العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الفرق بين العالم والأكاديمي

إنضم
16 نوفمبر 2009
المشاركات
59
التخصص
شريعة إسلامية
المدينة
سرت
المذهب الفقهي
مالكي
أعرف أن من العلماء أكاديميين، ومن الأكاديميين علماء.. فثمة علماء ليسوا أكاديميين، ليست لديهم إجازات عالية أو دقيقة من جامعة من الجامعات المعترف بها، لكنهم علماء يُحتج بهم.. من أخذ عنهم العلم عُدّ طالب علم، ومن أُجيز منهم اعتُبر.. وهم يُدرّسون في حلقات الدرس في المساجد، أو في دور العلم التي لا تخضع لما تخضع له الجامعات. وثمة أكاديميون ليسوا علماء.. ومع ذلك هم قادرون على الدرس وتوجيه الطلاب في إطار المنهج لا يخرجون عليه.. ميزة هؤلاء أنهم يجيدون فن البحث العلمي وفق مناهجه، فيتخرج طلابهم وقد تشربوا ليس العلم، وإنما مناهج البحث..

معظم الطلاب لا يفضلون أن يُشرف عليهم في بحوثهم علماء أكاديميون.. فهم يأخذون وقتًا أطول، ويبذل معهم الطالب جهدًا أكبر.. وقد يكتب الطالب الفصل أو الباب، فيلغيه العالم بملاحظة صغيرة في هامش إحدى الصفحات.. بينما الأكاديمي غير العالم تركيزه فقط في ثبت المراجع، وحجم الخط، وضبط الحواشي.

في دراستي جلست إلى عالمٍ أكاديمي، كما جلست إلى أكاديميٍ غير عالم.. الأول كان بجانب التدريس الجامعي يُدرس في حلقات العلم في المساجد.. يشرح متون الفقه، ورسائل العلماء.. والآخر كان مجيداً للغة الإنقليزية، فهو خريج المملكة المتحدة، بينما الأول خريج الأزهر..

الأكاديمي كانت له نظرته، وكان يرى أن كلَّ شيءٍ يخضع للنقد، ذكر يومًا أنّه في أطروحته للدكتوراه نقد رأيًا للشافعيّ، وأنه لو كان في جامعة إسلاميّة، كالأزهر، أو الزيتونة أو القرويين، لما قُبِل منه هذا النقد، وعندما حكى لنا (النكتة) وذكر رأي الشافعي فيها ورأيه هو، ظهر لي أن رأي الشافعي هو الصواب، فصارحته بذلك وبينت له وجه رأي الشافعي، فسكت..

العالم كانت له نظرته هو الآخر.. وذكاؤه كان بارزاً في مسائل العلم، لدرجة أنه يأتي بما هو في دقة الشعرة من الفروق بين المسألة والأخرى.. بيّن لي ذات يومٍ الفرق بين مسألتين كنت قد خلطت بينهما.. فدُهشت لدقته، وظننت يومها أن لا أحد على وجه الأرض أعلم منه.

عندما قارنت بين الرجلين، بعد أن تعددت لقاءاتي بهما خارج قاعة الدرس، ظهر لي أن العالم لا يُؤتى من جهة علمه، بل يُؤتى من جهة فهمه للواقع، ولا يُمكن أن تقنعه بعكس ما تكَوَّن لديه من قناعة.. والآخر لا يُؤتى من جهة فهمه للواقع، فهو متساوق مع العصر، لكنه غير واثق بعلمه، فيحتاج دائما إلى أن يرجع إلى كتبه، وإنْ رجع لا يطمئن إلى حُكمه، وقد لا تُسفعه جرأتُه لأن يصدح بما رأى.. فيصرح به (فقط) في قاعة الدرس.. أو ينساه..
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى