العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

"الذهب الأبريز في تحقيق أصول ابن ادريس"

إنضم
3 سبتمبر 2013
المشاركات
92
الكنية
أبو المعالي
التخصص
انثروبولوجيا
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
شافعي
(١)"الذهب الأبريز في تحقيق أصول ابن ادريس"
..

١-الاحتجاج بالقراءة الشاذة.
..
أمّا احتجاج الشافعي بالقران، فمعلوم بالضرورة...فهل كان يحتج بالقراءة الشاذة؟
١-ذهب جمع من محققي الأصحاب إلي عدم حجيتها عنده، وممّن رجحه:إمام الحرمين الجويني، حيث قال:
ظاهر مذهب الّشافعي: أنّ القراءة الشاذة لا يسوغ الاحتجاج بها، ولا تنزل منزلة الخبر الذي ينقله آحاد من الثقات.
وتبعه حجة الإسلام الغزالي، كما في المنخول ( ٢٨١)، والمستصفى(١/٢٩٣)، والآمدي في الإحكام(١/ ١٣٨).
وقال النّووي:
مذهبنا: أنّ القراءة الشاذة لا يُحتج بها، ولا يكون لها حكم الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
٢- وذهب آخرون إلى كونها حجة عنده، وأنّها تنزل منزلة الخبر عنه صلى الله عليه وسلم ، وممّن رجحه: الرافعي في شرحه الكبير( ١١/٢٤١) حيث قال:
والقراءة الشاذة تنزل منزلة أخبار الآحاد.
وبه قال جماهير أصحابه واعتمدوه، كما في رفع الحاجب للسبكي( ٢/٩٦) والإسنوي في التمهيد(١٤٣) ، والزركشي في البحر المحيط(١/٤٧٩).
قال الزركشي: وما قاله إمام الحرمين والنووي والآمدي جميعه= خلاف مذهب الشافعي، وخلاف قول جمهور أصحابه، فقد نصّ الشّافعي في موضعين من مختصر البويطيّ على أنّها حجة ، ذكر ذلك في باب الرضاع، وفي باب تحريم الحج..وجزم به الشيخ أبو حامد في الصيام و الرضاع، والماوردي في الموضعين أيضا، والقاضي أبو الطّيب في موضعين من تعليقته، أحدهما الصيام، والثاني في وجوب العمرة، والقاضي حسين في الصّيام ، والمحاملي في الأيمان من كتابه ( عدة المسافر وكفاية الحاضر )، وابن يونس في (شرح التنبيه) في ميراث الأخ لأم، وجزن به الرافعي في باب حد السرقة.
وقال في سلاسل الذهب(٨٩):
واعلم أنّ إمام الحرمين كثيرا ما يستنتج من الفقه مذهب الشافعي في أصول الفقه، كقوله: "إنّ الشافعي يرى أنّ القراءة الشاذة ليس بحجة" أخذا من عدم إيجابه التتابع في كفارة اليمين..وهذه طريقة الحنفية في كتبهم الأصولية، ويُقيدون من القواعد الأصولية..وهذه الطريقة غير مرضية، فإنّه يجوز أن يكون الفقيه قائلا بالمدرك الأصلي، ولا يقول بما لازمه المدرك في الفروع؛ لمعرض آخر اقتضى عنده القول بذلك..
واعتمد الخطيب في المغني(٣/٥٤٦)، وابن حجر القول بحجيتها كما التحفة(١٠/٥٢٠)، حيث قال:
والقراءة الشاذة يُحتج بها في الأحكام ، كخبر الواحد على المعتمد.
..
وممّا ينبني على ذلك:
١- أنّ الثلث فرض الاثنين فأكثر من الإخوة من الأم، لقراءة سعد بن أبي وقّاص- رضي الله عنه" وله أخ أو أخت من أم".
٢-اشتراط العَدد في الرضاع المُحَرّم.
٣-قطع يمين السارق، لقراءة ابن مسعود رضي الله عنه " فاقطعوا أيمانهما ".
..
وبالله التوفيق.
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: "الذهب الأبريز في تحقيق أصول ابن ادريس"

واعتمد الخطيب في المغني(ظ£/ظ¥ظ¤ظ¦)، وابن حجر القول بحجيتها كما التحفة(ظ،ظ*/ظ¥ظ¢ظ*)، حيث قال:
والقراءة الشاذة يُحتج بها في الأحكام ، كخبر الواحد على المعتمد.
.

وكذلك الرملي في النهاية

والقراءة الشاذة يحتج بها في الأحكام كخبر الواحد ،

http://library.islamweb.net/newlibr...553&idfrom=7252&idto=7299&bookid=25&startno=1


وكذلك شيخ الإسلام:

وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ كَالْخَبَرِ عَلَى الصَّحِيحِ

http://shamela.ws/browse.php/book-12036#page-371

وكذلك الدميري في النجم الوهاج:

والقراءه الشاذه كخبر الواحد في وجوب العمل, كما جزم به الرافعي والشيخ أبو حامد والقضاه: أبو الطيب والحسين والماوردي والمَحاملي, ونص عليه في موضعين من (البويطي).
وقال إمام الحرمين: الظاهر من مذهب الشافعي: أنه لا يحتج بها, فقلده في ذلك المصنف فجزم به في (شرح المسلم) في قوله: (شغلونا عن الصلاه الوسطى صلاه العصر) وفي غيره, والصواب: الأول.

http://shamela.ws/browse.php/book-13783#page-4399
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: "الذهب الأبريز في تحقيق أصول ابن ادريس"

إذاً فهذه تُعد من المسائل التي اتفق المتأخرون على سهو الإمام النووي فيها واتفقوا على اعتماد ما اعتمده الرافعي

فيكون معتمد المذهب في هذه المسألة ما اعتمده الرافعي بلا نزاع بين المتأخرين


 
إنضم
3 سبتمبر 2013
المشاركات
92
الكنية
أبو المعالي
التخصص
انثروبولوجيا
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
شافعي
رد: "الذهب الأبريز في تحقيق أصول ابن ادريس"

(٢) الذهب الإبريز في تحقيق أصول ابن ادريس.
..

الزيادة على النصّ.

..

الزيادة على النصّ(القران) هل هي نسخ؟

١- المراد بالزيادة على النصّ: كل حكم زائد من الدليل الظّنّي في المسألة التي نُصّ على حكمها في القران الكريم.

٢- تحرير محل النزاع:
الزيادة إما أن تكون مستقلةأو غير مستقلة..فإن كانت مستقلة فإما أن تكون من جنس المزيد عليه، أو من غير جنسه.
وأما إن كانت غير مستقلة، فإما أن تكون مقارنة للمزيد عليه، أو متأخرة عنه..فالأقسام أربعة:

أ- الزيادة المستقلة من جنس المزيد عليه، كزيادة صلاة سادسة على الصلوات الخمس، وكزيادة العمرة على الحج= فلا تكون نسخا للمزيد عليه إجماعا، لأنها لم ترفع حكما شرعيا.

شذّ بعض العراقيين، فقالوا: بالنسخ، لأن زيادة صلاة على الخمس، تخرج الصّلاة الوسطى المأمور بالمحافظ عليها في قوله تعالى: " حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى " عن كونها ويطى، فكانت نسخا!

قال السيف الآمدي(٣/١٥٤):وهو غير صحيح لوجهين:
الأول: أن النسخ إنّما يكون لحكم شرعي على ما تقدم، وكون العبادة وسطى= أمر حفيقي ليس بحكم شرعي.

الثاني: أنّه يلزم عليه أن لو أوجب الشارع أربع صلوات، ثمّ أوجب صلاة خامسة أو زكاة أو صوما أن يكون نسخا، لإخرتج العبادة الأخيرة عن كونها أخيرة، وإخراج العبادات السابقة عن كونها أربعا ، وهو خلاف الإجماع.
وانظر المحصول(٣/٣٦٣)، والإبهاج(٢/٢٨١)، ورفع الحاجب(٣/١٢١)، ونهاية السول(١/٦١٣).

ب- الزيادة المستقلةمن غير جنس المزيدعليه، كزيادة وجوب الصيام، أو الزكاة بعد وجوب الصلاة= فلا تكون نسخا لحكم المزيد عليه إجماعا، لأنها زيادة حكم في الشرع من غير تغيير للأول.

ج- الزيادة غير المستقلة المقارنة للمزيد عليه كورود ردّ الشهادة في حدّ القذف، مقارنا للجلد، فلا تكون أيضا نسخا وفاقا، لعدم الإنفصال.

د-الزيادة غير المستقلة المتأخرة عن المزيد عليه تقييد، يجوز القول بالنسخ في ذلك القدر من الزمان، كزيادة شرط الإيمان في رقبة الكفارة، ويادة التغريب على الجلد في حدّ الزنى..فاختلفوا فيه على مذاهب ستة..

المذهب: أنّها ليست بنسخ، بل هي تخصيص، أو تقييد..
قال السبكي في جمع الجوامع(١/٤٩٩):
أما الزيادة على النصّ ، فليست بنسخ.
ونحوه في المحصول(٣/٣٦٤)،والإحكام(٣/١٥٤)، ونهاية السول (١/٦١٣)، والبحر المحيط(٤/١٤٣).

واحتجوا:
١- بأن النسخ يُلجأ إليه عند تعذر الجمع، والجمع سائغ بحمل المطلق على المقيد.
٢- أن الجمع إعمال الدليلين، وهو أولى من إعمال أحدهما وإهمال الآخر.

ممّا يتفرع على هذا الأصل:
١- وجوب النية في الوضوء، لقوله صلى الله عليه وسلم " إنّما الأعمال بالنيات.. " خلافا للقائلين بأن الزيادة نسخ، وهم الحنفية.
٢- وجوب الترتيب في أعضاء الوضوء، لفعله - عليه السلام - المبين للوضوء المأمور به.
ولعموم قوله " ابدؤا بما بدأ الله به " رواه النسائي(٢٩١٣) وغيره، وهو في الصحيحين بلفظ : " أبدأ بما بدأ الله ".
٣- لا تحلّ المطلقة ثلاثا لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره ويطأها، ثم يفارقها، وتنقضي عدتها. أمّا مجرد عقده عليها، فلا يبيحها للأول. خلافا لابن المسيب.
٤- القضاء بشاهد و يمين في الأموال، لما ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنه ، أنّه صلى الله عليه وسلم -" قضى بيمين وشاهد". رواه مسلم (٣٢٣٠).
..

وبالله التوفيق.
 

د. محمد بن عمر الكاف

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
20 مايو 2009
المشاركات
326
التخصص
فقه
المدينة
المدينة المنورة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: "الذهب الأبريز في تحقيق أصول ابن ادريس"

إذاً فهذه تُعد من المسائل التي اتفق المتأخرون على سهو الإمام النووي فيها واتفقوا على اعتماد ما اعتمده الرافعي

فيكون معتمد المذهب في هذه المسألة ما اعتمده الرافعي بلا نزاع بين المتأخرين


ليس سهوا.. إذ لم ينصوا على أن الإمام النووي سها.. بل هي من المسائل القليلة جدا التي قدم فيها الرافعي على النووي، ونحتاج إلى نظائر لهذه المسألة لنعرف ما هو سبب العدول عن ترجيح النووي.. ومنها مسألة أدعية أعضاء الوضوء.. حيث رجح الرملي قول الرافعي في استحبابها .. خلافا للنووي..
بحث جيد وموفق.. أحسنتم جدا.. استمروا بوركتم ..
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: "الذهب الأبريز في تحقيق أصول ابن ادريس"

ومنها مسألة أدعية أعضاء الوضوء

لكن هناك فرق فمسألة أدعية أعضاء الوضوء مختلف فيها بين المتأخرين فمنهم من اعتمد تصحيح النووي ومنهم من اعتمد تصحيح الرافعي
http://feqhweb.com/vb/showthread.php?t=18036&page=2&highlight=%CF%DA%C7%C1+%C7%E1%C3%DA%D6%C7%C1


بعكس مسألتنا التي لا خلاف بين المتأخرين على تقديم تصحيح الرافعي فيها على تصحيح النووي مما يجعلها من النوادر

والله أعلم
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
إنضم
3 سبتمبر 2013
المشاركات
92
الكنية
أبو المعالي
التخصص
انثروبولوجيا
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
شافعي
رد: "الذهب الأبريز في تحقيق أصول ابن ادريس"

(٣) الذهب الإبريز في تحقيق أصول ابن إدريس
..
٣- القواعد المتعلقة بالسّنّة فيما يتعلق بفعله عليه السلام.


- فما كان من أفعاله جبليا كالأكل والشرب، فهو للإباحة، إلا ما ما دل عليه الدليل أنّه للندب، كأكله باليمين، وأمره للغلام بذلك في قوله، " يا غلام سمّ الله وكل بيمينك ، وكل ممّا يليك" رواه البخاري(٤٥٥٧)، ومسلم(٣٧٦٧).

-وما كان من أفعاله بيانا للآية، كصلاته ونسكه، وقطعه كفّ يمين السّارق، فالبيان تابع للمبيّن في الوجوب والندب وغيرهما من الأحكام وفاقا.

-وما كان من أفعاله خاصا به عليه السلام ، فلسنا متعبدين به وفاقا، كزيادته في النكاح على الأربع.

-وما كان من أفعاله مترددا بين كونه جبليا، وكونه شرعيا، ففيه تردد، فمن ترجّح عنده كونه شرعيا، قال باستحبابه، ومن لا، فلا.. ومثاله:

ما جاء عن عائشة- رضي الله عنها ، قالت: " كان النّبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن" رواه البخاري(١١٠٧)، ومسلم(١٢٥٦).
المترجح عند الشافعية الجانب الشرعي في فعله هذا، فقالوا باستحبابه، وذلك لما جاء في سنن أبي دواد ،وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه ".
..

- أمّا ما سوى ذلك من أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم فعلى أقسام :

أ- ما علمت صفته من وجوب أو ندب أو إباحة، فأمّته صلى الله عليه وسلم مثله في ذلك وفاقا.

..

ب- فعل الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لم تُعلم صفته من وجوب، أو ندب، أو إباحة، وظهر فيه قصد القربة، فالمذهب أنّه للندب، وفاقا للحنفية.

قال التاج السبكيّ:

(( ويُخصّ الندب مجرد قصد القُربة ))

ومثله في البرهان(١/٣٢٢)، والإحكام(٢/١٤٨)، ونهاية السول(٢/٦٤٥)، والبدر الطالع(٢/١٤٩)، وغاية الوصول(٩٢)..

واحتجوا:

بأنّ التأسي به حسنة، وأدنى درجات الحسنة=المندوب، فكان محمولا عليه، وما زاد فهو مشكوك.
قال تعالى" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر.."

وممّا يتفرع عليه:
١- استحباب الدعاء عند دخول الخلاء، لفعله صلى الله عليه وسلم.
٢- استحباب قراءة يورة السجدة في الركعة الأولى من فجر الجمعة، وسورة الدهر في الثانية.
٣- استحباب صيام يو الأثنين والخميس.

..
ج- ما تُعلم صفته من وجوب، أو ندب، أو إباحة، ولم يظهر فيه قصد القربة، ففيه خلاف مشهور في المذهب :

الأول: أنّه للوجوب، وبه قال متأخروا الأصحاب.
قال التاج السبكي:
((وإن جهلت صفة الفعل، فللوجوب))

ومثله في البدر الطالع(٢/١٤٩)، وغاية الوصول(٩٢)، والتعرف (٦٥)، والبحر المحيط(٤/١٨٢).

واحتجوا:
بأنّ الفعل متردد بين الإباحة، والندب، والوجوب، فحمله على الوجوب أحوط، لأنّ الواجب ندب وزيادة، ولأنّ فيه تحقق براءة الذمة.

الوجه الثاني: أنّه للندب، وهو الذي نسبه بعض الأصحاب إلي الشافعي رضي الله عنه، وبه قال الأكثرون فيما ذكره الماوردي و الروياني.
قال في البحر(٤/١٨٣): نقل القول بالندب القاضي، وابن الصّباغ، وسليم عن الصّيرفي، والقفال الكبير..، ونسبه القاضي أبو بكر إلي أصحاب الشافعي، وقال ابن القشيري: في كلام الشافعي ما يدل عليه. وقال الماوردي والروياني: إنّه قول الأكثرين، وأطنب أبو شامة في نصرته.

ونسب القول بالندب إلى الشافعي، إمام الحرمين في البرهان(١/٣٢٢)، والرازي في المحصول(٣/٢٣٠)، والسبكي في الإبهاج(٢/٢٩٠).

واحتجوا :
بأنّ الندب راجح على الإباحة، والوجوب منتفٍ لكونه خلاف الأصل، فتعين الندب لأنّه المتيقن.
قال تعالى:" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر.. "

.
-واختار إمام الحرمين والآمدي كونه للإباحة.

واحتجوا بأنّ الإباحة، هي المتيقن من فعله عليه السلام عند عدم القرينة، وذلك لكون مأذون له في فعله، وأقل درجات الإذن هو الإباحة، وأما الندب و الوجوب ففيهما زيادة، والأصل عدمها، فتعينت الإباحة.


-وبنى عليه ابن حجر فروعا كثيرة في التحفة، منها:

١- جواز تقبيل وجه الميت لأهله، لحديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّل عثمان بن مظعون رضي الله عنه بعد موته" رواه أبو دواد(٢٤٣٦)، والنسائي(٢٣١٨).

قال ابن حجر(٤/١٦٤):
يجوز لأهل الميت ونحوهم، كأصدقائه تقبيل وجهه، لما جاء أنّه قبّل وجه عثمان بن مظعون رضي الله عنه بعد موته.

٢- جواز الركوب عند الرجوع من الجنازة، لما رواه جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم علىنازة أبي الدّحداح ، فلمّا رجع أتي بفرس معروري، فركب، ومشينا معه" روا مسلم(٢٢٣٥)

قال ابن حجر:
ولا يكره الركوب في الرجوع من الجنازة، لفعله صلى الله عليه وسلم ، رواه مسلم، بخلافه في الذّهاب بلا عذر.

..
وبالله التوفيق.
 
أعلى