العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

التوسط بين قولين أو التفريق بحسب الأحوال ليس إحداثا لقول جديد ! مسائل واجتهادات

مساعد أحمد الصبحي

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
143
الكنية
أبو سعود
التخصص
عقيدة
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
من ذلك مس المحدث للمصحف، فالظاهر أنه من باب الأدب وتعظيم المصحف، فالقول بالكراهة قول جميل وسط يُعدّ إباحة له ولكن فيه عملٌ بأدلة القائلين بالتحريم بتوسط واعتدال فهو قول تجتمع فيه الأدلة !

ومثل هذا طبقا قراءة الجُنُب للقرآن، فقد اختار الإمام الألباني الكراهة بعد أن ذكر من روي عنه الإباحة من السلف ومنهم سعيد بن جبير، قال في تمام المنة صفحة 118:-
«..رواه عنه حماد بن أبي سليمان قال: سألت سعيد بن جبير عن الجنب يقرأ؟ فلم يرَ به بأسا وقال: أليس في جوفه القرآن؟ ... لكن لا يخفى أن الأمر لا يخلو من كراهة لحديث: "إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر". انظر "الصحيحة" ٨٣٤.والله أعلم.» اهـ

=================
ومن ذلك استقبال القبلة واستدبارها أثناء قضاء الحاجة، وقد اختار العلامة سليمان الماجد القول بالكراهة، وذكر أن التفريق بين البنيان والفضاء في مسألة تعم بها البلوى ويحتاجها الناس يوميا لا بد أن يكون صريحا واضحا ولا يجوز أن يُترك لاجتهادات الناس وآراءهم التي تختلف وتتباين في ذلك، فهو-والله أعلم- قول غير وجيه وإن قال به أئمة، كما أن القول بالكراهة مطلقا سواءٌ في ذلك البنيان والفضاء قولٌ وجيه جدا، لأنه من باب الأدب وتعظيم هذه الجهة المباركة، وقد ثبت القول بالإباحة عن عائشة رضي الله عنها، وليس من كره ذلك ولم يحرمه بخارج عن سبيل عائشة في ذلك، فلم يحرمه ولكنه يفضّل تركَه ! وهو بهذا قد عمل بأدلة القائلين بالإباحة في رفع التحريم والإثم في هذه المسألة، وعمل أيضا بأدلة القائلين بالتحريم بتوسط واعتدال، فقال بالكراهة واستحباب تركه ......

فاجتمعت الأدلة في هذا القول والحمد لله.

==================
ومن ذلك مسألة من تيمم ثم رأى الماء بعد أن دخل في الصلاة ؟

وهذه من كبار المسائل في الاحتجاج لها لا في حاجة المكلف إليها فقليلا ما تقع، ولكن الخلاف فيها قوي جدا حتى تردد فيها الإمام المبجل أحمد بن حنبل وروي عنه القولان جميعا !

# فلو قلنا بالتفريق بين من أتم ركعة بسجدتيها فعليه أن يمضي في صلاته ولا يقطعها، أما من رأى الماء قبل تمام الركعة الأولى فعليه أن يخرج من صلاته ويتوضأ ثم يبتدئ الصلاة من أولها.
وهذا القول ليس ببدع في هذه الشريعة التي جعلت من أدرك ركعة من الصلاة بسجدتيها قبل خروج الوقت مدركا للوقت ولو كان أغلب الصلاة قد وقع بعد خروج الوقت !

قال ﷺ : «مَن أدرَكَ رَكْعةً منَ الصُّبحِ قبلَ أن تَطلعَ الشَّمسُ، فقَد أدرَكَ الصُّبحَ ، ومَن أدرَكَ رَكْعةً منَ العَصرِ قبلَ أن تغرُبَ الشَّمسُ، فقَد أدرَكَ العصرَ».الحديث متفق عليه، ومن ألفاظه خارج الصحيحين: «فقد تمت صلاته» ، «فلم تفتْه».
وكذلك من أدرك ركعة مع إمام الجمعة فهو كمن حضر الخطبة والصلاةَ من أولها فلا يلزمه إلا أن يأتي بركعة ثانية وكفى ! ، وليسا بسواء في الأجر إلا أن يكون المتأخر منهما قد غُلب على أمره لا بتفريط منه.

وفي كتاب الأوسط لابن المنذر في آخر هذا الباب ذكر ابن المنذر في احتجاجه للقول بالمضي في الصلاة بأنه لا يجوز إبطال ما صلى من الصلاة إلا بحجة من كتاب أو سنة أو إجماع، مادام أنه أدى هذا القدر من صلاته كما أُمر وفُرض عليه لم يخرج عن الشرع في ذلك، فما وقع صحيحا معتبرا بدليل لا يجوز رفعه وإبطاله إلا بدليل !

قلتُ أنا-مساعد الصبحي- ويجاب عن من أوجب قطع الصلاة قياسا على امتناع الشروع فيها بعد وجود الماء بأن رفع الشيء وإبطاله بعد وقوعه أصعب من دفعه ومنعه قبل وقوعه فلا سواء !

ولكن مالقدر الذي اعتبره الشارع مؤثرا من الصلاة ؟

هل تكفي تكبيرة الإحرام في ذلك ؟ أم لا بد من إتمام ركعة ؟

من نظر في نظائر المسألة في الشريعة يجد هذه الشريعة لم تعتبر إدراك تكبيرة الإحرام كافيا لإدراك الصلاة...
فكيف نجعله نحن كافيا هاهنا !

وفي هذا عمل بالقول الآخر واعتبار لحجج أصحابه باعتدال وتوسط فنقصر العمل به في من لم يتم الركعة الأولى بسجدتيها، ولا نبطل صلاة من أتم الركعة والشرع قد جعله مدركا للصلاة في غير ما مسألة !

والله تعالى أعلم
 

مساعد أحمد الصبحي

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
143
الكنية
أبو سعود
التخصص
عقيدة
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: التوسط بين قولين أو التفريق بحسب الأحوال ليس إحداثا لقول جديد ! مسائل واجتهادات

ومن ذلك ما نُـهِـيَ عنه من الأسماء التي فيها تزكية للنفس كما روى أبو رافع أن أبا هريرة قال:« كَانَ اسْمُ زَيْنَبَ بَرَّةَ ، فَقَالُوا : تُزَكِّي نَفْسَهَا ، فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، زَيْنَبَ»

وخفي ضابط هذا النهي على كثير من العلماء وأشكل الأمر عليهم، لأن الأسماء التي فيها تزكية للنفس كثيرة ولم ينهَ النبي ﷺ عنها مثل:(صالح) ونحوه ....

والظاهر أن النهي للكراهة، ولكن ما ضابط ما يُكره من ذلك ؟

قلتُ:-
‏‎لعل الضابط هو شيوع الاسم فلا يُلحظ فيه وصف التزكية فتنتفي الكراهة مثل: (صالح)، ويحتمل أن اسم: (برة) لم يكن شائعا يومئذ، فكان إذا قيل: «عندنا برة» أشبه التزكية, وإذا سُـئـِـلوا عنها فقالوا: «ما عندنا برة» أشبه القدح تلميحا وتعريضا بالحاضرات، ومثل هذا تناسبه الكراهة لا التحريم لأن المدح والقدح المترتب عليه غير صريح.

والله تعالى أعلم
 

مساعد أحمد الصبحي

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
143
الكنية
أبو سعود
التخصص
عقيدة
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: التوسط بين قولين أو التفريق بحسب الأحوال ليس إحداثا لقول جديد ! مسائل واجتهادات

وجلسة الاستراحة...

- فريق زعم أنها سنة على الدوام، ويرِدُ عليهم أنه لو داوم النبي ﷺ عليها لما ترك العملَ بها غيرُ واحد من الصحابة كما روي ذلك عنهم

- وفريق زعم ضد ذلك وأنه لا يُشرع فعلها إلا للمشقة من كـِــبـَـر أو مرض، ويرد عليهم أنها قد دخلت تحت عموم قوله ﷺ:«صلوا كما رأيتموني أصلي»، ولا يصح استثنائها من هذا العموم إلا بدلالة قوية واضحة !


★ والأجمع للأدلة جواز فعلها أحيانا ولا يداوم عليها، وتتأكد مشروعيتها عند الحاجة إليها أدنى حاجة

والله تعالى أعلم
 

مساعد أحمد الصبحي

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
143
الكنية
أبو سعود
التخصص
عقيدة
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: التوسط بين قولين أو التفريق بحسب الأحوال ليس إحداثا لقول جديد ! مسائل واجتهادات

ومسألتا الوضوء من أكل لحم الإبل ومن مسّ الذكر ؟

والقول باستحباب الوضوء من ذلك فيه توسط وعمل بجميع الأدلة دون إهدار شيء منها !

وهذا مقطع من درس للشيخ سليمان الماجد
 

مساعد أحمد الصبحي

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
143
الكنية
أبو سعود
التخصص
عقيدة
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: التوسط بين قولين أو التفريق بحسب الأحوال ليس إحداثا لقول جديد ! مسائل واجتهادات

قال ابن عبد البر في الاستذكار[345/1]
«والفقهاء بالحجاز والعراق مجمعون على أن المستحاضة تؤمر بالوضوء لكل صلاة، منهم من رأى ذلك عليها واجبا، ومنهم من استحبه»

والمسألة من أصلها مسألة اجتهاد من الصحابة فمن بعدهم لا يصح فيها حديث مرفوع (راجع مستدرك التعليل صفحـ101ــة)

قال ابن عبدالبر في التمهيد [586/3]:-
«وأما الأحاديث المرفوعة في إيجاب الغسل لكل صلاة، وفي الجمع بين الصلاتين بغسل واحد، وفي الوضوء لكل صلاة على المستحاضة، فكلها مضطربة لاتجب بمثلها حجة»

وفي التمهيد أيضا[585/3]:-
«وقد قال عكرمة وأيوب وغيرهما: سواءٌ دم الاستحاضة أو دم الجرح لا يوجب شيءٌ من ذلك وضوءا.»

ثم قال ابن عبدالبر حاكيا مذهب مالك :«والوضوء عليها عنده استحباب...لأنه لايرفع الحدث الدائم...»

قلتُ: هذا على التسليم بأنه حدث، والأقرب أنه كأي دم آخر خرج من الجسد، لأن رسول الله ﷺ قال لأم حبيبة بنت جحش:« إنَّها ليسَت بالحيضةِ ، إنَّما هو عِرقٌ» ثم قال لها ﷺ: «فإذا أقبلَتِ الحيضةُ فدعي الصَّلاةَ ، وإذا أدبرَت فاغتَسِلي ثمَّ صلِّي» ولو كان يجب عليها الوضوء لكل صلاة وجوبا حتما لاتصح صلاتها بدونه لوجب أن يأمرها بذلك ويدلها عليه...

فما أمرها من أمرها بذلك من الصحابة والتابعين إلا احتياطا، وما كان سبيله الاحتياط فالأقرب أنه على الاستحباب لا على الإيجاب !

والله تعالى أعلم
 

نضال مشهود بحري

:: متابع ::
إنضم
27 أبريل 2009
المشاركات
14
التخصص
المنهج والسلوك
المدينة
المنورة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: التوسط بين قولين أو التفريق بحسب الأحوال ليس إحداثا لقول جديد ! مسائل واجتهادات

مسألة بحاجة إل تأمل
 

مساعد أحمد الصبحي

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
143
الكنية
أبو سعود
التخصص
عقيدة
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: التوسط بين قولين أو التفريق بحسب الأحوال ليس إحداثا لقول جديد ! مسائل واجتهادات

والقول بكراهة الأخذ من الشعر والظفر بدخول عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي فيه اعتبارٌ لأدلة القائلين بالإباحة المطلقة وفيه مع ذلك عمل بأدلة القائلين بالتحريم مع حملها على الكراهة بقرينة إجماع العلماء على صحة الأضحية ولو أخذ من شعره، وهذه قرينة قوية على أنه أدب وكمال للأضحية، و‏‎‎النهي المجرد ليس نصا قطعيا في التحريم، فما أكثر النواهي المؤَوّلة على الكراهة !

والله أعلم
 

مساعد أحمد الصبحي

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
143
الكنية
أبو سعود
التخصص
عقيدة
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: التوسط بين قولين أو التفريق بحسب الأحوال ليس إحداثا لقول جديد ! مسائل واجتهادات

من موقع الإمام ابن باز رحمه الله

حكم غسل يوم الجمعة
س: الأخ: ع. م. ز- من بلجرشي يقول في سؤاله: غسل يوم الجمعة هل هو واجب أو مستحب أو سنة؟ وإذا اغتسل الإنسان من الجنابة ليلة الجمعة فهل يجزئه عن غسل الجمعة؟ علمًا بأن هناك من يقول: إن اليوم يبدأ من بعد منتصف الليل، وإذا كان هذا الغسل لا يجزئ فما هو الوقت المناسب له؟

ج: غسل الجمعة سنة مؤكدة للرجال؛ لقول النبي ﷺ: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وأن يستاك ويتطيب» وقوله ﷺ: «من راح إلى الجمعة فليغتسل» في أحاديث أخرى كثيرة، وليس بواجب الوجوب الذي يأثم من تركه، ولكنه واجب بمعنى: أنه متأكد؛ لهذا الحديث الصحيح، ولقوله ﷺ: «من توضأ يوم الجمعة ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام» وقوله ﷺ: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل».
وبذلك يعلم أن قوله ﷺ: «واجب» ليس معناه الفرضية، وإنما هو بمعنى: المتأكد، كما تقول العرب في لغتها: حقك علي واجب، والمعنى: متأكد، جمعًا بين الأحاديث الواردة في ذلك؛ لأن القاعدة الشرعية في الجمع بين الأحاديث: تفسير بعضها ببعض إذا اختلفت ألفاظها؛ لأن كلام الرسول ﷺ يصدق بعضه بعضًا، ويفسر بعضه بعضًا، وهكذا كلام الله تعالى في كتابه العظيم يصدق بعضه بعضًا، ويفسر بعضه بعضًا، ومن اغتسل عن الجنابة يوم الجمعة كفاه ذلك عن غسل الجمعة، والأفضل أن ينويهما جميعًا حين الغسل.
ولا يحصل الغسل المسنون يوم الجمعة إلا إذا كان بعد طلوع الفجر.
والأفضل أن يكون غسله عند توجهه إلى صلاة الجمعة؛ لأن ذلك أكمل في النشاط والنظافة.
والله ولي التوفيق.
من ضمن الأسئلة الموجهة من المجلة العربية، (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 10/ 171).
====================

قلتُ: ولو اعتبرنا سبب ورود الأمر بغسل الجمعة لصح لنا أن نستثني من كان يكدح يوم الجمعة كـخـبّاز على التنور أو غيرها من المهن التي فيها جهد وتعرّق كثير فيجب على أمثال هؤلاء أن يغتسلوا قبيل رواحهم لصلاة الجمعة، لاسيما في البلاد الحارة أيامَ الصيف. والمناط: توقع حصول الأذى لبعض المصلين، وهذا مناط مناسب جدًا لحكم الوجوب، فالأذى يجب منعه.

وبهذا التفصيل تُستوعب أحوال المكلف، ولايُهدر شيء من دلالات الشريعة النصية والمعنوية ، وليس فيه خروج عن مجموع الأقوال المعروفة في هذه المسالة ....

والله تعالى أعلم
 

مساعد أحمد الصبحي

:: مطـًـلع ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
143
الكنية
أبو سعود
التخصص
عقيدة
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: التوسط بين قولين أو التفريق بحسب الأحوال ليس إحداثا لقول جديد ! مسائل واجتهادات

قال ابن عبد البر في الاستذكار[345/1]
«والفقهاء بالحجاز والعراق مجمعون على أن المستحاضة تؤمر بالوضوء لكل صلاة، منهم من رأى ذلك عليها واجبا، ومنهم من استحبه»

والمسألة من أصلها مسألة اجتهاد من الصحابة فمن بعدهم لا يصح فيها حديث مرفوع (راجع مستدرك التعليل صفحـ101ــة)

قال ابن عبدالبر في التمهيد [586/3]:-
«وأما الأحاديث المرفوعة في إيجاب الغسل لكل صلاة، وفي الجمع بين الصلاتين بغسل واحد، وفي الوضوء لكل صلاة على المستحاضة، فكلها مضطربة لاتجب بمثلها حجة»

وفي التمهيد أيضا[585/3]:-
«وقد قال عكرمة وأيوب وغيرهما: سواءٌ دم الاستحاضة أو دم الجرح لا يوجب شيءٌ من ذلك وضوءا.»

ثم قال ابن عبدالبر حاكيا مذهب مالك :«والوضوء عليها عنده استحباب...لأنه لايرفع الحدث الدائم...»

قلتُ: هذا على التسليم بأنه حدث، والأقرب أنه كأي دم آخر خرج من الجسد، لأن رسول الله ﷺ قال لأم حبيبة بنت جحش:« إنَّها ليسَت بالحيضةِ ، إنَّما هو عِرقٌ» ثم قال لها ﷺ: «فإذا أقبلَتِ الحيضةُ فدعي الصَّلاةَ ، وإذا أدبرَت فاغتَسِلي ثمَّ صلِّي» ولو كان يجب عليها الوضوء لكل صلاة وجوبا حتما لاتصح صلاتها بدونه لوجب أن يأمرها بذلك ويدلها عليه...

فما أمرها من أمرها بذلك من الصحابة والتابعين إلا احتياطا، وما كان سبيله الاحتياط فالأقرب أنه على الاستحباب لا على الإيجاب !

والله تعالى أعلم
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية [٢٢٢/٢١] :-
«..وقد تنازع العلماء في خروج النجاسة من غير السبيلين كالجرح والفصاد والحجامة والرعاف والقيء . . . وتنازعوا في مس النساء ومس الذكر: هل ينقض . . .والأظهر في جميع هذه الأنواع:أنها لا تنقض الوضوء. ولكن يستحب الوضوء منها. فمن صلى ولم يتوضأ منها صحت صلاته ومن توضأ منها فهو أفضل. وأدلة ذلك مبسوطة في غير هذا الموضع..»
 
أعلى