العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الفخر الرازي، والفقه، والنصر على الأعداء ..

إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
الإمام الفخر الرازي رحمه الله تعالى؛ الفقيه الأصولي المفسّر، الشّافعي المذهب، صاحب التفسير الكبير، المسمّى : "مفاتيح الغيب" .

لا أعلم أنّ له كتاباً مستقلاً في الفقه، إلا أنّ القارئ لتفسيره يجده على أتمّ ما يكون من الاطلاع، ومعرفة الخلاف، والكلام في مآخذ الفقهاء وأدلتهم، الأمر الذي لا يملك القارئ إلا أن يسلّم ببراعته في الفقه، كما هو حاله في علوم كثيرة .

والعجيب حقاً، أنه في الكثير من الأحيان يحلّق في سماء الاستنباط، لِيتحفَ القارئ بألوانٍ من المسائل التي قد تخطر بالبال، وأخرى لا تخطر، بل قد يستطرد أحياناّ في استنباط الفقهيات حتى يبلغ في ذلك مبلغاً عظيماً، كما فعل عند تفسيره لآية الوضوء في سورة المائدة، حيث ذكر فيها مائة مسألة على التمام والكمال، حتى إذا انتهى من ذلك قال :

"فهذا جملة الكلام في المسائل الفقهية المستنبطة من هذه الآية، وهو مائة مسألة، وقد كتبناها في موضع ما كان معنا شيء من الكتب الفقهية المعتبرة، وكان القلب مشوّشاً بسبب استيلاء الكفار على بلاد المسلمين، فنسأل الله تعالى أن يكفينا شرّهم، وأن يجعل كَدَّنا في استنباط أحكام الله من نصّ الله سبباً لرجحان الحسنات على السّيئات، إنه أعزّ مأمول، وأكرم مسؤول" .اهـ.

ومن فقه هذه المقولة المنقولة عن الفخر :

أنّ الاشتغال بالعلم الشرعي، وكذا التفكّر في آيات الله تعالى، والكدّ في درسها، مُعين على النّصر على الأعداء، ومقوٍّ لجناب الأمّة أمام طلّابها شرّاً، ذلك أنّ :

طلب العلم الشرعي، وإعمال الخاطر في استنباط أحكام الله سببٌ لرُجحان الحسنات على السيّئات، ثمّ إن ما يسبّب النصر هو رجحان الحسنات على السيئات، فتحصّل من هاتين المقدّمتين أنّ طلب العلم والاشتغال بعلوم الدين سببٌ للنصر على الأعداء .
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
جميل..بارك الله فيكم..وهل لي أن أقول : من يقول إن مفتاح النهضة هو تجديد العلوم الدينية لهم وجه من الصواب!!
 

عصام البشير

:: متخصص ::
إنضم
25 مارس 2008
المشاركات
23
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
الرباط
المذهب الفقهي
متفقه على مذهب المالكية
طلب العلم الشرعي، وإعمال الخاطر في استنباط أحكام الله سببٌ لرُجحان الحسنات على السيّئات، ثمّ إن ما يسبّب النصر هو رجحان الحسنات على السيئات، فتحصّل من هاتين المقدّمتين أنّ طلب العلم والاشتغال بعلوم الدين سببٌ للنصر على الأعداء .

بارك الله فيكم.
لكن الفخر الرازي لم يصرح بالمقدمة الثانية، فلا ينبغي أن ينسب إليه شيء لم يصرح به، بل ليس ظاهرا من كلامه أصلا.
فغاية الأمر أنه جمع بين معنيين بأداة العطف فقال ما معناه: اللهم اكفنا شر أعدائنا، ورجح حسناتنا باجتهادنا في العلم.

والله أعلم.
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
جزاكما الله خيراً على مروركما الطيّب، وبعد :

فقد جمع الرازي بين ما ذكرت - حفظك الله -، ولا بدّ من وجه مناسبة بين المجموعين، ووجه المناسبة كما رأيته وتبادر إلى ذهني، أن أحدهما مؤدٍّ إلى الآخر .

وليس مثل هذا الاستنباط ببدعٍ في بابه، وإنك إذا قرأت قول الله تعالى : (واتقوا الله، ويعلّمكم الله)، ثم نظرت، وجدت من قال - مستنبطاً من فوائد الآية - : إن تقوى الله تعالى من السّبل التي توصل سالكها إلى العلم، وتؤديه إليه .
وهو وإن لم يكن صريحاً من حيث التركيب الدالّ على المعنى، إلا أن وجه المناسبة في الجمع بينهما قوّى استدلال هذا المستدلّ .
وأقول :إن مثل هذه الاستنباطات لطائفٌ ومعانٍ تظهر في أفق التعابير، تتّضح تارة، وتخنس تارة أخرى، إلّا أنّ الأدلّة العامّة تعضد معانيها بالمجمل، وفي مقامِنا هذا يمكن أن يقال :
إنما يؤتى المسلمون من قِبَل ذنوبهم، وهم يُنصرون بطاعتهم، وأدلّة هذا في كتاب الله وسنّة رسوله وأقوال السّلف كثيرة، وهذا ما يعضدُ مثل هذا الفهم من عبارة الرازي .
والله المسؤول أن يوفّق الجميع لما يحبّ ويرضى .
 
أعلى