العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الفرق بين المكروه وخلاف الأولى

إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
يُشكل على بعض المشتغلين في العلم الفرق بين المكروه وخلاف الاولى، وتحقيق ذلك :


أن خلاف الأولى قسمٌ من أقسام المكروه، لكن فرّقوا بينهما بأن :


المكروه ما ورد فيه نهيٌ مقصود، وخلاف الأولى بخلافه :

فتركُ صلاة الضحى خلاف الأولى، إذ إنه لم يرد في تركها نهيٌ مقصود، فلا يقال : مكروه .

قال الزركشي في البحر المحيط (1/139) :
والصحيح أن صوم عرفة للحاجّ خلاف الأولى لا مكروه، وكذا الحجامة - إن لم نقل تفطر -، وكذا تفصيل أعضاء العقيقة، قال في شرح المهذب :

"الأصح أنه مكروه، لأنه لم يثبت فيه نهيٌ مقصود" .



ومن لطائف هذه المسألة ما قاله إمام الحرمين الجوينيُّ من أنه "إنما يُقال : ترك الأولى إذا كان منضبطاً، كالضحى وقيام الليل ..

وما لا تحديد له ولا ضابط من المندوبات لا يسمّى تركه مكروهاً، وإلا لكان الإنسان في كلِّ وقت ملابساً للمكروهات الكثيرة، من حيث إنه لم فيصلي ركعتين، أو يعود مريضاً ونحوه" نقلا عن البحر المحيط (1/244) .



قلت : ذكرت نص الجوينيِّ لبيان فائدة الانضباط التي نبّه عليها، وإن كان الزركشي قد ساق النص ليبيّن أن إمام الحرمين لا يرى التفريق بين المكروه وخلاف الأولى - كما ظهر ذلك من كلامه - والصحيح التفريق، وهو الذي عليه جلُّهم، بل يدلُّ عليه الوضع اللغوي للاصطلاحين، والله أعلم .
 

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: الفرق بين المكروه وخلاف الأولى

قال الإمام الزركشي: (فصل في خلاف الأولى: هذا النوع أهمله الأصوليون، وإنما ذكره الفقهاء، وهو واسطة بين الكراهة والإباحة،
واختلفوا في أشياء كثيرة هل هو مكروه، أو خلاف الأولى؟ كالنفض والتنشيف في الوضوء وغيرهما.
قال إمام الحرمين في كتاب الشهادات من " النهاية ": التعرض للفصل بينهما مما أحدثه المتأخرون،
وفرقوا بينهما بأن ما ورد فيه نهي مقصود يقال فيه: مكروه، وما لا فهو: خلاف الأولى، ولا يقال: مكروه،
وقال: المراد بالنهي المقصود أن يكون مصرحا به كقوله: لا تفعلوا كذا، أو نهيتكم عن كذا، بخلاف ما إذا أمر بمستحب فإن تركه لا يكون مكروها، وإن كان الأمر بالشيء نهيا عن ضده؛ لأنا استفدناه باللازم وليس بمقصود.
وحكى الرافعي عنه في كتاب الزكاة في كراهة الصلاة على غير الأنبياء ما يبين أن المراد بالنهي المقصود: تعميم النهي لا خصوصه، إذ قال: ووجهه إمام الحرمين بأن قال: المكروه يتميز عن خلاف الأولى بأن يفرض فيه نهي مقصود، وقد ثبت نهي مقصود عن التشبه بأهل البدع، وإظهار شعارهم، والصلاة على غير الأنبياء مما اشتهر بالفئة الملقبة بالرفض. اهـ.
وكلام الإمام في كتاب الجمعة يقتضي أنه لا فرق بينهما، فإنه قال: كل فعل مسنون صح الأمر به مقصودا فتركه مكروه.
وقال في موضع آخر: إنما يقال: ترك الأولى إذا كان منضبطا كالضحى وقيام الليل، وما لا تحديد له ولا ضابط من المندوبات لا يسمى تركه مكروها، وإلا لكان الإنسان في كل وقت ملابسا للمكروهات الكثيرة من حيث إنه لم يقم فيصلي ركعتين، أو يعود مريضا ونحوه. اهـ.
والتحقيق: أن خلاف الأولى قسم من المكروه، ودرجات المكروه تتفاوت كما في السنة، ولا ينبغي أن يعد قسما آخر، وإلا لكانت الأحكام ستة، وهو خلاف المعروف، أو كان خلاف الأولى خارجا عن الشريعة وليس كذلك). البحر المحيط في أصول الفقه (1/ 400).

الموضوع الأصلي: http://www.feqhweb.com/vb/t21444#ixzz4OIP0S9XN
 

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: الفرق بين المكروه وخلاف الأولى

قلت : ذكرت نص الجوينيِّ لبيان فائدة الانضباط التي نبّه عليها،
وإن كان الزركشي قد ساق النص ليبيّن أن إمام الحرمين لا يرى التفريق بين المكروه وخلاف الأولى - كما ظهر ذلك من كلامه - والصحيح التفريق، وهو الذي عليه جلُّهم، بل يدلُّ عليه الوضع اللغوي للاصطلاحين، والله أعلم .

قول الإمام الزركشي: (واختلفوا في أشياء كثيرة هل هو مكروه، أو خلاف الأولى؟ ...
قال إمام الحرمين في كتاب الشهادات من " النهاية ": التعرض للفصل بينهما مما أحدثه المتأخرون
).
الذي وقفت عليه في الشهادات من نهاية المطلب (19/ 19) قول الإمام : (أطلق كثير من أصحابنا الإباحة في اللعب بالشطرنج، وقال المحققون: إنه مكروه، وهذا هو الصحيح، ولا آمن أن الذين أطلقوا الإباحة أرادوا انتفاء التحريم؛ فإن التعرض للفصل بين المكروه والمباح مما أحدثه المتأخرون).
وما فهمته من عبارة إمام الحرمين _ إن كانت هذه هي العبارة المقصودة؛ فإني لم أقف في كتاب الشهادات على غيرها _ يخالف ما نقله عنه الإمام الزركشي،
فما فهمته أن إثبات وتمييز رتبة المكروه، بين التحريم والإباحة مما أحدثه المتأخرون، وكان المتقدمون يطلقون الإباحة ويقصدون انتفاء التحريم، وربما يقصدون مع ذلك نفي الكراهة أو لا يقصدون، فيجمع الإمام بين كلام المتقدمين والمتأخرين، ويرى أن لا تعارض، فمن أطلق الإباحة أراد انتفاء التحريم، والقائل بالكراهة كذلك لا يقول بالتحريم.
وأما عبارة الإمام الزركشي: فما فهمته منها أن إمام الحرمين يقول: إن الفرق بين المكروه وخلاف الأولى مما أحدثه المتأخرون.
وبين العبارتين فرق كبير. إن صح ما فهمت.
وقد سبق عن الإمام تقي الدين السبكي أن أول من وضع ضابطا للفرق بينهما: إمام الحرمين. فلعل هذا يؤيد ما فهمته من كلام إمام الحرمين.

ومما فهمته من كلام الإمام الزركشي: أن الإمام الزركشي قد سبق الإمامين السيوطي وابن القاسم، وينضم لهما، في عدم إثبات مرتبة خاصة لخلاف الأولى، وجعلها ضمن مرتبة المكروه.

لكن التفريق بينهما هو ما قرره إمام الحرمين، وتابعه الأئمة: الرافعي، والنووي، وابن الرفعة، والسبكي، والإسنوي، والأذرعي، كما سبق النقل عنهم.

وقد ناقشت بعض الإخوة فقال لي: إن المعتمد عند الشافعية هو ما قاله الإمام السيوطي، خلافا لإمام الحرمين ومن تبعه.

فاسشكلت ذلك؛ إذ كيف يكون المعتمد بخلاف ما قرره الإمامان الرافعي والنووي ومن معهما من الأئمة

الموضوع الأصلي: http://www.feqhweb.com/vb/t21444#ixzz4OIPnN3Mz
 
أعلى