العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

التعليقات شرح الشوقيات

إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
فإن الشعر ديوان العرب، فيه التاريخ والعِبْرَه، والمثَلُ السائرُ والحكمه،
وهو كلام كالكلام؛ فحسَنُهُ حسنٌ وقبيحُهُ قبيحٌ، ولما كانت الأمة عزيزةً كانت لغتها عزيزة (وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لغات) ولما هانت .. هانت لغتُها وضعف شِعْرُها ونثرُها حتى صرنا إلى زمانٍ أهلُهُ بغير لغتِهم يفخرون وبمن تشبث منهم ببعض لغتِهِ يسخرون ويضحكون فإنا لله وإنا إليه راجعون.

هذا وإني قد نشأتُ على حُبِّ الأدب وتعلقتُ منه بسبب، وأنفقت عمرا في تتبع دواوينه ومصنفاته، والقصير من كتبه ومطولاته، وما كان أسعدني حين أقف على فهم بيت من الشعر، وكم ذا أصابني من همٍّ حين أقرأ ما لا أدري معناه، وإن كنت أجد له بالذوق حسنا وبهاءً،

وقد كان يُكْثِرُ من وَجْدِي ما كنت ألقاه من قلة المراجع وضيق ذات اليد وشُحِّ الأصحاب بما عندهم خوفا من أنْ أبزهم في العلم! فكانوا يكنزون الكتب

بل كان أحدُهم ممن كان يملك مكتبة تناظر دار الكتب يُصَرِّحُ بلسانه أنه يريد أن يجعل مكتبته مكتبةً عامَّةً للناس يقصدها طلاب العلم وينهلون منها طمعا في الثواب وابتغاء لما عند الله، زعم، ثم بدا له أن يستعيض عن ذلك بوضع بعضها في المسجد الذي نصلي ونطلب العلم فيه، وفعل! فانقضضتُ عليها انقضاضا آكلُها أكلا، وكنت امرءًا نهِمًا يأخذه للكلام المكتوب سُعَارٌ،

وكان فيما وضعه: رصف المباني للمالقي، وشرح بانت سعاد لابن هشام فانكببتُ عليهما ثم أخذت أحدثه عن بديع ما فيهما وأنهما قد سدَّا عندي ثغرة كانت تؤرقني ووو الخ
فما هو إلا أن هاجه ما قلت وأرقه ما ذكرت فقام بجمع الكتب
فقلت له: لمَ تفعل ذلك؟! ألست تريد الأجر والثواب؟! ألستَ قلتَ كذا وكذا؟! ولكن لسان الحال غير لسان المقال،
فطلبت منه أن يتركها شهرا واحدا أو أسبوعا فأبى،
فطلبت أن يأخذها كلها ويترك لي رصف المباني وبانت سعاد فأبى، فأخبرتُه أني أعلم أنه لا يريد غيرهما فلم يعبأْ، فطلبت منه أن يأخذهما ويترك الباقي فأبى، والله المستعان.

وإنما قصصتُ ذلك لأقول: إن ديوان شوقي كان مما يهمني ويوقع الحزن في نفسي ألا أجدَ له شرحا
بل كنت لا أجد الديوان نفسه إلا بأن أذهب إلى دار الكتب فأقرأ فيه،
وكم كان فرحي عظيما حين اشتريتُ الجزء الثاني من الديوان من بائعي الكتب القديمة بسور الأزبكية ولم أكن أصدق أن بعض ديوان شوقي معي في البيت أقرأ فيه متى شئت،

ولكن كان ينغص عليَّ عدم وجود معجم ولو صغيرا لأبحث عن معاني الكلمات حتى أفهم بعض المعنى أو أقترب من فهمه.

كان ما كان، ثم وقع في نفسي أن أكون أنا شارح الشوقيات وأبا عذرتها، وابن بجدتها

ثم قلت لنفسي أنى هذا؟! قد مات شوقي منذ أكثر من خمسين عاما ولم يجرؤ أحد أن يتعرض لِمَا تريد أن تتعرض له،
وإنما حسبُه مقالةً يكتبها أحدهم أو كتابا لا يضطره للوقوع في مزالق المعاني ومضايق العبارات بل يكتب ما فهمه من بعض القصيدة أو القصائد وما لم يفهمه لا يتعرض له،

وأما شرح الشوقيات بيتا بيتا وذِكْرُ معنى كل بيت فهذا مما لا يكاد يطاق ولا يستطاع ولا بشق الأنفس.
ثم لم يتركني هذا الهاتف فكانت تمر الأيام والشهور فأنسى ذلك ثم يهتف بي هاتف من داخلي: متى ستشرح الشوقيات؟

فلم أجد بدا من قراءة ما وقع تحت يدي من كتب تساعدني على ذلك منها:
- كتب تحدثت عن شوقي مثل: شوقي شاعر العصر الحديث لشوقي ضيف والمتنبي وشوقي دراسة ونقد وموازنة للأستاذ عباس حسن صاحب النحو الوافي، واثنى عشر عاما فى صحبة أمير الشعراء لـ (أحمد عبد الوهاب أبو العز) وغيرها
- ومنها كتب التاريخ المعاصر
وأكثر ذلك كنت أقرؤه في دار الكتب بطنطا
- ثم وقعت على مجلة فصول في العدد الخاص بشوقي وحافظ فقرأتها كلها حتى ما فيها من كلام للأعاجم المستشرقين وأشباههم،

ثم لما وقعت على كتاب (تحفة الرائي للامية الطغرائي) وهو شرح للامية العجم قلت: هذه هي الطريقة التي ينبغي أن يشرح بها ديوان شوقي.

ثم وقع في نفسي أن أطلب من شيخنا د. محمد بن عبد المعطي حفظه الله أن يقوم هو بذلك، فهو يقينا أقدر مني على ذلك، وكان وقتها ما زال في مرحلة الدكتوراة، وكنت أظنه سيفرح بهذا ولكني وجدته استصعبه واستعظمه، فعاودني الهاتف والهاجس السابق الآني واللاحق: قم أنت بشرح الشوقيات!!

ثم أخذتنا الدنيا بما فيها، فذُهِلْتُ عما كنت فيه

فلما كانت رحلتي الأولى إلى بلاد الحجاز بعد أن صرتُ طبيبا وتخلصتُ من عبءِ الدراسة الطبية إلا قليلا عاودني هذا الهاتف ثانية بأن أشرح الشوقيات (لنفسي طبعا) ولكني كنت مشغولا بدراسة أصول الفقه وبكتاب (أنوار البروق للقرافي) وببعض كتب البلاغة

ثم قلت في نفسي: سأبدأ بقصيدة صعبة جدا فإن استطعت تجاوزها شرحت باقي الديوان وإلا فلا،
فبدأت بقصيدة شوقي العينية التي مطلعها:
ضمي قناعَك يا سعادُ أو ارفعي *** هذي المحاسنُ ما خُلِقْنَ لِبُرْقُعِ

والتي عارض بها عينية ابن سينا في النفس التي مطلعها
هبطتْ إليك من المحل الأرفع *** ورقاءُ ذاتُ تَعَزُّزٍ وتَمَنُّعِ

ولا أدري الآن على وجه الدقة من أين جاءتني هذه القصيدة، وأغلب ظني أني كتبتها حين كنت في مصر وأخذتها معي لأنظر هل أستطيع أن أشرحها أو لا؟

ولكن اعترضني شيء آخر وهو عدم وجود أي مرجع معي؛ لا الديوان ولا أي معجم ولا أي كتاب تاريخي ولا غيرها، كنت وقتها أهتم بالعلم الشرعي وبعلم البلاغة،

ثم استعنت بالله وقمت بالبدء في شرحها على ما تيسر عندي من مخزون لغوي، وبما يمكنني أن أستشفه من المعنى بنفسي وإن كانت المفردةُ غريبةً لا أعرف معناها أو لا أتيقنه

ثم استعنت بتطبيق قواعد البلاغة على القصيدة بيتا بيتا، وكان معي حاشية البيجوري على السمرقندية وكتاب آخر معاصر في علم البديع فساعداني جدا على حل كثير من ألغاز هذه القصيدة المُحَيِّرَة.

ثم دارت الأيام وضاع ما كتبته أو هو في حكم الضياع، ولله الأمر.

ثم إني كتبت منذ سنوات قريبة قليلا في شرح الشوقيات، لما صارت الكتب متاحة لطلاب العلم على الشبكة، بدون مَنٍّ ولا أذى، فهنيئا لرافعي الكتب الأجر والثواب إن شاء الله،

المهم أني بدأت بكتابة شرح موسع على الشوقيات أذكر فيه اللغة (معاني الألفاظ) ثم الإعراب ثم المعنى العام ثم بعض ما في البيت من علوم البلاغة الثلاثة،

ثم توقفت عن ذلك نظرا لطول المشروح ولضعف الهمم غالبا عن مثل ذلك ولضيق الوقت عنه أيضا،

فإذا علمت أن عدد أبيات الشوقيات (11320) بيتا، وأن الشوقيات المجهولة تبلغ (4700) بيتا، وأرجوزة دول العرب وعظماء الإسلام تبلغ (1365) ووصل شعره المسرحى (6179) بيتا فأنى تجد الوقت للشوقيات المعلومة وحدها دون الباقي؟!
فعدلت إلى طريقة هي أقسط من ذلك وأعدل وذلك بأن أقتصر على ذكر معنى اللفظة الغريبة ثم ذكر معنى البيت ولا أزيد ولكنى ربما أطلت فى شرح المعنى ليتضح جدا.

ولما بدأت هذه المرة بدأت بأول قصائد الديوان لأشرحه قصيدة قصيدة،
ولكني توقفت كثيرا بسبب المخالفات العقدية الكثيرة التي وقفت عليها وهممت بطرح الديوان
ثم قلت في نفسي: فهل نترك الديوان للحداثيين وإخوانهم من العلمانيين فهلا أتممتَ ما بدأتَ ونبهتَ على ما وقفتَ عليه من هذه المخالفات العقدية،

ثم توقفت بسبب ما أنا بصدده مما هو أهم يقينا ولكن لعلي أعود إلى الديوان لاحقا إن قدَّرَ الله ذلك

فإلى أن ييسر الله لنا ذلك -إن شاء- رأيت ألا أترك ما كتبته حبيس الأوراق أو حبيس الوورد لا سيما وقد ضاع ما كتبته في الأوراق من شرح القصيدة العينية، وتلف ما كتبته في الوورد من الشرح المطول، ولم يبق إلا ما كتبته من الشرح المختصر هذا، وقد سميته التعليقات شرح الشوقيات.

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ينفعني به وكل راغب في الخير، وأن يجعله ذخرا لي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وألا يجعله حجة عليّ إنه ولي ذلك والقادر عليه
وهذا أوان الشروع في المقصود


تنبيه:
إذا لم يرغب الإخوة في الإدارة في المتابعة هنا لتخصص الملتقى الفقهي فيمكن من أراد المتابعة أن يتابع هنا:


 
التعديل الأخير:
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

19 – وَبَنَيْنَا فَلَمْ نُخَلِّ لِبَانٍ *** وَعَلَوْنَا فَلَمْ يَجُزْنَا عَلَاءُ

اللغة:
ظاهرة
المعنى:
وبنينا فبلغنا الغاية فى حسن البناء وجودته بحيث لم نترك لأحد أن يتجاوز ما فعلناه، وعلونا فى القَدْرِ والرفعة فبلغنا الغاية أيضا فلم يَعُدْ يوجد علاءٌ فوقنا.
_____________________________________
20 – وَمَلَكْنَا فَالْمَالِكُونَ عَبِيدٌ *** وَالْبَرَايَا بِأَسْرِهِمْ أُسَرَاءُ
اللغة:
(البرايا) جمع بَرِيَّة وهي الخَلْق
(بأسرهم) بأجمعهم
(أُسَراء) جمع أسير وهو المربوط بالإسار أى القيد ثم استُعمِل فى الأسير مطلقا ولو كان غير مربوط بشئ
المعنى:
وملكنا الدنيا كلها حتى صار المالكون عبيد لدينا والبرايا بأجمعهم أسراء عندنا. وهذا فيه من المبالغة ما لا يخفى.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

21 – قُلْ لِبَانٍ بَنَى فَشَادَ فَغَالَى *** لَمْ يُجِزْ مِصْرَ فِي الزَّمَانِ بِنَاءُ
اللغة:
(شاد) شَادَ الحائطَ يَشِيدُهُ شَيْدًا: طلاه بالشِّيدِ - بكسر الشين – وهو ما طُلِىَ به حائط من جِصٍّ ونحوِه، والبناء المُشَيَّد: المُطَوَّل
(غالَى) غالَى فى أمره: بالغ فيه
(لم يُجِزْ) أجاز الطريقَ يُجِيزُهُ: قطعه وخَلَّفَه، وأما جاز الطريقَ يجوزه: فمعناه سار فيه وسلكه.
المعنى:
قل أيها القارئ والمستمع لقصيدتى هذه لمَنْ بنى وأبدع في البناء وبالغ في تشييد بناءه بأنْ طوَّله وطلاه وزيَّنه = لم يُجِزْ مصرَ بناءٌ في أي زمان بحيث إنها لم تستطع أن تفعل مثله أو أفضل منه فهذه الأهرامات والمعابد والهياكل وغيرها من الآثار في كل العصور شاهدة على عظمة مصر وأنها لم تفُـقْـها حضارة أخرى.
فالمراد بقوله: (بَانٍ بنى فَشَادَ فغالَى) أصحابُ الحضارة؛ إذ لا تكاد توجدُ حضارةٌ إلا وتشيد حضارتَها بالبناء، فكأنه يريد أن يقول: لا تغتروا بحضارة الغرب التي تشاهدون عظمتَها وعظَمَةَ أبنيتها وتطاولهم في البنيان فإن عظمة الحضارة المصرية كانت أعظم منها.
ويؤيد هذا المعنى البيت الآتي وهو قوله:
_______________________________________
22- لَيْسَ فِي الْمُمْكِنَاتِ أَنْ تُنْقَلَ الْأَجْـ *** ـبَالُ شُمًّا وَأَنْ تُنَالَ السَّمَـــاءُ
اللغة:
(الممكنات): الممكن: المستطاع المقدور عليه يقال: فلان لا يمكنه النهوض أى لا يقدر عليه
(الأجبال): جمع جبل وهو اسم لكل وَتِدٍ من أوتاد الأرض إذا عظم وطال من الأعلام والأطواد والشناخيت
(شُمًّا) جمع أَشَمّ وجبل أَشَمٌّ: طويل الرأس
(تُنال) لَيْسَتِ الْيَاءُ فِي نَيْلٍ بَدَلًا مِنْ وَاوٍ خِلَافًا لِزَاعِمِ ذَلِكَ، بَلْ نَالَ مَادَّتَانِ: إِحْدَاهُمَا مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ نِلْتُهُ أَنُولُهُ نَوْلًا وَنَوَالًا مِنَ الْعَطِيَّةِ، وَمِنْهُ التَّنَاوُلُ. وَالْأُخْرَى: هَذِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ، نِلْتُهُ أناله نَيْلًا إِذَا أَصَابَهُ وَأَدْرَكَهُ.
المعنى:
ليس فى المستطاع نَقْلُ الجبال عن أماكنها وأن تُدرَك السماء، كأنه يريد أن يقول: ليس من الممكن أن تصل حضارة إلى ما وصلت إليه الحضارة المصرية القديمة.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

23- أَجْفَلَ الْجِنُّ عَنْ عَزَائِمِ فِرْعَـوْنَ *م** وَدَانَــتْ لِبَـــأْسِهَــــا الْآنَـــاءُ
اللغة:
(أجفل): أَجْفَل القومُ: هربوا مسرعين، وكل شيء هرب من شيء فقد أجفل عنه، والتفجيل: التفزيع.
(عزائم) جمع عزيمة وهي الاسم من العَزْمِ وهو: ما عَقَد عليه قلبُك أنك فاعله، تقول: ما لفلان عزيمةٌ، أي: لا يَثْبُتُ على أمر يَعْزم عليه. والعزم أيضا: الجَدّ في الأمر والاجتهاد فيه والصبر والثبات عليه، وأولو العزم من الرسل: هم أولو الجِدِّ والثبات والصبر.
(دان) دان له: أطاعه وخضع له.
(البأس) الشدة في الحرب، والبأس: العذاب.
(الآناء) ساعات الليل مفرده إِنْىٌ – مثل نِحْىٍ وأنحاء – وإِنًى مثل مِعًى وأمعاء، والآناء أيضا جمع إِنَى كعَلَى وإِلَى: كل النهار.
المعنى:
لما رأى الجنُّ جِدَّ الفراعين وصبرَهم وثباتهم حتى صنعوا المعجزات، وعلموا أنهم لن يستطيعوا أن يفعلوا مثلَ أفعالِ الفراعين مع قدرتهم على فعل الأعاجيب هربوا فزعين حتى لا يقالَ: إن الجن لا تستطيع أن تفعل مثل ما فعل الفراعين، وخضع الناس في كل العصور لهذه المعجزات، وأقروا أنها لا يمكن أن تُضاهَى.
________________________________________
24- شَــادَ مَا لَمْ يَشِــدْ زَمَـــانٌ وَلَا أَنْـ *** ـشَـأَ عَصْــــرٌ وَلَا بَنَى بَنَّــاءُ​
اللغة:
(شاد): سبق في البيت رقم 21.
(أنشأ) فلان حديثا: ابتدأه، وأنشأ دارا: بدأ بناءها، وكلُّ مَنِ ابتدأ شيئا فهو أنشأه.
(البنَّاء): مُدَبِّرُ البِنَاءِ وصانِعُه.
المعنى:
أجفل الجن عن عزائم فرعون ودان الناس في كل العصور لبأسها؛ لأنه شاد ما لم يشِدْ أحدٌ مثلَه في أي زمن من الأزمان والعصور، مع تطاول المدة، وقيام حضارات كثيرة، وذهاب أخرى، وكل حضارة يحدث فيها من المخترعات ما لم يحدث في حضارة أخرى قبلها، لكنها جميعا لم تستطع أن تفعل مثل ما فعل الفراعين!
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

25- هَيْكَـــلٌ تُنْثَـــرُ الدِّيَـــانَـــاتُ فِيــهِ *** فَهْيَ وَالنَّاسُ وَالْقُرُونُ هَبَاءُ
اللغة:
(الهيكل): البناء المرتفع.
والهيكل أيضا: بيتٌ للنَّصارَى فيه صَنَمٌ على خِلْقَةِ مريم عليها السّلام فيما يُذْكَرُ. والمراد هنا بيت العبادة.
و(هيكل) مبتدأ مؤخر والخبر محذوف والتقدير: مما شَادَهُ الفرعونُ هيكلٌ.
(تنثر): نثرت الشيء أنثره نثرا فانْتَثَرَ، والاسم النُثارُ. والنُثارُ بالضم: ما تناثر من الشيء، ونَثْرُ الشيءِ إِلقاؤه متفرقاً.
(الهباء): الشيء المنبث الذى تراه في البيت من ضوء الشمس.
والهَباءُ أيضاً: دُقاقُ التراب.
ويقال: هو الهباءُ، أي؛ ليس بشيء.
المعنى:
ومما شاده الفراعين بيوت للعبادة تنثر فيها الديانات، يريد: جاءت فيها ديانات كثيرة كلما جاء قَرْنٌ من الناس جاءوا بدياناتهم في بيوت العبادة هذه، وربما أنشأوا هياكل أخرى مثلها في العظمة، ثم يذهبون وتذهب دياناتُهم معهم ويجئ آخرون بدياناتهم في هذه الهياكل أيضا، وهكذا. ثم صارت هذه الدياناتُ وأصحابُها وقرونُها هباءًا كأن لم تكن، وبقيت هذه الهياكل كما هي لم يؤثر فيها كَرُّ الليالي واختلافُ الأعصُرِ، وهذه هي معجزة الفراعين.
_______________________________________________
26- وَقُبُـــورٌ تُحَـــطُّ[1] فِيهَـــا اللَّيَـــالِي *** وَيُـوَارَى الْإِصْبَاحُ وَالْإِمْسَاءُ​
اللغة:
...................
المعنى:
....................

______________________________________
[1] في الشوقيات الصحيحة (تـَحـُطّ) بفتح التاء وضم الحاء، لكن في طبعتَىْ دار الكتاب العربى – بيروت، ودار العَوَدة - بيروت (تحَط) بفتحة على الحاء وهو الصحيح إن شاء الله، وقد كنت قرأتُه هكذا بالبناء للمجهول استظهارا فلما وقفت عليه في طبعتى بيروت السابقتين حمدت الله على ذلك وازددت يقينا بصواب ما ذهبت إليه، والله الموفق.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

26- وَقُبُـــورٌ تُحَـــطُّ[1] فِيهَـــا اللَّيَـــالِي *** وَيُـوَارَى الْإِصْبَاحُ وَالْإِمْسَاءُ
اللغة:
(تُحَطّ): الحطُّ: الوضع وبابه ردَّ، والحط: وضع الأحمال عن الدواب، وحَطَّ أي نزل.
(يُوارَى): وارَى الشيءَ مُواراة: سَتَرَهُ.
المعنى:
ومما شاده الفراعين قبور توضع فيها الليالي ويستتر الإصباح والإمساء، أي يستتر فيها التاريخ فلم يُعْرَفْ سِرُّ هذه القبور بل دُفِنَ هذا السرُّ مع دفن الأيام والليالى في هذه القبور أي ذهابها.
_______________________________________


27- تُشْفِــقُ الشَّمْسُ وَالْكَوَاكِبُ مِنْهَا *** وَالْجَــدِيدَانِ وَالْبِلَى وَالْفَنَــاءُ​
اللغة:
(تشفق): تخاف
(الجديدان): الليل والنهار؛ لأنهما لا يبليان أبدا.
المعنى:
تخاف الشمس والكواكب والليل والنهار والبلى والفناء من هذه الهياكل والقبور التى شادها الفراعين وذلك لأن تعاقبَ الشمسِ والقمر واختلاف الليل والنهار ومرور الأيام والليالي على شيء يؤدي به إلى البلى والفناء وأما هذه الآثار التى شادها الفراعين فلم يؤثر فيها كرُّ الليالى واختلاف الأعْصُرِ.

_____________________________________
[1] في الشوقيات الصحيحة (تـَحـُطّ) بفتح التاء وضم الحاء، لكن في طبعتَىْ دار الكتاب العربى – بيروت، ودار العَوَدة - بيروت (تحَط) بفتحة على الحاء وهو الصحيح إن شاء الله، وقد كنت قرأتُه هكذا بالبناء للمجهول استظهارا فلما وقفت عليه في طبعتى بيروت السابقتين حمدت الله على ذلك وازددت يقينا بصواب ما ذهبت إليه، والله الموفق.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

28- فَاعْذِرِ الْحَاسِدِينَ فِيهَا إِذَا لَامُوا *(م)* فَصَعْـبٌ عَلَى الْحَسُودِ الثَّنَاءُ
اللغة:
(فاعْذِرْ): عَذَرْتُهُ فِيمَا صَنَعَ عَذْرًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ: رَفَعْتُ عَنْهُ اللَّوْمَ، فَهُوَ مَعْذُورٌ، أَيْ: غَيْرُ مَلُومٍ، وَالِاسْمُ الْعُذْرُ، وَتُضَمُّ الذَّالُ لِلِاتِّبَاعِ (الْعُذُر) وَتُسَكَّنُ (الْعُذْر)، وَالْجَمْعُ أَعْذَارٌ.
المعنى:
إذا علمت ما سبق وهو أن الفراعين صنعوا المعجزات وشادُوا ما لم يَشِدْ زمانٌ ولا أَنْشَأَ عَصْرٌ ولا بَنَى بَنَّاءُ، وعلمت أن هذا يدعوا إلى الثناء والمدح لمن قاموا بهذه الأشياء التى أبهرت الدنيا ثم رأيت من يَعْدِلُ عن الثناء إلى الذم واللوم فيها فاعلم أنه حاسد فاعذِرْه؛ لأن الحسود الذى يتمنى زوال النعمة عن غيره صعب عليه الثناء.
ثم بيَّنَ هذا الذمَّ الذي ذهبوا إليه في الأبيات التالية فقال.
_________________________________________


29- زَعَمُــوا أَنَّهَـــا دَعَائِـــمُ شِيــدَتْ *** بِيَــدِ البَغْيِ مِلْـــؤُها ظَلْمَـــاءُ
اللغة:
(زعموا): الزّعْمُ مثلثة الزاي: القول مطلقا ومنه قولهم: زعم سيبويه كذا: أي قال، والزعم: الظن تقول: في زعمي كذا: أي في ظني، ولكنه أكثر ما يستعمل فيما يُشَكُّ فيه ولا يتحقق. قال الليث: سمعت أهل العربية يقولون: إذا قيل ذَكَرَ فلان كذا وكذا، فإنما يقال ذلك لأمر يُستيقَن أنه حق، وإذا شك فيه فلم يدر لعله كذب أو باطل قيل: زعم فلان. وقال بعضهم: هو كناية عن الكذب. وقال السيوطي: أكثر ما يستعمل فيما كان باطلا أو فيه ارتياب. وقال ابن القوطية: زعم زعما قال خبرا لا يُدْرَى أحق هو أو باطل. قال الخطابي: ولهذا قيل زعم مطية الكذب.
(دعائم) جمع دِعامَة: ما يستند به الحائط إذا مال يمنعه السقوط، ودعمت الحائطَ دَعْمًا من باب نفع، ومنه قيل للسيد في قومه: هو دعامة القوم، كما يقال: هو عمادهم. والدِّعامة: عماد البيت، والدعائم: الخشب المصنوع المنصوب للتعريش.
المعنى:
زعم هؤلاء الحاسدون أن هذه الآثار الخالدة التى أنشأها الفراعين، ليست إلا دعائم للمُلْك شِيدتْ بيد البغي والظلم تملؤها الظلماء، أي: أنهم بغَوْا على الرعية وظلموهم واستعبدوهم حتى شادوا لهم هذه الآثار الخالدة فهى شاهدة على بغي الحاكم وظلمه للرعية لا على عظمة مَنْ بناها.


قلت: ولله در الشاعر أحمد محرم فقد عبر أبلغ تعبير عن هذه النظرة الأخرى إلى الأهرام وبُنَاتُها، وأنها شاهد على ظلم الراعي للرعية ... الخ في قصيدته البديعة (رحلة عابسة) والتي يقول في مطلعها:
عَصَفَ الْهَوَى بِجَوَانِحِ المشتاقِ .... وَهَفَا الحَنِينُ بقلبِهِ الخَفَّاقِ
ما يَصْنَعُ الصَّبُّ الطَّرُوبُ إذا الهوى .... بَلَغَ القَرَارَ وَجَالَ في الأعْمَاقِ​
وفيها يقول:
مَا هذِهِ (الأهرامُ)؟ مَا لِبُناَتِهَا؟ ... سَاقُوا أُمُورَ المُلْك شَرَّ مَسَاقِ
هَدَمُوا الْقُوَي فِيها يُشَدُّ بِنَاؤُها ... وَيُقَامُ أَطْبَاقاً عَلَى أَطْبَاق
هيَ إِنْ أَرَدْتَ الْحقَّ شَاهِدُ قَسْوَةٍ ... يُخْزِي الوُجُوهَ وَآيةُ اسْتِرْقاَق
أَفَمَا تَرَاها، كُلَّمَا اسْتَنْطَقَتهَا ... زَادَتْكَ مِنْ صَمْتٍ وَمِنْ إِطرَاق؟
خُرْسٌ يُجَّللُهَا الَحْيَاءُ، وَمَا بها ... إِلاّ ضَلاَلُ السَّاسَةِ الحُذَّاق
قالَ الأُلي فُتنِوُا بها: مُسْتَوْدَعٌ ... لِلسّرَّ، غَودِرَ مُحْكَمَ الإغْلاَق
دَعْ مَا يُريبُكَ مِنْ وَسَاوِسِ مَعْشَرٍ ... عَكَفُوا عَلَى التهَّوِْيلِ وَالإغرَاق
دَارٌ تُجيِرُ مِنَ الزمَانِ وَصَرْفِهِ ... وَتَصُونُ مَا أَبقَى مِنَ الأرْمَاق
خَيْرٌ مِنَ الصَّرْحِ المُقَامِ لِظاَلمٍ ... جَافيِ الطَّبَاعِ إِلي الأذَى تَوَّاق​
... فيا أخي الحبيب لا يفوتنك قراءة باقي هذه القصيدة الفريدة، وافقتَ الشاعر فيما ذهب إليه أم لم توافقه؛ فإنها جياشة بالمشاعر التي ينبغي أو يحسُن الاعتناءُ بها.
والله الموفق لكل خير
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

30- دُمِّـــرَ الناسُ والرَّعِيَّــةُ في تشـ *** ـييـدِها والخلائــقُ الأُسَــرَاءُ
اللغة:
(دُمِّرَ): دَمَرَ الشَّيْءُ يَدْمُرُ مِنْ بَابِ قَتَلَ، وَالِاسْمُ الدَّمَارُ مِثْلُ: الْهَلَاكِ وَزْنًا وَمَعْنًى، وَيُعَدَّى بِالتَّضْعِيفِ فَيُقَالُ دَمَّرَهُ اللَّهُ وَدَمَّرَ عَلَيْهِ.
(الرَّعِيَّة): العامة والراعي: الوالي، يُقَالُ: لَيْسَ الْمَرْعِيُّ كَالرَّاعِي.
(الأُسَراء): سبق في البيت 20.
المعنى:
قال الحاسدون: ليست هذه الهياكل والقبور إلا دليلا على ظلم الرعاة واستبدادهم حيث دمروا الناس والرعية وأهلكوهم في تشييدها. وأما قوله: "والْخَلَائِقُ الْأُسَرَاءُ" فقد يكون المراد: به الأسرَى من الأعداء، أي استخدموا الأسرى من الأعداء أيضا في تشييد هذه الآثار، وقد يكون المراد بهم (الرعيَّةُ) أيضا –والله أعلم- فيكون من باب التفنن في القول، ويكون المعنى أنه حكى قولَ الحاسدين وأنهم هَوَّلُوا أمرَ تشييدِ هذه القبور والآثار فذكروا أولا أن الرعاةَ دمَّرُوا الناسَ ثم عطف عليهم (الرعيةَ) والعطف يقتضي المغايرة، وسبب المغايرة هنا ومعناها أنه قد يقع في الروع أنهم دمَّرُوا الناس كلهم إلا رعاياهم؛ لأن الراعي يكون كالأب للرعية فنَفَى هذا الوهم بعطف (الرعية) على الناس، أي: والرعيةُ أيضا دمّروهم، ثم ذكروا (أي الحاسدون) وصفا آخر وهو (الخلائق الأسراء) أي، والمراد بالكل الرعية؛ فهم لا يمكن أن يدمِّروا الناس كلهم لأنهم لا سلطان لهم على الناس كلهم، فالمراد بالناس الرعية، ولاتعميم للتهويل، ثم عطف عليهم الرعية -وهم المقصودون أصالة- لِيَدْفَعَ الوهم السابق، ثم ذكر (الخلائق الأسراء) والمراد بهم الرعية أيضا، والمراد بهذا الوصف أنهم استعبدوهم كما كانوا يستعبدون الأسرى.
فالمراد بهذا كله المبالغة في وصف ظلم الرعاة للرعية في تشييد هذه القبور والآثار الخالدة! زعموا. وهذا كله كلام الحاسدين! يحكيه الشاعر وسينكره فيما بعد.
_________________________________________
31- أين كان القضاء والعدلُ والحكـ ***ـمةِ والــرأىِ والنُّهَى والذَّكاءُ

اللغة:
(النُّهى): العقول لأنها تنهى عن القبيح، جمع نُهْيَة.
المعنى:
وقال الحاسدون: أين كان القضاءُ، والعدلُ، والحكمةُ، والرأيُ، والعقول التي تنهى عن القبيح؟ وأين الذكاءُ في تدمير الخلق وإهلاك الرعية في بناء قبور وتشييدها؟!
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

32- وَبَنُــو الشَّمْسِ مِنْ أَعِزَّةِ مِصْرٍ *** وَالْعُلُــومُ الَّتِي بِهَــا يُسْتَضاءُ
اللغة:
(بنو الشمس من أعزة مصر): قيل إن كلمة (مصر) مكونة من ثلاث كلمات هي (ما) بمعنى موضع، و(سي) بمعنى أبناء و(رع) بمعنى الشمس، أي أن (ما سي رع) أو (ما سى را) أو (مصر) هي موضع أبناء الشمس.[1]
المعنى:

وأين كان بنو الشمس من أعزة مصر وأين كانت العلوم التى بها يستضاء
_____________________________________________________
33- فادَّعَـوْا ما ادَّعَى أَصَاغِــرُ آتِيـ *** ـنَا ودَعْـــوَاهُمُو خَنًا وافتِـــراءُ

اللغة:

(ادَّعَوْا): ادَّعَى زَيْدٌ كَذَا يَدَّعي ادِّعاءً: زَعَمَ أنَّه لَهُ، حَقّاً كانَ أَو باطِلاً، وقوله تَعَالَى: {كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} [الملك: 27] تَأْوِيلُه: الَّذِي كُنْتُم مِن أَجْلِهِ تَدَّعُون الأَباطِيلَ والأَكاذيبَ. وقيلَ فِي تَفْسِيرِه: تَكْذبُون.
(أصاغر): جمع أصغر وهو أفعل تفضيل من الصِّغَر ضد الكِبَر، والأصغر يستعمل استعمال أفعل التفضيل بالألف واللام أو بالإضافة قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُقَالُ نِسْوَةٌ (صُغَرٌ)[2] وَلَا قَوْمٌ (أَصَاغِرُ) إِلَّا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ.
(الخنا): الفحش.
المعنى:

ادعى هؤلاء الحاسدون نفس الدعوى التى ادعاها أصاغر أثينا واليونان وليست دعواهم إلا هُجْرا من القول وفحشا من الكلام وافتراء وكذبا.

_________________________________________
[1] في الأسرة الخامسة نرى أنصارها يرجعون حقها في عرش الفراعين إلى إرادة ربانية قديمة وإلى أصل مقدس فيخرجون على الناس بأسطورة تجعل ملوكها أبناء للإله رع من صلبه وأصبح لقب (ابن رع) (سا رع) = (ابن الشمس) من ألقاب ملوك مصر الرسمية حتى نهاية العصور الفرعونية، وقد أعلن الفراعين تلك البنوة للإله رع منذ الأسرة الرابعة بصفة متقطعة، وبصفة دائمة منذ عهد (نفر إير كا رع) ثالث ملوك الأسرة الخامسة، وهكذا كانت الأسرة الخامسة بالذات بداية تأكيد بنوة الملك للإله في ذلك اللقب الرسمى (سا رع) والذى كان يسبق اسم الملك الشخصى الذى يطلق عليه عند ولادته للتأكيد الواضح أن الملك ولد حقيقى للإله رع وبهذا يصبح صاحب حق شرعى في حكم مصر. موسوعة الحضارة المصرية القديمة د.سمير أديب/ 448- 449 بتصرف، ط. العربى للنشر والتوزيع.
فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.
[2] جمع صُغْرَى مؤنث الأصغر
 
التعديل الأخير:
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

34- ورَأَوْا لِلَّذِينَ سَــادُواْ وَشَـــادُواْ *** سُبَّــةً أَنْ تُسَخَّـــرَ الْأَعْــــدَاءُ
اللغة:
(سُبَّة): عار.
(سَخَّرَهُ) تَسْخِيرًا كَلَّفَهُ عَمَلًا بِلَا أُجْرَةٍ وكَلَّفَه مَا لَا يُرِيد وقَهَرَه، وكُلُّ مَقْهُورٍ مُدَبَّرٍ لَا يَملِكُ لِنَفْسِه مَا يُخَلِّصه من القَهْرِ فذلك مُسَخَّر.
المعنى:
ورأى هؤلاء الحساد للملوك الذين سادوا الدنيا وشادوا هذه المفاخر والصروح العظيمة الباقية على مر السنين سُبَّةً وعارا عليهم تسخير الأعداء وقهرهم.
_________________________________________________
35- إِنْ يَكُنْ غَيْــرَ مَا أَتَـــوْهُ فَخَـارٌ *** فَأَنَــا مِنْـكَ يَا فَخَـــارُ بَـــــرَاءُ
اللغة:
(الفَخار): الاسم من الفخر والمراد به الْمُبَاهَاةُ بِالْمَكَارِمِ وَالْمَنَاقِبِ مِنْ حَسَبٍ وَنَسَبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ إمَّا فِي الْمُتَكَلِّمِ أَوْ فِي آبَائِه
(براء) بمعنى بريء، وهو مصدر استعمل استعمال الأسماء يطلق على الواحد والاثنين والجماعة والمذكر والمؤنث.
المعنى:
إن يكن الفخرُ شيئا آخر غير ما صنعه الفراعين من الآثار الخالدة وقهرهم لأعدائهم فأنا برئ منك أيها الفخر الزائف. يريد بذلك تفنيد مزاعم مَنْ وصفهم بكونهم (حاسدين) وأن ما زعموه مِنْ أمر هذه الآثار مِنْ أنها شاهدة على ظلم الراعي للرعية ليس صحيحا بل هي شاهدة على عظمة هؤلاء الفراعين الذين شادوا ما لم تستطعه الحضارات الأخرى القديمة والحديثة؛ فهي لذلك مصدر فخر، ولا يقول غير ذلك إلا الحاسدون الذي يقلبون الحقائق ويجعلون الفخر ظلما.
قلت: هذا ما أراد الشاعر أن يقوله، والذي ينبغي التنبه له أن الله عز وجل حين ذكر أصحاب هذه الحضارات القديمة والآثار التي صنعوها أشار إلى أنه ينبغي أن تؤخذ العبرة منها ومما وقع لأصحابها حين كفروا بربهم وعصَوْا رسله فأخذهم الله بذنوبهم كما قال تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22)} [غافر: 21، 22]. وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)} [غافر: 82 - 85]. فهذا ما ينبغي النظر إليه عند رؤية هذه الآثار، أعني أنْ تؤخذ منها العظة والعبرة، لا أن تكون (معالم سياحية) تشد إليها الرحال للهو والمتعة! والله المستعان.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

36- لَيْتَ شِعْرِي وَالدَّهْرُ حَرْبُ بَنِيهِ *** وَأَيَادِيهِ عِنْدَهُمْ أَفْيَاءُ
اللغة:
(ليت شعري): لَيْتَنِي عَلِمْتُ.
وَشَعَرْتُ بِالشَّيْءِ شُعُورًا مِنْ بَابِ قَعَدَ وَشِعْرًا وَشِعْرَةً بِكَسْرِهِمَا عَلِمْتُ.
(الدهر): الزمان
(حرب) يقالُ: رَجُلٌ حَرْبٌ لي أَي؛ عَدُوٌّ مُحَارِبٌ وإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحَارِباً، يُسَتَعْمَلُ للذَّكَرِ والأُنْثَى والجَمْعِ والوَاحِدِ، وقوله: (والدهر حرب... أفياء) معترض بين (ليت شعرى) والبيت التالى.
(أياديه): جمع أَيْدٍ الذي هو جمع يَد[1] وهي بمعنى النعمة والإحسان
(أَفْيَاء): جمع فَيْء وهو الخراج والغنيمة
المعنى:
يعادي الدهرُ الناسَ فتصيبهم فيه المصائب من الأمراض والهَرَمِ والعجْز والفاقة والموتِ وغير ذلك وأما إحسانه إليهم فقليل ولا يكون إلا بشِقِّ الأنفس كالغنيمة في الحرب لا تكون كل الوقت ولا تحصل إلا بالمخاطرة بالنفس في الحروب.


تنبيه:
أكثر الشاعر –غفر الله له- من سب الدهر، ومن ذلك قوله: (والدهر حرب بنيه وأياديه عندهم أفياء) هذا من سب الدهر الذي نهى عنه النبى صلى الله عليه وسلم.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: أَنَا الدَّهْرُ، الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي لِي، أُجَدِّدُهَا وَأُبْلِيهَا، وَآتِي بِمُلُوكٍ بَعْدَ مُلُوكٍ"[2]
وذلك أن العرب في الجاهلية كانت تقول: أصابني الدهرُ في مالي بكذا، ونالتني قوارع الدهرومصائبه، وياخيبة الدهر، ويا بؤس الدهر، ويقول الرجل الهَرِمُ: حَناني الدهر أي عطفني فانحنيت فينسبون كل شيء تجري به أقدار الله – عز وجل – عليهم من موتٍ أو سُقْمٍ أو ثُكْلٍ أو هَرَمٍ إلى الدهر، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك لأن الدهر لا فعل له بل هو مخلوق من مخلوقات الله –عز وجل- ومحلٌّ تقع فيه هذه المصائب، فالمصائب تقع في الليل وتقع في النهار ولا دخل لليل والنهار في وقوعها بل هي واقعة بقدر الله – عز وجل – فهو سبحانه الفاعل الحقيقي لها.
ولا شك في كفر من نسب تلك الأفعال أو شيئا منها للدهر حقيقة، واعتقد ذلك. وأما من جرت هذه الألفاظ على لسانه ولا يعتقد صحة ذلك فليس بكافر، ولكنه قد تشبه بأهل الكفر وبالجاهلية في الإطلاق، وقد ارتكب ما نهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه.
_____________________________________________
37- مَا الَّذِي دَاخَلَ اللَّيَالِيَ مِنَّا *** فِي صِبَانَا وَلِلَّيَالِي دَهَاءُ


38- فَعَلَا الدَّهْرُ فَوْقَ عَلْيَاءِ فِرْعَوْنَ *** وَهَمَّتْ بِمُلْكِهِ الْأَرْزَاءُ


اللغة:
(داخَلَ الليالي): داخِلُ كلِّ شيءٍ: بَاطِنُهُ، والدّخَل: ما داخل الإنسان من فساد في عقل أو جسم، والمراد هنا ما الذي أفسد أمرنا عند الليالي فَغَيَّرَتْ أحوالَنا من النعيم إلى الشقاء. وهذا البيت أيضا فيه نسبة الحوادث إلى الدهر كالبيت السابق فتنبه.
(الدهاء) العقل وجودة الرأي، قال ابن فارس: الدال والهاء والحرف المعتل يدل على إصابة الشيء بالشيء بما لا يَسُرُّ. يقال ما دهاه: أي ما أصابه. لا يقال ذلك إلا فيما يسوء. ودواهي الدهرِ: ما أصاب الإنسان من عظائم نِوَبِهِ. و(الدَّهْيُ) [–ساكن الهاء- و(الدَّهاءُ) –ممدود-]: النُّكْرُ وجودة الرأي; وهو من الباب; لأنه يصيب برأيه ما يريده.
(علا): عَلَا فِي الْمَكَانِ مِنْ بَابِ سَمَا. و(عَلِيَ) فِي الشَّرَفِ بِالْكَسْرِ كَرَضِيَ (عَلَاءً) بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ وَ (عَلَا) يَعْلَى لُغَةٌ فِيهِ. وَ(عَلَا فلانًا) غَلَبَهُ وقهره. و(عَلَا) فِي الْأَرْضِ تَكَبَّرَ
(الْعَلْيَاءُ): اسم المَكَانِ العالي، وكلُّ ما عَلَا من الشيء.
(هَمَّ): انظر البيت رقم1.
(الأرزاء): جمع رُزْء وهو المصيبة.
المعنى:
ليتني أعلم أي شيء أفسد أمرنا عند الليالى وكانت حضارتنا ما تزال في مبدأ التاريخ (في صبانا)، أو وكنا كالصبي لم نقترف سوءًا ولم نفسد الأيامَ والليالي فأصابتنا الليالي بدواهيها وشدائدها ولليالي دهاء ومكر! فقَلَبَتْ أحوالَنا من العزة والغلبة والنعيم إلى المذلة والهزيمة والشقاء، وعلا الدهر فوق مكانة فرعون العالية فقهره وغلبه وعزمت المصائب أن تزيل ملك فرعون.
وأستغفر الله العظيم مما في هذه الأبيات من سوء الأدب مع الله عز وجل وعدم الرضا بالقضاء، ويضطرني تفسير الأبيات إلى كتابة معناها وإن كان كما سبق، والله المستعان.

___________________________________________
[1] يعنى أن (أيادى) جمع جمع لـ (يد)
[2] إسناده حسن والحديث صحيح رواه أحمد (10438/ الرسالة) وللحديث ألفاظ أخرى وشواهد في الصحيحين وغيرهما
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

39- أَعْلَنَتْ أَمْرَهَا الذِّئَابُ وَكَانُوا *** فِي ثِيَابِ الرُّعَاةِ مِنْ قَبْلِ جَاءُوا
40- وَأَتَى كُلُّ شَامِتٍ مِنْ عِدَا المُلْـ *** ـكِ إِلَيْهِمْ وَانْضَمَّتِ الْأَجْزَاءُ
اللغة:

(أعلنت أمرها): أظهرته
(الرعاة): جمع راعٍ وهو كل مَنْ وَلِيَ أمر قوم بالحفظ والسياسة، والمراد هنا الهكسوس وكانوا يسمون (ملوك الرعاة)[1] والرعاة لفظ للتحقير يدل على الأجناس البربرية أو الكفرة أو رعاة الغنم أطلقه المصريون القدماء على الهكسوس الغزاة الذين جاءوا من آسية وانتهزوا فرصة الضعف الذى حل بالبلاد على إثر انقضاء عهد الأسرة الثانية عشرة والتنازع الذى حل على الملك بين طبقة الأشراف فغزوها في سنة 1675 ق.م.[2]
(من قبلِ جاءوا): الأصل من قبل ما جاءوا أى من قبل مجيئهم.
(الشامت): هو الذى يفرح بِبَلِيَّةٍ تصيب عدوَّه، وبابه سَلِمَ (فَرِحَ)
(عِدَا): بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْأَعْدَاءُ وَهُوَ جَمْعٌ لَا نَظِيرَ لَهُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ: قَوْمٌ عُِدًا بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا أَيْ أَعْدَاءٌ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: يُقَالُ: قَوْمٌ أَعْدَاءٌ وَعِدًا بِكَسْرِ الْعَيْنِ فَإِنْ أَدْخَلْتَ الْهَاءَ قُلْتَ: (عُدَاةٌ) بِالضَّمِّ.


المعنى:

كان الهكسوس -من قبل أن يجيئوا- رعاةً؛ وهم قوم من قبائل مختلفة لا تربطهم رابطة بل هم خليط من عدة شعوب وقبائل مهاجرة منها: العنصر السامي، بجانب عناصر أخرى أهمها الكاسي والحوري، وكلا الجنسين من أصل (هندو-أوربى) فَحَمْلَتُهم على مصر لا تُعَدُّ من الحملات التى قام بها شعب له جيشه الخاص بل قام بتلك الغزوة مجموعة من الشعوب والقبائل التى سكنت فلسطين وشمال سوريا، وانضمت هذه القبائل والأخلاط بعضهم إلى بعض في غزو مصر، ولم يكن هؤلاء الهكسوسُ رعاةً يسوسون أمر الناس بالحفظ والرعاية، بل كانوا ذئابا غزاة: استغلوا فرصة الضعف الذى حل بالبلاد فغزوها، وعاثوا في الأرض الفساد، وعاملوا الأهالى بقسوة؛ فذبحوا بعضا، وأهانوا بعضا؛ فاتخذوا نساءهم وأطفالَهم عبيدا لهم، وفرضوا الضرائب على الصعيد والدلتا.

__________________________________________________
[1] قيل إن كلمة (هكسوس) مكونة من كلمة (هيك) وتعني في اللغة المقدسة!: ملك، ومن كلمة (سوس) وتعني في اللغة العامية: راعي. والصواب أن كلمة هكسوس قد أتت من الاصطلاح المصرى (حكا خاسوت) بمعنى حكام البلاد الأجنبية، وأما كلمة (سوس) فربما كانت اختصارا لكلمة (خاست) بمعنى بلد أجنبى. انظر موسوعة مصر القديمة / 836 / سمير أديب.
[2]
هكذا في الديوان، لكن في تاريخ الحركة القومية في مصر القديمة لعبد الرحمن الرافعى / 62/ دار المعارف: أن هذا الغزو وقع حوالى سنة 1730 ق.م. في عهد الأسرة الثالثة عشرة. ا.هـ. وقريب منه ما جاء في موسوعة تاريخ مصر: أن الهكسوس غزوا مصر في عهد الأسرة الخامسة عشرة حوالى سنة 1725 ق.م. انظر موسوعة تاريخ مصر عبر العصور- مصر القديمة (ص157)– أعدها للنشر عبد العظيم رمضان – نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب، وموسوعة الحضارة المصرية القديمة /835/ سمير أديب.
 
التعديل الأخير:
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

41- وَمَضَى الْمَالِكُونَ إِلَّا بَقَايَا *** لَهُمُ في ثَرَى الصَّعِيدِ الْتِجَاءُ
اللغة:
ظــــــــــاهــــــــــرة
المعنى:
وذهب ملوك مصر باستيلاء الهكسوس عليها ومن بقى منهم كان مواليا للهكسوس فكأنه قد ذهب مع من ذهب إلا بقايا بالصعيد احتفظوا بشبه استقلال ذاتى[1].


_____________________________________________________


42- فَعَلَى دَوْلَةِ البُنَاةِ سَلَامٌ *** وَعَلَى مَا بَنَى الْبُناةُ الْعَفَاءُ


اللغة:
(على فلان السلام): المراد طلب سلامته من الآفات والعيوب والنقائص ومعنى قول القائل لصاحبه: سلام عليك أى قد سلمت منى فلا أَنَالُكَ بِيَدٍ ولا لسان أى برئت وتخلصت، وقولهم: على الدنيا السلام، أى إن الدنيا قد ذهبت وصارت في حكم الغائب الذى لا يرجى رجوعه أو الميت الذى لا يعود فيُرْجى له السلامةُ حيث هو، وكذا قولهم: (على الدنيا العفاء)
(البناة): جمع بانٍ كرماة ورامٍ
(العفاء): التراب. قال صفوان بن محرز: إذا دخلتُ بيتى فأكلت رغيفا وشربت عليه ماءً فعلى الدنيا العفاء.
المعنى:
فسَلِّمْ على دولة البُناة الذين شادوا أعظم الصروح والآثار، سلام مُوَدِّعٍ فقد ذهبت بذهاب أهلها واستيلاء الغرباء عليها، وأَلْحِقْ ما بناه هؤلاء البناةُ بالأموات وقل على ما بَنَوْهُ العفاءَ.

__________________________________________________________________


[1] استولى الهكسوس على مقاليد الحكم في مصر فكانوا يحكمون شرقى الدلتا حكما مباشرا وكانت لهم السيادة على غربى الدلتا وجزء من مصر الوسطى بالوجه القبلى حيث كان حكامها موالين لهم، أما باقى أمراء الوجه القبلى فقد احتفظوا بشبه استقلال ذاتى مع دفع الجزية للهكسوس.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

43- وَإِذَا مِصْرُ شَاةُ خَيْرٍ لِرَاعِي الـ *** ـسُّـوءِ تُؤْذَى فِي نَسْلِهَا وَتُسَاءُ
اللغة:
ظاهرة
المعنى:
بسبب الضعف والتفكك الداخلي في مصر استولى رعاة السوء (الهكسوس) عليها من غير مقاومة تُذْكَرُ، فصارتْ كالشاة التي تستسلم لذابحها من غير مقاومة، واستفاد هؤلاء الرعاةُ الأجانبُ مِنْ كل ما في مصر من خيرات كما يستفيد صاحب الشاة منها من لبنها وصوفها ولحمها ولكنهم كانوا رعاة سوء فآذوا مصر في أبنائها وأساءوا إليهم.
__________________________________________
44- قَدْ أَذَلَّ الرِّجَالَ فَهْيَ عَبِيدٌ *** وَنُفُوسَ الرِّجَالِ فَهْيَ إِمَاءُ
اللغة:
ظاهرة
المعنى:
ومما فعله راعي السوء (والمراد الهكسوس) في مصر أنهم أذلوا الرجال فقتلوا بعضهم واستعبدوا بعضهم واتخذوا النساء والأطفالَ عبيدا وفرضوا الضرائب على الصعيد والدلتا فأذلوا نفوس الرجال حتى صارت من شدة التعذيب والإذلال نفوسًا ضعيفة كنفوس الإماء.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

45- فَإِذَا شَاءَ فَالرِّقَابُ فِدَاهُ *** وَيَسِيرٌ إِذَا أَرَادَ الدِّمَاءُ
اللغة:
ظاهرة
المعنى:
وطغى هؤلاء الحكام الأجانب طغيانا كبيرا فإذا فكر أحد في الخروج على الحاكم قتله فكان فداءً له وإذا أراد هذا الحاكم قتل أحد من غير ذنب قتله فالدماء يسيرة عليه جدا فهو لذلك يقتل بسبب ولغير سبب.
______________________________________________
46- وَلِقَوْمٍ نَوَالُهُ وَرِضَاهُ *** وَلِأَقْوَامٍ الْقِلَى وَالْـجَفَاءُ​
اللغة:
ظاهرة
المعنى:
وجعل هذا الحاكم عطاءه ورضاه لمن وافقه وأما من خالفه فله البغض والجفاء
______________________________________________
47- فَفَرِيقٌ مُمَتَّعُونَ بِمِصْرٍ *** وَفَرِيقٌ فِي أَرْضِهِمْ غُرَبَاءُ​
اللغة:
ظاهرة
المعنى:
وانقسمت مصرُ إلى فريقين: فريق يتمتعون بخيراتها وهم الحكام الأجانب ومن وَالَاهم وفريق يعيشون فيها كالغرباء ليس لهم من خيراتها نصيب وهم أهلها


وسبحان الله! ما أشبه الليلة بالبارحة
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

48- إِنْ مَلَكْتَ النفوسَ فابغِ رضاها *** فَلَهَا ثورةٌ وفيها مَضَاء
اللغة:
(ابْغِ): اطلُبْ، بَغَيْتُهُ أَبْغِيه بَغْيًا طَلَبْتُهُ وَابْتَغَيْتُهُ وَتَبَغَّيْتُهُ مِثْلُهُ وَالِاسْمُ الْبُغَاءُ وِزَانُ غُرَابٍ
المعنى:
أيها الحاكم إذا ملكت قوما فاطلبْ رضاهم ولا تعاديهم فإن للنفوس ثورة وفيها مضاء يظهر إذا كثر بها الاستبداد واستمر الظلم.
_________________________________________________
49- يَسْكُنُ الْوَحْشُ لِلْوُثُوبِ مِنَ الْأَسْـ *** ـرِ فَكَيْفَ الْخَلَائِقُ الْعُقَلَاءُ
اللغة:
ظاهرة
المعنى:
ومما يدل على أن للنفوس ثورة وإن طال استتارها أن الوحش الذى لا عقل له يأنس للهروب من الأسر ومن القفص الحديدى الذى يوضع فيه وهذا يعني أن نفسه تتوق للحرية فإذا وجد منفذا للفكاك من الأسر والهرب منه ذهب إليه ووثب منه فكيف بنفوس الخلائق العقلاء الذين يعرفون معنى الحرية؟!
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

50- يَحْسَبُ الظَّالِمُونَ أَنْ سَيَسُودُونَ *م* وَأَنْ لَنْ يُؤَيَّدَ الضَّعَفَاءُ
اللغة:
(يَحْسَبُ): حَسِبْتُ زَيْدًا قَائِمًا أَحْسَبُهُ مِنْ بَابِ تَعِبَ فِي لُغَةِ جَمِيعِ الْعَرَبِ إلَّا بَنِي كِنَانَةَ فَإِنَّهُمْ يَكْسِرُونَ الْمُضَارِعَ مَعَ كَسْرِ الْمَاضِي أَيْضًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ (حَسِبْتُهُ أَحْسِبُهُ) حِسْبَانًا بِالْكَسْرِ بِمَعْنَى ظَنَنْتُ.
(سَيَسُودُونَ): سَادَ يَسُودُ سِيَادَةً وَالِاسْمُ السُّوْدُدُ وَهُوَ الْمَجْدُ وَالشَّرَفُ فَهُوَ سَيِّدٌ[1] وَالْأُنْثَى سَيِّدَةٌ بِالْهَاءِ ثُمَّ أُطْلِقَ ذَلِكَ عَلَى الْمَوَالِي لِشَرَفِهِمْ عَلَى الْخَدَمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي قَوْمِهِمْ شَرَفٌ فَقِيلَ سَيِّدُ الْعَبْدِ وَسَيِّدَتُهُ وَالْجَمْعُ سَادَةٌ وَسَادَاتٌ وَزَوْجُ الْمَرْأَةِ يُسَمَّى سَيِّدَهَا وَسَيِّدُ الْقَوْمِ رَئِيسُهُمْ وَأَكْرَمُهُمْ وَالسَّيِّدُ الْمَالِكُ.
المعنى:
يظن الظالمون المستبدون أنهم سيظلون هكذا سادة طول الدهر وأن الضعفاء سيظلون كما هم ولن ينصروا أبدا
________________________________________________
51- وَاللَّيَالِي جَوَائِرٌ مِثْلَمَا جَارُوا *م* وَلِلدَّهْرِ مِثْلَهُمْ أَهْوَاءُ
اللغة:
(جوائر)[2]: جمع جائرة مِنَ (الْجَوْرُ) وهو: الْمَيْلُ عَنِ الْقَصْدِ، وَبَابُهُ قَالَ، تَقُولُ: (جَارَ) عَنِ الطَّرِيقِ وَجَارَ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ.
المعنى:
والأيامُ دُوَلٌ؛ فسوف يقع عليهم فيها الظُّلْمُ والجَوْرُ كما جاروا هم على غيرهم وظلموهم، فالأحوال لا تستمر في الدهر على نظام واحد بل تتقلب بالناس بين الشدة والرخاء والعزة والذلة فكم من ذليل صار أميرا وكم من أمير صار ذليلا، وهذا معنى (وللدهر .. أهواء) فيكون هواه مع قوم فيرفعهم ثم ينقلب عليهم فيخفضهم وهكذا.


تنبيهات: (1)- قوله: "الليالي جوائر" من سب الدهر الذي أكثر منه الشاعر غفر الله له، فإن الجَوْرَ هو الظلم ولا يجوز نسبته إلى الدهر (الأيان والليالي) وقد سبق الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: أَنَا الدَّهْرُ، الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي لِي، أُجَدِّدُهَا وَأُبْلِيهَا، وَآتِي بِمُلُوكٍ بَعْدَ مُلُوكٍ"[3].


(2)- وقوله: "وللدهر أهواء" ذهب فيه إلى معنى قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [آل عمران: 26] ولكنه أساء التعبير جدا بجعله تقلب الأمور بالناس بين الرفعة والضعة من أهواء الدهر، وبئس ما قال! بل هذا من حكمة الله البالغة ومن الدليل على قدرته وقوته وقهره ومكره بأعدائه، وهو معنى قوله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] وقد سئل أحد الصالحين عن هذه الآية فقيل له: فما شأن ربك الآن؟ فقال: أمور يُبْدِيها ولا يبتديها يرفع أقواما ويخفض آخرين.


(3)- لا ينبغي لك أخي القاريء الكريم أن تمل مما أكرره من التنبيه على أخطاء الشاعر العقدية فإن هذا من الأمور الهامة المقصودة لذاتها فلو أفردها أحد بالتصنيف لكان أمرا محمودا
__________________________________________________
[1] اخْتُلِفَ فِي أصله؛ فَقِيلَ أَصْلُهُ سَوِيدٌ وِزَانُ كَرِيمٍ وَشَرِيفٍ فَاسْتُثْقِلَتْ الْكَسْرَةُ عَلَى الْوَاوِ فَحُذِفَتْ فَاجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَهِيَ سَاكِنَةٌ وَالْيَاءُ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ. وَقِيلَ أَصْلُهُ فَيْعِلٌ بِسُكُونِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ وَالْأَصْلُ سَيْوِدٌ، وَقِيلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فَيْعِلٌ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي الصَّحِيحِ إلَّا صَيْقِلُ اسْمُ امْرَأَةٍ وَالْعَلِيلُ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّحِيحِ فَتَعَيَّنَ الْفَتْحُ قِيَاسًا عَلَى عَيْطَلٍ، وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُ.
[2] (جَوَابِر) وزان (فَواعل) وهو من صيغ منتهى الجموع ويجمع عليه ما كان على (فاعلة) مطلقا يعني سواء كان اسما أو وصفا، وسواء كان لعاقل أو لغيره نحو: فاطمة وفواطم وضاربة وضوارب ومنه جابرة وجوابر.
[3] إسناده حسن والحديث صحيح رواه أحمد (10438/ الرسالة) وللحديث ألفاظ أخرى وشواهد في الصحيحين وغيرهما
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

52- لَبِثَتْ مِصْرُ فِي الظَّلَامِ إِلَى أَنْ *** قِيلَ: مَاتَ الصَّبَاحُ وَالْأَضْوَاءُ
اللغة:
ظاهرة


المعنى:
ظلت مصر في ظلام الاحتلال حتى قيل مات صباح الحرية وأنوارها
________________________________________________________
53- لَمْ يَكُنْ ذَاكَ مِنْ عَمًى، كُلُّ عَيْنٍ *** حَجَبَ اللَّيْلُ ضَوْءَهَا عَمْيَاءُ​
اللغة:
ظاهرة


المعنى:
لم يكن هذا الذى حدث من استكانة أبناء مصر وخضوعهم للمحتل وبقاؤهم في ظلام الاستعباد والذلة وعدم رؤيتهم نور الحرية من عمىً ولكن كل عين حجب الليلُ نورَها عمياء يريد بالليل المحتل الذى يضع الحجب على العيون.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

54- مَا نَرَاهَا دَعَا الْوَفَاءُ بَنِيهَا *** وَأَتَاهُمْ مِنَ الْقُبُورِ النِّدَاءُ
اللغة:
ظاهرة
المعنى:
ما نرى مصر دعا الوفاءُ أبناءها ليقوموا بحقها، وأتاهم النداء من القبور
وربما كان معنى هذا أنهم كانوا كالموتى أصحاب القبور لا يتألمون للإيذاء والهوان، فقام من بينهم داعٍ يدعوهم للثأر لكرامتهم والوفاء بحق وطنهم (مصر) بإزاحة المحتل عنه فاستجابوا له كما يستجيب الموتى لدعوة الداعي[1] فانتفضوا وثاروا على العدو المحتل.
أو لعله أراد بالشطر الثاني: كثرة ظلم المحتل الغاشم لأهل مصر وإعماله القتل فيهم فكان كثرة من يقتل منهم ظلما هو الداعي لهم ليقوموا بثورة ضد هذا المحتل الغاشم. فتأمل.
________________________________________________
55- لِيُزِيحُوا عَنْهَا الْعِدَا فَأَزَاحُوا *** وَأُزِيحَتْ عَنْ جَفْنِهَا الْأَقْذَاءُ​
اللغة:
(الأَقْذَاءُ) جمعُ قذى، يقال: قَذِيَتْ الْعَيْنُ قَذًى مِنْ بَابِ تَعِبَ: صَارَ فِيهَا الْوَسَخُ وَأَقْذَيْتُهَا بِالْأَلِفِ أَلْقَيْتُ فِيهَا الْقَذَى وَقَذَّيْتُهَا بِالتَّثْقِيلِ أَخْرَجْتُهُ مِنْهَا وَقَذَتْ قَذْيًا مِنْ بَابِ رَمَى أَلْقَتْ الْقَذَى.
المعنى:
أتى النداءُ أبناءَ مصر ليقوموا بحقها ويزيحوا عنها الأعداء ففعلوا وأزاحوا الأعداءَ المحتلين وطردوهم، وأزيحت عن جفون مصر الأقذاء التى كانت ترمض عينها.
______________________________________________________
[1] قال قتادة في قوله تعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} [ق: 41]: قال كعب الأحبار: يأمر الله تعالى ملكا أن ينادي على صخرة بيت المقدس: أيتها العظام البالية، والأوصال المتقطعة، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.ا.هـ وهذا من الإسرائيليات كما هو ظاهر ولكنه يستأنس به في هذا المعنى أعني أن الموتى يستجيبون لدعوة الداعي.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

56- وَأُعِيدَ الْمَجْدُ الْقَدِيمُ وَقَامَتْ *** فِي مَعَالِي آبَائِهَا الْأَبْنَاءُ
اللغة:
ظاهرة
المعنى:
وأعيد المجد القديم للمصريين وقام الأبناء في معالي آبائهم يعني أن الأبناء الذين ثاروا على المحتل وطردوه بدأوا يفعلون كآبائهم فبدأوا يشيدون نهضة عظيمة لمصر كما شاد آباؤهم من قبل، وقد عملت فترة الرعامسة[1] على إحياء الأعمال (الكلاسيكية) الخاصة بالدولة القديمة والدولة الوسطى.
__________________________________________________

57- وَأَتَى الدَّهْرُ تَائِبًا بِعَظِيمٍ *** مِنْ عَظِيمٍ آبَاؤُهُ عُظَمَاءُ
اللغة:​
ظاهرة
المعنى:​
بعد أن استيقظ المصريون مِنْ سباتهم وطردوا عن نفوسهم ذُلَّ العبودية وقهرَ المحتل جاء الدهر بملك عظيم هو رمسيس الثانى، أبوه رجل عظيم هو سيتي الأول، وجده رجل عظيم وهو رمسيس الأول وهو أول ملوك الأسرة التاسعة عشرة[2].
________________________________________________________
[1] الرعامسة كلمة تطلق على الفترة التى بلغت حوالى 134 عاما وتُكَوِّنُ الجزء الثانى من الدولة الحديثة (1293 – 1089 ق.م) وكذلك على ملوك هذه الحقبة من فراعنة الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين. انظر موسوعة الحضارة المصرية القديمة / 452.
[2] كان رمسيس الأول زميلا لحور محب ووزيرا له ولم يكن لحور محب وريث من الذكور فاختار زميلا له في الجندية هو رئيس الرماة (با رع مس سو = رمسيس) ولم يكن آباء رمسيس الأول ملوكا بل كان ابن أحد الضباط اسمه سيتى من أبناء الدلتا.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,454
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: التعليقات شرح الشوقيات

58- مَنْ كَرَمْسِيسَ فِي الْمُلُوكِ حَدِيثًا *** وَلِرَمْسِيسٍ الْـمُلُوكُ[1] فِدَاءُ

اللغة:
(رمسيس): هو رمسيس الثانى، أشهر ملوك الأسرة التاسعة عشرة، تولى الحكم بعد والده سيتي الأول، وقد حكم مصر 67 عاما، وشيد الكثير من المبانى والآثار العظيمة التى أكسبته شهرة عظيمة بين ملوك مصر والعالم.
(حديثا): يعني في ملوك الدولة الحديثة في مصر القديمة.
المعنى:
يعني أن رمسيس الثانى ملك عظيم ليس له مثيل في الملوك بل الملوك فداء له لأنهم أقل منه قدرا.
________________________________________________
59- بَايَعَتْهُ الْقُلُوبُ فِي صُلْبِ سِيتِي *** يَوْمَ أَنْ شَاقَهَا إِلَيْهِ الرَّجَاءُ
اللغة:
(سيتى): هو سيتي الأول والد رمسيس الثاني وابن رمسيس الأول
المعنى:
يعني أن قلوب المصريين بايعت رمسيس الثانى وهو ما زال في صلب أبيه سيتي الأول وذلك لأن أباه كان ملكا وابن الملك ملكٌ من قبل أن يولد

_____________________________________________________________
[1] قوله: (ولرمسيس الملوك) ضُبِطَتْ في طبعة د. أحمد الحوفي وفي الشوقيات الصحيحة بفتح السين وترك ألف الملوك كما هي بدون تشكيل هكذا (ولرمسيسَ الملوك)، وهذا خطأ؛ فلو أراد ترك (رمسيس) ممنوعة من الصرف للعلمية والعجمة وفتح سينها وجب قطع همزة (الملوك) والنطق بها مفتوحة هكذا (أَلْـمُلوكُ).
وضبطت في طبعة المكتبة التجارية الكبرى ودار العودة- بيروت بتنوين سين رمسيس هكذا (ولرمسيسٍ الملوك) وهو الصواب، والنون الناتجة من تنوين (رمسيسٍ) الأصل أنها ساكنة ولكنها تُحَرَّكُ بالكسر لالتقاء الساكنين
 
أعلى