا يكلِّف الله نفساً إلا ما آتاها
end.gif
فهذه الآيات وأمثالها تدل على أنَّ المكلَّف لا يؤاخذ بما فعله أو تركه ممَّا لم ينه عنه الشرع ، أولم يأمر به ؛ لأنَّه خارج عن قدرته واستطاعته.
3 – أنَّ مؤاخذة وتعذيب من لم يأت إليه شرع ظلم ، والله سبحانه وتعالى نزَّه نفسه عن الظلم في مواضع كثيرة من القرآن كما في قوله تعالى :
start.gif
ذلك أن لم يكُ ربُّك مهلك القرى بظلمٍ وأهلها غافلون
end.gif
.
فهذه أدلة أهل السنَّة والجماعة في إثبات التحسين والتقبيح العقليين دون ترتيب الثواب والعقاب عليهما، وهو ظاهر القوة، والله أعلم.
---
وابن السبكي يقول : ( المشتهر عن المتكلمين أنَّ أحكام الله تعالى لا تعلل ، واشتهر عن الفقهاء التعليل ) الإبهاج في شرح المنهاج ( 3 / 41 )
 

حمزة عدنان الشركسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 يونيو 2011
المشاركات
189
التخصص
اقتصاد إسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: التحسين والتقبيح عند الأشاعرة

يا أخي أنا لا أحمل في قلبي غلا على أي مسلم مهما كان مذهبه ، ولست أحاول الدفاع عن نفسي ، ولكنك عندما نقلت عبارات عن الشيخ المذكور أتيت بكلام كبير لا يقال مثله ، كيف يقال أن الاضطراب سنة عند الأشاعرة وأن المعتزلة أقرب إلى أهل السنة من الأشاعرة ، لقد وقف شعر رأسي من هذا الكلام ! فإن كنت غير موافق لكلامه فقد كان الأجدر بك أن تعلق عليه ، بارك الله فيكم وأفادنا من علمكم ، وأنا لست متعصبا ولا أحب التعصب ، بل أحب الإنصاف والتجرد العلمي ، ولا أريد أن يسب الأشاعرة على السلفية ولا العكس ، فكلنا من أهل السنة .
ثانيا : ما نقلتموه عن الرازي هو كلام مبتتر ، لأن كلامه هذا في مسألة هو في مسألة "حكم الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع" لأنه يقول بنفسه : "فنقول إن عنيت بالإتضاع ما ينفر عنه طبع الإنسان ولا يلائمه فهذا معقول لكن يلزم عليه أن لا يتحقق الحسن والقبح في حق الله تعالى لما أن النفرة الطبيعية عليه ممتنعة " ومثل ذلك ما نقلته عن الآمدي والباقلاني والقرافي ، غاية الأمر أن الأشاعرة المتقدمون عندما تكلموا في التحسين العقلي في كتب الأصول إنما قصدوا ترتب الثواب والعقاب وذلك في معرض الرد على المعتزلة في مسألة ترتب الثواب بالعقل ، وأما التحسين العقلي الذي بمعنى إدراك حسن الأشياء فقد تكلموا فيها في كتب الكلام والمنطق ولا علاقة لأصول الفقه فيها ، ألم يتكلموا عن السفسطائية والسمنية وغيرهم ممن ينكرون المعقول والمحسوس وردوا عليهم، ولهذا عندما جاء الأشاعرة المتأخرين ورأوا كيف أن البعض قد فهم كلام المتقدمين خطأ فصّلوا فيها ووضعوا رسائل خاصة في هذا الموضوع .
أما ما نقلته عن ابن السبكي فهو مقتطع أيضا ، لأنه في بداية الباب ذكر إثبات العلة وتعريفها عند الأشاعرة وأنهم قالوا العلة هي المعرف وليس الباعث على الحكم ، نعم هذه المسألة سببت إشكالا عند بعضهم فلهذا جاء النص الذي ذكرته ، ثم عقب عليه ابن السبكي بنص لوالده جمع بين قول الفقهاء والمتكلمين ووضح أنه لا فرق بينهم .
بارك الله فيكم .. وإنما أردت من هذه المشاركة توضيح رأي علمي ، ولم أكن أهدف إلى نشر مذهب أو طعن في مذهب ، وإنما من باب الفائدة العلمية ، ومثل ذلك في مشاركتي في مقالتكم الطيبة "ابن تيمية والإجماع " أردت فيها أن نبحث المسائل التي أثارت إشكالا عبر التاريخ بطريقة علمية منهجية بعيدة عن القيل والقال والطعن في العلماء .. بارك الله فيكم .. واعذروني إن كنت قد أسأت لكم أو أسأت للدكتور صاحب المقالة الأصلية ..
فإن كنت قد أصبت من الله تعالى وإن كنت قد أخطأت فمن نفسي والشيطان..
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: التحسين والتقبيح عند الأشاعرة

يا أخي أنا لا أحمل في قلبي غلا على أي مسلم مهما كان مذهبه ، ولست أحاول الدفاع عن نفسي ، ولكنك عندما نقلت عبارات عن الشيخ المذكور أتيت بكلام كبير لا يقال مثله ، كيف يقال أن الاضطراب سنة عند الأشاعرة وأن المعتزلة أقرب إلى أهل السنة من الأشاعرة ، لقد وقف شعر رأسي من هذا الكلام ! فإن كنت غير موافق لكلامه فقد كان الأجدر بك أن تعلق عليه ، بارك الله فيكم وأفادنا من علمكم ، وأنا لست متعصبا ولا أحب التعصب ، بل أحب الإنصاف والتجرد العلمي ، ولا أريد أن يسب الأشاعرة على السلفية ولا العكس ، فكلنا من أهل السنة .
الله يكرمنا وإياك.. مَن قال بأن المراد أن يسب بعضنا بعضاً.. ثم إن الكلام مقيد في أصل المقالة، ولعلك تعيد النظر في هذه العبارة:

ولذا فالمعتزلة وإن كانوا أبعد عن أهل السنة من الأشاعرة، إلا أنهم أقل اضطراباً
فمن الأقرب إلى أهل السنة إذن؟!


ولكن الذي عليه عليه المحققون أن مذهب الأشاعرة والماتردية في هذه المسألة سواء وقد ذكر ذلك جمع منهم السبكي الأب والابن وابن كمال باشا والجامي وشيخ زاده وغيرهم
وهل نختزل المذهب الأشعري في هؤلاء
؟! مع الحاجة لمراجعة نصوصهم التي لم تذكرها.. لا سيما أن أكثر من ذكرتَه هنا هم من المتأخرين، فكان الجواب بما تقدم..

ثم قضية المعتمد عند الأشاعرة هي قضية القضايا، ولا أحب أن نخرج للبحث فيها.. وأزيد فأقول:
- يقول ابن حجر الهيتمي في "المولد الشريف": ( اعلم أن الذي قرره وأطبق عليه الأئمة الأشاعرة الشافعية وغيرهم أئمة النقل والأصول والفقه أنه لا حكم قبل ورود الشرع، وأن تحكيم المعتزلة للعقل باطل، وكذا قول بعضٍ: إن الإيمان وحده يجب بالعقل )، وكلامنا عن قول أكثر الأشاعرة، لا عما تسمونه المعتمد.

وإذا كنتَ تقرر أن الأشاعرة والماتريدية في هذا الباب سواء، فما الذي جعل اللقاني في شرحه على الجوهرة يقول: ( مذهب الأشاعرة أن أفعال الباري تعالى ليست معللة بالأغراض والمصالح، والغرض: ما لأجله يصدر الفعل عن الفاعل، ومذهب الماتريدية امتناع خلو فعله تعالى عن المصلحة )؟! والمسألتان من بابة واحدة.

فالأشاعرة منعوا العلة العقلية ولكنهم لم يمنعوا العلة الأصولية القياسية ، ولهذا عندما منعوا تعليل أفعال الله تعالى وأحكامه منعوها من باب عدم وجود باعث لفعل الله أو حكمه ، بمعنى أن الله تعالى غير مضطر لفعل أو حكم ، هذا ما قصدوه .
في "هداية المريد" أيضاً: ( على أن بعضهم نقل عن الأشاعرة أنهم ينفون وجوب التعليل، لا أنهم يحيلونه، كما صرح به ابن عقيل الحنبلي، وهو غريب ).
فهل تعني بقولك: " بمعنى أن الله تعالى غير مضطر لفعل أو حكم " هذا المعنى من نفي الوجوب؟!
فإن كان ذلك وقلتَ: هذا ما قصدوه، فلي أن أقول: بل هذا ما استغربوه.
نعم، هو وجه عند الأشاعرة ولا أماري في ذلك.


بارك الله فيكم .. وإنما أردت من هذه المشاركة توضيح رأي علمي ، ولم أكن أهدف إلى نشر مذهب أو طعن في مذهب ، وإنما من باب الفائدة العلمية ، ومثل ذلك في مشاركتي في مقالتكم الطيبة "ابن تيمية والإجماع " أردت فيها أن نبحث المسائل التي أثارت إشكالا عبر التاريخ بطريقة علمية منهجية بعيدة عن القيل والقال والطعن في العلماء .. بارك الله فيكم ..
وفيكم بارك، ولا مانع من إيضاح الرأي العلمي، والجواب المذكور هو إيضاح لرأي علمي أيضاً فلمَ يقف له شعر الرأس؟!!!
وحتى في كلامنا حول ابن تيمية وضعنا المسألة للنقاش والحوار، لا للتشنج والمدافعة بالباطل، وذكرنا آراء مخالفيه قبل موافقيه، وناقديه قبل مادحيه، والله الموفق والمستعان.
 
التعديل الأخير:

حمزة عدنان الشركسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 يونيو 2011
المشاركات
189
التخصص
اقتصاد إسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: التحسين والتقبيح عند الأشاعرة

بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا وأشكركم على روحكم العالية
بين يدي نقول أحببت نقلها للفائدة
قال الجويني في البرهان :والمسلك الحق عندي في ذلك الجامع لمحاسن المذاهب الناقض لمساويها أن نقول لسنا ننكر أن العقول تقتضي من أربابها اجتناب المهالك وابتدار المنافع الممكنة على تفاصيل فيها وجحد هذا خروج عن المعقول ولكن ذلك في حق الآدميين والكلام في مسألتنا مداره على ما يقبح ويحسن في حكم الله تعالى

يقول الإمام الرزاي رحمه الله تعالى، في "المحصول" : الحسن والقبح قد يعنى بهما كون الشئ ملائما للطبع أو منافرا وبهذا التفسير لا نزاع في كونهما عقليين.وقد يراد بهما كون الشئ صفة كمال أو صفة نقص كقولنا العلم حسن والجهل قبيح ولا نزاع أيضا في كونهما عقليين بهذا التفسير.وإنما النزاع في كون الفعل متعلق الذم عاجلا وعقابه آجلا فعندنا أن ذلك لا يثبت إلا بالشرع"
قال القاضي الباقلاني في التقريب والارشاد : "القول في الحسن والقبيح من فعل المكلَّفِ، وطريق العلم بذلك ولسنا نعني ـ وفقكم الله ـ بقولنا: إنه لا يعلم بضرورته ولا بدليله حسن الفعل ولا قبحه. أنه لا يُعلمُ به حسن نظم الكلام وقبحه، وحسن رمي المؤمن للكافر، والكافر للمؤمن، ودقتُه وإصابته، ولا نريد أنه لا يعلم بالحواس حبس الحلق والأصوات، وقبح ذلك الذي تنفر عنه النفوس؛ وإنما نريد أنه لا يعلم وجوب الذم والمدح، والثواب والعقاب على الأفعال.وكذلك فما نريد بذلك أن العاقل الحساس لا ينفر من ضربه وإيلامه، وتجريده للحر والبرد، ولا يميل إلى التذاذه وإطعامه وإسقائه، ودفع الضرر والحر والبرد والآلام عنه ... هذا جهل من راكبه"
يقول الغزالي في الاقتصاد "وأما الحسن فحظ المعنى منه أن الفعل في حق الفاعل ينقسم إلى ثلاثة أقسام أحدها أن توافقه أي تلائم غرضه، والثاني أن ينافر غرضه، والثالث أن لا يكون له في فعله ولا في تركه غرض. وهذا الانقسام ثابت في العقل؛ فالذي يوافق الفاعل يسمى حسناً في حقه ولا معنى لحسنه إلا موافقته لغرضه، والذي ينافي غرضه يسمى قبيحاً ولا معنى لقبحه إلا منافاته لغرضه، والذي لا ينافي ولا يوافق يسمى عبثاً أي لا فائدة فيه أصلاً"

وهذه نقول عن بعض الحنابلة :
قال المرداوي في التحبير شرح التحرير:الحسن والقبح بمعني ملاءمة الطبع ومنافرته وكونه صفة كمال ونقص عقلي
وبمعني المدح والثواب والذم والعقاب شرعي فلا حاكم إلا الله تعالي فالعقل لا يحسن ولا يقبح ولا يوجب ولا يحرم عند أحمد وأكثر أصحابه والأشعرية قال ابن عقيل وأهل السنة والفقهاء وخالف التميمي وأبو الخطاب والشيخ وابن القيم والحنفية والمعتزلة والكرامية وللمالكية والشافعية وأهل الحديث قولان


ونقل ابن النجار في مختصره
( الْحُسْنُ وَالْقُبْحُ ) يُطْلَقُ بِثَلاثَةِ اعْتِبَارَاتٍ أَحَدُهَا : ( بِمَعْنَى مُلاءَمَةِ الطَّبْعِ وَمُنَافَرَتِهِ ) كَقَوْلِنَا : إنْقَاذُ الْغَرِيقِ حَسَنٌ ، وَاتِّهَامُ الْبَرِيءِ قَبِيحٌ الثَّانِي : مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ : ( أَوْ ) بِمَعْنَى ( صِفَةِ كَمَالٍ وَنَقْصٍ ) كَقَوْلِنَا : الْعِلْمُ حَسَنٌ ، وَالْجَهْلُ قَبِيحٌ . وَكُلٌّ مِنْهُمَا ( عَقْلِيٌّ ) أَيْ إنَّ الْعَقْلَ يَسْتَقِلُّ بِإِدْرَاكِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الشَّرْعِ . ( وَ ) الثَّالِثُ : إطْلاقُ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ ( بِمَعْنَى الْمَدْحِ وَالثَّوَابِ ، وَ ) بِمَعْنَى ( الذَّمِّ وَالْعِقَابِ : شَرْعِيٌّ ، فَلا حَاكِمَ إلاَّ اللَّهُ تَعَالَى ، وَالْعَقْلُ لا يُحَسِّنُ وَلا يُقَبِّحُ وَلا يُوجِبُ وَلا يُحَرِّمُ ) عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَالأَشْعَرِيَّةِ . قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْفُقَهَاءِ ، قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ : لَيْسَ فِي السُّنَّةِ قِيَاسٌ ، وَلا يُضْرَبُ لَهَا الأَمْثَالُ ، وَلا تُدْرَكُ بِالْعَقْلِ ، وَإِنَّمَا هُوَ الاتِّبَاعُ . وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ ، مِنْ أَصْحَابِنَا ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ، وَابْنُ الْقَيِّمِ ، وَأَبُو الْخَطَّابِ ، وَالْمُعْتَزِلَةُ ، وَالْكَرَّامِيَّةُ : الْعَقْلُ يُحَسِّنُ وَيُقَبِّحُ ، وَيُوجِبُ وَيُحَرِّمُ . وَنُقِلَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ قَوْلانِ . قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ : قَالَ شَيْخُنَا - يَعْنِي الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ - وَغَيْرُهُ : الْحُسْنُ وَالْقُبْحُ ثَابِتَانِ ، وَالإِيجَابُ وَالتَّحْرِيمُ بِالْخِطَابِ وَالتَّعْذِيبُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الإِرْسَالِ وَرَدُّ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الشَّرْعِيَّيْنِ إلَى الْمُلاءَمَةِ وَالْمُنَافَرَةِ ؛ لأَنَّ الْحُسْنَ الشَّرْعِيَّ : يَتَضَمَّنُ الْمَدْحَ وَالثَّوَابَ الْمُلائِمَيْنِ . وَالْقُبْحُ الشَّرْعِيُّ : يَتَضَمَّنُ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ الْمُنَافِرَيْنِ . وَاخْتَارَ ابْنُ الْخَطِيبِ فِي آخِرِ كُتُبِهِ : أَنَّ الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ الْعَقْلِيَّيْنِ ثَابِتَانِ فِي أَفْعَالِ الْعِبَادِ . انْتَهَى
 
أعلى