العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الخطاب التداولي

إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
بسم الله والحمد لله..
سياسة العلم : بحر واسع من الكلام ,
يعظم قدره وينبل مع التطبيق المنتج لثمار أطايب ..
وإن ادعيت أن هذا الباب فن لوحده , لما خشيت عائقا يعوقني ولا حسودا يرد قولي...
على أنه فن لا يرتبط بالمدون في الدفاتر والدواوين : بل له تعلق بالتقدير الشخصي للأنسب والأصلح , وله تعلق بفقه النفس الحامل لها على التزام الجادة في مسائل العلم ..
وطرق نشره...
وإن التقدير الصحيح والأسلوب المليح , ليُعدان أرحب مجال يُتكلم فيه عن الفن المتحدَّث عنه الآن...
واشتهر بين أهل العلم – هذه الأيام- مصطلح لعله جديد في مبناه لكنه –قطعا- قديم في معناه..
وهو : الخطاب التداولي.
لك أن تقرأ للجاحظ يرحمه الله وهو يقول : "ينبغي للمتكلم أن يعرف أقدار الكلام ويوازن بين أقدار المستمعين , وبين أقدار الحالات , فيجعل لكل طبع من ذلك مقاما :
حتى يقسم يقسم أقدار الكلام على أقدار المعاني , ويقسم أقدار المعاني على أقدار المقامات , وأقدار المستمعين على أقدار تلك الحالات".
إن التمعن في نوعية الكلام الملقى على المخاطبين
والموازنة بين أقدار المستمعين
والنظر في المقامات التي يُزمع الكلام فيها
يفرض على المتكلم : التكلم بالكلام المناسب لكل طائفة من الناس ,
وبالأسلوب المناسب ,
وفي الوقت المناسب .
هذا حاصل كلام أبي عثمان رحمه الله...
ولعلني قرأت لابن القيم رحمه الله جملا نافعة في هذا المعنى ...
أعود للخطاب التداولي ..:
إنه لا يكفي لقبول الناس لمذهبك أن تكون حجتك "قاطعة ماحقة"..
ولو كان الحال كما وصفت , لما ضاع كلام نَيِّر لمجددين كبار , واندثر اندثار المآثر والرسوم..
بل ينبغي أن يصحب الحجة , شئ من الإهتمام بحجة الخصم (=المقابل لك في الحجة وليس العدو) ومناقشتها باهتمام أيضا , وبنوع من التداولية المرنة التي لا تغيظ هذا الخصم , ولا تضيع حق ذاك المعترض..
ولكم انتشرت من مقالات لأجل لسان ذليق كان يملكه صاحبها ..
وأزعم أن وضوح الحجة في ذهن أحدنا لا يلزم منها انتهاج سبيل : الصرامة والقطع و"البتر"..
فلربما كان مقابلك في الحجة ينظر إلى زاوية ما نظرت إليها فحجبت عنه تفهم حجتك على الوجه المراد..
ولربما انطلق من مستند علمي يجعلك تناقشه على غير أساس , فأنى لكما الإتفاق؟!
وانتهاج مسلك التداول كفيل بحل هذا الإشكال وأكثر..
وله أساسان :
1- عرض حجج الخصم مبسوطة كاملة .
2- مناقشتها , مع عدم التسفيه لها بل الواجب إظهار قدر من الإهتمام وكأنها ذات بال.
وبين كل هذا وأثناءه : إقبال لا إدبار , وبشاشة لا عبوس , ومحبة بقدر الولاية لا بغض مطلق , واحترام لا تحقير..
وتجد هذا الأسلوب واضحا عند المتكلمين يتجلى في أسلوب :
(الفنقلة).
ويبدو أن من أدمن النظر في بداية المجتهد للعلامة ابن رشد اكتسب هذا الأسلوب ..
على ألا يخرجه إلى المحذور (=التهوين من الباطل).
والله أعلم..
 
أعلى