العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الروم أسرع الناس إفاقة بعد مصيبة لكن بعد خراب مالطا!! [تأملات في انهيارات الكيانات الرأس مالية]

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الروم أسرع الناس إفاقة بعد مصيبة
لكن بعد خراب مالطا!!
[تأملات في انهيار الكيانات الرأس مالية]

في صحيح مسلم عن المستورد القرشى أنه قال عند عمرو بن العاص:
سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
« تقوم الساعة والروم أكثر الناس ».
فقال له عمرو: أبصر ما تقول.
قال: أقول ما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
قال: لئن قلت ذلك إن فيهم لخصالا أربعا:
1- إنهم لأحلم الناس عند فتنة.
2- وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة.
3- وأوشكهم كرة بعد فرة.
4- وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف.
وخامسة حسنة جميلة:
5- وأمنعهم من ظلم الملوك."([1])
وفي رواية أخرى للحديث:
( وأجبر الناس عند مصيبة )
وفى رواية:
(وأصبر الناس عند مصيبة )
قال القاضي عياض:
والأول أولى لمطابقة الرواية الأخرى: ( وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة ) وهذا بمعنى أجبر.
وفى بعض النسخ:
( أخبر بالخاء المعجمة )


يقول النووي:
ولعل معناه أخبرهم بعلاجها والخروج منه.([2])
يقول الشيخ الألباني في تعليقه على مختصر صحيح مسلم:
" قال صديق حسن خان في الشرح:
لم يشرح النووي هذا الحديث ولم يبين المراد بـ (الروم )، والظاهر أنهم النصارى، وهذه الخصال الخمسة موجودة فيهم، وهم ولاة الأمر اليوم في أكثر الأرض، وهذه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث وقع ما أخبر به مطابقاً لنفس الأمر، ولله الأمر من قبل ومن بعد " ا- هـ.
يقول علي بن نايف الشحود في "المفصل في الرد على شبهات أهل الإسلام":
هذا في زمان صديق حسن خان .. فكيف لو نظر إليهم وهم في زماننا .. وكيف أنهم قد سادوا على البلاد والعباد؟!
وأقول:
سياق هذا الحديث بآيته النبوية:
في بقاء الروم، وأن الساعة لا تقوم إلا وهم أكثر الناس، بجانب الحديث الآخر في وصف الروم بأنها ذات القرون، أما الفرس فنطحة، أو نطحتان، ثم لا فارس بعدها.([3])
ثم تفسير عمرو بن العاص رضي الله عنه وهو أحد دهاة الإسلام وعباقرتهم الكبار:
لهذا الحديث وقراءته لأسبابه من خلال نظرة عميقة ودقيقة استطاع أن يكشف بها أسباب بقاء الروم محللا ومشخِّصاً التركيبة الرومية ذاتها.
وكأنه يقول:
ذاك نبي يوحى إليه، وأنا تلميذه بين يديه.
فذاك الحديث...
وهذا الأثر ...
كل واحدٍ مهما كافٍ عن أية فلسفة...
فنسلِّم للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم صدق نبوءته.
ونسلِّم للصحابي الجليل صدق كشفه.
ولن نستغرق في التفقه على هذا الحديث كثيرا...
أو في التفقه على هذا الأثر ملياً...
وإن كان كل واحدٍ منهما يصلح أن يكون بمفرده مبحثاً برأسه.
فإنا نظن ظن اليقين أن كل زيادة عليهما - مِنْ غير هذا القبيل - ما هي إلا منقصة لصاحبها لا لغلط هذه الزيادة، ولا لقصورها...
ولكن لأن أسطحة الجداول لا تصلح بحال أن تكون أسقفاً للبحار، بامتداداتها، وبأعماقها.
ولذا فنحتفظ بقطرات تأملاتنا وبكيزان أدواتنا إلى مقام آخر حتى يراها الناس، أما مع هذا الحديث، وأما مع هذا الأثر، فإنا نبقى على أنفسنا بصمت، نصدق، ونؤمن، ثم نعيد، ولا نزيد.
----------------------------
وقد نقلنا من علم اليقين إلى حيث عين اليقين بل إلى حقيقتها:
ما وقع فيه العالَم اليوم مِن الأزمة المالية الطاحنة...
بل هي التي ذكّرني بتيك النصوص،،،
وهي التي أسمعتني جرسها،،،،
وهي التي أرتني ضوأها ،،،،
فما رأيتني إلا منيخٌ حيث أطنابها...
فكأنك تسمع وترى...
وكأنك تحس وتتخيل...
وكأنها رؤيا تتحقق...
يراها اليقظان ولا يدري متى رآها...
لقد أتى أمر الله....
فعُصِفت الكيانات المالية الكبرى في العالم وانقلعت جذورها.
حتى وصل ما خسرته الأسواق العالمية خلال أسبوع واحد ما حجمه 25 تريليون دولار، وحجم الخسائر الأمريكية لوحدها أكثر من عشرة تريليونات دولار.
ويحتفظ تاريخ الأسواق في العادة بيوم أسود تكون قد هوتَ فيه ...
فهؤلاء يومهم الاثنين الأسود، وهؤلاء يومهم الثلاثاء الأسود، وهكذا حتى اقتسموا أيام الأسبوع السبعة، واختصموا في بعضه....
بيد أنها جميعاً في هذه اللحظة قد احتفظت كلها بأسبوع أسود بتمامه قد غيمت ظلاله من أدني الأرض بأطرافها اليابانية إلى أعلى أبراجها الكولالمبورية إلى منحدر قاعي البرجين العملاقين حيث معقل الرأسمالية.
ومن هول هذا الحدث...
ومن هول عدد الضحايا....
ومن هول هذا الركام الذي خلَّفه هذا الأمر الأَمَرّ وهذه الداهية الدهياء...
تنازع المحللون، وبل وفلاسفتها الكبار...
بوصف ما حارت فيه أبصارهم...
فهذا يجزم بأنا نعترك في دخان الحرب العالمية المالية الثالثة...
أو أنها صورة أخرى مِنْ أمواج تسونامي! ...
لكن الذي نجزم نحن به، هو أنه مصداق قوله سبحانه:
{وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر}
لقد انتشلت هذه الحرب العاصفة....أو هذا التسونامي العريض....
فيما انتشل أسواقَ العالَم برمتها...
وإن الخسائر التي منيت بها الولايات المتحدة الإمريكية جرَّاء هذه الانهيارات الضخمة لتربو بأضعاف مضاعفة ما خسرته من تحطم البرجين العملاقين وما تبعه من تداعيات وحروب طاحنة ضُخَّ في سبيلها ملايين الليترات من دماء المسلمين.
{فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام}
لكن ما الذي ذكرني بأثر عمرو بن العاص؟
سأخبركم الآن:
مع كل ما سبق، ومع أن هذه هي أصعب اللحظات التي مرت عليهم منذ الكساد العظيم في قرن مضى بل قيل إن ذاك الكساد لم يكن سوى نزهة في هذا التيار الجارف..
فمع هذا كله فقد اجتمع قادة الغرب في سرعة وخفة لا يشبهها إلى ما حُكِّينا عن الجن وما جاء في لطافة أجسامهم ونوادر أخبارهم...
فحسموا أمرهم... فكفَّنوا...فشيَّعوا...فدفنوا بأيديهم نظامهم الحر، ليرجع عبداً مأمورا...
وأصبح النظام الرأس مالي: نظاماً مالياً بلا رأس، أو رأساً بلا مال...
بئس ذاك الرأس أن عاد مشدوخاً مشروخا
بئس ذاك الرأس أن عاد بالذمم مشغولا مذموما.
وقبل قليل كان في أوج ازدهاره، فناطحاته تستبق في كسر حاجز الكيلو طولا، وتتهيء إلى مداعبة الميل، ولما، وفي عقر داري "جدة".
وقبل قليل قبرت الماركسية في حديقته الغناء ، فعاد اليوم قبراً مقبورا...
فاصطف هذان التابوتان في أقل من عقدين، ليكملا صحبتهما في باطن الأرض.
لكن كيف قبرت الرأسمالية في عرشها، وكيف رضيت أن تحفر قبرها بيديها؟؟
إنه القرار الصعب...
لقد تدخلت الحكومات بكياناتها المالية في إنقاذ هذا الاقتصاد الذي تهاوى وهو في طريقه إلى التلاشي...
ولتمت الرأسمالية ...
إبقاء لأنفسهم...
وتداركاً لما يمكن أن يتدارك...

فلقد انكشفت اللعبة...
ولقد افتضح المجرمون....
لقد رأينا في هذه الانهيارات حرب الله ورسوله، فهوت قواعدهم على رؤوسهم.
ورأينا فيها أيضا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من بقاء الروم أكثر الناس، ولا يمضي يوم ولا لحظة إلا والساعة قد اقتربت.
ورأينا فيها أيضاً سرعة إفاقتهم بعد مصيبتهم، فهم أسرع الناس إفاقة بعد مصيبة وأصبرهم عليها وأخبرهم لعلاجها وأجبرهم لكسرها.
لكن هنا أمر ما لا بد أن نتنبه له وهو:
أن تدخل هذه الدول كان تدخلا حاسما لكن لم يبذل مجانا بلا ثمن؛ لقد كان في مقابل أمرين هما من الخطورة بمكان، فقد ألجأتهم ضراوة الأزمة وشدة سعيرها إلى أن يرضوا، فيقنعوا ببذلهما في مقابل إنقاذ ما تبقى، وهما:
1- إعلان انهيار الرأسمالية الحرة، ودفنها بكامل عجرفتها وبكل زينتها.[وهذا سهل وهو في صالحهم وفي صالح العالَم، وقد دعا إليه كبار علمائهم، وخلص نصحائهم، وصفوة عقلائهم، وعباقرة فلاسفتهم]
2- وهو الأخطر: [وهو ربط حتف هذه الاقتصادات برؤوس هذه الدول] فقد أصبحت هذه الدول بتدخلها في رؤوس الأموال شريكة رئيسية لهذه الاقتصادات، وهي بهذا تتجاوز الإشكالات الآنية ومخاطرها التي عرضت لتلك الاقتصادات، لكن لو أنها تأثرت مستقبلا فإن رؤوس هذه الدول ستسقط شنقا، وقد دقت نواقيسها في آيسلندا.

([1]) [هذا الحديث مما استدركه الدارقطنى على مسلم]

([2]) شرح النووي على مسلم (18/ 24)

([3]) [رواه ابن أبي شيبة، والحارث بن أبي أسامة مرسلا.]
 
التعديل الأخير:

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
جزاك الله خيراً ...
وهي دروس بحاجة إلى تفعيلها؛ وبخاصة من النخب.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جزاك الله خيراً ...
وهي دروس بحاجة إلى تفعيلها؛ وبخاصة من النخب.
جزاك الله خيرا، وبارك فيك
بالمناسبة الموضوع كتب في رمضان أو في أيام عيد شوال المنصرم، ثم شغلت عنه.
ولقد ذكرني به مقالات زميلي الشيخ عادل ريان في موقع الفقه الإسلامي: قراءة في كتاب الأزمة المالية العالمية "رؤية إسلامية"(2-4)

وشعرت أن الموضوع يفتقر إلى وحدة الموضوعية، وفيه شيء من التفكك...

لعلي إذا نشطت عدتُ إليه، وإنما عجلتُ بإنزاله الآن لأن الأزمة شبت نارها مرة أخرى.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يرفع، فاليوم اجتماع لندن في قمة العشرين
والمحاولات حثيثة لانتشال ما تبقى
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
تبنت قمة العشرين التي عقدت بلندن أمس عدة تدابير هي الأضخم في التاريخ لإنعاش الاقتصاد العالمي والحيلولة دون تكرار الأزمة المالية...
المصدر: الجزيرة نت.
 
التعديل الأخير:
إنضم
17 يناير 2008
المشاركات
34
الكنية
أبو بشير، وأبو عائشة
التخصص
الفقه/ المذهب المالكي المقارن
المدينة
طوبى
المذهب الفقهي
باحث في المذهب المالكي المقارن
أشكر الأخ الكريم على هذه النفحات من التنبيهات النافعة لما في الحديث النبوي من الآيات والبراهين التي لا تفتأ تؤكد أن رسالة الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم حق لا ريب فيها، وأنها خاتمة الرسالات فلا دين صحيحا ولا نبوة بعدها إلى قيام الساعة، غير أني أذكر بما في إفاقة الروم الاقتصادية الأخيرة السريعة من الخطورة على بعض دول العالم الإسلامي الثرية؛ فالقوم يسعون بمكر ودهاء إلى تعويض خسائرهم الباهرة من بيت مال المسلمين؛ ليضيفوا إلى سجلهم في التلصص ملفا آخر، أسأل الله تعالى أن يجنب المسلمين شرور الكافرين، وأن يعيذهم سبحانه من شرور أنفسهم.
واخيرا؛ فالصواب في الآية التي أوردها أخونا الفاضل في مقاله هذا هو: (فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام)، أي دون كلمة (غافلا)، فقد وردت هنا سهوا، ولعله سبق قلم! وشكرا.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جزاكم الله خيرا على ما أفدتم
تم حذف الكلمة الزائدة التي أقحمتها سهوا في الآية.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رأي خاص، الأزمة المالية العالمية ستغير وجه العالم .
 
أعلى