العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الفوائد المقتطفة من المذكرة المطولة في فقه الجنايات للشبيلي

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الفوائد المقتطفة
من المذكرة المطولة
في فقه الجنايات
للشبيلي


فوائد من مذكرة فقه الجنايات للشبيلي:
يختلف الفقهاء المتقدمين عن القانونيين والمعاصرين في تناول كتاب الجنايات والقصاص
فالفقهاء المتقدمون يقسمون هذا الكتاب إلى قسمين:
1- كتاب الجنايات: وهو التعدي الواقع على الإنسان وأعضائه ومنافعه.
2- كتاب الحدود: وهي أفعال محرمة لحق الله كالزنا وشرب الخمر والسرقة
أما القانونيون فإنهم يتناولون هذا الباب بتقسيمه إلى قسمين:
1- الجرائم.
2- العقوبات.
..........................
ذكر الشيخ يوسف الشبيلي مناسبة ترتيب الأبواب الفقهية ص 3
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الصورة الثانية: قتل الحر بالعبد:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
أن الحر لا يقتل بالعبد مطلقا، سواء كان في ملكه، أو في ملك غيره.
وهذا مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة.
واستدلوا:
أولاً: قوله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ...} [البقرة/178]
فمفهوم الآية أن الحر لا يقتل بالعبد.
نوقش هذا الاستدلال من وجهين:
أ‌- بأنه استدلال بالمفهوم، والنصوص الدالة على قتل الحر بالعبد استدلال بالمنطوق مثل قوله تعالى: {النفس بالنفس}
والقاعدة عند الأصوليين أن المنطوق مقدم على المفهوم.
ب‌- أنه لو صح هذا الاستدلال فإنه يلزم ألا يقتل الذكر بالأنثى ولا العكس، وهو خلاف الإجماع.
ثانياً: ما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: "من السنة ألا يقتل حر بعبد"
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقتل حر بعبد" رواه الدارقطني.
نوقش هذا الاستدلال بما يلي:
بأن هذه الأحاديث ضعيفة لا تنهض للاحتجاج بها، أما حديث علي ففيه جابر الجعفي وهو متروك، وحديث ابن عباس فيه جويبر وغيره من المتروكين، قاله ابن حجر في تلخيص الحبير.
ثالثاً: الإجماع على أن الحر لا يقطع طرفه بطرف العبد مع التساوي في السلامة فيقاس على ذلك قتل النفس.
ويناقش هذا الاستدلال:
بعدم التسليم بصحة الإجماع فقد روي عن ابن أبي ليلى أن القصاص واجب بين الحر والعبد في جميع الجراحات التي نستطيع فيها القصاص.
رابعاً:
أن العبد لا يكافئ الحر فإنه منقوص بالرق، بدليل أن دية الحر كاملة، أما دية العبد ففي قيمته.
ويناقش هذا الاستدلال من وجهين:
أ‌- أن هذا قياس في مقابلة النص فهو فاسد الاعتبار.
ب‌- أن دية المرأة على النصف من دية الرجل ومع ذلك فإنه يقتل بها.
القول الثاني:
أن الحر يقتل بالعبد مطلقا سواء كان في ملكه أو ملك غيره، وهذا هو رأي النخعي وداود الظاهري.
استدلوا بما يلي:
أولاً: بعموم النصوص القاضية بأن النفس تقتل بالنفس مطلقا....
نوقش هذا الاستدلال:
بأن هذه النصوص مخصوصة بأدلة الفريق الأول.
ويجاب عن ذلك:
بأن أدلة التخصيص غير ثابتة كما تقدم فيبقى الحكم على عمومه.
ثانياً: {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} فأخبر تعالى أنه وجب القصاص لأن فيه حياة لنا، وذلك شامل للحر والعبد لأن صفة أولي الألباب تشملهم جميعا، فإذا كانت العلة موجودة في الجميع لم يجز الاقتصار بحكمها على بعض دون بعض.
ثالثاً: ما روى الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل عبده قتلناه، ومن جدعه جدعناه." رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه.
نوقش هذا الدليل من وجهين:
1- بأن الحديث ضعيف لأن الحسن لم يسمع من سمرة إلا ثلاثة أحاديث وليس هذا منها، فهو حديث منقطع ومما يؤيد ذلك أن الحسن كان يفتي بخلافه فإنه يقول: "لا يقتل الحر بالعبد".
ويجاب عن هذا:
بأن رواية الحسن عن سمرة مختلف فيها، وقد قال علي بن المديني: إن سماعه منه صحيح، والحديث حسنه الترمذي.
2- قال ابن القيم: إن كان حديث الحسن عن سمرة محفوظا، وقد سمعه الحسن منه كان قتله تعزيرا إلى الإمام بحسب ما يراه من المصلحة.
ويجاب عن ذلك:
بأن هذا خلاف ظاهر الحديث، فإن ظاهره أن قتله قصاص لا تعزير بدليل قوله: "ومن جدع جدعناه"، وزاد النسائي: "ومن خصى عبده خصيناه".
رابعاً: ولأن العبد آدمي معصوم فيقتل بالحر كقتل الحر بالحر.
القول الثالث:
أن السيد لا يقتل بعبده ويقتل الحر بعبد غيره.
وهذا مذهب الأحناف.
واستدلوا على قتل الحر بالعبد بأدلة الفريق الثاني، واستدلوا على استثناء بما في ملكه بما يلي:
1- ما روي عن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقاد المملوك من مولاه، والوالد من ولده". رواه الدارقطني.
ويجاب عن ذلك:
بأنه حديث ضعيف بل منكر فإن في إسناده عمر بن عيسى الأسلمي وهو منكر.
2- وعن علي أن رجلا قتل عبدا فجلده النبي صلى الله عليه وسلم مائة ونفاه عاما ومحا اسمه من المسلمين ولم يقده به.
ويجاب عنه أيضا:
بأنه حديث ضعيف، قال أحمد: ليس بشيء ، وضعفه أبو حاتم وابن حجر.
3- ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قالا: من قتل عبده جلد مائة وحرم سهمه من المسلمين. وفي رواية : أنهما كان لا يقتلان الحر بالعبد.
والراجح – والله أعلم – أن الحر يقتل بالعبد مطلقا لقوة أدلة الفريق الثاني.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
مسائل:
المسألة الأولى: القصاص بين العبيد في النفس:
لأهل العلم في ذلك ثلاثة أقوال:
القول الأول:
أنه يجري بينهم القصاص مطلقا
وهذا قول أكثر أهل العلم منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة والمشهور عند الحنابلة.
القول الثاني:
أن من شرط القصاص تساوي قيمتهم، وإن اختلفت قيمتهم لم يجر بينهم القصاص.
وهو مروي عن أحمد، قال ابن قدامة: وينبغي أن يختص هذا بما إذا كانت قيمة القاتل أكثر فإن كانت أقل فلا. وهذا قول عطاء.
القول الثالث:
ليس بين العبيد قصاص في نفس ولا جرح لأنهم أموال:
وهو مروي عن ابن عباس.
والصحيح ما عليه الجمهور . والأدلة:
قوله تعالى:
1- { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ...} [البقرة/178]
وهذا نص من الكتاب فلا يجوز خلافه.
2- ولأن تفاوت القيمة كتفاوت الدية والفضائل، فلا يمنع القصاص كالعلم والشرف، والذكورية والأنوثية.

المسألة الثانية: القصاص بينهم فيما دون النفس:

في ذلك قولان:
القول الأول:
أنه يجري بينهم القصاص فيما دون النفس، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وسالم والزهري وقتادة ومالك والشافعي وأبو ثور وابن المنذر، وهو المشهور من مذهب أحمد.
والأدلة:
1- قوله تعالى: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين} الآية.
2- ولأنه أحد نوعي القصاص فيجري بين العبيد كالقصاص في النفس.

القول الثاني:
لا يجري القصاص بينهم فيما دون النفس، وهو رواية عن أحمد وقول الشعبي والنخعي والثوري وأبي حنيفة:
1- لأن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال فينعدم التماثل بالتفاوت في القيمة فلا يجري القصاص فيها كالبهائم
2- ولأن التساوي في الأطراف معتبر في جريان القصاص، بدليل أنا لا نأخذ الصحيحة بالشلاء، وكاملة الأصابع بالناقصة، وأطراف العبيد لا تتساوى.
وأجابوا عن دليل القول الأول:
بأن الآية المذكورة في آية القصاص ينبنئ عن المماثلة، فالمراد بما في الآية المذكورة ما يمكن فيه المماثلة لا غير، والتماثل معدوم بالتفاوت في القيمة.
ويرد على هذا الجواب من وجهين:
1- بأنه لو سلم بوجود التفاوت في القيمة في الأطراف وأنه مانع من الاستيفاء فهو إنما يمنع استيفاء الأكمل بالأنقص دون العكس، بدليل أن الشلاء تقطع بالصحيحة.
2- وبأنه لم يلتفت إلى التفاوت في الأنفس فكذا فيما دون النفس.
والصحيح هو القول الأول لعموم الآية.
وإذا وجب القصاص في طرف العبد وجب للعبد وله استيفاؤه والعفو عنه.

المسألة الثالثة:
يقتل العبد بالحر، ويقتل بسيده؛ لأنه إذا قتل بمثله، فبمن هو أكمل منه أولى، مع عموم النصوص الواردة في ذلك.

المسألة الرابعة:
لا يقطع طرف الحر بطرف العبد بغير خلاف بين أهل العلم.

المسألة الخامسة (أرش جناية العبد):
متى وجب القصاص على العبد، فعفا عنه ولي الجناية إلى المال فله ذلك، ويتعلق أرشها برقبته، لأنه موجب جنايته فتعلق برقبته، كالقصاص، وعلى هذا فلسيده أن يختار الأقل من ثلاثة أمور:
1- فإن شاء سلمه إلى ولي الجناية، ولا يلزمه أكثر من ذلك؛ لأنه سلم إليه ما تعلق حقه به.
2- وإن شاء باعه ودفع قيمته إلى ولي الجناية.
3- وإن شاء دفع للمجني عليه أرش الجناية.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الصورة الثالثة من صور المكافئة: قتل الذكر بالأنثى والعكس:

لا خلاف بين الفقهاء على أن الذكر يقتل بالأنثى وتقتل الأنثى بالذكر .
والأدلة على ذلك:
1- عموم النصوص الدالة على قتل النفس بالنفس...."المؤمنون تتكافأ دماؤهم"....
2- ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يهوديا رض رأس جارية من الأنصار بين حجرين فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين.
3- وفي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن، وفيه: أن الرجل يقتل بالمرأة". أخرجه النسائي.
قال ابن قدامة: "وهو كتاب مشهور عند أهل العلم فتلقي بالقبول عندهم."
4- الإجماع على ذلك.
5- ولأنهما شخصان يحد كل واحد منهما بقذف صاحبه فيقتل به.
ومع إجماع أهل العلم على أن الرجل يقتل بالمرأة إلا أنهم اختلفوا:
فروي عن علي أنه قال: "يقتل الرجل بالمرأة ويعطى أولياؤه نصف الدية". وروي مثل ذلك عن الحسن وعطاء.
وعامة أهل العلم:
على أن الواجب القصاص فقط، وهو الصحيح للأدلة المتقدمة، ولأن اختلاف الأبدال (أي الديات) لا عبرة به في القصاص بدليل أن الجماعة يقتلون بالواحد ويقتل العبد بالعبد مع اختلاف قيمتهما.
===================
مسائل:
المسألة الأولى:
لا يشترط في القصاص المماثلة في الصفات والفضائل.
قال ابن قدامة:
"وأجمع أهل العلم على أن الحر المسلم يقاد به قاتله وإن كان مجدع الأطراف معدوم الحواس، والقاتل صحيح سوي الخلق أو كان بالعكس، وكذلك إن تفاوتا في العلم والشرف والغنى والفقر والصحة والمرض والقوة والضعف والكبر والصغر ونحو ذلك لا يمنع القصاص بالاتفاق، وقد دلت عليه العمومات التي تلوناها وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم"
ولأن اعتبار التساوي في الصفات والفضائل بفضي إلى إسقاط القصاص بالكلية وفوات حكمة الردع والزجر" انتهى كلامه رحمه الله.

المسألة الثانية:
قاعدة: المعتبر في المكافئة في القصاص هو حال وقوع الجناية لا حال زهوق الروح، أما المعتبر في الدية فهو حال استقرار الجناية أي حال زهوق الروح.
وبناء عليه:
أ‌- لو قتل ذمي ذميا أو جرحه ثم أسلم الجارح ومات المجروح، أو قتل عبد عبدا أو جرحه ثم عتق القاتل أو الجارح ومات المجروح، وجب القصاص لأنهما متكافئان حال الجناية، ولأن القصاص قد وجب فلا يسقط بما طرأ.
ب‌- ولو جرح مسلم كافرا وأسلم المجروح ثم مات مسلما بذلك الجرح لم يقتل به قاتله لعدم التكافؤ حال الجناية، ولكن عليه دية مسلم، لأن اعتبار الأرش حال استقرار بحال استقرار الجناية، بدليل ما لو قطع يدي رجل ورجليه فسرى إلى نفسه ففيه دية واحدة، ولو اعتبرنا حال الحناية لكان فيه دينا نفس.
ت‌- لو جرح صبي معصوما ثم مات بعد بلوغ الصبي فلا قصاص لأن المعتبر هو حال الجناية.
ث‌- ولو قطع مسلم أو ذمي يد مرتد أو حربي فأسلم ثم مات فلا شيء على القاطع لأنه لم يجن على معصوم، فتصرفه مأذون فيه شرعا.
====================
المسألة الثالثة:
قال ابن قدامة:
"يجري القصاص بين الولاة والعمال وبين رعيتهم، لعموم الآيات والأخبار ولأن المؤمنين تتكافأ دماؤهم، ولا نعلم في هذا خلافا، وثبت عن أبي أبي بكر رضي الله عنه، أنه قال لرجل شكا إليه عاملا أنه قطع يده ظلما: لئن كان صادقا ، لأقيدنك به.
وثبت عن عمر رضي الله عنه كان يقيد من نفسه.
وروى أبو داود فقال: إني لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، فمن فعل به ذلك، فليرفعه إلي، أقصه منه.
فقال عمرو بن العاص: لو أن رجلا أدب بعض رعيته، أتقصه منه؟ قال: أي والذي نفسي بيده أقصه منه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أقص من نفسه.
ولأن المؤمنين تتكافأ دماؤهم، وهذان حران مسلمان، ليس بينهما إيلاد، فيجري القصاص بينهما، كسائر الرعية."ا.هـ.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المطلب الرابع: موانع القصاص

المانع الأول: الأبوة:
اختلف أهل العلم في وجوب القصاص من الوالد لولده على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
أن الوالد (سواء كان أبا أو أما) لا يقتل بولده وإن سفل، وسواء في ذلك أولاد البنين وأولاد البنات.
وهذا مذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة.
واستدلوا بما يلي:
الدليل الأول:
ما روى عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقتل الوالد بالولد". رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه ابن الجارود والبيهقي.
وقال الشافعي:
"حفظت عن عدد من أهل العلم لقيتهم: {ألا يقتل الوالد بالولد}
وقال ابن عبد البر:
"هو حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق مستفيض عندهم يستغنى بشهرته وقبوله والعمل به عن الإسناد فيه حتى يكون الإسناد في مثله مع شهرته تكلفا."
نوقش:
بأن الحديث ضعيف، فقد ضعفه الترمذي.
وقال عبد الحق الإشبيلي:
"هذه الأحاديث كلها معلولة لا يصح منها شيء".
وقال ابن حجر في التلخيص الحبير:
في إسناده الحجاج بن أرطاة ، وله طريق أخرى عند أحمد وأخرى عند الدارقطني والبيهقي أصح منها ، وفيه قصة ، وصحح البيهقي سنده ؛ لأن رواته ثقات ، ورواه الترمذي أيضا من حديث سراقة ، وإسناده ضعيف ، وفيه اضطراب واختلاف على عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، فقيل : عن عمرو ، وقيل: عن سراقة ، وقيل : بلا واسطة ، وهي عند أحمد فيها ابن لهيعة ، ورواه الترمذي أيضا وابن ماجه من حديث ابن عباس ، وفي إسناده إسماعيل بن مسلم المكي ، وهو ضعيف ، لكن تابعه الحسن بن عبيد الله العنبري ، عن عمرو بن دينار ، قاله البيهقي."
وكون الحديث مشهورا لا يلزم صحته فكم من حديث متداول في كتب أهل العلم وهو ضعيف.
الدليل الثاني:
ما روى ابن ماجه عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"أنت ومالك لأبيك"
وقضية هذه الإضافة تمليكه إياه فإذا لم تثبت حقيقة الملكية تثبت الإضافة شبهة في درء القصاص، لأن القصاص يدرأ بالشبهات.
الدليل الثالث:
ولأنه سبب إيجاده فلا ينبغي أن يكون الولد سبب إعدامه.
نوقش:
1- بأن الولد ليس هو سبب الإعدام ، وإنما ارتكاب الجريمة هو سبب الإعدام.
2- أن الأب إذا زنى بابنته رجم اتفاقا، فتكون سبب إعدامه.
القول الثاني:
أن الوالد يقتل بولده مطلقا، وهذا رأي ابن نافع وابن عبد الحكم وابن المنذر.
وحجتهم:
عموم النصوص الموجبة للقصاص، ولأنهما مسلمان من أهل القصاص فوجب أن يقتل كل واحد منهما بصاحبه كالأجنبيين.
القول الثالث:
يرى الإمام مالك:
أن الوالد يقتل بولده إذا انتفت الشبهة في أنه أراد تأديبه، أي إذا ثبت ثبوتا قاطعا أنه أراد قتله، فلو أضجعه فذبحه أو شق بطنه أو قطع أعضاءه فقد تحقق أنه أراد قتله، وانتفت شبهة أنه أراد من الفعل تأديبه، ومن ثم يقتل به، أما إذا ضربه ضربا مؤدبا أو حذفه ولو بسيف أو حذفه بحديدة أو ما أشبه ذلك فلا يقتص منه لأن شفقة الوالد على ولده وطبيعة حبه له تدعو دائما إلى الشك في أنه قصد قتله، وهذا الشك يكفى لدرء الحد عنه.
والراجح والله أعلم:
هو القول الثاني لقوة أدلته، وأما تفرقة المالكية فلا دليل عليها، وأما أدلة الجمهور فهي ضعيفة كما تقدم.
=====================================
مسائل مبنية على القول بانتفاء القصاص عن الأب:
المسألة الأولى:
الجد وإن علا كالأب في هذا الحكم ، وسواء كان من قبل الأب أو من قبل الأم في قول أكثر مسقطي القصاص عن الأب:
1- لأنه والد فيدخل في عموم النص.
2- ولأن ذلك حكم يتعلق بالولادة فاستوى فيه القريب والبعيد كالمحرمية والعتق إذا ملكه...
وخالف في ذلك:
الحسن بن حي فأوجب القصاص على الجد دون الأب وهذه التفرقة لا دليل عليها.
======================
المسألة الثانية:
والأم في ذلك كالأب على الصحيح من المذهب، وعليه العمل عند مسقطي القصاص عن الأب، وروي عن أحمد رحمه الله ما يدل على أنه لا يسقط عن الأم.
وعلى فرض صحة انتفاء القصاص عن الأب:
فالصحيح في هذه المسألة القول الأول:
1- لحديث {لا يقتل والد بولده}
2- ولأنها أحد الوالدين، فأشبهت الأم.
3- ولأنها أولى بالبر، فكانت أولى بنفي القصاص عنها.
والجدة وإن علت في ذلك كالأم، وسواء في ذلك من قبل الأب، أو من قبل الأم لما سبق في الجد.
=============================
المسألة الثالثة:
يستوي على المذهب ما إذا كان الوالد مساويا للولد في الدين والحرية، أو مخالفا له في ذلك لأن انتفاء القصاص لشرف الأبوة ، وهو موجود في كل حال، فلو قتل الكافر ولده المسلم، أو قتل المسلم أباه الكافر، أو قتل العبد ولده الحر، أو قتل الحر ولده العبد، لم يجب القصاص لشرف الأبوة فيما إذا قتل ولده وانتفاء المكافأة فيما إذا قتل والده.
=====================================

المانع الثاني:البنوة:
يقتل الولد بكل واحد من الأبوين في قول عامة أهل العلم منهم مالك والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي.
وحكى الأصحاب عن أحمد رواية ثانية:
أن الابن لا يقتل بأبيه لأنه ممن لا تقبل شهادته له بحق النسب فلا يقتل به كالأب مع ابنه.
والمذهب أنه يقتل به وهو الصحيح:
1- للآيات والأخبار.
2- وموافقة القياس.
3- ولأن الأب أعظم حرمة وحقا من الأجنبي، فإذا قتل الأجنبي فبالأب أولى،
4- ولأنه يحد بقذفه، فيقتل به كالأجنبي.
ولا يصح قياس الابن على الأب:
لأن حرمة الوالد على الولد آكد والابن مضاف إليه فالابن مضاف إليه فاللام للتمليك بخلاف الوالد مع الولد.
وقد ذكر الأصحاب حديثين متعارضين عن سراقة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
أحدهما: أنه قال: {لا يقاد الأب من ابنه ولا الابن من أبيه}
والثاني: أنه {كان يقيد الأب من ابنه، ولا يقيد الابن من أبيه.} رواه الترمذي.
قال ابن قدامة:
"وهذان الحديثان: الحديث الأول لا نعرفه، ولم نجده في كتب السنن المشهورة ولا أظن له أصلا، وإن كان له أصل فهما متعارضان متدافعان، يجب اطراحهما، والعمل بالنصوص الواضحة الثابتة، والإجماع الذي لا تجوز مخالفته".
=====================================

المانع الثالث: إرث القاتل للدم:
قال أهل العلم:
متى ورث قاتل أو ولده بعض دمه فلا قصاص، وعلى هذا:
1- فلو قتل أخا زوجته فورثته، ثم ماتت فورثها القاتل أو ولده فلا قصاص لأنه لا يتبعض.
2- ولو قتلت أخا زوجها فصار القصاص أو جزء منه لابنها سقط القصاص.
3- ولو قتل أخاه فورثه انبه أو أحدا يرث ابنه منه شيئا من ميراثه لم يجب القصاص.
4- ولو قتل أحد الزوجين صاحبه ولهما ولد لم يجب القصاص لأنه لو وجب وجب لولده، ولا يجب لولد قصاص على أبيه.
وعلى ما سبق ترجيحه:
فإنه يقتص من الوالد ولو ورث ولده القصاص، أما إن ورث القاتل الدم فلا قصاص لأن القصاص لا يتبعض.
=====================================

المانع الرابع : الزوجية:
1- لو قتل أحد الزوجين صاحبه ولهما ولد:
لم يجب القصاص على رأي الجمهور لأنه لو وجب وجب لولده، ولا يجب لولد قصاص على أبيه.
2- فإن لم يكن للمقتول ولد منهما:
وجب القصاص، في قول أكثر أهل العلم: منهم عمر بن عبد العزيز والنخعي والثوري والشافعي وأصحاب الرأي.
وقال الزهري:
لا يقتل الزوج بامرأته مطلقا، لأنه ملكها بعقد النكاح فأشبه الأمة.
والصحيح قول الجمهور:
1- لعمومات النصوص.
2- ولأنهما شخصان متكافئان يحد كل واحد منهما بقذف صاحبه، فيقتل به، كالأجنبيين.
وقوله: "إنه ملكها" غير صحيح فإنها حرة وإنما ملك منفعة الاستمتاع، ولهذا تجب ديتها عليه، ويرثها ورثتها، ولا يرث منها إلا قدر ميراثه، ولو قتلها غيره، كان ديتها أو القصاص لورثتها بخلاف الأمة.
=====================================

المانع الخامس: وقوع القتل في دار الكفر:
اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:
القول الأول:
لا يجب القصاص بالقتل في غير دار الإسلام:
1- فإن لم يكن المقتول هاجر، لم يضمنه بقصاص ولا دية، عمدا قتله أو خطأ،
2- وإن كان قد هاجر، ثم عاد إلى دار الحرب، كرجلين مسلمين دخلا دار الحرب، بأمان، فقتل أحدهما صاحبه، ضمنه بالدية ولم يجب القود، ولو قتل رجل أسيرا مسلما في دار الحرب، لم يضمنه إلا بالدية، عمدا قتله أو خطأ....
والدور عند أبي حنيفة:
إما دار حرب أو دار إسلام، وما عدا دار الإسلام تسمى عندهم دار حرب ولو كانت بلد عهد.
وحجتهم:
أن كون القتيل في دار الحرب يورث شبهة في عصمته، لأنه يكثر سواد الكفار، ومن كثر سوادهم فهو منهم دارا لا دينا، وأيضا فإن وقوع الجناية في دار الحرب قد يتعذر معه الاستيفاء.
القول الثاني:
لا يشترط في وجوب القصاص كون القتل في دار الإسلام، بل متى قتل في دار الحرب مسلما عامدا عالما بإسلامه فعليه القود سواء كان قد هاجر أو لم يهاجر.
وبهذا قال الجمهور وعليه المذهب.
والأدلة:
1- عموم الآيات والأخبار في وجوب القصاص بين المسلمين.
2- ولأنه قتل من يكافئه عمدا ظلما، فوجب عليه القود، كما لو قتله في دار الإسلام.
3- ولأن كل دار يجب فيها القصاص إذا كان فيها إمام ، ويجب وإن لم يكن فيها إمام كدار إسلام.

 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الفرع الثاني: شروط استيفاء القصاص:
يشترط له ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يكون مستحق القصاص ( أي ولي الدم ) مكلفا:
أي بالغا وعاقلا.
وقد اختلف أهل العلم في مسألتين:
المسألة الأولى: إذا كان مستحق القصاص صبيا أو مجنونا:
فلأهل العلم في ذلك قولان:
القول الأول:
أن الجاني يحبس حتى يبلغ الصبي القصاص ويفيق المجنون، وليس للأب ولا للوصي ولا للحاكم استيفاؤه، وهذا مذهب الشافعي وأحمد في الرواية المشهورة.
استدلوا:
1- أن معاوية حبس هدبة بن خشرم في قصاص حتى بلغ ابن القتيل، وبذل الحسن والحسين وسعيد بن العاص سبع ديات لابن القتيل فلم يقبلها، وكان ذلك بمحضر من الصحابة فلم ينكر فكان إجماعا سكوتيا.
2- ولأن القصاص ثبت لما فيه من التشفي والانتقام، ولا يحصل ذلك لمستحقه باستيفاء غيره.
القول الثاني:
أن للأب اسيفاء القصاص نيابة عن الصغير والمجنون، وكذلك الحكم في الوصي والحاكم في الطرف دون النفس، وهذا مذهب الحنفية والمالكية.
وعن أحمد في الرواية الأخرى أنه يجوز للأب فقط استيفاؤه.
واستدلوا:
1- بأن القصاص أحد بدلي النفس، فكان للأب استيفاؤه كالدية.
إذ من المعلوم أن للأب أن يستوفي للابن نصيبه من الدية ويحتفظ له به حتى يبلغ.
نوقش:
1- بأن القصاص يخالف الدية، فإن الغرض من الدية يحصل باستيفاء الأب بخلاف القصاص فإن الغرض منه التشفي.
2- وكذلك فإن الدية إنما يملك استيفاءها إذا تعينت، والقصاص لم يتعين بعد لاحتمال أن يعفو الابن.
والراجح:
هو القول الأول وعليه فإن الجاني يحبس حتى يبلغ الصبي أو يفيق المجنون، ويستثنى من ذلك ما إذا كان مستحق القصاص مجنونا واحتاج إلى النفقة فللولي العفو إلى الدية، وهذا هو المشهور من المذهب لأنه ليس له حالة معتادة ينتظر فيها إفاقته بخلاف الصبي، فإن كان صغيرا أو مجنونا لا يحتاج إلى نفقة فليس للولي العفو إلى الدية وكذلك ليس له حق المطالبة بالقصاص مطلقا، ولا العفو مطلقا إلى غير مال، وإنما استثني العفو إلى الدية لأن في ذلك مصلحة محضة لمستحق القصاص (المجنون) وللجاني.
أما إن كان مستحق القصاص صغيرا محتاجا إلى النفقة ففيه وجهان:
أحدهما: أن لوليه العفو إلى الدية، وصححه في المغني وصوبه في الإنصاف.
والوجه الآخر وهو المشهور في المذهب: ليس لوليه ذلك لأن له غاية ينتظر فيها ونفقته في بيت المال وهذا هو الأقرب، والله أعلم.
قال أبو فراس:
ويؤكد هذا ما يخشى من انتقام الصبي إذا بلغ من الجاني.
---------------------
المسألة الثانية: إذا كان بعض مستحقي القصاص غائبا أو غير مكلف:
إذا كان ورثة القتيل أكثر من واحد، لم يجز لبعضهم استيفاء القود إلا بإذن الباقين، فإن كان بعضهم غائبا ، انتظر قدومه، ولم يجز للحاضر الاستقلال بالاستيفاء، بغير خلاف بين أهل العلم.
وإن كان بعضهم صغيرا أو مجنونا، فاختلف أهل العلم:
القول الأول:
ليس لغيرهما الاستيفاء، حتى يبلغ الصغير ويفيق المجنون.
وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف وإسحاق وهو ظاهر مذهب أحمد.
واستدلوا:
1- أنه قصاص غير متحتم ، ثبت لجماعة متعينين، فلم يجز لأحدهم استيفاؤه استقلالا، كما لو كان بين حاضر وغائب.
2- ولأنه أحد بدلي النفس، فلم ينفرد به كالدية.
والقول الثاني:
للكبار العقلاء استيفاؤه.
وبه قال أبو حنيفة ومالك ورواية عن أحمد.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية هذا القول: حيث قال: "إذا اشتركوا في قتله وجب القود على جميعهم باتفاق الأئمة الأربعة وللورثة أن يقتلوا ولهم أن يعفو.
فإذا اتفق الكبار من الورثة على قتلهم فلهم ذلك عند أكثر العلماء: كأبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين.
وكذا إذا وافق ولي الصغار الحاكم أو غيره على القتل مع الكبار فيقتلون".
واستدلوا بما يأتي:
1- أن الحسن بن علي رضي الله عنهما قتل ابن ملجم قصاصا، وفي الورثة صغار، فلم ينكر ذلك.
2- ولأن اسيتفاء القصاص نوع ولاية، والصغير ليس له ولاية.
والصحيح هو القول الأول ويجاب عن أدلة الفريق الثاني بما يأتي:
أ‌- أما ابن ملجم فقد قيل:
إنه قتله بكفره لأنه قتل عليا مستحلا لدمه معتقدا كفره متقربا بذلك إلى الله تعالى.
وقيل قتله لسعيه في الأرض بالفساد، وإظهار السلاح، فيكون كقاطع الطريق إذا قتل، وقتله متحتم، وهو الإمام، والحسن هو الإمام ، ولذلك لم ينتظر الغائبين من الورثة، ولا خلاف في وجوب انتظارهم، وإن قدر أنه قتله قصاصا فقد اتفق الفريقان على خلافه، فكيف يصح الاحتجاج به.
ب‌- أما قولهم إنه ليس للصغير ولاية فقد أجاب عنه ابن قدامة بقوله:
"الدليل على أن للصغير والمجنون فيه حقا أربعة أمور:
أحدها: أنه لو كان منفردا لاستحقه، ولو نافاه الصغر مع غيره لنافاه مفردا، كولاية النكاح.
والثاني: أنه لو بلغ لاستحق، ولو لم يكن مستحقا عند الموت لم يكن مستحقا بعده، كالرقيق إذا عتق بعد موت أبيه.
والثالث: أنه لو صار الأمر إلى المال، لاستحق، ولو لم يكن مستحقا للقصاص لما استحق بدله، كالأجنبي.
والرابع: أنه لو مات الصغير لاستحقه ورثته، ولو لم يكن حقا لم يرثه، كسائر ما لم يستحقه".
مسألة:
كل موضع يجب تأخير الاستيفاء فيه فإن القاتل يحبس حتى يلغ الصبي ويفيق المجنون لفعل معاوية رضي الله عنه بهدبة، وكان ذلك بمحضر من الصحابة.
فإن قيل:
فلم لا يخلى سبيله كالمعسر بالدين؟
فالجواب:
أن في تخليته تضييعا للحق لأنه لا يؤمن هربه.
والفرق بينه وبين المعسر من أوجه:
الأول: أن قضاء الدين لا يجب مع الإعسار، فلا يحبس بما لا يجب، والقصاص هنا واجب.
الثاني: أن المعسر إذا حبسناه تعذر الكسب لقضاء الدين فلا يفيد بل يضر الجانبين، وهاهنا الحق نفسه يفوت بالتخلية.
الثالث: أنه قد استحق قتله، وفيه تفويت نفسه ونفعه، فإذا تعذر تفويت نفسه جاز تفويت نفعه لإمكانه.
فإن أقام القاتل كفيلا بنفسه ليخلى سبيله لم يجز، لأن الكفالة لا تصح في القصاص فإن فائدتها استيفاء الحق من الكفيل فإن تعذر إحضار المكفول به فلا يمكن استيفاؤه من غير القاتل فلم تصح الكفالة به كالحد.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الشرط الثاني: اتفاق الأولياء المشتركين فيه:
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: من هم أولياء الدم:
اختلف أهل العلم في تحديد أولياء الدم على أربعة أقوال:
القول الأول:
أن القصاص حق لجميع الورثة من الرجال والنساء، والكبار والصغار.
وهذا مذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والشافعية والحنابلة.
واستدلوا بما يلي:
أولاً:
ما روى أبو شريح الخزاعي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فمن قتل له قتيل بعد مقالتي هذه فأهله بين خيرتين: إما أن يأخذوا العقل أو يقتلوا" أخرجه أبو داود والنسائي وأصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة بمعناه.
"فأهله": يشمل الرجال والنساء ومنهم المرأة.
والدليل على أن الزوجة من الأهل:
ما ثبت في الصحيحين في قصة الإفك في قوله عليه الصلاة والسلام: "من يعذرني في رجل بلغ أذاه في أهلي، وما علمت على أهلي إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي" يريد عائشة.
ثانياً:
ما روى عبد الرزاق في مصنفه بإسناد صحيح عن زيد بن وهب:
"أن عمر أتي برجل قتل قتيلا فجاء ورثة المقتول ليقتلوه فقالت امرأة المقتول، وهي أخت القاتل، قد عفوت عن حقي، فقال عمر: الله أكبر عتق القاتل."
ثالثا:
ولأن من ورث الدية ورث القصاص، وزوال الزوجية لا يمنع استحقاق القصاص كما لم يمنع استحقاق الدية، وسائر حقوق الموروثة.
القول الثاني:
أن القصاص حق للعصبة من الذكور فقط.
فلا دخل فيه للنساء مطلقا، ولا لزوج ولا لأخ لأم أو جد لأم.
والعصبة هم: الابن وابن الابن وإن نزل والأب والجد وإن علا، والأخ الشقيق...
والمقصود بالعصبة هنا العصبة بالنفس فلا يستحق عاصب بالغير ولا مع الغير لاشتراط الذكورة فيه.
وهذا هو المشهور من مذهب المالكية (على تفصيل لهم في ذلك فإنهم يورثون النساء حق القصاص بثلاث شروط عندهم)
واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
وحجة هذا القول:
1- لأن العصبة تعقل عنه جنايته، فتستحق دمه إذا جني عليه لأن الغنم بالغرم.
ويناقش:
بأن العصابة تعقل عنه جنايته في القتل الخطأ، أما العمد فلا تتحملها العاقلة بالإجماع، وموجب القتل الخطأ – وهو الدية – مستحق للورثة لا للعصبة اتفاقا، فإذا لم يستحق العصبة دية الخطأ مع كونهم يعقلون عنه خطأه فلأن لا يستحقون دمه في جناية العمد التي لا يعقلونها عنه من باب أولى.
والدليل على أن من يستحق الدية غير من يتحمل العاقلة:
حديث أبي هريرة قال:
قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرة عبد أو أمة، ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ميراثها لبنيها ، وزوجها وأن العقل على عصبتها."متفق عليه.
2- القياس على الولاية في النكاح فإنها للعصبة.
نوقش:
بأن القياس على ولاية النكاح غير صحيح لأن الولاية في النكاح ثبتت بأدلة خاصة.
3- ولأن القصاص ثبت لدفع العار والثأر فاختص به العصبات.
ويناقش:
بعدم التسليم بأن القصاص ثبت لمجرد دفع العار.

القول الثالث:
أن ولاية القصاص خاصة بالذكور الوارثين من القرابة أو ذوي الأسباب.
فيدخل بهذا الزوج والإخوة لأم والجد لأم.
وحجتهم:
أن القصاص ثبت لدفع العار فاختص به الذكور دون النساء.
وهذا مذهب الليث والأوزاعي.
وهذا القول ضعيف:
لأن هذه التفرقة لا دليل عليها، ولا يسلم بأن القصاص شرع لمجرد دفع العار.

القول الرابع:
أن القصاص حق لذوي الأنساب (أي الأقارب) من الرجال والنساء دون الزوجين وهذا أحد الأقوال في المذهب المالكي.
استدلوا بقوله عليه الصلاة والسلام في حديث أبي شريح المتقدم "فأهله"
قالوا: وأهله ذوو رحمة.
وقد سبق الرد على ذلك وبيان أن الزوجة من الأهل.
===================
مسألة:
إذا قتل من لا وراث له، كالمسلم الجديد، فالأمر إلى السلطان، واختياره اختيار مصلحة لا تشهي، فإن اختار القصاص فله ذلك، وإن اختار العفو على مال فله ذلك، وإن أحب العفو إلى غير مال لم يملكه لأن ذلك للمسلمين ولا حظ لهم في هذا.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يرفع لاستكمال دراسة المذكرة، نسأل الله سبحانه العون والسداد ، وأن ينفع بذلك، وأن يجزي الشيخ خيرا، وأن ينفع به وبما كتب.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
فإن قيل : مالفرق بين من ألقي في ماء أو نار يسيرين وهو يستطيع الخروج فلم يخرج فلا قود على الجاني ، وبين ما إذا طعنه بمحدد وهو يستطيع التداوي فتركه حتى مات ففيه القود ؟
فالجواب :أن التخلص من النار والماء اليسيرين طريق محقق للسلامة في حين أن التداوي ليس طريقًا محققًا للشفاء ، فقد يتداوى ولا يشفى ، فالجاني في مسألة الماء والنار اليسيرين ليس قاتلا في الحقيقة بل اﻟﻤﺠني عليه هو الذي قتل نفسه ببقائه .

أمر آخر وهو أن الطعن بالمحدد سبب تام للجناية فاستوجب العقوبة، وعدم تداوي المجني عليه لا يتعلق به.
أما الإلقاء في الماء أو النار اليسيرين فهو ليس سبباً تاماً لجناية القتل العمد حتى يلزم بمقتضى عقوبته، فهي من جنس الاعتداء الذي لا يقع به القتل غالباً.
 
إنضم
19 مارس 2010
المشاركات
24
التخصص
فقه
المدينة
الأحساء
المذهب الفقهي
الحنبلي
بارك الله فيك ، ونفع بك .. وشكر الله للشيخ هذا الجهد المبارك ..
أين أجد المذكرة كاملة ؟ أو على الأقل هذه الفوائد ؟ ( أقصد لتحميلها على ملف وورد ) .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المذكرة تجدها في موقع الشيخ، والفوائد لم أجمعها في ملف، ولعل ذلك يكون حين استكمالها بإذن الله.
 
إنضم
26 فبراير 2017
المشاركات
15
الكنية
محب الدين الأزهري
التخصص
فقه
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: الفوائد المقتطفة من المذكرة المطولة في فقه الجنايات للشبيلي

شكر الله لكم
 
أعلى