العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

التعريف بالمذهب المالكي

طيبة الوردي

:: متابع ::
إنضم
29 يونيو 2011
المشاركات
66
الكنية
أم كريمة
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
المذهب المالكي


الحديث عن المذهب المالكي يدور حول المحاور التالية:
1 - صاحب المذهب الامام مالك بن أنس
2 - تكوين المذهب، وموطنه، وانتشاره
3 - أصول المذهب ومنهجه
4 - أهم تلاميذ الإمام مالك الذين تفقهوا عليه
5 - مصادر المذهب المالكي

أولاً: صاحب المذهب الامام مالك بن أنس:
‏هو مالك بن أنس بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان - بالغين المعجمة، والياء المثناة تحت - ابن خُثيل - بالخاء المعجمة المضمومة، وفتح الثاء المثلثة - ابن عمرو بن الحارث - والحارث هذا هو ذو أصبح - الأصبحي المدني، كنيته : أبو عبد الله، وقد اختلف في نسب ذي أصبح اختلافا كثيرا .

شيوخه ومن روى عنه.
شيوخه
‏أخذ القراءة عرضا عن : نافع بن أبي نعيم، ومحمد بن المبارك، وأبي بكر محمد ابن مسلمة، ومحمد بن المنكدر، وابن شهاب الزهري، ويحيي بن سعيد الأنصاري، وخلق كثير من التابعين يطول ذكرهم .
‏وأخذ العلم عن ربيعة الرأى، ثم أفتى معه عند السلطان .
‏وفي "الدرة الوسطي في السلك المنظوم في رجال الموطأ" للشيخ أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الحضرمي : وليس لمالك تابعي أدرك بدريا غير نافع وحده، فإنه روى عن أبي لبابة بشير بن عبد المنذر، وهو بدري، وقد سمع من الربيع بنت معوذ، وكانت قد أدركت النبي، صلي الله عليه وسلم، وسمعت منه . وأدرك ابن عباس، وعائشة، ولم تأت له رواية عن واحد منهما في الموطأ.
‏قال الإمام أبو القاسم الدولعي - في كتاب "الرسالة المصنفة في بيان السنة المشرفة" - : أخذ مالك عن تسعمائة شيخ : ثلاثمائة من التابعين، وستمائة من تابعيهم ممن اختاره، وارتضى دينه، وفقهه، وقيامه بحق الرواية وشروطها، وحصلت الثقة به، وترك الرواية عن أهل دين وصلاح لا يعرفون الرواية.
‏روى عنه خلق كثير، منهم جماعة من الشيوخ الذين روى عنهم .
‏قال أبو محمد الضراب وغيره : منهم : يحيي بن سعيد الأنصاري، وأبو الأسود بن نوفل، وزياد بن سعد، وابن شهاب، وهشام بن عروة، وربيعة . . . إلي آخرين سواهم .
قال - رضي الله عنه - : قَلَّ رجُلٌ كنت أتعلم منه، وما مات حتى يجيئني ويستفتيني.

من روى عنه
وأما من روى عنه من أقرانه ممن مات قبله أو بعده، فكثير: كابن جريج، وابن عجلان، والدراوردي، والليث، ونافع القارئ، وعبد العزيز بن الماجشون، والزنجي، وأبي حنيفة، وصاحبيه، ووكيع، وشعبة، والأوزاعي، وغيرهم.
قال بعضهم : ففي رواية هؤلاء وغيرهم من المشيخة وأمثالهم عن مالك دليل علي عظم شأنه .
‏قال جعفر الفريابي : لا أعلم أحدا روى عنه الأئمة والجلة ممن مات قبله بدهر طويل إلا مالكا. فإن يحيي بن سعيد مات قبله بخمس وثلاثين سنة، وابن جريج بثلاثين، والأوزاعي بعشرين، والثوري بثماني عشرة، وشعبة بسبع عشرة .
‏قال أبو الحسن الدارقطني : لا أعلم أحدا - تقدم أو تأخر - اجتمع له ما اجتمع لمالك، وذلك أنه روى عنه رجلان حديثا واحدا بين وفاتيهما نحو من مائة وثلاثين سنة : محمد بن شهاب الزهري شيخه، توفي سنة خمس وعشرين ومائة، وأبو حذافة السهمي، توفي بعد الخمسين ومائتين، رويا عنه حديث الفريعة بنت مالك في سكنى المعتدة .
‏قال القاضي عياض : كنا قديما جمعنا الرواة عن مالك علي حروف المعجم، فاجتمع لنا منهم نيف على ألف اسم وثلاثمائة اسم .
‏وروى عنه محمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج، وأبو داود، وسليمان بن الأشعث السجستاني، وأبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، وأبو عبد الله بن ماجه القزويني، وغيرهم من الأئمة .
‏وجلس للناس ابن سبع عشرة سنة. وشهد له السلف الصالح وأهل العلم بالإمامة في العلم بالكتاب والسنة، والتقدم في الفقه، والصدق في الرواية .

ثناء العلماء عليه
‏وروي بإسناد صحيح أن رسول الله، صلي الله عليه وسلم، قال : يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم، فلا يجدون أحدا أعلم من عالم المدينة، رواه أبو عيسى الترمذي من حديث أبي الزبير عن أبي صالح، عن أبي هريرة يرفعه، وقال : حديث حسن . قال الترمذي : قال ابن عيينة، وعبد الرزاق : هو مالك .

‏قال له ابن شهاب : أنت من أوعية العلم، وإنك لتعلم مستودع العلم .
‏قال الشافعي : إذا جاءك الأثر عن مالك فشد به يديك،
وقال : إذا ذُكر العلماء فمالك النجم، ولم يبلغ أحد في العلم مبلغ مالك، بحفظه واتقانه وصيانته.
وقال : مالك بن أنس معلمي، وعنه أخذنا العلم، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله .
‏وقال يحيى بن سعيد القطان : مالك إمام الناس في الحديث،
وقال أيضا : مالك أمير المؤمنين في الحديث .
‏وقال علي بن المديني : قال الحافظ أبو علي الحسن بن محمد البكري - في كتابه "التبيين بذكر من يسمى بـأمير المؤمنين" - : أول من سمى هذا الاسم - فيما علمته وشاهدته ورويته - وسمى بـ "الإمام" أبو الزناد عبد الله بن ذكوان، وبعده إمام دار الهجرة مالك بن أنس، ثم محمد بن إسحاق صاحب "المغازي"، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، والواقدي، واسحاق بن راهويه، وعبد الله بن المبارك، والدارقطني.
‏وقال يحيى بن معين : مالك نبيل الرأي، ونبيل العلم، أخذ المتقدمون عن مالك ووثقوه، وكان صحيح الرواية.
قال : وكان من حجج الله على خلقه،
وقال : مالك نجم أهل الحديث، المتوقف عن الضعفاء، الناقل عن أولاد الأنصار والمهاجرين .
‏وقال البخاري : أصح الأسانيد: مالك عن نافع عن ابن عمر.
‏قال مطرف : كان مالك إذا سُئل عن مسألة نزلت، فكأنما نبي نطق على لسانه، وكان إذا أراد أن يجلس للحديث يغتسل ويتبخر ويتطيب، فإن رفع أحد صوته في مجلسه قال : قال الله تعالي : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) -الحجرات 2-، فمن رفع صوته عند حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وكان لا يركب في المدينة مع ضعفه وكبر سنه، ويقول : لا أركب في المدينة فيها جثة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مدفونة .

‏وكان مالك كثيرا ما يتمثل :
‏وخير أمور الدين ما كان سنة ***** وشر الأمور المحدثات البدائع

قال أحمل بن حنبل : إذا رأيت الرجل يبغض مالكا، فاعلم أنه مبتدع،
وقال: قال مالك : ما جالست سفيها قط، وهذا أمر لم يسلم منه غيره.
قال أحمد : ليس في فضائل العلماء أجل من هذا.

تصانيفه:
‏ولمالك - رضي الله عنه - تواليف شريفة مروية عنه أكثرها بأسانيد صحيحة في غير فن من العلم، ذكرها القاضي عياض في "مداركه" . وسائر تواليف مالك إنما رواها عنه من كَتَب بها إليه، أو سأله إياها، أو آحاد من أصحابه، ولم يروها الكافة، فمن ذلك :
- الموطأ : اعتنى الناس به واهتموا به، ولم يعتن بكتاب من كتب الحديث والعلم اعتناء الناس بـ الموطأ. ورواه عن مالك خلق كثير: كعبد الرحمن بن القاسم، وعبد الله بن وهب، وأبى مصعب الزهرى، ومحمد بن إدريس الشافعى، ومحمد بن الحسن - صاحب أبى حنيفة - ويحيى بن مالك بن أنس، وفاطمة بنت مالك. ورواه أبو يوسف عن رجل عنه .
- رسالته إلى ابن وهب فى القدر والرد على القدرية.
- كتاب فى النجوم وحساب دوران الزمان ومنازل القمر، وهو كتاب جيد مفيد جدّا، قد اعتمد الناس عليه في هذا الباب، وجعلوه أصلاً، وعليه اعتمد أبو محمد عبد الله بن مسرور الفقيه القروى فى تواليفه فى هذا الباب.
- كتاب فى "التفسير لغريب القرآن" .
-
- وذكر الخطيب أبوبكر فى "تاريخه" : عن أبى العباس السراج النيسابورى، أنه قال: هذه سبعون ألف مسألة لمالك، وأشار إلى كتب منضدة عنده كتبها . قال صاحب "المدارك" : هى جواباته فى أسمعة أصحابه التي عند العراقيين.
- رسالة في الأقضية، كتبها لبعض القضاة، عشرة أجزاء.
- رسالته إلى أبى غسان محمد بن مطرف، في الفتوى.
- رسالته إلى هارون الرشيد،في الآداب والوعظ، أشار إليها الشيخ أبو عمر بن الحاجب في "باب المسح على الخفين"، وقد أسند هذه الرسالة القاضي أبو الفضل من بعض الطرق، ثم قال: وقد أنكرها بعض مشايخنا : إسماعيل القاضي، والأبهري، وأبو محمد بن أبى زيد، وقالوا : إنها لا تصح ولا تعرف، قال الأبهرى : فيها أحاديث لو سمع مالك من يحدث بها لأدبه، وأحاديث طريقها لمالك ضعيفة، وفيها أحاديث منكرة . وقد أنكرها أصبغ بن الفرج أيضا ، وحلف: ما هي من وضع مالك.

وقد نسب لمالك - أيضا - كتاب يسمى: "كتاب السر"، من رواية ابن القاسم عنه، أسنده القاضي.
‏- رسالة إلى الليث بن سعد، في إجماع أهل المدينة، وسنورد نصها عند حديثنا عن أصول المذهب المالكي .

مولده ووفاته:
‏ولد سنة ثلاث وتسعين من الهجرة، في خلافة سليمان بن عبد الملك، على الأشهر من الخلاف، وهو قول يحيى بن بكير، قاله القاضي. قال: وأما وفاته، فالصحيح ما عليه الجمهور من أصحابه، ومن بعدهم من الحفاظ، وأهل علم الأثر ممن لا يعد كثرة - أنه توفى سنة تسع وسبعين ومائة. والأكثرون: أنه توفى في ربيع الأول.

‏ولا خلاف أنه دفن بـالبقع، وأن وفاته كانت بـالمدينة في خلافة هارون .
‏وصلى عليه عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن على بن العباس، والى المدينة يومئذ .


(جمع وترتيب: طيبة بنت الوردي)



------------------------------


الفصل التالي: تكوين المذهب، وموطنه، وانتشاره
 
إنضم
19 مارس 2017
المشاركات
5
الكنية
أبوعبد الله
التخصص
لغة وتفسير
المدينة
الجلفة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: التعريف بالمذهب المالكي

جزاكم الله خيرا على ما تفضلتم به
 
أعلى