العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الحلقة (12) مبدأ احترام تفسيرات المجتهدين للنص

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
هذه هي الحلقة الثانية عشرة من المبادئ العامة للفكر الأصولي الإسلامي في تعامله مع النص.
[h=3]أحد عشر: مبدأ احترام تفسيرات المجتهدين للنّصّ:[/h]
وذلك بشرط مراعاة أصحاب هذه التفسيرات شروطَ التأويل المنبثقة عن المبادئ التي ذكرناها سابقا لا سيما مبدأي: "عربية النّص" و"حمل النّص على ظاهره إلا لدليل". فإذا كان كذلك فيجوز عند جماهير الأصوليين أن يُفهم النّص المحتمِل بطُرقٍ مختلفةٍ، وإن أفضى ذلك إلى نتائجَ متباينة. وذلك لأنَّ الأصوليين ما بين قائلٍ بصحّة التفسيرات المتعدّدة للنّص جميعِها بشرط خضوعها للمبادئ العامّة في فهم النّص، وهو مذهب المصوِّبة، وقائلٍ بصحّة تفسير واحدٍ مع التماس العذْر لباقي التفسيرات، وهو مذهب المخطِّئة([1]). وعلى كلا المذهبين لا ينبغي لأهل تفسير الإنكار على أصحاب التفسير الآخر ما دام صدر من أهله، ولم يخرج عن المبادئ العامّة في فهم النّصّ. ولكنَّ هذا لا يمنع من الترجيح والنّقاش حول أصحّ التفسيرات، وأيِّها أقرب إلى الصّواب ومقصود الشّرع.
قال إمام الحرمين: «المجتهد: إن كان كامل الآلة في الاجتهاد في الفُروع، فأصاب، فله أجران، وإن اجتهد وأخطأ، فله أجرٌ واحد. ومنهم من قال: كلُّ مجتهدٍ في الفروع مصيب»([2]).
وقال ابن رجب في شرح حديث اختلاف الصّحابة في فهم أمر النّبي، صلى الله عليه وسلم، لهم بالصّلاة في بني قريظة([3]): «فيه دلالةٌ على أنَّ المجتهد، سواءٌ أصاب أو أخطأ، فإنَّه غير ملومٍ على اجتهاده، بل إن أصاب كان له أجران، وإن أخطأ فخطؤُه موضوعٌ عنه، وله أجرٌ على اجتهاده»([4]).
وقال الشّاطبي: «إنَّ العلماء الراسخين الأئمة المتّقين اختلفوا: هل كلُّ مجتهدٍ مصيب، أم المصيب واحد. والجميع سوَّغوا هذا الاختلاف، وهو دليلٌ على أنَّ له مساغاً في الشّريعة على الجملة»([5]).
وبناء على هذا المبدأ تأسَّست قواعد عتيدة عند الفقهاء والأصوليين في هذا الباب، منها: "لا إنكار في مسائل الاجتهاد"([6]) و"الاجتهاد لا يُنقض بمثله"([7]).


([1]) ينظر: الشّوكاني: محمد بن علي، إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول، تحقيق محمد سعيد البدري، بيروت: دار الفكر، ط1، 1412ه‍=1992م، ص436.
([2]) الجويني: إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله. الورقات، تحقيق: عبد اللطيف محمد العبد، (د.م): (د.ن)، (د.ط)، (د.م)، ص31.
([3]) عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: «قال النبي، صلى الله عليه وسلم، يومَ الأحزاب: لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العصر إلا في بني قريظة، فأدرك بعضُهم العصر في الطريق، فقال: لا نصلِّي حتى نأتيهم، وقال بعضُهم: بل نصلّي لم يُرد منَّا ذلك. فذُكِر ذلك للنبي، صلى الله عليه وسلم، فلم يُعَنِّف واحداً منهم». أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب صلاة الخوف، باب صلاة الطالب والمطلوب راكبا وإيماء، رقم (946)، ج2، ص15، واللفظ له. ومسلمٌ في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب المبادرة بالغزو...، رقم (1770)، ج3، ص1391.
([4]) ابن رجب الحنبلي: زين الدين عبد الرحمن بن أحمد. فتح الباري شرح صحيح البخاري، تحقيق: محمود بن شعبان وآخرين، المدينة النبوية: مكتبة الغرباء الأثرية، ط1، 1417هـ=1996م، ج8، ص410.
([5]) الشاطبي. الموافقات، مرجع سابق، ج2، ص225.
([6]) يُنظر: المجمع الفقهي الإسلامي. معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية، قاعدة رقم (2210)، ج33، ص31.
([7]) المرجع السابق، قاعدة رقم (2209)، ج33، ص23.
 
إنضم
15 أبريل 2008
المشاركات
21
التخصص
علوم الحاسب الآلي
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي النشأة
رد: الحلقة (12) مبدأ احترام تفسيرات المجتهدين للنص

لطيف جدا..
وهذا المبدأ يمنع كثيراً من التجاوز والانحراف والعبثية في التعامل مع النصوص الشرعية
 
أعلى