العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

السياســة العادلــة والشريعة الـكــامــلــة

د.محمود محمود النجيري

:: مشرف سابق ::
إنضم
19 مارس 2008
المشاركات
1,171
الكنية
أبو مازن
التخصص
الفقه الإسلامي
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
الحنبلي
السياســة العادلــة
و
الشريعة الـكــامــلــة



تلتبس العلاقة بين الدين والسياسة على كثير من الناس، فبينما يرى فريق أن السياسة جزء من الدين، يرى فريق آخر الفصل بين الدين والسياسة. والحقيقة في هذا الأمر نتبينها من تعريف ابن عقيل للسياسة يقول: "السياسة ما كان من الأفعال بحيث يكون الناس معه أقرب إلى الصلاح وأبعد من الفساد".
وإن الأمور التشريعية والتنظيمية والتنفيذية التي تحقق المصلحة المعتبرة شرعًا هي من الدين وإن لم يرد فيها نص شرعي يخصها من الكتاب والسنة. ولهذا كانت (المصالح المرسلة) من أدلة الأحكام في الشريعة الإسلامية. والمصالح المرسلة هي المصالح التي لم ينص عليها الشارع بدليل خاص بالاعتبار أو الإلغاء.

والالتباس في أفهام البعض للعلاقة بين الدين والسياسة يأتي من التقصير في معرفة حقيقة ما بعث الله به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. فإن الله تعالى أرسل رسله، وأنزل كتبه؛ ليقوم الناس بالقسط، وهو العدل الذي قامت عليه السموات والأرض . قال الله سبحانه: [ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ] [الحديد:25]
فإذا ظهرت أمارات الحق، وقامت أدلة العقل، وحكمت الفطر بأي طريق كان، فثمَّ شرع الله وأمره الذي يحبه ويرضاه، يقول الله تعالى: [ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {6{ ] [ المائدة].
والله تعالى لم يحصر طرق العدل وأدلته في نوع واحد يبطل ما سواه من مسالك الحياة، بل الطرق الأقوى والأظهر أقرب إلى الشرع، والشرع أوضح أن مقصوده إقامة الحق ونشر العدل، وقيام الحياة على القسط، فأي طريقة يتوصل بها إلى الحق ومعرفة العدل وجب الحكم بموجبها ومقتضاها، فما يؤدي إلى الحق هو من الشريعة ضمنًا، ولا يظن بالشريعة الإسلامية الكاملة، خلاف ذلك، ولا يمكن لأحد أن يقول إن السياسة العادلة مخالفة للشريعة الكاملة, بل السياسة العادلة جزء من الشريعة الكاملة، وباب من أبوابها، وتسميتها سياسة أمر اصطلاحي، وإلا فإن كانت عدلا فهي من الشرع.
وأمثلة السياسة الشرعية كثيرة من أعمال النبي- صلى الله عليه وسلم- فقد حبس متهمًا وعاقب آخر لمَّا ظهرت أمارات الريبة على المتهم. ومنع الغال- أي الذي سرق من الغنيمة- أن يأخذ سهمه منها. وصادر شطر مال مانع الزكاة. ومن ذلك أن أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- أقاموا الحد في الزنا بمجرد الحبل من الزانية، وفي الخمر بالرائحة والقيء من شاربها, وهذا هو الصواب، فإن القيء والرائحة والحبل دليل على الشرب والزنا بما لا حاجة معه إلى بيِّنة، ولا يليق بشريعتنا الكاملة إلغاء أقوى الدليلين و ترك الحكم بالقرائن.
ومن ذلك أيضًا تحريق عمر بن الخطاب قصر سعد بن أبي وقاص لمَّا احتجب عن رعيته، كما حرق أبو بكرالصديق - اللوطي، وألقاه الإمام عليّ من شاهق على رأسه. كما حرق عثمان بن عفان المصاحف المخالفة للمصحف الذي جمع الناس عليه، وهو الذي بلسان قريش ... ومن ذلك استخلافه وترشيحه عددًا من الصحابة ليختار المسلمون الخليفة من بينهم. ومن ذلك جمع أبي بكر للقرآن، ونسخ عثمان للمصحف الإمام. وهذه السياسات العادلة، وغيرها مما عمل به سلف الأمة مشتقة من أصول الشريعة وقواعدها.
وقسم بعضهم طرق الحكم إلى شريعة وسياسة ، كتقسيم غيرهم الدين إلى شريعة وحقيقة، وهذا تقسيم باطل، فالسياسة والحقيقة تنقسم إلى قسمين أحدهما صحيح, والآخر فاسد. فالصحيح قسم من أقسام الشريعة, وليس ندًا لها. والسياسة الباطلة ضد الشريعة . والقاعدة الأساسية في ذلك هي عموم رسالة النبي- صلى الله عليه وسلم، وشمولها لكل ما يحتاجه الناس في العلم والعمل. فرسالته شافية كافية في كل حق وعدل يصلح الحياة الدنيا، ولا يتم إيمان إنسان إلا باعتقاد ذلك والعمل به. ومصالح العباد تتحقق بمنطوق الشريعة أو بمفهومها، بنصوصها وقواعدها العامة وأسرارها وروحها . فالشريعة عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها.
[ وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً {27} يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً {28} ] [ النساء].
 
التعديل الأخير:

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,134
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
شكر الله لكم د. محمود على تسارع مشاركاتك؛ فضلا على انتقائها الملحوظ.
ونحمد لك إرفاقها بملف خاص
يبقى استئذانك في نشر بعض مشاركاتك لأعضاء الملتقى على كليشتة الخاصة به؛ ليعم نفعها
والله يحفظك ويرعاك.
 

د.محمود محمود النجيري

:: مشرف سابق ::
إنضم
19 مارس 2008
المشاركات
1,171
الكنية
أبو مازن
التخصص
الفقه الإسلامي
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
الحنبلي
إذن عام بنشر مشاركاتي

إذن عام بنشر مشاركاتي

أعطي الإذن لكل راغب في نشر مشاركاتي الواردة في ملتقى المذاهب الفقهية، بشرط الإحالة، والتزام الأمانة. والله الموفق.
د.محمود النجيري
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
نفع الله بكم
 
أعلى