د. أيمن علي صالح
:: متخصص ::
- إنضم
- 13 فبراير 2010
- المشاركات
- 1,023
- الكنية
- أبو علي
- التخصص
- الفقه وأصوله
- المدينة
- عمان
- المذهب الفقهي
- الشافعي - بشكل عام
هذه هي الحلقة (6) من المبادئ العامة للفكر الأصول -فقهي الإسلامي في تعامله مع النص
خامساً: مبدأ إعمال مَقاصد النّص:
خامساً: مبدأ إعمال مَقاصد النّص:
أي أنّ النّص، كما يدلّ على أحكامٍ بلفظه وعبارته، فإنّه يدلّ على أحكامٍ أخرى بمعقوله ومقصوده. ويُتوصّل إلى تلك الأحكام عن طريق إعمال آليات التعليل والقياس والاستصلاح.
فالتعليل يهدف إلى الوصول إلى عِلَل الأحكام المنصوصة، وهي الحِكَم والأغراض والمصالح التي شُرعت الأحكام لتحصيلها.
والقياس يهدف إلى تَعدِية هذه الأحكام إلى وقائعَ أخرى غيرِ منصوصٍ على حكمها إذا كانت تشترك معها في عين علَّتها، أو في جنسها القريب، كاستعمال فرشاة الأسنان، فإنّه يُحكم عليها بمثل ما حُكِم على السٍّواك الذي وردت النّصوص باستحبابه، والعلَّة المشتركة تطهير الفم والأسنان بكلٍّ منهما.
والاستصلاح يُعدّي الأحكام إلى وقائعَ غيرِ منصوص على حكمها إذا اشتركت مع الوقائع المنصوص على حكمها في مقصدها الكلّي، وهو جنس علّتها البعيد، كالالتزام بإشارات المرور فإنّه يُحكم بوجوبه شرعاً؛ لأنّه يؤدي إلى حفظ النّفوس والأموال، وهو مقصدٌ شرعي دلّت عليه كثيرٌ من النّصوص.
ويكاد يتّفق الأصوليون والفقهاء، ما خلا الظاهرية، على تعليل الأحكام بالمصالح، وعلى مشروعية القياس والاستصلاح حيث لا نصّ، وإن اختلفوا في شروط التعليل وشروط الأقيسة والمصالح المعتبرة.
قال الطّبري: «ما أمر الله بأمرٍ قطُّ إلا وهو أمرُ صلاحٍ في الدنيا والآخرة، ولا نهى الله عن أمرٍ قطُّ إلا وهو أمرُ فسادٍ في الدّنيا والدّين، والله أعلم بالذي يُصلح خَلقَه»([1]).
وقال القرطبي: «لا خلاف بين العقلاء أنّ شرائع الأنبياء قُصد بها مصالح الخلق الدّينية والدّنيوية»([2]).
وقال إلكيا: «الذي عَرَفناه من الشّرائع أنّها وُضعت على الاستصلاح، دلّت آيات الكتاب والسّنة وإجماع الأمّة على ملاءمة الشّرع للعادات الجِبليّة والسّياسات الفاضلة، وأنّها لا تنفكّ عن مصلحةٍ عاجلة وآجلة»([3]).
وقال ابن رحّال: «قال أصحابنا: الدّليل على أنّ الأحكام كلَّها شُرعت لمصالح العباد، إجماعُ الأمّة على ذلك: إمّا على جهة اللُّطف والفضل على أصلِنا، أو على جهة الوجوب على أصل المعتزلة»([4]).
وقال الآمدي: «أئِمة الفقه مُجمعةٌ على أنّ أحكام الله تعالى لا تخلو عن حكمةٍ ومقصود»([5]).
وقال الطّوفي: «أجمع، إلاّ من لا يُعتدّ به من جامدي الظّاهرية، على تعليل الأحكام بالمصالح والمَفاسد»([6]).
وقال المزني: «الفقهاء من عصر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى يومنا وهلمَّ جرّا، استعملوا المقاييسَ في الفقه، في جميع الأحكام في أمر دينهم. قال: وأجمعوا أنّ نظير الحقّ حقّ، وأنّ نظير الباطل باطل. قال: فلا يجوز لأحدٍ إنكارُ القياس؛ لأنّه التّشبيهُ بالأمور والتّمثيل عليها»([7]).
وقال الجصّاص: «قد صحَّ عن الصّحابة القول بالقياس والاجتهاد في أحكام الحوادث، بالأخبار المتواترة الموجِبة للعلم، بحيث لا مَساغَ للشكِّ فيه. كلُّ واحدٍ منهم يقول: أجتهد رأيي، فأقول فيها برأيي، ويستعملُ القياس، ويأمر به غيرَه، لا يتناكرونه، ولا يمنعون إنفاذَ القضايا والأحكام به. وكذلك حالُ التابعين وأتباعِهم مستفيضاً ذلك بينهم. وقد وقع العلم لنا بوجوده منهم»([8]).
فالتعليل يهدف إلى الوصول إلى عِلَل الأحكام المنصوصة، وهي الحِكَم والأغراض والمصالح التي شُرعت الأحكام لتحصيلها.
والقياس يهدف إلى تَعدِية هذه الأحكام إلى وقائعَ أخرى غيرِ منصوصٍ على حكمها إذا كانت تشترك معها في عين علَّتها، أو في جنسها القريب، كاستعمال فرشاة الأسنان، فإنّه يُحكم عليها بمثل ما حُكِم على السٍّواك الذي وردت النّصوص باستحبابه، والعلَّة المشتركة تطهير الفم والأسنان بكلٍّ منهما.
والاستصلاح يُعدّي الأحكام إلى وقائعَ غيرِ منصوص على حكمها إذا اشتركت مع الوقائع المنصوص على حكمها في مقصدها الكلّي، وهو جنس علّتها البعيد، كالالتزام بإشارات المرور فإنّه يُحكم بوجوبه شرعاً؛ لأنّه يؤدي إلى حفظ النّفوس والأموال، وهو مقصدٌ شرعي دلّت عليه كثيرٌ من النّصوص.
ويكاد يتّفق الأصوليون والفقهاء، ما خلا الظاهرية، على تعليل الأحكام بالمصالح، وعلى مشروعية القياس والاستصلاح حيث لا نصّ، وإن اختلفوا في شروط التعليل وشروط الأقيسة والمصالح المعتبرة.
قال الطّبري: «ما أمر الله بأمرٍ قطُّ إلا وهو أمرُ صلاحٍ في الدنيا والآخرة، ولا نهى الله عن أمرٍ قطُّ إلا وهو أمرُ فسادٍ في الدّنيا والدّين، والله أعلم بالذي يُصلح خَلقَه»([1]).
وقال القرطبي: «لا خلاف بين العقلاء أنّ شرائع الأنبياء قُصد بها مصالح الخلق الدّينية والدّنيوية»([2]).
وقال إلكيا: «الذي عَرَفناه من الشّرائع أنّها وُضعت على الاستصلاح، دلّت آيات الكتاب والسّنة وإجماع الأمّة على ملاءمة الشّرع للعادات الجِبليّة والسّياسات الفاضلة، وأنّها لا تنفكّ عن مصلحةٍ عاجلة وآجلة»([3]).
وقال ابن رحّال: «قال أصحابنا: الدّليل على أنّ الأحكام كلَّها شُرعت لمصالح العباد، إجماعُ الأمّة على ذلك: إمّا على جهة اللُّطف والفضل على أصلِنا، أو على جهة الوجوب على أصل المعتزلة»([4]).
وقال الآمدي: «أئِمة الفقه مُجمعةٌ على أنّ أحكام الله تعالى لا تخلو عن حكمةٍ ومقصود»([5]).
وقال الطّوفي: «أجمع، إلاّ من لا يُعتدّ به من جامدي الظّاهرية، على تعليل الأحكام بالمصالح والمَفاسد»([6]).
وقال المزني: «الفقهاء من عصر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى يومنا وهلمَّ جرّا، استعملوا المقاييسَ في الفقه، في جميع الأحكام في أمر دينهم. قال: وأجمعوا أنّ نظير الحقّ حقّ، وأنّ نظير الباطل باطل. قال: فلا يجوز لأحدٍ إنكارُ القياس؛ لأنّه التّشبيهُ بالأمور والتّمثيل عليها»([7]).
وقال الجصّاص: «قد صحَّ عن الصّحابة القول بالقياس والاجتهاد في أحكام الحوادث، بالأخبار المتواترة الموجِبة للعلم، بحيث لا مَساغَ للشكِّ فيه. كلُّ واحدٍ منهم يقول: أجتهد رأيي، فأقول فيها برأيي، ويستعملُ القياس، ويأمر به غيرَه، لا يتناكرونه، ولا يمنعون إنفاذَ القضايا والأحكام به. وكذلك حالُ التابعين وأتباعِهم مستفيضاً ذلك بينهم. وقد وقع العلم لنا بوجوده منهم»([8]).
([1]) الطبري: محمد بن جرير بن يزيد. تفسير الطبري (جامع البيان في تأويل القرآن)، تحقيق: أحمد شاكر، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط1، 1420هـ=2000م، ج3، ص382.
([2]) القرطبي: محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين. الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي)، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم اطفيش، القاهرة: دار الكتب المصرية، ط2، 1384هـ=1994م، ج2، ص64.
([3]) الزركشي. البحر المحيط، مرجع سابق، ج7، ص161.
([4]) المرجع السابق، ج7، ص158.
([5]) الآمدي. الإحكام في أصول الأحكام. مرجع سابق، ج3، ص285.
([6]) الطوفي: سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم. رسالة في رعاية المصلحة، تحقيق: أحمد عبد الرحيم السّايح، (د.م): الدار المصرية اللبنانية، ط1، 1413هـ= 1993م، ص30.
([7]) ابن القيم. إعلام الموقعين، مرجع سابق، ج1، ص157.
([8]) الجصاص. الفصول في الأصول، مرجع سابق، ج4، 52.