العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الفرق بين القواعد الفقهية والفروق الفقهية

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
الفرق بين القواعد الفقهية والفروق الفقهية

" الفروق الفقهية " مصطلح علمي يُطلق على التفريق بين المسائل والمصطلحات الفقهية المتشابهة, أي المسائل والألفاظ التي يوجد بينها تشابه في الظاهر مع اختلاف في الحكم والعلة. فإظهار تلك الأوجه التي اختلفت بسببها تلك المسائل المتشابهة, هو موضوع (الفروق الفقهية) [SUP][1][/SUP].
ويبدو أن لهذا الفن أسبقية من حيث التأليف على القواعد الفقهية, حيث نجد أول تأليف فيه ل أحمد ابن عمر بن سُريج الشافعي المتوفى سنة 306 هـ. أما أول تأليف وصل إلينا في موضوع القواعد الفقهية, فهو " أصول الكرخي " المتوفى سنة 340هـ [SUP][2][/SUP].

الفروق الفقهية لغة واصطلاحا:
الفرق لغة: يدل على تمييز وإزالة وفصل بين شيئين ومنه يقال: فَرَّق بين القوم: أَحدث بينهم فُرقة, وفَرَّق بين المتشابهين: مَيَّز بعضهما من بعض. ويقال: فَرّق القاضي بين الزوجين: حكم بالفرقة بينهما. وفي التنزيل العزيز {فافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ} [المائدة 25] . ومنه يقال: الـمَفرِق من الرأس: حيث يُفرق الشَّعر, والمفرق من الطريق: الموضع الذي يتشعب منه طريق آخر. ومنه: الفاروق (لقب عمر بن الخطاب ): أي يفرق الحق من الباطل [SUP][1][/SUP].
واصطلاحا: معرفة الأمور الفارقة بين مسألتين متشابهتين بحيث لا يُسوَّى بينهما في الحكم. [SUP][2][/SUP]
وتوضيح ذلك أن "مسائل الشرع ربّما تتشابه صورها, وتختلف أحكامها لعلل أَوجَبَت اختلاف الأحكام" [SUP][3][/SUP], فيكون من وظيفة هذا الفن: بيان تلك العلل التي توضح افتراق ما افترق من المسائل المتشابهة في الحكم واجتماع ما اجتمع منها فيه, "فيتضح بذلك للفقيه طرق الأحكام, ويكون قياسه للفروع على الأصول متّسق النظام", كما قاله ابن سنينة السامَـرّي الحنبلي في كتابه " الفروق ". [SUP][4][/SUP]
مجالات الفروق الفقهية:
- الفروق بين القواعد الفقهية.
- الفروق بين الفروع والمسائل الجزئية المتشابهة.
- الفروق بين مصطلحات فقهية تشترك في أحكام, وتفترق في أحكام أخرى.
---------------------------------------------
[1] انظر القواعد والضوابط لشبير ص 34؛ وعلم القواعد الشرعية للخادمي ص313 .
[2] انظر القواعد الفقهية للندوي ص80
[1] انظر: مقاييس اللغة لابن فارس 4/493، والمعجم الوسيط 2/685.
[2] القواعد الفقهية للندوي ص 81 نقلا عن الفوائد الجنية لمحمد ياسين الفاداني، وانظر علم القواعد الشرعية للخادمي ص 313.
[3] من كلام أبي محمد الجويني - والد إمام الحرمين - في كتابه "الفروق" كما في القواعد للندوي ص 82.
[4] نقلا عن القواعد الفقهية للندوي ص 81 .
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: الفرق بين القواعد الفقهية والفروق الفقهية

وفيما يلي تفصيل الكلام عن كل مجال من هذه المجالات:
1- الفروق بين القواعد الفقهية.
يُعدّ شهاب الدين القرافي أول من اتجه إلى هذا الموضوع في كتابه المشهور بـ" الفروق ", "فقد امتاز ببيان الفروق بين القواعد, في حين أن الكتب التي أُلِّفت قبل هذا الكتاب بعنوان "الفروق", كان موضوعها: بيان مسائل جزئية تشابهت صورها واختلفت أحكامها فقط" [SUP][1][/SUP].
فمن ذلك قوله مثلا: "الفرق بين قاعدة: المأمور به يصح مع التخيير ؛ وقاعدة: المنهي عنه لا يصح مع التخيير " [SUP][2][/SUP]. ثم وضّح الفرق بينهما بإفاضة وتفصيل.

2- الفروق بين الفروع والمسائل الجزئية المتشابهة:
أي أن تُذكر مسألتان متشابهتان صورة, مختلفتان حكما, فيُذكر وجه اختلاف الحكم بينهما بعنوان: "والفرق بينهما كذا". وهذا هو المجال الأساسي لفن الفروق الفقهية, وهو الذي قصده بعض العلماء بالتصنيف في كتبهم المسماة بعنوان "الفروق" مثل كتب " الفروق الفقهية " للكرابيسي وللقاضي عبد الوهاب البغدادي . وهذا الموضوع هو الذي عنون له ابن نجيم في " الأشباه والنظائر " بـ(فن الفروق).
أمثلة على هذا النوع من الفروق:
"يجوز تفريق النية على أعضاء الوضوء..., ولا يجوز تفريق النية على أركان الصلاة. وكلاهما عبادة تبطل بالحدث.

والفرق بينهما: أن الوضوء يجوز أن يتخلله ما ليس من جنسه, ولا يُفسده التفريقُ اليسير, فجاز تفريق النية على أركانه. وليس كذلك الصلاة, لأنه لا يجوز أن يتخللها ما ليس من جنسها, ولا يجوز تفريقها, فلم يجز تفريق النية على أركانها. فافترقا" [SUP][1][/SUP].
"إذا مر المصلى بآيةٍ فيها ذكرُ الموت أو النار, فوقف عندها وتعوذ واستغفر وهو وحده فى التطوع, فذلك حسن. وإن كان إماما كُره له ذلك.
والفرق: أنه إذا كان إماما فهو فيما يقف: يُشكّك القوم لأنهم ربما يظنون أنه أُرتِج عليه فيفتحون عليه, ولأنه يؤدي إلى تطويل الصلاة عليهم... فلا يفعل ذلك. وأما في التطوع وحده لا يؤدى إلى التطويل على أحد ولا إلى التغليط والتشكيك. والاشتغال بالقراءة تطوعٌ, والتدبر تطوعٌ, فاستويا؛ فإن شاء وقف وتدبر, وإن شاء مضى على صلاته" [SUP][2][/SUP].
"لو غلطوا في وقت الوقوف: لا إعادة. وفي الصوم والأضحية: أعادوا.
والفرق: أن تداركه في الحج متعذر, وفي غيره متيسر" [SUP][3][/SUP].
"طواف الصَّدَر [SUP][4][/SUP] واجب على الحاج. وليس على المعتمر طواف الصدر. والفرق: أن العمرة, ركنها: الطواف. فلو أوجبنا فيها طواف الصدر, لصار ةبَعُ النسك مثلَه, وهذا لا يصح. وليس كذلك الحاج, لأن الوقوف والطواف ركنان فيه..., ولو أوجبنا فيها طواف الصدر لصار ةبَع النسك دونه, وهذا جائز... " [SUP][1][/SUP]. "إذا تعدَّى المودَع على الوديعة فاشترى بها تجارة فربح بها, كان له الربح. وإذا تعدّى المقارض في مال القِراض فاشترى غير الذي أمره رب المال بشرائه, كان رب المال بالخيار بين أن يضمّنه وبين أن يقرّه على القراض ويقاسمه الربح. وفي كلا الموضعين: التعدي موجود.
الفرق بينهما: أن الوديعة لم يَقصد بها ربها التنمية, وإنما قَصَد بها الحفظ, فلم يزل عن غرضه بتعدّي المودَع عليها, لأن الحفظ موجود, فلم يدخل عليه الربح. وليس كذلك القراض, لأن رب المال قَصَد به التنمية, فلو لم يكن له الخيار لكان العامل قد منعه غرضَه, وليس له ذلك. فافترقا" [SUP][2][/SUP]
"يُفسخ نكاح المرتدّ, ولا يرتجع وإن رجع إلى الإسلام. وإذا أسلم الكافر ثبت على النكاح. وكلاهما إسلامٌ من كُفرٍ.
الفرق بينهما: أن الردّة قد غُلّظ في بابها ما لم يغلّظ في باب الكافر الأصلي, ألا ترى أنه لا يُقَرّ على ارتداده بخلاف الكافر الأصلي. فلهذا افترقا" [SUP][3][/SUP].
إذا اشترى دابة أو قميصا على أنه بالخيار, فركبها في حاجته ليَنظُر إليها وإلى سيرها, أو لبس القميص لينظر إلى قدره عليه, فهو على خياره. ولو اشتراها فوجد بها عيبا, فركبها, أو لبس القميص, كان هذا رضا بالعيب.
والفرق: أن شرط الخيار للاختبار, وهذه الأشياء مما يقع بها الاختبار, فلم يكن مختارا. وأما في العيب فليس له أن يَختبر... [SUP][1][/SUP].

---------------------------------------------
[1] القواعد الفقهية للندوي ص193.
[2] الفروق للقرافي 2/7 .
[1] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب البغدادي ص76 .
[2] الفروق للكرابيسي 1/46 .
[3] الأشباه والنظائر لابن نجيم مع غمز عيون البصائر 4/292.
[4] أي طواف الوداع. والصَّدَر بفتح الدال بمعنى الرجوع والانصراف، مأخوذ من قولهم: صدر عن الماء وعن البلاد. انظر القاموس المحيط 1/543؛ ومختار الصحاح ص150؛ والمصباح المنير للفيومي ص335 .
[1] الفروق للكرابيسي 1/97.
[2] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص151 .
[3] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص174-175 .
[1] الفروق للكرابيسي 2/63.​
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: الفرق بين القواعد الفقهية والفروق الفقهية

3- الفروق بين مصطلحات فقهية تشترك في أحكام, وتفترق في أحكام أخرى:
الغرض هنا بيان الأحكام التي اختص بها أحد المصطلحين وافترق فيه عن المصطلح الآخَر, أما الأحكام المشتركة بين المصطلحين فلا تُذكر لكونها معروفة واضحة.
وهذا العنصر أفرده كل من السيوطي و ابن نجيم في كتابيهما " الأشباه والنظائر " بقسم خاص. فمن العناوين الواردة تحت هذا العنصر عندهما:
ما افترق فيه الوضوء والغسل - ما افترق فيه الوضوء والتيمم - ما افترق فيه الحيض والنفاس - ما افترق فيه الأذان والإقامة - ما افترق فيه الجمعة والـعيد, ما افترق فيه البيع والإجارة - ما افترق فيه الهبة والإبراء - ما افترق فيه النكاح والرجعة..., وهكذا نجد عناوين أخرى تتناول هذا النوع من الفروق بين عدد من المصطلحات الفقهية.
وفيما يلي أمثلة تفصيلية من هذا النوع من الفروق:
أ - الفرق بين الماء الطهور, والماء النجس:
"هو على القول الصحيح الذي تدل عليه الأدلة, فرق بسيط واضح,
وهو: التغير بالنجاسة, وعدم التغير بها. فما تغير لونه, أو طعمه, أو ريحه بنجاسة: فهو نجس. وما لم يتغير بشيء من ذلك: فهو طهور, حتى ولو تغير بشيء من الطاهرات كصبغ ونحوه, فهو باق على طهوريته. وإثبات ماء ليس بطهور ولا نجس, لا يدل عليه نص ولا قياس؛ لأن علة النجاسة: ظهور أثر الخبث في الماء" [SUP][1][/SUP].
ب- ما افترق فيه سجود السهو والتلاوة:
"افترقا في أمور:
- الأول: أنه سجدتان, وسجدة التلاوة واحدة.
- الثاني: أنه في آخر الصلاة, بخلافه.
- الثالث: أنه لا يتكرر, بخلافه.
- الرابع: أنه يسجد لسهو إمامه وإن لم يسجد, ولا يسجد لتلاوته إذا لم يسجد.
- الخامس: أن الذكر المشروع في سجود التلاوة لا يُشرع في سجود السهو" [SUP][2][/SUP].
ج - ما افترق فيه النكاح والرجعة:
- "لا يصح إلا بشهود, بخلافها.
- لا بد فيه من رضاها, بخلافها.
- لا مهر فيها, بخلافه.
- لا تصح إلا للمعتدة, بخلافه" [SUP][1][/SUP].
د - الفرق بين الإجارة والجعالة:
- "أن الإجارة عقد لازم على عملٍ معلوم مع مُعيَّن. والجعالة عقد جائز, والعملُ قد يكون مجهولا, وتكون مع مُعيَّن وغير مُعيَّن.
- والجعالة تجوز على أعمال القُرَبِ, بخلاف الإجارة.
- ولا يستحق العوضَ في الجعالة حتى يعمل جميعَ العمل. وأما الإجارة ففيها تفصيل: إن كان المانع لتكميل العمل من جهة المؤجر: فلا شيء عليه.
وإن كان من جهة المستأجر: فعليه كلُّ الأجرة.
وإن كان بغير ذلك: وجب من الأجرة بقدر ما استوفى" [SUP][2][/SUP].
وبعد هذا التوضيح عن مصطلح "الفروق الفقهية" ومجالاتها, ننتقل إلى بيان الفرق بينها وبين القواعد الفقهية.
---------------------------------------------
[1] القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة 1/ 74-75 .
[2] الأشباه والنظائر للسيوطي ص520؛ وهو كذلك في الأشباه والنظائر لابن نجيم مع غمز عيون البصائر 4/85 سوى الفرق الرابع، وبزيادة: أنه لا يقوم لسجود السهو ويقوم لسجدة التلاوة، ويتشهد لسجود السهو ويسلِّم منه، ولا يفعل ذلك في سجدة التلاوة.
[1] الأشباه والنظائر لابن نجيم مع غمز عيون البصائر 4/119؛ وهو كذلك في الأشباه والنظائر للسيوطي ص525 مع بعض الزيادات كصحة الرجعة بدون ولي، وصحة الرجعة بغير لفظ النكاح والتزويج وفي الإحرام.
[2] القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة 1/92-93 .​
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: الفرق بين القواعد الفقهية والفروق الفقهية

الفرق بين القواعد الفقهية والفروق الفقهية:
الفروق الفقهية أعم من القواعد الفقهية - كما هو الحال أيضا في موضوع "الأشباه والنظائر" - إذ إن مجال "الفروق الفقهية" يشمل موضوعات فقهية عديدة, منها: "القواعد الفقهية" [SUP][3][/SUP].
الفروق الفقهية تهتم بالفصل بين الفروع الفقهية المتشابهة ببيان الفروق بينها, في حين أن القواعد الفقهية تجمع الفروع الفقهية المتشابهة تحت قاعدة واحدة. فموضوع الفروق الفقهية: التفريق بين المتشابهات من المسائل الفقهية, أما موضوع القواعد الفقهية: فهو جمع لتلك المسائل المتشابهة.
من السمات البارزة للفروق الفقهية: بيان حِكَم التشريع ومقاصده, ذلك أن تفريق الشرع بين أمرين متشابهين لا بد أن ينطوي على حكمة تشريعية قد تظهر بالبحث لأهل العلم. وهذا ما يشير إليه ابن القيم بقوله: "فالاعتبار في الجمع والفرق إنما هو بالمعاني التي لأجلها شُرعت تلك الأحكام وجودا وعدما" [SUP][1][/SUP]. أما (القواعد الفقهية ) فقد سبق القول بأنها تعتني في المقام الأول بصياغة الأحكام الكلية, وقد تتضمن في طيّاتها الإشارة إلى الحِكم التشريعية.
وفيما يلي بعض الأمثلة من الفروق التي تناولت بيان مقاصد الشريعة:
لا يمسح على الخفّين إلا من لبسهما بعد كمال الطهارة, ويمسح على الجبائر والعصائب وإن لبسهما على غير وضوء. والجميع حائل دون عضوٍ.
الفرق بينهما: أن الجبائر والعصائب, شدّهما ليس بموقوف على اختياره وإنما هو على حسب ما تدعو إليه الحاجة, فقد يُحتاج إليها وهو على غير وضوء ولا يمكنه الصبر إلى أن يتوضأ, فلم يُعتبر في جواز المسح عليها أن يكون لُبسهما على طهر. وليس كذلك الخفان لأن لُبسهما موقوف على اختياره, لأنه لا ضرورة تدعو إلى لبسهما وهو على غير وضوء كذلك. فافترقا" [SUP][2][/SUP].
"لا يجوز الخيار في النكاح, ويجوز في البيع. وكلاهما عقد معاوضة.
الفرق بينهما: أن البيع مبني على المكايسة والمغابنة, فجُعل الخيار فيه


لئلا يدخل الغبن على أحد المتبايعين. والنكاح مبني على الوُصلة والألفة, فلم يُحتج فيه إلى الخيار.... ( 4).
"يصح عقد النكاح من غير ذكر مهرٍ, ولا يصح عقد البيع إلا بذكر الثمن.
الفرق بينهما: أن النكاح: المقصود منه الألفة والوصلة دون المهر, فيصح وإن لم يُذكر. والبيع: المقصود منه الثمن, لأنه مبني على المكايسة والمغابنة, فلم يصح إلا بذكر الثمن, لأنه المقصود منه. فافترقا" [SUP][1][/SUP].
4- قد يقع تعليل الفروق الفقهية, بـ(القواعد الفقهية) بمعنى: أن القواعد تأتي في معرض بيان الفرق بين المسألتين على سبيل الأصول التوجيهية, فتكون القواعد في مثل هذه المواضع أدلة وسندا تدعم موضوع الفروق. ومن أمثلة هذا النوع من الفروق ما يلي:
"يجوز - عند المالكية - أن تقرأ الحائض ما شاءت من القرآن, ولا يجوز ذلك للجُنُب. والحدث الموجود بهما موجب لغَسل جميع البدن.
الفرق بينهما: أن الأصول مبنية على أن الضرورات تبيح ما لا يبيح غيرها. ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى أن يُسافَر بالقرآن إلى أرض العدو . ثم كَةب إليهم به. فالضرورة داعية للحائض إلى قراءة القرآن, لأنا متى منعناها أن تقرأ القرآن أدّى ذلك إلى نسيانها له, لأن أمرها يطول ولا يمكنها رفعه عن نفسها. وليس كذلك الجنب لأنه لا ضرورة به إلى ذلك, لأنه يمكنه زوال المانع عن نفسه. فلهذا افترقا" [SUP][2][/SUP].
"تصلى النافلة بتيمم الفريضة, ولا تصلى الفريضة بتيمم النافلة. والكل صلاة.

الفرق بينهما: أن الأصول مبنية على أن النوافل تبع للفرائض, لأن الفرائض هي الأصل. فلما كان الأمر كذلك جاز أن تصلى النافلة بتيمم الفريضة لأنها تبع لها. ولم يجز أن تصلى الفريضة بتيمم النافلة, لأن ذلك خلاف الأصول, إذ تحصل الفريضة حينئذ تبعا للنافلة" [SUP][1][/SUP].
"الأفضل الصوم في السفر, والأفضل قصر الصلاة في السفر. وكلاهما رخصة في العبادة.
الفرق بينهما: أن العبادة إذا ذهب وقتها كانت قضاء, وإذا أُدِّيت في الوقت كانت أداء, والأداء أفضل من القضاء. ووقت الصوم هو الشهر, فإذا أخذنا بالرخصة حصل تأديته قضاء, ومراعاة الأداء أولى من مراعاة الأخذ بالرخصة. وليس كذلك الصلاة, لأنه قد اجتمع فيها الأمران: الأداء والرخصة, لأنها في الوقت يؤةى بها, فكان مندوبا إلى ذلك. فافترقا" [SUP][2][/SUP].
"من استهلك شيئا مما يكال أو يوزن, كان عليه مثله. وإن استهلك شيئا من العروض أو الحيوان كان عليه قيمته. والجميع عروض.
الفرق بينهما: أن من استهلك شيئا, لا بد فيه من بدل. فإذا كان مما له مثلٌ كان الإبدال منه لأنه أسهل من القيمة, إذ القيمة تحتاج إلى اجتهاد, والمثلُ غير محتاج إليه. وما لا مثل له لا بدّ فيه من القيمة, لأنه عوض منها. ولأن ما يكال أو يوزن لايتعذر مثاله, وما عداه متعذر. فلهذا افترقا" [SUP][3][/SUP].

---------------------------------------------
[3] انظر القواعد الفقهية للندوي ص79؛ وعلم القواعد الشرعية للخادمي ص309 .
[1] إعلام الموقعين لابن القيم 2/75 .
[2] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص81 .
[1] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص158 .
[2] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص174 .
[3] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص 80.
[1] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص 92-93.
[2] الفروق الفقهية للقاضي عبد الوهاب ص100.
[3] المرجع نفسه ص 164.
 
إنضم
28 أكتوبر 2014
المشاركات
43
الإقامة
الجزائر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد المنعم
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
البليدة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: الفرق بين القواعد الفقهية والفروق الفقهية

شكرا جزيلا
 

عمر محمد علي

:: متفاعل ::
إنضم
15 مارس 2013
المشاركات
319
التخصص
القانون
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
عاميّ
رد: الفرق بين القواعد الفقهية والفروق الفقهية

جزاك الله خيراً
 
أعلى