العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

التقويم في الفقه الاسلامي

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الموضوع من إعداد: ثمرات المطابع.
-------------------------


التقويم في الفقه الاسلامي

تأليف : محمد بن عبدالعزيز بن إبراهيم الخضير
تقديم : محمد بن سعد السالم
الناشر : جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - الرياض - السعودية
رقم الطبعة : الأولى
تاريخ الطبعة: 11/11/2002
نوع التغليف: عادي ( ورقي )
عدد الأجزاء : 1
اسم السلسلة : سلسلة مشروع وزارة التعليم العالي لنشر ألف رسالة علمية
الرقم في السلسلة : 42
عدد الصفحات : 588
حجم الكتاب : 17 × 24 سم
السعر : 20.0 ريال سعودي ($5.33)
التصنيف : / فقه / أحكام خاصة
الجامعة : جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
تاريخ الحصول على الدرجة :
نوع الدرجة : ماجستير
نبذة عن الكتاب :
هذه الرسالة العلميّة تتحدث عن أحكام التقويم "التقدير" في الفقه الاسلامي دعى المؤلف إلى تأليفها أهمية هذا الموضوع ، وكثره حاجة الناس إليه ، لتناوله جوانب مختلفة في حياتهم . إضافة إلى عدم وجود كتاب يلم شتات مسائل هذا الموضوع .

هذا وقد جاءت مباحث الكتاب من خلال فصول خمسة ،مسبوقة بمقدمة البحث المعتادة ، يليها تمهيد تضمن تعريفا بالتقويم وما يشبهه ، مع أدلة مشروعية التقويم وحكمه ؛ كما ختم البحث بخاتمة تضمنت نتائج البحث .

أما فصول البحث فجاءت كما يلي :

*الفصل الأول : في مقتضيات التقويم ، ومجالاته .

*الفصل الثاني : في الأمور المعتبرة عند التقويم .

* الفصل الثالث : في المقومين .

* الفصل الرابع : في حجية التقويم ، وما يترتب عليه من الأحكام .

الفصل الخامس : في مبطلات التقويم .

الخلاصة : لخص الباحث نتائج بحثه في الخاتمة قائلا:

"1- لفظ (التقويم) : مصدر قياسي للفعل الرباعي : قوّم – على وزن : فعلّ – لأن الفعل صحيح اللام .

2- للتقويم – في اللغة – معنيان بارزان ، هما :

الأول : التعديل .

الثاني : تقدير السلعة أو المتاع بثمن يقوم مقامه ، بعنى أنه يعادله ، ويساويه . وهذا المعنى هو المراد في هذا البحث . على أنّ بين المعنيين رابطة قوية ؛ فكلاهما يدور على العدل ؛ فإن القيمة يتحقق بها العدل والمساواة في المعاوضة بها عن الشيء .

3- الإطلاق الشائع للفظ (التقييم) بمعنى : ؛ تقدير القيمة على خلاف القياس ؛ فإن الأصل في القيمة الواو ؛ لأنها تقوم مقام الشيء ، فأصلها : قومة ، فإبدلت الواو ياء . ولكن مجمع اللغة العربية بالقاهرة أقرّ استعمال لفظ (التقييم) بمعنى تقدير القيمة .

4- يمكن تعريف التقويم اصطلاحاً بأنه تقدير بدل نقدي لعين أو منفعة يعادلها في حال المعاوضة به عنها حقيقة ، أو افتراضاً .

5- الفرق بين القيمة والثمن من وجهين :

الوجه الأول : أن الثمن هو العوض في عقد البيع خاصة . وأمّا القيمة فتكون عوضاً في البيع ، وغيره .

الوجه الثاني : أن الثمن يكون تحديده عائداً إلى اتفاق البائع والمشتري . وأمّا القيمة فهي ما يوافق مقدار مالية الشيء ، ويعادله في الواقع – بحسب تقويم المقومين – .

6- السعر هو معيار قيمة الشيء ؛ لأنه عبارة عن مستوى أثمان الأشياء في الأسواق . ولهذا يطلق على القيمة – أحياناً – .

7- التقويم مشروع بالنقل ، والعقل . ويختلف حكمه بحسب اختلاف حكم الأمر المقصود منه ؛ إذ هو وسيلة لغاية ، فيأخذ حكم تلك الغاية ؛ لأن الوسائل تتبع المقاصد في أحكامها .

8- من أبرز مقتضيات التقويم ما يأتي :

1- أداء القيمة في المضمونات .

2- نزع الملكية .

3- التقويم لمعرفة مقدار الأرش .

4- التقويم في زكاة العروض ؛ لمعرفة وجوب الزكاة ، ومقدار الواجب .

5- تقويم المسروق ؛ لمعرفة بلوغه النصاب من عدمه .

6- التقويم لإفراز بعض الحقوق عن بعض .

9- الضمان – في اللغة – يرد بمعنيين :

- الأول : الكفالة .

- الثاني : الغرامة .

وقد استعمل الفقهاء لفظ (الضمان) بكلا المعنيين . والمراد به في هذا البحث هو المعنى الثاني . وقد عرفوه – على هذا المعنى – بتعريفات ؛ أدقها ما يأتي :"لزوم إعطاء مثل الشيء ، أو قيمته" .

على أنهم يتوسعون في مفهوم الضمان فيقصدون به المسؤولية عن الشيء ، وتحمل تبعة هلاكه وإن لم يلزم من ذلك غرامته بمثل ، أو قيمة . وهذا المفهوم الواسع ليس هو المراد هنا ، وإنما المراد المفهوم الأضيق (وهو أداء المثل ، أو القيمة) ؛ لأنه هو المناسب لموضوع البحث .

10-ذكر الفقهاء عدة أسباب يمكن أن يستخلص منها خمسة ، هي :

1- العقد . 2- وضع اليد .

3- الإتلاف . 4- الحيلولة .

5- الغرور .

11- الواجب قبل المصير إلى الضمان أن ترد الحقوق بأعيانها ما أمكن .

هذا هو الأصل ، وهو محل اتفاق .

12- إذا تعذر رد عين الحق فإنه يصار إلى الضمان إذا توافرت شروط معينه ، منها ما يتعلق بالشيء المراد ضمانه ، ومنها ما يتعلق بغيره . والمراد هنا الشروط المتعلقة بالشيء المراد ضمانه ، وهي ثلاثة :

1- كونه مالاً . 2- كونه متقوماً . 3- كونه معصوماً شرعاً .

13- المال شامل لكل ما يقع عليه الملك مما كان له قيمة بين الناس ، وأبيح الانتفاع به مطلقاً ، عيناً كان ، أم منفعة .

14- المتقوّم – بكسر الواو ، ولا يصح فتحها – هو : ماملك مما له قيمة بين الناس ، وكان الانتفاع به مباحاً مطلقاً .

15- كون الشيء المراد ضمانه معصوماً شرعاً معناه أنه لا يحق لأحدٍ التصرف فيه بدون مالكه .

16- المثلي هو : ما تماثلت أفراده بحيث يمكن أن يقوم بعضها مقام بعض دون فرق يعتد به .

17- يضمن كل شيء بمثله من جنسه ما أمكن ، مع مراعاة التساوي في القيمة ، أو التقارب بحيث لا يوجد فرق يعتد به .

18- إذا تعذر المثل يصار إلى قيمة . والتعذر نوعان :

- الأول : تعذر حقيقي ، مثل انقطاع المثل من الأسواق .

- الثاني : تعذر حكمي ، مثل وجود المثل بأكثر من ثمن مثله .

19 – المنافع : أعراض مستفادة من الأعيان يمكن استيفاؤها منها .

20 – المنافع أموال .

21- منافع المغصوب مضمونة على الغاصب ، سواء استوفاها أم عطلها .

22- إنما تضمن المنافع إذا كانت مباحة ، ولها قيمة بين الناس .

23- تضمن المنافع بأجور الأمثال ؛ فإن أجر المثل هو قيمة المنفعة .

24- الوقت المعتبر في قيمة عروض التجارة لاعتبار كمال النصاب فيها هو جميع الحول ، فلا ينعقد الحول حتى تبلغ النصاب ثم تستمر نصاباً إلى تمام الحول .

25- الواجب في زكاة العروض يخرج من قيمتها لا من عينها . وعلى هذا فإن الوقت المعتبر في قيمتها لأداء زكاتها هو يوم الوجوب (وهو يوم تمام الحول) ؛لأن القيمة هي محل الوجوب ، ووقت الوجوب هو يوم تمام الحول ، فيكون يوم تمام الحول هو المعتبر في تحديد مقدارها .

26- الوقت المعتبر في القيمة في جزاء قتل الصيد الذي لا مثل له وهو وقت قتله .

27- الوقت المعتبر في القيمة في جزاء قتل الصيد الذي له مثل – إذا اختار قاتله الإطعام ، أو الصيام – هو يوم الانتقال إلى الإطعام .

28- الوقت المعتبر في القيمة في المغصوب إذا أتلفه الغاصب ، أو تلف تحت يده هو أكثر الأوقات قيمة من وقت الغصب إلى وقت أداء القيمة للمالك سواء كان المغصوب قيمياً ، أم مثلياً تعذر مثله .

29- نقص قيمة المغصوب لتغير السعر ولو في حال رده لمالكه .

30- الوقت المعتبر في القيمة في المتلف هو أكثر الأوقات قيمة من وقت الإتلاف إلى وقت أداء القيمة للمالك ، سواء كان المتلف قيمياً ، أم مثلياً تعذر مثله .

31- الوقت المعتبر في قيمة المسروق للتحقق من بلوغه النصاب هو وقت السرقة .

32- المكان المعتبر في قيمة عروض التجارة لإخراج زكاتها هو المكان الذي تم الحول عليها فيه قيمة .

33- المكان المعتبر في القيمة في جزاء قتل الصيد الذي لا مثل له هو مكان قتله ، إلا إذا لم يكن للصيد قيمة فيه – كما لو كان براً – فالمعتبر أقرب مكان إليه يكون للصيد قيمة فيه .

34- المكان المعتبر في القيمة في جزاء قتل الصيد الذي له مثل – إذا اختار قاتله الإطعام ، أو الصيام – هو الحرم . وإذا اختلفت القيمة باختلاف بقاع الحرم فالمعتبر الوسط من القيم .

35- المكان المعتبر في القيمة في المغصوب إذا أتلفه الغاصب ، أو تلف تحت يده هو مكان الغصب إن كان هو مكان التلف ، فإن اختلفا فالمعتبر أكثرهما قيمة ، سواء كان المغصوب قيمياً ، أم مثلياً تعذر لمثله .

36- المكان المعتبر في القيمة في المتلف هو مكان الإتلاف ، إلا إذا كان لا يصلح لاعتباره في القيمة – كما لو كان مفازة – فالمعتبر أقرب مكان إليه يصلح أن يعتبر في القيمة ، سواء كان المتلف قيمياً ، أم مثلياً تعذر مثله .

37- المكان المعتبر في قيمة المسروق للتحقق من بلوغه النصاب هو مكان السرقة ، إلا إذا لم يكن بمكان السرقة نقد يقوم به المسروق فالمعتبر – في هذه الحالة – أقرب مكان إلى مكان السرقة يوجد فيه نقد .

38- عند تقويم الأشياء لا يراعى ما كان فيها من صفات أو منافع محرمة ، سواء كانت محرمة لذاتها ، أم للغرض الذي تستعمل فيه .

39- إذا كان الشيء المراد تقويمه صيداً في الحرم ، أو حال الإحرام لم يراع عند تقويمه ماكان فيه من صفات وجدت بصنع العباد كالتعليم ونحوه . وذلك في حال تقويمه لإخراج جزائه كفارة لحق الله . فإن كان تقويمه لحق العباد لكونه مملوكاً فتراعى تلك الصفات .

40 – إذا أريد تقويم المنافع (أي تقدير أجر المثل) ، وكان أجر المثل في المدة التي يراد ضمان المنافع خلالها متفاوتاً فإنه يقدر الأجر في كل جزء من المدة مختلف عن الآخر بما تساويه المنفعة فيه . ولو كان ما يراد ضمان منافعه خلال مدةٍ ما إنساناً يتقن عدة صنائع روعي تقدير أجرة الصنعة الأعلى إذا لم يمكن جمعها ، فإن أمكن جمعها قدرة أجرة الجميع .

41- يضمن الشيء المتعدى عليه ضماناً عادلاً يعوض مالكه عنه ، سواء كان من الأموال الربوية أم لا ، وسواء ضمن بجنسه أم بغير جنسه ، ساوت قيمته وزنه أم خالفته ؛ فلا يجري الربا في الغرامات .

42- تقوم عروض التجارة بنقد البلد ، فإن تعدد فبالأغلب ، فإن وجد نقدان أو أكثر سواء في الرواج فينظر : إن بلغت نصاباً بأحدهما دون الآخر قومت بما تبلغ به النصاب ، فإن بلغت النصاب بكل منهما فيتخير المالك واحداً منهما يقومها به . وإن قوم المالك عروض تجارته بالأنفع للفقراء ابتداء فهذا أفضل .

43- يقوم جزاء قتل الصيد بالطعام ، أو بالنقد الغالب .

44- يقوم المتلف ، والمغصوب التالف بنقد البلد الذي تعتبر فيه قيمته ، فإن وجد فيه أكثر من نقد فبالأغلب ، فإن غلب نقدان وتساويا فإن القاضي يعين واحداً يكون التقويم به . وهذا فيما إذا تشاح الغارم وصاحب الحق . فإن لم يتشاحا ، وتراضيا على نقد معين كان ما تراضيا عليه هو المعتبر ؛ لأن الحق لا يعدوهما .

45- تقوم المنافع بالنقد على نحو ما تقدم في تقويم المتلف والمغصوب التالف .

46- النقد هو الذهب والفضة ، سواء كانا مسكوكين ، أم غير مسكوكين . ولكن التقويم إنما يكون بالمسكوك منهما دون غير المسكوك . وهذا في الأزمنة السابقة عندما كان التعامل بالنقدين أثماناً للأشياء هو السائد . أما اليوم فقد أصبحت العملة الورقية هي أثمان الأشياء ، وحلت محل النقدين في ذلك ، وانقطع التعامل بالنقدين كأثمان للأشياء . وعلى هذا فإن التقويم اليوم يكون بالعملة الورقية ، سواء كان التقويم لعين ، أم منفعة . وكل بلد حسب عملته .

47- نصب المقوم قد يكون من قبل الحاكم ، وقد يكون من قبل غيره من الناس ممن له علاقة بالأمر كالمتنازعين ، وقد يأتي المقومون من تلقاء أنفسهم إلى الحاكم ، وقد يتولى الحاكم التقويم بنفسه ، وقد يتولى الغارم التقويم في بعض الحالات إذا كان عدلاً خبيراً , ومن ذلك تقويم الشخص عروض تجارته ؛ لإخراج زكاتها ، وتقويم قاتل الصيد في الحرم ، أو حال الإحرام جزاء الصيد الذي قتل ، إذا لم يتعمد قتله عالماً بتحريم ذلك عليه ، دون حاجة إليه .

48- يشترط في المقوم ما يأتي :

1- العدد ؛ فلا بد من اثنين ولا يكفي الواحد ؛ لأن التقويم من قبيل الشهادة . إلا إذا كان الشيء المراد تقويمه ليس ذا شأن كبير في عرف الناس فلا بأس بالاكتفاء بمقوم واحد ؛ لأن في اشتراط العدد في هذه الحالة نوعاً من الحرج .

2- الخبرة .

3- العدالة .

4- انتفاء الغرض .

49- إذا اختلف المقومون فيما يتعلق بتقويمه حد ؛ فقومه بما يبلغ النصاب ، وقومه البعض الآخر بما دونه لم يثبت الحد ، سواء كان الاختلاف بين مقوم ومقوم ، أم بين أكثر من ذلك ؛ لأن اختلافهم هذا شبهة يدرأ بها الحد .

50- إذا اختلف الغارم والمغروم له في قيمة الشيء المغروم ولا بينة لأحدهما فالقول قول الغارم بيمينه ؛ لأن الأصل براءة ذمته ، فلا يلزمه ما لم يقم عليه به حجة . وذلك بشرط أن يذكر قيمة لائقة بالمغروم يمكن أن تكون قيمة له في العرف فإن ذكر قيمة غير لائقة فإنه يجعل القول في القيمة للمالك بيمينه بالشرط نفسه (وهو أن يذكر قيمة لائقة) ، فإن ذكر قيمة غير لائقة فإنه يجعل القول في القيمة للمقومين .

51- إذا اختلف المقومون فيما لا يتعلق بتقويمه حد فينظر : إن كان الخلاف بين مقومين اثنين فإنه يؤخذ بالأقل . وأما الزيادة فلا يكتفي فيها بقول الواحد ؛ لاشتراط العدد في المقوم . فإن أراد المالك أن يحلف عليها مع الشاهد بالأكثر فله ذلك ، ويستحقها . وإن كان الخلاف بين مقومين اثنين ، ومقوم واحد فإنه يؤخذ بقول الاثنين ؛ لأنهما نصاب لا يعارضه قول الواحد . أما إن كان الخلاف بين اثنين واثنين ، أو ثلاثة وثلاثة .. إلخ فلينظر : إن أمكن ترجيح فريق منهم على سواه بزيادة خبرة فيؤخذ بقول الأكثر خبرة ، وإن لم يمكن ذلك فيؤخذ بقول الأكثر عدداً ، فإن تساووا في العدد فإنه يؤخذ بقيمة وسط . والمراد بالوسط هنا ما يسمى بالمعدل ؛ وهو ناتج قسمة مجموع الأعداد التي قيل بها على عدد الأقوال . وهذا الحكم شامل لاختلاف مقومي الأعيان ، واختلاف مقومي المنافع .

52- التقويم اجتهادي ظني . ولكنه من الظنيات التي دلّ الدليل على اعتبارها ، وأذن الشرع بالعمل بها ؛ لمسيس الحاجة إلى ذلك . وهو بدل في العلم كالقياس مع النص .

53- إذا تم التقويم المعتبر فإنه يترتب عليه أحكام تختلف بحسب اختلاف الغرض المراد منه . فمثلاً : إذا كان المراد من التقويم معرفة وجوب الزكاة في عروض التجارة من عدمه ، ومقدار الواجب – في حال الوجوب - ، فإنه يتبين بعد التقويم : إن كانت قيمة العروض قد بلغت النصاب فتجب فيها الزكاة ، أو لم تبلغه فلا زكاة فيها . ثم إذا علم بالتقويم بلوغها النصاب ، ووجوب الزكاة فيها يعلم به – أيضاً – مقدار ما يجب إخراجه بحسب النسبة المفروضة (وهي 2.5 من القيمة) .

وإذا كان المراد من التقويم معرفة قيمة شيء من أموال الآخرين قد استحق ضمانه بسبب إتلاف ، أو نحوه فإنه بعد حصول التقويم المعتبر يستحق صاحب المال المتلف القيمة من متلفه ، ويلزم المتلِف بدفعها إذا طلب صاحب المال المتلف ذلك .

54- إذا حال الغاصب بين المال وصاحبه ، ثم ضمنه له لم يملكه بذلك . بل متى ظهر المغصوب فللمغصوب منه حق استرداده ، وإعادة القيمة .

55- إذا أخذ المغصوب منه القيمة للحيلولة لم يملكها ، ولكنه ينتفع بها وهي على ملك الغاصب في مقابل ما فاته من منافع العين المغصوبة .

56- إذا أتلف شخص مالاً لآخر ، أو تلف تحت يده العادية ، وكان مما له مثل ، فتعذر المثل ، فحكم الحاكم بأداء القيمة ، ثم وجد المثل فلينظر : إن كان المتلف لم يغرم القيمة بعد للمتلف عليه فإنه يجب عليه أداء المثل ، وإن كان قد غرم القيمة فإنه يستقر حكمها ، ولا يجب على المتلف آداء المثل .

57- من الأحكام المترتبة على التقويم أن لو ارتبط مالان لشخصين على وجه لا يمكن انفصالهما بغير وقوع ضرر على أحدهما فإنهما يقومان ، ثم بعد التقويم ينظر : إن كانا في القيمة سواء فإن اصطلح مالكاهما على شيء جاز ذلك ، وإن تنازعا بيع المالان ، وقسم الثمن بينهما . أما إن اختلف المالان في القيمة فإنه يغلب جانب صاحب المال الأكثر قيمة على جانب المال الأقل قيمة . وذلك إذا كان ارتباط المالين ببعضهما قد وقع بدون قصد التعدي ، فإن كان قد وقع تعدياً – كما لو كان غصباً – فإن المغلب هو جانب المتعدى عليه ، سواء كان صاحب المال الأقل قيمة ، أم صاحب الأكثر . وهذا نوع من التمليكات المشروعة لإزالة ضررٍ ما ، أو تحصيل مصلحة عامة .

58- ومما يتصل بهذا – وهو من الأحكام المترتبة على التقويم – أنه إذا قوم شيء بغرض تملكه من أجل دفع ضررٍ ما ، أو جلب مصلحة عامة فإنه لا يتم تملكه إلا بعد أداء القيمة لمالكه .

59- ومن الأحكام المترتبة على التقويم إنه إذا قوم المسروق لمعرفة بلوغه النصاب من عدمه فإنه بعد التقويم ينظر : إن كانت قيمته قد بلغت النصب فإن الحد يجب – إذا توافرت سائر الشروط - ، وإن كانت قيمته لم تبلغ النصاب لم يثبت الحد .

60- ومن الأحكام المترتبة على التقويم إنه إذا كان المراد من التقويم التحقق من صدق دعوى غبن في عوض عين أو منفعة ؛فإن تبين بعد التقويم ما إذا كان قد وقع الغبن فيحكم للمغبون بما يقتضي رفع الغبن عنه ، أو لم يقع فتبطل الدعوى .

61- إذا حصل التقويم ثم اعترض عليه فينظر : إن كان الاعتراض غير مستند إلى بينة لم يقبل ، وإن كان مستنداً إلى بينة فينظر : إن وقع قبل أن يبنى على التقويم حكم فهو من قبيل اختلاف المقومين ، فحكمه حكمه . وإن وقع بعد ما بني على التقويم حكم فينظر : إن كان التقويم الذي بني عليه الحكم واقعاً على الوجه المعتبر فيه فإنه ماضٍ ، ولا يقدح فيه الاعتراض . وأما إذا لم يكن واقعاً على الوجه المعتبر فإن يبطل ، وينقض الحكم الذي بني عليه ؛ لا بسبب الاعتراض ، بل بسبب عدم حجية هذا التقويم من أصله .

فالذي يملك حق الاعتراض على التقويم هو من كان معه بينة على اعتراضه . والوقت الذي يقبل فيه الاعتراض هو ما كان قبل الحكم بالتقويم ، أما بعد الحكم فلا يؤثر الاعتراض ما لم يوجد في التقويم خلل ، فيبطل بسبب الخلل لا الاعتراض .

62- إذا تم التقويم ، ثم ظهر ما يقدح فيه ؛ بأن تحقق وقوع الخطأ فيه ، أو اطلع على صفة زيادة أو نقص ، أو تبين وجود خلل فيه من حيث أهلية المقومين ، أو مراعاة الوقت الواجب اعتبار قيمة الشيء المقوم فيه ، أو من حيث ما يجب أن يكون به التقويم ، ونحو ذلك فإن التقويم ينقض .

63- إذا رجع المقومون عن تقويمهم فإنه يبطل ، سواء بني عليه الحكم ، أم لا . أما إن رجع واحد فينظر : إن كان يتعلق بالتقويم حد فرجوعه كالاختلاف بين المقومين ،فلا يستوفى الحد . وإن لم يتعلق بالتقويم حد فينظر : إن كان غير الراجع اثنين لم يقدح رجوع الراجع ، وإن لم يبق بعد الرجوع إلا واحد فقط فلا اعتبار لهذا التقويم .

64- إذا تم التقويم على الكيفية المعتبرة فيه ، ثم تغيرت الأسعار بحيث لو أعيد التقويم لظهر فرق كبير بين التقويمين فلا يقدح هذا في صحة التقويم ، سواء كان تقويماً لعين ، أم لمنفعة . إلا إذا كان المراد من التقويم تملك الشيء المقوم من صاحبه لإزالة ضررٍ ما ، أو جلب مصلحة عامة ، وتأخر دفع القيمة حتى تغيرت الأسعار فإن التقويم يبطل ، وتجب إعادته .



التقويم : الكتاب دراسة علمية رصينة استوفى الباحث فيها جهدا واضحا في جمع مسائل البحث المنثورة في أبواب متفرقة ، مع حسن التبويب والترتيب .
 
أعلى