العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الدكتور محمد إبراهيم أحمد علي جدير بأن يلقب بأبي حنيفة الصغير

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
الدكتور محمد إبراهيم أحمد علي مدرسة حياة
الكاتب: أ.د. عبدالوهاب إبراهيم أبوسليمان

يموت المرء وتبقى ذكراه الطيبة حية في النفوس، عالقة في الأذهان وفاءً وتقديراً لما قدم لمجتمعه، وأمته، ومواطنيه، وتعاطيه لشؤون الحياة في دنيا الناس، وبقدر عطائه تعظم الحسرة والحزن عليه.
الزميل الأستاذ الدكتور محمد إبراهيم علي - رحمه الله - كان على موعد مع لقاء ربه الساعة الرابعة بعد عصر يوم الأحد الدابر 18 ربيع الأول، عام 1430هـ من الأعلام القلائل الذين وهبوا حياتهم لخدمة الأمة والدين بلا إعلام ولا إعلان.
أمضى حياته بمثالية يغبط عليها، كلها دروس وعبر، أكاديمي فريد بين زملائه الأكاديميين، واجتماعي متميز على مستوى الصداقات والتوجه على مستوى العمل.
تطبيق للقيم والتعاليم الإسلامية في أصدق صورها ديدنه، وانضباط للمبادئ الاجتماعية المستقيمة، في أجلى معانيها.
حياته عالماً، فقيهاً، إدارياً حكيماً نتاج تربيته القويمة التي نشأ عليها على يد علماء مربين أفاضل، كانوا القدوة الصالحة لأبنائهم الطلبة، كان لملازمته لوالده الحكيم، وحضوره مجالسه التي كان يحضرها كبار المكيين وقياداتهم الاجتماعية، والفكرية دور كبير في تكوينه الاجتماعي والفكري.
اعتزل الشللية، وبشكات السهر وتضييع الوقت فيما لا يفيد، وانشغل عنها بالعمل المفيد، فمن ثم كان لا يفتأ يردد ما كان يطرق سمعه من حكم ونصائح لوالده وشهود مجالسه من كبار السن يتمثل بها كلما حضرته المناسبة. نشأ - رحمه الله - نشأة علمية اجتماعية مستقيمة.
دأبه النصح والإخلاص لمن يعرفه ومن لا يعرفه، وهو شعاره فيما يسند إليه رسمياً، أو شخصياً.
التدريس مهنته لم ينصرف عنها إلى عمل سواها، حتى لو كان العمل الخارجي يدر عليه أضعاف مرتبه من النقود منذ كان مدرساً في التعليم العام، مدرسة خالد بن الوليد المتوسطة، كان مثال التفاني والإخلاص، يذكر له هذا تلاميذه السعوديون ماضياً، المتسنمون مراكز قيادية، واجتماعية في الوقت الحاضر، لا يزال محمد إبراهيم علي مدرسهم في المرحلة المتوسطة يعيش في ذاكرتهم حياً بأسلوبه الأبوي، وجديته المخلصة وعطائه العلمي، والمعرفي.
محمد إبراهيم أحمد علي طالب الدراسات العليا في جامعة لندن مرجع أساتذته المستشرقين، وزملائه الدارسين فيما يشكل عليهم، أنهى دراسته كأحسن سعودي نال شهادته العليا الدكتوراه، نال إعجاب مشرفه، وزملائه، وكل من يدور في فلك جامعة لندن، حينها كان رمزاً للطالب السعودي في علمه، وسلوكه، وحسن تصرفه.
في جلسة من جلساته الأخوية المعتادة أسبوعياً، وتذكر أحداث تلك الفترة ختم حديثه بقوله: «أحمد الله أن الواحد منا لم يرتكب أمراً يؤدي إلى الهزء بالإسلام». تعليقاً على ما يبدو من سلوكيات وعادات من البعض في الوقت الحاضر عندما يذهب إلى بلاد الغرب.
عاد إلى الوطن، وكله حماس، وإخلاص للنهوض ببلده، ورفعة أبناء أمته، وقد تجلى هذا في إسهاماته المتعددة المتنوعة.
أسهم بنصيب وافر في النهوض بكلية الشريعة ومؤسسات التعليم العالي في جامعة أم القرى، وكانت له بصماته الواضحة في إنشاء كلية الدعوة وأصول الدين، ومركز البحث العلمي، ووضع المناهج في هذه الكليات، وأخيراً وكيلاً للدراسات العليا فأصلح فيها بقدر الجهد ما أفسد الدهر.
تتلمذ عليه في كلية الشريعة في جامعة الملك عبدالعزيز من أبناء هذه البلاد العزيزة، وأبناء البلاد الإسلامية على سعة امتدادها، طلاب أصبحوا منارات في بلادهم، لا يذكرون -من أساتذتهم وهم في مناصبهم العليا- وحقول أعمال إلا أستاذهم الدكتور محمد إبراهيم أحمد علي رحمه الله من بين كافة من مر بهم من المدرسين الذين تلقوا عنهم العلم في جامعة أم القرى.
لم يكن تدريسه تقليدياً بإلقاء، أو قراءة من كتاب، أو كتابة مذكرات تملأ وقت المحاضرة عادة بعض أساتذة الجامعات العربية، ثم ينصرفون، بل كانت محاضراته تكليف لطلابه بالبحث، وإعداد منهم للمادة، ومناقشة لما أعدوه، بل ربما كلفهم بإلقاء ما جمعوه وإعادته للمناقشة، والتصحيح والاستدراك.
يدينون له في تعليمهم الرجوع إلى المصادر، ومزاولة طرق البحث العلمي عملاً وتطبيقاً، وإثارة أفكارهم، وتنمية مواهبهم.
صريح لا يعرف المجاملة على حساب العمل، أو الحقيقة العلمية، ولو كلفه هذا غضب غيره منه.
حياة الأستاذ الدكتور محمد إبراهيم أحمد علي شريط ناطق لجلائل أعماله العلمية في التأليف التي يستمد منها أساتذة الجامعات في الحقل الفقهي أسس مادتهم الفقهية وبخاصة في الفقه الإسلامي المقارن، جدير بأن يلقب بأبي حنيفة الصغير، فقد عكف على تأليف بحوث وكتب هي مرجع دراساتهم، وتأسيس لفقيه واع بتراث أمته، يعرف من خلالها ما يأخذ منه وما يذر، كتاب مصطلح المذهب المالكي قضى في تأليفه ما يقرب من عشرين عاماً متوالية، ليس للمالكية إطلاقاً مثله، لم يشتغل أثناء تأليفه له بعمل آخر سوى التدريس لمادة الفقه المقارن.
حياته الخاصة هدوء وسكون، مدمن للقراءة، عاشق للمعرفة في جميع حقولها، انعكس هذا على تناوله للموضوعات التي يتحدث عنها، أو يكتبها، لا يملك سامعه إلا أن يصغي إليه، حسن إلقاء، وبيان واضح، فكر مرتب حصيف.
تعامله مع أهله ومعارفه رحمة لصغارهم، وشفقة لكبارهم.
غادر رحمه الله دنيانا الفانية دون إعلان وضجيج، والكل ثناء وحب، وتذكر لمحاسنه غادرنا قرير العين، هادئ النفس للقاء ربه في سكون وهدوء كما كانت سيرته في حياته وعز نشاطه ليلقى وجه ربه، وليلقى هناك مثوبته من رب كريم لما قدم من عمل لدينه وأمته، ليكون جزاؤه فضلاً من الله ورحمة جنات تجري من تحتها الأنهار «فرحمة الله قريب من المحسنين».


المصدر
 
إنضم
2 أغسطس 2008
المشاركات
43
التخصص
علم اجتماع
المدينة
المدينة المنورة
المذهب الفقهي
المالكي
نسأل الله أن يتقبل منه ومنكم الطاعات وأن يوفقنا للصالحات
اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّه صَالِحَ الأَعْمَالِ وَاجْعَلهَا خَالِصةً لِوَجْهِكَ الكَرِيمِ
لله قوم شروا لله أنفسهم . . . فأتعبوها بزجر الله أزمانا
أما النهار فقد وافوا صيامهم . . . وفي الظلام تراهم فيه رهبانا
أبدانهم أتعبت في الله أنفسهم . . . وأنفس أتعبت في الله أبدانا
ذابت لحومهم خوف الحساب غدا . . . وقطعوا الليل تسبيحا وقرانا
 
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
165
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
نجران
المذهب الفقهي
حنبلي
رحم الله الدكتور/ محمد إبراهيم علي وأسكنه فسيح جناته، وعوض الأمة بخلف خير له
 

همام النجدي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
30 أغسطس 2008
المشاركات
7
التخصص
داراسات اسلامية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
حنبلي
رحم الله الجميع
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح الجنان، وجمعه في سلك الأئمة العلماء العاملين .

وجزاكم الله خيراً، على هذه الترجمة الطيبة، التي تُشعل جذوة الطلب .
 
إنضم
26 يونيو 2008
المشاركات
57
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
000
المذهب الفقهي
مالكي
رحم الله الشيخ رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته
اللهم آمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــين
 
إنضم
17 يناير 2008
المشاركات
34
الكنية
أبو بشير، وأبو عائشة
التخصص
الفقه/ المذهب المالكي المقارن
المدينة
طوبى
المذهب الفقهي
باحث في المذهب المالكي المقارن
حُكم المنيةِ في البرية جـــــارِ * ما هذه الدنيا بدار قــــــرار
بينا يُرى الإنسان فيها مُخبِرا * حت يُرى خبَرا من الأخبار
رحم الله الفقيد- الدكتور محمد إبراهيم علي-، وأسكنه جنة الفردوس الأعلى، وأسأل الله تعالى أن يلهم الصبر والسلوان رفيق دربه، وصديق عمره: الشيخ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان، وأن يبارك في ذرية الفقيد، إنه سبحانه قريب مجيب.
حقا إنه- كما وصفه العارفون، وشهد له الصادقون- يصدق عليه قول الشاعر:
فتًى عِيشَ من معروفه بعد موته * كما كان بعد السيل مجراه مرتعا!
(إنا لله وإنا إليه راجعون).
 
إنضم
9 سبتمبر 2008
المشاركات
6
التخصص
تفسير
المدينة
ورقلة
المذهب الفقهي
مالكي
رحم الله شيخنا الكريم، وخلف للأمة من يسد ثغره آمين
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
شيخي الدكتور محمد إبراهيم أحمد علي (أبوحنيفة الصغير)

شيخي الدكتور محمد إبراهيم أحمد علي (أبوحنيفة الصغير)


شيخي الدكتور محمد إبراهيم أحمد علي (أبوحنيفة الصغير)
د. صالح بن عبدالله بن حميد *
لجينيات

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد، فقد اخترمت المنية قبل أيام قلائل شيخنا وأستاذنا القدوة العالم العلامة الفقيه البحّاثة المربي الأستاذ الدكتور محمد إبراهيم احمد علي - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

وإنني في هذه الأسطر- وأنا أرغب في تدوين كلمات وفاء وعرفان لأستاذي الجليل وشيخي العالم- أعترف بالقصور وبالتقصير- أما القصور فإن سيرته وحياته وشخصيته لا تفي بها الكلمات- وليس هذا مبالغة- وقد أفضى رحمه الله إلى ما قدم.

وأما التقصير فلأني أعترف بأني لم أكن متواصلا معه التواصل المطلوب مما يجب أن يعمل به تلميذ شيخه، ولو ذهبت أتلمس عذراً أو مبررًا فقد يكون:

أولا: لطبيعة الشيخ- رحمه الله- في حبه للعزلة وهي العزلة الإيجابية فهو قارئ نهم، وبحاثة متمكن، وحافظ وقته فيما يفيد.

وثانيا: طبيعة عملي التي جعلت إقامتي في مكة المكرمة- زادها الله شرفا وفضلا- غير منتظمة. وماهذا إلا نوع من الاعتذار او التعاذر، وإلا فحق الشيخ- يرحمه الله- عليّ كبير وعظيم، لا يفيد معه مثله هذه المسوغات والتبريرات وحسبه الدعاء له بالمغفرة والرضوان من الكريم المنان.

ثم إن كلمات الوفاء هذه ليست كلمات تمجيد أو عبارات ثناء وإن كان- غفر الله له- يستحق كل ثناء وكل تمجيد ولكني سوف أحاول ان اجلي شيئا من شخصيته العلمية وهو يحاضر لنا في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية قسم الشريعة في مكة المكرمة، عامي 90/91هـ و91/92هـ في السنتين الثالثة والرابعة في مادة الفقه من كتاب (الروض المربع).

لقد قال شيخنا الاستاذ الدكتور عبدالوهاب ابوسليمان وهو زميله الوفي وصديقه الحميم قال في مقالته المنشورة في صحيفة عكاظ العدد (15555) والتاريخ 2/4/1430هـ بعنوان (الدكتور محمد ابراهيم احمد علي مدرسة حياة) (.. لم يكن تدريبه تقليدياً بإلقاء أو قراءة من كتاب او كتابة مذكرات تملى وقت المحاضرة..) أ.هـ. وهذا ما أردت بيانه وتفصيله.

من المعلوم أن طرق التدريس تتنوع وبتنوعها تختلف درجة إفادتها للطلاب، فطريقة الحلقات والمساجد عند الشيوخ، إما بقراءة المتن على الشيخ ثم شرحه من قبل الشيخ وهي من أجدى الطرق وأنفعها لاسيما أن للطالب الحرية- بعد المشاورة مع شيخه- في اختيار الكتاب المناسب لعمره وميوله وقدراته وكذلك اختيار الوقت الملائم لظروفه، كما أن في طريقتهم قراءة الكتب المطولة من التفسير وشروح الحديث، وكتب التاريخ والسير وغيرها.

والطريقة النظامية في التعليم الحديث وبخاصة في التعليم العام بالالتزام بمنهج مفروض على الطلاب والمدرس في خطة محددة وزمن محدد- فصل دراسي أو عام دراسي- ثم امتحان في المنهج وهذا مفيد إفادة حسنة في التعليم العام. ولكن مع الأسف أن هذه المنهجية في التدريس والامتحان والتقويم قد انتقلت في اغلب جامعاتنا العربية ولا أقول انها تلقينية بحتة ولكنها لا تساعد على بث الروح العلمية وبعث الهمة نحو الإبداع لدى الطالب الجامعي.

أما طريقة شيخنا الدكتور محمد إبراهيم فطريقة فوجئنا بها لأنها على غير ما ألفنا ولقد استمتعنا بها لأنها فتحت لنا آفاق المعرفة وطرق التفكير وتوافقت مع ما يراه ويقصد إليه من ارتفاع مستوى الطلاب في هذه المرحلة الدراسية – المرحلة الجامعية- ولا سيما نهايتها وما ينبغي من تعويدهم على التفكير والبحث والنظرة الكلية الشمولية والاستقلال بالرأي وروح الابتكار والإبداع والاجتهاد المنضبط، وبخاصة في نظرته لمادة الفقه، فكانت طريقته –رحمه الله- ألا يقتصر اهتمامنا على المسائل الجزئية وفروع الأحكام وتحليل العبارات والجمل الفقهية بل حرص أن ينمي في الطلاب ملكة الاستنباط والنظر في علل الأحكام وإدراك القواعد والأصول الكلية ومقاصد الشريعة وقد كان ذلك منه على طريقتين:

الأولى: أنه حينما يقرأ فروع المسائل في الروض المربع يكلف الطلاب بالبحث عن العبارات الجوامع في الكتاب إن وجدت ومنها على سبيل المثال (الطلاق معتبر بالرجال). وإن لم توجد فإنه يأتي بقواعد من كتب القواعد ويبين للطالب كيف بنيت هذه الفروع عليها ومنها على سبيل المثال: (اليقين لا يزول بالشك) في بعض مسائل الطلاق وأشهد في هذا المقام أنه –رحمه الله- فتح لنا طريقة وطرقاً في البحث والتحليل والنظر، سواء في فهم العبارات الفقهية الجزئية أو في عودها وإعادتها إلى أصولها الكلية وقواعدها الفقهية. هذا بعض ما علق في الذاكرة من طريقته في التدريس رحمه الله.

أما ما عرف من سيرته –غفر الله له- فقد كان مثالياً غاية في المثالية في تواضعه وإنكاره لذاته وبعده عن المجامع العامة ليس ضعفاً ولا رغبة عن الناس والتعامل معهم، ولكن حرص منه على مجلسه ووقته في المحافظة عليه، وصرفه فيما يفيد من العلم وتحصيله ومذاكرته والبحث فيه، وهو يستقبل إخوانه وأصدقاءه، ومحبيه وطلابه، بحفاوة بالغة، وبذل كريم، فهو لطيف المعشر، عذب الحديث، يختار الكلمات، يحترز أن تصدر عنه كلمة نابية، أو عبارة ناشزة، فهو مرهف الشعور مؤدب وقور، في مجلسه فوائد وفي صداقاته تميز. ومع هذا الأدب الجم فإنه مثالي في الصرامة والوضوح وإحقاق الحق والمناقشة الموضوعية، بل انه يغبط على مثاليته وانضباطه الاجتماعي المستقيم وتدينه وصلاحه وإخلاصه، في علمه وعمله، وتعليمه وعلاقاته. لقد كان مثال الجدية في تعليمه وحرصه على طلابه ومتابعته لهم وإرشادهم والحرص على تفتيح مداركهم، وبث روح التفكير والبحث والثقة بالنفس.

أما إنتاجه الفكري وآثاره العلمية فإن شيخنا لم يكن كثير الإنتاج على الرغم من حفظه وقته واشتغاله بالعلم والبحث والمطارحات العلمية مع جلسائه من اهل العلم والفكر، بل أغلبهم متخصصون من زملائه ونوابغ تلاميذه، ومع هذا فإن له إنتاجاً حسناً، قليل في عدده رصين متين في نوعه وكيفه،وفي ربط بين الكمية والكيفية يأتي قول أستاذنا الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان –حفظه الله- وهو يعلق على مؤلفه: (مصطلح المذهب المالكي).

يقول: (قضى في تأليفه ما يقرب من عشرين عاماً متوالية، ليس للمالكية إطلاقاً مثله لم يشتغل أثناء تأليفه بعمل آخر سوى التدريس). أ. هـ، والكتاب ليس كبير الحجم مقارنة بما صرف فيه من السنين، ولكنه البحث والتمحيص، والتدقيق والعناية، التي جبل عليها شيخنا رحمه الله.

كما ألف كتابين، أحدهما: المذهب عند الحنفية، والآخر المذهب عند الشافعية، وقد حظيت بالقبول وترجمت إلى اللغات التركية والفارسية. وحقق مع زميله وصديقه أستاذنا الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان مجلة (الأحكام الشرعية) على مذهب الإمام أحمد، وكتاب (الجواهر الحسان في تراجم الفضلاء والأعيان من أساتذة وخلان) للشيخ زكريا بيلا –رحمه الله- واشتركا كذلك في بحث (التطور القضائي في المملكة العربية السعودية) وهو بحثٌ باللغة الإنجليزية، وكتب الدكتور محمد إبراهيم بحثاً عن المسؤولية الاجتماعية للفرد والدولة في القانون السعودي، وهو أيضاً باللغة الإنجليزية.

كما نقل – رحمه الله- إلى العربية بعض كتب الرحلات، ولقد قال فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان وهو زميله العارف به، الخبير بفقهه: (إن حياته شريط ناطق لجلائل أعماله العلمية في التأليف التي يستمد منها أساتذة الجامعات في الحقل الفقهي، أسس مبادئهم الفقهية، وبخاصة في الفقه الإسلامي المقارن جدير بأن يلقب بـ(أبي حنيفة الصغير).. الخ).

وبعد فهذه كلمات يسيرة ومقالة مختصرة عن هذا الشيخ الجليل، والعالم النبيل، تذكيراً بمقامه الكريم، وفضله العظيم، فجزاه الله عن العلم وأهله خيراً، وأحسن إليه فيما قدم، وغفر له من ذنبه ما تأخر وتقدم،وأبقى ذكره ولا حرمنا أجره، إنه سميع مجيب وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

إمام المسجد الحرام وخطيبه
ورئيس المجلس الأعلى للقضاء
 

السرخسي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
21 سبتمبر 2008
المشاركات
170
التخصص
عام
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
مالكي
رحمه الله واسكنه فسيح جناته .
 

حسام خالد محمد

:: متابع ::
إنضم
2 مايو 2009
المشاركات
6
التخصص
تفسير القرآن الكريم
المدينة
الرمثا
المذهب الفقهي
شافعي
أسأل الله الغفور الرحيم أن يتغمده بواسع رحمته هو وجميع أموات المسلمين وأن يرحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه
 

تركي حمد التميمي

:: مطـًـلع ::
إنضم
14 فبراير 2009
المشاركات
136
التخصص
جغرافيا
المدينة
بيشة
المذهب الفقهي
الحنبلي و ماثبت بالدليل
ليس غريباً عليك الوفاء أخي الشيخ
عبدالحميد بن صالح الكراني
:: المشرف العام ::
بارك الله فيك ونفع بك دين الله عزوجل
ورحم الله شيخناالدكتور محمد إبراهيم أحمد
رحمة الأبرار
وأسكنه اعلى الجنان اللهم آمين
 
أعلى